تحقيق التنمية المستدامة في مدارس وجامعات المملكة العربية السعودية
أ/ فاطمة أحمد محمد عقيل
المقدمة:
ما يوصلنا إلى مفهوم التنمية المستدامة والذي يعد من أهم مؤشرات قياسه في أي دولة من دول العالم هو التعليم الجامعي ودورها كمؤسسة تعليمية مسؤولة (باكير، 2005). يتطلب تحقيق التنمية المستدامة تضافر جهود كافة مؤسسات الدولة بشكل يستدعي محاولة تحديد وفهم وتحليل دور الجامعة في تحقيق رغبات المجتمع ومتطلباته التنموية في جميع المجالات، وخاصة مجال دعم وتنمية المشروعات الصغيرة ليواكب كل ما في عصره من تقدم ومن ثم الوصول إلى المقترحات بشأن الدور المرتقب للجامعة في هذا الشأن بالشكل الذي يدعم الخطط التنموية في المجتمع.
التنمية المستدامة هو أحد الأدوار الهامة للجامعة والذي يأتي بعد دورها في التعليم والبحث العلمي، وقد ألقى الضوء في هذا البحث على المفهوم الشامل للتنمية المستدامة من أبعادها البيئية والاجتماعية والاقتصادية.
التنمية البيئية: تهدف إلى تعريف الطلاب بالقضايا البيئية ومشكلاتها وطرق حلها وتنمية الوعي البيئي لدى الطالب (عبد السلام،1994م).
وتوصل الباحث إلى أن ضعف الجانبين المعرفي والوجداني نحو مشكلات البيئة ومتطلباتها في المجتمعات الريفية والشعبية يرجع إلي ضغوط قيمة وأوضاع اجتماعية وضعف التوعية البيئية من جانب المؤسسات التربوية الانتظامية كوسائل الإعلام بمختلف مجالاتها، وأشار إلى أهمية تنمية وعي الطلاب بقضايا البيئة ومشكلاتها من خلال عقد المزيد من الندوات والمحاضرات المتخصصة في مجال البيئة وعمل زيارات ميدانية إلى مواقع بيئية مختلفة و تدعيم برامج الأنشطة الطلابية بنشرات اختيارية نحو البيئة بالإضافة إلى تكوين نادي للبيئة والقيام بحملات لتنظيف البيئة وتنظيف الحرم الجامعي مثلا (نفس المرجع السابق،ص6).
التنمية الاجتماعية:
تكمن أهمية التنمية الاجتماعية إلى كون التعليم العالي أساس النهضة وركن من أركان بناء الدولة الحديثة والداعم الرئيسي للتنمية الشاملة بأبعادها (شرقي،2008م). وتوصل في بحثه هذا إلى نتائج تضمن الإصلاح والتجديد في المجتمع وذلك من منهجية تجمع بين تأثير الجزء (الجامعات) بالكل (المجتمع) والعكس صحيح، وبذلك فإن التطور في التعليم العالي ضروري لرقي
الأمة وتطورها وتنمية قدراتها العلمية والمعرفية حيث تسعى الجامعات إلى خدمة المجتمع من خلال التميز العلمي والبحثي وإعداد الكوادر البشرية المؤهلة (نفس المرجع السابق، ص180).
التنمية الاقتصادية:
تهدف إلى إبراز دور الجامعة العربية في إعداد الكفاءات العلمية المتخصصة في شتى المجالات، وبخاصة التنموية منها وتعرف المنتج العلمي، والإمكانات البحثية وتوضيح المعوقات التي تحول دون مشاركة الجامعات العربية في التنمية الاقتصادية (سعيد، 2009م).
المبحث الأول: ما مفهوم التنمية المستدامة وأبعادها؟
تمثل التنمية المستدامة إحدى المفاهيم الحديثة والمعاصرة والتي نتجت بسبب الحاجة الماسة إلى توفير حياة كريمة لأجيالنا القادمة ولهذا ظهرت الكثير من الاجتهادات من قبل عدد من الحكومات والمؤسسات والمؤتمرات وكذلك الباحثين المهتمين بطرح تعريف واضح ومرن للتنمية
المستدامة ومن أهم ما ذكر حول هذا المفهوم ما جاء في مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة والتنمية(UNCED) المنعقد في ريو دي جانيرو بالبرازيل عام 1992على أن التنمية المستدامة ” ضرورة إنجاز الحق في التنمية “(عبد الغني،2013م)،
كما قد عرف تقرير بورتلاند الذي أصدرته اللجنة الدولية للبيئة والتنمية في عام 1987 بعنوان “مستقبلنا المشترك” التنمية المستدامة بأنها ‘التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر دون أن يعرض للخطر قدرة الأجيال التالية على إشباع احتياجاتهاDemoutiez1978)
، (Macquart،2009)،(Our common future وتعرف منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) التنمية المستدامة (الذي تم تبنيه في عام ١٩٨٩ ) على أنها إدارة وحماية قاعدة الموارد الطبيعية وتوجيه التغير التقني والمؤسسي بطريقة تضمن تحقيق واستمرار إرضاء الحاجات البشرية للأجيال الحالية والمستقبلية (منظمة الاغذية والزراعة للأمم المتحدة، بدون سنة)،(Lavieille،1998).
