منهج الإمام علي بن المديني في كتابه “العلل”
أحاديث ابن مسعود نموذجًا
إشراف
أ.د سارة بنت عزيز الشهري
أستاذ الحديث وعلومه في قسم الدراسات الإسلاميه
الملخص: يدرس هذا البحث أحاديث ابن مسعود في كتاب العلل لابن المديني، ويهدف إلى استنباط منهج ابن المديني في إعلال الأحاديث.
وكانت خطة البحث: مقدمة ذكرنا فيها أهمية الموضوع، وأهدافه، وأسباب اختياره، وحدوده، والدراسات السابقة، وخطة البحث التي اشتملت على قسمين: القسم النظري: وفيه فصلان: الفصل الأول: التعريف بعبدالله بن مسعود t، والفصل الثاني: التعريف بالإمام علي بن المديني، ثم قسم الدراسة، وفيه أحاديث ابن مسعود t في كتاب “العلل” لابن المديني، ومنهجه، وكان من أهم نتائج البحث: بلغت أحاديث ابن مسعودt في كتاب العلل ثمانية أحاديث، ساق فيها ابن المديني طرق الحديث مشيرًا إلى العلل الظاهرة التي تؤثر في الحديث، وقد يشير كذلك إلى التفرد الذي يقع في الإسناد، ومن توصيات البحث: دراسة أحاديث بقية الصحابة في كتاب العلل لابن المديني.
الكلمات المفتاحية: علل الحديث، التفرد، الاختلاف، منهج التعليل، الجهالة.
The approach of Imam Ali bin Al-Madini in his book “Al-Ilal”
The hadiths of Ibn Masoud, peace be upon him, are an example
Abstract: This research studies the hadiths of Ibn Masoud, may God bless him , in the book “Al-Ilal” by Ibn Al-Madini and aims to deduce Ibn Al-Madini’s approach in finding the hidden reason that discredits the authenticity of hadiths.
The research plan was: an introduction in which we mentioned the importance of the topic, its objectives, the reasons for choosing it, its limits, previous studies, and the research plan, which included two parts: The theoretical section: It contains two chapters: The first chapter: Introduction to Abdullah bin Masoud, may God bless him. The second chapter: Introduction to Imam Ali bin Al-Madini. Then the study section, which includes the hadiths of Ibn Masoud, may God bless him, in the book “Al-Illal” by Ibn Al-Madini. And his approach. One of the most important results of the research was: The hadiths of Ibn Masoud in the Book ”Al-Ilal” amounted to eight hadiths, in which Ibn al-Madini presented the methods of hadith, pointing out the apparent Ilal that affect the hadith, and he may also point to the uniqueness that occurs in the chain of transmission. Among the research recommendations: studying the hadiths of the rest of the Companions in the book Al-Ilal by Ibn Al-Madini.
Keywords: The Ilal of the hadith, uniqueness, difference, method of finding the hidden reason that discredits the authenticity of hadiths, ignorance.
مقدمة:
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحابته والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد؛
فإنَّ علم الحديث من أجَلّ العلوم وأعظمها، لا يعتني به إلا كل حبر، ولا يحرمه إلا كل غافل؛ لذلك أعد الله تعالى لحفظ هذا العلم رجالاً جهابذة قاموا بخدمة السنَّة، ومن هؤلاء الإمام الكبير الذي تفنن في هذا العلم، وساد أقرانه فيه، لا سيما في علل الحديث إمام الأئمة علي بن عبدالله بن المديني، أبو الحسن رحمه الله، فقد صنَّف في هذا العلم مصنفات شتَّى بلغت نحوًا من مائتي مصنَّف، فكان أعلم عصره بعلل الحديث، وكان له من الأثر ما لا يخفى في خدمة هذا الجانب من علم الحديث.
ولما كان لكتاب “العلل” لابن المديني من قيمة علمية، منَّ الله علينا بشرف دراسة قطعة منه، وهي المتعلّقة بأحاديث ابن مسعود رضي الله عنه، وعنوناه بــ “ منهج الإمام علي بن المديني في كتابه “العلل” أحاديث ابن مسعود نموذجًا” جمعًا ودراسةً.
سائلين المولى عز وجل أنْ يرزقنا فهمًا في كتابه، ثم سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، قولاً وعملاً،
وأنْ يجعلنا الله ممن يبذلون الجهد في حفظ السُّنن، ونشرها، وتمييز صحيحها من سقيمها، والذب عنها.
أهميّة الموضوع:
- قيمة كتاب “العلل” العلمية.
- مكانة ابن المدينيّ في علم علل الحديث.
- أهمية الدراسة التطبيقية لعلم العلل.
أهداف الموضوع، وأسباب اختياره:
- التعريف بكتاب العلل، ومؤلفه.
- دراسة الجزء المراد من كتاب العلل لابن المديني؛ لمعرفة منهجه.
- اكتساب ملكة الكشف عن علل الحديث، وذلك لا يتأتَّى إلا بالممارسة العملية.
مشكلة البحث: نحاول في هذا البحث الإجابة عن الأسئلة التالية:
- ما منهج ابن المدينيّ في إعلال الأحاديث من خلال دراسة أحاديث ابن مسعود t في كتابه “العلل”؟
- كم عدد أحاديث ابن مسعود التي أعلّها في كتابه “العلل”؟ وما نوع تلك العلل؟
حدود البحث:
أحاديث ابن مسعود t التي ذكرها علي بن المديني في كتاب “العلل”، وقد اعتمدنا في جمع أقوال هذا البحث على طبعة المكتب الإسلاميّ، بتحقيق د. مصطفى الأعظمي.
دراسات سابقة:
من خلال بحثنا وقفنا على بعض الدراسات السابقة، منها:
- علل الحديث ومعرفة الرجال والتاريخ، للإمام علي بن المديني، رسالة ماجستير، للباحث مازن السرساري، كلية أصول الدين بالزقازيق، جامعة الأزهر، لعام 2004م.
- منهج الإمام علي بن المديني في إعلال الأحاديث، دراسة نظرية تطبيقية من خلال الكتب التسعة، رسالة ماجستير، للباحث طارق العودة، كلية أصول الدين، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، عام 1424هـ -2003م.
والفرق بين هذا البحث والبحثين المذكورين: أنَّ البحث الأول اعتمدت الدراسة فيه على تحقيق النصوص وضبطها، إلا أنَّه لم يكن هناك بيان لاختلافات الطرق لبعض أحاديث ابن مسعود رضي الله عنه، مع نقل نصوص الأئمة دون الحكم عليها، وهذا الذي راعيناه في بحثنا هذا، والبحث الثاني لم يتناول جميع الأحاديث الموجودة في كتاب العلل.
خطة البحث: يتكون البحث من مقدمة وتمهبد، وفصلين، وخاتمة، وفهارس.
المقدمة: تشتمل على أهمية الموضوع، وأهدافه، وأسباب اختياره، وحدوده، والدراسات السابقة، وخطة البحث، ومنهجه.
وأما الفصل الأول: الدراسة النظرية
وفيه مباحث:
المبحث الأول: تعريف علم العلل لغة واصطلاحًا.
المبحث الثانى: أهمية علم العلل.
المبحث الثالث: أنواع العلة وأقسامها.
المبحث الرابع: طرق معرفة العلة.
المبحث الخامس: المؤلفات فى علم العلل.
المبحث السادس: طرق معرفة العلة عند الإمام على بن المدينى رضى الله عنه وقرائن الإعلال والترجيح عنده رضى الله عنه.
الفصل الثانى: الدراسة التطبيقية: وهى أحاديث عبدالله بن مسعود رضى الله عنه
فى كتاب العلل لابن المدينى رضى الله عنه.
وفيه مبحثان:
المبحث الأول: ترجمة موجزة لعبدالله بن مسعود رضى الله عنه.
المبحث الثانى: دراسة أحاديثه رضى الله عنه.
ثمّ خاتمة فيها عرض لأهم نتائج البحث، وتوصياته، ثمّ فهرس المصادر والمراجع.
منهج البحث:
- إذا لم يذكر ابن المديني نص الحديث ذكرنا متنه في الحاشية من الكتب الستة، وإن لم يكن في الستة ذكرته من أقدم المصادر في السنة.
- خرَّجْنَا الأحاديث على الطبقات.
- اكتفينا بتخريج الحديث من الكتب الستة مالم يكن الحديث معلولاً.
- إذا لم نقف على الحديث في الطبقة المراد تخريجها في الكتب الستة؛ ذكرناه من مظانه في كتب السنة مكتفيين بثلاثة مصادر.
- اكتفينا بذكر رقم الحديث في التخريج، وإذا لم تكن أحاديث الكتاب مرقمة ذكرنا الجزء والصفحة.
- اكتفينا في تراجم الرجال بقول ابن حجر في “التقريب” إذا لم يُختلف على الراوي، وإلا؛ توسعنا في ذكر أقوال علماء الجرح والتعديل بما يناسب حال الراوي.
- حذفنا الإشارة إلى التقريب عند نقل قول ابن حجر؛ لكي لا تثقل الحواشي.
- عالجنا الحديث على الأوجه إذا كان معلولاً.
تمهيد:
التعريف بالمؤلف والكتاب
أولاً: التعريف بابن مسعود رضى الله عنه:
اسمه ونسبه: هو عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شمخ بن فار بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل ابن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة، وكنيته: أبو عبد الرحمن.
ثانيًا: التعريف بالإمام على بن المدينى رضى الله عنه:
اسمه، ونسبه: هو علي بن عبدالله بن جعفر بن نَجيح، السَّعْدي مولاهم، البصري، أبو الحسن، المعروف بابن المديني.([1])
مكانته العلمية: كان للإمام علي بن المديني مكانة علمية لا تخفى بين علماء عصره، فكان واسع المعرفة، عارفًا بأحوال الرجال ومروياتهم، عالمًا بالحديث وعلله، أمير المؤمنين في الحديث، ويظهر ذلك من كلام أئمة العلم في عصره، ومن ذلك: قال البخاري: ” ما استصغرت نفسي عند أحد إلا عند علي بن المديني، ولما سئل البخاري: ما تشتهي؟ قال: أنْ أقدم العراق، وعلي حي فأجالسه، وقال أبو حاتم: ” كان علي بن المديني علمًا في الناس في معرفة الحديث والعلل، وكان الإمام أحمد لا يسميه، إنَّما يكنه أبا الحسن تبجيلاً له، وقال سفيان بن عيينة:” تلوموني في حب علي؟! والله لقد كنت أتعلم منه أكثر مما يتعلم مني، قال صالح بن محمد أبو علي: ” أعلم من أدركت بالحديث وعلله علي بن المديني”([2]).
مناقبه: شهد بدرًا مع النبي r، وآخى رسول الله r بينه وبين الزبير، ثم صار على القضاء وبيت المال بالكوفة عاملًا لعمر رضي الله عنهما، وابتنى بها دارًا إلى جانب المسجد، وكان من السابقين الأولين، شهد أحدًا، والمشاهد كلها، وكان يعرف في الصحابة بصاحب السواد والسواك، هاجر الهجرتين، وصلى للقبلتين، وبشره النبي r بالجنة. توفي بالمدينة سنة 32ه، وأوصى أن يدفن بجنب قبر عثمان ابن مظعون فدفن بالبقيع، وكان له يوم مات نيف وستون سنة.
شيوخه وتلاميذه: أسند عبد الله t عن رسول الله r نيفًا وثلاثمائة حديث، فحدث عن النبي ﷺ، وعمر، وسعد ابن معاذ، وغيرهم، وحدث عنه من الصحابة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وغيرهم.
ثانيًا: التعريف بكتاب “العلل” لابن المديني
الراوي لكتاب العلل: محمّـد بن أحمد بن البراءقراءةً على ابن المدينيّ، وقد أضاف إليها بعض النصوص عن ابن المديني بغير قراءة عليه ([3]).
عدد نصوص الكتاب: ستة وسبعون ومائة نصّ.
موضوع نصوص الكتاب:
- بدأ كتابه بذكر أئمّة تدور عليهم الأسانيد في الأمصار من الصحابة، والتابعين، وأتباعهم، ثمّ بيّن إلى من آل علمُ هؤلاء الأئمة من الرواة عنهم.
- وابتداءً من النصّ السابع والثلاثين ضمّن نصوصًا فيها بعض علوم الحديث؛ كأسماء الرواة من التابعين عن الصحابة ــ رضي اللهُ عنهم ــ وبيّن فيها ما يتعلّق باللقاء والسماع منهم، ومن لا يثبت له ذلك.
- كما اشتمل الكتاب على نصوصٍ لابن المدينيّ فيها إعلالٌ لبعض الأحاديث، وبيان تلك العلّة.
- كما تضمّن الكتاب مباحث أخرى من علوم الحديث([4]).
ومما سبق يظهر جليًا مدى أهمية كتاب العلل لابن المديني، في كونه حلقة من سلسلة العلل الحديثية المشتملة على أنواع من علوم الحديث.
منهج الإمام علي:
وكان منهجه في كتابه العلل:
1- يسوق الحديث كاملًا من المصادر الأصلية التي توجد بها العلة، ثم ينقل عبارة ابن المديني على الحديث.
2- يقوم بتخريج الحديث من المصادر الأصلية مبتدأً بالكتب التسعة، مع مراعاة تخريج كل وجه على حدة.
3- بيان أوجه الاختلاف في الحديث على ما ذكره ابن المديني، فإن وجد غيره درس منه ما له صلة وتعلق بما ذكره ابن المديني، أو ما كان له تأثير في ترجيح وجه من أوجه الاختلاف.
4- تبيين أوجه الاختلاف في الحديث على ما ذكره ابن المديني، فإن وجد غيره فإنه يدرس منه ما له صلة وتعلق بما ذكره ابن المديني، أو ما كان له تأثير في ترجيح وجه من أوجه الاختلاف.
5- ترتيب الاختلاف بحسب المدارات، فيقول مثلًا: “الوجه الأول”، فإن تفرع اختلاف آخر يميزه بالأرقام، وإن تفرع ثانية فبالأحرف.
6- يترجم للراوي الذي وقع عليه الاختلاف وللرواة المختلفين عليه، إذ هم العمدة في الترجيح إلا إذا كان الوهم ممن دونهم فيترجم بإيجاز للراوي الذي وقع الوهم منه، وطريقته في الترجمة كالتالي:
أ. إذا كان الراوي متفقًا على درجته تعديلًا أو تجريحًا، فإنه يكتفي غالبًا بكلام الحافظ ابن حجر في التقريب، أو الذهبي في الكاشف.
ب. إذا كان الراوي مختلفًا فيه اختلافًا معتبرًا، فإنه يذكر كلام النقاد، ثم الراجح منها على ضوء قواعد الترجيح ما استطاع.
جـ. إذا كان رواة أحد الأوجه كثيرين مشهورين، وفيهم من الحفاظ الأثبات، وكان المخالف لهم في الوجه الآخر واحدًا أو اثنين، بحيث لا يشك الناظر في رجحانهم عليه، ففي هذه الحالة يكتفي بسرد أسمائهم، ولكنه يترجم للمخالف لهم في المقابل من أجل الوقوف على حال روايته.
