العدد الثاني والعشرينالمجلد السادس 2023

تشديد العقوبة وأثره على الخطورة الاجرامية

بسم الله الرحمن الرحيم

اعداد الدكتور / عبد الوهاب عبد الكريم محمد المبارك

الأستاذ المشارك بكلية الخليج بالمملكة العربية السعودية

قسم القانون

2023م

معرف الوثيقة الرقمي : A04013

مستخلص البحث

يشتمل هذا البحث ، (تشديد العقوبة وأثرها على الخطورة الاجرامية ) ، على مطلب تمهيدي ومبحثين ، حيث أنني تناولت في المطلب التمهيدي ، مفهوم مصطلحات البحث وقد عرفت تشديد العقوبة لغةً وفقهاً وقانوناً ، كما عرفت مفهوم الخطورة الاجرامية في الشريعة الإسلامية وعلم الاجتماع ، وقد حرصت الشريعة الإسلامية على التوسع في مفهوم الخطورة الاجرامية ، ومع ذلك من أصبح الاجرام سلوكاً له ولم تردعه العقوبات المقررة  ، فقد تصل عقوبته في هذه الحالة الى استئصاله من المجتمع تفادياً لخطورته الاجرامية متى ما اتضح أنه يشكل خطورة .

أما المبحث الأول، فقد تناولت فيه أسباب وضوابط تشديد العقوبة، ومن ضمن أسباب تشديد العقوبة حالة اعتياد المجرم على ارتكاب الجريمة وحالة سبق الإصرار والترصد، والسرقة بالإكراه أو التهديد بالسلاح لأن هذه الجرائم تدل على خطورة إجرامية، ولكن حتى شديد العقوبة بسبب الخطورة الاجرامية لابد للسلطات أن تتبع مجموعة من الضوابط وهي قصر العقوبة على مرتكب الجريمة فقط ولا تتعداه الى غيره، والعمل على مبدأ التوازن بين العقوبة وخطورة الجاني.

أما في المبحث الثاني، فقد تناولت أثر تشديد العقوبة على الخطورة الاجرامية ومن ضمن الآثار الردع العام والردع الخاص للمجرم، والحفاظ على الأمن والسلم المجتمعي. وقد توصلت في هذا البحث لعدد من النتائج والتوصيات

abstract

This research includes (intensification of punishment and its impact on criminal risk), an introductory requirement and two topics, as I dealt in the preliminary requirement, the concept of research terms, and I have defined the severity of punishment in language, jurisprudence and law, as I have known the concept of criminal risk in Islamic law and sociology,

The Islamic Sharia was keen to expand the concept of criminal risk, yet criminality became a behavior for him and was not deterred by the prescribed penalties. In this case, his punishment may amount to eradicating him from society in order to avoid his criminal risk whenever it becomes clear that he is dangerous.

المقدمة:

من المعلوم أن وجود أي مجتمع انساني مهما كان حجمه يحتم على أعضائه التسليم بوجود مجموعة من قواعد السلوك التي تنظم علاقاتهم وتضبط أوجه نشاطات، هم المختلفة، ولعل من أهم هذه القواعد تلك التي تهتم ببيان صور التجريم والعقاب أي قواعد قانون العقوبات.

والعقوبة جزاء لجريمة ارتكبت في حق المجتمع، ولابد من توافر أركان الجريمة حتى تثبت مسئولية الجاني، والعقوبة جزاء له طابع جنائي، وبذلك تتميز عن العقوبات القانونية الأخرى التي ليس لها هذا الطابع، مثل التعويض المدني والجزاء الإداري، وكذلك تقرر العقوبة بنص في القانون تطبيقا لمبدأ شرعية العقوبات.

فلا يجوز توقيع عقوبة غير مقررة بمقتضى القانون، أو توقيع عقوبة تزيد على الحد الأقصى المقرر في القانون إلا في الأحوال التي يجيز فيها القانون تجاوز الحد الأقصى (1)

وانه ينبغي في كل حالات الخطورة أن تقام الادلة على اثباتها وفق عناصر ينص عليها القانون، فاذا لجأ قانون ما الى فرض الخطورة فأنه يتعين أن يكون ذلك في أضيق نطاق، وان يباح للمتهم أن يقيم الدليل على عدم توافرها وذلك مراعاة للحرية الفردية.

كما أن توافر الخطورة الإجرامية يعد سببا كافيا لإنزال تدبير الأمن، ولو لم تتوافر المسؤولية الجنائية، إذ لا يكفي توافر الخطورة للحكم بالعقوبات الجنائية، إذ يتعين للحكم بها أساسا توافرالمسؤولية الجنائية.

وليس من السهل تقدير الخطورة الإجرامية، فهي ترد إلى مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية وتفاعلها المؤدي إلى احتمال ارتكاب الجرائم. وهذا ما يتطلب الوعي التام والإدراك الشامل بمجموعة كبيرة من المعارف في العلوم الطبية والنفسية والاجتماعية من أجل تقدير تلك الحالة، وهو أمر يندر أن نجده عند القضاة الذين لا يسمح تكوينهم العلمي للإحاطة بكل المعارف المطلوبة، مما يجعل مهمتهم في غاية الدقة والصعوبة من أجل القيام بهذا العمل العسير والشاق.

ولذلك سوف أتناول في هذا البحث أثر تشديد العقوبة على الخطورة الاجرامية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  1. د. علي عبد القادر القهوجي/ شرح قانون العقوبات- القسم العام، الكتاب الأول- النظرية العامة للجريمة- الإسكندرية، / 1997. ص205

أسباب اختيار الموضوع:

  1. الأثر الفاعل في تنظيم الخصومة الجنائية على النحو الذي يكفل للقاضي تقدير خطورة المجرم وتشديد العقوبة عليه
  2. فكرة الخطورة الإجرامية ومدى الأخذ بها ي مجال السياسة العقابية الحديثة كأساس لتشديد العقوبة وتجسيدها في معاملة المجرمين.
  3. تهديد الخطورة الاجرامية للنظام الاجتماعي السائد في بلد ما، عن طريق ما قد يهدده من الأفعال التي أرتكبها الشخص، الموصوف بالخطورة والتي بجرمها قانون هذا البلد وفقا للعلاقات الفردية بين الأشخاص

أهداف البحث:

  1.  بيان الأثر الفاعل للقاضي الجنائي في تشديد العقوبة على المحكوم عليه الذي يشكل خطراً على المجتمع
  2. بيان معنى الخطورة الاجرامية ومدى تأثيرها على المسؤولية الجنائية
  3. 3-     إبراز مكانة موضوع الخطورة الإجرامية في قائمة اهتمامات المشرع في الدول الإسلامية

أهداف البحث:

يهدف هذا البحث الى الآتي:

  1. بيان المقصود من تشديد العقوبة وأسبابها وضوابطها
  2. بيان المقصود بالخطورة الاجرامية عند علماء الشريعة والعلوم الانسانية الأخرى
  3. استعراض الآثار التي تترتب على تشديد العقوبة
  4. توضيح الآثار الاجتماعية للخطورة الاجرامية

إشكالية البحث:

تكمن إشكالية البحث في أثر تشديد العقوبة على الخطورة الاجرامية في الإجابة على الأسئلة الآتية:

1-      ما المقصود بتشديد العقوبة والخطورة الاجرامية؟

2-      ما الآثار الاجتماعية للخطورة الاجرامية؟

3-      ما آثار تشديد العقوبة على خطورة المجرم؟

4-       ما الفرق بين الخطورة الاجرامية والمسؤولية الجنائية؟

أهمية البحث:

  تظهر أهمية البحث في موضوع تشديد العقوبة وأثره في القضاء على الخطورة           الإجرامية في كون هذا الموضوع جدير بالبحث والدراسة ولأن السياسة الجنائية الحديثة تدعو إلى مواجهة المجرمين الذين يظهرون خطورة تهدد سلامة وأمن المجتمع، ولمواجهة هؤلاء الأشخاص الخطرين، فإن الدراسات تتركز على محاولة معرفة الأسباب التي دفعتهم للإجرام من أجل معالجتها والحد من الخطورة الإجرامية لمرتكبي الجريمة عن طريق تشديد العقوبة حتى يتحقق الردع والزجر.

منهج البحث:

 سوف يعتمد الباحث للإجابة على مشكلة البحث في تغليظ العقوبة وأثره على الخطورة الاجرامية المنهج الوصفي والاستقرائي وذلك من خلال رصد جميع المفاهيم والإجراءات المرتبطة بهذا الموضوع وكذا رصد أهم النصوص القانونية والشرعية المتعلقة به ويعزو كل معلومة الى مصدرها الأصلي.

الدراسات السابقة :

أثر الخطورة الإجرامية على الجزاء الجنائي في القانون الأردني مقارنة مع القانون الإيطالي و القانون المصري:

 للباحث ، ليندا محمد محمود في العام 2007م ، رسالة دكتوراه من جامعة عمان ، كلية الدراسات القانونية العليا تحتوي على خمسة فصول وخاتمة.

