المجلد السابع 2024العدد الخامس و العشرين

المحبة الطبيعية للكفار دراسة تأصيلية نقدية

ملخص البحث

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد:

فهذا بحثٌ بعنوان: (المحبة الطبيعية للكفار دراسة تأصيلية نقدية) مقدم من الباحثة: الشيماء بنت محمد الحوتي، وهو بحث يفصل في حقيقة المحبة الطبيعية وأنواعها، ويذكر النصوص الواردة فيها  والمتعلقة بالكفار، ومن ثم يبين حكمها ومآلاتها، ويضع لها ضوابط تضبطها، ويرد على الشبهات المتعلقة بها. 

ويهدف البحث إلى: بيان حقيقة المحبة وأنواعها، ثم جمع الأدلة الواردة في الحب الطبعي للكفار وبيان وجه الدلالة على ثبوتها، ويجمع أقوال العلماء فيها، كما يهدف البحث إلى ضبط المحبة الطبيعية للكفار بضوابط مستنبطة من كلام العلماء، ويجمع شبه المخالفين ويفندها، ويبين مآلات جواز هذا النوع من المحبة.

وتم عرض البحث في: مقدمة، وخمسة مباحث، فأما المقدمة ففيها مشكلة البحث وأسئلته، وأهميته ومنهجه وإجراءاته، والدراسات السابقة.

وأما المبحث الأول: فيه بيان المحبة الطبيعية من حيث حقيقتها وأنواعها.

أما المبحث الثاني: ففيه النصوص الواردة في ثبوت المحبة الطبيعية للكفار، وهي على ثلاثة مطالب: محبة الشراكة والألفة، ومحبة الإجلال والتقدير، ومحبة الشفقة والرحمة.

المبحث الثالث: فيه حكم المحبة الطبيعية للكفار وضوابطها.

المبحث الرابع: فيه الشبهات المتعلقة بالمحبة الطبيعية للكفار.

المبحث الخامس: مآلات المحبة الطبيعية للكفار.

وقد خرج البحث بعدة نتائج منها:

-أن مودة الكافر ليست على درجة واحدة فمنها الناقض للإيمان، ومنها المنقص، ومنها ما هو مباح.

-دلت النصوص على ثبوت المحبة الطبيعية للكافر المسالم، وهو قدر زائد على الوصل والإحسان.

-أن المحبة الطبيعية للكفار لا تعارض أصل الولاء والبراء لأنه ميل ضروري فطري لا علاقة له بالدين والعقيدة.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

Abstract

Praise be to Allah, prayers and peace be upon our Prophet Muhammad, his family and companions; After that:

The current research; Entitled: “Natural Love for Infidels, (A Fundamental & Critical Study)”, submitted by the Researcher: AL-SHAYMAA BINT MOHAMMEDD AL-HOUTI. It details the reality of natural love and its types, mentions the contained texts related to infidels, explains its provision and consequences, sets its controls, and responds to related suspicions.

Objectives of the Research: Explains the reality of love and its types, collects the evidence about the natural love for infidels and explains the evidence for its validity, collects regarded sayings of the scholars, controls the natural love for infidels deduced from sayings of the scholars, collects and refutes the suspicions of the opponents, and explains the permissibility consequences of this love.

Plan of the Research: Includes an introduction and five topics.

The Introduction: Includes the problem of the research, its questions, importance, methodology, procedures, and previous studies.

Topic One: Explains natural love in terms of its reality and types.

Topic Two: Includes the texts that prove natural love for infidels that based on three requirements: Love of partnership and familiarity, love of reverence and appreciation, and love of compassion and mercy.

Topic Three: Includes the provision of natural love for infidels and its controls.

Topic Four: Includes suspicions related to natural love for infidels.

Topic Five: Includes the permissibility consequences of natural love for infidels.

Findings of the research:

The goodwill for the infidel is not of the same degree; As some contradict faith, some diminish, and some are permissible.

The texts indicate the proven natural love for the peaceful infidel, that is an extra value to correlation and kindness.

Natural love for infidels does not contradict the principle of allegiance and disownment because it is a necessary, innate inclination without relation to religion or belief.

Praise be to God, by whose grace good deeds are accomplished. May God’s blessings and peace be upon our Prophet Muhammad and his family and companions.

Praise be to Allah, prayers and peace be upon our Prophet Muhammad, his family and companions.

المقدمة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:

فإن الولاء والبراء أصل عظيم من أصول هذا الدين، ومن أوثق عراه بل لا يتحقق إسلام العبد إلا بالاستسلام بالله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله.

ولهذا فإن القرآن جاء بقطع الموالاة بين المسلمين والكافرين، وجعل المسلمين، بعضهم أولياء لبعض، كما أن الكافرين بعضهم أولياء بعض.

ولا ريب أن محبة الكفار مظهر من مظاهر الموالاة، بيد أن محبة الكافر متنوعة الدوافع والأسباب، وبناء على ذلك فلا تأخذ حكماً  واحداً، لاسيما إن كان هناك قرابة فقد يكون معها من الدوافع للميل إليهم ما هي بعيدة كل البعد عن الأسباب الدينية، كمحبة الأبوة والبنوة، أو الزوجية، إذ هي من قبيل المحبة الطبيعية الفطرية، ولما كان هذا الإشكال يرد على حياة المسلمين، خصوصاً في البلدان التي يغلب عليها طابع التعايش، كانت الحاجة إلى تحرير هذا النوع من المحبة؛ ولهذا آثرت تخصيص البحث بدراسة المحبة الطبيعية المتعلقة بالكفار، وأسميته: (المحبة الطبيعية للكفار دراسة تأصيلية نقدية).

مشكلة البحث وأسئلته:

محبة الكفار الطبيعية من المسائل الدقيقة، التي تحتاج إلى ضبط؛ لتعلقها بالولاء والبراء، فجاء البحث مجيباً على الإشكالات التالية:

ما هي حقيقة المحبة الطبيعية وأنواعها؟ ما هي أدلتها؟ وما هو حكمها وضوابطها؟ ما هي الإشكالات والشبه التي تثار حولها؟

أهمية البحث:

كل بحثٍ يتناولُ موضوعاً عقدياً له أهمية عظيمة، ومن أبرز الأمور الدالة على أهمية هذا البحث:

أولاً: حل إشكالات المسلمين القلائل الذين يعيشون في المجتمعات الكافرة، مبينة لهم حكم الشرع في مثل هذا النوع من المحبة بضوابطه.

ثانياً: تتناول الدراسة الرد على شبه دعاة التقريب والحوار المتعلقة بمحبة الكفار الطبيعية؛ فهناك من تساهل في إباحة محبة الكفار بإطلاق مستدلاً بالنصوص الواردة في المحبة الطبيعية.

ثالثاً: تتناول موضوعاً جديداً يثري المكتبة الإسلامية، ويفيد طلبة العلم بإذن الله.

منهج البحث:

سلكت في بحثي منهجين:

الأول: المنهج الوصفي: فتتبعت النصوص الواردة في هذه المسألة جمعاً وتخريجاً، ثم عرض أقوال أهل العلم فيها.

الثاني: المنهج التحليلي: حللت أقوال المفسرين والشراح مبينة وجه الدلالة من النصوص على موضوع الدراسة، وبيان الحكم والضوابط، مع كشف اللبس عند بعضهم في إنزال هذه النصوص على غير مراد الله فيها، ونقد أقوالهم.

إجراءات البحث:

1-الاطلاع على الكتب المؤلفة في الولاء والبراء متتبعة النصوص الواردة في محبة الكفار عموماً، والمتعلقة بالمحبة الطبيعية خصوصاً، فجمعت منها النصوص المتعلقة بالمحبة الطبيعية للكفار، ثم بواسطة الفهرس الموضوعي([1]) من خلال المواضيع الآتية: (إبراهيم، الإقساط، الأولاد، التولي، أو اتخاذ الأولياء، ذوو القربى، المودة، الإحسان، عدو الله، الفطرة، أو الغريزة، الشهوات، الشفاعة، نوح، الوالدان، الوصاية)، ثم عن طريق الفهرس الموضوعي من خلال “مفتاح كنوز السنة”([2]) بعدد من المصطلحات وهي: (الحب، الحزن، الرحم، الأدب، البر صلة الأرحام، الكافر، الولد، المؤمن، محمد r، وإبراهيم u، الهِبات)، و”جامع الأصول” لابن الأثير بالمصطلحات التالية: (البر، وصلة الرحم، والرحمة، والرفق، والهبة، والهدية).

2-جرد التفاسير والشروح المتعلقة بالنصوص المجموعة مستخرجة كلام أهل العلم في المحبة الطبيعية، مستنبطة وجه الدلالة على المحبة الطبيعية، وحكمها، وضوابطها.

3-الحرص على عزو كلام أهل العلم إلى مصادره، ووضع أقوالهم بين أقواس كبيرة، وما نُقل بمعناه لم يوضعْ له قوسين، ويلحق مرجعه في الحاشية بلفظ: (ينظر).

4-كتابة الآيات بالرسم العثماني، وتذييل الآيات باسم السورة ورقم الآية.

5-وضع الأحاديث بين قوسين مزدوجين صغيرين، مبينة درجتها.

6-تخريج الحديث من حيث الاكتفاء بالصحيحين دون غيرهما، فإن لم يوجد عزوته إلى الكتب الخمسة، وإن لم يوجد عزوته إلى أمهات كتب الحديث ذاكرة حكم العلماء عليه.

7-عند العزو إلى الصحيحين يكتب (اسم الكتاب، والباب، والجزء والصفحة، ورقم الحديث) بخلاف غيرهما فيكتفى فيه بالجزء، والصفحة، ورقم الحديث.

8-إن تكرر الحديث بعد تخريجه، فيشار إلى ذلك في الحاشية دون ذكر رقم الصفحة؛ لقصر البحث.

9-إذا ذُكر المؤلف في المتن فلا يعاد في الحاشية، ولا يكرر ذكر المؤلف عند تكرار النقل عنه.

10-التعريف بالكلمات الغريبة الواردة في متن الأحاديث من كتب الغريب.

11-خُتم البحث بخاتمة فيها أهم النتائج، ثم ذُيل بفهارس المراجع والموضوعات.

الدراسات السابقة:

نُظمت الكثير من المؤلفات العقدية التي تخدم جانب الولاء والبراء، ومن أهم البحوث المحكمة التي درست الحب الطبيعي بالتحرير بحثان:

الأول: المحبة بين العبودية والفطرية د. علي حسين يحيى، بحث في مجلة الدراسات العقدية، العدد (12)- أكاديمي بجامعة الملك خالد.

وقد تناول حكم المحبة الطبيعية بشكل عام دون تخصيص لها بالكفار، فيشترك مع بحثي في بيان حقيقة المحبة الطبيعية وأنواعها، وينفرد بحثي ببيان حكم تعلق هذه المحبة بالكفار، وأدلتها، وضوابطها، وإشكالات البعض حول هذه النصوص.

الثاني: المحبة الطبيعية للقريب الكافر ونحوه ( حقيقتها وحكمها)- د.تميم القاضي، بحث في مجلة التأصيل للدراسات الفكرية المعاصرة، العدد (5) السنة الثالثة 1433ه- أكاديمي بجامعة القصيم.

ولم أطلع على هذا البحث إلا بعد فراغي من هذا البحث، ولهذا فلابد من وجود مفارقات بين البحثين وهي كما يلي:

– اشترك البحثان في معنى المحبة الطبيعية وحكمها وأدلتها، واختلف بحثي عنه بما يلي:

-ضوابط المحبة الطبيعية للكفار.

-شبهات حول المحبة الطبيعية للكفار.

-مآلات جواز المحبة الطبيعية للكفار.

خطة البحث:

اشتمل على: مقدمة، ومدخل، وأربعة مباحث، وخاتمة.

المقدمة وفيها: مشكلة البحث وأسئلته، وأهميته، ومنهجه، وإجراءاته، ثم الدراسات السابقة، والخطة وهي كالتالي:

مدخل بعنوان: حكم محبة المسلم للكافر.

المبحث الأول: المحبة الطبيعية حقيقتها وأنواعها، وتحته مطلبان:

المطلب الأول: حقيقة المحبة الطبيعية.

المطلب الثاني: أنواع المحبة الطبيعية.

المبحث الثاني: النصوص الواردة في إثبات المحبة الطبيعية للكفار، وتحته ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: النصوص الواردة في إثبات محبة الشراكة والألفة.

المطلب الثاني: النصوص الواردة في إثبات محبة الإجلال والتقدير

المطلب الثالث: النصوص الواردة في إثبات محبة الشفقة والرحمة.

المبحث الثالث: حكم المحبة الطبيعية للكفار وضوابطها، وتحته مطلبان:

المطلب الأول: حكم المحبة الطبيعية للكفار.

المطلب الثاني: ضوابط المحبة الطبيعية للكفار.

المبحث الرابع: شبهات حول المحبة الطبيعية للكفار.

المبحث الخامس: مآلات جواز المحبة الطبيعية للكفار

الخاتمة.

الفهارس:

-فهرس المصادر والمراجع.

– فهرس الموضوعات.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

مدخل

حكم محبة المسلم للكافر

الحب في الله والبغض في الله من أوثق عُرى الإيمان، بل من شروط كلمة التوحيد: محبة التوحيد وموالاة أهله، وكراهة الكفر والبراءة من أهله، والنصوص في هذا الباب كثيرة، فثبت في الحديث عن البراء بن عازب t، أن النبي r قال: “إن أوثق عرى الإيمان أن تحب في الله وتبغض في الله” ([3]).

وتمهيداً لبيان حكم المحبة المسلم الطبيعية للكافر؛ فإن الحب القلبي للكافر ليس على درجة واحدة، فمنه ما يخرج من الملة، ويسلب اسم الإيمان من صاحبه، ومنه ما ينقص إيمان العبد لكن لا ينقضه، ومنه ما هو متعلق بالغريزة الفطرية.

لذا قسَّم العلماء محبة الكافر على ثلاثة أقسام([4]):

القسم الأول: محبة الكافر لدينه سواء كان حربياً أم مسالماُ، فهذا من نواقض الإسلام؛ لقوله تعالى: ﵟ‌وَمَن ‌يَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ ﵞ [المائدة: 51] 

القسم الثاني: محبة الكافر الحربي أو المسالم؛ لفسقه، أو للدنيا مطلقاً كطلب الجاه أو المكانة، فهذا منقص للإيمان بحسب حال المحبوب إن أحبه لكبيرة يتعاطاها، أو أحبه لأجل صغيرة فلا يزيد حكمه عن حكم ما أحبه من أجله، قال تعالى: ﵟ‌لَا ‌تَتَّخِذُواْ ‌عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِيَآءَ تُلۡقُونَ إِلَيۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِﵞ [الممتحنة: 1] قال ابن عطية في هذين القسمين: (ومن تولاَّهم بمعتقده ودينه فهو منهم في الكفر واستحقاق النقمة والخلود في النار، ومن تولاهم بأفعاله من العضد ونحوه دون معتقد ولا إخلال بإيمان، فهو منهم في المقت والمذمة الواقعة عليهم وعليه) ([5]).