7- يقوم بدراسة الأوجه المختلف فيها، مع ذكر الوجه الراجح، مبينًا سبب الترجيح ما أمكن، ومستعينًا بدراسة أقوال أئمة هذا الشأن.
8- يلخص أوجه الاختلاف في الحديث عند الحاجة وذلك فيما إذا كثرت الطرق وتشعبت تسهيلًا وتقريبًا للفائدة.
9- يحكم على الحديث بعد النظر والدراسة من خلال الوجه الراجح، وإن احتاج الحديث إلى شواهد ذكرها إن وجدت.
مجلس عبد الله بن مسعود “التذكيري”.
كان مجلس ابن مسعود -رضي الله عنه- كمجالس الصحابة جامعة بين التحديث، والإقراء، والتفسير، والوعظ، ومن أبرز ما تميز به مجلس ابن مسعود ما يلي:
1- التخول بالموعظة: فعن أبي وائل، قال: كان عبد الله يذكر الناس في كل خميس، فقال له رجل: يا أبا عبدالرحمن لوددت أنك ذكرتنا كل يوم، قال: أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أملكم، وإني أتخولكم بالموعظة، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنا بها، مخافة السآمة علينا.
2- الإقلال من التحديث في المجلس الواحد: فعن عبد الله بن مرداس قال: “كان عبد الله يخطبنا كل خميس فيتكلم بكلمات فيسكت حين يسكت، ونحن نشتهي أن يزيدنا”.
3- الحرص على تفسير وضبط القراءة والرواية: قال بعض أصحابه: “كان عبدُ الله يقرأ علينا السُّورة، ثم يحدِّثنا فيها ويفسِّرها عامَّةَ النهار”، وهاتان الطريقتان (الإقلال من التحديث، وتفسير وضبط القراءة والرواية) تؤثران في الإتقان حال التلقي.
4- الوصية بطلب العلم والتذكير بشرفه: ومن ذلك قوله: “هذا القرآن مأدبة الله، فمن استطاع أن يتعلم منه شيئًا فليفعل”.
تأثير مجلس عبد الله بن مسعود “التذكيري”:
– كانت هذه المجالس تعتبر فرصة للصحابة للتعلم من علمه وحكمته.
– كانت تلك المجالس تعزز الروح الإيمانية وتذكر الصحابة بأهمية القرآن والذكر في حياتهم.
– كانت تلك المجالس تعزز الروابط الاجتماعية بين الصحابة وتعزز الأخوة والمحبة بينهم.
ومن أقوال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في التذكير:
قال: “اطلب قلبك في ثلاثة مواطن: عند سماع القرآن، وفي مجالس الذكر، وفي وقت الخلوة، فإن لم تجده في هذه المواطن، فاعلم أنه لا قلب لك فسل الله قلبًا آخر” .
ولهذه الأسباب أثرت على الراوى والرواية، فأصبح أصحاب عبد الله من سادات أهل العلم، برز منهم: علقمة، والأسود، ومسروق، وخلق سواهم.
ومن مناقبه أول من جهر بالقرآن الكريم فى مكة ، وقال له صلى الله عليه وسلم إن له لساقين فى الجنة تزن جبل أحد.
الفصل الأول: الدراسة النظرية
المبحث الأول: تعريف علم العلل لغة واصطلاحًا
لقد منَّ الله تعالى على الأمة الإسلامية بأن قيّض لها علماء جهابذة أفذاذ ، وهبوا أنفسهم لخدمة السنة النبوية، فعكفوا على تنقيتها من التحريف والتبديل ،تحقيقًا لوعد الله تعالى في حفظ كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم “إنّا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون”[5]
1-تعريف العلة لغة واصطلاحا:
العلة لغة: المرض[6] .
والعلة في اصطلاح المحدثين: هي السبب الغامض الخفي القادح. قال الحافظ ابن الصلاح في مقدمته بقوله: “هي عبارة عن أسباب خفية غامضة قادحة فيه”[7].
و عرّفها الإمام النووي في التقريب بقوله: “عبارة عن سبب غامض قادح، مع أن الظاهر السلامة منه ” [8]
و بهذا يتبين أن علم علل الحديث هو العلم الذي يبحث فيه عن الأسباب الخفية الغامضة القادحة فيه مع أن ظاهر الحديث السلامة منه.
و في هذا يقول ابن الصلاح : ” الحديث المعلل ، هو الحديث الذي أطُّلع فيه على علة تقدح في صحته، مع أن ظاهره السلامة منها، و يتطرق ذلك إلى الإسناد الذي رجاله ثقات، الجامع شروط الصحة من حيث الظاهر “[9].
ومن هذه العلل: وصل ما هو مرسل، أو رفع ما هو موقوف، أو إدخال حديث في حديث آخر أو غير ذلك.
المبحث الثانى أهمية علم العلل.
إّن معرفة علل الحديث من أجلّ علوم الحديث وأدقها وأشرفها، وقد رويت أقوال في أهمية ذلك منها ما روي عن عبد الرحمن بن مهدي قال: “لأن أعرف علة حديث هو عندي أحب إلي من أن أكتب عشرين حديثا ليس عندي”
وإنما يعرف هذه العلل ويضطلع عليها أهل الحفظ والخبرة، الممارسون لعلم الرواية والدراية في الحديث، قال ابن الصلاح في مقدمته: “وإنما يضطلع بذلك أهل الحفظ والخبرة، والفهم الثاقب، وهي عبارة عن أسباب خفية قادحة فيه”.
والسبيل إلى معرفة علة الحديث إنما يأتي بجمع طرق الحديث، والنظر في اختلاف رواته، وضبطهم وإتقانهم قال ابن الصلاح في مقدمته نقلا عن الخطيب البغدادي: قال: السبيل إلى معرفة علة الحديث، أن يجمع بين طرقه، وينظر في اختلاف رواته، ويعتبر بمكانهم من الحفظ، ومنزلتهم في الإتقان والضبط”[10]
المبحث الثالث: أنواع العلة وأقسامها:
يمكن أن تقسم العلة إلى أكثر من تقسيم، وعلى عدة اعتبارات.
فتنقسم باعتبار محلها إلى قسمين.
وتنقسم باعتبار صورها وأجناسها إلى عدة أقسام وصور.
أما القسم الأول، وهو باعتبار محلها، فتنقسم إلى علة الإسناد، وعلة المتن.
كما يمكن تقسيم هذين القسمين باعتبار القدح من عدمه إلى عدة أقسام.
وقد قسم الحافظ ابن حجر[11] العلة على هذا الاعتبار إلى ستة أقسام، ليس هنا مجال التفصيل فيها، وذكر أمثلتها، وسأكتفي بذكرها فقط مراعاة للاختصار، وهي:
1- أن تقع العلة في الإسناد ولا تقدح فيه ولا في المتن مطلقًا.
2- أن تقع العلة في الإسناد، وتقدح فيه دون المتن.
3- أن تقع العلة في الإسناد، وتقدح فيه، وفي المتن.
4- أن تقع العلة في المتن دون الإسناد، ولا تقدح فيهما.
5- أن تقع العلة في المتن واستلزمت القدح في الإسناد.
6- أن تقع العلة في المتن دون الإسناد.
أما القسم الثاني، وهو باعتبار صورها وأجناسها، فتنقسم إلى عدة صور وقد قسمها الحاكم في علوم الحديث إلى عشرة أجناس، دون تصريح بها ولكنه أورد لكل جنس مثالاً يدل عليه، ثم جاء بعده البلقيني والسيوطي وغيرهم[12] فعرفوا بكل جنس من خلال الأمثلة التي ذكرها الحاكم، وسأورد ما ذكره السيوطي في تقسيمه لهذه الأجناس، تاركًا ذكر الأمثلة مراعاة للاختصار، وهذه الأجناس، أو الصور هي:
1- أن يكون السند ظاهره الصحة، وفيه من لا يعرف بين أهل الحديث بالسماع عمن روى عنه.
2- أن يكون الحديث مرسلاً من وجه رواه الثقات الحفاظ، ويسند من وجه ظاهره الصحة.
3- أن يكون الحديث محفوظًا عن صحابي، ويروى عن غيره لاختلاف بلاد رواته.
4- أن يكون الحديث محفوظًا عن الصحابي، ويروى عن تابعي يقع الوهم بالتصريح بما يقتضي صحبته.
5- أن يكون الحديث مرويًا بالعنعنة، وسقط منه رجل دل عليه طريق آخر محفوظ.
6- أن يختلف على رجل بالإسناد وغيره، ويكون المحفوظ عنه ما قابل الإسناد.
7- الاختلاف على رجل في تسمية شيخه أو تجهيله.
8- أن يكون الراوي عن شخص أدركه وسمع منه، ولكنه لم يسمع منه أحاديث معينة، فإذا رواها عنه بلا واسطة فعلتها أنه لم يسمعها منه.
9- أن تكون ثم طريق معروفة، ويروي أحد رجالها حديثًا من غير تلك الطريق، فيقع الراوي عنه في الوهم، فيرويه من الطريق المعروفة.
10- أن يروى الحديث مرفوعًا من وجه، وموقوفًا من وجه.
ثم قال الحاكم: قد ذكرنا علل الحديث على عشرة أجناس، وبقيت أجناس لم نذكرها، وإنما جعلتها مثالاً لأحاديث كثيرة معلولة؛ ليهتدي إليها المتبحر في هذا العلم، فإن معرفة علل الحديث من أجل هذه العلوم.
المبحث الرابع: طرق معرفة العلة.
وطريقة معرفة علة الحديث إجمالاً تعتمد على أمور ثلاثة:-
1- جمع طرق الحديث المختلفة بتوسع عند الحاجة.
2- تحديد مدار الخلاف على من يكون، والنَّظر في كل رواية هل فيها خلاف آخر. والنَّظر في حال رواتها وبلدانهم واختصاصهم بالرَّاوي المختلف عليه. قال ابن حجر: « مدار التعليل في الحقيقة على بيان الاختلاف »، ويتنبه إلى التأكد من سلامة المرويات جملة، وأن الاختلاف على أصحاب المدار غير مؤثر في أصل الخلاف، وإلا احتاج إلى دراسة مستقلة.
3- التَّرجيح بين الرُّواة أو الجمع بين رواياتهم على أسس علمية وقواعد منهجية مستنبطة من صنيع علماء العلل السَّابقين فحسب، دون نظر إلى قواعد المنطق واحتمالات العقل.
وإلى هذا أشار الخطيب البغدادي بقوله: « والسَّبيل إلى معرفة علة الحديث:-
1- أن تجمع بين طرقه.
2- ويعتبر بمكانهم من الحفظ، ومنـزلتهم في الإتقان والضَّبط ».
أما الأمر الأول:- فمن شواهده من كلام المحدِّثين السَّابقين قول ابن المبارك: «إذا أردت أن يصحَّ لك الحديث، فاضرب بعضه ببعض ».
وقال أحمد: « الحديث إذا لم تجمع طرقه لم تفهمه … ».
وقال ابن المديني: « الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه ».
وقال ابن معين: « اكتب الحديث خمسين مرةً ، فإن له آفاتٍ كثيرة ».
وقال أَيضًا : « لو لم نكتب الحديث من ثلاثين وجهًا ما عقلناه »[13].
ويوضِّحه قوله أيضًا: « إنَّ حماد بن سلمة كان يخطئ، فأردت أن أميِّز خطأَه من خطأ غيره، فإذا رأيت أصحابه قد اجتمعوا على شيء، علمت أن الخطأ من حماد نفسه، وإذا اجتمعوا على شيء عنه وقال واحد منهم خلافهم، علمت أن الخطأ منه لا من حماد، فأميِّز بين ما أخطأ هو بنفسه، وبين ما أُخْطِئَ عليه ».
قال الميموني: « تعجب إليَّ أبو عبدالله يعني أحمد بن حنبل ممن يكتب الإسناد ويدع المنقطع، ثم قال: وربما كان المنقطع أقوى إسنادًا وأكبر! قلت: بينه لي كيف؟ قال: تكتب الإسناد متصلاً وهو ضعيف ويكون المنقطع أقوى إسنادًا منه وهو يرفعه ثم يسنده وقد كتبه هو على أنه متصل وهو يزعم أنه لا يكتب إلا ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم معناه لو كتب الإسنادين جميعًا عرف المتصل من المنقطع يعني ضعف ذا وقوة ذا “.
وقال أبو حاتم: « لو لم نكتب الحديث من ستين وجهًا ما عقلناه ».
وهذه القصة على طولها تدلُّ على ما ذكر من النَّظر إلى مَن أخطأ ومَن أُخْطِئَ عليه. قال عبد الرحمن بن مهدى: « ما رأيت صاحب حديث أحفظ من سفيان الثَّوري حدَّث يومًا عن حماد بن أبى سليمان عن عمرو بن عطيَّة عن سلمان الفارسي قال: البصاق ليس بطاهر. فقلت : يا أبا عبد الله هذا خطأ! فقال لي: كيف! عمَّن هذا؟ قلت: حمَّاد عن ربعي عن سلمان. قال: من يحدَّث به عن حماد؟ قلت: حدثنيه شعبة عن حمَّاد عن ربعي، قال: أخطأ شعبة فيه ثم سكت ساعة، ثم قال: وافق شعبة على هذا أحد، قلت: نعم، قال: من؟ قلت: سعيد بن أبى عروبة وهشام الدَّسْتَوائي وحمَّاد بن سلمة، فقال: أخطأ حماد هو حدثني عن عمرو بن عطيَّة عن سلمان، قال عبد الرحمن: فوقع في نفسي، قلت: أربعة يجتمعون على شيء واحد. يقولون عن حماد عن ربعي، فلما كان بعد سنة أخرى سنة إحدى وثمانين ومائة أخرج إليَّ غندر كتاب شعبة فإذا فيه عن حماد عن ربعي، وقد قال حمَّاد مرة: عن عمرو بن عطيَّة، قال عبد الرحمن: فقلت: رحمك الله يا أبا عبد الله. كنت إذا حفظت الشَّيء لا تبالي من خالفك ».
وقال أيوب السَّختياني: « إذا أردت أن تعرف خطأ معلمك فجالس غيره »[14].
وبما ذُكر ظهرَ علم الجرح والتَّعديل وعلم العلل.
قال أبو زرعة: « نظرت في نحو من ثمانين ألف حديث من حديث ابن وهب بمصر، وفي غير مصر، ما أعلم أني رأيت له حديثًا لا أصل له »[15].
ومن رام – في هذا الزمن – جمعَ عُشْر ما ذكر أبو زرعة لما استطاع.
فبرواية الغير تظهر علة الحديث غالبًا كما قال أبو حاتم الرازي في حديث: « وروى أبو معاوية الضَّرير عن هشام بن عروة فأظهر علة هذا الحديث »[16].
المبحث الخامس: المؤلفات فى علم العلل.