ومن هذا فجميع ما سبق يعد اجتهادات حول مفهوم التنمية المستدامة إلا أنه لم يتفق على تعريف واحد لها (Ministere,1997). لذلك ترى الباحثة أن التنمية المستدامة هي (إدارة كافة الموارد المتاحة للمجتمع بشكل يكفل الرخاء البيئي والاجتماعي و الاقتصادي وتحقيق الاحتياجات الإنمائية للأجيال الحالية والمستقبلية) ولكن جميعها تتفق في ضرورة التعزيز والمشاركة في تطبيقه وهذا ما أكد في
الوثيقة الثانية (الوثيقة السياسية) لمؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة جوهانسبرج عام 2002ببناء مجتمع إنساني مبني على المساواة ويصون كرامة الإنسان وتدعيم الأركان الثلاثة للتنمية المستدامة (حماية البيئة والتنمية الاجتماعية والتنمية الاقتصادية )على المستويات المحلية والوطنية والإقليمية والعالمية، بالإضافة إلى التعهد بتنفيذ برنامج عالمي للتنمية المستدامة يقضي على الفجوة فيما بين الأغنياء والفقراء، والبعد عن الحرمان أي فرد و أي أمة
من فرصة الاستفادة من التنمية (المطيري، بدون سنة). ومن الجدير بالذكر أن هناك عدة أبعاد أساسية ترتبط بمفهوم التنمية المستدامة هي:
البعد البيئي: يسعى إلى المحافظة على الموارد الطبيعية المتاحة واستغلالها بالشكل الأمثل الذي لا يؤدي إلى استنزافها بوضع حدود أمام الاستهلاك والنمو السكاني والتلوث وحماية الأنظمة البيئية وتكاملها (Nago2008) (PrideFerrell,2013,
البعد الاجتماعي: يشير إلى مبدأ المساواة والعدالة فيما بين البشر والمعيشة في مجتمع يتبنى فكرة الوسطية والاعتدال في جميع الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية والبيئية والخدمية وغيرها (شريف، عبد الرحمن،2008م)، (برنامج الأمم المتحدة الانمائي،1994م).
ما هو البعد الاقتصادي للتنمية المستدامة؟
والذي يرمي إلى القضاء على الفقر بشكل خاص وزيادة الدخل المجتمعي عموما من خلال النمو المستمر لرأس المال. ويرى باحثون عدة في أن هذه الأبعاد مترابطة معا وكل منها مكمل للآخر وهذا يعني أنه لا يجوز التعامل مع أحد هذه الأبعاد دون الالتفات إلى الأخر والشكل التالي يوضح ترابط الأبعاد الأساسية لمفهوم التنمية المستدامة مع بعضها البعض (عبد الرحمن،2011م)، (Supizet:2002).
الشكل (1): ترابط أبعاد عملية التنمية المستدامة
البعد الاقتصادي
حفل القران الكريم والسنة النبوية بالعديد من النصوص التي تمثل الركائز الأساسية للتنمية المستدامة، وتضع القواعد والضوابط التي تحكم علاقة الفرد بالبيئة لاستمرارها وضمان صلاحية الحياة بها، ومهمة التنمية المستدامة من المنظور الإسلامي توفير متطلبات الإنسان الروحية والمادية وحق كل فرد في التنمية الخلقية والثقافية والاجتماعية لأنها تعتمد على مبدأ الاعتدال والوسطية في تحقيق متطلبات الجنس البشري.