القسم الثالث: المحبة الطبيعية للكافر، كمحبة الولد لأبيه الكافر، والوالد لابنه الكافر، أو الزوج لزوجته الكتابية، أو محبة الكافر لإحسانه، فهذه محبة دنيوية مقيدة تفصيلها هو مادة البحث.

المبحث الأول: المحبة الطبيعية حقيقتها وأنواعها

المطلب الأول: حقيقة المحبة الطبيعية:

المحبة لغة: أصلها من حبَّ: والحاء والباء أصول ثلاثة، أحدها: اللزوم والثبات، فالحب والمحبة، اشتقاقه من أحبَّه إذا لزمه([6])، والحب: نقيض البغض. والحُب: الوداد، والحِب بالكسر: الود، وأيضاً الحبيب، ويقال: (أحبه) فهو (مٌحب)، و(تحبب) إليه تودد، و(تحابوا) أحب كل واحد صاحبه، و(الحِباب) بالكسر (المحابة) والموادة، وبالضم الحب([7]).

المحبة اصطلاحاً:

ميل النفس إلى ما تراه خيراً، ولها نوعان:

الأول: طبيعي: في الإنسان والحيوان، وقد يكون في الجمادات كالإلف بين الحديد والمغناطيس.

الثاني: اختياري: ويختص بالإنسان، وهو أربعة أضرب:

          الأول: للشهوة وغالباً يكون بين الأحداث.

          الثاني: للمنفعة، وهو ما يكون بين التجار، وأصحاب الصناعة المهنية.

          الثالث: مركب من الضربين، كمن يحب غيره لنفع، والغير يحبه للشهوة.

          الرابع: للفضيلة، كمحبة المتعلم للعالم، وهي الباقية بخلاف السابق، وقد استثناها الله في قوله: ﵟ‌ٱلۡأَخِلَّآءُ يَوۡمَئِذِۭ بَعۡضُهُمۡ لِبَعۡضٍ عَدُوٌّ إِلَّا ٱلۡمُتَّقِينَ ﵞ [الزخرف: 67] وأما الضروب السابقة فتقصر وتطول بحسب العوارض والأسباب([8]).

وأما مصطلح الطبيِّعية فهو: اسم منسوب إلى الطبيعة: بحذف الياء  والنسبة الفصيحة هي (طبيعي) بثبوت الياء،  وهي نسبة إلى الطباع والغرائز، والسجايا، وطبائع النفوس: خصائصها وصفاتها([9]).

وقال الفيومي: (الطبيعة والخليقة والغريزة بمعنى واحد، وجَبَلَه الله على كذا من باب قَتَل: فَطَره عليه، وشيء جِبِلِّي منسوب إلى الِجبِلَّة كما يقال طبيعي أي: ذاتي منفعل عن تدبير الجبلَّة في البدن بصنع بارئها، ذلك تقدير العزيز العليم.) ([10]).

          وأما المحبة الطَّبيعية: (ميل الإنسان إلى ما يلائم طبعه، كمحبة العطشان للماء، والجائع للطعام، ومحبة النوم، والزوجة والولد) ([11]).

          المطلب الثاني: أنواع المحبة الطبيعية:

          اختلف العلماء في التقسيم الاصطلاحي للمحبة الطبيعية: فمنهم من قسم المحبة الطبيعية إلى ثلاثة أقسام، ومنهم من قسم المحبة إلى دينية وطبيعية، والبعض قسمها إلى خاصة ومشتركة.

          ذهب إلى التقسيم الأول: ابن بطال([12])، والقاضي عياض([13])، والنووي([14])، وابن دقيق العيد([15])، وغيرهم. فجعلوا المحبة الطبيعية ثلاثة أقسام:

          -محبة إجلال وتعظيم كمحبة الوالد.

          -محبة شفقة ورحمة كحبة الولد.

          -محبة استحسان ومشاكلة لسائر الناس.

          وذهب إلى التقسيم الثاني: صالح الفوزان([16])، وصالح آل الشيخ([17])، فقسموا المحبة إلى:

          -محبة دينية: وهي ما تتعلق بالمحبة بالله، ومع الله، وفي الله.

          -محبة طبيعية: وهي المحبة للدنيا، وهي غريزية في الإنسان لا تتعلق بالعبادة والرغبة والرهبة، كمحبة الأهل والزوجة والولد والأكل والشرب، ويلحق بها محبة التلميذ لشيخه.

          وذهب إلى الثالث: ابن القيم([18])، والمناوي([19])، وسليمان بن عبد الوهاب([20])، فقسموا المحبة إلى قسمين:

          القسم الأول: المحبة الخاصة: محبة العبودية ولا تصرف إلا لله، لما فيها من الذل والتعظيم، وكمال الطاعة للمحبوب.

          القسم الثاني: المحبة المشتركة: فلا تستلزم ذلا ولا خضوعاً، ولا تزاحم العبادة ولها ثلاثة أنواع:

          الأول: محبة طبيعية: كمحبة الطعام والشراب والنوم والنكاح.

          الثاني: محبة رحمة وإشفاق: كمحبة الولد، والإشفاق على المرضى والمساكين.

          الثالث: محبة أنس وشراكة: كمحبة الأصحاب أو محبة الشراكة في طلب علم أو سفرة أو تجارة.

          وأضاف بعضهم نوعاً رابعاً: محبة الإجلال والتقدير: كمحبة الوالد والشيخ([21]).

          ويلحظ من خلال المعاني أن التقسيمات مختلفة اصطلاحيا لا حقيقة، فهي من قبيل اختلاف التنوع لا التضاد، ولا مشاحة في الاصطلاح؛ لهذا استخدم بعض العلماء تقسيمين مختلفين، كما أن أصحاب القسم الثالث، يجعلون محبة الزوج لزوجته من قبيل المحبة الطبيعية([22]).

المبحث الثاني: النصوص الواردة في إثبات المحبة الطبيعية للكفار

جاءت النصوص في إثبات المحبة الطبيعية على أنحاء مختلفة، فمنها: ما يتعلق بمحبة الزوجين ، ومنها: محبة الأبوة وكذا البنوة وفي المطالب التالية تفصيل أدلتها:

          المطلب الأول: النصوص الواردة في إثبات محبة الشراكة والألفة:

          قال تعالى: ﵟ‌ٱلۡيَوۡمَ ‌أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيِّبَٰتُۖ وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ حِلّٞ لَّكُمۡ وَطَعَامُكُمۡ حِلّٞ لَّهُمۡۖ وَٱلۡمُحۡصَنَٰتُ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ وَٱلۡمُحۡصَنَٰتُ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلِكُمۡ إِذَآ ءَاتَيۡتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحۡصِنِينَ غَيۡرَ مُسَٰفِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِيٓ أَخۡدَانٖۗ وَمَن يَكۡفُرۡ بِٱلۡإِيمَٰنِ فَقَدۡ حَبِطَ عَمَلُهُۥ وَهُوَ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَﵞ [المائدة: 5].

            دلت الآية على إباحة زواج المسلم من الكتابية بشرط الإحصان([23])، يقول الشنقيطي: (التزويج بين الكفار والمسلمين ممنوع في جميع الصور إلا صورة واحدة، وهي تزوج الرجل المسلم بالمرأة المحصنة الكتابية، والنصوص الدالة على ذلك قرآنية، كما رأيت) ([24])، وحكى ابن قدامة الاتفاق على إباحة هذا الزواج فقال: (ليس بين أهل العلم -بحمد الله- اختلاف في حل نساء أهل الكتاب للمسلم، وممن روي عنه ذلك: عمر، وعثمان وطلحة وحذيفة، وسلمان، وجابر -y- وغيرهم، قال ابن المنذر: لا يصح عن أحد من الأوائل أنه حرَّم ذلك) ([25]).

            ووجه الاستدلال بها: أن الإسلام أباح نكاح الكتابيات مع ما في الزواج من المودة والألفة والمحبة؛ التي أخبر الله عنها في قوله: ﵟ‌وَمِنۡ ‌ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا لِّتَسۡكُنُوٓاْ إِلَيۡهَا وَجَعَلَ بَيۡنَكُم مَّوَدَّةٗ وَرَحۡمَةًۚ ﵞ [الروم: 21] والمودة هي المحبة، والرحمة هي الرأفة([26]). وفي قوله تعالى: ﵟ‌وَجَعَلَ ‌مِنۡهَا ‌زَوۡجَهَا لِيَسۡكُنَ إِلَيۡهَاۖﵞ [الأعراف: 189] 

            قال ابن كثير في تأويلها: (فلا ألفة بين روحين أعظم مما بين الزوجين، ولهذا ذكر تعالى أن الساحر ربما توصل بكيده إلى التفرقة بين المرء وزوجه) ([27]).

            ومن المعلوم أن الزواج بالكتابية يقتضي الميل والتراحم والود بين الزوجين، كما أن طول الصحبة والبقاء مفضية إلى المحبة بلا شك.

          المطلب الثاني: النصوص الواردة في إثبات محبة الإجلال والتقدير:

          وردت النصوص بإثبات نوع آخر من أنواع الحب الطبيعي، وهي محبة الإجلال، التي تنبع من الابن لأبيه، وأمه، ومن الابن لجدِّه وجدّته، أو عمِّه وعمَّته، وتقرير هذه المحبة ورد في خمسة نصوص، كما يلي:

            1-قال تعالى: ﵟ‌إِنَّكَ ‌لَا ‌تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۚﵞ [القصص: 56] .

 يقول شيخ المفسرين ابن جرير في تأويل الآية: (يقول تعالى ذكره لنبيه محمد r: ﵟ‌إِنَّكَ ﵞ يا محمد:ﵟ‌لَا ‌تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَﵞ هدايته ﵟوَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۚﵞ أن يهديه من خلقه، بتوفيقه للإيمان به وبرسوله. ولو قيل: معناه: إنك لا تهدي من أحببته لقرابته منك، ولكن الله يهدي من يشاء، كان مذهباً)([28])، فعلى أحد التقديرين تكون هذه الآية من أصرح الأدلة على ثبوت المحبة الطبيعية للكافر، وبيان أن من أسبابها القرابة والنسب. وأخبر الله نبيه r بأن هداية التوفيق والإلهام بيده تعالى؛ فلا تستطيع هداية أقرب الناس إليك وأحبهم، والله عدل في أفعاله، حكيم سبحانه يضع الأمور في مواضعها.

          ويؤيد التقدير الثاني سبب نزول الآية كما ذكر ابن كثير: (وقد ثبت في الصحيحين([29]) ‌أنها ‌نزلت ‌في ‌أبي ‌طالب عم رسول الله r، وقد كان يحوطه وينصره ويقوم في صفه ويحبه حبا شديداً طبعياً لا شرعياً، فلما حضرته الوفاة وحان أجله، دعاه رسول الله r إلى الإيمان والدخول في الإسلام. فسبق القدر فيه، واختطف من يده، فاستمر على ما كان عليه من الكفر، ولله الحكمة التامة) ([30]).

            2-قال تعالى: ﵟ‌وَوَصَّيۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيۡهِ حُسۡنٗاۖ وَإِن جَٰهَدَاكَ لِتُشۡرِكَ بِي مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٞ فَلَا تُطِعۡهُمَآۚ إِلَيَّ مَرۡجِعُكُمۡ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَﵞ [العنكبوت: 8] ، ومثلها قوله: ﵟ‌وَإِن ‌جَٰهَدَاكَ عَلَىٰٓ أَن تُشۡرِكَ بِي مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٞ فَلَا تُطِعۡهُمَاۖ وَصَاحِبۡهُمَا فِي ٱلدُّنۡيَا مَعۡرُوفٗاۖﵞ [لقمان: 15] .

          هذه الآية تُجلِّي لوازم المحبة الطبيعية المتعلقة بالوالدين؛ فالله وصَّى بالإحسان إلى الأبوين الكافرين، قولاً وعملاً، وأمر ببرِّهما وصلتهما بالمال إن كان معوزين، ومخاطبتهما باللّين والرِّفق، وأن لا يسيء إليهما بالقول أو الفعل، بل يصاحبهما بالعشرة الجميلة([31]).

          ووجه الدلالة: أن المصاحبة وطول العشرة والإحسان والمباسطة مستلزم للود والميل مع ما في الغرائز أصلا من المحبة الفطرية للوالدين.

          وأشار ابن كثير بأن هذه المحبة لا تؤثر في الولاء والبراء؛ لأن المرء يحشر يوم القيامة مع من أحبهم ديناً، ولا أثر للمحبة الطبيعية على الدين فقال: (‌وإن ‌حرصا ‌عليك أن تتابعهما على دينهما إذا كانا مشركين، فإياك وإياهما، فلا تطعهما في ذلك، فإن مرجعكم إلي يوم القيامة، فأجزيك بإحسانك إليهما وصبرك على دينك، وأحشرك مع الصالحين لا في زمرة والديك، وإن كنت أقرب الناس إليهما في الدنيا، فإن المرء إنما يحشر يوم القيامة مع من أحب أي حباً دينياً، ولهذا قال تعالى: ﵟوَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ ‌لَنُدۡخِلَنَّهُمۡ فِي ٱلصَّٰلِحِينَﵞ ) ([32]).

          ومن العلماء من فرَّق بين الأمر بالإحسان والبر إلى الكافر، وبين ودِّه ومحبته، فالولاء لله ولرسوله وأهل الإسلام، وأما برّ القريب الكافر فهو من باب دعوته وترغيبه في الإسلام([33]).

          ففي (هذه الآية دليل على أن الإسلام لا يمنع من مصاحبة الوالدين بالمعروف، مع اختلاف العقيدة، وهذه المصاحبة ليست هي الموالاة المنهي عنها؛ لأن الموالاة هي محبة القلب وإرادة النصر والمساعدة للمحبوب، إذا كان محتاجاً إلى ذلك، وهي غير حاصلة في المصاحبة بالمعروف؛ لأن المصاحبة بالمعروف لا ترقى إلى درجة الموالاة، فلو وقف القريب الكافر في الصفِّ المعادي للجماعة المسلمة، وأعلن الحرب عليها فعندئذ لا صلة ولا مصاحبة) ([34]).

          3- صحَّ عن عروة أن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: أتتني أمي راغبة، في عهد النبي r فسألت النبي r: آصلها؟ قال: “نعم” قال ابن عيينة: فأنزل الله تعالى فيها: ﵟلَّا ‌يَنۡهَىٰكُمُ ‌ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمۡ يُقَٰتِلُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِﵞ [الممتحنة: 8] ([35]).

          قدمت عليها أمها قتيلة بنت عبد العزى وهي مشركة، وقت الهدنة قبل صلح الحديبية([36]).

          وقيل في معنى قولها: “راغبة”: (أنها ‌راغبة ‌في ‌شيء تأخذه من بنتها وهي على شركها، وقيل: راغبة في الإسلام، وتعقب بأن الرغبة لو كانت في الإسلام لم يحتج إلى الاستئذان، وقيل: معناه راغبة عن ديني، وقيل: راغبة في القرب مني ومجاورتي، ووقع في رواية لأبي داود “راغمة” بالميم: أي كارهة للإسلام، ولم تقدم مهاجرة) ([37]).

          ووجه الدلالة: أن (الصلة بها في هذا الحديث أنها تكرمها إكرام الوالد لوالده إذا قدم عليه، وهذا الإكرام لا يخلو؛ بل لابد فيه من مودة) ([38]).