نظرًا لأهمية هذا العلم والحاجة الماسة إليه على مر العصور، فقد كثرت فيه المؤلفات، كثرة ملفتة للنظر، بحيث لا يخلو عصر من العصور إلا وفيه أكثر من مؤلف في هذا الفن بل إن العالم الواحد تجد له أكثر من كتاب فيه، وإن دل هذا على شئ، فإنما يدل على شدة اهتمام هؤلاء العلماء بهذا الفن، وتقديرهم لحاجة الناس إليه.
وهذه المؤلفات تختلف في ترتيبها وتبويبها، فبعضها مرتب على المسانيد، كعلل الدار قطني، وبعضها مرتب على الأبواب كعلل ابن أبي حاتم، وبعضها في علل أحاديث معينة، أو رواة معينين، أو كتاب معين، أو حديث معين، وغير ذلك.
ونظرًا لكثرة هذه المؤلفات، ولوجود دراسات سابقة لها، ممن حاول جمعها، فسأكتفي بالإشارة إلى ذكر هذه الدراسات، منعًا للتكرار الذي لا فائدة فيه.
فممن حاول استيعاب هذه المؤلفات د.محفوظ الرحمن في مقدمة تحقيقه لعلل الدار قطني فقد أورد حوالي خمسين كتابًا في هذا الفن، وذكر د. وصي الله عباس في مقدمة تحقيقه لعلل أحمد ستًا وخمسين كتابًا، ثم زاد عليهما د. عبد الله بن عبد المحسن التويجري في مقدمة تحقيقه للقسم الأول من هذا الكتاب سبعة كتب، وزاد عليهم د. عبدالله دمفوا في مقدمة رسالته (مرويات الزهري المعلة) سبعة كتب أيضًا.
كما جمع إبراهيم بن الصديق قدرًا لا بأس به في كتابه: (علم علل الحديث من خلال كتاب بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام لابن القطان) ، ونظرًا لعدم توفر هذا الكتاب في الأسواق فإني سأذكر ما زاده على من تقدم ذكرهم، فمن ذلك:
1- الاستدراك على الصحيحين بالتعليل، لأبي مسعود الدمشقي (ت401).
قلت: هذا الكتاب هو المعروف بأجوبة أبي مسعود الدمشقي، وله نسختان خطيتان، وقد حققه د.إبراهيم الكليب، ولم ينشر بعد، وانظره في قائمة المراجع الخطية.
2- التنبيه على الأوهام الواقعة في الصحيحين من قبل الرواة عن الشيخين، أو: قسم العلل من كتاب تقييد المهمل وتمييز المشكل، لأبي علي الجياني الأندلسي.
قلت: وقد طبع جزء من الكتاب، وهو ما يتعلق بالأوهام الواقعة من قبل الرواة في صحيح البخاري، بتحقيق د. محمد صادق آيدن.
وعلمت أن كتاب تقييد المهمل يطبع كاملاً، ولم يصدر بعد.
3- أوهام الحاكم في المدخل إلى معرفة الصحيحين، للحافظ عبد الغني بن سعيد الأزدي (ت409).
قلت: وقد طبع الكتاب، بتحقيق مشهور حسن سلمان.
4- نقع الإقلال والفوائد والعلل في الكلام على أحاديث السنن لأبي داود، لابن القطان الفاسي (ت628).
5- الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام، لعبد الحق الأشبيلي، لابن القطان أيضًا.
قلت: وقد طبع هذا الكتاب مؤخرًا، بتحقيق د. الحسين آيت سعيد.
6- المستقصية، لأبي زكريا يحيى بن إبراهيم القرطبي (ت259)، وهو كتاب استقصى فيه مؤلفه علل الموطأ.
7- اختلاف أصحاب مالك بن أنس واختلاف رواياتهم عنه، للحافظ ابن عبدالبر.
8- أغاليط يحيى بن يحيى الأندلسي في موطأ مالك وروايته عنه، لأبي عبد الله بن خلفون الأزدي الأندلسي (ت636).
المبحث السادس: طرق معرفة العلة عند الإمام على بن المدينى رضى الله عنه وقرائن الإعلال والترجيح عنده رضى الله عنه.
ولعل أسهل الطرق للتوصل إلى العلة القادحة ما عبر عنه ابن المديني حين قال: “الباب إذا لم تُجمَع طرقه، لم يتبيَّن خطؤه”. فكل حديثٍ مروي له قرائن تخصه بعينه، وهي مقصورة عليه، لا يصلح تطبيقُها على غيره، ومن هذه القرائن: الحفظ، والإتقان، وكثرة الرواة، والعلمُ بالأثبت في الثقات، والأقدم في الصحبة.
يجمع بين طرقه، وينظر في اختلاف رواته، ويعتبر بمكانهم من الحفظ ومنزلتهم في الإتقان والضبط “
وطرق معرفة علل الحديث.
إنّ معرفة علل الحديث من أجل علوم الحديث وأدقها وأشرفها[17]، وقد رويت أقوال في أهمية ذلك منها ما روي عن عبد الرحمن بن مهدي قال: “لأن أعرف علة حديث هو عندي أحب إلي من أن أكتب عشرين حديثًا ليس عندي”[18]
وإنما يعرف هذه العلل ويضطلع عليها أهل الحفظ والخبرة، الممارسون لعلم الرواية والدراية في الحديث، قال ابن الصلاح في مقدمته: “وإنما يضطلع بذلك أهل الحفظ والخبرة، والفهم الثاقب، وهي عبارة عن أسباب خفية قادحة فيه”[19]
والسبيل إلى معرفة علة الحديث إنما يأتي بجمع طرق الحديث، والنظر في اختلاف رواته، وضبطهم وإتقانهم قال ابن الصلاح في مقدمته نقلا عن الخطيب البغدادي: قال: السبيل إلى معرفة علة الحديث، أن يجمع بين طرقه، وينظر في اختلاف رواته، ويعتبر بمكانهم من الحفظ، ومنزلتهم في الإتقان والضبط”
قال علي بن المديني: “الباب إذا لم تجمع طرقه، لم يتبين خطؤه”
الفصل الثاني: الدراسة التطبيقية
المبحث الأول: ترجمة موجزة لعبدالله بن مسعود رضى الله عنه
هو عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شَمْخ بن فار بن مخزوم بن صاهلة ابن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هُذَيل بن مدركة بن إلياس، الهُذَلي المكي، صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد أفقه الصحابة رضوان الله عليهم الذين رووا علمًا كثيرًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.[20]
كان أحد السابقين الأولين الذين أسلموا قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم؛ إذ أخرج الطبراني والبزار وغيرهما عنه أنه قال: لقد رأيتني سادس ستة ما على وجه الأرض مسلم غيرنا.
روى عنه القراءة أبو عبد الرحمن السُّلَمي وعبيد بن فُضيلة وغيرهم، واتفق البخاري ومسلم في الصحيحين على أربعة وستين حديثًا، وانفرد له البخاري بواحد وعشرين حديثًا، ومسلم بخمسة وثلاثين.
وكنيته أبو عبد الرحمن، فقد روي عن علقمة عنه أنه قال: كنّاني النبي صلى الله عليه وسلم أبا عبد الرحمن قبل أن يولد لي.
وكان يعرف أيضًا بأمه فيقال له: ابن أمّ عَبْد.
وكان رضي الله عنه آدم شديد الأدمة، نحيفًا قصيرًا دقيق الساقين، وكان لطيفًا فطنًا ومعدودًا في أذكياء العلماء.[21]
من مناقب عبد الله بن مسعود
هو الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود الذي كان أحد أعلم الصحابة الكرام، فقد ألهمه الله حب العلم وطلبه منذ نعومة أظفاره، فقد روى الإمام ابن الجوزي في «صفة الصفوة» عنه أنه قال: كنتُ غلامًا يافعًا أرعى غنمًا، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر فقالا: يا غلام هل عندك لبن تسقينا فقلت: إني مؤتمن على الغنم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هل عندك من جذعة لم يَنْزُ عليها الفحل قلت: نعم، فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرعها ودعا فامتلأ الضرع، فاحتلب، فشرب أبو بكر وشربت، ثم قال للضرع: اقلص، فقلص. ثم قلت له: عَلّمني من هذا القول، فقال: إنك غلام مُعَلَّم، فأخذت من فمه سبعين سورة لا ينازعني فيها أحد.
وكان أول شىء علمه عبد الله بن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ذكره الذهبي في سيره وغيره، عن لسان ابن مسعود أنه قال: قدمت مكة مع أناس من قومي نبتاع منها، فأرشدونا إلى العباس بن عبد المطلب فإذا هو جالس عند زمزم، فبينا نحن كذلك إذ أقبل رجل من باب الصفا عليه ثوبان أبيضان، كأنه القمر ليلة البدر، يمشي على يمينه غلام حسن الوجه، تقفوهم امرأة قد سترت محاسنها، حتى قصد الحجر فاستلم واستلم الغلام واستلمت المرأة، ثم طافوا البيت سبعًا، ثم استقبل الركن فرفع يده، وكَبَّر وقام ثم ركع ثم سجد ثم قام، فأقبلنا على العباس نسأله فقال: هذا ابن أخي محمد بن عبد الله، والغلام علي بن أبي طالب، والمرأة خديجة بنت خويلد امرأته. أما والله ما على وجه الأرض أحد نعلمه يعبد الله بهذا الدين إلا هؤلاء الثلاثة.
كان ابن مسعود رضي الله عنه أحد أفقه الصحابة وأعلمهم بالقرءان، فقد تكلم الصحابة الأجلاء ومن جاء بعدهم فذكروا سعة علمه، ففي «صفة الصفوة» عن زيد بن وهب أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أقبل ذات يوم وعمر بن الخطاب رضي الله عنه جالس فقال: كنيف مُلئ علمًا. وسئل الإمام علي رضي الله عنه عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: عن أيهم تسألون قالوا: أخبرنا عن عبد الله بن مسعود، فقال: عُلّمَ القرءان والسُّنَّة ثم انتهى.[22]
وروى الذهبي في «سير أعلام النبلاء» أن أبا موسى الأشعري قال: لا تسألوني عن شىء ما دام هذا الحَبْرُ فيكم، يعني بـذلك ابـن مسعود رضي الله عنه.
وعن مسروق أنه قال: قال ابن مسعود: والذي لا إله غيره ما نزلت ءاية من كتاب الله إلا وأنا أعلم أين نزلت وأعلم فيما نزلت، ولو أعلم أن أحدًا أعلم بكتاب الله مني تناله المطيُّ لأتيته.
وعن مسروق أيضًا أنه قال: شاممتُ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدت علمهم انتهى إلى ستة نفر منهم: عمر وعلي وعبد الله وأبيّ بن كعب وأبو الدرداء وزيد بن ثابت، ثم شاممتُ هؤلاء الستة فوجدت علمهم انتهى إلى رجلين: علي وعبد الله بن مسعود. وقال علقمة: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو بعرفة فقال: جئت يا أمير المؤمنين من الكوفة وتركت بها رجلًا يملي المصاحف عن ظهر قلبه، فغضب وانتفخ حتى كاد يملأ ما بين شعبتَي الرحل، فقال: من هو ويحك فقال الرجل: عبد الله بن مسعود، فما زال عمر يطفأ ويسير عنه الغضب حتى عاد إلى حاله التي كان عليها ثم قال: ويحك، والله ما أعلم بقي من الناس أحد هو أحق بذلك منه، وسأحدثك عن ذلك: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمر عند أبي بكر الليلة كذلك في الأمر من أمر المسلمين، وإنه سَمَرَ عنده ذات ليلة وأنا معه، فخرج رسول الله وخرجنا معه فإذا رجل قائم يصلي في المسجد، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع قراءته ثم قال: «مَنْ سَرَّه أن يقرأ القرءان رطبًا كما أُنزل فليقرأه على قراءة ابن أُمّ عَبْد» ثم جلس عبد الله يدعو، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له: «سَلْ تُعْطَ».
وفي سير الذهبي عن أبي الأحوص أنه قال: أتيت أبا موسى الأشعري وعنده ابن مسعود وأبو مسعود الأنصاري وهم ينظرون إلى مصحف، ثم خرج ابن مسعود فقال أبو مسعود: والله ما أعلم النبي صلى الله عليه وسلم ترك أحدًا أعلم بكتاب الله من هذا القائم، يعني بذلك عبد الله بن مسعود. ثناء رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه
مما مدح به الرسول صلى الله عليه وسلم عبد الله بن مسعود ما رواه أبو نعيم في «حلية الأولياء» وهو أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمره أن يصعد ويجتني سواكًا من الأراك وكان دقيق الساقين، فجعلت الريح تكفؤه وتميله، فضحك القوم، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «ما يضحككم؟» قالوا: من دقة ساقيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده، لهما أثقل في الميزان من أُحُد». في سير الذهبي عن زهير بن معاوية عن منصور عن أبي إسحق عن الحارث عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لو كنت مؤمرًا أحدًا عن غير مشورة لأمَّرتُ عليهم ابن أُم عبد» يعني ابن مسعود.[23]
كما أخــرج الحاكــم والذهبــي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قد رضيتُ لكم ما رضي لكم ابن أم عبد».
بعض كلام ومواعظ عبد الله بن مسعود
لقد كان ابن مسعود رضي الله عنه كثير الحكم والمواعظ شديد التأثير في سامعيه، فمن شهير مواعظه قوله: إنكم في ممر من الليل والنهار في آجال منقوصة وأعمال محفوظة، والموت يأتي بغتة، فمن زرع خيرًا فيوشك أن يحصد رغبة، ومن زرع شرًا فيوشك أن يحصد ندامة، ولكل زارعٍ مثل ما زرع. لا يُسْبق بطيء بحظه، ولا يُدرك حريصٌ ما لم يُقَدَّرْ له، فإن أُعطي خيرًا فالله أعطاه، ومن وُقِيَ شرًا فالله وقاه. المتقون سادة والفقهاء قادة، ومجالسهم زيادة.[24]
ومن حكمه:
ما قَلَّ وكفى خير مما كَثُرَ وألهى، ونفسٌ تُنْجيها خير من إمارة لا تحصيها، وشر المعذرة حين يحضر الموت، وشر الندامة ندامة يوم القيامة، وشر الضلالة الضلالة بعد الهدى، وخير الغنى غنى النفس، وخير الزاد التقوى.
ومن بليغ كلامه ما رواه الطبراني أنه ارتقى الصفا يومًا وأخذ لسانه وخاطبه قائلاً: يا لسان، قُلْ خيرًا تغنم، واسكت عن شر تسلم، من قبل أن تندم، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أكثر خطايا ابن آدم من لسانه».
ومن مواعظه ما رواه ابنه عبد الرحمن، وهو أنه أتاه رجل فقال: يا أبـا عبد الرحمن عَلّمني كلمات جوامع نوافع، فقال له: لا تشرك بالله شيئًا، وزُلْ مع القرءان حيث زال، ومن جاءك بالحق فاقبل منه وإن كان بعيدًا بغيضًا، ومن جاءك بالباطل فاردُدْه عليه وإن كان حبيبًا قريبًا. وعن أبي الأحوص أن ابن مسعود رضي الله عنه قال: مع كل فَرْحة تَرْحة، وما مُلِئ بيت حَبْرة (سعة عيش) إلا مُلِئ عِبرة.