وجه الشبه بين هذه الدراسة وبحثي:

 أن كلا الدراستين  تناولتا الخطورة الإجرامية في مفهومها في الفقه والقانون

وجه الاختلاف بين هذه الدراسة وبحثي :

هذه الدراسة تناولت أثر الخطورة الاجرامية على الجزاء الجنائي أما بحثي يتناول أثر تشديد العقوبة على الخطورة الاجرامية نفسها ، كما أن هذه الدراسة محدودة بالقانون الأردني ، أما بحثي يتناول الموضوع بصورة  عامة في الشرع والقانون

خطة البحث:

وقد جعلت هذا البحث في مبحثين  ومطلب تمهيدي كالآتي:

المطلب التمهيدي

مفهوم مصطلحات البحث

الفرع الأول: تعريف تشديد العقوبة

الفرع الثاني: مفهوم الخطورة الاجرامية

المبحث الأول: أسباب وضوابط تشديد العقوبة

المطلب الأول: أسباب تشديد العقوبة 

الفرع الأول: حالة اعتياد المجرم على ارتكاب الجريمة

الفرع الثاني: حالة سبق الإصرار والترصد في جرائم القتل

الفرع الثالث: حالة السرقة تحت تهديد السلاح

المطلب الثاني: ضوابط تشديد العقوبة

الفرع الأول: عدم تعدي العقوبة إلى غير الجاني

الفرع الثاني: التوازن بين العقوبة والجاني

المبحث الثاني: أثر تشديد العقوبة على الخطورة الاجرامية:

المطلب الأول: تحقيق الردع العام والخاص

المطلب الثاني: الحفاظ على الأمن والسلم المجتمعي

المطلب التمهيدي

مفهوم مصطلحات البحث

الفرع الأول: تعريف تشديد العقوبة

أولاً: تشديد العقوبة في اللغة:

 تَشديد: (اسم)

مصدر شَدَّدَ، ويقال قَرَّرَ تَشْدِيدَ الحِصَارِ عَلَيْهِ: تَقْوِيتَهُ، إِحْكَامَهُ تَشْدِيدُ العُقُوبَةِ

التَّشْدِيدُ فِي طَلَبِ أَمْرٍ مَّا: الإِلْحَاحُ، تَشْدِيدُ الحَرْفِ: وَضْعُ عَلاَمَةِ شَدَّةٍ عَلَيْهِ

(تجويد) احتباس صوت الحرف، ثمّ انطلاقه بقوّة، مثل صوت الباء

(القانون) تضخيم وتثقيل العقوبة على من يكرِّر المخالفة

مُشَدَّد: (اسم) مفعول مِن شَدَّدَ إِجْرَاءٌ مُشَدَّدٌ: إِجْرَاءٌ فِيهِ قَسْوَةٌ وَشِدَّةٌ، حَرْفٌ مُشَدَّدٌ: مُضَعَّفٌ، أَيْ عَلَيْهِ عَلاَمَةُ الشَّدَّةِ.

مُشَدِّد: (اسم)

فاعل مِن شَدَّدَ، ظُرُوفٌ مُشَدِّدَةٌ: ظُرُوفٌ أَدَّتْ إِلَى تَشْدِيدِ العُقُوبَةِ

شَدَّدَ: (فعل)

شدَّدَ / شدَّدَ على يشدِّد، تشديدًا، فهو مُشدِّد، والمفعول مُشدَّد، شدَّدَ العقوبةَ: ضاعفَها، عكسه خفَّف، شدَّدَ الحرْفَ: ضعَّفه وأدغمه، ضدّ خفّفه، شدَّدَ الشَّيءَ، شدَّدَ على الشَّيء: أكّده وقوّاه وأحكمه شدّد موقفَه شدَّد على أنّ: أكّد، استرعى الانتباه إلى أنّ، شدَّدَ على قومه: قسا عليهم، ضيّق عليهم، شَدَّدَ إِغْلاَقَ البَيْتِ: أَحْكَمَ شَدَّهُ، شَدَّدَ عَلَيْهِ بِالضَّرْبِ: قَسَا عَلَيْهِ، بالَغَ في ضَرْبِه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- زين الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الحنفي الرازي، مختار الصحاح، 666هـ

، ط5، المكتبة العصرية، بيروت، 1999م، 1ج، ص، 534

ثانياً: اصطلاحا: هو التقوية في العقوبة، كالضرب ونحوه، أو في السجن، والتنكيل المالي ونحوه، ويختلف باختلاف الجريمة، لذا يشدد على الزاني لعظم ذنبه، قال تعالى: (ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله  ) (1)  ‘ اذا استوجب التشديد ، وكل مدان تكرر منه ذنب كالاختلاس والتزوير والغش ، )فللقاضي سلطة التشديد عليه ، وهذا يقتضي أن يكون عارفا بالمجرم ونوع الجريمة التي ارتكبها .(2)

ثالثاً: تشديد العقوبة في القانون:

يقصد بتشديد العقوبة في القانون، الحكم بعقوبة أشد من العقوبة الأصلية للجريمة إذا رافق وقوع الجريمة أسباب وظروف تنم عن خطورة الفعل أو خطورة الجاني واستعداده النفسي لارتكاب الجريمة (3)

تشديد العقوبة هي الحالة التي يرى فيها المشرع أن العقوبة المقررة للفعل في الأحوال العادية لا تكون ملائمة إذا وجدت ظروف أو حالات تقتضي أخذ الجاني بقدر أكبر من الشدة ولهذا نص على أسباب تشديد العقوبة إما بتجاوز الحد الأقصى المقرر أصلاً للجريمة إما بتغيير نوع العقوبة ذاته الى نوع أشد، ومثال ذلك التكرار واعتياد الجرائم (4)

ويعد تكرار الجرائم والاعتداءات سببا رئيسيا في تشديد العقوبات بحق مرتكبيها لردعهم، خصوصاً بعد “تفشي” بعض السلوكيات، التي أصبحت بعد ذلك “ظاهرةً تؤرق المواطن وتضر بسمعته، وتهدد الاستقرار الأمني في كثير من الدول

والحكمة من تشديد العقوبة هو حفظ الأمن العام وتقليل معدل الإجرام نظراً لصرامة العقوبة فالقاتل الذي يعلم أنه سيقتل، والسارق الذي يعلم أنه ستقطع يده، والمعتدي على العرض والأسرة، الذي يعلم أنه سيرجم، أو يجلد مائة سوط، سيفكر في نتائج الجريمة قبل الإقدام عليها، بينما إذا علم أنه سيحبس فقط لأشهر، أو سنوات قد لا يبالي بالعقوبة وبالتالي لا يقلع عن الجرم، ولابد من صيانة حياة المتهم وإعطاؤه كل الضمانات بأن لا تطبق عليه العقوبة إلا بعد استنفاذ كل الأعذار والبحث عن السبل التي تدرأ عنه العقوبة. (5)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  1. سورة النور، الآية (3)
  2. 2-     فتاوي الشبكة الاسلامية، بإشراف الفقيه عبد الله، 1427هـ، فتاوى الشيخ بن جبرين، ص،19،10
  3. محمد عبدالجليل العوايدة ، قانون العقوبات العام ، مكتبة الملك فهد  الوطنية  ،ط1،2017، ص158
  4. د. علي عبد القادر القهوجي ، قانون العقوبات ، القسم العام ، المكتبة القانونية ، 1988،ص365
  5. عبدالرحمن بن ابراهيم الجربوي ، مذهب الاسلام في مكافحة الجريمة ، جامعة الامام محمد بن سعود ، كلية الشريعة ، 2017هـ ، ص 182

الفرع الثاني: مفهوم الخطورة الاجرامية

أولاً: مفهوم الخطورة الاجرامية في الشريعة الإسلامية:

أولَت الشريعة الإسلامية الأهمية الكبرى للأمن والأمان في المجتمع المسلم، وذلك من خلال الواقعية لأحكام وقواعد الشريعة الإسلامية التي تتفق مع الفطرة، والطبيعة البشرية السليمة.

كما أولت الشريعة الإسلامية من خلال عقوباتها الواقعية ظروف وطبيعة كل من يرتكب جريمة، فعقوبة الضعيف تكون أخف من عقوبة القوي شديد البأس، المعتاد على الإجرام والمعاصي، ذلك أن مواجهة الخطورة الإجرامية باتت الشغل الشاغل للأنظمة الحاكمة، والمختصين من القضاة والدعاة، وأمثالهم من أهل وطلاب العلم والاختصاص، لما يترتب على الجريمة من خوف ورعب على النفس والممتلكات، إضافة لما تستنزفه من مقدرات المجتمع المادية والبشرية

فالخطورة الإجرامية ما هي إلا حالة تتوافر لدى الشخص، وتظهر مدى استعداده لارتكابه للجريمة مستقبلًا، والخطورة الإجرامية عادة تظهر من خلال ارتكاب المكلف للكبائر، والصغائر

 كما يمكن أن تتمثل أو تظهر بالعودة إلى فعل المعاصي، من خلال المداومة على ترك الواجبات، والإصرار على فعل المحرمات (1).

فترك الواجبات مثالها ترك الصلاة والصيام، وغيرها من العبادات، أما الإصرار على فعل المحرمات، فيتمثل في الإصرار على فعل الكبائر والصغائر، وعمومًا فالإصرار على المعصية، ومعصية أخرى، والمصر على المعصية، فاسق مؤاخذ مستحق للعقوبة في الدارين، إن لم يتب توبة نصوحة وَفْق شروطها المعتبرة عند أهل العلم.

كما تغلظ المعصية وعقوبتها بالإصرار، فهي تغلظ أيضًا في الأيام المفضلة، والأمكنة المقدسة، ويترتب عليها العقاب على قدر ذلك المكان والزمان (2)

وقد حرَصت الشريعة الإسلامية على عدم التوسع في مفهوم الخطورة الإجرامية؛ كونه يعني زيادة العقوبة كمًّا ونوعًا، ومع ذلك فإن من أصبح الإجرام سلوكًا له، ولم تردعه العقوبات المقررة، فقد تصل عقوبته في هذه الحالة إلى استئصاله من المجتمع متى اتضح أنه عضو فاسد، ويشكل خطرًا على المجتمع وأفراده (3)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- علي بن محمد بن حبيب الماوردي، الحاوي الكبير، ج2، دار الفكر، بيروت، ص 525

2- ابن عبد البر، يوسف عبدالله، لاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار، ج1،   2000م

دار الكتب العلمية بيروت، ص 235

3- المقدسي شرف الدين موسى الحجاوي، الاقناع، ج4 المكتبة التجارية، القاهرة، مصر سنة 1351 هـ، ص

271

فالمجرم يعاقب بالعقوبة التعزيرية المقررة للجريمة التي ارتكبها، فإن عاد شدد عليه العقاب، فإن أصبح الإجرام سلوكًا له والخطورة الإجرامية لصقت به وأصبحت ظاهرة للعيان ومهددة للمجتمع، فإنه يحبس حتى يصلح أو يموت في السجن أو يقتل تعزيرًا وفق الشروط الفقهية المعتبرة بالاعتماد على السياسة الشرعية (1).