التنمية المستدامة في المنظور الإسلامي لا تجعل من العنصر البشري ندا للطبيعة ولا متحكما بها بل أمين عليها محسنا لها ويأخذ منها بقدر حاجته وحاجة من يعولهم بدون إسراف ولا تبذير ولا إفراط قال تعالى: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين)، وأوجب الإسلام الأغنياء بمساعدة الفقراء فالمال مال الله والناس مستخلفين فيه قال تعالى: (وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم
إن علمتم فيهم خيرا وأتوهم من مال الله الذي آتاكم). كما أشار القرآن الكريم في قوله تعالى: (له ما في السموات والأرض وما بينهما وما تحت الثرى) فما بين السموات والأرض يستدل على البيئة الطبيعية الشمس والحرارة والريح والرطوبة والسحاب والمطر، أما قوله (تحت الثرى) المكونات الموجودة في باطن الأرض من مكونات جيولوجية أو ثروات طبيعية أو مياه جوفية (يحياوي، عاقلي، بدون سنة).
ما قانون البيئة في المملكة العربية السعودية؟
حققت المملكة نقلة نوعية في مجال حماية البيئة وصون مواردها، واعتُمد موضوع البيئة وحمايتها ضمن النظام الأساسي للحكم وفقًا للمادة (32) منه، والتي تنص على التزام الدولة بالمحافظة على البيئة وحمايتها. وكان للدعم اللامحدود من الحكومة الرشيدة للجهة المسؤولة عن البيئة بالمملكة، وهي الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة أثر واضح وملموس، وذلك إدراكا بأهمية البيئة والحفاظ
عليها. وتتمثل رسالة الرئاسة في حماية البيئة من التلوث لكل ما يحيط بالإنسان من ماء وهواء ويابسة وفضاء خارجي، وما تحتويه هذه الأوساط من جماد ونبات وحيوان، وأشكال مختلفة من طاقة ونظم وعمليات طبيعية وأنشطة بشرية، والحفاظ عليها، ومنع تدهورها، والحد من ذلك، ومراقبة الظواهر الجوية؛ لسلامة الأرواح وحماية الممتلكات. وترى الرئاسة أن حماية البيئة والحد من تأثيرات الظواهر الجوية التزام ومطلب تشريعي واجتماعي واقتصادي وأخلاقي، وهي جزء لا يتجزأ من التنمية والتخطيط السليم.
ماذا يعني بصحة البيئة في المملكة؟
تعمل الحكومة السعودية على مجابهة الأوبئة والأمراض من خلال الجهات التنفيذية المختصة، وبما يصب في مصلحة المواطن والمقيم، ويشمل ذلك أعمال مكافحة آفات
الصحة العامة، ومجهودات الإصحاح والتقييم البيئي. وتعمل الأجهزة المعنية على المحافظة على الصحة العامة بالوقاية من الآفات الناقلة للأمراض الوبائية ومكافحتها، وحماية البيئات الحضرية من التلوث الناتج عن الإفراط في استخدام المبيدات الكيميائية، والانبعاثات الناتجة عن النشاطات ذات الحساسية العالية، والمحلات المقلقة للراحة.
ما جائزة المملكة العربية السعودية للإدارة البيئية؟
انطلقت الجائزة برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين في عام 2004م؛ وتُعدّ واحدة من أهم وأرفع الجوائز المعنية بالبيئة في الدول العربية، وتمنحها الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة بالتعاون مع المنظمة العربية للتنمية الإدارية.
وتهدف الجائزة إلى: ترسيخ المفهوم الواسع للإدارة البيئية في الوطن العربي، وتحفيز الدول العربية للاهتمام بمفهوم التنمية المستدامة، والتعريف بالجهود المتميزة والممارسات العربية والدولية الناجحة في مجال الإدارة البيئية وتعميمها على الدول العربية للاستفادة منها.
وتمثل الجائزة إحدى الدعائم المهمة في تشجيع العمل البيئي ونشر الوعي، وحافزاً لكافة المؤسسات والأفراد نحو تأمين مستقبل أبنائنا في المنطقة العربية ولصالح الإنسانية جمعاء.
تعد المشكلات البيئية وتناقص الموارد ودراساتها من الأمور التي تشغل العالم، خاصة بعد اكتشاف الدول الصناعية أن الدمار البيئي الذي يحدث في أي مكان على سطح هذا الكوكب الأرضي يؤثر بطريق أو بآخر على نوعية الحياة في العالم كله. وقد جرى عقد ندوات ومؤتمرات عديدة لمعالجة المشكلات البيئية المتزايدة في العالم، كما تأسست أحزاب سياسية في الدول الصناعية تسمى “الأحزاب الخضراء”، تدافع عن البيئة، وتهاجم ما له صلة بالتأثير على حياة البشر على سطح الأرض مثل النفايات النووية، والتلوث بجميع أنواعه، وقطع الغابات، واستخدام المبيدات وغيرها.