ومن حكمه في بيان حال الدنيا وساكنيها: ما منكم إلا ضيف وماله عاريَّة، فالضيف مرتحل، والعاريَّة مؤداة إلى أهلها. وفي «صفة الصفوة» لابن الجوزي عن سليمان بن مهران قال: بينما ابن مسعود يومًا معه نفر من أصحابه، إذ مر أعرابي فقال: علام اجتمع هؤلاء؟ فقال ابن مسعود: على ميراث محمد يقتسمونه. يعني بذلك علم الدين؛ وذلك مصداقًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العلماء ورثة الأنبياء». أي أنهم ورثوا عنهم العلم يتعلمونه ويعلمونه الناس.
وفاة عبد الله بن مسعود
ذكر الذهبي عن عُبَيد الله بن عبد الله بن مسعود أنه توفي سنة اثنتين وثلاثين للهجرة وكذا قال ابن الجوزي، وعن ابن أبي عُتبة وابن بكير أنه مات سنة ثلاث وثلاثين، وقال الذهبي: قلتُ لعله مات في أولها. وكانت وفاته في المدينة المنورة ودفن في البقيع.
وفي سير الذهبي أن الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه زاره في مرض وفاته فقال له: ما تشتكي قال: ذُنوبي، فقال: فما تشتهي قال: رحمة ربي.
المبحث الثانى: دراسة أحاديث ابن مسعودt في كتاب “العلل” لابن المديني
الحديث الأوّل: قال عليٌّ : “حديث ابن مسعود: “أن النبي r كان يكره عشر خلال”([25])؛ هذا حديثٌ كوفيٌّ، وفي بعض إسناده من لا يُعرف في هذا الطريق، ورواه الركين بن الربيع، عن القاسم بن حسان، عن عبد الرحمن ابن حرملة، عن ابن مسعود، ولا أعلم أحدًا روى عن عبدالرحمن بن حرملة هذا شيئًا إلا من هذا الطريق، ولا نعرفه في أصحاب عبدالله“.
*أخرجه ابن أبي شيبة في “مصنفه” (185)، والإمام أحمد في “مسنده” (3605)، والبيهقيّ في “الكبرى” (14331)، من طريق جرير بن عبد الحميد.
وأبو داود في “السنن” (4222)، والنسائيّ في “السنن” (9506) من طريق المعتمر بن سليمان.
والإمام أحمد في “المسند” (3774) من طريق سفيان الثوريّ.
والإمام أحمد في “المسند” (4179) من طريق شعبة.
أربعتهم، عن ابن الربيع به، بنحوه.
*وأخرجه الطبرانيّ في “الأوسط” (9408) من طريق أبي حصين، عن القاسم به، بنحوه.
دراسة الإسناد والحكم عليه: هذا الحديث في إسناده:
عبد الرحمن بن حرملة ([26]): قال البخاريّ: روى عن ابن مسعود t، وروى عنه قاسم بن حسان، ولم يصح حديثه”، وذكره أبو زرعة، في الضعفاء، وقال أبو حاتم: “ليس بحديثه بأس، وإنما روى حديثًا واحدًا ما يمكن أن يعتبر به، ولم أسمع أحدًا ينكره ويطعن عليه”، وقال ابن عديّ: “وهذا الذي ذكره البخاري من قوله لم يصح أن عبدالرحمن بن حرملة لم يسمع ابن مسعود، وأشار إلى حديث واحد.
فتبيّن أنّ إسناد الحديث ضعيف لحال عبدالرحمن بن حرملة، ولجهالة القاسم بن حسان.
والإمام الذهبي وضح منهج ابن القطان فى التجهيل للرواة
قال:يتكلم فى كل من لم يقل فيه إمام عاصر ذلك الرجل أو أخذ عمن عاصره ما يدل على عدالته الميزان 2/317 وترجمة عبدالرحمن بن حرملة قال أبو حاتم ليس بحديثه بأس فالحكم الحديث إسناده حسن وليس ضعيفًا.
وقد أشار ابن المديني إلى ذلك فقال: “وفي بعض إسناده من لا يُعرف في هذا الطريق…. ولا أعلم أحدًا روى عن عبد الرحمن بن حرملة هذا شيئًا إلا من هذا الطريق، ولا نعرفه في أصحاب عبد الله”.
الحديث الثاني: قال عليٌّ: “حديث ابن مسعود، عن النبي r أنه قال: “تصدّقن يا معشر النساء”، فقال: “رواه منصور، والحكم، والأعمش، عن ذر بن عبد الله الهمداني، عن وائل بن مهانة، ولا نعلم أحدًا روى عن وائل بن مهانة إلا ذرّ”([27]).
تخريج الحديث:
*أخرجه ابن أبي شيبة في “مسنده” (183)، عن أبي الأحوص.
والحميدي في “مسنده” (92)، وأحمد في “المسند” (3569)، و(4019)، والنسائيّ في “الكبرى” (9213) من طريق سفيان بن عيينة.
وأبو يعلى في “المسند” (5144)، (5112) من طريق جرير، وعبدالعزيز بن عبدالصمد.
وفي رواية للبخاري: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى أو فطر إلى المصلى ثم انصرف فوعظ الناس وأمرهم بالصدقة فقال: أيها الناس تصدقوا، فمر على النساء فقال: يا معشر النساء تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار. فقلن وبم ذلك يا رسول الله؟ قال: تكثرن اللعن وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن يا معشر النساء، ثم انصرف، فلما صار إلى منزله جاءت زينب امرأة ابن مسعود تستأذن عليه فقيل: يا رسول الله هذه زينب. فقال أي الزيانب ؟ فقيل امرأة ابن مسعود قال: نعم ائذنوا لها. فأذن لها. قالت: يا نبي الله إنك أمرت اليوم بالصدقة وكان عندي حلي لي فأردت أن أتصدق به فزعم ابن مسعود أنه وولده أحق من تصدقت به عليهم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صدق ابن مسعود، زوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم.
أربعتهم من طريق منصورٍ بن المعتمر به، بنحوه.
*وأخرجه ابن أبي شيبة في “المسند” (183) عن وكيع، وابن أبي شيبة في “المسند” (183)، وأحمد في “المسند” (4037) عن أبي معاوية، والنسائيّ في “الكبرى” (9214) من طريق منصور بن أبي الأسود.
ثلاثتهم، من طريق الأعمش به، إلا أنه جاء في رواية ابن أبي الأسود عن الأعمش، عن ذرّ، عن حسّان، عن وائل بن مهانة، عن عبدالله موقوفًا، بنحوه.
*وأخرجه أحمد في “المسند” (4019) من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة المسعوديّ، وأحمد في المسند (4151)، والنسائيّ في “الكبرى” (9212) من طريق شعبة، كلاهما، من طريق الحكم بن عتيبة بنحوه.
دراسة الإسناد والحكم عليه: هذا الحديث رواه عن ذرّ ثلاثةٌ، كما أشار إلى ذلك ابن المديني، وهم: منصور بن المعتمر بن عبد الله السلمي أبو عتاب: قال ابن حجر “ثقةٌ ثبتٌ”، والحكم بن عتيبة، أبو محمد الكندي الكوفي: قال ابن حجر: “ثقةٌ ثبتٌ فقيهٌ، إلا أنّه ربّما دلّس”.
ورواه عنه عبدالرحمن بن عبدالله بن عتبة المسعودي، وهو: “صدوقٌ اختلط قبل موته، وضابطه أن من سمع منه ببغداد فبعد الاختلاط”([28])، واختلف عليه فرواه عنه:
وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسي، قال ابن حجر: “ثقةٌ حافظٌ عابدٌ”، وروايته عن المسعوديّ كانت قبل اختلاط المسعوديّ، قال الإمام أحمد: “سماع وكيع من المسعودي بالكوفة قديمًا، وأبو نعيم أيضًا، وإنما اختلط المسعودي ببغداد، ومن سمع منه بالبصرة والكوفة فسماعه جيّدٌ”([29]).
وقد رفع وكيعٌ الحديث، وجاء عن المسعودي وجهٌ آخر موقوفٌ أورده ابن عبدالبر في “التمهيد”([30]) معلّقًا، والمحفوظ الرفع لثقة وكيع وجهالة من رواه عن المسعودي بالوقف.
وقد رجح ابن عبدالبر الرفع فقال: ورواه المسعودي عن الحكم عن ذرّ، عن وائل ابن مهانة، عن عبد الله موقوفًا، والصواب فيه رواية منصور، عن ذرّ([31]).
والأعمش وهو: سليمان بن مهران الكوفيّ، قال ابن حجر: “ثقةٌ حافظٌ، لكّنه يدلّسُ”، وقد اختلف على الأعمش في رفع الحديث ووقفه، فرواه عنه مرفوعًا كلٌّ من: وكيع بن الجرّاح، وهو “ثقةٌ حافظٌ عابدٌ” سبقت ترجمته، وأبو معاوية الضرير، وهو: محمّد بن خازم الكوفيّ، قال ابن حجر: “ثقةٌ، أحفظُ الناس لحديث الأعمش، وقد يهم في حديث غيره”، وخالفهم منصور بن الأسود فجاء به عن الأعمش، عن ذرّ، عن حسّان، عن وائل بن مهانة، عن عبدالله موقوفًا، ومنصور بن أبي الأسود الليثيّ: “صدوق رمي بالتشيع”.
فالمحفوظ عن الأعمش هو ما رواه وكيع وأبو معاوية في الوجه المرفوع لثقة وكثرة من رواه عنه بالرفع.
الحكم على الحديث: إسناد هذا الحديث فيه: وائل بن مهانة التيميّ([32]): قال ابن سعد: “كان قليل الحديث”، وقال مسلم: “لم يروِ عنه إلا ذر بن عبد الله الهمداني”، وقال الذهبي: “عن ابن مسعود، لا يُعرف، له حديثٌ واحدٌ”، وقال ابن حجر: “مقبولٌ”، فهذا الحديث إسناده حسنٌ.
الحديث الثالث: قال علي: (171/99) في حديث ابن مسعود: عن النبي صلى الله عليه وسلم في قتل الوفد الحديث، رواه عن عاصم بن بهدلة، ورواه أبو بكر بن عياش فجود إسناده([33]).
تخريج الحديث:
*أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده (248)، وأحمد في مسنده (3761)، عن طريق عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي.
وأحمد في مسنده (3855)، والبزار في مسنده (1733)، والنسائي في الكبرى (8623)، والدارقطني في العلل معلقا (5/89)، من طريق سفيان الثوري.
وأبو يعلى في مسنده (5096) من طريق سلام أبو المنذر.
والطحاوي في شرح مشكل الآثار (2861)، وابن أبي شيبة (176)، من طريق أبو بكر بن عياش.
أربعتهم، عن عاصم بن أبي النجود به، إلا أنَّه جاء في رواية الثوري عند الدارقطني في العلل عن الأعمش، عن أبي وائل، وفي رواية أبي بكر بن عياش، عن ابن أبي النجود، عن أبي وائل، عن ابن معيز السعدي، عن عبدالله بن مسعود، بنحوه.
دراسة الإسناد والحكم عليه: هذا الحديث اختلف فيه على عاصم على وجهين:
الوجه الأول: عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن ابن معيز السعدي عن عبد الله بن مسعودy.
تفرد به عن عاصم بن أبي النجود أبو بكر بن عياش، قال عنه ابن سعد: ثقة صدوقٌ عارفٌ بالحديث والعلم إلا أنه كثير الغلط، وكان يَحْيَى الْقَطَّان، وعلي بْن المديني يسيئان الرأي فيه؛ وذلك أَنَّهُ لما كبر سنه ساء حفظه، فكان يهم إذا روى، وقال الذهبي عنه: صدوق ربما يهم، وقال عثمان بن سعيد: سمعت مُحَمَّد بْن عَبد اللَّه بْن نمير يضعف أبا بكر بْن عياش فِي الحديث. قلت: كيف حاله فِي الأعمش؟ قال: هو ضعيف فِي الأعمش وغيره، وقال ابن حجر: مقبول ([34]).
وأما الوجه الثاني وهو: عاصم، عن أبي وائل عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعًا.
فرواه عن عاصم ثلاثة، عبدالرحمن المسعودي، اختلط في آخره، ورواية أبو النضر، ويزيد بن هارون، وأبو داوود الطيالسي، كانت بعد اختلاطه ([35])، فهذا الطريق لا يصح.
وسفيان الثوري، قال ابن حجر: ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجة، وكان ربما دلس، وقد اختلف عليه فرواه عنه على هذا الوجه كل من: عبدالرحمن بن مهدي، قال ابن حجر: ثقة ثبت حافظ عارف بالرجال، والضحاك بن مخلد: قال ابن حجر: ثقة ثبت، وقد اختلف عليه أيضًا فجاء عنه هذا الوجه من رواية محمد بن يحيى الذهلي، قال ابن حجر: ثقة حافظ، وجاء عنه وجه آخر أورده الدارقطني في العلل معلقًا عن هيثم الدوري، عن شيخ له، عن أبي عاصم، عن الثوري، عن الأعمش، عن أبي وائل.
والمحفوظ عن أبي عاصم الضحاك بن مخلد: ما رواه محمد بن يحيى الذهلي لثقته، وقد ذهب إلى ذلك الدارقطني([36]): فقال وحدث بهذا الخبر: هيثم الدوري، عن شيخ له، عن أبي عاصم، عن الثوري، عن الأعمش، عن أبي وائل، وذلك وهم، والصواب عن الثوري، عن عاصم.
وسلام أبو المنذر، قال ابن حجر: صدوق يهم. (([37]))
ومن العرض السابق يتضح لنا أن المحفوظ إلى عاصم بن أبي النجود هو الوجه الأول، وهو: عاصم، عن أبي وائل عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعًا، لكثرة من رواه عنه وثقتهم، ولا سيما الثوري في المحفوظ عنه، وأما قول ابن المديني: “ورواه أبو بكر بن عياش، فجود إسناده”، فهو يصف رواية أبي بكر بن عياش أنه جعل صورة الإسناد جيدة، وإن كان مخطئًا، فالتجويد مصطلح لوصف الرواية في مقابل أخرى أنقص منها، وإن كانت الناقصة هي الصواب للقرائن التي ذكرتها.
والحديث من وجهه الراجح: عاصم، عن أبي وائل عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعًا، حسن فيه عاصم ابن أبي النجود، قال ابن حجر: صدوق له أوهام حجة في القراءة.
الحديث الرابع: قال علي: في حديث ابن مسعود: أن النبي e قطع رجلاً من الأنصار، فهذا حديث رواه يحيى بن عبد الله الجابري، وهو معروف عن رجل يكنى أبو ماجد الحنفي، ولا نعلم أحدًا روى عن أبي ماجد هذا إلا يحيى الجابري، فسمعت سفيان بن عيينة قال: قلت ليحيى الجابري وامتحنته من أبي ماجد هذا؟ فقال: شيخ طرأ علينا من البصرة، وقد روى أبو ماجد غير حديث منكر([38]).