 – قال بن سهل رحمه الله (فإن الإغلاظ على أهل الشر، والقمع والأخذ على أيديهم، مما يصلح الله به العباد والبلاد، ويقال: من لم يمنع الناس من الباطل، لم يحملهم على الحق)  

ثانياً مفهوم الخطورة  الاجرامية في القانون:

ليس هناك تعريف محدد للخطورة الاجرامية في القانون فقد عرفت بأنها حالة نفسية يمر بها الشخص فتترك آثارا على سلوكه وهو ما يعرف بالاتجاه النفسي، وفي تعريف آخر، تلك العوامل والأمارات التي تنبئ عن احتمال ارتكابه لجريمة مستقبلاً. ويمكن أن نذكر تعريف بعض القانونيين كالآتي :

عرفها الدكتور رمسيس بهنام بأنها “حالة نفسية يحتمل من جانب صاحبها، أن تكون مصدراً لجريمة مستقبلية” (2)   ، في حين عرفها الدكتور أحمد فتحي سرور بأنها “حالة تتوافر لدى الشخص تفيد أنلديه احتمالاً واضحا نحو ارتكاب الجريمة أو العود الى ارتكابها (3)

 “.

ثالثاً: مفهوم الخطورة الاجرامية عند علماء النفس:

.

التعريف النفسي للخطورة الإجرامية:

 تعددت التعاريف الفقهية من الناحية النفسية لحالة الخطورة الإجرامية، فقد عرفها الدكتور علي عبد القادر القهوجي على “حالة أو صفة نفسية لصيقة بشخص الجاني تنذر باحتمال اقدامه على ارتكاب جريمة أخرى في المستقبل

ولعل أبرز تعريف لهذا الاتجاه التعريف الذي جاء به “جريسبيني” الذي اعتد ّ بالحالة النفسية للشخص، فهو يربط الخطورة الاجرامية بالجانب النفسي. والخطورة عنده مجرد شذوذ نفسي ناتج عن تفاعل مجموعة من العوامل الشخصية والموضوعية، ومن هذا المنطلق عرف الخطورة الإجرامية على: “أهلية الشخص في أن يصبح على جانب من الاحتمال مرتكبا للجريمة”. ويربط من جهة ثانية بين الخطورة والجزاء الجنائي، الأمر الذي يترتب عليه توقيع الجزاء على الشخص في حالة ارتكابه فعلاً مخالف للقانون (4)

 إلا أن هذا التعريف لا يكفي حتى يمكن الأخذ به في معرفة وتمييز الخطورة الإجرامية عن باقي الأمراض النفسية الأخرى كحالة الهستيريا والهذيان ومعرفة مدى احتمال ارتكاب جريمة مستقبلا، لأنه في بعض الأحيان نجد أن هناك من المجرمين من يتمتع بحالة نفسية لا بأس بها، ومع ذلك يقدمون على ارتكاب أبشع الجرائم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  1. علي عبد القادر القهوجي، أصول علمي الإجرام والعقاب، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2002. ص 56
  2. رمسيس بهنام ، الكفاح ضد الاجرام ، منشأة المعارف ، الاسكندرية ، 1996م ، ص102
  3. أحمد فتحي سرور ، الوسيط في قانون العقوبات، ‎دار النهضة العربية ، مصر‎.، 2020م
  4. عبد الحميد المنشاوي: جرائم التشرد والتسول، المكتب العربي الحديث، الإسكندرية، ص229

رابعاً: مفهوم الخطورة الاجرامية عند علماء الاجتماع

الخطورة الإجرامية هي التي تتوقف على الحالة الاجتماعية السائدة في لحظة توافرها، وفقا للعلاقات الفردية بين الأشخاص، فتجريم الأفعال الاجتماعية وتفاوت العقوبات المقررة لها يتوقف على نظرة المجتمع بواسطة المشرع إلى مدى توافق هذه الأفعال مع النظام الاجتماعي

يذهب أنصار الاتجاه الاجتماعي الي أن الخطورة الإجرامية تتكون بسبب العوامل الاجتماعية المحيطة به و عدم تأقلمه في المجتمع ، بمعنى أنه كلما توافرت الأهلية لدى الشخص، بالإضافة إلى انعدام تكيفه مع المجتمع نتيجة تأثره بالأحوال و الظروف المحيطة به فإنه يرتكب جريمة لا محالة، ومن أنصار هذا الاتجاه القاضي الايطالي رفائيل جاروفا لو، الذي عرف الخطورة الإجرامية بأنها “الأمارات التي تبين ما يبدو على المجرم من فساد دائم فعال، والتي تحدد كمية الشر التي يحتمل صدورها عنه، فهي تعني أهلية المجرم الجنائية ومدى تجاوبه مع المجتمع كما عرفت الخطورة الإجرامية على أنها: “احتمال اقدام الشخص على ارتكاب الجريمة لأول مرة (1)

ويتضح مما سبق أن البعض اعتمد في تعريفه للخطورة الإجرامية على الحالة النفسية كأساس له، وأوضح مدى تأثيرها على الشخص المجرم، بينما اعتمدالبعض الآخر على العوامل الاجتماعية التي تركز على الدوافع والظروف المحيطة بالمجرم والتي تنبئ عن احتمال ارتكابه جريمة مستقبلاً.

وتشترك الخطورة الإجرامية مع الخطورة الاجتماعية في أن أساس كل منهما هو الجريمة والسلوك غير المشروع، حيث يجمع بين الخصيصة السببية والخصيصة الكشفية، وإن كانتا تظهران في السلوك غير الاجتماعي بدرجة أقل، إذ تتمثل الخصيصة السببية – في الحالتين- في ضرر أو خطر مباشر يرد على الحق المعتدى عليه، وفي ضرر اجتماعي غير مباشر هو النيل من سلطة القانون وعصيان إرادته، وأيضا في خطر اجتماعي غير مباشر هو احتمال تكرار السلوك نفسه من صاحبه و صيرورته مصدرا لقلق اجتماعي أو مصدرا لرد فعل غير مشروع من جانب المضرور أو ذويه، كما أن الخصيصة الكشفية تتمثل في أن السلوك يكشف عن نفسية خطرة  (2)

كما أن الخطورة وصفت بأنها إجرامية لكون ما تنذر به هو الجريمة، فلا يكفي نعتها بأنها اجتماعية، كما أنه ليس من اللازم في الأفعال المضادة لصالح المجتمع أن تكون جريمة ماسة بهذه المصالح بشرط إضافي من شروط الكمال، لا بشرط جوهري من شروط الكيان والوجود، ولذا فإن الخطورة الاجتماعية جنس والخطورة الإجرامية نوع من هذا الجنس.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المبحث الأول

أسباب وضوابط تشديد العقوبة

تمهيد:

تشديد العقوبات على مرتكبي والجرائم في حال تكرارها يخلق نوعاً من الردع والكفّ عن تكرارها وأن تشديد العقوبات على الصعيد الخاص يساهم في امتناع مرتكبيها عن الرجوع إليها والخوض في ذات الجريمة أو الجنحة.

كما أن تشديد العقوبات حقق الهدف من ردع مرتكبي الجرائم الخطيرة من افتعالها وزَرع هاجس الخوف في كل شخص لعدم ارتكاب الجريمة التي سبق وقد شُددت عقوبتها حتى تنتهي الخطورة الاجرامية لديهم

وتنامى الجريمة في مجال معين قد يكون الردع غير كاف، “هنا يتوجب أن يتم تعديل القانون والعمل على تشديد العقوبة للظاهرة المتفشية في ذلك الوقت”.

وفي الجانب النفسي، ظهر ان تشديد العقوبة يحقق الردع المطلوب، ويمنع الجناة من تكرار جرائمهم وجنحهم، ولذلك سوف أتناول هذا المبحث في مطلبين كالآتي:

المطلب الأول: أسباب تشديد العقوبة

الفرع الأول: حالة اعتياد المجرم على ارتكاب الجريمة

الفرع الثاني: حالة سبق الإصرار والترصد في جرائم القتل

الفرع الثالث: حالة السرقة تحت تهديد السلاح

المطلب الثاني: ضوابط تشديد العقوبة

الفرع الأول: عدم تعدي العقوبة إلى غير الجاني

الفرع الثاني: التوازن بين العقوبة والجاني

المطلب الأول

أسباب تشديد العقوبة

الفرع الأول: حالة اعتياد المجرم على ارتكاب الجريمة

تعريف العود والفرق بينه وبين الاعتياد:

يطلق العود في الاصطلاح القانوني على حالة الشخص الذي يرتكب جريمة بعد أخرى حكم فيها نهائياً، أي أن العود ينشأ عن تكرار وقوع الجرائم من شخص واحد بعد الحكم نهائياً عليه في إحداها أو بعضها.

وعود المجرم للإجرام بعد الحكم عليه دليل على أن المجرم يصر على الإجرام، وعلى أن العقوبة الأولى لم تردعه، ومن ثم فقد كان من المعقول أن يتجه التفكير إلى تشديد العقوبة على العائد، ولقد كانت فكرة التشديد تلقى فيما مضى مقاومة من بعض شراح القوانين الوضعية، أما اليوم فليس ثمة من ينازع في مشروعية العقاب على العود. (1)

الفرق بين العود والاعتياد:

جرائم الاعتياد هي التي يتطلب القانون لتجريمها ومعاقبة مرتكبيها تكرار الفعل المادي بحيث لا يكفي وقوعه مرة واحدة فقط بل أكثر من مرة حتى يكشف عن الخطورة الإجرامية التي تستوجب تجريم الفعل والعقاب عليه، فالمجرم المعتاد شخص وجد ضالته المنشودة في الاعتياد على ارتكاب الجرائم فأصبحت الجريمة بالنسبة له تمثل الحياة العادية، وتكرار اقترافها هو عبارة عن ممارسة للنشاط العادي في هذه الحياة (2)

ويجب التفرقة بين الاعتياد كجريمة قائمة بذاتها وبين العود كظرف مشدد للعقاب. فعندما يكون الاعتياد جريمة قائمة بذاتها فإن الفعل الذي يرتكب لأول مرة فقط دون تكراره لا يعتبر جريمة ولا يعاقب عليها القانون بالمرة إلا بتكرار الفعل المادي المكون للجريمة.

