القيـــــــــــــــــــــادة التربويــــــــــــــــــــة مفهومها – الفرق بينها وبين الإدارة- صفات القائد الناجح الفعال – مهارتها وأنماطها
تقية علي محمد أبو طيرة
معرف الوثيقة الرقمي : 2018913
مقدمة:
إن نجاح العمل الجماعي في كل مجالات الحياة يرتبط بوجود قيادة حكيمة تشرف على تخطيط العمل، وتنسيق جهود العاملين فيه، وتوجهها نحو الأهداف المرسومة وتزداد صعوبة المسؤولية الملقاة على كاهل القائد، وخطورتها كلما كان العاملون معه على قدر غال من الثقافة والمعرفة ويستدعي هذا أن يفوقهم هو في إعداده واستعداده، وأن يتصف بصفات شخصية عالية حتى يستطيع القائد اكتساب ثقتهم والتعامل معهم. (محمد حامد الأفندي: الإشراف التربوي، ص28).
فالمعلم عنصراً أساسياً في العملية التعليمية لعظم الدور الذي يقوم به والتأثير الذي يحدثه في الطلاب لذا نجد المسؤولية التربوية تولي التعليم، وإعداد المعلم إذ ينبغي أن يعد المعلم إعداداً مهنياً وفنياً ووظيفياً وثقافياً ونفسياً واجتماعياً، وإعداد المعلم بهذا الشكل يمكنه من القيام بدوره بنجاح.
فالقيادة المدرسية ممثلة بالمدير على أنه قائد تربوي تناط به مهام حيوية بالغة الأهمية فلم يعد دوره يقتصر على إدارة المدرسة ومرافقيها، وترتيب جداول الدروس وحفظ النظام بل مرتبط بتحسين كفاية العملية التعليمية؛ فنجاح المدرسة والمؤسسة التعليمية التربوية في تحقيق أهدافها ورسالتها مرتبط بالكيفية التي يدير بها مدير المدرسة مدرسته والأسلوب القيادي الذي يمارسه والصفات القيادية الناجحة التي تتمثل في شخصيته وقدرته على إدارة الأمور.
فإن أهم تحدٍ يواجه تحديث التعليم في الوقت الحالي هو إيجاد قيادات تربوية فعالة يتوقف عليها نجاح المؤسسة التعليمية. فالقيادة التربوية تؤدي دوراً مهماً في إنماء فعالية المدرسين وتحقيق الاستراتيجيات المثلى لذلك، فماذا نقصد بالقيادة بوجه عام والقيادة التربوية بوجه خاص كما عرفها التربويون؟
مصطلحات واردة:
أ- كلمة قائد (Leader ) تعني الشخص الذي يوجه أو يرشد أو يهدي الآخرين، إذن فهي علاقة بين شخص يوجه ويرشد وأشخاص يقبلون هذا التوجيه الذي يستهدف تحقيق أغراض معينة. فالقيادة هي النشاط المتخصص الذي يمارسه شخص للتأثير في الآخرين وجعلهم يتعاونون لتحقيق هدف يرغبون في تحقيقه. (المؤلفون: أسس الإدارة التربوية والمدرسية والإشراف التربوي، ص26-27).
أما سرجيوفاني /1980/ قد عرفها بأنها سلوك الفرد الذي يمارسه عندما يواجه الأنشطة والأعمال التي يقوم بها الآخرون من أجل تحقيق الأهداف المطلوبة.
ب- القيادة التربوية كما عرفها سيكلر هدسون بأنها التأثير في الأفراد وتنشيطهم للعمل معاً في مجهود مشترك لتحقيق أهداف التنظيم الإداري.
والآن عرفها بأنها النشاط الذي يمارسه المدير لجعل مرؤوسيه يقومون بعمل فعال.
أما د.عبد الكريم درويش عرفها على أنها القدرة التي يؤثر بها المدير على مرؤوسيه ليوجههم بطريقة يتسنى بها كسب طاعاتهم واحترامهم وولائهم وخلق التعاون بينهم في سبيل تحقيق هدف بذاته.
