إتحاف اللَّطيف بصحَّة النَّذر للموسر والشَّريف
إتحاف اللَّطيف بصحَّة النَّذر للموسر والشَّريف
لمحمَّد بن أحمد الجوهريّ الصغير ( ت 1215ه )
المستخلص
الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين. أما بعد؛
فهذا البحث دراسة وتحقيق لرسالة بعنوان: ” إتحاف اللَّطيف بصحَّة النَّذر للموسر والشَّريف “، للشيخ محمد بن أحمد الجوهري الصغير المتوفى في سنة (1215هـ). وقد ضمَّنها فوائد منبثقة من تحقيقاته لأقوال فقهاء الشافعية والمقابلة بينها في مسألة النذر المطلق وهل يسلك به مسلك واجب الشرع، فيحمل على أقل واجب من جنسه، أم يسلك به مسلك جائز الشرع، فيحمل على أقل جائز من جنسه، أم أن الراجح منهما يختلف تبعاً لظهور الدليل في أحدهما دون الآخر، مخرجاً على ذلك مسألة صحة النذر للموسر والشريف، واحتوى البحث على مقدمة، وقسمين: القسم الأول: في التعريف بالمؤلف ورسالته. وتضمن القسم الثاني: النص المحقق. وكان المنهج المتبع في التحقيق هو إظهار النص أقرب ما يكون لمراد مؤلفه، من خلال كتابة النص صحيحاً وفق قواعد الرسم الإملائي الحديث، ووضع علامات الترقيم، وضبط ما يحتاج إلى الضبط، وعزو الأقوال الواردة فيه إلى مظانها، والتأكد من صحتها، والتعليق على ما يحتاج فيه إلى ذلك.
كلمات مفتاحية: النذر، الموسر، الشريف، صحة، الجوهري، الصغير.
ABSTRACT
A verification of a manuscript
Titled ‟Ethaaf Al-Lateef”
:Abstract
This research is a study and verification endeavour of a thesis titled ‟Ethaaf Al-Lateef bi Sehhatt Al-Nather li Al-Musser wa Al-Sharif,” [Al-Lateef’s (The All-Subtle) Gift Concerning the Validity of Vows of the Rich and Noble Persons)], by Sheikh Muhammad bin Ahmad Al-Johari Al-Sagheer (died 1215H.). He has included in it some benefits emanated from his verifications of the statements of Shafie jurists, making a contrast between them as regards the question of making an absolute vow (to Allah), and whether he considers this obligatory in Shariah and, thus, it is regarded as less obligatory of its kind, or is it considered permissible in Shariah, thus, it is regarded as less permissible of its kind, or is the preponderant view of the two differs according to the appearance of the evidence in one of them, and, accordingly, coming out with the issue of the the vow’s validity of both rich and noble persons.
Moreover, the research includes an introduction and two sections. Section One introduces the author and his message. Section Two includes the verified text. The adopted method of verification is to show the text as close to its author’s intent as possible by writing the text correctly according to the rules of modern spelling and punctuation, identifying what needs to be controlled, attributing the statements contained therein to their meanings, verifying their authenticity, and commenting on what needs to be commented on.
:Key Words
Vows – Rich person – Noble person – Validity – Al-Johari – Al-Sagheer.
**********
Translated by: Samira Ahmad Badgaish
Email: samira.badgaish@gmail.com
20/6/1445 – 2/1/2024
المقدمة
الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي الأمين، وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن الحمدلله الذي سخر لهذه الأمة علماء فضلاء بذلوا جهدهم في معرفة شرع الله وفهمه، علماً وفهماً وسع الصدور والسطور، فتركوا من ذلك لمن خلفهم إرثاً عظيماً، ثم الحمدلله أن سخر لهذا الإرث من يخدمه بالنقل والتحقيق والتنقيح، ومن هؤلاء الشيخ محمد الجوهري مؤلف هذه الرسالة، وهي رسالة في الفقه على الرغم من صغر حجمها إلا أنها تضمنت تحقيقات ومناقشات لأقوال فقهاء الشافعية حول موضوع صحة النذر للغني والشريف انبثقت عن فوائد قيمة في هذه المسألة، وقد يسر الله عز وجل لي الحصول على هذه الرسالة لتحقيقها، فأسأله بمنه وفضله وكرمه العون والتوفيق لإخراجها على نحو أقرب ما يكون لما أراده مؤلفها، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
سبب التحقيق:
قد كان الباعث وراء إخراج هذه المخطوطة هو المساهمةً في خدمة التراث الإسلامي، والرغبة في نفع طلبة العلم بها؛ حيث لهذه المخطوطة أهمية تنبع من نسختها الفريدة، ومن مكانة مؤلفها وموضوعها، فأما المؤلف فهو فقيه فاضل من أهل التدقيق والتحقيق، وله في خدمة الفقه الشافعي رسائل عدة، وأما الموضوع ففي صحة النذر للموسر والشريف، وهو داخل في أبواب عدة من أهمها باب الزكاة، وقد تميزت المخطوطة بما حوته من نقولات مفيدة لأعلام الشافعية ممن لا يخفى شأنهم ومكانتهم كالنووي، وزكريا الأنصاري، وابن حجر، والرملي، وغيرهم.
خطة البحث:
اشتمل البحث على مقدمة، وقسمين:
المقدمة: وتناولت سبب التحقيق، وخطة البحث، ومنهجه.
القسم الأول: التعريف بالمؤلف ورسالته، وفيه مبحثان:
المبحث الأول: التعريف بالمؤلف.
المبحث الثاني: التعريف بالرسالة ومنهج التحقيق.
القسم الثاني: النص المحقق.
منهج البحث في القسم الأول:
– التعريف بالمؤلف، والتأكد من نسبة الرسالة إليه، وذلك بالرجوع إلى المخطوط، وإلى كتب التراجم والتاريخ، وفهارس الكتب والأدلة.
– بيان منهج المؤلف في رسالته، ومصادره فيها.
– بيان معاني بعض المصطلحات والرموز الواردة في الرسالة، وذلك بالرجوع إلى الكتب المعنية باصطلاح المذهب ورموزه وأعلامه.
– عدم الترجمة للأعلام الوارد ذكرهم في القسم الأول؛ رغبة في عدم الإطالة.
وفي الختام أسأل الله تعالى التوفيق والسداد، وقبول هذا العمل، والعفو عما به من الزلل، والصلاة والسلام على نبي الرحمة والهدى، والحمد لله أولاً وآخراً.
القسم الأول: التعريف بالمؤلف ورسالته
المبحث الأول: التعريف بالمؤلف
أولاً: اسمه ونسبه وكنيته ولقبه:
هو محمد بن أحمد بن حسن بن عبدالكريم الخالدي الجوهري، وكنيته أبو هادي، واشتهر بلقب ابن الجوهري، أو الجوهري الصغير.([1])
الخالدي؛ نسبة إلى الصحابي الجليل خالد بن الوليد رضي الله عنه([2])، والجوهري؛ نسبة إلى بيع الجواهر، حيث كان جده لأبيه يبيع الجوهر.([3])
وقد اتفق كل من ترجم للشيخ ابن الجوهري على هذا النسب، كما أثبته الشيخ بنفسه في شرح كتاب والده([4])، فابتدأ بنسب والده، وبيان النسبة.([5])
وأما تلقيبه بالصغير؛ فلأنه كان أصغر إخوته.([6])
ثانياً: ولادته ونشأته وعصره:
ولد الشيخ ابن الجوهري في سنة (1151ه)، ونشأ في كنف أسرة عريقة ذات دين وعلم وثروة([7])، وقد تتلمذ على يد نخبتها في العلم، فوالده الشيخ أحمد الشهير بالشهاب الجوهري، فقيه متكلم، وصاحب مصنفات عدة، وهو من علماء الجامع الأزهر([8]) في ذلك الوقت، وقد دَرَّس به حتى وفاته في سنة (1182ه)، وأخذ عنه جملة من العلماء الأفاضل، ومنهم ابنه الجوهري الصغير.([9])
وأخوه الأكبر أحمد – سَمِيُّ والده – وهو كذلك من أهل العلم، وكان خليفة والده في التدريس في الأزهر، وقد أخذ عنه الشيخ ابن الجوهري وانتفع بعلمه، ولم يقتصر علم الشيخ على والده وأخيه، وإنما لازم العلماء والشيوخ، وحضر مجالسهم، وانتفع بهم، مما كان له بالغ الأثر في تكوين بنائه العلمي.([10])
وكان للشيخ مكاناً خاصاً بمنزل والده، يجلس فيه متفرغاً منعزلاً لطلب العلم، وكان والده يحث من يزوره من طلابه وغيرهم على قصد ولده للأخذ عنه؛ لما ظهر فيه من أمارات النبوغ في العلم والفهم، وهكذا اشتهر وطار صيته، وجلس للتدريس، حتى صار مقصداً لكثير من الناس من مختلف البلدان؛ طلباً للعلم، وبعد وفاة أخيه حاولت جموع الناس إقناعه بتولي منصب أخيه في التدريس في الأزهر، إلا أنه رفض، واستمر على إلقاء الدروس في محله، وكان يميل للعزلة، والتعفف عن ملاقاة الأمراء والأعيان رغم حرصهم على ذلك، حتى زاد إعجاب الناس به، وإقبالهم عليه، وقد حج مع والده في سنة (1168ه)، وجاور سنة، وأخذ عن بعض شيوخ مكة، وهو الشيخ عبدالله الميرغني([11])، ثم حج في سنة (1187هـ)، وجاور سنة، عقد خلالها دروساً بالحرم، وانتفع به الطلبة، ثم حج مرة ثالثة في سنة (1199ه) وكذلك جاور سنة، أقرأ خلالها دروساً، واشترى كتباً نفيسة، ولما عاد استمر في تدريسه، وطلبه جماعة من الشافعية لتولي مشيخة الأزهر فرفض، ولكنه وعدهم في أن تؤول المشيخة للشافعية، فخاطب الأمراء، ولما له عندهم من تقدير وإجلال تم له ما وعد به.([12])
وقد عاش الشيخ ابن الجوهري تحت حكم العثمانيين في مصر، في وقت انتشرت فيه الطرق الصوفية([13])، وغلب على بعض علماء الأزهر التأثر بها، وحيث كان للأزهر شأن وسلطة عند الناس والولاة، ساهم ذلك في انتشارها.
وسياسياً، كانت الدول الأوروبية تتربص بالدولة العثمانية، وتحاول التدخل في شؤونها، وإثارة الفتن والثورات فيها، وتتحين الفرصة لتقويض أركان الدولة، والتي كانت تعاني فعلاً من بعض الانقسامات والانقلابات، وقد كان لرعايا تلك الدول تواجد في مصر لأسباب سياسية وغيرها، حيث عُقدت عدة اتفاقيات تضمن لهم حرياتهم وحقوقهم، وصاروا يختلطون بالمسلمين في معاشهم ومعاملاتهم، وكان غير المسلمين قبل تلك الاتفاقيات متمايزين منبوذين ولا شوكة لهم([14])، وقد شهد الشيخ ابن الجوهري قبل وفاته بعامين الحملة الفرنسية على مصر في سنة (1213هـ)، وعانى من تبعات الدمار والخراب الذي حل بمصر، وطال الأزهر والعلماء، ولحقهم من ذلك ضرراً بالغاً، وكان الشيخ ممن تضرر من ذلك، فنُهب بيته وكتبه، وتكالبت عليه الهموم والأمراض حتى توفي.([15])
ثالثاً: عقيدته ومذهبه:
يظهر من خلال الحقبة التي عاش فيها الشيخ ابن الجوهري، وتأثره خلال نشأته بوالده، وبالاطلاع على بعض مؤلفاته، أن الشيخ ابن الجوهري صوفي أشعري المعتقد، ويؤكد ذلك ما يلي:
– مر أن عصر الشيخ قد شهد في مصر نشاطاً للطرق الصوفية، والتي تلتقي مع الأشعرية في الميل إلى الرقائق والأذكار، وبعض التأملات والأفكار، والناظر في أهم المصادر([16]) التي وثقت تاريخ مصر في ذلك الوقت يظهر له جلياً شيوع المتصوفة والأشاعرة في أعلام الحركة الدينية وأخبارها.([17])
ومن ذلك ما جاء في ترجمة الشيخ ابن الجوهري من حصوله على كرامات ومكاشفات([18])،
وهي من عقيدة الصوفية، وكذلك مر في نشأة الشيخ أنه التقى بالشيخ الميرغني بمكة، وأخذ عنه،
وهو فقيه متصوف معروف.([19])
– نشأ الشيخ ابن الجوهري في كنف والده المعروف بعقيدته الأشعرية، وبدفاعه عنها تأليفاً وتدريساً، وله في ذلك كتاب مشهور، وقد شرحه ولده.