          وذهب بعض العلماء إلى تقرير الإحسان والبر والصلة بالوالدين دون محبة قلبية، وأن العلاقة بين الابن ووالديه علاقة ظاهرية لا دخل لها بالباطن، قال ابن حجر: (ثم ‌البر ‌والصلة والإحسان لا يستلزم التحابب والتوادد المنهي عنه في قوله تعالى: ﵟ‌لَّا ‌تَجِدُ ‌قَوۡمٗا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ يُوَآدُّونَ مَنۡ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥﵞ [المجادلة: 22]   الآية فإنها عامة في حق من قاتل ومن لم يقاتل والله أعلم) ([39]).

          وأيده الشوكاني بقوله: (فيه ‌دليل ‌على ‌جواز ‌الهدية للقريب الكافر، والآية المذكورة تدل على جواز الهدية للكافر مطلقاً من القريب وغيره ولا منافاة ما بين ذلك وما بين قوله تعالى: ﵟ‌لَّا ‌تَجِدُ ‌قَوۡمٗا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ يُوَآدُّونَ مَنۡ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥﵞ الآية، فإنها عامة في حق من قاتل ومن لم يقاتل، والآية المذكورة خاصة بمن لم يقاتل، وأيضا البر والصلة والإحسان لا تستلزم التحاب والتواد المنهي عنه ومن الأدلة القاضية بالجواز قوله تعالى: ﵟوَإِن ‌جَٰهَدَاكَ عَلَىٰٓ أَن تُشۡرِكَ بِي مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٞ فَلَا تُطِعۡهُمَاۖ وَصَاحِبۡهُمَا فِي ٱلدُّنۡيَا مَعۡرُوفٗاۖ ﵞ [لقمان: 15]  ومنها أيضا: حديث ابن عمر عند البخاري وغيره: “أن النبي r كسا عمر حلة فأرسل بها إلى أخ له من أهل مكة قبل أن يسلم”([40]))([41]).

          وفي قولهم: إن الصلة والإحسان لا تستلزم الود والمحبة أي الدينية لا الطبيعية لأن الطبيعية محبة مغروسة في النفس الإنسانية للأقارب فكيف بالوالدين الذين هم أعلى شجرة النسب وأقواها! وكيف لا يحصل ود طبيعي مع القرب منهم، وبرهم ووصلهم والإحسان إليهم!

          4-صحَّ عن أبي هريرة t عن النبي r قال: “‌يلقى ‌إبراهيم ‌أباه ‌آزر ‌يوم ‌القيامة، وعلى وجه آزر قترة وغبرة، فيقول له إبراهيم u: ألم أقل لك لا تعصني، فيقول أبوه: فاليوم لا أعصيك، فيقول إبراهيم u: يا رب إنك وعدتني أن لا تخزيني يوم يبعثون، فأي خزي أخزى من أبي الأبعد؟ فيقول الله تعالى: إني حرمت الجنة على الكافرين، ثم يقال: يا إبراهيم، ما تحت رجليك؟ فينظر، فإذا هو بذيخ متلطخ([42])، فيؤخذ بقوائمه فيلقى في النار”([43]).

          ووجه الدلالة: أن الدافع لطلب إبراهيم u الشفاعة لأبيه؛ محبة الشفقة والرحمة، كما يصحبها محبة التقدير والإجلال لوالده، فمسخ الله أباه خلاف صورته؛ ليسهل عليه التبرؤ منه يقول القسطلاني: (‌فإذا ‌رآه ‌كذلك تبرأ منه قال: لست أبي؛ الحديث. وكان قبل حملته الرأفة على الشفاعة له فظهر له في هذه الصورة المستبشعة ليتبرأ منه)([44])، وقال بعضهم: (حوَّل الله تعالى صورته إلى تلك الصورة تسليةً لإبراهيم u؛ لئلا يخزيه لو رآه قد ألقاه في النار على صورته) ([45]).

          المطلب الثالث: النصوص الواردة في إثبات محبة الشفقة والرحمة

          من الأدلة على ثبوت محبة الشفقة والرحمة التي تكون بين الأب وابنه؛ قوله تعالى: ﵟ‌وَنَادَىٰ ‌نُوحٞ رَّبَّهُۥ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ٱبۡنِي مِنۡ أَهۡلِي وَإِنَّ وَعۡدَكَ ٱلۡحَقُّ وَأَنتَ أَحۡكَمُ ٱلۡحَٰكِمِينَ ٤٥قَالَ يَٰنُوحُ إِنَّهُۥ لَيۡسَ مِنۡ أَهۡلِكَۖ إِنَّهُۥ عَمَلٌ غَيۡرُ صَٰلِحٖۖ فَلَا تَسۡـَٔلۡنِ مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌۖ إِنِّيٓ أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلۡجَٰهِلِينَﵞ [هود: 45-46] .

          في بيان في هذه الآية يقو ابن كثير: (هذا ‌سؤال ‌استعلام وكشف من نوح u، عن حال ولده الذي غرق: ﵟفَقَالَ رَبِّ إِنَّ ‌ٱبۡنِي ‌مِنۡ أَهۡلِيﵞ [هود: 45]  أي: وقد وعدتني بنجاة أهلي، ووعدك الحق الذي لا يخلف، فكيف غرق وأنت أحكم الحاكمين؟ ﵟقَالَ يَٰنُوحُ إِنَّهُۥ لَيۡسَ مِنۡ أَهۡلِكَۖﵞ [هود: 46]  أي: الذين وعدت إنجاءهم؛ لأني إنما وعدتك بنجاة من آمن من أهلك؛ ولهذا قال: ﵟ‌وَأَهۡلَكَ ‌إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيۡهِ ٱلۡقَوۡلُ ﵞ [هود: 40] فكان هذا الولد ممن سبق عليه القول بالغرق لكفره ومخالفته أباه نبي الله نوحا u)([46]).

          ووجه الاستدلال على ثبوت محبة الشفقة للكافر؛ أن نوحاً u شفع في ابنه رحمة به وشفقة عليه؛ لغريزة الأبوة والميل العاطفي الذي يلين قلب الأب على ابنه؛ وفي هذا أشار ابن الوزير رحمه الله إلى نكتة لطيفة فقال: (قال نوح u: ﵟ‌رَبِّ ‌إِنَّ ‌ٱبۡنِي مِنۡ أَهۡلِي وَإِنَّ وَعۡدَكَ ٱلۡحَقُّﵞ مع أنه الذي قال: ﵟ‌رَّبِّ ‌لَا ‌تَذَرۡ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ دَيَّارًا ﵞ [نوح: 26] فما خص ولده إلا لرحامته) ([47])، وقال ابن عطية: (ولكن نوحاً u حملته شفقة البنوة وسجية البشر على التعرض لنفحات الرحمة والتذكير) ([48]).

          وعلَّل ابن عاشور دوافع سؤاله u بطمعه في الشفاعة لابنه قبل علمه بمنعها عن الكافرين، أخذاً بأقصى دواعي الشفقة والرحمة بابنه.([49])

          ووجه السعدي سؤال نوح u بتوجيه آخر فقال: (لعله عليه الصلاة والسلام، ‌حملته ‌الشفقة، وأن الله وعده بنجاة أهله، ظن أن الوعد لعمومهم، من آمن، ومن لم يؤمن، فلذلك دعا ربه بذلك الدعاء، ومع هذا، ففوض الأمر لحكمة الله البالغة) ([50])، فرد الله عليه بقوله: ﵟقَالَ يَٰنُوحُ ‌إِنَّهُۥ ‌لَيۡسَ ‌مِنۡ أَهۡلِكَۖﵞ أي: (الذين آمنوا بك ‌وتابعوك، ‌وإن ‌كان ‌من أهلك باعتبار القرابة ثم صرح بالعلة الموجبة لخروجه من عموم الأهل المبينة له، بأن المراد بالقرابة: قرابة الدين لا قرابة النسب وحده، فقال: ﵟ‌إِنَّهُۥ ‌عَمَلٌ ‌غَيۡرُ صَٰلِحٖۖﵞ [هود: 46] ) ([51]) .

المبحث الثالث: حكم المحبة الطبيعية للكفار وضوابطها

المطلب الأول: حكم المحبة الطبيعية للكفار:

تقدم في المبحث السابق ثبوت المحبة الطبيعية للكفار بأنواعها، وفي هذا المطلب أستعرض أقوال العلماء في حكمها، فأقول:

اتفق العلماء على تحريم المحبة الطبيعية للكافر الحربي ولو كان من ذوي القرابة، بل تجب معاداته؛ لأدلة كثيرة منها؛ قوله تعالى: ﵟ‌لَّا ‌تَجِدُ قَوۡمٗا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ يُوَآدُّونَ مَنۡ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَوۡ كَانُوٓاْ ءَابَآءَهُمۡ أَوۡ أَبۡنَآءَهُمۡ أَوۡ إِخۡوَٰنَهُمۡ أَوۡ عَشِيرَتَهُمۡۚﵞ [المجادلة: 22]  يقول ابن عاشور: (ﵟوَلَوۡ كَانُوٓاْ ءَابَآءَهُمۡﵞ إلى آخره مبالغة في نهاية الأحوال التي قد يقدم فيها المرء على الترخص فيما نهي عنه بعلة قرب القرابة؛ ثم إن الذي يحاد الله ورسوله r إن كان متجاهراً بذلك معلناً به، أو متجاهراً بسوء معاملة المسلمين؛ لأجل إسلامهم لا لموجب عداوة دنيوية، فالواجب على المسلمين إظهار عداوته) ([52]).

وأباح القرعاوي محبة الكافر الطبيعية ما لم يكن محارباً فقال: (أن الحب الطبيعي للقريب الكافر الذي لم يحارب الإسلام لا يتعارض مع الإيمان) ([53]).

ومما ورد في تحريم المحبة الطبيعية للكافر الحربي قوله تعالى: ﵟ‌لَّا ‌يَنۡهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمۡ يُقَٰتِلُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَلَمۡ يُخۡرِجُوكُم مِّن دِيَٰرِكُمۡ أَن تَبَرُّوهُمۡ وَتُقۡسِطُوٓاْ إِلَيۡهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِينَ ٨ إِنَّمَا يَنۡهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ قَٰتَلُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَأَخۡرَجُوكُم مِّن دِيَٰرِكُمۡ وَظَٰهَرُواْ عَلَىٰٓ إِخۡرَاجِكُمۡ أَن تَوَلَّوۡهُمۡۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمۡ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَﵞ [الممتحنة: 8-9].

ووجه الدلالة على التحريم: أن الصلات مع المحاربين مقطوعة كالبر والإحسان والزواج ولو كانوا قرابة، بل في حربهم وإيذائهم للمسلمين إيجابٌ لقتالهم، وهذا دليلٌ على انقطاع جميع أنواع المحبة عنهم بما فيها الطبيعية([54]).   

ومن الأدلة على تحريمها أيضاً: ما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما: “أن ‌أعمى ‌كانت ‌له ‌أُمُّ ‌ولدٍ ‌تَشتُمُ النبيَّ r وتقعُ فيه فينهاها، فلا تنتهي، ويزجُرُها فلا تنزجِرُ، قال: فلما كانت ذات ليلة، جعلت تقع في النبي r وتشتمه، فأخذ المغول فوضعه في بطنها، واتكأ عليها فقتلها، فوقع بينَ رجلَيها طفلٌ، فلطخت ما هُناك بالدَّم، فلما أصبح ذُكِرَ ذلك لرسولِ الله r، فجمع الناس، فقال: “أَنشُدُ الله رجلاً فعلَ ما فعل لي عليه حقٌ إلا قام” فقام الأعمى يتخطَّى الناسَ وهو يتزلزلُ حتى قعدَ بين يدَي النبيَّ r فقال: يا رسول الله، أنا صاحبُها، كانت تشتُمُكَ وتقعُ فيك، فأنهاها فلا تنتهي، وأزجُرُها، فلا تنزجِرُ، ولي منها ابنانِ مثلُ اللؤلؤتَين، وكانت بي رفيقةً، فلما كان البارحةَ جعلت تشتُمُكَ وتقعُ فيك، فأخذتُ المِغْوَلَ فوضعتُه في بطنها، واتكأتُ عليها حتى قتلتُها، فقال النبيَّ r: “ألا اشهدوا أن دمَها هَدَرٌ”([55]).

وفيه إشارة إلى أن المودة لابد أن تقطع ولو كانت بين الزوجين إذا كان أحدهما محارباً لدين الله، فقتلُ الجارية دليل على انتفاء المحبة الطبيعية والدينية، وبإقرار النبي r له وجب بغض المحارب وقطع جميع أنواع المودة عنه([56]).

ثم اختلفوا في حكم المحبة الطبيعية للكافر المُسالم على قولين:

القول الأول: التَّحريم:

نُقِل عن بعض العلماء تحريم المحبة الطبيعة في حق الكافر([57])، وقالوا: بامتناع الجمع بين العداوة والمحبة، وممن وقفت على نقولهم:

أ-ابن حزم حيث قال -في معرض رده بمن استدل على محبة النبي r لعمّه على أن محبة النبي r ليست فضلاً؛ لأنه أحب عمَّه الكافر-: (‌مُرَاد ‌الله ‌تَعَالَى ﵟإِنَّكَ ‌لَا ‌تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ ﵞ [القصص: 56] أَي أَحببت هداه برهَان ذَلِك قَوْله تَعَالَى: ﵟوَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۚﵞ [القصص: 56]  أَي من يَشَاء هداه وَفرض على النَّبِي r وعلينا أَن نحب الهدى لكل كَافِر لَا أَن نحب الكافر وأيضًا فَلَو صحَّ أَن معنى الآية من أَحبَبت … لما كَانَ علينا بذلك حجَّة لِأَن هَذِه آيَة مَكِّيَّة نزلت فِي أبي طَالب ثمَّ أنزل الله تَعَالَى فِي الْمَدِينَة ﵟ‌لَّا ‌تَجِدُ قَوۡمٗا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ يُوَآدُّونَ مَنۡ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَوۡ كَانُوٓاْ ءَابَآءَهُمۡ أَوۡ أَبۡنَآءَهُمۡ أَوۡ إِخۡوَٰنَهُمۡ أَوۡ عَشِيرَتَهُمۡۚﵞ ، وَأنزل الله تَعَالَى فِي الْمَدِينَة ﵟقَدۡ كَانَتۡ لَكُمۡ ‌أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ فِيٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥٓ إِذۡ قَالُواْ لِقَوۡمِهِمۡ إِنَّا بُرَءَٰٓؤُاْ مِنكُمۡ وَمِمَّا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ كَفَرۡنَا بِكُمۡ وَبَدَا بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمُ ٱلۡعَدَٰوَةُ وَٱلۡبَغۡضَآءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ وَحۡدَهُۥٓﵞ [الممتحنة: 4]  وَإِن كَانَ رَسُول الله r أحب أَبَا طَالب فقد حرم الله تعالى عَليه بعد ذَلِك وَنَهاه عَن محبته وافترض عليه عداوته وبالضرورة يدري كل ذي حس سليم أن العداوة والمحبة لا يَجتمعانِ أصلاً والمودة هِي المحبَّة فِي اللُّغَة الَّتِي بهَا نزل القُرآن بلا خلاف من أحد من أهل اللُّغة فقد بطل أَن يحب النَّبِي r أحداً غير مُؤمن) ([58]).