أما في حالة العود كظرف مشدد للعقوبة فإن الجريمة الأولى أو الفعل الأول الذي ارتكبه الجاني كالسرقة لأول مرة معاقب عليها قانوناً وفي حالة العود تشدد العقوبة إذا وقت السرقة مرة ثانية (3)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  1. عبد القادر عودة، التشريع الجنائي الاسلامي مقارناً بالقانون الوضعي، ج2، ص626
  2. د. علي عبد القادر القهوجي، قانون العقوبات، القسم العام، مرجع سابق، ص 377
  3. عبد القادر عودة، مرجع سابق، ص 628

ويعتبر عودة المجرم لارتكاب الجريمة مرة اخري بعد الحكم عليه ظرف مشدد، ويستلزم من القاضي تشديد العقوبة على المتهم، وإذا عاد لمرة اخرى جاز تشديد العقوبة واعتبارها ايضا ظرف مشدد. ويشترط الاعتياد أن يقوم المجرم بتكرار الفعل أكثر من مرة حيث لا يتم عقابه على ارتكاب الفعل للمرة الأولى فمن المفترض أن يقوم بتكراره مرة ثانية وثالثة، مثل ارتكاب فعل المراباة، فلا يعاقب عليها إلا إذا ارتكب الفاعل الجريمة لأكثر من مرة خلال ثلاث سنوات (1)

أما التكرار فهو ارتكاب المتهم جريمة أو أكثر بعد أن حكم عليه نهائياً من أجل جريمة سابقة فالتكرار يفترض ارتكاب المتهم عددا من الجرائم وهذه الجرائم المتعددة يجب أن يفصل بينها حكم بات وقطعي في إحداها أو بعضها ويتضح لنا من ذلك الفرق بين اجتماع الجرائم قبل أن يحكم عليه نهائياً من أجل أحداها في حين أن التكرار صدور حكم مبرم على المتهم قبل أن يقدم على ارتكاب الجريمة التالية واعتبر المشرع أن التكرار سبب لتشديد العقوبة ويرى بأن العقاب المغلظ هو الذي يردع مثل هذا الشخص عن الجرائم (2)

ويترتب عن اعتبار المتهم عائدا إلى الجريمة التشديد عليه في العقاب وذلك بالترفيع مبدئيا من الحد الأدنى والحد الأقصى من العقوبة المنصوص عليها بالنسبة للجريمة اللاحقة المحال من أجلها على المحاكمة الجنائية، فيصبح الحد الأقصى لعقوبة الجريمة المنسوبة للعائد مساوية لضعف الحد الأقصى للعقوبة، من العقوبة المنصوص عليها والمحددة بالنص المجرٍم لها. ويطبق هذا النظام العقابي علي العائد عامة إلا إذا نص القانون على نظام مغاير. (3)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  1. ص526
  2. أحمد عبد العزيز الألفي، العود الى الجريمة والاعتياد على الاجرام، المطبعة العالمية ص67

وشراح القوانين وإن كانوا يسلمون بالعقوبة على العود، إلا أنهم اختلفوا في تقرير المبادئ التي يقوم عليها العود، فالبعض يرى أن يكون العود خاصاً، بمعنى ألا يعتبر المجرم عائداً إلا إذا كانت الجريمة الثانية من نوع الجريمة الأولى أو مماثلة لها، فإن لم تكن الجريمة الثانية كذلك فلا يعتبر المجرم عائداً (1)

وفي رأينا يكون الشخص مجرماً معتاداً وخطراً إذا كان عضواً في عصابة من عصابات السرقة أو الاتجار في المخدرات أو السطو المسلح أو السرقة بالإكراه وصدر ضده أحكام متكررة في عدد من القضايا التي ارتكبها بنفس الأسلوب الخاص به مثل السرقة أو القتل أو النشل وغيرها من الجرائم ويجب تشديد العقوبة على مثل هؤلاء.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  1. عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي مقارناً بالقانون الوضعي، مرجع سابق، ص766

الفرع الثاني: حالة سبق الإصرار والترصد في جرائم القتل

سبق الإصرار والترصد هما ظرفان مشددان لجريمة القتل العمد، حيث إن سبق الإصرار هو ظرف نفسي يتطلب التخطيط المسبق والتصميم على ارتكاب الجريمة.

ومفهوم سبق الترصد هو تربص الإنسان بالضحية في جهة أو جهات كثيرة خلال مدة من الزمن تسبق ارتكاب الجريمة، فالترصد يعني إعداد وتجهيز أداة الجريمة، وهو واقعة مادية وهو ظرف يتطلب عنصر مكاني. أثر سبق الترصد في العقوبة: هو ظرف ذو طبيعة موضوعية ويمتد إلى الشركاء

الترصــــد: يعني أن يترصد الجاني بالمجني عليه حتى يرتكب جريمته المخطط لها، حيث يقوم بإعداد وتحضير الأدوات اللازمة مسبقاً قبل ارتكاب جريمته (1)

سبق الإصـرار: هو ظرف ذو طبيعة شخصية بمعنى أنه لا يمتد إلى الشركاء في الجريمة، ويتطلب هذا الظرف وجود العنصر النفسي، أما سبـق التـرصد يعتبر ظرف ذو طبيعة موضوعية بمعنى أنه يمتد إلى الشركاء في الجريمة، ويتطلب هذا الظرف وجود العنصر المكاني. (2)

وجوهر الترصد. هو انتظار الجاني للمجني عليه لمباغتته والغدر به لدى وصوله أو مروره بمكان الانتظار. عدم تحققه بالسعي إلى المجني عليه في مأمنه. مهما توصل الجاني إلى ذلك بوسائل التسلل والتخفي. مثال لاستدلال فاسد على قيام ظرف الترصد في جريمة قتل عمد.

ويتحقق سبق الإصرار بإعداد وسيلة الجريمة ورسم خطة تنفيذها بعيدا عن ثورة الانفعال مما يقتضي الهدوء والروية قبل ارتكابها علاوة على أنه يعد في حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة، بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها قاضى الموضوع من الوقائع والظروف المحيطة. (3)

ويعد سبق الاصرار وصف للقصد يستمد عناصره من عناصر القصد ومكوناته كما تقوم في جوهرها بما يقوم به القصد وينتفي بما ينتفي به وهو بهذا المعني لا ينتقي بالغلط في شخصية المجني عليه. أو الخطأ توجيه الفعل إليه ولا ينتقي كذلك سبق الاصرار إذا كان قصد الجاني غير محدد، فمن يصمم قتل أي شخص تسوقه الظروف أمامه وذلك اخلالا بحالة الأمن أو بغرض بث الرعب أو للإعلان عن منظمة إرهابية أو من يقوم باختطاف طائرة ويقوم بقتل أحد المحتجزين لإثبات جدية التهديد ولإرغام السلطات على الإذعان لمطالبة يتوافر به سبق الاصرار على ارتكاب الجريمة. (4)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  1. الدكتور محمد نمور، الجرائم الواقعة على الاشخاص، دار عمار للنشر والتوزيع ،2000م، ص74
  2. موسوعة ودق القانونية، سبق الإصرار والترصد، 2021م
  3. محمد صبحي نجم، قانون العقوبات، القسم الخاص، دار الثقافة، عمان، 1995، ص 216
  4. المرجع السابق، ص 217

الفرع الثالث: حالة السرقة بالإكراه أو السرقة تحت تهديد السلاح

تأتي السرقة في جملة الجرائم الواقعة على الأموال، فتتعرّض للإنسان في ماله وممتلكاته، كالاحتيال وإساءة الائتمان والاختلاس والتهويل والغش والتقليد وما إليها.

وعندما يضع المشرع نصاً تشريعيا جنائيا يستهدف منه العلاقات المميزة على كل سلوك انساني يجده ماساً بالعلاقات الاجتماعية السائدة ومعرقلاً لتطورها وازدهارها فيعمد الى وضع ما يراه مناسباً من عقوبات مشددة وتدابير قسرية للحد من انتشار هذا السلوك.

أولاً: السرقة بالإكراه:

سرقة بالإكراه هي جريمة سرقة أو محاولة سرقة أي شيء ذي قيمة بالقوة أو بالتهديد باستخدام القوة، أو عن طريق إرهاب الضحية. وفقا للقانون العام، تُعرَّف السرقة بأنها أخذ مِلك الآخر، بقصد حرمان الشخص دائما من ممتلكاته بالقوة أو الخوف

وعلة التشديد هنا هي أن مجرد وجود السلاح مع الجاني من شأنه أن يشد أزر من هو يعضده، ويجعله مقدما على جريمته بجرأة قد يفتقدها أن لم يكن حاملا سلاحا. (1)

ثانياً: حالة جريمة السرقة تحت تهديد السلاح:

جريمة السرقة تحت تهديد السلاح لها طبيعة مزدوجة وذلك لأنها تتكون من جريمتين تختلفان فيما بينهما، فالجريمة الأولى، هي جناية القيام بأعمال من شأنها تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر والاخلال بالنظام العام وإلغاء الرعب بين أفراد المجتمع، أما الجريمة الثانية هي السرقة باستخدام تهديد السلاح جريمة تهدد الاقتصاد القومي للدولة، حيث إن سرقة بنك تحت تهديد السلاح يعد جريمة تهدد الأمن والسلام وكذلك الاقتصاد الوطني.