كما عُرف والده بملازمته إحدى طرق الصوفية، وهي الشاذلية([20])؛ حيث يقول الشيخ ابن الجوهري واصفاً والده: ” الشاذلي طريقة ومشرباً “([21])، وذكر أن والده أخذ عن جماعة من الشاذلية، وعدد الأقطاب واصفاً إياهم بالولاية والسيادة.([22])
– ألف الشيخ ابن الجوهري كتاباً بعنوان: ” لطائف التوحيد على متن منقذة العبيد “([23])، شرح فيه كتاب والده في العقيدة ” منقذة العبيد “([24])، وكان فيه متابعاً ومؤيداً لاعتقاد والده، ويظهر ذلك جلياً في نسبة الكلام إلى الأشاعرة، وتحرير عقيدتهم، والإشادة بهم، وغير ذلك.([25])
من ذلك قوله في مبحث الإلهيات: ” يجب شرعاً أي من جهته على كل مكلف وهو البالغ العاقل اتفاقاً الذي بلغته الدعوة عند جمهور الأشاعرة “، وقوله في الصفات السبع التي يثبتونها لله تعالى: ” صفات معان سميت بذلك؛ لأن كل منها معنى قائم بالذات العلية كما سيأتي، وهي سبع لا زائد عليها عند محققي الأشاعرة “.([26])
أما عن مذهب الشيخ ابن الجوهري في الفقه، فهو على مذهب الإمام الشافعي رحمه الله، وذلك بلا خلاف عند كل من ترجم له، أو نسب له كتباً([27])، كما أن له مؤلفات وضعها على فقه الشافعية، ومنها هذه الرسالة محل التحقيق، والتي ينقل فيها أقوال لبعض فقهاء الشافعية ويعزو إلى مصادرهم، فيذكر نص القول، وقائله، والكتاب الذي قاله فيه، كما سيأتي في النص المحقق.
رابعاً: شيوخه وتلاميذه ومؤلفاته:
تتلمذ الشيخ ابن الجوهري – فضلاً عن أبيه وأخيه – على شيوخ كثر، لازمهم وحضر دروسهم في عدة علوم، وبعضهم من غير مذهبه الشافعي، ومن أشهرهم([28]):
– الشيخ خليل بن محمد المغربي: فقيه مالكي، أصله من تونس، ومولده وقراره في مصر، أخذ عن الشهاب أحمد بن عبد الفتاح الملوي، وقرأ عليه، وقد تولى خزانة كتب المؤيد بالقاهرة مدة فأحسن حالها، من مؤلفاته: ” بغية الإرادات في شرح المقولات “، توفي في سنة (1177ه).([29])
– الشيخ محمد بن محمد الفرماوي: فقيه شافعي أزهري، وأصولي نحوي، ولد بمصر، وحفظ القرآن والمتون، أخذ عن أشياخ عصره، ومنهم الملوي والطحلاوي، وصارت له المشيخة على غالب أهل العلم من الطبقة الثانية، كل ذلك مع لين وتواضع جم، توفي في سنة (1199ه).([30])
– الشيخ أحمد بن عبدالفتاح الملوي: فقيه شافعي أزهري، ولد بمصر في سنة (1088ه)، وطلب العلم في الأزهر، وأخذ عن شيوخ من ذوي الإسناد العالي، فأخذ عن الشيخ الزرقاني شارح المواهب، وأجازه البصري، من مؤلفاته: شرح على ” السلم ” للأخضري، توفي في سنة (1181ه).([31])
– الشيخ عطية بن عطية الأجهوري: فقيه أصولي شافعي، ولد بأجهور من قرى مصر، حضر دروس الشيخ العشماوى والشيخ مصطفى العزيزي، ودرَّس المنهج وجمع الجوامع بالمسجد، وحضر عنده غالب علماء مصر الموجودين، واعترفوا بفضله، وحضر الشيخ ابن الجوهري دروس الشيخ عطية في الأصول والفقه وغير ذلك، ولازمه وبه تخرج في الإلقاء، من مؤلفاته: حاشية على ” شرح الزرقاني على البيقونية “، توفي في سنة (1194ه).([32])
– الشيخ علي بن أحمد الصعيدي العدوي: فقيه مالكي أزهري، وأصولي متكلم، ولد في بني عديّ من قرى مصر في سنة (1112هـ)، روى عن جماعة من الأئمة منهم الشيخ سالم النفراوي، وكان العدوي شيخ الشيوخ في عصره، من مؤلفاته: حاشية على ” شرح أبي زيد القيرواني ” في الفقه المالكي، توفي في سنة (1189ه).([33])
– الشيخ عيسى بن أحمد البراوي: فقيه شافعي أزهري، وأصولي نحوي محقق، أخذ الفقه والحديث عن جماعه، منهم الشيخ محمد الدفري، تصدر للتدريس، وبرع فيه، واشتهر في الأقطار، وانتفع به خلق كثير، وشهد له أهل عصره بالفضل، وعُرف بحفظ الفروع الفقهية حتى لقب بالشافعي الصغير؛ لكثرة استحضاره في الفقه، وجودة تقريره، من مؤلفاته: شرح على ” الجامع الصغير ” للسيوطي، يذكر في كل حديث ما يتعلق بالفقه، توفي في سنة (1182ه).([34])
– الشيخ حسن بن إبراهيم الجبرتي: فقيه حنفي أزهري، وعالم بالفلك والهندسة، أصله من جبرت من بلاد الزيلع بالحبشة، ولد في سنة (1110ه)، من مؤلفاته: ” أخصر المختصرات على ربع المقنطرات ” في الفلك، و” حقائق الدقائق على دقائق الحقائق ” في المواقيت، توفي في سنة (1188ه).([35])
– الشيخ عبدالله بن إبراهيم الميرغني.
وقد تتلمذ على الشيخ ابن الجوهري خلقٌ كثير، ولكن من أشهر تلامذته عند المؤرخين:
– حسين بن عبدالرحمن المنزلاوي: فقيه شافعي، وأديب فصيح مفوه، خطيب جامع المشهد الحسيني، أخذ عن الشيخ ابن الجوهري، وتضلع بالعلوم والمعارف، وكان ذا ملكة وحافظة قوية، بليغ النظم، من مؤلفاته ” منظومة في سلسلة السادة الوفائية “، توفي في سنة (1212ه).([36])
– علي بن عبدالقادر الجزائري: فقيه مالكي، أصله من الأندلس، وداره الجزائر، وهو مفتي المالكية بها، طلب العلم في مصر، وأخذ عن الشيخ ابن الجوهري، واشتهرت روايته عن الشهاب الجوهري الكبير، وقد قرأ عليه، واستجازه فوعده بالكتابة، لكنه توفي فأجازه ولده الجوهري الصغير، توفي في سنة (1236هـ).([37])
ويظهر أثر انشغال الشيخ ابن الجوهري بتحصيل العلوم منذ سن مبكرة على مؤلفاته التي تعكس بدورها سعة اطلاعه، وغزارة علمه، وبراعته في شتى العلوم كالفقه والأصول والعقيدة والحديث واللغة وغيرها، ومن هذه المؤلفات([38]):
أ) مؤلفات في الفقه:
1- خلاصة البيان في كيفية ثبوت رمضان.
2- منهج الطالبين في مختصر منهاج العابدين.
3- نهج الطالب لأشرف المطالب.
4- إتحاف الراغب في شرح نهج الطالب لأشرف المطالب.
5- الروض الوسيم في المفتى به من المذهب القديم.
6- المنثور في مسألة الساجور.
7- إتحاف الأحبة في الضبة أي المفضضة.
8- رسالة في التوجه وإتمام الأركان.
9- القول الثابت في مقدار نصاب النابت.
10- رسالة في أركان الحج.
11- إيضاح المبهم من ضابط الربوي وقاعدة مد عجوة ودرهم.
12- رسالة في مسألة الغصب.
13- حاشية على شرح ابن قاسم العبادي إلى البيوع.
14- رسالة في مسألة ذوي الأرحام.
15- رسالة في القنوت.
16- رسالة في التوجه إلى القبلة في السفينة.
17- إتحاف الآمال بجواب السؤال في الحمل والوضع لبعض الرجال.
18- إتحاف اللطيف بصحه النذر للموسر والشريف. ” محل التحقيق “.
ب) مؤلفات في أصول الفقه:
1- حلية ذوي الأفهام بتحقيق دلالة العام.
2- حاشية على غاية الوصول شرح لبّ الأصول.
3- مرقى الوصول إلى معنى الأصولي والأصول.
ج) مؤلفات في العقيدة:
1- لطائف التوحيد في شرح منقذة العبيد.
2- بارقة التمهيد بفهم خلاصة التوحيد.
3- خلاصة التوحيد فيما يجب معرفته على العبيد.
4- شرح العقائد النسفية.
5- الدر النظيم في تحقيق الكلام القديم.
6- اللمعة الألمعية في قول الشافعي بإسلام القدرية.
7- رسالة في تعريف شكر المنعم.
8- الفطرة السليمة في تحقيق دلالة القران على الصفة القديمة.
9- القول الفاخر في تعلق علم الله بأن نعيم الجنة ليس له آخر.
10- القول المشفي لتحقيق تعريف الشكر العرفي.
د) مؤلفات في الحديث:
1- الأربعون حديثاً في الحث على ترك الظلم.
2- شرح حديث من رأى منكم منكراً.
3- شرح المعجم الوجيز لشيخه عبد الله الميرغني.
ه) مؤلفات في اللغة:
1- شرح نظم الأجرومية.
2- إتحاف أولي الألباب بشرح ما يتعلق في شيء من الإعراب.
3- تحقيق الفرق بين علم الجنس وبين اسمه.
4- إتحاف الكامل ببيان تعريف العامل.
5- امتثال الإشارة بشرح نتيجة البشارة في البلاغة.
6- إتحاف الرفاق ببيان أقسام الاشتقاق.
7- زهر الأفهام في تحقيق الوضع وما له من الأقسام.
خامساً: وفاته وثناء العلماء عليه:
توفي الشيخ ابن الجوهري رحمه الله في سنة (1215ه)، وهذا محل اتفاق عند كل من ترجم
له([39])، أو نسب له كتباً([40])، وصُلي عليه بالأزهر، ودُفن بزاوية القادرية بدرب شمس الدولة.([41])
والشيخ مشهودٌ له عند من ترجم له بالفقه والفضل، وسعة الاطلاع، وغزارة الإنتاج، وحسن التأليف، ومما جاء في وصفه والثناء عليه القول بأن: ” ذهنهُ وقَّاد، ونظمهُ مُستجاد، وكان رقيقَ الطبع، لطيفَ الذات، مترفهاً في مأكله وملبسه “.([42])
المبحث الثاني: التعريف بالرسالة ومنهج التحقيق
أولاً: توثيق عنوان الرسالة، ونسبتها إلى مؤلفها:
صرح المؤلف باسم الرسالة بقوله: ” وسمَّيتها: إتحاف اللَّطيف بصحَّة النَّذر للموسر والشَّريف “، وهو كذلك تصريحٌ بنسبتها إليه.
ولا خلاف في عنوان هذه الرسالة ونسبتها إلى الشيخ ابن الجوهري عند من ترجم له([43])، كما ذُكرت هذه الرسالة بهذا العنوان، ونُسبت لابن الجوهري في فهارس الكتب والأدلة التي اعتنت بذكر مؤلفات الشيخ.([44])
ثانياً: منهج المؤلف في الرسالة:
تناولت الرسالة بوجه عام مسألة النذر المطلق والمقيد وبيان الفرق بينهما؛ ليخرِّج على ذلك صحة النذر المقيد للغني والشريف، أورد خلالها المؤلف نصوصاً دقيقة لأئمة الشافعية، وضمنها فوائد عديدة مخرجةً على تلك النصوص، وقد سلك المؤلف المنهج التالي:
– نقل الأقوال بالنص مع الإشارة إلى اسم الكتاب دون مؤلفه، كقوله: ” قال في «الروضة» ما نصه: فرع: هل يجب تبييت النية في الصوم المنذور؟ “.
ولكنه لم يلتزم بهذا المنهج، ففي مواضع نقل القول ونسبه إلى قائله وذكر اسم الكتاب، كقوله: ” وقال الشَّمس الرَّمليُّ في «شرح المنهاج» ما نصُّه: وله فيما إذا عيَّن أهل الذِّمَّة أو أهل البدعة”، وفي مواضع نقل القول ونسبه إلى قائله دون ذكر اسم الكتاب، كقوله: ” كتب عليه الشِّهاب الرَّمليُّ ما نصُّه: قوله: وَيَسْلُكُ بِالنَّذْرِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ “. وفي مواضع ينقل القول دون عزوه إلى قائله أو مصدره، كقوله: ” فَمِنْ ذلك الصَّلاة لِمَنْ نذر صلاةً وأطلق بأنْ لم يقيِّد بزمنٍ ولا عددٍ، لزمه ركعتان، ولا يُجزئه صلاة جنازةٍ ولا سجدة تلاوةٍ أو شكرٍ، كالرَّكعة؛ بل أولى “.