تخريج الحديث:
*أخرجه الحميدي في مسنده (89)، وأحمد في مسنده (3977)، من طريق سفيان الثوري.
وأحمد في مسنده (4168)، والحاكم في المستدرك (8235)، من طريق شعبة.
وأحمد في مسنده (3711)، من طريق المسعودي.
والبيهقي في سننه (17612)، من طريق إسرائيل.
أربعتهم، عن يحيى بن عبد الله الجابر التيمي، به بنحوه.
دراسة الإسناد والحكم عليه: هذا الحديث تفرد بروايته يحيى بن عبد الله الجابر التيمي، عن أبي ماجد الحنفي، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن رسول الله e.
ويحيى بن عبدالله بن جابر التيمي: قال عنه العجلي: يكتب حديثه، وليس بالقوي، قال ابن معين: ليس به بأس، لكن شيخه أبو ماجد لا يعرف، قال ابن حبان: يروي المناكير ([39]).
وكذلك في هذا الحديث أبو ماجد الحنفي: قال عنه النسائي: منكر الحديث، وقال البخاري: ضعيف، وقال الذهبي وابن عدي: لا يعرف. ([40]) وعلى ما سبق فالحديث ضعيف.
الحديث الخامس: قال علي: في “حديث ابن مسعود” أن النبي e كان لا يجلس إلا مقدار ما يقول: ” اللهم أنت السلام” ([41])، رواه عاصم الأحول عن رجل يقال له عوسجة بن الرماح، ولا نعلم أحدًا روى عن عوسجة هذا إلا عاصمًا الأحول، وما أظنه إلا كذا؛ لأنه يرويه عن ابن أبي الهذيل، وابن أبي الهذيل كوفي من أصحاب عبد الله، واسمه عبد الله بن أبي الهذيل، ويكنى أبو المغيرة، ولا أحفظ هذا عن عبد الله بن مسعود إلا من هذا الطريق، وقد روي عن عائشة عن النبي e .
تخريج الحديث:
هذا الحديث جاء عن عاصم الأحول من عدة طرق:
الطريق الأول: عاصم الأحول، عن عوسجة بن الرماح، عن ابن أبي الهذيل، عن ابن مسعود.
*أخرجه النسائي في “الكبرى“ (9846)، وابن أبي شيبة في” مصنفه “(3086)، وابن خزيمة في “صحيحه” (736)،من طريق محمد بن خازم أبي معاوية.
والنسائي في “الكبرى”: (9847)، والطيالسي في “مسنده” (371)، من طريق شعبة بن الحجاج.
والنسائي في “الكبرى” (10126)، من طريق إسرائيل بن يونس.
والدولابي في “الأسماء والكنى” (1856)، من طريق مروان بن معاوية.
وابن حبان في “صحيحه” (2002)، من طريق إسماعيل بن زكريا.
والطبراني في “الدعاء”: (648)، والمزي في “تهذيب الكمال” (22/433)، من طريق عبد العزيز بن المختار.
والبخاري في التاريخ الكبير معلقًا (7/76)، من طريق حماد بن زيد، وثابت بن يزيد.
ثمانيتهم، عن عاصم الأحول إلا أنه جاء في رواية شعبة، ومروان بن معاوية موقوفًا، بنحوه.
الطريق الثاني: عن عاصم، عن عبدالله بن الحارث، عن عائشة.
*أخرجه مسلم في “صحيحه” (592)، والترمذي في “سننه” (298)، من طريق أبي معاوية.
وأبي داود في “سننه “(1512)، والنسائي في “الكبرى” (9844)، (9845)، (1262)، (7670)، وأبي إسحاق الثقفي في “حديث السراج” (1310)، من طريق شعبة.
وابن ماجه في “سننه “(924)، من طريق عبدالواحد بن زياد.
وأحمد في “مسنده” (25979)، والدارمي في “سننه” (1387)، والنسائي في “الكبرى” (9843) من طريق يزيد بن هارون.
وأحمد في “مسنده“ (24338)، من طريق الثوري.
والنسائي في الكبرى (9843)، (9846)، والطبراني في الدعاء (646)، من طريق ابن عيينة.
وأبي إسحاق الثقفي في “حديث السراج” (1308)، من طريق جرير.
وأبي عوانه في ” مستخرجه“ (2061)، وابن حبان في “صحيحه” (2000)، من طريق مروان بن معاوية.
وابن عساكر في “تاريخ دمشق” (56/232)،من طريق خالد الحذاء.
تسعتهم، عن عاصم الأحول به، إلا أنه جاء في رواية ابن عيينة عند النسائي في “الكبرى” (ح9842،9846)، عن عاصم، عن عبدالرحمن بن الرماح، عن عبدالرحمن بن عوسجة، عن عائشة، وجاء عن ابن عيينة عند الطبراني في الدعاء (636) عن عاصم، عن عبدالرحمن بن عوسجة، عن عبدالرحمن بن الرماح، عن عائشة، بنحوه.
دراسة الإسناد والحكم عليه: هذا الحديث جاء عن عاصم الأحول من طريقين:
فأما الوجه الأول فرواه عاصم، عن عوسجة، عن ابن أبي الهذيل، عن عبدالله بن مسعود مرفوعًا.
فرواه عن عاصم الأحول كل من: محمّد بن خازم الكوفيّ، قال ابن حجر: “ثقةٌ، أحفظُ الناس لحديث الأعمش، وقد يهم في حديث غيره”، وعبد العزيز بن المختار أبي إسحاق الأنصاري، قال ابن حجر: “ثقة”، وإسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، أبي يوسف السبيعي، قال ابن حجر: “ثقة تكلم فيه بلا حجة”.
وإسماعيل بن زكريا بن مرة، أبي زياد الكوفي، قال ابن حجر: “صدوق يخطئ قليلاً”.
جميعهم رووه عن عاصم، عن عوسجة، عن ابن أبي الهذيل، عن عبدالله بن مسعود مرفوعًا، وخالفهم:
مروان بن معاوية الفزاري، قال ابن حجر: ” ثقة حافظ، وكان يدلس أسماء الشيوخ”، وشعبة بن الحجاج ابن الورد، قال ابن حجر: “ثقة حافظ، متقن”، فجعلاه عن عاصم عن عوسجة، عن ابن أبي الهذيل، عن عبدالله بن مسعود موقوفًا.
والمحفوظ عن عاصم الرفع؛ لكثرة وثقة من رواه عنه كذلك.
وأما الطريق الثاني: عن عاصم، عن عبدالله بن الحارث، عن عائشة.
رواه عن عاصم جمع من الرواة الثقات الأثبات، منهم: أبو معاوية الضرير، وشعبة، وعبدالواحد بن زياد، ويزيد بن هارون، والثوري، وابن عيينة، وجرير، ومروان بن معاوية، وخالد الحذاء.
وخالفهم ابن عيينة فمرة رواه عن عاصم، عن عبدالرحمن بن الرماح، عن عبدالرحمن بن عوسجة، عن عائشة، ومرة عن عاصم، عن عبدالرحمن بن عوسجة، عن عبدالرحمن بن الرماح، عن عائشة.
وهذا غير محفوظ عن عاصم، فقد خالف الجمع من الثقات.
قال عبد الرزاق، عن سفيان بن عيينة: عن عاصم عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن عبدالرحمن بن الرماح، عن عائشة. وقال المزي: ورواه سفيان بن عيينة، عن عاصم، فاختلف عليه فيه، فقال أحمد بن حرب الموصلي، عن سفيان عن عاصم عن رجل يقال له: عبد الرحمن بن الرماح، عن عبد الرحمن بن عوسجة أحدهما عن الآخر، عن عائشة([42]).
وكلاهما غير محفوظ، والمحفوظ ما تقدم ذكره، والوهم في ذلك من ابن عيينة، ولعله مما رواه بعد الاختلاط، فإنه لم يتابعه عليه أحد، ولا يعرف في رواة الحديث من اسمه عبد الرحمن بن الرماح لا في هذا الحديث ولا في غيره ([43]).
ومن العرض السابق يتضح لنا أن كلا الطريقين عن عاصم الأحول، سواء عن عبدالله بن مسعود، أو عن عائشة محفوظان، وذهب إلى ذلك كل من: ابن حبان فقال -بعد أن أخرج حديث ابن مسعود وعائشة رضي الله عنهما -: سمع هذا الخبر عاصم الأحول عن عبد الله بن الحارث عن عائشة، وسمعه عن عوسجة بن الرماح عن أبي الهذيل عن بن مسعود الطريقان جميعًا محفوظان([44]).
والمزي فقال: عن: عبد الله بن أبي الهذيل، عن عبد الله بن مسعود في القول بعد السلام من الصلاة
وعنه: عاصم الأحول، قاله إسرائيل، وعبد العزيز بن المختار، وأبو معاوية الضرير، عن عاصم، ورواه شعبة عن عاصم بهذا الإسناد، ولم يرفعه، ورواه عاصم أيضًا، عن عبد الله بن الحارث البصري عن عائشة. قاله شعبة، وغير واحد عن عاصم، وكلاهما محفوظ عنه([45]).
والحديث من الطريق الأول: عاصم، عن عوسجة، عن ابن أبي الهذيل، عن عبدالله بن مسعود مرفوعًا.
ضعيف فيه عوسجة بن الرماح مجهول، قال ابن المديني: رواه عاصم الأحول عن رجل يُقَالُ له عوسجة بن الرماح، وَلَا نعلم أحدًا روى عن عوسجة هذا إِلَّا عَاصمًا الأحول.
وأما الطريق الثاني: عن عاصم، عن عبدالله بن الحارث، عن عائشة.
صحيح أخرجه من هذا الطريق مسلم.
الحديث السادس: قال علي: في حديث ابن مسعود: في ليلة الجن رواه غير واحد عن عبد الله، منهم: علقمة، وأبو عثمان النهدي، وعمرو البكالي، وأبو عثمان ابن سَنّة الخزاعي، وأبو زيد مولى عمرو بن حريث، فأما علقمة فكان ينكر أن يكون ابن مسعود معه ليلة الجن، وكان أعلمهم بعبد الله، وأما أبو عثمان النهدي فرواه التيمي عن أبي عثمان، ولم يرفعه، وقد رواه أبو تميمة السلمي عن أبي عثمان عن عبدالله، ورواه عن جعفر بن ميمون يحيى، ورواه عن أبي تميمة عن أبي عثمان عن عبد الله فكان عندي أنه أبو عثمان النهدي لرواية التيمي عن أبي عثمان عن ابن مسعود بعض الحديث، ورواه سليمان التيمي من طريق آخر عن أبي تميمة عن عمرو البكالي أنه رواه على غير لفظ أبي عثمان، ورواه ابن شهاب عن أبي عثمان ابن سَنّة الخزاعي عن ابن مسعود وبلفظ غير لفظ عمرو البكالي، ورواه سفيان عن أبي فزارة عن أبي زيد مولى عمرو بن حريث عن عبد الله بن مسعود فخفت أن لا يكون أبو زيد سمعه من عبد الله؛ لأني لم أعرفه، ولم أعرف لقبه، فرواه شريك عن أبي فزارة عن أبي زيد قال ثنا عبد الله بن مسعود فجوده بقوله: حدثنا عبد الله بن مسعود.
تخريج الحديث:
جاء هذا الحديث عن ابن مسعود من خمسة طرق كما ذكر ابن المديني.
الطريق الأول: علقمة عن ابن مسعود
*أخرجه مسلم في “صحيحه” (150)، وأبو داود في “سننه” (85)، والترمذي في “جامعه” (18)، (3258) من طريق الشعبي.
ومسلم في” صحيحه” (152) من طريق إبراهيم النخعي.
كلاهما، عن علقمة بن قيس النخعي به، بلفظ قال عبد الله: “لم أكن ليلة الجن مع رسول الله e، ووددت أني كنت معه” اللفظ لمسلم.
دراسة الحديث والحكم عليه: هذا الحديث رواه عن علقمة كما هو ظاهر في التخريج اثنان:
إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود النخعي، ثقة إلا أنه يرسل كثيراً، ولم يختلف عليه، وعامر الشعبي من رواية داود بن أبي هند، وقد اختلف على داود فرواه عن ابن أبي هند جماعة، وهم: بشر بن المفضل بن لاحق الرقاشي، وحفص بن غياث، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، وعبدالله بن إدريس بن يزيد الأودي، وعبدالوهاب بن عطاء، ووُهَيب بن خالد، ويزيد بن زريع، ورفعوا الحديث.
وخالفهم: محمد بن إبراهيم بن عدي عند أبي نعيم في المستخرج شك في الرواية، فقال: قال داود: ولا أدري في حديث علقمة، أو في حديث عامر أنهم سألوا رسول الله e تلك الليلة الزاد، فقال: كل عظم لم يذكر اسم الله عليه فإنه يقع في أيديكم أوفر ما كان لحماً، وكل بعر بيع من دوابنا فهو علف لدوابكم.
وإسماعيل بن عليه: رفع أوله وجعل آخره من قول عامر مرسلاً، وسألوه الزاد، قال الشعبي: وسألوه الزاد، وكانوا من جن الجزيرة إلى آخر الحديث من قول الشعبي. مفصلاً من حديث عبدالله.
وفي رواية يحيى بن أبي زائدة: أدرجه في حديث ابن مسعود.
قال الدارقطني: يرويه داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن علقمة، عن عبد الله، رواه عنه جماعة من الكوفيين، والبصريين، فأما البصريون فجعلوا قوله: وسألوه الزاد إلى آخر الحديث، من قول الشعبي مرسلاً، وأما يحيى بن أبي زائدة، وغيره من الكوفيين، فأدرجوه في حديث ابن مسعود عن النبي e.
والصحيح قول من فصله، فإنه من كلام الشعبي مرسلاً([46]).
والحديث من هذا الطريق صحيح أخرجه مسلم.
الطريق الثاني: أبو عثمان النهدي، عن ابن مسعود.
*أخرجه الترمذي في “جامعه” (2861)، والبزار في “مسنده” (1880) من طريق طريف بن مجالد الهجيمي.
والدارمي في “مسنده” (13)، عن جعفر بن ميمون.
كلاهما، عن أبي عثمان النهدي به بلفظ: قال r: العشاء، ثم انصرف فأخذ بيد عبد الله بن مسعود حتى خرج به إلى بطحاء مكة فأجلسه، ثم خط عليه خطاً، ثم قال:” لا تبرحن خطك، فإنه سينتهي إليك رجال، فلا تكلمهم، فإنهم لا يكلمونك، قال: ثم مضى رسول الله e حيث أراد، … إلخ.
الطريق الثالث: عمرو البكالي، عن ابن مسعود.
*أخرجه أحمد في “مسنده” (3788)، من طريق طريف بن مجالد الهجيمي عن عمرو البكالي به، بنحوه.