فمهما كان تعريف القيادة التربوية، فالقائد التربوي يستدل من خلال مكانته بين العاملين معه والتي تجعل له تأثيراً ونفوذاً عليهم. فالقيادة التربوية تمثل أهمية كبرى في نجاح الإدارة التعليمية لأن القيادة هي عملية نسبية وذلك أن الفرد قد يكون قائداً وتابعاً في موقف أخر.www.moelp.org
هناك من يخلط بين مفهومي الإدارة والقيادة فما الفرق بينهما؟
هناك من يميز بين الإدارة والقيادة على اعتبار أن الإدارة بالنسبة لرجل الإدارة التعليمية تعي ما يتعلق بالجوانب التنفيذية التي توفر الظروف المناسبة والإمكانات المادية والبشرية اللازمة للعملية التربوية. أما القيادة تتعلق بما هو أكبر من هذا وتتطلب ممن يقوم بدورها أن يحلق على مستوى أرفع يمكن من خلاله أن يدرك الغايات البعيدة والأهداف الكبرى. هذا لا يعني أن يكون القائد غير مسؤول عن الأمور التنفيذية أو التطبيقية بل عليه أن يجمع بين الاثنين.
وهناك من ينظر إلى الإدارة على أنها معنية بالحاضر أما القيادة فتعني بالتغيير. ومن هنا يمكن أن ينظر إلى رجل الإدارة على أنه عنصر من عناصر الاتزان والاستقرار. أما القائد يمكن أن ينظر إليه على أنه عامل مقلق للأوضاع الراهنة في عمله فهو داعية للتغيير ومطلوب منه أن يحدث تغييرات في البناء والتنظيم. فالقيادة لا تعتمد على سلطة القانون وقواعد التنظيم وبهذا المعنى ليست من الضروري أن يكون كل إداري قائداً حتى ولو كان في مركز القيادة بالفعل. ومن هنا فالقيادة ليست عملية جامدة دائماً بل تكون عملية ديناميكية حية يمكن من خلالها أن تقوم بأدوار مختلفة وفقاً لمقتضيات الموقف وما يتوقع من القائد نفسه. (د. وهيب سمعان د. محمد منير موسى: الإدارة المدرسية الحديثة، 1975 ص77-78).
كيف يمكن اختيار القائد التربوي؟
تعد عملية اختيار القيادات التربوية من أهم وأخطر العمليات الإدارية على الأخلاق، فالتربوي القيادي هو من يبني شخصية مدير الغد ومخطط السياسيات، فيجب أن تتوفر معايير وأسس مناسبة لاختيار القيادي التربوي حتى تضمن بناءً صحيحاً لقيادي المستقبل، فاختيار القيادي التربوي يأتي من خلال الدراسة النظرية والميدانية للشخص “هذا من وجهة نظر بعض الإخصائيين التربويين” وهذه الدراسة تقوم على ثلاثة مسلمات (الشرق – الصفحة الرئيسية) وهي:
1-أهمية القيادة التربوية في تفعيل جوانب العمل التربوي والتعليمي.
2-ضرورة وجود آليات علمية وعملية في الميدان التربوي يتم من على ضوئها اختيار القيادات التربوية المؤهلة والقادرة على تسيير العمل التربوي التعليمي.
3-حاجة الميدان التربوي إلى مكاشفة الواقع الحالي وتشخيص المشكلات واقتراح الحلول الآنية والمستقبلية.
صفات القائد التربوي:
يجب أن تتوفر في القائد التربوي صفات خاصة تتعلق بشخصيته وباستعداده العلمي والمهني، وقدراته وطريقة تعامله مع الجماعة، والصبر وقوة الإدارة والمثابرة على العمل، والتصميم على بلوغ الغاية وتكرار المحاولة كلما وجد داعياً لتكرارها، فلا يرد عن غايته يأس ولا يحول دون قصور بعض الوسائل، ويجب أن
يكون قادراً على فهم المكان والزمان والأشخاص. وأن يحسن التعامل معهم ويدرك الأهداف التربوية إدراكاً صحيحاً.
فالقائد التربوي ينبغي أن تكون لديه القدرة على العمل المستمر لنمو المدرسين في مهنتهم بإبراز قدراتهم ورعاية ميولهم الخاص، ومساعدتهم على فهم الاتجاهات الاجتماعية السائدة وتفسيرها ووضع المناهج والبرامج التي تحقق حاجات التلاميذ –أفراداً وجماعة- وأن يكون صادقاً، صريحاً، ذا روح طيبة، ميالاً للمودة، يتمتع بشخصية ديناميكية، قوية، جذابة، متصفاً ببعد النظر والاعتماد على النفس والقدرة على الابتكار، حازماً وقت الحزم، يدرس كل ما يزيد من فهمه للنظم الاجتماعية والوظائف التربوية، وكل ما يزوده بالمهارات والمعلومات التي تعينه على تحسين المواقف التعليمية وتنميتها.(الإشراف التربوي، ص2833) .