فدلَّ كلامه على إنكار حب الكافر حبّاً طبيعياً، من وجهين:

الأول: أنكر محبة النبي r لعمِّه، ووجَّه الآية بمحبة الهداية له، أو أنه أحبَّه ثم حرّم الله عليه محبته بعد ذلك.

الثاني: إنكاره اجتماع العداوة مع المحبة في قلب المسلم.

وقال أيضاً: (‌وليس ‌الإحسان ‌والبر ‌والتوقير والتذلل المفترض في الأبوين الكافرين من التعظيم في شيء فقد يحسن المرء إلى من لا يعظم ولا يهبن كإحسان المرء إلى جاره، وغلامه وأجيره، ولا يكون ذلك تعظيماً، وقد يبرّ الإنسان جاره والشيخ من أسرته ولا يسمى ذلك تعظيماً، وقد يوفر الإنسان من يخاف ضرَّه، ولا يسمى ذلك تعظيماً، وقد يتذلَّل المرء للمتسلِّط الظالم ولا يسمى ذلك تعظيماً، وفرض على كل مسلم البراءة من أبويه الكافرين وعداوتهما في الله عز وجل. قال الله عز وجل: ﵟ‌لَّا ‌تَجِدُ ‌قَوۡمٗا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ يُوَآدُّونَ مَنۡ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَوۡ كَانُوٓاْ ءَابَآءَهُمۡ أَوۡ أَبۡنَآءَهُمۡ أَوۡ إِخۡوَٰنَهُمۡ أَوۡ عَشِيرَتَهُمۡۚﵞ [المجادلة: 22]  وقال عز وجل: ﵟقَدۡ كَانَتۡ لَكُمۡ ‌أُسۡوَةٌ ‌حَسَنَةٞ فِيٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥٓ إِذۡ قَالُواْ لِقَوۡمِهِمۡ إِنَّا بُرَءَٰٓؤُاْ مِنكُمۡ وَمِمَّا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ كَفَرۡنَا بِكُمۡ وَبَدَا بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمُ ٱلۡعَدَٰوَةُ وَٱلۡبَغۡضَآءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ وَحۡدَهُۥٓﵞ [الممتحنة: 4]   وقال عز وجل ﵟوَمَا كَانَ ‌ٱسۡتِغۡفَارُ إِبۡرَٰهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَن مَّوۡعِدَةٖ وَعَدَهَآ إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُۥٓ أَنَّهُۥ عَدُوّٞ لِّلَّهِ تَبَرَّأَ مِنۡهُۚ إِنَّ إِبۡرَٰهِيمَ لَأَوَّٰهٌ حَلِيمٞ ﵞ [التوبة: 114]   فقد صحَّ بيقين أن ما وجب للأبوين الكافرين من بر وإحسان وتذلل ليس هو التعظيم الواجب لمن فضَّله الله عز وجل؛ لأن التعظيم الواجب لمن فضَّله الله عز وجل هو مودة في الله ومحبة فيه وولاية له، وأما البر الواجب للأبوين الكافرين والتذلل لهما والإحسان إليهما فكل ذلك مرتبط بالعداوة لله تعالى وللبراءة منه وإسقاط المودة كما قاله تعالى في نص القرآن)([59]).

وهذا تأكيد منه في بيان الفرق بين الإحسان والبر والصلة وبين المحبة والتعظيم، وأن الواجب على العبد تجاه والديه صلتهم وبرهم ولا يلزم منه ذلك مودتهم بل كل ذلك مرتبط بعداوتهم في الله.

ب-ومال الشيخ الشنقيطي إلى مثل  ذلك، فقال في قوله تعالى: ﵟيَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُوٓاْ ءَابَآءَكُمۡ وَإِخۡوَٰنَكُمۡ أَوۡلِيَآءَ إِنِ ‌ٱسۡتَحَبُّواْ ٱلۡكُفۡرَ عَلَى ٱلۡإِيمَٰنِۚﵞ [التوبة: 23] ما نصه: (‌نهى ‌الله ‌تعالى ‌في ‌هذه ‌الآية ‌الكريمة ‌عن ‌موالاة الكفار، ولو كانوا أقرباء، وصرَّح في موضع آخر بأن الاتصاف بوصف الإيمان مانع من موادة الكفار ولو كانوا قرباء، وهو قوله: ﵟ‌لَّا ‌تَجِدُ ‌قَوۡمٗا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ يُوَآدُّونَ مَنۡ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَوۡ كَانُوٓاْ ءَابَآءَهُمۡ أَوۡ أَبۡنَآءَهُمۡ أَوۡ إِخۡوَٰنَهُمۡ أَوۡ عَشِيرَتَهُمۡۚﵞ [المجادلة: 22]  الآية) ([60]).

ويؤكد ذلك أيضا تفسيره لما ورد في محبة النبي r لعمه حيث قال: (ذكر جلّ وعلا في هذه الآية الكريمة: ‌أن ‌نبيه r ‌لا ‌يهدي ‌من ‌أحب هدايته، ولكنه جلَّ وعلا هو الذي يهدي من يشاء هداه، وهو أعلم بالمهتدين.

وهذا المعنى الذي دلت عليه هذه الآية جاء موضحًا في آيات كثيرة، كقوله تعالى: ﵟإِن ‌تَحۡرِصۡ عَلَىٰ هُدَىٰهُمۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي مَن يُضِلُّۖ ﵞ [النحل: 37] …) ([61])، فاقتصر الشيخ في تفسيره للمحبة في قوله تعالى: ﵟإِنَّكَ ‌لَا ‌تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ ﵞ [القصص: 56]   بمحبة الهداية لعمه لا لمحبة عمه أبا طالب المحبة الطبيعية التي نص ابن جرير على ذكرها كأحد التوجيهات.

كما ذكر أن البر والإحسان والصلة في قوله: ﵟ‌لَّا ‌يَنۡهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمۡ يُقَٰتِلُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَلَمۡ يُخۡرِجُوكُم مِّن دِيَٰرِكُمۡ أَن تَبَرُّوهُمۡ وَتُقۡسِطُوٓاْ إِلَيۡهِمۡۚ ﵞ لا يُمنع منها الكافر المسالم بشرط سلامة الصدر من الميل القلبي. ([62])

ج-وتابعهم الشيخ صالح الفوزان معدّداً أنواع المحبة: (محبة إجلال، كمحبة الولد لوالده غير المشرك والكافر) ([63])، ويقول في موضع آخر: (من كف أذاه من الكفار، فلم يقاتل المسلمين، ولم يخرجهم من ديارهم؛ فإن المسلمين يقابلون ذلك بمكافأته بالإحسان والعدل معه في التعامل الدنيوي ولا يحبونه بقلوبهم؛ لأن الله قال: ‌ﵟأَن ‌تَبَرُّوهُمۡ وَتُقۡسِطُوٓاْ إِلَيۡهِمۡۚﵞ [الممتحنة: 8]  ولم ‌يقل: ‌توالونهم وتحبونهم.

ونظير هذا قوله تعالى في الوالدين: ﵟوَإِن ‌جَٰهَدَاكَ عَلَىٰٓ أَن تُشۡرِكَ بِي مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٞ فَلَا تُطِعۡهُمَاۖ وَصَاحِبۡهُمَا فِي ٱلدُّنۡيَا مَعۡرُوفٗاۖ ﵞ 

وقد جاءت أم أسماء إليها تطلب صلتها وهي كافرة؛ فاستأذنت أسماء رسول الله r في ذلك، فقال لها: “صلي أمك”؛ وقد قال الله تعالى: ﵟ‌لَّا ‌تَجِدُ قَوۡمٗا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ يُوَآدُّونَ مَنۡ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَوۡ كَانُوٓاْ ءَابَآءَهُمۡ أَوۡ أَبۡنَآءَهُمۡﵞ .

فالصلة والمكافأة الدنيوية شيء، والمودة شيء آخر، لأن في الصلة وحسن المعاملة ترغيباً للكافر في الإسلام؛ فهما من وسائل الدعوة؛ بخلاف المودة والموالاة، فهما يدلان على إقرار الكافر على ما هو عليه، والرضى عنه، وذلك يسبب عدم دعوته إلى الإسلام)([64]).

وقال أيضاً: (الوالد له حق وإن كان كافراً، لكن لا تحبه المحبة القلبية، بل تكافئه على تربيته) ([65])، ولكنه استثنى من ذلك مودة الزوجة الكتابية فعدها مودة طبيعية جائزة لا دينية([66]).

القول الثاني: الإباحة:

ذهب بعض أهل العلم إلى إباحتها في حق الكافر المسالم، ومنهم:

أ-ابن جرير حيث قال في تفسير قوله تعالى: ﵟإِنَّكَ ‌لَا ‌تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ ﵞ : (ولو قيل: معناه: إنك لا تهدي من أحببته لقرابته منك، ولكن الله يهدي من يشاء، كان مذهباً) ([67]).

ب-وكذا ابن الوزير بعد أن ذكر إجماع الصحابة على جواز نكاح الكتابية قال: (‌مع ‌أنه ‌لا ‌يكون بين أحدٍ من المحبة والأُنس ما بين الزوجين، فالذي بينهما في ذلك واقعٌ في أرفع مراتب المحبة، فهذا في محبة الزوجة من غير ضرورة إلى نكاح الفاسقة والكتابية، ومن غير اعتبار خصلة خير، فكيف بما وقع من ذلك مع الضرورة، أو كان لخصلة خير؟)([68]).

ج- وذكر ابن عاشور -في سياق تعداده لأحوال موالاة الكفار-: (‌أن ‌يتخذ ‌واحد من المسلمين واحداً من الكافرين بعينه وليا له، في حسن المعاشرة أو لقرابة، لكمال فيه أو نحو ذلك، من غير أن يكون في ذلك إضرار بالمسلمين، وذلك غير ممنوع، فقد قال تعالى في الأبوين: ﵟوَإِن ‌جَٰهَدَاكَ عَلَىٰٓ أَن تُشۡرِكَ بِي مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٞ فَلَا تُطِعۡهُمَاۖ وَصَاحِبۡهُمَا فِي ٱلدُّنۡيَا مَعۡرُوفٗاۖﵞ ) ([69]).

د-وعلَّق محمد رشيد رضا على آية المحنة بجواز الحب الطبيعي للقريب الكافر فقال: (لم ينههم عن حب آبائهم المشركين، بل حذرهم أن يكون أحب إليهم من الله ورسوله وجهاد في سبيله؛ لأن هذا لا يجتمع مع الإيمان الصحيح) ([70]).

ه-ويؤيده محمد مخلوف فيقول: (المنهي عنه شرعاً من الموالاة: ‌الميل ‌القلبي ‌والانعطاف النفسي الذي يدخل تحت طاقة التكاليف دون الميل الطبيعي الذي تقتضيه وسائله الضرورية ولا صلة له أصلاً بالدين والعقيدة. ومن ذلك ميل الزوج المسلم إلى زوجته غير المسلمة فهو معفو عنه) ([71]).

و-استدل القرعاوي بقوله: ﵟإِنَّكَ ‌لَا ‌تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ ﵞ على جواز المحبة الطبيعية للقرابة إن كانوا من أهل الكفر؛ فقال: (أن الحب الطبيعي للقريب الكافر الذي لم يحارب الإسلام لا يتعارض مع الإيمان)([72]).

ل- وللشيخ الفوزان قولٌ آخر في قوله: ﵟإِنَّكَ ‌لَا ‌تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ ﵞ : (‌من ‌أقاربك ‌وعمك، والمراد بالمحبة هنا: المحبة الطبيعية، ليست المحبة الدينيّة، فالمحبة الدينيّة لا تجوز للمشرك، ولو كان أقرب الناس… فالمودة الدينيّة لا تجوز، أما الحب الطبيعي فهذا لا يدخل في الأمور الدينيّة) ([73])، ففرق هنا بين المحبة الطبيعية للكافر والمحبة الدينية.

م-وقرر صالح آل الشيخ هذا النوع من المحبة وحدَّه بقوله: (أن يكون في مقابلة نعمة أو في مقابلة قرابة فإن نوع المودة الحاصلة أو الإحسان أو نحو ذلك في غير المحاربين هذا فيه رخصة)([74]).

الترجيح:

والذي يظهر من خلال ما تقدم عند عرض الأدلة التي تثبت وجود المحبة الطبيعية ما يدل على جوازها؛ وهي كما يلي([75]):

أولاً: أن المحبة الطبيعية للكافر المسالم لا تؤثر في كمال الإيمان، كما أنها لا تناف النبوة؛ بدليل محبة النبي r لعمه الكافر، وحرصه عليه، حتى أنزل الله فيه: ﵟإِنَّكَ ‌لَا ‌تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ ﵞ ولم يعاتبه في محبته، بله شفع له في تخفيف العذاب عنه، كما لم تؤثر محبة نوح u لابنه الكافر وشفقته عليه في نبوته، بل إن إبراهيم u؛ لم يتبرأ من أبيه آزر إلا بعد ثبوت عداوته وحربه للدين، والبراءة تدل على العداوة وهذا فيه إثبات لمحبته لأبيه قبل ذلك، وأنه يوم القيامة حين تظهر عليه آثار الرحمة والشفقة ينزعها الله منه بمسخ أبيه ذيخاً – كما سبق-.

ثانياً: أن الشرع أباح الزواج من الكتابية وهي كافرة ولا شك أن الزواج فيه أقوى روابط الود والمحبة والميل النفسي، فمن الحرج بمكان أن يباح للمسلم الزواج من الكتابية ثم يحرَّم عليه الميل الغريزي! والله يقول: ﵟ‌وَمَا ‌جَعَلَ ‌عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلدِّينِ مِنۡ حَرَجٖۚ ﵞ [الحج: 78]  فكيف للشرع أن يأذن في إباحة نكاحها ثم يحرم مودتها، وقد أصَّلت الشريعة قاعدة سد الذرائع، فلئن كانت المحبة الطبيعية للكفار محرَّمة فنكاح الكتابية محرم ولابد؛ سداً لذريعة المودة.

ثالثاً: استدلال (‌ضمني ‌بأنَّ ‌الله ‌نهى عن الإحسان إلى المحاربين وأَذِنَ بالصلة والإحسان لمن لم يحارب من الكفار فقال ﵟ‌لَّا ‌يَنۡهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمۡ يُقَٰتِلُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَلَمۡ يُخۡرِجُوكُم مِّن دِيَٰرِكُمۡ أَن تَبَرُّوهُمۡ وَتُقۡسِطُوٓاْ إِلَيۡهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِينَ ٨ إِنَّمَا يَنۡهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ قَٰتَلُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَأَخۡرَجُوكُم مِّن دِيَٰرِكُمۡ وَظَٰهَرُواْ عَلَىٰٓ إِخۡرَاجِكُمۡ أَن تَوَلَّوۡهُمۡۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمۡ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ ﵞ، وقوله هنا ﵟأَن تَوَلَّوۡهُمۡۚ ﵞ في وصف المحاربين يدل على أنَّ غير المحاربين له نوع موالاة جائزة بالإحسان والمودة الجزئية ونحو ذلك، وهذا واضح بالمقابلة) ([76])، كما أن في القسط والبر والإحسان قدر من المودة.