دراسة الحديث والحكم عليه: وهذا الطريق والذي قبله مداره على طريف بن مجالد، وقد رواه عنه من الطريق الثاني جعفر بن ميمون التميمي، أبو علي، أو أبو العوام، قال ابن حجر: صدوق يخطئ، جعله عن أبي عثمان النهدي، عن عبدالله بن مسعود، ورواه عنه من الطريق الثاني: سليمان بن طرخان التيمي أبو المعتمر البصري، قال ابن حجر: ثقة عابد، فجعله عن طريف بن مجالد الهجيمي، عن عمرو البكالي، عن ابن مسعود.
قال البزار: وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن عبد الله إلا من هذا الوجه، وقد رواه التيمي فخالف جعفر بن ميمون في إسناده، وقال عن عمرو البكالي، عن أبي عثمان.[47]
والطريق الثاني: فيه جعفر بن ميمون، ضعفه أحمد والنسائي، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، ويكتب حديثه في الضعفاء([48]).
والطريق الثالث: فيه عمرو البكالي لم يسمع من ابن مسعود، قال البخاري: لا يُعرف لعمرو سماع من ابن مسعود.([49]) وعمرو البكالي مختلف في صحبته، والصحيح أنه تابعي، ولم يوثقه أحد.([50])
الطريق الرابع: أبو عثمان ابن سَنّة الخزاعي عن ابن مسعود.
*أخرجه النسائي في “المجتبى” (39) من طريق الزهري عن أبي عثمان ابن سَنّة الكعبي بنحوه.
دراسة الطريق والحكم عليه: هذا الطريق فيه أبو عثمان ابن سَنّة الخزاعي الدمشقي مجهول، سئل أبو زرعة عن اسمه، فقال: لا أعرف اسمه، وقال ابن حجر: ووهم من زعم أن له صحبة؛ فإن حديثه مرسل.([51])
ثم الطريق ليس ضعيفًا حيث مختلف فى صحبته.
الطريق الخامس: أبو زيد مولى عمرو بن حريث عن ابن مسعود.
*أخرجه أبو داود في “سننه” (84)، والترمذي في “جامعه” (88)، وابن ماجه في “سننه” (384) من طريق راشد بن كيسان العبسي (أبي فزارة)، عن أبي زيد المخزومي بنحوه.
دراسة الطريق والحكم عليه: هذا الطريق فيه أبو زيد المخزومي، مولى عمرو بن حريث، وقيل: أبو زائد، قال ابن حجر: مجهول.
قال البيهقي: أخبرنا أبو سعد الماليني، قال: قال أبو أحمد بن عدي: هذا الحديث مداره على أبي فزارة، عن أبي زيد مولى عمرو بن حريث، عن ابن مسعود، وأبو فزارة مشهور، واسمه راشد بن كيسان، وأبو زيد مولى عمرو بن حريث مجهول، ولا يصح هذا الحديث عن النبي e، وهو خلاف القرآن”.[52]
وقد جاء حديث شهود ابن مسعود ليلة الجن من طرق كثيرة، وجميعها لا تخلو من مقال، ومنها:
1. طريق ابن عباس عن ابن مسعود:
*أخرجه ابن ماجه (385) من طرق عن ابن لهيعة، بلفظ “أن رسول الله e قال لابن مسعود ليلة الجن: معك ماء؟ قال: لا، إلا نبيذ في سطيحة، فقال رسول الله e: تمرة طيبة، وماء طهور، صب علي. قال: فصببت عليه، فتوضأ به”.
دراسة الإسناد والحكم عليه: وهذا الطريق إسناده ضعيف؛ لضعف ابن لهيعة، اختلط في آخر عمره، وكثر عنه المناكير في رواياته.([53])وقال الدارقطني تفرد به ابن لهيعة، وهو ضعيف([54]).
2. طريق أبو عبدالله الجدلي عن ابن مسعود:
*أخرجه الطبراني في الكبير (9969)، من طريق أبي مرة الصنعاني، عن أبي عبد الله الجدلي مطولاً عن عبد الله بن مسعود قال: استتبعني رسول الله e ليلة الجن، فانطلقت معه حتى بلغنا أعلى مكة، فخط علي خطة، وقال: «لا تبرح»، ثم انصاع في أجبال، فرأيت الرجال يتحدرون عليه من رؤوس الجبال حتى حالوا بيني وبينه…إلخ.
دراسة الإسناد والحكم عليه: هذا الحديث منكر، في الطريق إليه يحيى بن يعلى الأسلمي، قال ابن حجر: ضعيف، وفيه حرب بن صبيح، وأبو مرة الصنعاني، مجهولي العين، لم نقف لهما على ترجمة.
كما أن في متنه نكارة ذكر الاستخلاف، ولعلها من أحد المجهولين، فهذا الطريق عن أبي عبدالله الجدلي، ضعيف ومنكر.
3. طريق ابن غيلان الثقفي عن ابن مسعود:
*أخرجه الدارقطني في “السنن” (252) من طريق أبي سلام.
والطبراني في مسند الشاميين (2871) من طريق يحيى بن كثير.
كلاهما، عن ابن غيلان، وقد جاء من رواية أبي سلام عن فلان بن غيلان عن ابن مسعود، وفي رواية يحيى ابن كثير، عن عبدالله بن عمرو بن غيلان، عن ابن مسعود به.
دراسة الحديث والحكم عليه: والحديث من الطريقين فيه ابن غيلان الثقفي، وهو رجل مجهول، قال ابن أبي حاتم: وسألت أبي وأبا زرعة، قلت لهما: فإن معاوية بن سلام يحدث عن أخيه عن جده عن ابن غيلان عن ابن مسعود …؟ قالا: وهذا أيضًا ليس بشيء؛ ابن غيلان مجهول، ولا يصح في هذا الباب شيء، وقال الدارقطني: الرجل؛ الثقفي الذي رواه عن ابن مسعود مجهول، قيل: اسمه عمرو، وقيل: عبد الله ابن عمرو بن غيلان([55])، فالحديث من هذا الطريق ضعيف؛ لجهالة ابن غيلان.
4. طريق أبي الجوزاء، عن ابن مسعود:
أخرجه البيهقي في الدلائل (2/231) من طريق المستمر بن الريان عن أبي الجوزاء.
دراسة الإسناد والحكم عليه: هذا الطريق فيه: أبو الجوزاء، وهو أوس بن عبدالله الربعي، قال ابن عدي: روى عن الصحابة: ابن عَبَّاس، وعائشة، وابن مسعود، وغيرهم، وَأَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ، ولا يصحح روايته عنهم أَنَّهُ سمع منهم، ويقول البُخارِيّ فِي إسناده: نظر أَنَّهُ لم يسمع من مثل ابن مسعود، وعائشة، وغيرهما([56]).
فالحديث من هذا الطريق لا يصح؛ للانقطاع بين أبي الجوزاء وابن مسعود.
5. طريق أبي رافع عن ابن مسعود: *أخرجه البيهقي معلقًا (26) من طريق علي بن زيد بن جدعان، عن أبي رافع، به.
دراسة الإسناد والحكم عليه: هذ الطريق ضعيف فيه: أبي رافع، قال ابن حجر: مجهول، وعلي بن زيد ابن عبد الله جدعان، قال ابن حجر: ضعيف.
قال الدارقطني: علي بن زيد ضعيف، وليس هذا الحديث من مصنفات حماد بن سلمة، وأبو رافع لا يثبت سماعه من ابن مسعود.([57])
6. طريق أبي ظبيان عن ابن مسعود: *أخرجه ابن كثير في تفسيره (7 /292)، من طريق عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن ابن مسعود رضي الله عنه مطولاً: قال: قال رسول الله e لأصحابه وهو بمكة: “من أحب منكم أن يحضر أمر الجن الليلة فليفعل» …إلخ.
دراسة الإسناد والحكم عليه: هذا الطريق فيه قابوس بن أبي ظبيان الكوفي، قال ابن حجر: فيه لين.
وفيه علة أخرى، وهي أن هذا الحديث من رواية جرير بن عبد الحميد عنه، وكان ذلك بعد اختلاط قابوس.
قال أحمد بن عبد الله عن جرير: أتيناه بعد فساده.([58])، فهذا الطريق ضعيف؛ لضعف حال قابوس.
7. طريق أبي عبيدة بن عبدالله بن مسعود، ومجاهد عن ابن مسعود:
*أخرجه الفاكهي في أخبار مكة (2319) من طريق ابن جريج، عن أبي عبيدة بن عبدالله بن مسعود، بذكر قصة مطولة، قال: قال النبي e: “إني قد أمرت أن أتلو القرآن على الجن، فمن يذهب معي؟” فسكتوا، ثم الثانية: فسكتوا، ثم الثالثة: فقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أنا أذهب معك يا رسول الله…إلخ.
دراسة الإسناد والحكم عليه: وهذا الطريق منكر، فيه شيخ المؤلف أحمد بن سليمان الصنعاني مجهول لم أقف له على ترجمة، وأيضًا شيخ ابن جريج، وهو رجل مبهم، وأيضًا فيه ابن جريج عن مجاهد عن ابن مسعود، وهي منقطعة؛ لأن ابن جريج لم يسمع من مجاهد إلا حديثًا واحدًا في التفسير، ليس هو هذا الحديث، بالإضافة إلى أن مجاهدًا لم يسمع من ابن مسعود، قال ابن أبي حاتم: سمعت أبا زرعة يقول: مجاهد عن ابن مسعود مرسل([59]).
الحديث السابع: قال عليُّ) 110/175): في حديث ابن مسعود، عن النبي ﷺ قال: “إن صاحبكم خليل الله”، رواه عبدالملك بن عمير، عن خالد بن ربعي، عن عبدالله بن مسعود، عن النبي ﷺ. وهذا حديث كوفي رواه عبد الملك، ولا يروي عن خالد بن ربعي هذا شيء غير هذا الحديث.
تخريج الحديث:
هذا الحديث جاء عن ابن مسعود من عدة طرق:
الطريق الأول: خالد بن ربعي، عن عبدالله بن مسعود:
*أخرجه: أحمد في مسنده (3749)، وابن أبي حاتم في تفسيره (6031)، من طريق معمر بن راشد.
وابن أبي شيبة في مسنده (404)، وأحمد في مسنده (3753)، والطبراني في المعجم الكبير (10546)، من طريق سفيان الثوري.
وأحمد في مسنده، (3750)، وأبو يعلى الموصلي في مسنده (5345)، من طريق الوضاح بن عبدالله.
ثلاثتهم، عن عبدالملك بن عمير به، إلا أنه جاء في رواية معمر، وفي رواية الثوري عند أحمد في (3753)، عن عبدالملك بن عمير، عن خالد بن ربعي، عن عبدالله بن مسعود موقوفًا، بنحوه.
والطريق الثاني: أبو الأحوص، عن عبدالله بن مسعود:
*أخرجه: مسلم في صحيحه، (2383)، من طريق عبدالله بن أبي الهذيل، وأبي إسحاق السبيعي، وعبدالله بن مرة، ثلاثتهم: عن أبي الأحوص عوف بن مالك به، بنحوه.
والطريق الثالث: عبدالله بن أبي مليكة، عن عبدالله بن مسعود:
*أخرجه: مسلم في صحيحه، (2383)، من طريق عتبة بن عبدالله، عن عبدالله بن أبي مليكة به، بنحوه.
والطريق الرابع: زر بن حبيش، عن عبدالله بن مسعود:
*أخرجه: أبو داود الطيالسي (249)، وابن أبي شيبة في مصنفه (326)، من طريق عبدالرحمن المسعودي.
الطحاوي في شرح مشكل الآثار، (1021)، من طريق أبي بكر بن عياش.
والطبراني في المعجم الكبير، (10256)، من طريق قيس بن الربيع.
والدارقطني في العلل معلقًا (707)، عن زائدة بن قدامة.
أربعتهم، عن عاصم بن بهدلة به، إلا أنه جاء في رواية المسعودي، عن عاصم، عن شقيق بن سلمة، عن عبدالله بن مسعود، بنحوه.
دراسة الإسناد والحكم عليه: هذا الحديث جاء عن ابن مسعود من أربعة طرق:
فأما الطريق الأول وهو: خالد بن ربعي، عن عبدالله بن مسعود.
فرواه عن خالد بن ربعي عبدالملك بن عمير، واختلف عليه على وجهين:
الوجه الأول: عبدالملك بن عمير، عن خالد بن ربعي، عن عبدالله بن مسعود مرفوعًا.
وقد روى هذا الوجه عن عبدالملك بن عمير كل من: أبو عوانة وضاح بن عبدالله اليشكري: قال ابن حجر: ثقة ثبت، وسفيان بن سعيد الثوري: قال ابن حجر: ثقة حافظ فقيه، وقد اختلف على الثوري في هذا الحديث على وجهين، وهذا هو الوجه الأول عنه رواه عن الثوري بالرفع معاوية بن هشام، قال، ابن حجر: صدوق له أوهام.
الوجه الثاني: عبدالملك بن عمير، عن خالد بن ربعي، عن عبدالله بن مسعود، موقوفًا.
وقد روى هذا الوجه عن عبدالملك بن عمير كل من: معمر بن راشد: قال ابن حجر: ثقة ثبت فاضل، وسفيان الثوري، وهذا الوجه الثاني عنه رواه عن الثوري، عبدالرحمن بن مهدي: قال ابن حجر: ثقة ثبت حافظ عارف بالرجال، وهو المحفوظ عن الثوري؛ لقوة روايته.
والذي يظهر أنَّ المحفوظ إلى عبدالملك بن عمير هو الوجه الثاني الموقوف، وهو الوجه الذي رواه معمر والثوري في المحفوظ عنه؛ وذلك لكثرة وثقة من رواه عن عبدالملك بن عمير.
على أنَّه لا يبعد أن يكون كلا الوجهين محفوظين إلى عبدالملك بن عمير، ولعلَّ الحمل في هذا الاختلاف على عبد الملك بن عمير، وهو: عبدالملك بن عمير بن سويد، أبو عمرو، ويقال أبو عمر، قال أحمد: عبدالملك بن عمير مضطرب الحديث جدًا مع قلة حديثه قل من روى عنه إلا اختلف عليه، واختلف عنه الحفاظ -يعني فيما رووا عنه-، قال أبو حاتم: ليس بحافظ، وهو صالح تغير حفظه قبل موته، وذكر أنَّه لم يوصف بالحفظ.([60])
والحديث على كلا الوجهين ضعيف فيه عبدالملك بن عمير مضطرب كما سبق، وكذلك فيه خالد بن ربعي مجهول العين لم يرو عنه غير عبدالملك بن عمير، قاله علي بن المديني: خالد بن ربعي لا يروي عنه حديث غير حديث واحد عن ابن مسعود عن النبي ﷺ.
وأما الطريق الثاني: أبو الأحوص، عن عبدالله بن مسعود مرفوعًا: صحيح أخرجه مسلم.
وأما الطريق الثالث: عبدالله بن أبي مليكة، عن عبدالله بن مسعود مرفوعًا: فرواه عن عبدالله بن أبي مليكة، عتبة بن عبدالله، وهذا الطريق صحيح أخرجه مسلم.