والسرقة تحت تهديد السلاح من الجرائم التي تدل على خطورة إجرامية تهدد أمن وسلامة المجتمع واعتبار ظرف حمل السلاح متوافراً حتى ولو كان الجاني يحمله بسبب عمله، لأن الأصل أن السلاح معه للدفاع أو لأداء عمله.

فإن ارتكب الجريمة وهو حامل سلاحه دل ذلك على استهانته بحقوق الأفراد وعلى خطورته واستعداده لاستعمال السلاح إذا اقتضي الحال ذلك. (2)

العلة الداعية إلى تشديد العقوبة في جريمة السرقة إذا اقترنت بحمل السلاح أن حمل الجاني للسلاح يشد أزره ويلقى الرعب في قلب المجني عليه أو من يخف لنجدته ويهيئ السبيل للجاني لاستعماله وقت الحاجة.

 ونحن نتفق مع هذا ونؤيده القضاء لأسبابه التي أوردناها

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  1. د. أشجان خالص الزهيري، جريمة السرقة بالإكراه في الطريق العام، المملكة العربية السعودية، ص 18
  2. عمر الفاروق الحسني، شرح قانون العقوبات القسم الخاص، ص 205

المطلب الثاني: ضوابط تشديد العقوبة

سلطة القاضي الجنائي هـي تلـك الرخصـة التــي منحهـــا إياه المشــرع أثنـاء توقيــــع العقوبــــة علــــى الجـاني لا يزيـد عــــن حــد العقوبــــة الأقصى، وألا يقل عــن حـد العقوبة الأدنى، ويحــدد المشـــــرع عقوبـــة لكـــل جريمــة على أســـا س التناســب بــــــين الخطـــورة والضـرر، ويكتفـي المشــــرع بتحديـــد العقوبـــة العادلـــة والمقومة إزاء شــخص عـادي ذو ظــروف عاديـــة، مسـلماً فـي الوقـــــت ذاتــه بأنـه قــد يرتكـــب الجريمــة شـخص ذو ظــروف غيــر عادية تستلزم جريمته تشديد العقوبة عليه،  مشـــددة بســبب ظـــرف عــام أو خاص، ويمكن للقاضـي في هـذًه الحالة مــن الارتقاء بالعقوبـة ويعتبـر مـن الظـروف المشـددة للجريمـة ارتكابها لبواعـث دنيوية، أو ارتكابها بانتهاز فرصـة عجـز المجنـي عليـه عــن المقاومـة وفي ظــروف لا تمكــن الغيــر من الـدفاع عنــه، أو اتخاذ طرق وحشــية لارتكاب الجريمـة أو التمثيــل بالمجني عليه أو وقوع الجريمة من موظف عام. (1)

وسوف نتناول هذا المطلب في الفرعيين التاليين:

الفرع الأول: عدم تعدي العقوبة إلى غير الجاني

وعدم تعدي العقوبة الى غير الجاني يعني قصر الايلام البدني والمعنوي على من ارتكب الجريمة دون المساس بذويه أو غيرهم ممن له علاقة بالجريمة.

وقد أمرت الشريعة الإسلامية بعدم مجازاة غير مرتكب الجريمة وذلك من خلال ما جاء في القرآن الكريم بقوله تعالى (ولا تزر وازرة وزر أخرى) (2) وقوله تعالى (ومن يعمل سوءاً يجز به) (3)، ومن المستحيل أن توقع عقوبة على شخص لا صلة له بالجريمة وإن كانت له صلة بالجاني، فلا ذنب لابن الجاني أو أبوه أو أي من أقاربه فالجاني هو من يتحمل تبعة جرمه. ويختلف العقاب الجنائي عن العقاب المدني الذي ينظر الى الضرر الذي لحق بالمضرور، ومحاولة مواجهة هذا الضرر وإن امتد للغير وهو ما يعرف بمقابل الوفاء من الغير وهذا مالا يتوافر في الجزاء الجنائي، حيث لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يمتد الجزاء الى غير مرتكب الجريمة (4)

ويجب على القاضي التأكد من مسؤولية المتهم من الجريمة التي اتهم بها قبل اصدار الحكم لإدانته، وكذلك يجب على سلطات التنفيذ أن تتأكد أن الشخص الذي تنفذ عليه العقوبة هو ذاته الذي أدانه القضاء وحكم بعقابه (5)

وهذا الأصل في الجريمة أن عقوبتها لا يتحملها إلا من أدين بها كمسئول عنها، وهي بعد عقوبة يجب أن تتوازن وطأتها مع طبيعة الجريمة موضوعها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  1. لطيفة المهداني، حدود سلطة القاضي التقديرية في تقدير الجزاء” دار طوب بريس، المغرب، ص،277
  2. سورة فاطر، الآية (18)
  3. سورة النساء، الآية (123)
  4. د. احمد فتحي سرور، أصول السياسة الجنائية، ص183
  5. محمد الفاضل، المبادئ العامة في قانون العقوبات، ط2، دمشق 1963م، ص 540

ولا يشترط أن تمس العقوبة الفاعل الأصلي للجريمة فقط، بل هي تمس أيضا الشريك والمحرض والمتدخل والمخبي، وإذا تبين للقضاء خطأه وأن العقوبة فرضت على شخص غير مسؤول عن الجريمة فمن الواجب إيقاف تنفيذ العقوبة فورا والتعويض على المحكوم عليه أو ورثته لقاء ما لحقه من أذى لم يكن موضوعا في محله.

وقد يحدث أحياناً أن يمتد إيلام وآثار العقوبة إلى غير المجرم، من ذويه، ولكن ذلك لا يخل بشخصية العقوبة، ما دامت قد حدثت بصورة تبعية، وأن آثارها غير مباشرة لها وغير مقصودة لذاتها بتدخل المشرع بتوقيع العقاب، من ذلك مثلاً أن سجن المجرم أو إعدامه قد يورث بنيه وزوجته حسرة ولوعة، وقد يفقدهم مورد رزقهم، وكذلك الحكم بالغرامة على المجرم قد يؤثر في حقوق دائنيه، فهذه الآثار لا يمكن اجتنابها إلا بإعفاء المجرم من العقوبة، وهذا أمر غير مقبول ولا معقول. (1)

الفرع الثاني: التوازن بين العقوبة والجاني:

إن الجزاء الجنائي لا يجوز اعتباره مجرد مسألة موضوعية يجب تركها المطلق بتقدير قاضي الموضوع، بل يجب أن يخضع للمنطق القضائي تنزيهاً له عن شبهة التحكم، ومن العبث ألا تتوافر الرقابة الجدية على هذا المنطق (2)

والتشـديد وفقـاً لظـــروف الجريمة وعواملهــا الشخصية والبيئية هـو محـل كـل سياسـة جنائية ومحـل العقوبـة.

والجريمــة وليــدة ظروف اجتماعية وشخصية وظـل التطـور يصـاحب السياسـة الجنائية حتـى ظهـر التفريـد القضائي بمعناه الكامـل وهـو إعطـاء القاضـي سـلطة تقديريـة واسـعة لاختيار العقوبـة المناسـبة فـي نوعها ومقدارها وفقاً للحالة الواقعة أمامه.

و يعـد تشديد العقوبـة صـورة مـن صــور الظـروف المصاحبة للجريمة والتـي يأخــذ بهـا القاضـي عنـد وجود مـا يـدعو إلـى ذلـك و تعريـف الظــروف المشــددة بأنها هي الظــروف المنصــوص عليهـا فـي القـانون والتـي يترتـب عليهــا زيــادة جسـامة الجريمة، أو جســــامة مسؤولية الجـاني وبالتـالي زيـادة العقوبة المقـررة لها، وذهــب الـبعض الآخـر إلي أن الظـروف المشــددة هي ، حالات يجـب فيهـا علـى القاضي أو يجــــوز لــــه أن يحكـم بعقوبـة مـن نـوع أشـد مما يقـرر القـــانون للجريمة ، ولذلك يعرفهــا الـبعض بأنهـا الحالات والأفعال الموضـوعية والشخـصـية التي تــؤثر أو يمكـن أن تــؤثر على تشديد العقوبة للجريمة المرتكبة . (3)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  1. المرجع السابق ص 541
  2. د. حسنين عبيد، النظرية العامة للظروف المخففة، رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة ،1970م، 149
  3. د. أكرم نشأت إبراهيم “” الحدود القانونية لسلطة القاضي في تقدير العقوبة”، دار العلم للنشر والتوزيع، 1996م، صـ 75

ورأى يكاريا أنــه لابد من  وجـود توازن بـين اللذة التي يحصـل عليهـا المجـرم من اقتراف جريمته وبين العقـاب المطبق عليـــــه  ، ويعنـي التوازن هنا زيـادة العقـاب عـن حـد اللـذة ولكـن لا يجب أن تزيد العقوبة عن  الغرض المطلوب  وإلا أصبحت  العقوبة تعذيباً وتنكيلاً تقشـعر منـه الأبدان، فكـان مـــــن رأي يكاريا  أنه لابد من المساواة بـــــين المجـرمين وذلـك حتى يمكن استبعاد تحكـم القضـاة و اســتبدادهم حتـى يمكنـه الشــــــعور بالعدالــــــة، ومقتضـى ذلـك أن يحـدد القــانون عناصـر الجريمة وأن يحـدد العقـاب، فلا يتمكن القاضـي إلا من التأكـد مـن وجـود نص مدون لعقوبـة الجريمة ويقوم بتطبيقه ولابد مــن إعلان العقوبــة المقــررة للجريمــة، حتــى يكــون أمـام المجــرم فرصــة للتـردد فـي ارتكابها عنـد موازنتـه بـين ألـم العقوبـة ولـذة الجريمـة التـي ينـوي الإقدام عليها (1)

و تعتبـر الظــروف المشـددة جميعــاً ظروف  مشـددة قانونية أي مصـدرها القـانون ضـماناً لحقوق المواطنين واعمالاً لقاعدة  لا جريمـــــة ولا عقوبـــــة الا بنص حيـث يلتزم بهـا القضـاء ويمتنـع عليه القيـا س عليهـا أو تقريــر ظروف مشددة أخــرى غير تلك التي نص عليها القانون صراحة  وإذا توافرت الظروف المشـددة تــؤدي إلـى التشـديد فـي العقوبـة فقــــد يتجاوز الحـد الأقصى المقـرر للجريمـة، كما قــد يكـون الحكـم بعقوبـة مـن نـوع آخــــر أشـــــد درجـة كالحكم بالحبس  بدلاً من الغرامة  أو بالسجن بدلاً من الحبس  وقــــد تـؤدي إلـى تغييــــر طبيعــــة الجريمــــة مــــن جنحــــة إلــــى جنايـــــة وهـــــذا يتوقـــــف بطبيعـــــة الحـال علـى نــوع الظـرف المشـدد الذي يقـررًه القـانون للجريمة.