من هو القائد الناجح الفعال؟
القائد الناجح هو القائد الذي يتمتع بخصائص علمية وشخصية وهذا العامل من أهم العوامل التي تؤثر في الكفاية الإدارية. فالقائد التربوي الناجح الفعال يجب أن يحظى بخصائص ثقافية وعلمية وشخصية تؤهله للقيام بمهام رسم السياسيات التربوية وتحديد الهداف تحديداً يسهل معه تنفيذها بفعالية ومن ثم تقويمها واختيار الأفراد القادرين على الانجاز كلٍ حسب إمكاناته وقدراته، فالقائد الفعال هو الذي:
1-يستطيع استثمار الوقت لأن الوقت من أثمن مدخلات النظام التربوي، فالقائد الفعال هو من يستفيد من كل الوقت المتاح له وللعاملين معه ويتطلب ذلك تخطيطاً فعالاً.
2-أن يضع تحقيق الأهداف نصب عينيه بالدرجة الأولى وقادراً على اكتشاف نقاط الضعف والقوة في النظام التربوي في مؤسسته والاستفادة منها بأقصى درجة ممكنة؛ فيدعم ويطور أوجه القوة باستمرار وفي الوقت ذاته لا يمكث كثيرا ً أمام أخطاء الآخرين وعيوبهم وما تسببوا فيه من ضعف، فالضعف في وجهة نظر القائد الفعال ناقوس خطر يوجهه نحو البحث عن البدائل ومراجعة القرارات السابقة والإجراءات التي من خلالها تتحقق الأهداف. (يعقوب نشوان: الإدارة والإشراف التربوي بين النظرية والتطبيق، ص9398).
كما أن القائد الناجح هو الذي:
1-يصوغ رؤية مشتركة للمدرسة بالتعاون مع العاملين فيها.
2-يستخدم أساليب التكنولوجيا في إدارة المدرسة وتحقيق الأهداف ومتابعة وتنفيذ رؤية المدرسة.
3-يوفر المناخ التنظيمي للمؤسسة التعليمية لإنجاز العمليات الإدارية والتعليمية بجودة عالية ويدير الموارد البشرية والمادية.
4-يدمج أعضاء المجتمع المدرسي في صنع واتخاذ القرارات المناسبة وحل المشكلات التي تواجههم بأسلوب علمي بحت.
5-يرسخ قيم ومبادئ التشاور بين أفراد المجتمع المدرسي ويحترم أراء الآخرين كما عليه أن يوفر بيئة مدرسية محفزة للإبداع ويكشف مواهب الطلاب ويدعمها.
6-يشجع التربويين والمعلمون على التجريب والتجديد ويزود العاملين بالتغذية الراجعة وينفذ خطط التطوير المدرسي(www.moelp.org).
فالتربويون يرون أن القائد الناجح يجب أن يمتلك القدرة على تهيئة العاملين في الحقل التربوي للتجديد مما يشيع الاستقرار النفسي لكي يسير في إطاره الطبيعي.
المهارات الأساسية التي يتطلب توفرها في القيادي التربوي:
1-المهارات الذاتية: تشمل السمات الجسدية وتتمثل في القوة البدنية والعصبية والصحة الجيدة لأن طبيعة عمل القائد هو عمل شاق يتطلب جهداً مركزاً شاقاً. وكما تشمل السمات والقدرات العقلية وكذلك ضبط النفس والابتكار والمبادأة.
2-المهارات الفنية: وأهم سماتها القدرة على تحمل المسؤولية والفهم الشامل والعميق للأمور والحزم والإيمان بالهدف.
3-المهارات الإنسانية: وأهم سماتها الاستقامة وتكامل الشخصية وتتطلب هذه المهارة أن يكون القائد قادرا على بناء علاقات إنسانية طيبة مع مرؤوسيه واداركه الواعي لميول مرؤوسيه وخلق الاطمئنان وتلبية الحاجات.
4-المهارات الإدراكية: وهي قدرة القائد على رؤية التنظيم الذي يقوده ومهمة الترابط بين أجزائه. (أسس الإدارة التربوية والمدرسية والإشراف التربوي ص32-38).
أنماط القيادة التربوية:
هناك عدة تصنيفات لأنماط الإدارة التربوية فهناك من قسمها إلى:
1-النمط التقليدي: يقوم هذا النمط على اعتقاد الناس بأن شخصاً ما يمكن أن يقوم بدور القائد وتوقعاتهم غير مبنية ع إطار نظري أو فكري معين ويتوقع من الأفراد الطاعة المطلقة والولاء الشخصي. ويسود هذا النظام في الدول النامية والمجتمعات القروية، ومهمة القائد المحافظة على الوضع الراهن لمنع حدوث التغيير. (الإدارة والإشراف التربوي بين التطبيق والنظرية ص95).