– افتراض الاعتراضات والإشكالات التي قد ترد على المسألة، وإيراد الجواب عليها، كقوله: ” فإنْ قلتَ: لعلَّ الفارق أنَّ المانع فيه أقوى لكونه ذاتياً … قلنا: لا نسلِّم ذلك، بل المانع فيهم أقوى بدليل… “
– تحرير معتمد المذهب في هذه المسألة وتوجيهه من خلال مقابلة نصوص الأئمة ببعضها، والتحقيق فيما تتضمنه من فروق لبيان أثرها في الحكم أو عدمه، كقوله بعد إيراد بعض النقول: ” فعُلِمَ مِنْ ذلك كلِّه الفرق بين النَّذر المطلق والمقيَّد، وأنَّه يجوز النَّذر لِمَنْ لم تجز له الزَّكاة بخصوصه “، وكقوله في موضع آخر: ” إذا علمتَ ذلك بتحقيقه علمتَ ضعف ذلك الفارق وإلغاءه واتِّحاد الحكم في الجميع، فتأمَّله “.
– دقة نقله في الغالب فيما ينقله بنصه إلا في شيء يسير ككلمة أو حرف، ولعل الأمر عائدٌ إلى اختلاف نسخ الكتاب المنقول عنه.
وأما ما لا يقدم له بعبارة ” ما نصه “، فإنه لا ينقله بالنص، وإنما بتصرف يسير.
– خلو الرسالة من نصوص الكتاب والسنة، ولعله مما يؤخذ عليه.
ثالثاً: مصادر الرسالة:
رجع الشيخ ابن الجوهري في رسالته إلى عدد من المصادر منها:
– ” روضة الطالبين وعمدة المفتين ” و ” المجموع شرح المهذب” كلاهما للإمام النووي.
– ” روض الطالب ” للإمام ابن المقري، وشرحه ” أسنى المطالب ” للإمام زكريا الأنصاري.
– ” نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج ” للإمام الرملي.
– ” العباب ” للإمام المزجد، وشرحه ” الإيعاب ” للإمام ابن حجر الهيتمي.
وقد أكثر النقل عنهما؛ ولأنهما ما زالا مخطوطين –بحسب اطلاعي- لم أتمكن من العزو إليهما، وإنما إلى كتب أخرى لابن حجر أو لكتب المذهب بوجه عام.
– ” الفتاوى ” للإمام القفال.
– ” تحفة المحتاج في شرح المنهاج ” للإمام ابن حجر الهيتمي.
رابعاً: المصطلحات والرموز الواردة في الرسالة([45]):
– الإمام: إمام الحرمين عبدالملك الجويني (ت 478هـ).
– القاضي: الإمام حسين المروزي (ت 462هـ).
– الشيخان: الإمام عبدالكريم الرافعي (ت 623هـ)، والإمام يحيى النووي (ت 676هـ).
– القاضي أبو الطيب: الإمام طاهر الطبري (ت 450هـ).
– القولان: القول هو كلام الإمام الشافعي، والقولان تعني وجود قولين عن الإمام الشافعي في مسألة ما.
– الوجه والوجهان: الوجه هو كلام أصحاب الإمام الشافعي المخرجة على أصوله، وقد تكون اجتهاداً منهم غير مبني على أصوله، والوجهان تدل على وجود أكثر من وجه للأصحاب في المسألة.
– الصحيح والأصح: من صيغ الترجيح بين الأوجه القوية للأصحاب، حيث يكون الوجه الذي في المقابل قوي الدليل فيكون صحيحاً، ويكون الوجه الأقوى دليلاً هو الأصح.
– المذهب والمعتمد: من صيغ الترجيح بين الطرق في حكاية أقوال الإمام، أو وجوه الأصحاب، حيث يدل على وجود خلاف بين الأصحاب في حكاية المذهب، وأن المذهب هو الراجح.
– ع ش: الإمام علي الشبراملسي (ت 1087ه).
– ش م ر: الإمام شمس الدين محمد الرملي (ت 1004هـ)، تمييزاً له عن والده الشهاب أحمد الرملي (ت 957هـ).
خامساً: وصف المخطوطة ونماذج منها:
مصدر المخطوطة: المكتبة الأزهرية.
رقم المخطوطة: 28917
عدد الألواح: 8 ألواح.
عدد الأسطر: 19 سطراً.
متوسط عدد الكلمات في السطر: 8 كلمات.
نوع الخط: نسخ.
الملاحظات: هي نسخة منقولة من مسودة المؤلف، وقد بيضها أحد تلامذته في نفس سنة تأليفها (1197هـ)، وفي نفس الشهر وهو شهر ذو الحجة.
تاريخ النسخ: 12 / 12 / 1197ه، وقد تم التأليف: يوم الأحد، 6 / 12 / 1197هـ، أي: تم نسخ الرسالة بعد تأليفها بستة أيام.
اسم الناسخ: لم يكتب اسمه.
والنسخة في غاية الوضوح، وقد كتب الناسخ بعض الكلمات باللون الأحمر؛ لتمييز الأقوال في الغالب.
وعلى النسخة قيد وقف باسم محمد عبد العظيم السقا بتاريخ (1337هـ) مع أثر خاتمه.
اللوحة الأولى
اللوحة الأخيرة
سادساً: منهج التحقيق في المخطوطة:
– كتابة النص بالرسم الإملائي الحديث، ووضع علامات الترقيم، وضبط الألفاظ التي تحتاج إلى ضبط.
– إثبات أرقام ألواح المخطوط داخل النص بين معقوفتين [ / ]، مع الرمز للوجه الأيمن من اللوح بالرمز ( م )، وللوجه الأيسر من اللوح بالرمز ( س ).
– توثيق الأقوال المنقولة عن أئمة الشافعية من كتبهم، والتأكد من صحة المنقول بالرجوع للكتاب الذي استشهد به المؤلف، فإن تعذر فمن مظانه في كتب المذهب.
– الترجمة للأعلام الوارد ذكرهم في النص، ما عدا الإمام الشافعي فهو أحد أئمة المذاهب الأربعة، وشهرتهم تغني عن الترجمة لهم.
ولكثرة الأعلام في النص وتجنباً للإطالة، اقتصرت الترجمة على اسم العلم، وكنيته، ولقبه، ومولده، وشيء مما يدل على مكانته أو ذكر علمٍ من شيوخه أو تلامذته، وأحد مصنفاته، ووفاته.
– التعريف بالكتب الواردة في النص.
– بيان معنى الرموز والألفاظ الغامضة من كتب العلم الذي تتبعه.
القسم الثاني: النص المحقق
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمد لله ربِّ العالمين والصَّلاة والسَّلام على سيِّدنا محمَّد سيِّد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
فهذه فوائد عديدةٌ، وعوائد مِنْ نُقولهم المفيدة، تتضمَّن صحَّة النَّذْر([46]) المقيَّد([47]) للغنيِّ والهاشميِّ([48]) والمطَّلبيِّ([49])، وسمَّيتها: “إتحاف اللَّطيف بصحَّة النَّذر للموسر والشَّريف”، فقلتُ وبه أستعين:
قال في «الرَّوضة»([50]) ما نصُّه: فَرْعٌ: هَلْ يَجِبُ تَبْيِيتُ النِّيَّةِ فِي الصَّوْمِ الْمَنْذُورِ، أَمْ تَكْفِي نِيَّتُهُ قَبْلَ الزَّوَالِ؟ يُبْنَى ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ إِذَا الْتَزَمَ عِبَادَةً بِالنَّذْرِ وَأَطْلَقَهَا، فَعَلَى أَيِّ شَيْءٍ يُنَزَّلُ نَذْرُهُ؟ فِيهِ قَوْلَانِ مَأْخُوذَانِ مِنْ مَعَانِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ رحمه الله.
أَحَدُهُمَا: يُنَزَّلُ عَلَى أَقَلِّ وَاجِبٍ مِنْ جِنْسِهِ يَجِبُ بِأَصْلِ الشَّرْعِ؛ لِأَنَّ الْمَنْذُورَ وَاجِبٌ، فَجُعِلَ كَوَاجِبٍ بِالشَّرْعِ ابْتِدَاءً.
وَالثَّانِي: يُنَزَّلُ عَلَى أَقَلِّ مَا يَصِحُّ مِنْ جِنْسِهِ. وَقَدْ يُقَالُ: أَقَلُّ جَائِزِ الشَّرْعِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ النَّاذِرِ لَا يَقْتَضِي الْتِزَامَ زِيَادَةٍ عَلَيْهِ.
وَهَذَا الثَّانِي، أَصَحُّ عِنْدَ الْإِمَامِ([51])، وَالْغَزَالِيِّ([52])، وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ أَصَحُّ، فَقَدْ صَحَّحَهُ الْعِرَاقِيُّونَ([53])، والرُّويَانِيُّ([54]) [م/1]، وَغَيْرُهُمْ. انتهى.([55])
وقال في كتاب الرَّجعة منها: المختار([56]) أنَّه لا يختار ترجيح واحدٍ مِنَ القولين؛ بل يختلف الرَّاجح منهما بحسب المسائل لظهور دليل أحد الطَّرفين في بعضها وعكسه في بعضٍ. انتهى.([57]) وصوَّبه في «المجموع([58])».([59])
وقال فيها: وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ عَلَى الْأَرْضِ مُسْتَقْبِل الْقِبْلَةَ، لَمْ يَجُزْ فِعْلُهُمَا عَلَى الرَّاحِلَةِ. وَلَوْ نَذَرَ فِعْلَهُمَا عَلَى الرَّاحِلَةِ، فَلَهُ فِعْلُهُمَا عَلَى الْأَرْضِ مُسْتَقْبِل الْقِبْلَةَ. وَإِنْ أَطْلَقَ، فَعَلَى أَيِّهِمَا يُحمَل؟ فِيهِ خِلَافٌ مَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ. انتهى.([60])
وقال فيها أيضًا: ولَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا، جَازَ الْقُعُودُ قَطْعًا، كَمَا لَوْ صَرَّحَ بِنَذْرِ رَكْعَةٍ، أَجْزَأَتْهُ قَطْعًا. فَإِنْ صَلَّى قَائِمًا، فَهُوَ أَفْضَلُ. انتهى.([61])
وقال أيضًا: وَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ، فَوَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا، -وَبِهِ قُطِعَ فِي «الْوَجِيزِ([62])»، وَنَقَلَهُ إِبْرَاهِيمُ الْمَرُّوزيُّ([63]) عَنْ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ-: لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ، وَلَهُ الْفِطْرُ؛ لِأَنَّهُ الْتِزَامٌ يُبْطِلُ رُخْصَةَ الشَّرْعِ.
وَالثَّانِي، -وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي حُسَيْنٍ([64]) وَصَاحِبِ «التَّهْذِيبِ»([65])-: انْعِقَادُهُ وَلُزُومُ الْوَفَاءِ كَسَائِرِ الْمُسْتَحَبَّاتِ. انتهى.([66])
وقال في «الرَّوض» وشرحه([67]) [س/1] ما نصُّه: فرعٌ: وَيَسْلُكُ بِالنَّذْرِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ ابْتِدَاءً؛ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْوُجُوبِ لَا مَسْلَكَ جَائِزِهِ إلَّا مَا يَأْتِي اسْتِثْنَاؤُهُ فِي الْبَابِ مِمَّا قَوِيَ دَلِيلُهُ عَلَى دَلِيلِ الْأَوَّلِ، وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ كَأَصْلِهِ فِي بَابِ الرَّجْعَةِ أَيْضًا. انتهى.([68])
وكتب عليه الشِّهاب الرَّمليُّ([69]) ما نصُّه: قوله: وَيَسْلُكُ بِالنَّذْرِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ، أي: غالبًا. انتهى.([70])
وكتب أيضًا ما نصُّه: لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ عَلَى أَهْلِ بَلَدٍ مُعَيَّنٍ لَزِمَهُ، وشَمْلَ مَا لَوْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ أَوْ فُقَرَاءَ أَوْ أَغْنِيَاءَ وَفُقَرَاءَ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ قُرْبَةٌ. انتهى.([71])
وقال في «العباب» وشرحه([72]) للعلَّامة ابن حجرٍ([73]) ما نصُّه: ولو نذر التَّصدُّق بكذا، وأطلق، لم يجزءه صرفه لكافرٍ أو عبدٍ أو مستولدةٍ([74]) كما في «الأنوار»([75])، وهو ظاهرٌ.
وإنْ قال: نذرتُ التَّصدُّق على أهل الذِّمَّة ففي لزومه وجهان في «الجواهر»([76]) عن ابن الصَّلاح([77]) أنَّه رآهما بخطِّ الشَّيخ أبي مُحَمَّدٍ([78])، والذي يتَّجه ترجيحه منهما أنَّه يلزمه؛ لأنَّ التَّصدُّق على الكافر مندوبٌ.([79])
ثمَّ رأيتُ قول القفَّال([80]) الآتي: لو نذر التَّصدُّق على أهل الذِّمَّة [م/2] جاز إبدالهم بالمسلمين([81])، وهو صريحٌ فيما رجَّحتُه؛ لأنَّ جواز الإبدال فرع صحَّة النَّذر.
ولا يُنافي ذلك ما صرَّح به القاضي وغيره مِنْ أنَّه لا يجوز وضع المنذور في أهل الذِّمَّة؛ لأنَّ ذاك في منذورٍ مطلقٍ.