رابعاً: إذا جازت الكراهة الطبيعية في حق المسلم كما كره النبي r وحشياً بعد إسلامه (‌ألا ‌ترى ‌أنّ ‌رسول ‌الله r كره النّظر إلى وحشي قاتل حمزة… وهذه كراهية طبيعية لأنّه – u- ، لم يكره النّظر إلى من تاب من الشّرك، مع أنّه أعظم الذّنوب) ([77])، وكما كرهت حبيبة بنت سهل زوجها ثابت بن قيس بن شماس t، فصحَّ عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: ‌جاءت ‌امرأة ‌ثابت ‌بن ‌قيس إلى رسول الله r فقالت: يا رسول الله، إني لا أعتب على ثابت في دين ولا خلق، ولكني لا أطيقه، فقال رسول الله r: “فتردين عليه حديقته”. قالت: نعم. ([78])

خامساً: أن الشارع أمر ببر الوالدين الكافرين وصلتهم، والإحسان إليهم، ومصاحبتهم بالمعروف، ولاشك أن في هذه الأوامر قدر من المودة الدنيوية المقيدة بسببها.

ولكن هذه المحبة جوازها مضبوط بضوابط يبينها المطلب التالي.

المطلب الثاني: ضوابط المحبة الطبيعية للكفار.

من خلال استقراء كلام العلماء الذين أباحوا المحبة الطبيعية للكافر، نجد أن هذه المحبة مضبوطة بضوابط، وليست على إطلاقها، ويمكن حصرها فيما يلي:

الضابط الأول: أن المحبة الطبيعية للكافر ليست مطلقة وإنما مقيدة بأسبابها: كحب القرابة من الزوجة، والوالد والولد ونحوهم، وحب المحسن منهم لإحسانه ونفعه، ومحبة الشفقة والرحمة بالضعفاء والمرضى ومن أمثلة ذلك: حب النبي r لأبي طالب، وحب إبراهيم u لأبيه، وحب الزوج المسلم لزوجته الكتابية ونحوها، وفي هذا المعنى يقول محمد مخلوف: (‌إن ‌كان ‌الميل ‌القلبي إلى غير المسلم وموادته لا من حيث دينه وعقيدته، بل لقرابة أو مودة حادثة لأسباب اقتضتها ميلاً طبيعياً خارجًا عن حد القصد والاختيار كميل الصائم في اليوم القائظ إلى جرعة من الماء البارد، وكالميل إلى الصور الجميلة والأشكال الرائعة، فذلك معفو عنه لخروجه عن حد القصد والاختيار، والمنهي عنه شرعاً من الموالاة: الميل القلبي والانعطاف النفسي الذي يدخل تحت طاقة التكاليف دون الميل الطبيعي الذي تقتضيه وسائله الضرورية ولا صلة له أصلاً بالدين والعقيدة. ومن ذلك ميل الزوج المسلم إلى زوجته غير المسلمة فهو معفو عنه) ([79]).

الضابط الثاني: أن المحبة الطبيعية إن كانت مانعة من محبة الله، وتقفل الطريق الموصل إليه تعالى وتعارض محبة دينه فإن الإيمان يقتضي تركها؛ لذا بيَّن الإمام القرطبي فساد إيمان العبد بموالاة الكفار، وإن كانوا أقارب كما في أول سورة الممتحنة([80])، وقصده إذا كان في ذلك إعانة لهم ضد المسلمين كما حصل من حاطب بن أبي بلتعة t، ولهذا إن قادت محبتهم إلى مخالفة الله وشرعه فهذا ذنب منقص للإيمان؛ كما قال شيخ الإسلام: (وقد ‌تحصل ‌للرجل ‌موادّتهم ‌لرحمٍ أو حاجةٍ فتكون ذنباً ينقص به إيمانه، ولا يكون به كافراً، كما حصل من حاطب بن أبي بلتعة t، لما كاتب المشركين ببعض أخبار النبي r وأنزل الله فيه: ﵟيَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِيَآءَ ‌تُلۡقُونَ إِلَيۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ ﵞ [الممتحنة: 1]  وكما حصل لسعد بن عبادة لما انتصر لابن أبي في قصة الإفك ([81]))([82]).

ويقول القاسمي: ( أشار تعالى إلى أن ‌مقتضى ‌الإيمان ‌ترك الميل الطبيعي إذا كان مانعا من محبة الله، ومحبة واسطة الوصول إليه، ومحبة ما يعلي دينه بقوله: ﵟقُلۡ ‌إِن ‌كَانَ ءَابَآؤُكُمۡ وَأَبۡنَآؤُكُمۡ وَإِخۡوَٰنُكُمۡ وَأَزۡوَٰجُكُمۡ وَعَشِيرَتُكُمۡ وَأَمۡوَٰلٌ ٱقۡتَرَفۡتُمُوهَا وَتِجَٰرَةٞ تَخۡشَوۡنَ كَسَادَهَا وَمَسَٰكِنُ تَرۡضَوۡنَهَآ أَحَبَّ إِلَيۡكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَجِهَادٖ فِي سَبِيلِهِۦ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّىٰ يَأۡتِيَ ٱللَّهُ بِأَمۡرِهِۦۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ ﵞ [التوبة: 24] أي أقاربكم الأدنون، أو قبيلتكم. قال أهل اللغة: عشيرة الرجل بنو أبيه الأدنون، أو قبيلته…)([83]). لهذا لما كانت علامة محبة الله تقديم مراده وطاعته على ما تحبه النفس وتهواه كان ذلك الضابط معتبراً في المحبة الطبيعية؛ فمتى أفضت إلى مخالفة الله في أوامره ونواهيه كانت محرّمة شرعاً. فآية المحنة دلت على: ( ‌وجوب ‌محبة ‌الله ‌ورسوله، ‌وعلى تقديمها على محبة كل شيء، وعلى الوعيد الشديد والمقت الأكيد، على من كان شيء من هذه المذكورات أحب إليه من الله ورسوله، وجهاد في سبيله، وعلامة ذلك، أنه إذا عرض عليه أمران، أحدهما يحبه الله ورسوله، وليس لنفسه فيه هوى، والآخر تحبه نفسه وتشتهيه، ولكنه يُفَوِّتُ عليه محبوبًا لله ورسوله، أو ينقصه، فإنه إن قدم ما تهواه نفسه، على ما يحبه الله، دل ذلك على أنه ظالم، تارك لما يجب عليه.)([84])

وفي هذه الآية يقول رشيد رضا: (لم ينههم عن حب آبائهم المشركين، بل حذرهم أن يكونوا أحب إليهم من الله ورسوله وجهاد في سبيله؛ لأن هذا لا يجتمع مع الإيمان الصحيح) ([85]).

ويقرر هذا الضابط الشيخ محمد حسنين مخلوف بقوله: (يجب أن لا يبلغ هذا ‌الميل ‌القلبي ‌مبلغ ‌الإيثار، لأنه قد يدفع إلى استحسان طريقته، والرضا بديانته وعقيدته وذلك كفر بواح. قال تعالى: ﵟوَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ فَلَيۡسَ مِنَ ٱللَّهِ فِي شَيۡءٍ إِلَّآ أَن تَتَّقُواْ مِنۡهُمۡ ‌تُقَىٰةٗۗ ﵞ [آل عمران: 28]  والتوسع في الميل إلى هذا الحد لا شك أنه يجر إلى بلاء عظيم. وكذلك يجب أن لا يفضي الميل إلى تملق وتَزلفٍ وانقياد وخضوع قولاً أو عملاً، لأن في ذلك ذلة وهوانا لا يليقان ممن أعزه اللَّه بالإسلام)([86]).

كما جاء تقرير هذا الضابط أيضاً في نصوص الوصاية ببر الوالدين المشركين؛ فقد بيّنت الآيات أن لا تتعدى هذه المحبة حدود الفطرة إلى مخالفة الله تعالى في أوامره ونواهيه، فلا تجوز طاعتهما في معصية الله، لقول النبي r: “لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق”([87]).([88])

الضابط الثالث: أن المحبة الطبيعية للكافر لا تضاد الكراهية الدينية، بل يجتمعان في العبد إن كان هناك موجبات للمحبة الطبيعية؛ واستدل بعض أهل العلم على ذلك بما ثبت في صحيح البخاري: عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن عبد الله بن أبي لما توفي، جاء ابنه إلى النبي r فقال: يا رسول الله، ‌أعطني ‌قميصك ‌أكفنه فيه، وصل عليه، واستغفر له. فأعطاه النبي r قميصه، فقال: “آذني أصلي عليه”. فآذنه، فلما أراد أن يصلي عليه جذبه عمر t، فقال: أليس الله نهاك أن تصلي على المنافقين؟ فقال: “أنا بين خيرتين، قال: ﵟ‌ٱسۡتَغۡفِرۡ ‌لَهُمۡ أَوۡ لَا تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ إِن تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ سَبۡعِينَ مَرَّةٗ فَلَن يَغۡفِرَ ٱللَّهُ لَهُمۡۚﵞ [التوبة: 80]  فصلى عليه، فنزلت: ﵟوَلَا تُصَلِّ عَلَىٰٓ أَحَدٖ مِّنۡهُم ‌مَّاتَ ‌أَبَدٗا وَلَا تَقُمۡ عَلَىٰ قَبۡرِهِۦٓۖﵞ [التوبة: 84] ([89])، قالوا: بأن فعل ابنه كان من قبيل المحبة الجبلية الفطرية التي تكون عادة بين الابن وأبيه، وإلا فهو منافق عادى المسلمين وآذاهم، فلو كانت مودته تخالف الحكم الشرعي في تحريم محبة الكفار والمنافقين فهل كان يجرؤ على هذا الطلب من النبي r؟!([90])

وقرّر الشيخ البراك هذا الأصل أحسن تقرير فقال: (ولا تلازم بين المحبتين بمعنى: أن المحبة الطبيعية قد تكون مع بغض ديني؛ كمحبة الوالدين المشركين فإنه يجب بغضهما في الله، ولا ينافي ذلك محبتهما بمقتضى الطبيعة، فإن الإنسان مجبول على حب والديه، وقريبة، كما كان النبي r يحب عمه لقرابته مع كفره قال الله تعالى: ﵟإِنَّكَ ‌لَا ‌تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۚﵞ [القصص: 56] . ومن هذا الجنس محبة الزوجة الكتابية فإنه يجب بغضها لكفرها بغضا دينياً، ولا يمنع ذلك من محبتها المحبة التي تكون بين الرجل وزوجه، فتكون محبوبة من وجه، ومبغوضة من وجه، وهذا كثير، فقد تجتمع الكراهة الطبيعية مع المحبة الدينية كما في الجهاد فإنه مكروه بمقتضى الطبع، ومحبوب لأمر الله به، ولما يفضي إليه من العواقب الحميدة في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى:  ﵟ‌كُتِبَ ‌عَلَيۡكُمُ ٱلۡقِتَالُ وَهُوَ كُرۡهٞ لَّكُمۡۖ وَعَسَىٰٓ أَن تَكۡرَهُواْ شَيۡـٔٗا وَهُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡۖﵞ [البقرة: 216]  ومن هذا النوع محبة المسلم لأخيه المسلم الذي ظلمه فإنه يحبه في الله، ويبغضه لظلمه له؛ بل قد تجتمع المحبة الطبيعية، والكراهة الطبيعية كما في الدواء المر: يكرهه المريض لمرارته، ويتناوله لما يرجو فيه من منفعة، وكذلك تجتمع المحبة الدينية مع البغض الديني كما في المسلم الفاسق فإنه يحب لما معه من الإيمان، ويبغض لما فيه من المعصية، والعاقل من حكّم في حبه، وبغضه الشرع، والعقل المتجرد عن الهوى) ([91]).

          الضابط الرابع: المحبة الطبيعية جبلية فطرية لا يترتب عليها ثواب أو عقاب، إلا أنها قد تؤثر فتنفع أو تضر صاحبها، ونفعها يحصل إن كانت سبباً في حصول الطاعة، وترك المعصية، كما أن ضررها يتحقق بخلاف ذلك؛ وفي هذا يقول ابن القيم: (محبة ‌ما ‌زينه ‌الله ‌للنفوس من النساء، والبنين، والذهب، والفضة، والخيل المسومة، والأنعام والحرث، فيحبها محبة شهوة كمحبة الجائع للطعام، والظمآن للماء، فهذه المحبة ثلاثة أنواع: فإن أحبها لله توصلا بها إليه واستعانة على مرضاته وطاعته أثيب عليها، وكانت من قسم الحب لله توصلاً بها إليه، ويلتذ بالتمتع بها، وهذا حاله أكمل الخلق الذي حبب إليه من الدنيا النساء والطيب([92]) وكانت محبته لهما عوناً له على محبة الله، وتبليغ رسالته، والقيام بأمره وإن أحبها لموافقة طبعه وهواه وإرادته ولم يؤثرها على ما يحبه الله ويرضاه بل نالها بحكم الميل الطبيعي كانت من قسم المباحات، ولم يعاقب على ذلك، ولكن ينقص من كمال محبته لله والمحبة فيه، وإن كانت هي مقصوده ومراده وسعيه في تحصيلها والظفر بها وقدمها على ما يحبه الله ويرضاه منه كان ظالماً لنفسه متبعاً لهواه)([93]).

          ولهذا فإن محبة الزوجة الكافرة؛ لتحقيق مصلحة الستر والعفة، والبعد عن الحرام، ومحبة الوالدين الكافرين وبرّهم والإحسان إليهم بالمعروف مطلوب شرعاً، ومحبة الشفقة والرحمة للأولاد؛ رغبة في إصلاحهم وهدايتهم للإسلام، إن نوى بذلك التقرب لله، كان فعله عبادة يؤجر عليها؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، كما أن الوسائل لها حكم المقاصد.

          الضابط الخامس: أن المحبة الطبيعية لا تُصرف للكافر الحربي، فهي خاصة بالكافر المسالم؛ لأن ذلك يفضي إلى إلحاق الضرر بالمسلمين؛ لذا فإن الله نهى الصحابة y عن مودة قرابتهم من كفار قريش في وقت الحرب قال تعالى: ﵟ‌لَّا ‌تَجِدُ قَوۡمٗا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ يُوَآدُّونَ مَنۡ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَوۡ كَانُوٓاْ ءَابَآءَهُمۡ أَوۡ أَبۡنَآءَهُمۡ أَوۡ إِخۡوَٰنَهُمۡ أَوۡ عَشِيرَتَهُمۡۚ ﵞ [المجادلة: 22] 

          وفي هذا المعنى يقول ابن عاشور: (الركون ‌إلى ‌طوائف الكفر ومظاهرتهم لأجل قرابة ومحبة دون الميل إلى دينهم، في وقت يكون فيه الكفار متجاهرين بعداوة المسلمين، والاستهزاء بهم، وإذا هم كما كان معظم أحوال الكفار، عند ظهور الإسلام مع عدم الانقطاع عن مودة المسلمين، وهذه حالة لا توجب كفر صاحبها، إلا أن ارتكبها إثم عظيم، لأن صاحبها يوشك أن يواليهم على مضرة الإسلام، على أنه من الواجب إظهار الحمية للإسلام، والغيرة عليه)([94]).