وأما الطريق الرابع: عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش، عن عبدالله بن مسعود:
فهذا الطريق اختلف فيه على عاصم على وجهين:
الوجه الأول: عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش، عن عبدالله بن مسعود.
واختلف على عاصم فيه أيضًا في رفع الحديث ووقفه، فرواه أبو بكر بن عياش، عن عاصم بالرفع. وأبو بكر بن عياش: قال عنه ابن حجر: مقبول، وقيس بن الربيع، فرواه بالوقف، وقيس بن ربيع قال عنه ابن حجر: صدوق، تغير لما كبر، وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه، فحدث به، وزائدة بن قدامة: قال ابن حجر: ثقة، صاحب سنة، وفيما علقه عنه-زائدة- الدارقطني ولم يتميز لي أهو بالرفع، أو الوقف؟ ولكن الذي يظهر من صنيع الدارقطني أنَّه بالرفع، فقد عطفه على أبي بكر بن عياش.([61])
والذي يظهر لي أنَّ المحفوظ عن عاصم من هذا الوجه هو الرفع.
الوجه الثاني: عاصم بن بهدلة، عن شقيق بن سلمة، عن عبدالله بن مسعود.
رواه عن عاصم، عبدالرحمن بن عبدالله المسعودي، وهو صدوق اختلط قبل موته، سبق الترجمة له في الحديث الثالث، وقد سئل الدارقطني عن هذا الطريق، فقال: يرويه أبو بكر بن عياش، وزائدة بن قدامة، عن عاصم، عن زر، عن عبدالله، ورواه المسعودي، عن عاصم، عن أبي وائل، عن عبدالله، ويحتمل أنْ يكون القولان صحيحين.([62])
والحديث على الوجهين ضعيف فيه عاصم بن بهدلة، قال ابن حجر: صدوق، له أوهام حجة في القراءة، حديثه في الصحيحين مقرون.
الحديث الثامن: قال عليُّ: في حديث عبدالله عن النبي ﷺ قال: “لا سمر إلا لمصل، أو لمسافر”، فرواه منصور، عن خيثمة، عن رجل، عن عبدالله، وفي إسناده انقطاع من قبل هذا الرجل الذي لم يسمه خيثمة. قد روى خيثمة عن أصحاب عبدالله، ولا أدري هذا الرجل من أصحاب عبدالله أم لا؟ ولم يسم هذا الرجل. وقد روى خيثمة عن غير واحد من قومه من جُعفي من أصحاب عبدالله، منهم سويد بن غفلة، ومنهم فُلفلة. قال: وكان هذا الرجل الذي قال جرير في حديثه: عن منصور، عن خيثمة، عن رجل، من قومه، وأرجو أنْ يكون بعض الجعفيين من أصحاب عبدالله؛ لأنَّ خيثمة جعفي، وهو خيثمة بن عبدالرحمن بن أبي سبرة.
تخريج الحديث:
*أخرجه: أبو داود الطيالسي في مسنده (363)، وأحمد في مسنده (3917)، وفي (4419)، من طريق شعبة بن الحجاج.
وعبدالرزاق في مصنفه (2130)، وأحمد في مسنده (4244)، والبيهقي في السنن الكبرى (2127)، من طريق سفيان الثوري.
وأحمد في مسنده (3603)، وأبو يعلى الموصلي في مسنده (5378)، من طريق جرير بن عبدالحميد.
والمروزي في تعظيم قدر الصلاة (110)، من طريق أبو عوانة وضاح بن عبدالله.
والطبراني في المعجم الكبير (10519)، والطبراني في المعجم الأوسط (5721)، من طريق سفيان بن عيينة.
والبيهقي في السنن الكبرى معلقًا (2128)، عن حماد بن شعيب ([63]).
وابن عبدالبر في التمهيد (24/ 218)، من طريق مسعر بن كدام.
سبعتهم، عن منصور بن المعتمر به، جاء من طريق شعبة عن منصور، عن خيثمة، عن ابن مسعود، ومن طريق ابن عيينة، عن منصور، حبيب بن أبي ثابت، عن زياد بن حدير، عن ابن مسعود، ومن طريق حماد بن شعيب، عن منصور، عن خيثمة، عن الأسود، عن ابن مسعود، بنحوه.
دراسة الإسناد والحكم عليه: هذا الحديث اختلف فيه على منصور على أربعة أوجه:
فأما الوجه الأول وهو: منصور عن خيثمة عن رجل عن ابن مسعود:
فقد روى هذا الوجه عن منصور، سفيان الثوري: ثقة، حافظ، فقيه، وجرير بن عبدالحميد: قال ابن حجر: ثقة، صحيح الكتاب، قيل في آخر عمره كان يهم من حفظه، وأبو عوانة وضاح بن عبدالله: قال ابن حجر: ثقة ثبت.
وأما الوجه الثاني وهو: منصور عن خيثمة عن ابن مسعود:
فروى هذا الوجه عن منصور، شعبة بن الحجاج: قال ابن حجر: ثقة، حافظ، متقن، ومسعر بن كدام: قال ابن حجر: ثقة، ثبت، وهو وإنْ كان ثقة ثبت، إلا أنَّ الطريق إليه لا يصح فيه محمد بن إبراهيم بن كثير الصوري. قال عنه الذهبي: كان شيعيًا غاليًا.([64])
وعليه فهذا الوجه لا يثبت إلا من طريق شعبة، وهو وإنْ كان ثقة إلا أنَّه قد خالف الجمع ممن رواه عن منصور على الوجه الأول، وقصر به.
وأما الوجه الثالث: منصور، عن خيثمة، عن الأسود، عن ابن مسعود:
فروى عن منصور، حماد بن شعيب، ضعفه أبو زرعة، النسائي([65])، وقال البيهقي: رواه حماد بن شعيب، عن منصور، عن خيثمة عن الأسود، عن عبد الله، وأخطأ فيه، وقيل: عن علقمة، عن عبد الله، وهو خطأ.([66])
وأما الوجه الرابع: منصور، عن حبيب بن أبي ثابت، عن زياد بن حدير، عن ابن مسعود:
فرواه عن منصور، ابن عيينة، وهو وإنْ كان ثقة، فقد خالف الجمع من الثقات ممن رواه عن منصور على الوجه الأول، ويضاف إلى ذلك أنَّ الطريق إليه لا يصح فيه إبراهيم بن يوسف الصيرفي، قال ابن حجر: صدوق فيه لين.
والذي يظهر من العرض السابق أنَّ المحفوظ إلى منصور هو وجه: منصور، عن خيثمة، عن رجل، عن ابن مسعود؛ وذلك لكثرة وثقة من رواه عنه على ذلك الوجه.
والحديث من وجهه الراجح: منصور، عن خيثمة، عن رجل، عن ابن مسعود، ضعيف، قال ابن المديني: فرواه منصور، عن خيثمة، عن رجل، عن عبدالله، وفي إسناده انقطاع من قِبَل هذا الرجل الذي لم يسمه خيثمة.
وفي نهاية البحث يقدم الباحث في ضوء ما سبق المقارنة بين منهج ابن المديني وأئمة في دراسة الأحاديث:
للإمام علي بن المديني والأئمة الأوائل منهج مشترك في دراسة الأحاديث وتعليلها، ولكن هناك بعض الاختلافات والتفاوت في بعض الجوانب. فيما يلي سنقوم بمقارنة بين منهج ابن المديني ومنهج الأئمة الأوائل في دراسة الأحاديث:
1. الموافقة والمخالفة:
– الأئمة الأوائل: قد يتوافقون أو يختلفون في بعض الأحيان في تعليل الأحاديث، وذلك يعتمد على منهج كل إمام واستناده إلى الروايات والمصادر الأخرى.
2. الأساليب المستخدمة في تعليل الأحاديث:
– ابن المديني: يستخدم أساليب متنوعة في تعليل الأحاديث، مثل تحليل سندها ورواتها، والبحث عن العلل المحتملة فيها، وتقييم جودة الرواة.
3. الاعتماد على الروايات والمصادر:
– ابن المديني: يعتمد بشكل رئيسي على روايات الأئمة الأوائل في تعليل الأحاديث، ويستند إلى المصادر الأخرى مثل كتب العلل والتراجم الروائية.
– الأئمة الأوائل: يعتمدون على روايات الأجيال السابقة والمصادر الأخرى المتاحة لهم في تعليل الأحاديث، مثل كتب العلل والتراجم الروائية.
4. الرأي في حكم الأحاديث:
– ابن المديني: يقوم بتقييم حكم الأحاديث ويعطي رأيه فيها بناءً على تحليله لسندها ورواتها وجودتها.
– الأئمة الأوائل: يقومون أيضًا بتقييم حكم الأحاديث ويعطون رأيهم فيها بناءً على تحليلهم لسندها ورواتها وجودتها.
بشكل عام، يمكن القول إن منهج ابن المديني ومنهج الأئمة الأوائل في دراسة الأحاديث متشابهان في العديد من الجوانب، ويعتمدان على تحليل سند الحديث ورواته وتقييم جودتها. ومع ذلك، قد يختلفون في بعض الأحيان في الاعتماد على الروايات والمصادر وفي الرأي في حكم الأحاديث.
خاتمة
وفي نهاية هذا البحث نذكر أهم ما توصلنا إليه من نتائج، نجملها فيما يلي:
- لم يكن عبدالله y ينقل الحديث فقط، وإنما ينقل الحديث، ويبين ما يستفاد منه.
- كان عبدالله y يتهيب رواية الحديث، فيجب للمشتغل بالحديث أن يميز فيما رواه ابن مسعود في مجلسه، هل هو من المرفوع، أو الموقوف من أقوال ابن مسعود y؟
- عند وقوع الاختلاف فيما نقل عن ابن مسعود y في رفعه، ووقفه، وقام لدى الباحث المشتغل بالحديث قوة الوجه المرفوع فيمكن أن يوجه الوجه الموقوف عن ابن مسعود أنه مما رواه في مجلسه، ولم يصرح فيه بالتحديث.
- يسوق ابن المديني طرق الحديث ليبين علته كما جاء في الحديث الثالث، والخامس، والسادس.
- يشير إلى العلل الظاهرة التي تؤثر في الحديث من انقطاع، أو جهالة، أو إبهام مثال ذلك ما جاء في الحديث الثامن، وكذلك يشير إلى التفرد الواقع في الإسناد.
ومن التوصيات التي نوصي بها الباحثين في نهاية البحث، هو الآتي:
- دراسة أحاديث بقية الصحابة في كتاب “العلل” لابن المدينيّ.
- جمع كلام ابن المدينيّ من جميع مؤلفاته، ومقارنتها بأئمّة النقد في زمانه.
هذا والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
المصادر والمراجع
- أبو البركات بركات بن أحمد الخطيب. (1981م). الكواكب النيرات في معرفة من الرواة الثقات، تحقيق: عبد القيوم عبد رب النبي. ط1، دار المأمون- بيروت.
- أبو القاسم علي بن الحسن بن عساكر. (1415ه). تاريخ دمشق، تحقيق: عمرو بن غرامة العمروي. دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.
- الأزرقي، أبو الوليد محمد بن عبد الله. أخبار مكة وما جاء فيها من الأثار، تحقيق: رشدي الصالح. دار الأندلس للنشر – بيروت.
- الإسفراييني، أبو عوانة يعقوب بن إسحاق. (1419هـ). مستخرج أبي عوانة، تحقيق: أيمن بن عارف الدمشقي. ط1، دار المعرفة – بيروت.
- البخاري، أبوعبدالله محمد بن إسماعيل. التاريخ الكبير. دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد.
- البُستي، أبو حاتم محمد بن حبان. (1396هـ). المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين، تحقيق: محمود إبراهيم زايد. ط1، دار الوعي – حلب.
- البُستي، أبو حاتم محمد بن حبان. (1414ه). صحيح ابن حبان، تحقيق: شعيب الأرنؤوط. ط2، مؤسسة الرسالة – بيروت.
- البغدادي، أبو عبدالله محمد بن سعد. (1410هـ). الطبقات الكبرى، تحقيق: محمد عبدالقادر عطا. ط1، دار الكتب العلمية – بيروت.
- البيهقي، أبو بكر أحمد بن الحسين. (1408هـ). دلائل النبوة، تحقيق: عبدالمعطي قلعجي. ط1، دار الكتب العلمية.
- البيهقي، أبو بكر أحمد بن الحسين. (1424ه). السنن الكبرى، تحقيق: محمد عبدالقادر. ط3، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان.
- الترمذي، أبو عيسى محمد بن عيسى. (1395هـ). السنن، تحقيق: أحمد محمد شاكر وآخرون. ط2، مطبعة مصطفى البابي الحلبي – مصر.
- الجرجاني، أبو أحمد بن عدي. (1418ه). الكامل في ضعفاء الرجال، تحقيق: عادل أحمد عبدالموجود وآخرون. ط1، الكتب العلمية – بيروت-لبنان.
- الحميدي، أبو بكر عبدالله بن الزبير. (1996م). مسند الحميدي، تحقيق: حسن سليم الداراني. ط1، دار السقا- دمشق.
- الدارقطني، أبو الحسن علي بن عمر. (1405هـ). العلل الواردة في الأحاديث النبوية من المجلد الأول-إلى المجلد الحادي عشر، تحقيق: محفوظ الرحمن السلفي. ط1، دار طيبة- الرياض. (1427هـ). العلل الواردة في الأحاديث النبوية من المجلد الثاني عشر-إلى المجلد الخامس عشر، علق عليه: محمد بن صالح الدباسي. ط1، دار ابن الجوزي- الدمام.
- الدارقطني، أبو الحسن علي بن عمر. (1424هـ). سنن الدارقطني، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرون. ط1، مؤسسة الرسالة، بيروت – لبنان.
- الدارمي، أبو محمد عبدالله بن عبدالرحمن. (1436هـ). مسند الدارمي، تحقيق: مركز البحوث بدار التأصيل. ط1، دار التأصيل- القاهرة.
- الدمشقي، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير. (1419هـ). تفسير القرآن العظيم، تحقيق: محمد حسين شمس الدين. ط1، دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون – بيروت.
- الدولابي، أبو بشر محمد بن أحمد. (1421هـ). الكنى والأسماء، تحقيق: أبو قتيبة نظر محمد الفاريابي. ط1، دار ابن حزم – بيروت، لبنان.
- الذهبي، أبو عبدالله شمس الدين محمد بن أحمد. (1382هـ). ميزان الاعتدال في نقد الرجال، تحقيق: علي محمد البجاوي. ط1، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت – لبنان.
- الذهبي، أبو عبدالله شمس الدين محمد بن أحمد. تحقيق: نور الدين عتر.
- الرازي، أبو محمد عبدالرحمن ابن أبي حاتم. (1419هـ). تفسير القرآن العظيم، تحقيق: أسعد محمد الطيب. ط3، مكتبة نزار مصطفى الباز – المملكة العربية السعودية.
- الرازي، أبو محمد عبدالرحمن بن أبي حاتم. (1271هـ). الجرح والتعديل. ط1، مجلس دائرة المعارف العثمانية – بحيدر آباد الدكن – الهند، دار إحياء التراث العربي – بيروت.