ثمَّ قال: فصلٌ: ينزل مطلق النَّذر على أقلِّ واجبٍ مِنْ جنسه شرعًا؛ لاشتراكهما في الوجوب، وهذا هو الأصل والغالب، وإلَّا فقد استثنوا مسائل سلكوا بها مسلك الجائز لقوَّة دليلها كما يأتي بعض ذلك.
ومِنْ ثمَّ قال في «الرَّوضة»: المختار أنَّه لا يُطلق ترجيح واحدٍ مِنَ الوجهين؛ بل يختلف الرَّاجح بحسب المسائل، لظهور أحد الوجهين، وصوَّبه في «المجموع».
وممَّا لم يسلكوا به مسلك الواجب الاعتاق لتشوِّف الشَّارع إليه لا بقيدٍ، والصَّلاة المنذورة فإنَّه لا يؤذَّن لها قطعًا؛ لانتفاء المقصود الأصليِّ مِنَ الأذان وهو الإعلام، ولا يُقتل تاركها كما مرَّ احتياطًا لحقن الدِّماء.([82])
وبهذا الذي وجَّهتُ به هاتين المسألتين يظهر لكَ أنَّه لا يخرج بالنَّذر عن واجب الشَّرع إلَّا إذا قَوِيَ المعنى المخرج عنه [س/2]، وإلَّا بَقِيَ على أصله.
فَمِنْ ذلك الصَّلاة لِمَنْ نذر صلاةً وأطلق بأنْ لم يقيِّد بزمنٍ ولا عددٍ، لزمه ركعتان، ولا يُجزئه صلاة جنازةٍ ولا سجدة تلاوةٍ أو شكرٍ، كالرَّكعة؛ بل أولى.([83])
وخرج بـ أطلق ما إذا قيَّد بعددٍ فيتعيَّن، وكذا الوقت على المعتمد مِنِ اضطرابٍ وَقَعَ للشَّيخين([84]) فلا يجوز قبله، فإنْ أخَّر بلا عذرٍ أثم، وإلَّا فلا، ويقضي مطلقًا، وكذا لو عيَّن زمانًا للصَّوم أو الحجِّ.
ثمَّ قال: ولو عيَّن للصَّدقة وقتًا لم يتعيَّن اعتبارًا بما ورد به الشَّرع مِنْ جنسها وهو الزَّكاة فيجوز تقديمها عليه.([85])
قال في «المجموع» عن الصَّيدلانيِّ([86]): بلا خلافٍ وكذا تأخيرها عنه كما اقتضاه كلامهم، لكن استبعده الأذرعيُّ([87])، قال: بل الوجه يحرم عليه.([88])
ثمَّ قال في «العباب» وشرحه: ومِنْ ذلك الصَّدقة، ومرَّ قريبًا أنَّه لو عيَّن لها زمانًا لم يتعيَّن اعتبارًا بما ورد به الشَّرع مِنْ جنسها وهو الزَّكاة فيجوز تقديمها عليه لا تأخيرها عنه على ما فيه.([89])
فإنْ قال: لله عليَّ صدقةٌ، وأطلق، أو قال: لله عليَّ التَّصدُّق بشيءٍ أو بمالٍ عظيمٍ، كما قاله القاضي أبو الطَّيِّب([90]) أجزأه متموَّلٌ([91]) لا غير متموَّلٍ([92]).([93])
ثمَّ قال [م/3] في الشَّرح: وسكت عمَّن يجب صرف الصَّدقة إليه، وصرَّح ابن سراقة([94]) بأنَّه يجب صرفها لمساكين المسلمين، وكذا الصَّيمريُّ([95]) حيث قال: لو نذر التَّصدُّق بمائة درهمٍ لم يكفِ التَّصدُّق بها على كافرٍ ولا عبدٍ ولا أمِّ ولدٍ؛ لأنَّ ذلك واجبٌ فأشبه الزَّكاة والكفَّارة([96])، ويوافق ذلك تصريح القاضي والمروزيِّ أنَّه لا يجوز وضع المنذور في أهل الذِّمَّة.
ثمَّ قال: والأوجه تعيين الفقراء والمساكين وإنِ اقتضى البناء والتَّشبيه بالزَّكاة أنَّه يعمُّ أصنافها؛ لأنَّ الغالب في الصَّدقة المطلقة انصرافها إليهم عرفًا وفعلًا، فحُمِلَ لفظها على ذلك.
ثمَّ قال: أو قال: لله عليَّ، أو: إنْ شُفِيَ مريضي، فللَّه عليَّ أنْ أتصدَّق على زيدٍ بدرهمٍ، لزمه حالًا في الأولى، وبعد الشِّفاء في الثَّانية التَّصدُّق عليه وإنْ كان غنيًّا كما رجع إليه القاضي آخرًا.
قال: لأنَّ الصَّدقة على الغنيِّ والولد قربةٌ فيجوز التزامه بالنَّذر.
ومنه يُعلم أنَّه لو نذر التَّصدُّق على أهل بلدٍ مُعَيَّنٍ تعيَّنوا وإنْ كانوا كفَّارًا أو أغنياء على ما يصرِّح به كلام الشَّيخين، كالبغويِّ إلى آخر ما قال.
ثمَّ قال: ولو عيَّن شيئًا للصَّدقة كـلله عليَّ [س/3] أنْ أتصدَّق بهذا، لم يجز إبداله ولو بأفضل منه لتعلُّق الحقِّ بعينه، وقد يكون أطيب لخلوِّه عن الشُّبهة أكثر، وكذا لو عيَّن محلًّا ولو غير مكَّة للصَّدقة فإنَّ فقراءه يتعيَّنون كما لو عيَّن فقيرًا لها، فإنَّه يتعيَّن ولا يجوز إبداله ولو بأفقر وأفضل منه، وكالفقير في ذلك ما في معناه مِنْ كلِّ وصفٍ يقصد التَّقرُّب به فيما يظهر، وذلك كلُّه معلومٌ مِنْ أطراف كلامه.
ولو عيَّن فقيرًا لزكاته أو نذره المطلق لم يتعيَّن على المذهب. انتهى.
ثمَّ قال: أو نذر التَّصدُّق على ولده الغنيِّ مثلًا كأنْ قال: إنْ شَفَى الله مريضي فعليَّ أنْ أتصدَّق على ولدي أو زيدٍ الموسر، لزمه؛ لأنَّ التَّصدُّق مع ذلك قربةٌ.
فإنْ قلتَ: ما ذكره في الغنيِّ هنا يُنافيه قوله السَّابق أيضًا: إنْ كان فقيرًا لا تلزمه نفقته.
قلتُ: فرقٌ بين أنْ يتعرَّض في نذره لوصف الغنى وبين أنْ يُطلق، ففي الأوَّل يعمل بوصفه؛ لأنَّه اعتبره وهو غير منافٍ لما قصده، فلم يسع [م/4] إلغاؤه. انتهى.([97])
وقال الشَّمس الرَّمليُّ([98]) في «شرح المنهاج»([99]) ما نصُّه: وله فيما إذا عيَّن أهل الذِّمَّة أو أهل البدعة إبدال كافرٍ أو مبتدعٍ بمسلمٍ أو سُنِّيٍّ لا درهم بدينارٍ ولا موسرٍ عيَّنه بفقيرٍ لأنَّهما مقصودان. انتهى.([100])
وكتب عليه ع ش([101]) قوله: ولا موسرٍ، لعلَّ وجه تعيين الدَّفع للموسر وجواز العدول عن الكافر والمبتدع للمسلم والسُّنِّيِّ أنَّ التَّصدُّق عليهما قد يكون سببًا لبقائهما على الكفر والبدعة بخلاف التَّصدُّق على الموسر فإنَّه لا يترتَّب عليه شيءٌ. انتهى.([102])
وقال بعد ذلك ما نصُّه: مرَّ أنَّه لو نذر شيئًا لذمِّيٍّ أو مبتدعٍ جاز صرفه لمسلمٍ أو سُنِّيٍّ، وعليه فلو اقترض مِنْ ذمِّيٍّ ونذر له بشيءٍ ما دام دينه في ذمَّته انعقد نذره، لكن يجوز دفعه لغيره مِنَ المسلمين، فتفطَّن له فإنَّه دقيقٌ.([103])
وقال قبل ذلك ما نصُّه: ومِنْ ذلك ما وقع السُّؤال عنه مِنْ أنَّ شخصًا قال لمريد التَّزويج بابنته: لله عليَّ أنْ أجهِّزها بقدر مهرها مرارًا، فهو نذر تَبَرُّرٍ([104])، فيلزمه ذلك، وأقلُّ المرار ثلاث مرَّاتٍ [س/4] زيادةً على مهرها. انتهى.([105])
ولم يقيِّد بكونها فقيرةً أو غنيَّةً فلزمه نفقتها أوَّلًا.
فعُلِمَ مِنْ ذلك كلِّه الفرق بين النَّذر المطلق والمقيَّد، وأنَّه يجوز النَّذر لِمَنْ لم تجز له الزَّكاة بخصوصه.
أمَّا على أنَّه يسلك بالنَّذر مسلك جائز الشَّرع فظاهرٌ، وأمَّا على أنَّه يسلك به مسلك واجبه فلأنَّ محلَّه في النَّذر المطلق، كأنْ يقول: لله عليَّ أنْ أتصدَّق بكذا، وأمَّا المقيَّد فالشَّرط فيه أنْ يكون المنذور قربةً بأصل الشَّرع، وحينئذٍ لا يسلك فيه مسلك الواجب بل يتَّبع فيه قول النَّاذر إلَّا ما استثني مِنْ مسألة الذِّمِّيِّ والمبتدع فإنَّه يجوز إبدالهما كما تقدَّم.
إذا علمتَ ذلك علمتَ صحَّة النَّذر لذِمِّيٍّ والغنيِّ والبنت كما تُرشد إليه عبارات «الرَّوضة» وشرحي «الرَّوض» و«العباب» وتصرِّح به عبارة ش م ر([106]) في أهل الذِّمَّة، وعبارة والده في الأغنياء وعبارة ع ش في الذِّمِّيِّ والموسر والبنت مع أنَّهم لا تجوز عليهم الزَّكاة، ومثلهم الشَّريف المطَّلبيُّ [م/5] أو الهاشميُّ مِنْ باب أنْ لا فارق.
فإنْ قلتَ: لعلَّ الفارق أنَّ المانع فيه أقوى لكونه ذاتيًّا لا يُمكن انفكاكه عنه بخلاف أولئك فإنَّ المانع فيهم ليس بقوِّيٍ لإمكان انفكاكه إذِ الغنى والكفر ووجوب الإنفاق على البعض يُمكن تخلُّفه كما هو واضحٌ.
قلنا: لا نسلِّم ذلك، بل المانع فيهم أقوى بدليل أنَّه لم يختلف في مانع هؤلاء عند تحقُّقه بخلاف مانعه وهو كونه مِنْ ذوي القُربى فإنَّه اختلف فيه عند منع استحقاقه في خمس الخمس([107]) حتَّى قال الأصطخريُّ([108]) وغيره مِنْ أئمَّتنا بجواز أخذه مِنَ الزَّكاة حينئذٍ.
قال في «الرَّوضة»: ولو انقطع خمس الخمس عن بني هاشمٍ وبني المطَّلب لخلوِّ بيت المال عن الفيء والغنيمة([109])، أو لاستيلاء الظَّلمة عليهما، لم يُعطوا الزَّكاة على الأصحِّ الذي عليه الأكثرون، وجوَّزه الأصطخريُّ، واختاره القاضي أبو سعيدٍ الهرويُّ([110]) ومحمَّد بن يحيى([111]) رحمهم الله تعالى. انتهى.([112])
إذا علمتَ ذلك بتحقيقه علمتَ ضعف ذلك الفارق وإلغاءه واتِّحاد الحكم في الجميع، فتأمَّله.
وأمَّا قول [س/5] ع ش في مسألة النَّذر بالدَّين ما نصُّه: ومحلُّ الصِّحَّة حيث نذر لِمَنْ ينعقد نذره له، بخلاف ما لو نذر لأحد بني هاشمٍ والمطَّلب فلا ينعقد لحرمة الصَّدقة الواجبة كالزَّكاة والنَّذر والكفَّارة عليهم، فمحلُّ نظرٍ، لا سيَّما مع ما قدَّمه مِنْ صحَّة النَّذر للذَّمِّيِّ والبنت والموسر.
وليت شعري ما الفرق بين هؤلاء وبين الشَّريف؟! حيث لم يسلك بالنَّذر لهؤلاء مسلك واجب الشَّرع وسلك في النَّذر له مسلك واجبه، وهل هذا إلَّا تَحَكُّمٌ بحتٌ؟! فلعلَّه انتقل نظره مِنَ النَّذر المقيَّد إلى المطلق فحكم بحكمه للمقيَّد، فليتأمَّل وليحرَّر بنقلٍ يُعتمد عليه.