2-النمط الجذاب: يقوم على أساس تمتع صاحبها بصفات شخصية محبوبة، ويغلب عليها الصفة الشخصية لأن من يعملون معه ينظرون إليه على أنه الشخص المثالي الذي يتمتع بقوة خارقة. وهذا النمط لا يصلح للمنظمات الرسمية لأنه يغلب عليه الصفة الشخصية ويكون أنسب للزعامات الشعبية والمنظمات الغير رسمية. (الإدارة المدرسية الحديثة ص79)
3- النمط العقلاني: يقوم على أساس المركز الوظيفي فقط لا مكان للعواطف والعلاقات الإنسانية ويكون هم القائد التربوي الوحيد هو سيادة النظم والقوانين التي تحفظ سلطته وقد يلجأ إلى تهديد المرؤوسين ويستغل الفرصة لتذكريهم بأنه القائد وصاحب القرار الوحيد. وتكون الطاعة والولاء فيه لا للاعتبارات الشخصية وإنما لمجموعة الأصول والمبادئ الثابتة.
وهناك من يصنفها إلى:
1-القيادة الفردية: ينطلق القائد هنا إلى تحقيق رفاهية المعلمين من خلال تلبية حاجاتهم المادية والمعنوية ولو كان ذلك على حساب أهداف المؤسسة التربوية.
2-القيادة الرسمية: وهي عكس النمط السابق فالقائد يضع مصلحة المؤسسة التربوية مقدمة الأدوار التي يلعبها ولا مجال للتذكير في حاجات المعلمين كثيراً ما دامت أهداف المؤسسة تسير على نحو جيد.
3-القيادة الانتقالية: وهي وسط بين النمطين السابقين فلا يضحي بالمعلمين في سبيل تحقيق أهداف المؤسسة ولا يضحي بالمؤسسة لحساب حاجات المعلمين بل يوازن بين حاجات المعلمين وحاجات المؤسسة؛ ومن هنا تظهر مهارة القائد في المزواجة بين أهداف الفرد وحاجاته وأهداف المؤسسة وحاجاتها (الإدارة والإشراف التربوي بين النظرية والتطبيق ص 91-93) وهناك أيضاً من يصنفها إلى:
1-القيادة التسلطية: تقوم على الاستبداد بالرأي والتعصب الأعمى واستخدام أساليب الفرض والتخويف. فلا مجال لأي نقاش أو تفاهم بل أن القائد هنا يأمر ويحدد الزمان والمكان وكيفية أداء العمل، قد يؤدي هذا النمط إلى انتظام العمل وزيادة الإنتاج إلا إنه ينعكس بأثار سلبية على شخصية الأفراد. والعمل يكون مرهون بوجود القائد فإذا ما غاب القائد انفرط عقد المجموعة واضطرب العمل وينطبق المثل الذي يقول “غاب القط العب يا فار”.
2-القيادة الترسلية: وهذه القيادة تترك للآخرين “الحبل على الغارب” دون تدخل في شؤونهم. يقوم القائد فقط بتوصيل المعلومات إلى أفراد مجموعتهم ويترك لهم مطلق الحرية في التصرف دون أي تدخل. وهذا النوع من القيادة يكون ناتج العمل قليل ولا يبعث على احترام لشخصية القائد ويشعر أفراده بالحيرة والضياع.
3-القيادة الديمقراطية: تقوم على أساس احترام شخصية الفرد وإنه غاية في ذاته وتقوم على حرية الاختيار والإقناع والاقتناع.
والقائد الديمقراطي يشجع الآخرين ويقترح ولا يفرض ويترك للآخرين حرية اتخاذ القرار، فترتكز على إقامة علاقات إنسانية بين القائد وبين مرؤوسيه وإشراكهم وتفويض السلطة للمرؤوسين فالقائد لا يلجأ إلى
استخدام سلطاته إلا بالنهاية كحل أخير جاء بعد الحلول الأخرى البديلة. (الإدارة المدرسية الحديثة ص80-81)
فالقيادة التربوية يجب أن تكون في عداد المحافظة والتجديد؛ من ناحية يحاول القائد التربوي تحقيق الثبات والاستقرار في عمله ليتم أداء العمل دون اضطراب ومن ناحية أخرى يجدد في أساليب العمل وطرق الأداء مما يحقق الدافعية المتجددة لمؤسسته التربوية والمرؤوسين فيها. فيجب على كل فرد أن يشعر أنه قائد وبأنه تابع في ذات الوقت لتسيير العملية التعليمية على أحسن ما يرام ونحقق بذلك جيلاً قيادياً مفكراً مبدعاً يراعي شروط وقيم القيادة التربوية.