المبحث الرابع: شبهات حول المحبة الطبيعية للكفار

          من الناس من اشتبهت عليه النصوص الواردة في المحبة الطبيعية للكفار؛ فأنزلها على محبة الكفار غير الحربيين بشكل عام، وخصص النصوص الدالة على وجوب البراءة والعداوة بالكفار الحربيين، ومما وقفت عليه في ذلك شبهتين:

          الشبهة الأولى: استدلالهم بمحبة النبي r لعمه كما في قوله تعالى: ﵟإِنَّكَ ‌لَا ‌تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۚﵞ [القصص: 56] ، على أن الكافر ليس بعدو للإسلام والمسلمين ما لم يعادِهما([95]).

          الرد عليها:

          أولاً: نصَّ الشرع على وجوب عداوة وبغض الكفار مسالمين أو حربيين، أقرباء أو غرباء بغضاً دينياً؛ يقول تعالى: ﵟيَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ‌لَا ‌تَتَّخِذُواْ ٱلۡيَهُودَ وَٱلنَّصَٰرَىٰٓ أَوۡلِيَآءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّٰلِمِينَﵞ [المائدة: 51]  ، ويقول: ﵟيَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ‌لَا ‌تَتَّخِذُواْ ‌ٱلۡكَٰفِرِينَ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۚ أَتُرِيدُونَ أَن تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ عَلَيۡكُمۡ سُلۡطَٰنٗا مُّبِينًاﵞ [النساء: 144]  ، وقال تعالى: ﵟيَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ‌لَا ‌تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِيَآءَ تُلۡقُونَ إِلَيۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِﵞ [الممتحنة: 1] ، ويقول عز وجل: ﵟيَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ‌لَا ‌تَتَّخِذُوٓاْ ءَابَآءَكُمۡ وَإِخۡوَٰنَكُمۡ أَوۡلِيَآءَ إِنِ ٱسۡتَحَبُّواْ ٱلۡكُفۡرَ عَلَى ٱلۡإِيمَٰنِۚﵞ [التوبة: 23] ، وأمرنا تعالى بالاقتداء بخليله u فقال تعالى: ﵟ‌قَدۡ ‌كَانَتۡ ‌لَكُمۡ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ فِيٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥٓ إِذۡ قَالُواْ لِقَوۡمِهِمۡ إِنَّا بُرَءَٰٓؤُاْ مِنكُمۡ وَمِمَّا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ كَفَرۡنَا بِكُمۡ وَبَدَا بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمُ ٱلۡعَدَٰوَةُ وَٱلۡبَغۡضَآءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ وَحۡدَهُۥٓﵞ [الممتحنة: 4] ، وغيرها كثير، فدلت الآيات على أمرين:

أ-تكرار النهي عن موالاة الكافرين ومحبتهم، في هذه الآيات وغيرها و(تكرارها في هذا المعنى، وجريُها على نسق واحد مؤكد للتحريم، ورافع لتطرِّق الاحتمال إليه، فإن القاعدة الأصولية: المعنى الواحد إذا نص عليه وأُكِّد بالتكرار، فقد ارتفع عند الاحتمال) ([96]).

ب- أن الله خصَّ موالاة الأقارب من الكفار بالنفي – كما في الآية الرابعة مما سبق- بل (وخص الله سبحانه الآباء والإخوة إذ ‌لا ‌قرابة ‌أقرب منها. فنفى الموالاة بينهم كما نفاها بين الناس بقوله تعالى: ﵟيَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ‌لَا ‌تَتَّخِذُواْ ٱلۡيَهُودَ وَٱلنَّصَٰرَىٰٓ أَوۡلِيَآءَۘ ﵞ [المائدة: 51] ليبين أن القرب قرب الأديان لا قرب الأبدان… ولم يذكر الأبناء في هذه الآية إذ الأغلب من البشر أن الأبناء هم التبع للآباء)([97]).

ثانياً: أن الآية المستدل بها مقيدة في الحب الطبيعي للقريب الكافر، وهذا النوع من المحبة جائز عند بعض أهل العلم بضوابطه لا إشكال فيه -كما تقرر سابقاً-، فلا يسحب الحكم على الكفار عموماً بإطلاق بل يقيد الحكم بحسب النص.

ثالثاً: من العلماء من وجَّه الآية توجيهاً آخر، ففسر قوله تعالى: ﵟإِنَّكَ ‌لَا ‌تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ ۚﵞ أي: من أحببت هدايته لا أحببته، كما قال السيوطي: (ونزل في حرصه r على إيمان عمه أبي طالب ﵟإِنَّكَ ‌لَا ‌تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ ﵞ هدايته ﵟوَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۚﵞ ) ([98]).

رابعاً: من العلماء من وجَّه محبة النبي r لعمِّه أن ذلك قبل نزول الآيات التي تنهى عن محبة المشركين ومودتهم، كما ذكر ابن حزم([99]).

وعليه فالآية إما أن تكون في المحبة الطبيعية التي أباحها الشارع مع بغض الكافر دينياً، أو أنها ليست في الدلالة على المحبة أصلاً، أو يكون حكم المحبة منسوخ بالنصوص التي تنهى عن مودتهم، إذاً فلا دليل لهم في هذه الآية على جواز محبة الكفار ومودتهم بإطلاق.

الشبهة الثانية: إباحة الإسلام الزواج من الكتابية، دليل على جواز محبة الكفار؛ يقول القرضاوي: (إن الإسلام أباح للمسلم التزوج من أهل الكتاب، والحياة الزوجية يجب أن تقوم على السكون النفسي والمودة والرحمة، كما دل على ذلك القرآن في قوله تعالى: ﵟوَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا ‌لِّتَسۡكُنُوٓاْ إِلَيۡهَا وَجَعَلَ بَيۡنَكُم مَّوَدَّةٗ وَرَحۡمَةًۚﵞ [الروم: 21]  وهذا يدل على أن مودة المسلم لغير المسلم لا حرج فيها، وكيف لا يواد الرجل زوجته إذا كانت كتابية؟ وكيف لا يواد الولد جده وجدته وخاله وخالته إذا كانت أمه ذمية؟) ([100]) ويقول أيضاً: (شرعت لنا موادتهم، بمؤاكلتهم ومصاهرتهم وحسن معاشرتهم)([101]).

الرد عليها:

أولاً: تقدم أن المحبة الطبيعية شيء، والمحبة الدينية شيءٌ آخر فالله سبحانه أباح الزواج من الكتابية مع ما في النكاح من المودة الطبيعية، ونهى في نصوص كثيرة عن موالاة الكفار ومحبتهم ولا يمكن أن يكون هناك تناقضاً في شرعه تعالى؛ لذا فالعلماء قالوا: باجتماع الحب الفطري والكراهة الشرعية في الزوجة الكتابية، ولا تمانع، فالزوج قد يحب من زوجته المسلمة خصالاً ويكره خصالاً كما قال النبي r: “لا يفرك([102]) مؤمن مؤمنه، إن كره منها خُلقاً رضي منها آخر” أو قال: “غيره”([103])، فكيف إن كانت كافرة بالله فكراهيتها لكفرها أولى من كراهيتها لحظوظ نفسه وأخلاقها!

ثانياً: وجّه بعض أهل العلم النصوص الواردة في المودة بين الزوجين بأنه من حيث الأصل في الزواج وهو الذي ينبغي أن يكون بين الزوجين المسلمين([104]).

ثالثاً: من العلماء من كره نكاح الكتابية؛ لهذا السبب الذي بنوا عليه جواز مودة الكافر؛ كما حكى ابن الجوزي رأيهم بقوله: (وإنما كرهوا ذلك؛ لقوله تعالى: ﵟ‌لَّا ‌تَجِدُ قَوۡمٗا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ يُوَآدُّونَ مَنۡ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥﵞ والنكاح يوجب الود) ([105])

رابعاً: محادة الله ورسوله r الواردة في قوله: ﵟ‌لَّا ‌تَجِدُ قَوۡمٗا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ يُوَآدُّونَ مَنۡ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥﵞ ، لا تقع من الزوجة الكتابية؛ فهي أضعف من ذلك، مع ما في النساء من التبعية لأزواجهم فهم يدخلون في قوله تعالى: ﵟ‌لَّا ‌يَنۡهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمۡ يُقَٰتِلُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِﵞ [الممتحنة: 8] .([106])

خامساً: وجَّه بعض أهل العلم أن محبة الزوجة الكتابية مستثنى من النهي الوارد في محبة الكفار ووجوب بغضهم([107]).

سادساً: ليس في الأمر بحسن العشرة لأجل القرابة أو الإنسانية من الموالاة المنهي عنها شيئاً، يقول ابن القيم: (‌لما ‌نهى ‌في ‌أول ‌السورة -أي الممتحنة- عن اتخاذ المسلمين الكفار أولياء وقطعَ المودةَ بينهم وبينهم، توهَّم بعضهم أن برَّهم والإحسان إليهم من الموالاة والمودة، فبيَّن الله سبحانه أن ذلك ليس من الموالاة المنهيّ عنها، وأنه لم يُنْهَ عن ذلك، بل هو من الإحسان الذي يحبُّه ويرضاه وكتبَه على كل شيء، وإنما المنهيّ عنه تولّي الكفار والإلقاء إليهم بالمودة) ([108]).

المبحث الخامس: مآلات جواز المحبة الطبيعية للكفار.

          لما كان الحب الطبيعي للكفار واقعاً ولابد؛ لفطريته، وكانت الشريعة الإسلامية شريعة الكمال والشمول والسماحة والبقاء، فقد جاءت النصوص الشرعية بإباحته وضبطه بالضوابط التي تمنعه من الوصول إلى الحب المحرم، ولأن كل ما أمر به الشرع فهو خير لا شر فيه مطلقاً، فإن جواز الحب الطبعي المضبوط للكفار أفضى إلى عدد من المآلات الحسنة، منها:

          الأول: القدوة الحسنة، فمتى كان المسلم قريباً من أقاربه الكفار، يتعامل معهم بما يرضي الله شرعاً من الإحسان، وبذل الخير، وكفِّ الأذى، كان ذلك أدعى للاقتداء به في الخير، والبعد عن الشر، بما يحقق المصلحة الإنسانية للعيش في هذه الحياة الدنيا.

          الثاني: الدعوة إلى الإسلام من خلال القول والفعل، فإن المسلم المحافظ على شرع الله، والممتثل لهدي نبيه r في منهجه وحياته إذا كان مختلطاً بمن حوله من الكفار كان ذلك مدعاة لدعوتهم إلى الإسلام بفعله وتمسكه، بله حتى بقوله فالاختلاط بهم يؤثر في قبول الدعوة.

          الثالث: إظهار سماحة الإسلام والرد على الطاعنين فيه، بوصفه دين السيف والقتل والدم، فإن من لاحظ هدي الشرع في التعامل مع الكافر غير الحربي لاسيما في تجويز الحب الطبعي للأقارب وصلتهم، وبذل الخير والإحسان لهم، يدرك مدى مراعاة الإسلام للمشاعر والعواطف الفطرية.

الرابع: إظهار وسطية الإسلام في أحكامه وشرائعه، من خلال التفريق بين الحب الطبعي للكافر الحربي وغير الحربي، فأجاز الثاني دون الأول، فميَّز الشرع في التعامل معهم وحكم العلاقات بحسب أفعالهم وأحوالهم، وهذا في غاية الوسطية فلا إفراط ولا تفريط.

الخامس: في جواز الحب الطبعي وضبطه بالضوابط الشرعية دلالة على أن الإسلام يعزل المسلم عن الكفار ويضيق حدود العلاقة معهم، ويوجب البراء والعداوة في حق الكفار عموماً والحربيين على وجه الخصوص.

          السادس: جواز المحبة الطبيعية للكفار يحقق التعايش والسلام في البلدان التي وقع فيها الاختلاط بين المسلمين والكفار، بما لا يؤثر على عقيدة المسلم، وأخلاقه فيبقى محافظاً على دينه وتمسكه بعيداً عن الإفراط والتفريط.

السابع: جواز الحب الطبعي بضوابط يجعل المسلم حذراً في تعامله مع الكفار في حدود الإطار الشرعي، ناصباً بين عينيه رضا الله عز وجل، فإن خالف الشرع بإيقاعه لمن حرم عليه من الحربيين فإنه يؤول بالمسلم إلى التفريط في حقوق الدين وحب أعداء الله، والمباسطة لمن وجب عليه بغضهم والتبري منهم وقتالهم.

          وفي هذه المآلات وغيرها ترجيح لمن يجيز المحبة الطبيعية المنضبطة؛ لموافقته للأصول الشرعية، والواقع العملي، والله أعلم.

الخاتمة

الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى.. أما بعد

ففي ختام بحثي أسوق النتائج التي توصلت إليها بعد إنهاء هذه الدراسة، وهي:

أولاً: أن مودة الكافر ليست على درجة واحدة، فمنها ما هو كفر وناقض للإيمان، ومنها ما هو منقص لإيمان العبد ولكن لا يخرجه من الملة، ومنها ما هو مباح بضوابطه.

ثانياً: المحبة الطبيعية هي الميل النفسي الغريزي الفطري الذي أودعه الله في خلقه كمحبة الجائع للطعام، ومحبة المرء لأقاربه، ومحبة الشخص لمن أحسن إليه على اختلاف أنواعها.

ثالثاً: دلت النصوص الشرعية على ثبوت المحبة الطبيعية للكافر المسالم وهو قدر زائد على الوصل والإحسان.

رابعاً: اختلف العلماء في حكم المحبة الطبيعية للكافر المسالم، فدلّ على أن ما فوقها من أنواع المحبة لا خلاف في تحريمه.

خامساً: أن من أنكر المحبة الطبيعية للكفار أقوالهم غير صريحة إنما هو مضمون كلامهم بخلاف أقوال المجيزين كانت في غاية الوضوح.

سادساً: أن المحبة الطبيعية للكفار محبة دنيوية مقيدة بأسباب القرابة أو المنفعة والإحسان لا مطلقة فعلم حُرمة محبة الكافر بإطلاق.

سابعاً: أن المحبة الطبيعية للكفار لا تعارض أصل الولاء والبراء؛ لأنه ميل ضروري لا صلة له بالدين والعقيدة.

ثامناً: أن النصوص الدالة على محبة الزوجة أو الأقارب لا تعارض النصوص الواردة في النهي عن موالاتهم، لاختلاف أسبابها، فالمحبة للقريب الكافر المسالم من قبيل المحبة الطبيعية الجبلية والميل النفسي، وكراهيته لأجل كفره وشركه بالله تعالى، فالتعلق مختلف، وذلك كاجتماع الحب والبغض في المسلم العاصي.

تاسعاً: اتفق العلماء على تحريم المحبة الطبيعية للكافر الحربي؛ إذ الواجب قطع العلاقات والصلة معه، ولو وجدت دواعي المحبة الطبيعية من القرابة والمنفعة ونحوها.

عاشراً: أن بعض المثقفين والكتاب خلط بين النصوص الواردة في محبة الكفار الطبيعية وأنزلها على الكفار بإطلاق، وقيد نصوص العداوة بالكفار المحاربين وهذا تلبيس باطل لم يقل به أحد من أهل العلم المعتبرين.