فإنْ قلتَ: أليس قد نصَّ عليه ع ش؟
قلنا: مثل ذلك لا سيَّما مع اشتماله على شبه التَّناقض غير كافٍ في أمثال هذه المباحث، فلا بدَّ مِنْ نقلٍ صريحٍ عمَّن بلغ درجة الإفتاء بأنْ يكون مجتهد فتوى([113]) كشيخ الإسلام زكريَّا([114]) وتلميذه الشِّهاب الرَّمليِّ والعلَّامة ابن حجرٍ والشَّمس الرَّمليِّ ومَنْ تقدَّمهم مِنْ مجتهدي الفتوى.
وممّا يؤيَّد [م/6] ذلك أنَّ العلَّامة ابن حجرٍ في «التُّحفة([115])» والعلَّامة الرَّمليَّ في شرحه لمَّا ذكرا مسألة النَّذر لِمَنْ له الدَّين لم يقيِّدا بذلك.
ونصُّ عبارة الأوَّل: تنبيهٌ: اختلف مشايخنا في نذر مقترضٍ مالًا مُعَيَّنًا لمقرضه كلَّ يومٍ ما دام دينه في ذمَّته، قال بعضهم: لا يصحُّ؛ لأنَّه على هذا الوجه الخاصِّ غير قربةٍ، بل يتوصَّل به إلى ربا النَّسيئة([116])، وقال بعضهم يصحُّ؛ لأنَّه في مقابلة حدوث نعمة ربح القرض إنْ اتَّجر فيه أو اندفاع نقمة المطالبة إنِ احتاج لبقائه في ذمَّته لإعسارٍ أو إنفاقٍ؛ ولأنَّه يسنُّ للمقترض أنْ يردَّ زيادةً عمَّا اقترضه، فإذا التزمها بنذرٍ انعقد ولزمته فهو إحسانٌ، لا وصلةٌ للرِّبا، إذ هو لا يكون إلَّا في عقدٍ كبيعٍ، ومِنْ ثمَّ لو شرط عليه النَّذر في عقد القرض كان ربًا. انتهى.([117])
وقد يُجمع بحمل الأوَّل على ما إذا قصد أنَّ نذره ذلك في مقابلة الرِّبح الحاصل له، والثَّاني على ما إذا جعله في مقابلة حصول النِّعمة أو اندفاع النِّقمة المذكورين، ويتردَّد النَّظر [س/6] في حالة الإطلاق، والأقرب الصِّحَّة؛ لأنَّ إعمال كلام المكلَّف حيث كان له محملٌ صحيحٌ خيرٌ مِنْ إهماله، وما مرَّ عن القفَّال في: إنْ جامعتني([118])، والحاصل بعده يؤيِّد ما ذكرته مِنَ الجمع، فتأمَّله.
ونصُّ عبارة الثَّاني: وقد اختلف مَنْ أدركناه مِنَ العلماء في نذر مَنِ اقترض شيئًا لمقرضه كلَّ يومٍ ما دام دينه أو شيءٌ منه في ذمَّته، فذهب بعضهم: لعدم صحَّته؛ لأنَّه على هذا الوجه الخاصِّ غير قربةٍ؛ بل يتوصَّل به إلى ربا النَّسيئة، وذهب بعضهم -وأفتى به الوالد رحمه الله تعالى-: إلى صحَّته؛ لأنَّه في مقابلة ربح المقرض أو اندفاع نقمة المطالبة إنِ احتاج لبقائه في ذمَّته لارتفاقٍ ونحوه، ولأنَّه يسنُّ للمقترض ردُّ زيادةٍ عمَّا اقترضه، فإذا التزمها ابتداءً بالنَّذر لزمته، فهو حينئذٍ مكافأة إحسانٍ لا وصلةٌ للرِّبا إذ هو لا يكون إلَّا في عقدٍ كبيعٍ، ومِنْ ثمَّ لو شرط عليه النَّذر في عقد القرض كان ربًا، وذهب بعضهم إلى الفرق بين مال اليتيم وغيره، ولا وجه له. [م/7]
ولو اقتصر على قوله: في نذره ما دام مبلغ القرض في ذمَّته ثم دفع المقترض شيئًا منه بطل حكم النَّذر لانقطاع حكم الدَّيمومة. انتهى بالحرف.([119])
وأنتَ كما تراهما لم يقيِّدا بِمَنْ تجوز له الزَّكاة، ولو كان ذلك القيد معتبرًا لقيَّدا به، لكنَّه قد عُلِمَ ممَّا سلف أنَّ محلَّ المنع هو النَّذر المطلق لا المقيَّد الذي ما نحن فيه منه، فليتأمَّل وليُراجع وليحرَّر.
خاتمةٌ: قال في متن «المنهاج([120])» وشرحه للعلَّامة الرَّمليِّ ما نصُّه: والصَّحيح انعقاد النَّذر بكلِّ قربةٍ لا تجب ابتداءً كعيادةٍ لمريضٍ تُندب إعادته، وتشييع جنازةٍ، والسَّلام([121]) ابتداءً حيث شُرِعَ وجوبًا ما لم يتعيَّن لما مرَّ في فرض الكفاية، وسواءٌ في ذلك غيره ونفسه عند دخول بيتٍ خالٍ؛ لأنَّ الشَّارع رغَّب فيها، والعبد يتقرَّب فهي كالعبادات.
والثَّاني: المنع؛ لأنَّها ليست على أنواع العبادات، وممَّا ينعقد به تشميت عاطسٍ وزيارة قادمٍ وتعجيل مُؤَقَّتَةٍ أوَّل وقتها ولم يُعارض ذلك معارضٌ ممَّا مرَّ؛ لأنَّ الشَّارع رغَّب فيها فكانت [س/7] كالعبادات البدنيَّة، وتَصَدُّقٍ على ميتٍ أو قبره ولم يرد تمليكه واطَّرد العرف بأنَّ ما يُحمل له يُصرف على نحو فقراء هناك، فإنْ لم يكن عرفٌ بَطَلَ وخَرَجَ بـ لا تجب ابتداءً ما وجب جنسه شرعًا كصلاةٍ وصومٍ وصدقةٍ وعتقٍ وحجٍّ فيجب بالنَّذر قطعًا، ويُعتبر زيادةً في الضَّابط أيضًا، وهو أنْ لا يبطل رخصة الشَّرع ليخرج نذر عدم الفطر في السَّفر مِنْ رمضان ونذر الإتمام فيه إذا كان الأفضل الفطر، فإنَّه لا ينعقد، ولو قال: إنْ شَفَى الله مريضي فعليَّ تعجيل زكاة مالي، لم ينعقد، أو نذر الاعتكاف صائمًا لزماه جزمًا، أو قراءة الفاتحة إذا عطس، انعقد وإن لم يكن به عِلَّةٌ، فإنْ عطس في نحو ركوعٍ قرأها بعد صلاته، أو في القيام قرأها حالًا إذ تكريرها لا يُبطلها، أو أنْ يحمد الله عقب شربه، انعقد، أو أنْ يجدِّد الوضوء عند مقتضيه فكذلك. انتهى.([122])
وصلَّى الله على سيِّدنا مُحَمَّدٍ النَّبيِّ الأُمِّيِّ وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا [م/8]
قال مؤلِّفه أطال الله بقاءه: وقد تمَّ في سويعةٍ مِنْ يوم الأحد المبارك سادس شهر الحجَّة الحرام الذي هو ختام سنة ألفٍ ومائةٍ وسبعةٍ وتسعين
أحسن الله ختامها على المسلمين
ونقلت هذه مِنْ مسوَّدة المؤلِّف ثاني عشر شهر الحجَّة عام التَّأليف
والله أعلم. [س/8]
قائمة المصادر والمراجع
– ابن الأثير الجزري، علي بن محمد، ( ١٤١٥هـ = ١٩٩٤م )، أسد الغابة في معرفة الصحابة، تحقيق: علي معوض وعادل عبد الموجود، الطبعة الأولى، بيروت، دار الكتب العلمية.
– الأزهري، محمد بن أحمد، ( ٢٠٠١م )، تهذيب اللغة، الطبعة الأولى، تحقيق: محمد عوض مرعب، بيروت، دار إحياء التراث العربي.
– الأنصاري، زكريا بن محمد بن زكريا، ( سنة النشر: بدون )، أسنى المطالب في شرح روض الطالب، الطبعة: بدون، بيروت، دار الكتاب الإسلامي.
– الباباني، إسماعيل بن محمد، ( سنة النشر: بدون )، إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون، الطبعة: بدون، بيروت، دار إحياء التراث العربي.
– الباباني، إسماعيل بن محمد، ( 1371هـ = 1951م )، هدية العارفين أسماء المؤلفين وآثار المصنفين، الطبعة: بدون، استانبول، طبع بعناية وكالة المعارف الجليلة في مطبعتها البهية.
– باشا، محمد فريد، ( ١٤٠1هـ = ١٩٨١م )، تاريخ الدولة العلية العثمانية، الطبعة الأولى، تحقيق: إحسان حقي، بيروت، دار النفائس.
– البعلي، محمد بن أبي الفتح، ( ١٤٢٣هـ = ٢٠٠٣م )، المطلع على ألفاظ المقنع، الطبعة الأولى، تحقيق: محمود الأرناؤوط وياسين محمود الخطيب، جدة، مكتبة السوادي.
– البيطار، عبد الرزاق بن حسن، ( ١٤١٣هـ = ١٩٩٣م )، حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر، الطبعة الثانية، حققه ونسقه وعلق عليه: محمد بهجة البيطار، بيروت، دار صادر.
– التهانوي، محمد بن علي، ( ١٩٩٦م )، موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم، الطبعة الأولى، تحقيق: علي دحروج، بيروت، مكتبة لبنان ناشرون.
– الجبرتي، عبد الرحمن بن حسن، ( سنة النشر: بدون )، عجائب الآثار في التراجم والأخبار، الطبعة: بدون، بيروت، دار الجيل.
– جمعة، عماد علي، ( ١٤٢٤هـ = ٢٠٠٣م )، المكتبة الإسلامية، الطبعة: الثانية، سلسلة التراث العربي الإسلامي.
– ابن الجوهري، محمد بن أحمد، ( مخطوط )، لطائف التوحيد على متن منقذه العبيد، الرقم التسلسلي: 62214، رقم الحفظ: 1887، مكة، المكتبة المركزية.
– الجويني، عبد الملك بن عبد الله بن يوسف، ( ١٤٢٨هـ = ٢٠٠٧م )، نهاية المطلب في دراية المذهب، تحقيق: عبد العظيم محمود الدّيب، الطبعة الأولى، بيروت، دار المنهاج.
– أبو جيب، سعدي، ( ١٤٠٨هـ = ١٩٨٨م )، القاموس الفقهي لغة واصطلاحا، الطبعة الثانية، دمشق، دار الفكر.
– حاجي خليفة، مصطفى بن عبد الله، ( ١٣٦٢هـ = ١٩٤٣م )، كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، الطبعة: بدون، إسطنبول، وكالة المعارف.
– الحسيني، محمد خليل، ( ١٤٠٨هـ = ١٩٨٨م )، سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر، الطبعة الثالثة، بيروت، دار البشائر الإسلامية.
– الدَّمِيري، محمد بن موسى بن عيسى، ( ١٤٢٥هـ = ٢٠٠٤م )، النجم الوهاج في شرح المنهاج، الطبعة الأولى، جدة، دار المنهاج.
– الذهبي، محمد بن أحمد بن عثمان، ( سنة النشر: بدون )، تذكرة الحفاظ، وضع حواشيه: زكريا عميرات، بيروت، دار الكتب العلمية.
– الرصاع، محمد بن قاسم الأنصاري، ( 1350هـ )، الهداية الكافية الشافية لبيان حقائق الإمام ابن عرفة الوافية (شرح حدود ابن عرفة)، الطبعة الأولى، بيروت، المكتبة العلمية.
– الرملي، محمد بن أبي العباس، ( ١٤٠٤هـ = ١٩٨٤م )، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، الطبعة أخيرة، بيروت، دار الفكر.
– رينهارت بيتر آن دُوزِي، ( ٢٠٠٠م )، تكملة المعاجم العربية، الطبعة الأولى، نقله إلى العربية وعلق عليه: محمَّد سَليم النعَيمي، جمال الخياط، العراق، وزارة الثقافة والإعلام.
– الزركلي، خير الدين بن محمود، ( 1422هـ = ٢٠٠٢م )، الأعلام، الطبعة الخامسة عشر، بيروت، دار العلم للملايين.
– السبكي، عبد الوهاب بن تقي الدين، ( 1413هـ )، طبقات الشافعية الكبرى، الطبعة الثانية، تحقيق: محمود محمد الطناحي، عبد الفتاح محمد الحلو، القاهرة: هجر للطباعة والنشر.
– سركيس، يوسف بن إليان، ( ١٣٤٦هـ = ١٩٢٨م )، معجم المطبوعات العربية والمعربة، الطبعة: بدون، مصر، مطبعة سركيس.
– السقاف، علوي بن أحمد، ( 1425هـ = 2004م )، مختصر الفوائد المكية فيما يحتاجه طلبة الشافعية، الطبعة الأولى، تحقيق: يوسف المرعشلي، بيروت، دار البشائر.