ومفهوم العدالة العقابية في الشريعة الإسلامية يقوم على التوازن بين الجاني والعقوبة ، ويقتضي هذا الحال المبالغة في الكشف بالأسباب المؤدية إلى ظهور الحق، يصان بها من وقوع الظلم على الجاني أو المجني عليه، و النظر إلى الأصلح بناء على غلبة الظن، والنظر إلى قواعد الأخذ بالأولى بما يوجب الابتعاد عن التعدي و يقود إلى التناصف و إلى الحق فإذا ثبتت العقوبة وقامت الأدلة المستمرة في قطعيتها، كـان من الواجب شرعا إنزالها على الجاني بقدر من التوازن مما يقدم حلاً مشروعاً يخفف من وطأة العقوبة التي قد يكون من شدة الإفراط فيها تجاوز واجب العدل فيها وحصول ما هو مخالف لمقصدها . (2)

.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  1. م، ص121
  2. عبد القادر عودة، التشريع الجنائي الاسلامي، مرجع سابق

المبحث الثاني

أثر تشديد العقوبة على الخطورة الاجرامية

تمهيد وتقسيم:

الجرائم التي تشدد عقوبتها اذا ارتكبت واتضح خطورة المجرم فيها، إلــى جانــب مــا يملكــه القاضــي مــن ســلطة فــي تقــدير العقوبــة ضــمن النطــاق النـوعي والكمـي للعقوبـة المقـررة أصلاً للجريمـة، فإن القاضي يتمتـع بسلطة تقديرية  في هـــذا المجال، تســمح لــه بتجــاوز هذا النطاق المحـــدد أساســاً نحــو التخفيــف أو تبعاً لما تقررًه التشريعات المختلفة  في التشديد وهذا يظهر له أثر فعال في تحقيق الردع العام والخاص  ولذلك سوف نقسم هذا المبحث الى مطلبين كالآتي :

المطلب الأول: تحقيق الردع العام والخاص

                       المطلب الثاني: الحفاظ على الأمن والسلم المجتمعي

المطلب الأول: تحقيق الردع العام والخاص

أولاً: الردع العام

 يمكن تعريف الردع العام بأنه: النية في ردع عامة الناس من ارتكاب الجرائم من خلال معاقبة أولئك الذين يرتكبون الجرائم. عندما يُردع مجرم من خلال إرساله إلى السجن على سبيل المثال، تُرسل رسالة واضحة إلى بقية المجتمع بأن هذا النوع من السلوك سوف ينتج استجابة بغيضة من نظام القضاء الجنائي. لا يريد معظم الناس الانتهاء في السجن ولذلك يُردعون عن ارتكاب الجرائم التي قد تودي بهم إلى العقوبة بهذه الطريقة أو هو إجراء  وقائي يستهدف الأشخاص غير مرتكبي الجريمة عن طريق توضيح العقوبة لهم وحتمية تطبيقها وسرعة تنفيذها على الجاني  بشكل عادل؛ بهدف ثني الآخرين عن التفكير في

ارتكاب مثل  الجريمة مستقبلاً . (1)

وتعتبر العوامل الإجرامية مصدرا للخطورة وقرائن عليها، مما يستوجب إقامة دليل على توافرها حتى يمكن توقيع التدبير، وهذا يترك للسلطة التقديرية للقاضي دون تحديد ضوابط وعناصر الخطورة. وإذا كانت السلطة التقديرية للقاضي تنصب على درجة الخطورة ّالاجرامية حتى يمكن اختيار العقوبة المناسبة، فمعنى ذلك أن الخطورة لابد أن تكون فعلية وليست مفترضة، فالخطورة المفترضة لا تدع مجالا للسلطة التقديرية للقاضي وإنما تخضع لتقدير المشرع ذاته استنادا إلى عناصر الواقعة المادية والمعنوية وما توافر في الفاعل من صفات وظروف يأخذها بعين الاعتبار وهذا ما يحدث عندما يقرر القاضي تطبيق العقوبة الرادعة أو التدابير الاحترازية. (2)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  1. . .ص،29
  2. عياد عيد الشمري تطبيق عوامل الردع العام، مركز البحوث الأمنية ، جامعة نايف بالمملكة العربية السعودية ، ص3

والقول بأن الجريمة تفصح عن مدى خطورة مرتكبها فإن القاضي يكون هو الجهة الأقدر والأكثر معرفة بشخصية الجاني وظروفه، مما يمكنه من اختيار الجزاء أو التدبير الملائم لحماية المجتمع من هذه الخطورة وفي نفس الوقت حماية المجرم وفرض المعاملة العقابية الكفيلة لإعادة تأهيله وإصلاح.

أما فكرة الردع العام في جوهرها تعني تحقيق الوقاية من الجريمة، والردع العام هو أحد نتائج سياسة العقاب في المدرسة التقليدية التي أحدثت ثورة في تاريخ القانون الجنائي السيئة التي كانت عليها العدالة الجنائية قبلها، فالعقوبة في المرحلة السابقة على المدرسة التقليدية لم يكن لها هدف سوى الانتقام من الجاني (1)

فكلما كان الفعل خطيراً كانت العقوبة أشد، ولم تتوقف التشريعات الجنائية في مختلف بقاع العالم عن التطور بسبب التغير الذي عرفه المجتمع البشري وانتقاله من مجتمع زراعي الى مجتمع صناعي وأصبحت قيمة الفرد تتزايد في المجتمع، وفي خلال القرن الثامن عشر بدأت نقطة تحول مهمة في تاريخ النظام الجنائي حيث نادى علماء الاجرام بأهمية تحقيق الردع في العقوبة اتقاءً لخطورة الجاني

والعقوبة في التشريع الجنائي الإسلامي نوع من الايلام المقصود يلحق بالجاني مقابل ما أرتكبه من جرم تحقيقاً للعدالة بين الناس وردعاً لهم عن معاودة الوقوع في الجريمة (2)

ويرى الباحث أن العقوبة إذا لم تكن مشددة ورادعة لأصحاب الخطورة الاجرامية فإنها لا تحقق أهدافها، لأن المجرم العائد أو صاحب السوابق لا تمر عليه مدة طويلة من الافراج عنه في الجريمة التي أدين بها حتى يعود لارتكاب جريمة أخرى، لذلك لابد من تشديد العقوبة عليه حتى يتحقق الردع العام ويتخلص المجتمع من شرورهم وآثامهم وهذا ما تطلبه المصلحة العامة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ1- د. عبد الفتاح الصيفي، حق الدولة في العقاب، ط2، 1985م، ص22

2- د. محمد نعيم يس، الوجيز في الفقه الجنائي الإسلامي، مؤسسة الاسراء للنشر والتوزيع، ط3، 1991م، ص 27

ثانياً: تحقيق الردع الخاص

إن عقوبـات شـرب الخمـر والقذف وقطـع الطريـق حققت الـردع والزجـر وهي لـم تشـرع دون علـم بـالنفس الإنسانية ودوافعهـا، فشــرعت العقوبـات فـي الجنايـات الواقعة بين الناس في النفـوس والأبدان والأعراض والأموال كالقتـل والجـراح والقذف والسرقة لتحقيق الردع العام والخاص

والردع الخاص: هو الأثر المباشر للعقوبة التي تحدث على ذات المجرم المحكوم عليه، أو الأثر الناشئ عن حقوق المحكوم عليه في بدنه، أو حريته، أو ماله، أو شرفه واعتباره

فالردع الخاص: هو إيقاع العقوبة على المجرم او المخالف على ما ارتكبه من فعل حتى يردعه ولا يعاود ارتكاب الفعل المجرم او المخالف مره أخرى والغاية من العقوبة هو منع ارتكاب الفعل واقف هنا لأقول بانه في حالات كثيرة يكون الردع والمنع وسيلة لتحقيق الغاية المرجوة منه، وهو منع الشخص من القيام بعمل يؤدي الى حرمان آخرين من الوصول الى حقوقهم علما اننا نعاني في هذا الوقت من عدم تشديد العقوبات بشكل عام.

وقد شرعت العقوبة بوصفها وسيلة لحماية المجتمع وهذا لا يتحقق إلا بغلق أبواب الشر والفساد والفتن والتعدي وذلك يأتي بتشريع احكام صارمة ورادعة للجاني ولابد من تنفيذها.