الحادي عشر: مآلات جواز المحبة الطبيعية للكفار على المسلم في الدنيا والآخرة، وعلى مستوى الفرد والمجتمعات فيه ترجيح لمن يجيز المحبة الطبيعية المنضبطة؛ لموافقته للأصول الشرعية، والواقع العملي.

وأخيراً

أسأل الله تعالى أن أكون وفقت في جمع كلام أهل العلم ونقله بحسب مقصودهم، وحمله على أحسن محامله، هذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ، والحمد لله رب العالمين.

فهرس المصادر والمراجع

  1. إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل- صالح بن عبد العزيز آل الشيخ-ط.د- ب.د
  2. الإتحافات السنية بالأحاديث القدسية ومعه النفحات السلفية بشرح الأحاديث القدسية- محمد المدعو بعبد الرؤوف بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين الحدادي ثم المناوي القاهري-ت: عبد القادر الأرنؤوط – طالب عواد-ط.د – دار ابن كثير دمشق- بيروت.
  3. 3.      أحكام أهل الذمة – محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية -ت: يوسف بن أحمد البكري – شاكر بن توفيق العاروري- الطبعة: الأولى 1418 – -1997رمادى للنشر – الدمام.  
  4. إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري – أحمد بن محمد بن أبي بكر بن عبد الملك القسطلاني أبو العباس، شهاب الدين – الطبعة السابعة، 1323 هـ-المطبعة الكبرى الأميرية، مصر.
  5. الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك والإلحاد – صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان- الطبعة: الرابعة 1420 ه- 1999م- دار ابن الجوزي.
  6. الاستعانة بغير المسلمين في الفقه الإسلامي- د.عبد الله بن إبراهيم الطريقي – الطبعة الأولى 1409هـ-إدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
  7. 7.      أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن – محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الشنقيطي- الطبعة 1415 هـ – 1995 مـ- دار الفكر : بيروت – لبنان
  8. إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد -صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان- الطبعة الثالثة، 1423هـ 2002م- مؤسسة الرسالة.
  9. 9.      إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان – محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد ابن قيم الجوزية -ت: محمد حامد الفقي-ط.د- مكتبة المعارف، الرياض، المملكة العربية السعودية.
  10. إكمال المعلم بفوائد مسلم – عياض بن موسى بن عياض بن عمرون اليحصبي السبتي، أبو الفضل – ت: د. يحيى إسماعيل – الطبعة: الأولى، 1419 هـ – 1998 م- دار الوفاء : مصر .
  11. تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد- محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي- الطبعة: 1984 هـ- الدار التونسية للنشر – تونس
  12. تخريج أحاديث إحياء علوم الدين- استخراج: أبي عبد الله محمود بن محمد الحداد – الطبعة: الأولى، 1408 هـ -1987 م- دار العاصمة للنشر – الرياض.
  13. التعليقات المختصرة على متن العقيدة الطحاوية -صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان- ط.د- دار العاصمة للنشر والتوزيع.
  14. تفسير الجلالين – جلال الدين محمد بن أحمد المحلي ، وجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي- الطبعة: الأولى- دار الحديث – القاهرة.
  15. تفسير الفاتحة والبقرة- محمد بن صالح بن محمد العثيمين – الطبعة الأولى، 1423 هـ -دار ابن الجوزي، المملكة العربية السعودية.
  16. تفسير القرآن الحكيم الشهير بـتفسير المنار- محمد رشيد بن علي رضا بن محمد بن محمد بن منلا علي خليفة الحسيني -الطبعة 1990م- الهيئة المصرية العامة للكتاب.
  17. تفسير القرآن العظيم- أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي -ت: سامي بن محمد سلامة- الطبعة الثانية 1420هـ – 1999 م -دار طيبة.
  18. تفصيل آيات القرآن الحكيم- جولا لابوم- ترجمة: محمد فؤاد عبد الباقي- الطبعة الثانية 1969م- دار الكتاب العربي: بيروت -لبنان.
  19. التمهيد لشرح كتاب التوحيد -دروس ألقاها صالح بن عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ، ثم طُبعت- الطبعة: الأولى، 1424هـ – 2003م- دار التوحيد.
  20. التوضيح لشرح الجامع الصحيح – ابن الملقن سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الشافعي -ت: دار الفالح للبحث العلمي وتحقيق التراث- الطبعة: الأولى، 1429 هـ – 2008 م- دار النوادر، دمشق – سوريا.
  21. تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد- سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب-ت: زهري الشاويش- الطبعة: الأولى، 1423هـ2002/م- المكتب الإسلامي: بيروت، دمشق
  22. تيسير الكريم الرحمن في تفسيري كلام المنان- عبد الرحمن بن النصر بن عبد الله السعدي -ت: عبد الرحمن بن معلا اللويحق- الطبعة: الأولى 1420هـ 2000- م-مؤسسة الرسالة.
  23. جامع الأصول في أحاديث الرسول – لإمام المبارك بن محمد بن الأثير الجزري- ت: عبد القادر الأرنؤوط- الطبعة الثانية 1403هـ- 1983م- دار الفكر: بيروت- لبنان.
  24. جامع البيان في تأويل القرآن- محمد بن جرير بن يزيد بن كثير أبو جعفر الطبري-ت: أحمد محمد شاكر- الطبعة: الأولى، 1420 هـ – 2000 م- مؤسسة الرسالة.
  25. الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله r  وسننه وأيامه المعروف بصحيح البخاري- محمد بن إسماعيل أبو عبد الله البخاري الجعفي- ت: محمد زهري بن ناصر الناصر- الطبعة: الأولى، 1422هـ- دار طوق النجاة.
  26. الجامع لأحكام القرآن -أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر القرطبي-ت: أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش- الطبعة: الثانية، 1384هـ – 1964 م-دار الكتب المصرية – القاهرة.
  27. الجديد في شرح كتاب التوحيد- محمد بن عبد العزيز السليمان القرعاوي- ت: محمد بن أحمد سيد أحمد- الطبعة: الخامسة، 1424هـ2003/م- مكتبة السوادي، جدة، المملكة العربية السعودية.
  28. الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي – محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد ابن القيم – الطبعة: الأولى، 1418هـ – 1997م- دار المعرفة – المغرب.
  29. حقيقة الولاء والبراء في الكتاب والسنة بين تحريف الغالين وتأويل الجاهين- د. عصام بن عبد الله السناني- الطبعة الأولى 1429هـ- 2008م- مكتبة الإمام الذهبي: الكويت.
  30. الحلال والحرام في الإسلام – د. يوسف القرضاوي – الطبعة الثالثة عشرة 1400ه-ـ1980م- المكتب الإسلامي: بيروت- لبنان
  31. الحوار النبوي مع المسلمين وغير المسلمين- د. سعيد بن إسماعيل صيني- الطبعة الثالثة 1438هـ- 2017م- مركز الملك عبد العزيز الوطني: الرياض
  32. دروس في شرح نواقض الإسلام -صالح بن فوزان الفوزان – الطبعة الثانية 2004-1425م- مكتبة الرشد: المملكة العربية -الرياض.
  33. الذريعة إلى مكارم الشريعة- أبو القاسم الحسني بن محمد الراغب الأصفهاني- ت: د. أبو اليزيد العجمي- الطبعة 1428هـ- 2007م- دار السلام: القاهرة.
  34. الروح في الكلام على أرواح الأموات والأحياء بالدلائل من الكتاب والسنة – محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية -ط.د-دار الكتب العلمية – بيروت.
  35. الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم  – ابن الوزير، محمد بن إبراهيم بن علي بن المرتضى بن المفضل الحسين القاسمي، أبو عبد الله، عز الدين، من آل الوزير -ت: علي بن محمد العمران- ط.د- دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع.
  36. زاد المسير في علم التفسير- جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي -ت: عبد الرزاق المهدي- الطبعة: الأولى – 1422 هـ- دار الكتاب العربي – بيروت
  37. 37.  زهرة التفاسير- محمد بن أحمد بن مصطفى بن أحمد المعروف بأبي زهرة -ط.د- دار النشر: دار الفكر العربي
  38. السنن الصغرى للنسائي -أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي الخراساني، النسائي -ت: عبد الفتاح أبو غدة- الطبعة: الثانية، 1406 – -1986 مكتب المطبوعات الإسلامية – حلب.
  39. شرح الأربعين النووية في الأحاديث الصحيحة النبوية- أبو الفتح محمد بن علي بن وهب بن مطيع القشيري، المعروف بابن دقيق العيد – الطبعة: السادسة 1424 هـ – 2003 م-مؤسسة الريان
  40. شرح الأصول الثلاثة – صالح بن فوزان الفوزان – الطبعة: الأولى – 1427 هـ – 2006 م-مؤسسة الرسالة.
  41. الشرح الكبير على متن المقنع- عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي الحنبلي، أبو الفرج -ت: محمد رشيد رضا – ط.د- دار الكتاب العربي للنشر والتوزيع.
  42. شرح بلوغ المرام البن حجر-عبد الكرمي بن عبد الله بن عبد الرحمن بن حمد الخضري- دروس مفرغة من موقع الشيخ الخضري- المكتبة الشاملة.
  43. شرح صحيح البخاري – ابن بطال أبو الحسن علي بن خلف بن عبد الملك- ت: أبو تميم ياسر بن إبراهيم- الطبعة: الثانية، 1423هـ – 2003م- دار النشر: مكتبة الرشد – السعودية، الرياض.
  44. شرح مصابيح السنة للإمام البغوي- محمد بن عز الدين عبد اللطيف بن عبد العزيز بن أمين الدين بن فرشتا المشهور بابن الملك -ت: لجنة مختصة بإشراف: نور الدين طالب- الطبعة: الأولى، 1433 هـ – 2012 م- إدارة الثقافة الإسلامية.
  45. طريق الهجرتين وباب السعادتين- محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد ابن قيم الجوزية – ت: محمد أجمل الإصلاحي- الطبعة الثالثة 1438هـ- دار عالم الفوائد: مكة المكرمة
  46. العواصم في الذب عن سنة أبي القاسم – ابن الوزير، محمد بن إبراهيم بن علي بن المرتضى بن المفضل الحسين القاسمي، أبو عبد الله-ت: شعيب الأرنؤوط- الطبعة: الثالثة 1415 هـ – 1994 م-مؤسسة الرسالة :بيروت.
  47. فتح الباري شرح صحيح البخاري – أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي- الطبعة 1379ه- دار المعرفة: بيروت.
  48. الفرق والبيان بين مودة الكافر والإحسان إليه دراسة عقدية في ضوء الكتاب والسنة – د. سهل بن رفاع بن سهيل العتيبي- كلية التربية-جامعة الملك سعود- بحث منشور على الانترنت.
  49. الفصل في الملل والأهواء والنحل- أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي-ت: د. محمد نصر، وعبد الرحمن عمرية- الطبعة الأولى 1402هـ- 1982م- مكتبات عكاظ: جدة – المملكة العربية السعودية.
  50. القول المبين في حكم المعاملة بين الأجانب والمسلمين- محمد حسنين مخلوف-ت: حسن أبو الأشبال- ط.د- مكتبة الحرمين: القاهرة.
  51. القول المفيد على كتاب التوحيد- محمد بن صالح بن محمد العثيمين – الطبعة الثانية محرم 1424هـ- دار ابن الجوزي: المملكة العربية السعودية.
  52. الكشف والبيان عن تفسير القرآن- أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي، أبو إسحاق-ت: الإمام أبي محمد بن عاشور- الطبعة: الأولى ،1422 هـ – 2002 م- دار إحياء التراث العربي: بيروت – لبنان.
  53. لسان العرب- محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور – الطبعة: الثالثة – 1414 ه- دار صادر – بيروت.
  54. مجموع الفتاوى- تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني -ت: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم-الطبعة 1416هـ1995/مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف: المدينة النبوية، المملكة العربية السعودية.
  55. مجموع فتاوى العلامة عبد العزيز بن باز – عبد العزيز بن عبد الله بن باز -أشرف على جمعه وطبعه: محمد بن سعد الشويعر- ب.د
  56. محاسن التأويل -محمد جمال الدين بن محمد سعيد بن قاسم الحلاق القاسمي -ت: محمد باسل عيون السود- الطبعة: الأولى – 1418 هـ- دار الكتب العلمية – بيروت.
  57. المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز- أبو محمد عبد الحق بن عطية الأندلسي المحاربي -ت: عبد السلام عبد الشافي محمد- الطبعة: الأولى – 1422 هـ- دار الكتب العلمية – بيروت
  58. مختار الصحاح- زين الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي-ت: يوسف الشيخ محمد- الطبعة: الخامسة، 1420هـ / 1999م- المكتبة العصرية – الدار النموذجية، بيروت – صيدا.
  59. المسالك في شرح موطأ مالك- محمد بن عبد الله أبو بكر بن العربي الاشبيلي – ت: محمد السليماني وعائشة بنت الحسين السليماني – الطبعة: الأولى 1428 هـ – 2007 م- دار الغرب الإسلامي.
  60. مسند الإمام أحمد بن حنبل- أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني-ت: شعيب الأرنؤوط – عادل مرشد، وآخرون- الطبعة: الأولى، 1421 هـ – 2001 م-مؤسسة الرسالة.
  61. المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول اللهr-  مسلم بن الحجاج النيسابوري -ت: محمد فؤاد عبد الباقي-ط.د- دار إحياء التراث العربي – بيروت.
  62. المصباح المنير في غريب الشرح الكبير- أحمد بن محمد بن علي الفيومي ثم الحموي، أبو العباس -ت: د. عبد العظيم الشناوي- الطبعة الثانية- دار المعارف
  63. 63.  المصنف- أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة -ت: أ.د. سعد بن ناصر الشثري- الطبعة الأولى 1436ه-2015م- دار كنوز اشبيليا: الرياض.
  64. معالم التنزيل في تفسير القرآن -أبو محمد الحسني بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي -ت: عبد الرزاق المهدي- الطبعة الأولى 1420 هـ- دار إحياء التراث العربي -بيروت
  65. معجم اللغة العربية المعاصرة- د. أحمد مختار عبد الحميد عمر وآخرون- الطبعة الأولى 1429هـ- 2008م- عالم الكتب.
  66. معجم مقاييس اللغة- أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي- ت: عبد السلام محمد هاروون- الطبعة 1399هـ- 1979م- دار الفكر.
  67. مفتاح كنوز السنة- د.أ.ي. فنسك- ترجمة: محمد فؤاد عبد الباقي- الطبعة 1403هـ- 1983م- دار إحياء التراث: بيروت -لبنان.
  68. المفردات في غريب القرآن- أبو القاسم الحسني بن محمد المعروف بالراغب الأصفهاني -ت: صفوان عدنان الداودي- الطبعة: الأولى – 1412 هـ- دار القلم، الدار الشامية – دمشق بيروت.
  69. المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج – أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي – الطبعة: الثانية، -1392 دار إحياء التراث العربي – بيروت.
  70. الموالاة والمعاداة في الشريعة الإسلامية- محماس بن عبد الله بن محمد الجلعود – الطبعة: الأولى، 1407 ه-ـ1987 م- دار اليقين للنشر و التوزيع.
  71. النهاية في غريب الحديث والأثر- أبو السعادات المبارك بن محمد الجرزي المعروف بابن الأثري- ت: طاهر الزاوي ومحمود الطناحي- ط.د- دار الباز: مكة المكرمة.
  72. نيل الأوطار- محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني -ت: عصام الدين الصبابطي- الطبعة: الأولى، 1413هـ – 1993م- دار الحديث، مصر.
  73. الولاء والبراء بين الغلو والجفاء في ضوء الكتاب والسنة- حاتم بن عارف بن ناصر الشريف العوني- الطبعة الأولى 1437ه- 2016م-أروقة: الأردن- عمان.
  74. الولاء والبراء في الإسلام – محمد بن سعيد بن سالم القحطاني- الطبعة: الأولى -دار طيبة، الرياض – المملكة العربية السعودية.