وإذا كانت الدول الصناعية قد أدركت أن الجشع البشري في استغلال الموارد ينبغي كبح جماحه، وهي ذات موارد طبيعية متجددة ومتعددة الأنواع، فإن الدول والشعوب التي تعيش في المناطق الجافة ذات الموارد المحدودة.
نتائج البحث:
نستعرض فيما يلي أهم الجهود المطلوبة للتنمية المستدامة
تم اقتراح أعداد مركز لدعم وتنمية للمشاريع الصغيرة مساعد للعملية التنموية الاقتصادية من قبل مؤسسة تعليمية ذات مسؤولية مجتمعية يهدف الي:
– رفع مستوى الوعي لدى المجتمع بأهمية هذا القطاع، والتنسيق مع الجهات الحكومية المعنية لجمع وتوحيد الجهود المبذولة.
– دعم وترويج المشاريع الصغيرة.
– إعداد دراسات الجدوى وتقديم الاستشارات المالية والإدارية للمشاريع الصغيرة المتقدمة للمركز.
– المشاركة في المؤتمرات الداخلية والمحلية والدولية المهتمة بريادة الأعمال.
– استقطاب فئة من الخريجين المهتمين بالاستثمار والعمل بالمشاريع الصغيرة والاهتمام بتوجيههم.
- إعداد إحصائيات موثوقة وبطرق وبرامج متقدمة فيما يلي:
- أهم المعوقات والمشاكل التي تواجه المجتمع والجهات الداعمة في تنفيذ المشاريع الصغيرة.
- معدلات مستوى البطالة في المجتمع باختلاف المؤهلات العلمية والخبرات العلمية والعملية.
- احتياجات السوق والمجتمع من مشاريع صغيرة للاستفادة منها في دراسات الجدوى وتفادي خسارة أي مشروع متقدم
الخلاصة:
تعتبر الجامعة أحد الدعامات الأساسية لعملية التنمية وركيزة أساسية في بناء عقل الانسان وتأهيله للتعامل مع العلم والمعرفة، فالجامعة مؤسسة اجتماعية أنشأها المجتمع لخدمة
بعض أغراضه فتؤثر بالمجتمع وتتأثر بما يحيط بها من المتغيرات التي تفرضها أوضاع المجتمع، فلا تتحقق أهداف التنمية إلا بالمعرفة والعلم، وتساهم الجامعة ايضا إلى تحقيق التنمية المستدامة من خلال مخرجات البحوث والدراسات البيئية والاجتماعية والاقتصادية، والمساهمة في خدمة المجتمع ضمن الرؤية الحضارية.
المراجع:
- علي السلمي، المفاهيم العصرية لإدارة المنشآت الصغيرة، القاهرة، دار غريب للنشر،2000
- نايف الحسيني، المنشآت المتوسطة والصغيرة، إدارتها وأساليب تنميتها، المملكة العربية السعودية، معهد الادارة العامة، مجلة التنمية الادارية العدد-131-ربيع الأول 1437
- نهاد عمر السبيعي، دور المشروعات النسائية الصغيرة في حل مشكلة البطالة في المملكة العربية السعودية، (2013م).
- عايدة باكير، تطور دور الجامعة في خدمة المجتمع في ضوء المسؤولية المجتمعية والاتجاهات العالمية الحديثة 2005
- حسونة عبد الغني، الحماية القانونية للبيئة في إطار التنمية المستدامة، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة محمد خيضر سكرة، 2013 م، ص ب.
- العايب عبد الرحمن، التحكم في الأداء الشامل الاقتصادية في الجزائر في ظل تحديات التنمية المستدامة،2011، ص24
- نعيمة يحياوي، د.فضيلة عاقلي، التنمية المستدامة والمسؤولية الاجتماعية من المنظور الإسلامي، ص122(بدون سنة)
- دبقة شريف والعايب عبد الرحمن، (العمل والبطالة كمؤشرين لقياس التنمية المستدامة)، أبحاث اقتصادية وإدارية، مجلة علمية محكمة تصدر عن كلية العلوم الاقتصادية، جامعة بسكرة، العدد 04، ديسمبر 2008م، ص 100
- محمد عبد السلام محمود العجمي، ملخص رسالة بعنوان (الوعي البيئي لدى طلاب جامعة الأزهر)، 1994 م، ص2
قيم البحث الأن
راجع البحث قبل التقييم
راجع البحث قبل التقييم