لذلك العقوبة ضرورة اجتماعية لابد منها، والضرورة تقدر بقدرها، فلا تكون أعظم مما ينبغي ولا أقل مما يجب، لتصبح الآثار المرجوة في حماية المجتمع ونظامه واقعاً ملموساً، فليس المقصود من العقوبة نكاية بالجاني أو انتقاماً منه لأن الأحكام العادلة تدور حول اصلاح المجتمع. (1)

وفي الشريعة الإسلامية إن إقامة العقوبة التعزيرية على المجرم يهدف إلى ردع الجاني حتى لا يعود إلى ارتكاب أي جريمة مرة أخرى، ذلك أن العقوبة، وما يترتب عليها من أذى، وألم مادي؛ ومعنوي تصده عن العودة إلى اقتراف الجريمة. (2) 

والهدف من الردع الخاص هو منع الجاني من معاودة الجريمة مرة أخرى، ومنع غير الجاني من تقليده بالإجرام، لأن التعزير الذي أقيم على من ارتكب الجريمة يمكن أن يقع عليه إذا وقعت منه الجريمة، فيرتدع وينزجر عن ارتكاب أي جريمة، لذا يجب أن تكون العقوبات التعزيرية زاجرة رادعة لاستئصال الجريمة، والمجرمين؛ ومن في قلبه مرض من جنبات المجتمع، والجماعة.،  وبعد ظهور الحركات الفكرية في الدفاع الاجتماعي، ووقاية المجتمع من الجريمة وأخطارها، استقر في السياسات العقابية المعاصرة على أن هدف الردع الخاص القائم على فكرة إصلاح الجناة وتأهيلهم، ينبغي أن يكون الغاية النهائية لوظيفة العقوبة، ولقد انعكس ذلك على التشريعات العقابية الحديثة التي أخذت بهذه الفكرة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  1.  محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية، إعلام الموقعين، ج1/ 6
  2. أبو العباس شهاب الدين أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن المالكي الشهير بالقرافي، ج1، الناشر، عالم الكتب للقرافي، ص 213

ويمكن قياس مستوى الردع الخاص بمستوى العود أي عود الفرد نفسه الى الجريمة، فكلما كان العود مرتفعاً دلً ذلك على ضعف الردع الخاص للعقوبة، وكلما كان العود منخفضاً دلً ذلك على أن العقوبة تردع الفرد مرتكب الجريمة، وأن العقوبة ناجحة في خفض مستوى الجريمة، ويمكننا أن نقول بأن الردع الخاص يؤدي الى خفض مستوى الخطورة الاجرامية (1)

المطلب الثاني: الحفاظ على الأمن والسلم المجتمعي:

ارتكاب الجريمة مجاهرة أو في مكان عام ما يثير قلق وفزع العامة ويحدث انطباعا لدى الناس بانعدام الأمن، إذا كان الفعل المجرم المرتكب ينم عن دناءة نفس وخسة طبع، كمن يسرق المصابين في الحوادث المرورية أو يقوم بتصوير النساء المصابات أو اللواتي تحت البنج بالمستشفيات، أو ارتكاب المتهم لأكثر من جريمة، أو من ينهب تحت تهديد السلاح في الطرق الخالية من المارًة. (2)

إن الشريعة الإسلامية شريعة متكاملة، صالحة لكل زمان ومكان، عادلة في تشريعاتها وأحكامها، وهذا يتجلى في موازنة التشريع لأنواع العقوبات الشرعية بأنواع مسبباتها، فجعل شدة العقاب مقابل شدة أثر الجريمة، والخطورة الاجرامية  على المجتمع الإسلامي أفرادًا وجماعات ، بل إن تطبيق العقوبات الشرعية على المجرمين خير وسيلة للقضاء على الخطورة الاجرامية ، وخير وسيلة لحفظ الدماء أن تسفك، والحياة من أن تهدر، والأعراض من أن تنتهك، والأنساب من أن تختلط، والأموال من أن تضيع أو تؤكل بالباطل، والعقول من أن تختل، والدين من أن يتخذ سخرية وهزواً، ومن المعلوم أن المهام التي تسند إلى الإمام ونوابه هي إقامة الحدود والعقوبات الشرعية وكل ما فيه صلاح الرعية، ولا يجوز الاعتراض عليه في شيء، حتى لا تكون فوضى يعجز الناس عن تداركها أو قمعها فتسفك دماء وتسرق أموال وتنتهك أعراض ويأكل فيها القوي الضعيف . وجاء في الحديث الشريف، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنما الإمام جُنَّةٌ، يُقَاتَلُ مِنْ ورائه وَيُتَّقَى به، فإن أمر بتقوى الله وعَدَلَ كان له بذلك أجرٌ، وإن يأمر بغيره كان عليه منه» رواه البخاري ومسلم.

وللقاضي سلطة تقديرية واسعة في اختيار نوع العقوبة وتدرجها ضمن النطاق المحدد لعقوبة كل جريمة على حده، كما ان له سلطة استثنائية تسمح له بتجاوز النطاق المحدد في تشديد العقوبة إذا كانت تقضي على الخطورة الاجرامية وتحافظ على أمن المجتمع (3)

ولاشَكّ أن فرض الأمن والطّمأنينة في الحياةِ الفَردية والاجتماعية مِن الأمور الأساسية التي أدت الشريعة الإسلامية على تحقيقِها، وذلك عبرِ إقامةِ الحُدود على المُعتدين التي يكون لها الأثرٌ في اختفاءِ بوادر الانْحراف والفساد في المُجتمع.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  1. زين الدين بن إبراهيم بن محمد، المعروف بابن نجيم المصري، البحر الرائق، ج5، ص3
  2. نجلاء بوقصه، تفريد العقاب وأثره على الجزاء الجنائي، جامعة العربي التبسي، 2021م، ص 5
  3. المرجع السابق، ص6

ولو ضربنا مثالاً لجريمة القتل العمد نجد أن عقوبة القصاص علاج ناجح في معالجة حوادث القتل والفلتان الأمني والفساد الاجتماعي، وتعتبر من أبرز الاحكام الشريعة التي تحفظ حياة الامة التي تعيش بلا عقوبة للمجرمين، فهي أمة ضعيفة منحلة مفككة الأوصال؛ لأنها تعيش في فوضى اجتماعية وتخبط من كثرة حوادث الإجرام التي تسبب الخوف وعدم الأمن والسلام في المجتمع.  وعقوبة القصاص يكمن فيها إصلاح الحياة الإنسانية وتعمل على زيادة التنشئة الاجتماعية عند الفرد والأسرة والمجتمع على حد السواء، وتحقق للأمة الأمن والسلام والبناء الحضاري في المجتمع، وتحافظ على حياة الناس الاجتماعية والأمنية والأخلاقية والسياسية والاقتصادية، فيعم الأمان ويسود الاطمئنان والرفاه الاجتماعي ربوع الوطن الذي يحتكم فيه الناس إلى الشريعة الإسلامية (1)

إن الهدف الأسمى للشريعة الإسلامية هو الحفاظ على الأمن والاستقرار وترسيخ ذلك في المجتمع فهو مطلب أكدت عليه النصوص القرآنية والسنة الشريفة، قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إلى عَذَابِ النَّارِ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ (2)

، وبالإضافة إلى الأمن والاستقرار أكدت الشريعة الإسلامية أيضاً على الحفاظ على ضرورات الإنسان وهي الدين والعقل والنفس والعرض والمال والحفاظ عليها يكون بإقامة العقوبات الشرعية من الحدود والتعزير في حق الجناة، وأما إذا ضيعت حدود الله أو أسقطت أو فرّق فيها بين الغني والفقير أو شفع فيها شافع وقُبلت شفاعته بعد أن رفعت إلى القاضي فهذا يؤدي إلى عواقب لا تحمد عقباها، مما يؤدي إلى وقوع الأزمات والكوارث والحروب بين المذاهب والطوائف.

ومن هذه الحدود التي يفترض تسليط الضوء عليها والبحث فيها لأنها موضع حاجة للمجتمع ونظراً للظروف القاهرة التي يمر بها كثير من البلدان  الإسلامية ،  هو حد الحرابة، فهي من الجرائم العظيمة وهي قطع الطريق وتهديد الناس بالسلاح لأخذ أموالهم ويطلق على هؤلاء قطاع الطرق فهم يخرجون على الناس بأنواع الأسلحة، قال تعالى : (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الأْرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأْرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَ لَهُمْ فِي الآْخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ) (3)

هذه الآية هي من آو آخر ما نزل من القرآن أي بعد أن عالج القرآن كل ما يتعلق بالانحرافات الفردية والاجتماعية فهذه الآية لا تتكلم عن موضوع عادي أو جريمة كالجرائم المعروفة التي

تحصل في المجتمعات المؤمنة وغير المؤمنة وإنما جريمة لها أثرها على الفرد والمجتمع.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  1. 2008، ص1
  2. 2-       سورة البقرة، الآية (126)
  3. سورة المائدة، الآية (33)

الخاتمة:

وفي نهاية بحثنا هذا وهو تشديد العقوبة وأثره على الخطورة الاجرامية، نريد أن نوضح أن هذا البحث اشتمل على عدة محاور رئيسية متعلقة بتشديد العقوبة وأثره على الخطورة الاجرامية، فالخطورة الاجرامية هي سبب من أسباب تشديد العقوبة ترد إلى مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية وتفاعلها المؤدي إلى احتمال ارتكاب الجرائم. وهي من الموضوعات التي تقف على الحدود بين علم الاجرام وعلم العقاب وقانون العقوبات بالنظر الى ما تثيره من قضايا متعلقة بأمن وسلامة المجتمع كما أن تنامي الجريمة في مجال معين قد يكون الردع فيه غير كافي، هنا يتوجب أن يتم تعديل القوانين والعمل على تشديد العقوبة للقضاء على الخطورة الاجرامية ويتحقق الردع المطلوب ويمنع الجناة من تكرار جرائمهم.