فهرس الموضوعات

الموضوعرقم الصفحة
ملخص البحث2
المقدمة4
مدخل بعنوان: حكم محبة المسلم للكافر9
المبحث الأول: المحبة الطبيعية حقيقتها وأنواعها10
         المطلب الأول: حقيقة المحبة الطبيعية10
         المطلب الثاني: أنواع المحبة الطبيعية11
المبحث الثاني: النصوص الواردة في إثبات المحبة الطبيعية للكفار13
المطلب الأول: النصوص الواردة في إثبات محبة الشراكة والألفة13
          المطلب الثاني: النصوص الواردة في إثبات محبة الإجلال والتقدير.14
المطلب الثالث: النصوص الواردة في إثبات محبة الشفقة والرحمة18
المبحث الثالث: حكم المحبة الطبيعية للكفار وضوابطها20
المطلب الأول: حكم المحبة الطبيعية للكفار20
المطلب الثاني: ضوابط المحبة الطبيعية للكفار.27
المبحث الرابع: شبهات حول المحبة الطبيعية للكفار32
المبحث الخامس: مآلات جواز المحبة الطبيعية للكفار36
الخاتمة38
فهرس المصادر والمراجع40
فهرس الموضوعات46

 ([1]) “تفصيل آيات القرآن الحكيم” جول لابوم، ترجمة : محمد فؤاد عبد الباقي

 ([2]) للدكتور: أ.ي فنسك.

 ([3]) أخرجه أحمد في “مسنده” (30/ 488- برقم 18524)، وحسنه شعيب الأرناؤوط بالشاهد من حديث أبي ذر، وابن مسعود، ومعاذ، وابن عباس رضي الله عنهم.

 ([4]) ينظر: “إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل” لصالح آل الشيخ (ص501)، و”الولاء والبراء بين الغلو والجفاء في ضوء الكتاب والسنة” لحاتم العوني (ص63)، “والفرق والبيان بين مودة الكافر والإحسان إليه” لسهل العتيبي (ص8).

 ([5]) “المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز” (2/ 204)  

 ([6]) ينظر: “مقاييس اللغة” لابن فارس (2/ 26- مادة حب).

 ([7]) ينظر: “لسان العرب” لابن منظور (1/ 289- مادة حبب)، و”مختار الصحاح” للرازي (ص65).

 ([8]) ينظر: “الذريعة إلى مكارم الشريعة” (ص256)، وينظر: “المفردات في غريب القرآن” للراغب الأصفهاني (ص214).

 ([9]) ينظر: “معجم اللغة العربية المعاصرة” (2/ 1385).

 ([10]) “المصباح المنير في غريب الشرح الكبير” للفيومي (1/90).

 ([11]) “الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي” لابن القيم (ص190)

 ([12]) ينظر: “شرح صحيح البخاري” (1/66).

 ([13]) ينظر: “إكمال المعلم بفوائد مسلم” (1/280)

 ([14]) ينظر: “المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج” (2/15)

 ([15]) ينظر: “شرح الأربعين النووية” (ص136)

 ([16]) ينظر: “التعليقات المختصرة على متن العقيدة الطحاوية” (ص177)

 ([17]) ينظر: “التمهيد شرح كتاب التوحيد” (ص361)

 ([18]) ينظر: “طريق الهجرتين وباب السعادتين” (2/641-642)

 ([19]) ينظر: “الإتحافات السنية بالأحاديث القدسية ومعه النفحات السلفية بشرح الأحاديث القدسية” (ص126)

 ([20]) ينظر: “تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد” (ص 402)

 ([21]) ينظر: “القول المفيد على كتاب التوحيد” لابن عثيمين (2/ 45)، و”إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد” للفوزان (2/37)

 ([22]) يقول ابن القيم في “الجواب الكافي لمن طلب الدواء الشافي” (ص190): (المحبة الطبيعية، وهي ميل الإنسان إلى ما يلائم طبعه، كمحبة العطشان للماء والجائع للطعام، ومحبة النوم والزوجة والولد).

 ([23]) اختلف أهل العلم في معنى الإحصان، فقال بعضهم:  يراد بها العفَّة، وقال آخرون: بل المراد بها الحرَّة. ينظر: “الكشف والبيان عن تفسير القرآن” (4/ 22) و”معالم التنزيل في تفسير القرآن” (2/19).

 ([24]) “أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن” (5/ 529).

 ([25]) “الشرح الكبير على متن المقنع” (7/ 507).

 ([26]) ينظر: “تفسير ابن كثير” (6/ 308).

 ([27]) “تفسير القرآن العظيم” (3/ 525).

 ([28]) “جامع البيان في تأويل القرآن” (19/ 598)

 ([29]) أخرج سبب نزول الآية: البخاري في “صحيحه” (كتاب مناقب الأنصار- باب قصة أبي طالب-5/ 52-برقم 3884)، ومسلم في “صحيحه” (كتاب الإيمان- باب الدليل على صحة إسلام من حضرة الموت، ما لم يشرع في النزع، وهو الغرغرة. ونسخ جواز الاستغفار للمشركين. والدليل على أن من مات على الشرك، فهو في أصحاب الجحيم. ولا ينقذه من ذلك شيء من الوسائل – 1/ 54- برقم 24).

 ([30]) “تفسير القرآن العظيم” (6/ 246).

 ([31]) ينظر: “معالم التنزيل” للبغوي (3/ 588)، “الجامع لأحكام القرآن” للقرطبي (14/ 65)، وتفسير السعدي (ص627).

 ([32]) “تفسير القرآن العظيم” (6/ 264-265)

 ([33]) “الولاء والبراء في الإسلام” لمحمد القحطاني (ص174).

 ([34]) “الولاء والمعاداة في الشريعة الإسلامية” للجلعود (1/ 43)

 ([35]) متفق عليه، أخرجه البخاري في “صحيحه” (كتاب الأدب- باب صلة الوالد المشرك-8/4-برقم5978)، ومسلم في “صحيحه” (كتاب الزكاة- باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج والأولاد، والوالدين ولو كانوا مشركي-2/ 696-برقم 1003).

 ([36]) ينظر: “إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (9/9).

 ([37]) “نيل الأوطار” للشوكاني (6/7).

 ([38]) “إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل” (ص501).

 ([39]) “فتح الباري” (5/ 233)

 ([40]) أخرجه البخاري في “صحيحه” (كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها- باب الهدية للمشركين-3/ 164- برقم2619)

 ([41]) “نيل الأوطار” للشوكاني (6/7).

 ([42]) ذيخ: (ذكر الضباع، والأنثى ذيخة، وأراد بالتلطخ التلطخ برجيعه أو بالطين) “النهاية في غريب الحديث والأثر” لابن الأثير (2/174)

 ([43]) أخرجه البخاري في “صحيحه” (كتاب أحاديث الأنبياء- باب قول الله تعالى: ﵟ‌وَٱتَّخَذَ ‌ٱللَّهُ إِبۡرَٰهِيمَ خَلِيلٗا ﵞ 4/139-برقم3350)

 ([44]) “إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري” (5/ 343).

 ([45]) “شرح مصابيح السنة للبغوي” لابن الملك (6/ 32).

 ([46]) “تفسير القرآن العظيم” (4/ 325)

 ([47]) “الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم” (1/ 283- 284)

 ([48]) “المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز” (3/177)

 ([49]) ينظر: “تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد في تفسير الكتاب المجيد” (12/85).

 ([50]) “تفسير السعدي” (ص382).

 ([51]) “فتح القدير” للشوكاني (2/ 570)

 ([52]) «التحرير والتنوير» (28/ 59).

 ([53]) “الجديد في شرح كتاب التوحيد (ص168).

([54]) ينظر: مقالة (هل نحب الكافر؟) د.لطف الله خوجة، عبر موقع بحوث https://www.islamtoday.net/bohooth/artshow-86-9244.htm

([55]) أخرجه أبو داود في “سننه” (4/129-برقم 4361)، وصححه الألباني.

([56]) ينظر: مقالة (هل نحب الكافر؟) د.لطف الله خوجة، عبر موقع بحوث https://www.islamtoday.net/bohooth/artshow-86-9244.htm

([57]) لم أجد قولاً صريحاً في إنكارها لكن في سياق كلامهم ما يشير إلى ذلك، وأما الشيخ صالح الفوزان فقد وجدت له قولين: أحدهما التحريم، والآخر الإباحة كما سيأتي.

([58]) “الفصل في الملل والأهواء والنحل” (4/ 197)

([59]) المرجع السابق (4/ 188- 189).

([60]) “أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن” (2/115).

([61]) المرجع السابق (2/153-154)

([62]) المرجع السابق (8/ 95).

([63]) “إعانة المستفيد شرح كتاب التوحيد” (2/ 37)

([64]) “الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك والإلحاد” (ص316)

([65]) “شرح الأصول الثلاثة” (ص68)

([66]) “شرح نواقض الإسلام” (ص164)

([67]) “جامع البيان في تأويل آي القرآن” (19/ 598)

([68]) “العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم” (8/ 214)

جواز

([69]) “التحرير والتنوير” (3/ 220)

([70]) “تفسير المنار” (10/204)

([71]) “القول المبين في حكم المعاملة بين الأجانب والمسلمين” (ص106- 107)

([72]) “الجديد في شرح كتاب التوحيد” (ص168)

([73]) “إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد” (1/ 258)

([74]) “إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل” (ص501)، وينظر: “الفرق والبيان بين مودة الكافر والإحسان إليه” لسهل العتيبي (ص8)

([75]) ينظر: “حقيقة الولاء والبراء في الكتاب والسنة بين تحريف الغالين وتأويل الجاهلين” (ص83- 84)، “الولاء والبراء بين الغلو والجفاء في ضوء الكتاب والسنة” (ص63)، مقالة بعنوان: (هل نحب الكافر؟).

([76]) “إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل” (ص501)

([77]) “الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم r” (1/ 282-283).

([78]) أخرجه البخاري في “صحيحه” (كتاب الطلاق- باب الخلع وكيف الطلاق فيه-7/ 47- برقم 5274)

([79]) “القول المبين في حكم المعاملة بين الأجانب والمسلمين” (ص106- 107)

([80]) ينظر: “الجامع لأحكام القرآن” (17/ 308).

([81]) متفق عليه، أخرجه البخاري في “صحيحه” (كتاب الشهادات- باب تعديل النساء بعضهن بعضاً-3/173- برقم 2661)، ومسلم في “صحيحه” (كتاب التوبة- باب في حديث الإفك وقبول توبة القاذف-4/2129-برقم 2770)

([82]) “كتاب الإيمان ضمن مجموع الفتاوى” (7/522-523)

([83]) “محاسن التأويل” (5/ 366)

([84]) “تفسير السعدي”(ص332)

([85]) “تفسير المنار” (10/ 204)

([86]) “القول المبين في حكم المعاملة بين الأجانب والمسلمين” (ص106- 107)

([87]) أخرجه أحمد في “مسنده” (2/333-برقم1095) من طريق علي t ، وصححه الأرنؤوط.

([88]) ينظر: “التحرير والتنوير” (20/212-213)، “تفسير السعدي (ص648).

([89]) أخرجه البخاري في “صحيحه” (كتاب الجنائز- باب الكفن في القميص الذي يكف أو لا يكف، ومن كفن بغير قميص-2/76برقم 1269).

([90]) ينظر: “شرح بلوغ المرام” لعبد الكريم الخضير (52/ 12- كتاب الجنائز).

([91]) فتوى للشيخ البراك عن طريق موقع الإسلام: https://ar.islamway.net/ ، وينظر: “القول المفيد على كتاب التوحيد” (1/ 349).

([92]) أخرجه أحمد في “مسنده” (19/ 305- برقم 12293) وحسن إسناده الأرنؤوط من طريق أنس بن مالك t، وأخرجه النسائي في “سننه” (7/ 61- برقم 3939-3940) من طريق أنس t أيضاً.

([93]) “الروح في الكلام على أرواح الأموات والأحياء بالدلائل من الكتاب والسنة” (ص254)، وينظر: “إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان” (2/139-140)، و”القول المفيد على كتاب التوحيد” (2/44-46).

([94]) “التحرير والتنوير” (3/ 218). 

([95]) ينظر: “الحوار النبوي مع المسلمين وغير المسلمين” لسعيد صيني (ص123-128).

([96]) “القول المبين في حكم المعاملة بين الأجانب والمسلمين” (ص110).

([97]) “الجامع لأحكام القرآن” (8/94).

([98]) “تفسير الجلالين” (ص515)

([99]) ينظر: “الفصل في الأهواء والملل والنحل” (4/197)، وأيضاً: “القول المفيد على كتاب التوحيد” (1/349).

([100]) “غير المسلمين في المجتمع الإسلامي” (ص57)، وينظر: “الحوار النبوي مع المسلمين وغير المسلمين” (ص123-128).

([101]) “الحلال والحرام في الإسلام” (ص95).

([102]) أي: لا يبغضها، فرِكت المرأة زوجها فركاً بالكسر، كأنه حث على حسن العشرة، ينظر: “النهاية في غريب الحديث والأثر” (3/441).

([103]) أخرجه مسلم في “صحيحه” (كتاب الرضاع- باب الوصية بالنساء-2/ 1091-برقم1469)

([104]) ينظر: “الفرق والبيان بين مودة الكافر والإحسان إليه” (ص 28)

([105]) “زاد المسير في علم التفسير” (1/ 519).

([106]) ينظر: “الموالاة والمعاداة في الشريعة الإسلامية” (2/755).

([107]) ينظر: “الاستعانة بغير المسلمين في الفقه الإسلامي” د. عبد الله الطريقي (ص67)

([108]) “أحكام أهل الذمة” (1/ 602) وينظر أيضاً “القواعد الحسان في تفسير القرآن” للسعدي (ص38-39)، وفي هذ الباب بحث قيم: (الفرق والبيان بين مودة الكافر والإحسان إليه -دراسة عقدية في ضوء الكتاب والسنة) د.سهل العتيبي.

د. الشيماء بنت محمد الحوتي

عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتًا
التقيمات المضمنة
عرض كل التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا الأن
1
هل تحتاج الي مساعدة او نشر بحثك !
Scan the code
مجلة scp الماليزية
مرحبا
كيف استطيع مساعدتك !