– السمعاني، عبد الكريم بن محمد، ( ١٣٨٢هـ = ١٩٦٢م ) الأنساب، الطبعة الأولى، حيدر آباد الدكن، مجلس دائرة المعارف العثمانية.
– السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، ( ١٣٨٧هـ = ١٩٦٧م )، حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة، الطبعة الأولى، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، مصر، دار إحياء الكتب العربية.
– الشافعي، محمد بن إدريس، ( ١٤٠٣هـ = ١٩٨٣م )، الأم، الطبعة الثانية، بيروت، دار الفكر.
– الشربيني، محمد بن محمد، ( ١٤١٥هـ = ١٩٩٤م )، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، الطبعة الأولى، تحقيق: علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود، بيروت، دار الكتب العلمية.
– الشيرازي، إبراهيم بن علي، ( 1970هـ )، طبقات الفقهاء، الطبعة الأولى، تحقيق: إحسان عباس، بيروت، دار الرائد العربي
– الصاحب بن عباد، إسماعيل بن عباد، ( ١٤١٤هـ = ١٩٩٤م )، المحيط في اللغة، الطبعة الأولى، تحقيق: محمد حسن آل ياسين، بيروت، عالم الكتب.
– ابن الصلاح، عثمان بن عبد الرحمن، ( ١٤٠٧هـ = ١٩٨٦م )، أدب المفتي والمستفتي، الطبعة الأولى، تحقيق: موفق عبد الله عبد القادر، المدينة المنورة، عالم الكتب.
– ابن الصلاح، عثمان بن عبد الرحمن، ( 1412هـ = ١٩٩٢م )، طبقات الفقهاء الشافعية، الطبعة الأولى، تحقيق: محيي الدين علي نجيب، بيروت، دار البشائر الإسلامية.
– الظفيري، مريم محمد، ( ١٤٢٢هـ = ٢٠٠٢م )، مصطلحات المذاهب الفقهية وأسرار الفقه المرموز في الأعلام والكتب والآراء والترجيحات، الطبعة الأولى، بيروت، دار ابن حزم.
– ابن عبدالبر، يوسف بن عبد الله، ( ١٤١٢هـ = ١٩٩٢م )، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، الطبعة الأولى، تحقيق: علي البجاوي، بيروت، دار الجيل.
– العلائي، إبراهيم بن محمد، ( ١٤٢٠هـ = ١٩٩٩م )، نزهة الأنام في تاريخ الإسلام، الطبعة الأولى، تحقيق: سمير طبارة، بيروت، المكتبة العصرية.
– فانديك، ادوارد كرنيليوس، ( ١٣١٣هـ = ١٨٩٦م )، اكتفاء القنوع بما هو مطبوع، الطبعة: بدون، صححه وزاد عليه: السيد محمد علي الببلاوي، مصر، مطبعة التأليف الهلال.
– الفقي، محمد كامل، ( سنة النشر: بدون )، الأزهر وأثره في النهضة الأدبية الحديثة، الطبعة: بدون، القاهرة، المطبعة المنيرية بالأزهر الشريف.
– الفيروزآبادي، محمد بن يعقوب، ( ١٤٢٦هـ = ٢٠٠٥م )، القاموس المحيط، الطبعة الثامنة، تحقيق: مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة، بيروت، مؤسسة الرسالة.
– ابن قاسم، عبد العزيز بن إبراهيم، ( ١٤٢٠هـ = ٢٠٠٠م )، الدليل إلى المتون العلمية، الطبعة الأولى، الرياض، دار الصميعي.
– ابن قاضي شهبة، أبو بكر بن أحمد بن محمد، ( 1407هـ )، طبقات الشافعية، الطبعة الأولى، تحقيق: الحافظ عبد العليم خان، بيروت، عالم الكتب.
– قره بلوط، علي الرضا، وأحمد طوران، ( ١٤٢٢هـ = ٢٠٠١م )، معجم تاريخ التراث الإسلامي في مكتبات العالم ( المخطوطات والمطبوعات )، الطبعة الأولى، تركيا، دار العقبة.
– قلعجي، محمد رواس وقنيبي، حامد صادق، ( ١٤٠٨هـ = ١٩٨٨م)، معجم لغة الفقهاء، الطبعة الثانية، بيروت، دار النفائس.
– الكتاني، محمد عبدالحي، ( سنة النشر: بدون )، فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والمسلسلات، الطبعة الثانية، تحقيق: إحسان عباس، بيروت، دار الغرب الإسلامي.
– ابن كثير، إسماعيل بن عمر، ( ١٤١٣هـ – ١٩٩٣م )، طبقات الشافعيين، الطبعة: بدون، تحقيق: أحمد عمر هاشم، محمد زينهم محمد عزب، القاهرة، مكتبة الثقافة الدينية.
– كحالة، عمر رضا، ( سنة النشر: بدون )، معجم المؤلفين، الطبعة: بدون، بيروت، مكتبة المثنى.
– الكملائي، محمد حفظ الرحمن، ( ١٤٣٩هـ = 2018م )، البدور المضية في تراجم الحنفية، الطبعة الثانية، القاهرة، دار الصالح.
– مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، ( سنة النشر: بدون )، خزانة التراث – فهرس مخطوطات، متاح على https://kfcris.com/ar/library/pages/four.
– المُطَرِّزِي، ناصر بن عبد السيد، ( سنة النشر: بدون )، المغرب في ترتيب المعرب، الطبعة: بدون، بيروت، دار الكتاب العربي.
– ابن مكرم، محمد بن مكرم بن على، ( ١٤١٤هـ )، لسان العرب، الطبعة الثالثة، بيروت، دار صادر.
– الندوة العالمية للشباب الإسلامي، ( 1420هـ = 1999م )، الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة، الطبعة الرابعة، إشراف وتخطيط ومراجعة: مانع بن حماد الجهني، الرياض، دار الندوة العالمية.
– النووي، يحيى بن شرف، ( ١٤١٢هـ = ١٩٩١م )، روضة الطالبين وعمدة المفتين، تحقيق: زهير الشاويش، الطبعة الثالثة، بيروت، المكتب الإسلامي.
– النووي، يحيى بن شرف، ( ١٣٤٤هـ )، المجموع شرح المهذب، الطبعة: بدون، القاهرة، مطبعة التضامن الأخوي.
– الهيتمي، أحمد بن محمد بن علي بن حجر، ( سنة النشر: بدون )، تحفة المحتاج في شرح المنهاج، الطبعة: بدون، مصر، المكتبة التجارية الكبرى.
– الهيتمي، أحمد بن محمد بن علي بن حجر، ( سنة النشر: بدون )، الفتاوى الفقهية الكبرى، معلومات النشر: بدون.
([1]) انظر: الأعلام، 6/16. عجائب الآثار في التراجم والأخبار، 2/440.
([2]) هو: خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر القرشي المخزومي، صحابي جليل، شهد فتح مكة مع النبي صلى الله عليه وسلم، وقد لقبه بسيف الله المسلول، توفي في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنهما في سنة (21ه). انظر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب، 2/427: 430. أسد الغابة في معرفة الصحابة، 2/140.
([4]) كتاب والده هو ( منقذة العبيد ) وسوف يأتي الحديث عنه.
([5]) انظر: لطائف التوحيد على متن منقذة العبيد، مخطوط، المكتبة المركزية بالمملكة العربية السعودية، الرقم التسلسلي: 62214، رقم الحفظ: 1887.
([6]) انظر: عجائب الآثار، 2/440.
([7]) انظر: الأعلام، 6/12. عجائب الآثار، 2/441.
([8]) الجامع الأزهر: أول مسجد أسس بالقاهرة، تم بناؤه في سنة (361ه)، على يد القائد جوهر الصقلي، مولى الخليفة الفاطمي المعز لدين الله، وذلك حين خطط مدينة القاهرة، وكان للأزهر مكانة مرموقة عند الخلفاء الذين تعاقبوا على خدمته والعناية به، حتى صار صرحاً دينياً وعلمياً يقصده الناس من كل مكان، وقد بدأ كمنبر للعبادة، ثم ضم حلقة للدرس الديني، ثم نشأت الحياة المدرسية، ونُظمت طريقة التعليم الشرعي، واختيرت المواد والكتب، ومع الوقت اتسع بناء الجامع، وضم أبنية أخرى، وتم تعديل المناهج، وإضافة تخصصات أخرى كالطب وغيره، والآن يعد الأزهر الهيئة العلمية الإسلامية الأكبر في مصر، ويضم تحته هيئات متعددة. انظر: الأزهر وأثره في النهضة الأدبية الحديثة، 1/8. حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة، 2/251. نزهة الأنام في تاريخ الإسلام، 42.
([9]) انظر: الأعلام، 1/112. فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم، 1/302. معجم المؤلفين، 1/193.
([10]) انظر: عجائب الآثار، 2/440 – 441.
([11]) يأتي عند الكلام عن شيوخه.
([12]) انظر: عجائب الآثار، 2/441 – 442.
([13]) الصوفية: حركة دينية انتشرت في العالم الإسلامي في القرن الثالث، وكانت تدعو إلى الزهد وشدة العبادة، ترغيباً عن الانغماس في ملذات الدنيا، ولكنها تطورت واتخذت دعواها طرقاً متعددة، وأسماء متمايزة، وصارت تعرف بالطرق الصوفية، ومنها: الجيلانية، والرفاعية، والنقشبندية، والشاذلية …إلخ، والتي تهدف في الجملة إلى تربية النفس على معرفة الله تعالى بالكشف والمشاهدة، وقد امتزجت تلك الطرق بشوائب من الفلسفات الوثنية كالهندية والفارسية واليونانية وغيرها. انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة، 1/249، 265.
([14]) انظر: تاريخ الدولة العلية العثمانية، 363، 368، 372. عجائب الآثار، 1/297، 342: 348.
([15]) انظر: تاريخ الدولة العلية العثمانية، 372: 377. عجائب الآثار، 2/179، 442.
([16]) من أهم المصادر: ” عجائب الآثار ” أو تاريخ الجبرتي للمؤرخ عبدالرحمن الجبرتي المتوفى في سنة (1237هـ)؛ حيث يعد أهم وثيقة تاريخية لمصر في القرنين الثاني عشر والثالث عشر، ويكاد ينفرد في دقته ومصداقيته في توثيق الحياة الاجتماعية والثقافية والدينية والسياسية لمصر في تلك الفترة، وللكتاب شهرة وقبول عند المؤرخين وعليه الاعتماد عندهم، ووالد المؤرخ هو الشيخ حسن الجبرتي أحد شيوخ الأزهر، وعنه أخذ الشيخ ابن الجوهري. انظر: اكتفاء القنوع بما هو مطبوع، 88. معجم المطبوعات العربية والمعربة، 2/676.
([17]) انظر: عجائب الآثار، 1/298، 302، ،345.
([18]) انظر: المرجع السابق، 2/441.
([19]) هو: عبد الله بن إبراهيم بن حسن الميرغني، فقيه حنفي، متصوف، ولد بمكة، ثم انتقل إلى الطائف، لقب بالمحجوب للزومه العزلة في داره نحو ثلاثين سنة، ولأسرته يُنسب تأسيس الطريقة الميرغنية أو الختمية، وهي من الطرق الصوفية، وله تصانيف في التصوف منها: ” الرسائل الميرغنية “، توفي سنة (1193هـ). انظر: الأعلام، 4/64. البدور المضية في تراجم الحنفية، 9/270.
([20]) الشاذلية: إحدى الطرق الصوفية، وتنسب إلى أبي الحسن الشاذلي، نسبة إلى شاذلة في المغرب، وهو شيخ الطائفة، واسمه علي بن عبد الله بن عبد الجبار المغربي، وقد سكن الأسكندرية، وتوفي بمصر في سنة (656هـ)، وتشترك هذه الطريقة مع الطرق الأخرى في جملة الأفكار والمعتقدات الصوفية، وتختلف عنها في سلوك المريد وطريقة تربيته، واشتهارهم بالذكر المفرد ” الله ” أو المضمر ” هو “، ومن مجمل أفكار هذه الطريقة: الخلوة، الذكر، الزهد، الذوق، علم اليقين، السماع، وتمركزت هذه الطريقة في مصر وبخاصة مدينة الإسكندرية، ثم انتشرت في باقي الدول العربية، كسوريا والمغرب العربي، والسودان. انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب، 1/275: 279.
([21]) لطائف التوحيد على متن منقذة العبيد، مخطوط، المكتبة المركزية بالمملكة العربية السعودية، الرقم التسلسلي: 62214، رقم الحفظ: 1887.
([23]) انظر: خزانة التراث – فهرس مخطوطات، 61/984. معجم تاريخ التراث الإسلامي – المخطوطات والمطبوعات، 4/2538.
([24]) انظر: إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون، 4/584. حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر، 1323. هدية العارفين، 1/178.
([25]) انظر: لطائف التوحيد على متن منقذة العبيد.
([27]) انظر: خزانة التراث، 39/289. عجائب الآثار، 2/440.
([28]) انظر: عجائب الآثار، 2/440.