النتائج والتوصيات

وقد توصل الباحث لعدد من النتائج والتوصيات نذكر منها:

أولاً: النتائج:

  1. إن الشريعة الإسلامية شريعة متكاملة، صالحة لكل زمان ومكان، عادلة في تشريعاتها وأحكامها، وهذا يتجلى في موازنة التشريع لأنواع العقوبات الشرعية بأنواع مسبباتها، فجعل شدة العقاب مقابل شدة أثر الجريمة..
  2. شرعت العقوبة بوصفها وسيلة لحماية المجتمع وهذا لا يتحقق إلا بغلق أبواب الشر والفساد والفتن والتعدي وذلك يأتي بتشريع احكام صارمة ورادعة للجاني ولابد من تنفيذها.
  3. إذا قترن الفعل بالتعدي على سلامة الجسم بأي من ظرفي سبق الإصرار أو الترصد فإنه يشدد من قدر العقوبة المحددة له. لأنه ينبئ عن خطورة إجرامية.
  4. تعتبـر الظــروف المشـددة جميعــاً ظروف مشـددة قانونية أي مصـدرها القـانون ضـماناً لحقوق المواطنين واعمالاً لقاعدة لا جريمــة ولا عقوبــة الا بنص
  5. ان الإعداد بفكرة الخطورة الإجرامية يستتبع بالضرورة القول بأن هناك مجرم خطر، وأن لدى هذا المجرم احتمال نحو ارتكاب جريمة مستقبلا أو احتمال نحو عودته إلى الإجرام فالخطورة حالة. تتكون من تفاعل عدة عوامل داخلية وخارجية تخلق لدى الشخص دافعا أقوى إلىالإجرام حيث تتغلب لديه قوة الدافع على قوة المانع، أي على قوة مقاومته للنوازع الإجرامية.
  6. إن تقدير الجزاء وفقا لمعيار الخطورة بتوقف على المشرع في الاهتمام بهذا المعيار فإذا كان يجعلالخطورة مناط الجزاء الجنائي فهنا يكون المشرع قد خصص الغاية التي يجب على قاضيلموضوع أن يتوخاها عند استعمال سلطته التقديرية في حدود المصلحة العامة للمجتمع.
  7. لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يمتد الجزاء الى غير مرتكب الجريمة
  8. ليس المقصود من العقوبة نكاية بالجاني أو انتقاماً منه لأن الأحكام العادلة تدور حول اصلاح المجتمع
  9. جرائم الاعتياد يتطلب القانون لتجريمها ومعاقبة مرتكبيها تكرار الفعل المادي بحيث لا يكفي وقوعه مرة واحدة فقط بل أكثر من مرة حتى يكشف عن الخطورة الإجرامية التي تستوجب تجريم الفعل والعقاب عليه.
  10. أكدت الشريعة الإسلامية على الحفاظ على الضرورات الخمس وهي الدين والعقل والنفس والعرض والمال والحفاظ عليها يكون بإقامة العقوبات الشرعية من الحدود والتعزير في حق الجناة.

ثانياً: التوصيات:

ومن خلال النتائج يوصي الباحث بالآتي:

  1. تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في الدعاوى الجنائية في كافة الدول الاسلامية لأنها توازن بين شدة العقاب وأثر الجريمة على أمن المجتمع
  2. تنفيذ العقوبات على الجناة الذين لديهم خطورة إجرامية بصرامة حتى يتحقق الردع العام والردع الخاص.
  3. 3-    .  مراعاة أهداف العقوبة عند ثبوت الجريمة على الجاني وعدم إصدار الأحكام الانتقامية
  4. تأكد القاضي من مسؤولية المتهم عن الجريمة التي اتهم بها قبل اصدار الحكم المشدد عليه وإدانته.
  5. تنفيذ العقوبة مشددة في حالة اقتران فعل الاعتداء بسبق الإصرار أو الترصد، في جريمة القتل العمد نظراً لخطورة الجاني مع توضيح إجراءات تنفيذ عقوبة القتل العمد القضائية للناس وأن التأخير في تنفيذها يكون بهدف التحقق من مرتكبها بشكل قطعي وبالتالي تحقيق العدالة

المصادر والمراجع:

  1. القرآن الكريم
  2. السنة النبوية
  3.  ابن عبد البر، يوسف عبد الله، لاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار، ج1، 2000م، دار الكتب العلمية بيروت،
  4. أبو العباس شهاب الدين أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن المالكي الشهير بالقرافي، ج1، الناشر، عالم الكتب للقرافي.
  5. أحمد حبيب السماك، ظاهرة التكرار للجريمة في الشريعة والقانون، جامعة الكويت
  6. أحمد عبد العزيز الألفي، العود الى الجريمة والاعتياد على الاجرام، المطبعة العالمية.
  7. الجبور محمد، الوسيط في قانون العقوبات، القسم العام، ط1، دار وائل للنشر.
  8. د. احمد فتحي سرور، أصول السياسة الجنائية.
  9. أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون العقوبات، ‎دار النهضة العربية، مصر‎.، 2020م
  10. د. اسحاق منصور ابراهيم: موجز في علم الإجرام وعلم العقاب، ديوان المطبوعات الجامعية، 2006م.
  11. د. أشجان خالص الزهيري، جريمة السرقة بالإكراه في الطريق العام، المملكة العربية السعودية
  12. د. أكرم نشأت إبراهيم “” الحدود القانونية لسلطة القاضي في تقدير العقوبة”، دار العلم للنشر والتوزيع، 1996م.
  13. د. حسنين عبيد، النظرية العامة للظروف المخففة، رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة ،1970م
  14. د. عبد الفتاح الصيفي، حق الدولة في العقاب، ط2، 1985م.
  15.  د. محمد نعيم يس، الوجيز في الفقه الجنائي الإسلامي، مؤسسة الاسراء للنشر والتوزيع، ط3، 1991م 
  16. د. محمد نيازي حتاتة” الدفاع الاجتماعي” السياسة الجنائية المعاصرة، مكتبة وهبة للطباعة والنشر الطبعة الثانية، القاهر، 1985م
  17. د. محمد نمور، الجرائم الواقعة على الاشخاص، دار عمار للنشر والتوزيع ،2000م
  18. ، مختار الصحاح، 666هـ
  1. 19-  زين الدين بن إبراهيم بن محمد، المعروف بابن نجيم المصري، البحر الرائق، ج5.
  2. عبد الحميد المنشاوي: جرائم التشرد والتسول، المكتب العربي الحديث، الإسكندرية
  3. عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي مقارناً بالقانون الوضعي.
  4. عصام العبد محمد، القصاص وأثره على التنشئة الاجتماعية، الجامعة الإسلامية، غزة، فلسطين، 2008م
  5. 23-            – د. عبد الفتاح الصيفي، حق الدولة في العقاب، ط2، 1985م
  6. علي بن محمد بن حبيب الماوردي، الحاوي الكبير، ج2، دار الفكر، بيروت.
  7. علي عبد القادر القهوجي، أصول علمي الإجرام والعقاب، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2002.
  8. عمر الفاروق الحسني، شرح قانون العقوبات القسم الخاص
  9. فتاوي الشبكة الاسلامية، بإشراف الفقيه عبد الله، 1427هـ، فتاوى الشيخ بن جبرين
  10. فتوح عبد الله الشاذلي، أساسيات علم الإجرام والعقاب، منشأة المعارف الإسكندرية ،2000م
  11. رمسيس بهنام، الكفاح ضد الاجرام، منشأة المعارف، الاسكندرية، 1996م
  12. لطيفة المهداني، حدود سلطة القاضي التقديرية في تقدير الجزاء” دار طوب بريس، المغرب.
  13. محمد الفاضل، المبادئ العامة في قانون العقوبات، ط2، دمشق 1963م
  14. محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية، إعلام الموقعين، ج1
  15. محمد ناصر عبد الرزاق المرزوقي، التدابير الاحترازية بين النظرية والتطبيق، رسالة لنيل درجة الدكتوراه في الحقوق، جامعة الإسكندرية، 2004م
  16. محمد صبحي نجم، قانون العقوبات، القسم الخاص، دار الثقافة، عمان، 1995، ص 216
  17. المقدسي شرف الدين موسى الحجاوي، الاقناع، ج4 المكتبة التجارية، القاهرة، مصر سنة 1351 هـ،
  18. موسوعة ودق القانونية، سبق الإصرار والترصد، 2021م
  19. نجلاء بوقصه، تفريد العقاب وأثره على الجزاء الجنائي، جامعة العربي التبسي، 2021م.

فهرس الموضوعات

الموضوع  رقم الصفحة
المقدمة  4
خطة البحث  7
المطلب التمهيدي: مفهوم مصطلحات البحث  8
الفرع الأول: تعريف تشديد العقوبة  8
الفرع الثاني: مفهوم الخطورة الاجرامية  10
المبحث الأول: أسباب وضوابط تشديد العقوبة  13
المطلب الأول: أسباب تشديد العقوبة  14
الفرع الأول : حالة اعتياد المجرم على ارتكاب الجريمة14
الفرع الثاني : حالة سبق الاصرار والترصد في جرائم القتل17
الفرع الثالث : حالة السرقة بالإكراه والسرقة تحت تهديد السلاح18
المطلب الثاني: ضوابط تشديد العقوبة  19
الفرع الأول: عدم تعدي العقوبة الى غير الجاني  19
الفرع الثاني: التوازن بين العقوبة والجاني  20
المبحث الثاني : أثر تشديد العقوبة على الخطورة الاجرامية22
المطلب الأول: تحقيق الردع العام  22
المطلب الثاني: الحفاظ على الأمن والسلم المجتمعي  25
الخاتمة: وتحتوي على النتائج والتوصيات  27
المصادر والمراجع  29

قيم البحث الأن

راجع البحث قبل التقييم

راجع البحث قبل التقييم

تقييم المستخدمون: 5 ( 1 أصوات)

عبد الوهاب عبد الكريم محمد المبارك

الأستاذ المشارك بكلية الخليج بالمملكة العربية السعودية

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتًا
التقيمات المضمنة
عرض كل التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا الأن
1
هل تحتاج الي مساعدة او نشر بحثك !
Scan the code
مجلة scp الماليزية
مرحبا
كيف استطيع مساعدتك !