- الرازي، أبو محمد عبدالرحمن بن أبي حاتم. (1391هـ). المراسيل، تحقيق: شكر الله قوجاني. ط1، مؤسسة الرسالة.
- الرازي، أبو محمد عبدالرحمن بن أبي حاتم. (1427هـ). العلل لابن أبي حاتم، تحقيق: سعد بن عبد الله الحميد وآخرون. ط1، مطابع الحميضي.
- السجستاني، أبو داود سليمان بن الأشعث. (1430هـ). سنن أبي داود، تحقيق: شعَيب الأرنؤوط وآخرون. ط1، دار الرسالة العالمية.
- الشيباني، أبو عبدالله أحمد بن حنبل. (1421هـ). مسند الإمام أحمد بن حنبل، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرون. ط1، مؤسسة الرسالة.
- الشيباني، أبو عبدالله أحمد بن حنبل. (1422هـ). العلل ومعرفة الرجال، تحقيق: وصي الله محمد عباس. ط2، دار الخاني، الرياض.
- الصنعاني، أبو بكر عبدالرزاق بن همام. (1403هـ). المصنف، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي. ط2، المجلس العلمي- الهند، يطلب من: المكتب الإسلامي – بيروت.
- الطبراني، أبو القاسم سليمان بن أحمد. (1405ه). مسند الشاميين، تحقيق: حمدي بن عبدالمجيد السلفي. ط1، مؤسسة الرسالة – بيروت.
- الطبراني، أبو القاسم سليمان بن أحمد. المعجم الأوسط، تحقيق: طارق بن عوض الله وآخرون. دار الحرمين – القاهرة.
- الطبراني، أبو القاسم سليمان بن أحمد. المعجم الكبير، تحقيق: حمدي بن عبدالمجيد السلفي. ط2، دار مكتبة ابن تيمية – القاهرة.
- الطبري، أبو جعفر محمد بن جرير. (1420هـ). جامع البيان في تأويل القرآن، تحقيق: أحمد محمد شاكر. ط1، مؤسسة الرسالة.
- الطحاوي، أبو جعفر أحمد بن محمد. (1415هـ). شرح مشكل الآثار، تحقيق: شعيب الأرنؤوط. ط1، مؤسسة الرسالة.
- الطيالسي، أبو داود سليمان بن داود. (1419هـ). مسند أبي داود الطيالسي، تحقيق: محمد بن عبدالمحسن التركي. ط1، دار هجر- مصر.
- العبسي، أبو بكر عبدالله بن أبي شيبة. (1409هـ). المصنف في الأحاديث والآثار، تحقيق: كمال يوسف الحوت. ط1، مكتبة الرشد – الرياض.
- العبسي، أبو بكر عبدالله بن أبي شيبة. (1997م). مسند ابن أبي شيبة، تحقيق: عادل بن يوسف العزازي وآخرون. ط1، دار الوطن- الرياض.
- العتكي، أبو بكر أحمد بن عمرو البزار. (بدأت 1988م، وانتهت 2009م). مسند البزار المنشور باسم البحر الزخار، تحقيق: محفوظ الرحمن وآخرون. ط1، مكتبة العلوم والحكم- المدينة المنورة.
- العسقلاني، أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر. (1403هـ). تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس، تحقيق: عاصم بن عبدالله القريوتي. ط1، مكتبة المنار – عمان.
- العسقلاني، أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر. (1406هـ). تقريب التهذيب، تحقيق: محمد عوامة. ط1، دار الرشيد – سوريا.
- العسقلاني، أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر. (1415هـ). الإصابة في تمييز الصحابة، تحقيق: عادل أحمد عبدالموجود وآخرون. ط1، دار الكتب العلمية – بيروت.
- الفاسي، أبو الحسن علي بن محمد بن القطان. (1418هـ). بيان الوهم والإيهام في كتاب الأحكام، تحقيق: الحسين آيت سعيد. ط1، دار طيبة – الرياض.
- القرطبي، أبو عمر يوسف بن عبدالله. (١٣٨٧هـ). التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، تحقيق: مصطفى بن أحمد العلوي وآخرون. وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية – المغرب.
- القزويني، أبو عبدالله محمد بن ماجه. السنن، تحقيق: محمد فؤاد عبدالباقي. دار إحياء الكتب العربية.
- الكوفي، أبو الحسن أحمد بن عبدالله العجلي. (1405هـ). تاريخ الثقات. ط1، دار الباز.
- المدني، أبو الحسن علي بن عبدالله. (1980م). العلل، تحقيق: محمد مصطفى الأعظمي. ط2، المكتب الإسلامي – بيروت.
- المزي، أبو الحجاج يوسف بن عبدالرحمن. (1400ه). تهذيب الكمال في أسماء الرجال، تحقيق: بشار عواد معروف. ط1، مؤسسة الرسالة – بيروت.
- الموصلي، أبو يعلى أحمد بن علي. (1404هـ). مسند أبي يعلى، تحقيق: حسين سليم أسد. ط1، دار المأمون للتراث- دمشق.
- النسائي، أبو عبدالرحمن أحمد بن شعيب. (1421هـ). السنن الكبرى، تحقيق: حسن عبدالمنعم شلبي. ط1، مؤسسة الرسالة – بيروت.
- النيسابوري، أبو الحسن مسلم بن الحجاج. المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، تحقيق: محمد فؤاد عبدالباقي. دار إحياء التراث العربي – بيروت.
- النيسابوري، أبو العباس محمد بن إسحاق السَّرَّاج. (1425هـ). حديث السراج، تحقيق: أبو عبد الله حسين بن عكاشة، تخريج: زاهر بن طاهر الشحامي. ط1، الفاروق الحديثة للطباعة والنشر.
- النيسابوري، أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة. (1424هـ). صحيح ابن خزيمة، تحقيق: محمد مصطفى الأعظمي. ط1، المكتب الإسلامي.
- النيسابوري، أبو عبدالله الحاكم محمد بن عبدالله. (1411هـ). المستدرك على الصحيحين، تحقيق: مصطفى عبدالقادر عطا. ط1، دار الكتب العلمية – بيروت.
([1]) الطبقات الكبرى لابن سعد (7/224).
([2]) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (6/194)، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (13/421).
([3])يذكر ذلك في مواضع منها: النصّ 84 قال: “ونسختُ من كتاب عليّ بن المدينيّ، ولم أسمعه…..”، والنصّ 87 كرر فيه هذه العبارة بزيادة “منه” في آخرها.
([4]) لمزيد من التفصيل انظر: ما ذكره الأعظميّ في تحقيقه للكتاب، وما ذكره د. طارق العويّد في كتابه “تأصيل علم علل الحديث”.
[6]) ) الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية. لإسماعيل بن حماد الجوهري. تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار. الناشر: دار العلم للملايين – بيروت. ط: 4 /1990مـ. (5 /1773 ) مادة “علل”.
[7])) مقدمة ابن الصلاح ومحاسن الاصطلاح. لأبي عمرو عثمان بن عبد الرحمن الشهرزوري– طبعة جديدة محررة – تحقيق: دة/ عائشة عبد الرحمن بنت الشاطئ. دار المعارف القاهرة ط 1411هـ- 1990مـ.
[8])) التقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير.لمحي الدين بن شرف النووي. تقديم وتحقيق وتعليق: محمد عثمان الخشت. دار الكتاب العربي. ط1/ 1405هـ-1985مـ. (ص: 43).
[9])) كتاب العلل. لأبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم. تحقيق: فريق من الباحثين. د/ سعيد بن عبد الله الحميد- د/ خالد بن عبد الرحمن الجريسي. ط1/ 1427هـ-2006 مـ.
([10])العلل الواردة في الأحاديث النبوية. لأبي الحسن علي بن عُمَر ابن أحمد بن مهدي الدارقطني. تحقيق وتخريج: د/ محفوظ الرحمن زين الله السلفي. دار طيبة الرياض. ط1/ 1405هـ-1985مـ.
[11])) انظر النكت 2/ 747، 748.
[12])) معرفة علوم الحديث (ص113)، تدريب الراوي 1/ 304، توجيه النظر 1/ 605.
(1) المجروحين لابن حبان (1/33) والضعفاء لابن شاهين (ص42) والجامع للخطيب (2/315) والإرشاد للخليلي (2/595) .
[14])) سنن الدارمي (649) ، وهذا النص يصلح قاعدة لكل العلوم .
(2) الجرح والتعديل لابن أَبي حاتم (1/335) ، كذا ذكر أبو زرعة ، بينما قال أحمد في رواية المروذي (456) : « إيش كان عنده من الحديث » ، ولعله يعني به المرفوع .
(3) المجروحين لابن حبان (2/32) ، وأعلها الذهبي بالانقطاع – السير (7/456) .
[17])) مقدمة ابن الصلاح (ص: 259)
([18])كتاب العلل. لأبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم. تحقيق: فريق من الباحثين. د/ سعيد بن عبد الله الحميد- د/ خالد بن عبد الرحمن الجريسي. ط1/ 1427هـ-2006 مـ.
[19])) مقدمة ابن الصلاح ومحاسن الاصطلاح. لأبي عمرو عثمان بن عبد الرحمن الشهرزوري– طبعة جديدة محررة – تحقيق: دة/ عائشة عبد الرحمن بنت الشاطئ. دار المعارف القاهرة ط 1411هـ- 1990مـ.
[20])) محمد سعيد عبدالله بافيل*. “النقد التربوي عند الصحابي عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-د/محمد سعيد عبدالله بافيل.” مجلة الأندلس للعلوم الإنسانية و الاجتماعية 10.70 (2023).
[21])) أملل ; جودي سليمان. نموذج الكفاءات المهنية لمعلم القرآن الكريم-عبدالله بن مسعود كنموذج. مجلة التربية-جامعة سوهاج، 2023، 105.105.
[22])) سناء بنت عبد الرحيم بن عبد الله حلواني,. عالم القرآن (عبد الله بن مسعود) رضي الله عنه. المجلة العلمية لکلية أصول الدين والدعوة بالزقازيق, 2017, 29.3: 2357-2384.
[23])) محمد سعيد عبدهلل. النقد التربوي عند الصحابي عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-. مجلة الأندلس للعلوم الإنسانية والاجتماعية، 2023، 10.70.
[24])) لحلوحي، صلاح. التوجيه اللغوي-قراءة عبد الله بن مسعود. 2004. رسالة الدكتوراه. جامعة محمد خيضر بسكرة
([25]) قال أبو داود: حدثنا مسدد، حدثنا المعتمر، قال: سمعت الركين بن الربيع، يحدث عن القاسم بن حسان، عن عبد الرحمن بن حرملة، أن ابن مسعود كان يقول: “كان نبي الله r يكره عشر خلال: الصفرة – يعني الخلوق – وتغيير الشيب، وجر الإزار، والتختم بالذهب، والتبرج بالزينة لغير محلها، والضرب بالكعاب، والرقى إلا بالمعوذات، وعقد التمائم، وعزل الماء لغير أو غير محله – أو عن محله -، وفساد الصبي غير محرمه”. قال أبو داود: «انفرد بإسناد هذا الحديث أهل البصرة والله أعلم».
([26]) “التاريخ الكبير” (5/ 270) الجرح والتعديل” لابن أبي حاتم (5/ 222) ، الكامل في ضعفاء الرجال” (5/ 504).
([27]) عن عبدالله t قال: قال رسول الله r: “تصدقن يا معشر النساء، فإنكنّ أكثر أهل جهنّم”، فقالت امرأةٌ ليست من عليّة النساء: ممَ ذلك يا رسول الله؟ قال: “لأنكنّ تُكثرن اللعن، وتكفرن العشير”، اللفظ لابن أبي شيبة.
([29]) “العلل ومعرفة الرجال” رواية عبدالله 575.
([30]) “التمهيد لما في الموطّأ من المعاني والأسانيد” 3/ 325.
([32]) الطبقات الكبرى لابن سعد 6/ 233، ميزان الاعتدال4/ 331، و”تقريب التهذيب” 7395.
([33]) عن عبد الله بن مسعود، قال: قد جاء ابن النواحة وابن أثال رسولين لمسيلمة إلى رسول الله e فقال لهما رسول الله e: «تشهدان أني رسول الله؟» فقالا: “نشهد أن مسيلمة رسول الله، فقال رسول الله e: «آمنت بالله ورسله لو كنت قاتلاً رسولاً لقتلتكما» اللفظ للطيالسي.
(([34] الطبقات الكبرى لابن سعد (6/360)، الثقات لابن حبان (ص 2)، ميزان الاعتدال للذهبي (2/274).
([35]) الكواكب النيرات، لابن الكيال (293/297).
([38]) ذكر في أول الحديث قصة ثم قال: قال عبد الله: إني لأعلم أول رجل قطعه رسول الله e أتي برجل من الأنصار قد سرق فقطعه، فكأنما أسف في وجه رسول الله e الرماد، وأشار سفيان بكفه إلى وجهه وقبضها شيئاً، فقالوا: يا رسول الله كأنك فقال: ” وما يمنعني أن تكونوا أعواناً للشيطان على أخيكم إنه لا ينبغي لوالي أمر أن يؤتى بحد إلا أقامه، والله عفو يحب العفو، ثم قرأ رسول الله e {وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم}، اللفظ للحميدي.
([39]) الثقات للعجلي (ص: 469) ، المجروحين لابن حبان (2/ 384).
([40]) الكامل في ضعفاء الرجال (9/195) ، ميزان الاعتدال (4/566).
([41]) عن عبد الله بن مسعود قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجلس إذا سلم إلا مقدار ما يقول: «اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام» اللفظ للنسائي في الكبرى.
([42]) تهذيب الكمال (22/ 431).
([48]) ميزان الاعتدال (1/418) الكامل في الضعفاء: (2 / 369).
([49]) التاريخ الكبير (2/200).
([50]) المراسيل لابن أبي حاتم (١٤١)، الطبقات (7/ ٤٢١)، التاريخ الكبير (6/ ٣١٣).
([51]) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (9/408)، (1970).
([52]) السنن الكبرى للبيهقي (1/15).
([53]) تعريف أهل التقديس (140).
([54]) سنن الدارقطني (1 / 129).
([55]) العلل لابن أبي حاتم (١/ ٥٤٩)، سنن الدارقطني (١/ ١٣٢).
(2) علل الدارقطني (5/354)، (345).
([58]) التاريخ الكبير (7/193).
([59]) تهذيب الكمال (30/436)، المراسيل (٢٠٥).
([60]) الجرح والتعديل لأبي حاتم (5/ 361)، تهذيب الكمال للمزي (8/370).
([63]) وقع في السنن المطبوع من السنن الكبرى حماد عن شعيب، والصواب: حماد بن شعيب كما هو ثابت في كتب تراجم الرجال.
([64]) المغني في الضعفاء للذهبي (2/545).
([65]) الضعفاء والمتروكين للنسائي (ص 31)، الكامل في الضعفاء لابن عدي (3/15).