([29]) انظر: الأعلام، 2/322، 323. سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر، 2/101 – 102.
([30]) انظر: عجائب الآثار، 1/603 – 604.
([31]) انظر: سلك الدرر، 1/116 – 117. فهرس الفهارس، 2/559.
([32]) انظر: عجائب الآثار، 1/488. فهرس الفهارس، 2/778.
([33]) انظر: الأعلام، 4/260. سلك الدرر، 3/206.
([34]) انظر: سلك الدرر، 3/273. عجائب الآثار، 1/366 – 367.
([35]) انظر: الأعلام، 2/178. عجائب الآثار، 1/441. معجم المؤلفين، 3/193.
([36]) انظر: عجائب الآثار، 2/178 – 179. معجم المؤلفين، 4/16.
([37]) انظر: فهرس الفهارس، 2/784.
([38]) انظر هذه المؤلفات في: الأعلام، 6/16. اكتفاء القنوع، 464. إيضاح المكنون، 3/453. حلية البشر، 1324. خزانة التراث، 39/290، 291، 293: 297. 60/180. 61/984. 79/223. 78/752. 103/266، 312. 105/139، 274، 275، 335، 394، 530، 764، 775. 107/756، 617، 205، 148. معجم المطبوعات العربية والمعربة، 2/722. معجم المؤلفين، 8/250. معجم تاريخ التراث الإسلامي في مكتبات العالم – المخطوطات والمطبوعات، 4/2537.
([39]) انظر: الأعلام، 6/16. عجائب الآثار، 2/441.
([40]) انظر: حلية البشر، 1324. خزانة التراث، 39/290. معجم المؤلفين، 8/250. معجم تاريخ التراث الإسلامي، 4/2537.
([41]) انظر: عجائب الآثار، 2/442.
([43]) انظر: حلية البشر، 1324. هدية العارفين، 2/353.
([44]) انظر: إيضاح المكنون، 3/20. خزانة التراث، 103/5.
([45]) انظر: طبقات الفقهاء الشافعية، 1/491. مصطلحات المذاهب الفقهية وأسرار الفقه المرموز، 229، 231، 235 – 236، 266، 271: 273.
([46]) النَّذر: ما يجعله الإنسان واجباً عليه، يقال: نذَرْتُ وأَنذُر نذْراً إذا أوجبتَ على نفسك شيئًا تبرُّعًا من عبادةٍ أو صدقةٍ أَو غيرِ ذلك. انظر: القاموس المحيط، 481. لسان العرب، 5/200.
([47]) ضد المطلق، وهو اللفظ الدال على الماهية بلا قيد، فالمقيد هو كل شيء أسر بعضه إلى بعض. انظر: العين، 5/196. القاموس الفقهي، 232.
([48]) الهاشمي: نسبة إلى هاشم بن عبد مناف، وللنّبيّ صلى الله عليه وسلم نسبة إلى هاشم، وقد سُمي هاشماً؛ لهشمه الثريد. انظر: الأنساب، 12/ 316
([49]) المطَّلبي: نسبة إلى المطلب بن عبد مناف بن قصي. انظر: المرجع السابق، 12/317
([50]) روضة الطالبين وعمدة المفتين، للإمام النووي (ت676هـ)، كتاب معتمد في الفقه الشافعي، وقد اختصر فيه كتاب الشرح الكبير للإمام الرافعي؛ بغية تسهيله وتقريبه لأهل العلم. انظر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، 1/ 929.
([51]) هو: أبو المعالي عبد الملك بن عبدالله بن يوسف الجويني، إمام الحرمين، ولد سنة (419هـ)، شيخ الشافعية بنيسابور، قرأ الفقه على والده أبي محمد الجويني، والأصول على أبي القاسم الإسكاف تلميذ أبي إسحاق الإسفراييني، من مصنفاته: ” نهاية المطلب في دراية المذهب “، توفي سنة (478هـ). انظر: طبقات الشافعية الكبرى، 5/ 165. طبقات الشافعيين، 466.
([52]) هو: أبو حامد محمد بن محمد الغزالي، حجة الإسلام، ولد سنة (450هـ)، فقيه أصولي متكلم، أخذ عن الإمام الجويني ولازمه حتى صار أنظر أهل زمانه، وجلس للإقراء في حياة إمامه، من مصنفاته: ” البسيط ” في اختصار نهاية المطلب للجويني، توفي سنة (505هـ). انظر: طبقات الشافعية، 1/293. طبقات الفقهاء الشافعية، 1/249.
([53]) العراقيون المراد بهم: الشيخ أبو حامد الإسفراييني -شيخ طريقة العراقيين- وأتباعه كأبي الحسن الماوردي، والقاضي أبو الطيِّب الطبري، وأبو الحسن المحاملي وغيرهم. انظر: مقدمة تحقيق كتاب نهاية المطلب، 133.
([54]) هو: أبو المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل الرّوياني، القاضي فخر الإسلام القاضي، ولد سنة (415ه)، من أصحاب الوجوه في المذهب، برع في الفقه حتى انتهت إليه رئاسة المذهب في رويان بلدة بطبرستان، من مصنفاته: ” بحر المذهب “، استشهد سنة (502هـ). انظر: طبقات الشافعية، 1/287. طبقات الشافعيين، 524.
([56]) لفظ ” المختار” عند النووي في ” الروضة ” بمعنى الأصح في المذهب. انظر: الفوائد المكية، 94.
([58]) المجموع شرح المهذب، للإمام النووي، من أجمع الكتب في الفقه الشافعي، شرح به كتاب المهذب للإمام الشيرازي (ت 476هـ)، مبيناً لغاته وألفاظه، ومعرفاً بمصطلحاته، ومخرجاً لأحاديثه، معلقاً على سندها ورجالها، حاوياً لمذاهب العلماء، وملتزماً بيان الراجح والمعتمد في المذهب، وقد توفي قبل أن يكمله، فعقبه في الشرح الإمام السبكي (ت 756هـ)، ثم الشيخ محمد بخيت المطيعي (ت 1354هـ)، كما أن هناك تتمات أخرى لعدد من العلماء. انظر: عماد علي جمعة، المكتبة الإسلامية، 180.
([62]) الوجيز في فقه مذهب الإمام الشافعي، للإمام الغزالي (ت505ه)، كتاب مختصر في المذهب وعلم الخلاف، وهو خاتمة اختصاراته لكتاب أستاذه الإمام الجويني ” نهاية المطلب “، حيث اختصره في كتبه ” البسيط ” ثم ” الوسيط ” ثم ” الوجيز”، والذي شرحه الإمام الرافعي في كتابه ” العزيز في شرح الوجيز ” وكان من أجمع ما صنف في الفقه الشافعي. انظر: عماد علي جمعة، المكتبة الإسلامية، 182.
([63]) هو: أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن إسحاق المروزي، أحد أئمة المذهب، أخذ الفقه عن أبي العباس بن سريج، ثم انتهت إليه رئاسة المذهب في زمانه، له شرح مختصر المزني، توفي سنة (340هـ). انظر: طبقات الفقهاء، 112.
([64]) هو: أبو علي حسين بن محمد بن أحمد المروزي، القاضي، من أكبر أصحاب الإمام القفال، تفقه عليه البغوي، وهو صاحب كتاب التعليقة المشهورة في المذهب، قال عنه النووي: ما أجزل فوائده وأكبر فروعه المستفادة، توفي سنة (462ه). انظر: طبقات الشافعيين، 443.
([65]) هو: أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي، الفراء أو ابن الفراء، محيي السنة، ولد سنة (436ه)، تفقه على القاضي حسين، ومن تعليقته لخص ” التهذيب “، توفي سنة (510ه). انظر: تذكرة الحفاظ، 4/37.
وكتابه التهذيب في الفروع، كتاب محرر، مهذب، مجرد عن الأدلة غالباً، لخصه من تعليقة شيخه القاضي حسين، وزاد فيه ونقص. انظر: كشف الظنون، 1/517.
([67]) روض الطالب، للإمام إسماعيل ابن المقري اليمني (ت 837هـ)، كتاب مختصر عن ” روضة الطالبين “، ويعد أجود شروحه هو ” أسنى المطالب شرح روض الطالب ” للإمام زكريا الأنصاري (ت926هـ)، وهو كتاب موسوعي في الفقه الشافعي، وله أهمية كبيرة في المذهب، حيث تمتد جذوره حتى كتاب ” نهاية المطلب ” للإمام الجويني، وعلى الكتاب حواش من أهمها حاشية للشهاب الرملي. انظر: الدليل إلى المتون العلمية، 421. المكتبة الإسلامية، 182.
([69]) هو: أحمد بن حمزة الرملي، شهاب الدين، عالم فقيه، أخذ عن القاضي زكريا الأنصاري، ولازمه وانتفع به، من مصنفاته: ” الفتاوى ” جمعها ابنه شمس الدين، توفي سنة (957هـ). انظر: الأعلام، 1/120. معجم المؤلفين، 1/224.
([72]) العباب المحيط بمعظم نصوص الشافعي والأصحاب، للإمام القاضي أبو العباس ابن المزجد اليمني (ت 930هـ)، كتاب مختصر عن ” روضة الطالبين ” وعليه زيادات من غيره، أوله الحمدلله الذي جمع ببديع حكمه أشتات العلوم بأوجز كتاب إلخ، أراد به مؤلفه استيعاب فروع المذهب، وشرحه هو ” الإيعاب شرح العباب ” للإمام ابن حجر الهيتمي (ت 974هـ)، وهو مخطوط له نسخ في المكتبة الأزهرية بالقاهرة، رقم الحفظ: [754] 5676، وفي المتحف الأسيوي سان بطرسبورج، رقم الحفظ:930. انظر: إيضاح المكنون، 4/91. خزانة التراث، 30/103. معجم تاريخ التراث الإسلامي، 1/376.
([73]) هو: أبو العباس أحمد بن محمد بن حجر الهيتمي، شهاب الدين، ولد سنة (909هـ)، صاحب التآليف العديدة التي عليها المدار عند الشافعية، ومنها: ” تحفة المحتاج “، توفي سنة (974هـ). انظر: فهرس الفهارس، 1/337.
([74]) المستولدة: بفتح اللام اسم مفعول، وهي الأمة التي ولدت من سيدها في ملكه. انظر: القاموس الفقهي، 25. معجم لغة الفقهاء، 428.
([75]) لم أقف عليه فيما اطلعت عليه من كتب الشافعية.
([76]) لم أقف عليه فيما اطلعت عليه من كتب الشافعية.
([77]) هو: أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن المعروف بابن الصلاح، الإمام الحافظ المفتي، ولد سنة (577هـ)، سمع من أبي المظفر السمعاني وابن عساكر، تولى التدريس في الصلاحية ببيت المقدس، ثم وُلي مشيخة دار الحديث الأشرفية بدمشق، صنف وأفتى وتخرج به الأصحاب، من مصنفاته: ” علوم الحديث “، توفي سنة (643هـ). انظر: تذكرة الحفاظ، 4/149.
([78]) هو: أبو محمد عبد الله بن يوسف بن عبد الله الجويني، والد إمام الحرمين أبو المعالي، تفقه على الأبيوردي ثم رحل إلى الإمام القفال المروزي ولازمه حتى برع عليه مذهبًا وخلافًا، ثم قعد للتدريس والفتوى، وكان إمامًا تخرج به جماعة من أئمة الإسلام، توفي سنة (438هـ). انظر: طبقات الفقهاء الشافعية، 1/520.
([79]) لم أقف على هذا النص بعبارته؛ لأنه الشرح ما زال مخطوطاً بحسب اطلاعي، ولكن وجدت فيما اطلعت عليه من كتب الإمام ابن حجر معنى قريباً منه، ذكره في التحفة (10/72 – 75) في قوله: ” الفَرْقُ أَنَّهُ فِي تِلْكَ لَمْ يُعَيِّنْ مَصْرِفًا وَلَا مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، مِنْ ذِكْرِ مِسْكِينٍ أَوْ تَصَدُّقٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَكَانَ الْإِبْهَامُ فِيهَا مِنْ سَائِرِ الْوُجُوهِ بِخِلَافِ هَذِهِ؛ لِأَنَّ التَّصَدُّقَ يَنْصَرِفُ لِلْمَسَاكِينِ غَالِبًا “، ثم قال: ” وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عَيَّنَ شَيْئًا أَوْ مَكَانًا لِلصَّدَقَةِ تَعَيَّنَ (فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ) أَيْ: مَا الْتَزَمَهُ “. وجاء في الفتاوى الفقهية الكبرى لابن حجر (4/276): ” وَسُئِلَ عَنْ حُكْمِ النَّذْرِ لِلْكَافِرِ؟ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: يَجُوز النَّذْرُ لِلْكَافِرِ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَيْهِ قُرْبَةٌ كَمَا يَجُوزُ لِلْغَنِيِّ لِذَلِكَ “.
([80]) أبو بكر عبدالله بن أحمد المروزي، القفال، ولد سنة (327ه)، شيخ الخراسانيين كان أفقه أهل زمانه، سديد الاستنباط والتخريج، دقيق النظر والتحقيق، تفقه عليه جماعة ومنهم القاضي حسين، من مصنفاته: ” الفتاوى”، توفي سنة (417ه). انظر: طبقات الفقهاء الشافعية، 1/496
([81]) لم أقف عليه في فتاوى الإمام القفال، ولكن وجدت الإمام الشربيني قد نقله عنه فقال: ” وَلَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ بِدِينَارٍ جَازَ صَرْفُهُ إلَى الْمُسْلِمِينَ، أَوْ عَلَى الْمُبْتَدَعَةِ أَوْ الرَّافِضَةِ جَازَ صَرْفُهُ إلَى أَهْلِ السُّنَّةِ، أَوْ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ جَازَ صَرْفُهُ إلَى الْفُقَرَاءِ كَمَا فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ “. مغني المحتاج، 6/255.
([84]) الشيخان هما: الرافعي والنووي.
الرافعي هو: أبو القاسم عبد الكريم بن محمد القزويني، عمدة المحققين، وأستاذ المصنفين، منقح المذهب ومحرر مسائله، من مصنفاته: الشرح الكبير المسمى ” فتح العزيز في شرح الوجيز”، توفي سنة (623هـ). انظر: طبقات الشافعية الكبرى، 8/281.
والنووي هو: أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري الحوراني، محيي الدين، ولد سنة (631ه)، كان إماماً في الحديث، حافظاً للمذهب وقواعده وأصوله، وأقوال الصحابة والتابعين واختلاف العلماء ووفاقهم، من مصنفاته: ” روضة الطالبين “، توفي سنة (676هـ). انظر: طبقات الشافعية، 2/153.
([85]) انظر: روضة الطالبين، 3/309.
([86]) هو: أبو بكر محمد بن داود بن محمد الداودي المروزي، المعروف بالصيدلاني، تلميذ الإمام أبي بكر القفال المروزي، شارح مختصر المزني، أكثر الجويني النقل عنه في ” النهاية “، توفي سنة (427هـ). انظر: طبقات الشافعية الكبرى، 4/148.
([87]) هو: أبو العباس أحمد بن حمدان بن أحمد الأذرعي، ولد سنة (708هـ)، قرأ على المزي والذهبي، وأخذ عنه البدر الزركشي، كان أكثر المتأخرين في كثرة نقل المذهب، وهو ثقة ثبت في النقل، اعتنى علماء الشافعية بنقولاته واختياراته كالرملي والهيتمي وغيرهم، توفي سنة (783هـ). انظر: طبقات الشافعية، 3/141.
([89]) لم أقف عليه في موضعه، وذكره الإمام زكريا الأنصاري بلفظ قريب في كتابه ” أسنى المطالب ” (1/581) فقال: ” أَمَّا وَقْتُ الصَّدَقَةِ فَلَا يَتَعَيَّنُ اعْتِبَارًا بِمَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ مِنْ جِنْسِهَا، وَهُوَ الزَّكَاةُ فَيَجُوزُ تَقْدِيمُهَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ جَوَازُ تَأْخِيرِهَا “.
([90]) هو: أبو الطيب طاهر بن عبد الله بن طاهر الطبري، القاضي المحقق، ولد سنة (348هـ)، أخذ عن الشيخ أبي حامد الإسفراييني، وصنف في الخلاف والمذهب والأصول كتباً قيمة، وله شرح على مختصر المزني، توفي سنة (450هـ). انظر: طبقات الفقهاء، 127.
([91]) متمول: كل ما له قيمة، يقال: تَمَوّل فلانٌ مالاً، إذا اتخذ قِنْية من المال، وصار ذا مالٍ. انظر: المغرب في ترتيب المعرب، 449. تكملة المعاجم العربية، 10/133.
([92]) غير متمول: المملوك من الحقوق غير المالية من حقوق النكاح أو وجوب القصاص ونحو ذلك. انظر: شرح حدود ابن عرفة، 296.
([93]) لم أقف عليه عنده، ووجدت قريباً منه في ” أسنى المطالب ” (1/590) ونصه: ” وَمَنْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِشَيْءٍ صَحَّ نَذْرُهُ وَتَصَدَّقَ بِمَا شَاءَ مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ لِصِدْقِ الشَّيْءِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَرَكَ بِشَيْءٍ لَا يُجْزِئُهُ إلَّا مُتَمَوَّلٌ كَمَا مَرَّ “.
([94]) هو: أبو الحسن محمد بن يحيى بن سراقة العامري، فقيه فرضي محدث، من كبار أصحاب الإمام الشافعي ومتقدميهم، صنف كتباً في فقه الشافعية والفرائض ورجال الحديث، ولزم الدارقطني مدة لأجله، ومن تصانيفه: ” كتاب الشهادات “، توفي في حدود سنة (410ه). انظر: طبقات الفقهاء الشافعية، 1/285.
([95]) هو أبو القاسم عبد الواحد بن الحسين بن محمد الصيمري، من أصحاب الوجوه في المذهب، كان حافظاً للمذهب، حسن العبارة والتصنيف، حضر مجلس أبي حامد المروزي، أخذ عنه الماوردي، من مصنفاته: ” الإيضاح “، توفي سنة (386هـ). انظر: طبقات الفقهاء الشافعية، 2/575.
([96]) لم أقف عليه، ولكن وجدت عزو هذا القول لابن سراقة وغيره عند الدميري في كتابه ” النجم الوهاج في شرح المنهاج ” (6/288) ونصه: ” وإطلاق المصنف الفقراء والمساكين يقتضي: صرفه لمن كان منهم من أهل الذمة، والذي جزم به ابن سراقة وغيره: أنه يختص بالمسلمين كالزكاة “.
([97]) لم أقف عليه لما ذكرته آنفاً أن شرح العباب مازال مخطوطاً، ولكن وقفت على مثل ذلك فيما اطلعت عليه من كتب مذهب الشافعية. انظر مثلاً: بحر المذهب، 10/537. تحفة المحتاج، 10/72. الفتاوى الفقهية الكبرى، 4/278. مناهج الطالبين، 335.
([98]) هو: محمد بن أحمد بن حمزة الرملي، شمس الدين، ولد سنة (919هـ)، لقب بالشافعي الصغير، فقيه، مشارك في بعض العلوم، ولي إفتاء الشافعية، من مصنفاته: ” نهاية المحتاج شرح المنهاج “، توفي سنة (1004هـ). انظر: معجم المؤلفين، 8/255.
([99]) شرح المنهاج هو: نهاية المحتاج في شرح المنهاج، للإمام شمس الدين الرملي (ت 1004هـ)، من أمهات كتب الشافعية، وأحد أهم شرحين لكتاب المنهاج للنووي، والشرح الآخر هو ” تحفة المحتاج ” للإمام الهيتمي، والعمدة في الفتوى عند أكثر علماء مصر لما قاله الإمام الرملي خاصةً في كتاب النهاية، وعليه حاشيتان: حاشية الشبراملسي (ت 1087هـ)، وحاشية الرشيدي (ت 1096هـ). انظر: اكتفاء القنوع بما هو مطبوع، 156. الدليل إلى المتون العلمية، 414. الفوائد المكية، 74 – 75.
([101]) ع ش المراد به: الإمام علي الشبراملسي (ت 1087هـ)، وله حاشية على نهاية المحتاج شرح المنهاج للرملي، طبعت بهامشه.
([102]) حاشية الشبراملسي، 8/221.
([104]) التبرر: التقرب، وسمّي النذر تبرّراً؛ لأنّه طلب البرّ والتّقرّب إلى الله تعالى. انظر: المطلع على ألفاظ المقنع، 477. كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم، 2/1685.
([105]) حاشية الشبراملسي، 8/220.
([106]) ش م ر المراد به: الإمام شمس الدين محمد الرملي (ت 1004هـ).
([107]) الخمْس: جُزءٌ من الخمْسة. وخَمَسْتُ مالَ فلانٍ أخذت خُمْسَ أمواله. انظر: المحيط في اللغة، 4/271 – 272.
([108]) هو: أبو سعيد الحسين بن أحمد الأصطخري، من أصحاب الوجوه، ولد سنة (244هـ)، كان هو وابن سريج شيخي الشافعية ببغداد، روى عنه الدارقطني، ولي القضاء ثم الحسبة ببغداد، له كتاب في أدب القضاء، لقي قبولاً واستحساناً لدى الأئمة، توفي سنة (328هـ). انظر: طبقات الشافعية الكبرى، 3/230.
([109]) الغنيمة: ما أُخذ قسْراً مما أُوجِفَ عليه بالخيل والرِّكاب من أموال المشركين، ويجب فيها الخُمس لمن قسمه الله له، ويُقْسمُ أربعة أخماسها لمن حضر، للفارس ثلاثة أسهم، وللرَّاجل سهمٌ واحد.
وأما الفَيْءُ فهو ما أفاء الله من أموال الكفار على المسلمين بلا حربٍ ولا إيجافٍ عليه بخيل وركاب، وذلك مثل ما صُولحوا عليه من أموالهم، فيجب فيه الخُمس أيضاً لمن قسمه الله، والباقي يوضع في بيت مال المسلمين. انظر: تهذيب اللغة، 8/141.
([110]) هو: محمد بن أبي أحمد بن محمد الهروي، القاضي، تلميذ أبي عاصم العبادي، وشارح تصنيفه في أدب القضاء وهو شرح مشهور سماه ” الإشراف على غوامض الحكومات “، توفي سنة (518ه). انظر: طبقات الشافعية، 1/292.
([111]) هو: أبو سعيد محمد بن يحيى محمد النيسابوري، ولد سنة (476هـ)، تفقه على الغزالي، وبرع في المذهب، وانتهت إليه رئاسة المذهب بنيسابور، وتخرج به أئمة، وله تصانيف في المذهب والخلاف منها: ” المحيط في شرح الوسيط “، استشهد سنة (549هـ). انظر: طبقات الشافعيين، 638.
([113]) مجتهد الفتوى هو: الفقيه الحافظ لمذهب إمامه، وتفريعات أصحابه وتخريجاتهم، القادر على الترجيح بينها. انظر: أدب المفتي والمستفتي، 98.
([114]) هو: أبو يحيى زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري، شيخ الإسلام، اختلف في ولادته فقيل بين سنة (824هـ أو 826هـ)، قاضي القضاة بالديار المصرية، تفقه عليه الإمام ابن حجر الهيتمي، وعده من المجددين، انتفع به خلق كثير، من مصنفاته: ” أسنى المطالب شرح روض الطالب “، توفي سنة (٩٢٦ه). انظر: فهرس الفهارس، 1/457.
([115]) تحفة المحتاج بشرح المنهاج، للإمام ابن حجر الهيتمي (ت 974هـ)، من أمهات كتب المذهب الشافعي، يعتبر هو و” نهاية المحتاج ” للرملي أهم شرحين للمنهاج، كما أن ما قاله الإمام ابن حجر في ” التحفه ” هو المقدم في الفتوى عند أكثر علماء حضرموت والشام واليمن والحجاز. انظر: الفوائد المكية، 75. هدية العارفين، 1/ 146.
([116]) النَّسيئة: من نَسَأْتُ الشيء نسأ: أخرته، ومنه نَسَأْتُ عنه دَيْنَهُ، ونَسَأْته: بعته بتأخير إذا أخَّرتَهُ. انظر: العين، 7/305. الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، 1/76.
والمراد بربا النسيئة هنا: بيع الدين بالدين متفاضلاً؛ لزيادة الأجل. انظر: الأم، 3/15. المجموع، 9/ 403.
([118]) ولفظه: ” وَبِهِ صَرَّحَ الْقَفَّالُ حَيْثُ قَالَ لَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: إنْ جَامَعْتَنِي فَعَلَيَّ عِتْقُ عَبْدٍ، فَإِنْ قَالَتْهُ عَلَى سَبِيلِ الْمَنْعِ فَلَجَاجٌ، أَوْ الشُّكْرِ لِلَّهِ حَيْثُ يَرْزُقُهَا الِاسْتِمْتَاعَ بِزَوْجِهَا لَزِمَهَا الْوَفَاءُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ نَذْرَيْ اللَّجَاجِ وَالتَّبَرُّرِ أَنَّ الْأَوَّلَ فِيهِ تَعْلِيقٌ بِمَرْغُوبٍ عَنْهُ وَالثَّانِي بِمَرْغُوبٍ فِيهِ “. المرجع السابق، 10/71.
([120]) منهاج الطالبين وعمدة المفتين، للإمام النووي، كتاب عمدة في تحقيق مذهب الشافعية، اختصره عن ” المحرر” للإمام الرافعي في نحو نصف حجمه، وزاد عليه نفائس؛ ليسهل حفظه، وهو كثير الفوائد، ومنهجه فيه النص على الصحيح في المذهب، وقد اعتنى به جماعة من الشافعية، فمن شروحه: قوت المحتاج للأذرعي، والنجم الوهاج للدميري، وتحفة المحتاج للهيتمي، ومغني المحتاج للشربيني، ونهاية المحتاج للرملي. انظر: الدليل إلى المتون العلمية، 412. كشف الظنون، 2/ 1875.