العدد الرابع عشرالمجلد الرابع 2021

آداب الدعاء بالأسماء الحسنى

إعــداد

د. مريم بنت عبد العالي الصاعدي

أستاذ العقيدة المشارك بجامعة أم القرى

ملخص البحث

معرف الوثيقة الرقمي : 202163

هذا الموضوع يبحث في آداب الدعاء بالأسماء الحسنى، والدعاء بها نابع من معرفة العبد لربه، والعلم بالأسماء والصفات من أشرف العلوم، وهو الغاية المطلوبة من الخلق والأمر، والبحث تضمن مقدمة، وتمهيدا، وأربعة مباحث، وخاتمة.

 أما المبحث الأول فهو عن فضل الدعاء، والمبحث الثاني عن شروط الدعاء وهي: الإخلاص والتوبة والتضرع والجزم في الدعاء وحسن الظن بالله وإطابة المأكل وحضور القلب وتجنب الاعتداء في الدعاء، أما المبحث الثالث فهو عن آداب الدعاء وهي الثناء على الله تعالى قبل الدعاء والصلاة على النبي ﷺ، واستقبال القبلة، ورفع الأيدي في الدعاء، والوضوء قبله، وخفض الصوت، وأن يبدأ الداعي بنفسه، وألَّا يتكلف السجع، وأن يستخدم السواك، وأن يسأل الله كل شيء، وأن يقدّم بين يدي دعائه عملاً صالحاً، وأن يتحرى الأوقات والأماكن والأحوال الفاضلة. أما المبحث الرابع فهو عن آداب الدعاء بالأسماء الحسنى، فالأول أن يسأل العبد ربه بالأسماء الحسنى الظاهرة دون الضمير، والثاني أن يفتتح العبد دعاءه باسم من أسماء الله الحسنى مناسب لمطلوبه أو يختم دعاءه به والثالث أن يتوسل العبد بجوامع الأسماء التي عليها مدار الأسماء كلِّها ومرجع معانيها والرابع أن يجمع العبد في دعائه بين أمور ثلاثة وهي ذكر أسماء الله الحسنى، وذكر فقر نفسه وذلِّها وذكر حاجته ومسألته، والخامس أن يتوسل العبد إلى الله بأسمائه وصفاته وبعبوديته له، والسادس أن يقرن العبد توسله إلى الله تعالى بالتنزيه والاعتراف بالظلم.

ومن أهم نتائج البحث: أن شأن الدعاء عظيم، وأن كل دعاء ورد في الكتاب والسنة فإنه يتناول نوعي الدعاء: دعاء العبادة ودعاء المسألة، وأن للدعاء فضائل وشروط وآداب يحسن الإتيان بها.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم.

الكلمات المفتاحية: آداب – الدعاء – آداب الدعاء – آداب الأسماء – الأسماء الحسنى

Abstract

Etiquette to pray with the best names This topic discusses the etiquette of supplication with the most beautiful names, and supplication with them stems from the servant’s knowledge of his Lord. Knowledge of names and attributes is one of the most noble sciences, and it is the purpose required of creation and command, and the research includes an introduction, an introduction, four topics and a conclusion. As for the first topic, it is about the merit of supplication, and the second study is about the conditions of supplication, which are: sincerity, repentance, supplication, assertiveness in supplication, good thinking about God, good food, presence of the heart, and avoiding abuse in supplication. and prayers on the Prophet peace be upon him and to face the Qibla, raise the hands in supplication, perform ablution before it, lower the voice, and that the supplicant begin by himself, not to be forced to pray, to use the toothpicks, to ask God for everything, to offer good deeds in the hands of his supplication, and to investigate virtuous times, places, and conditions. As for the fourth topic, it is about the etiquette of supplication with the good names, the first is for the servant to ask his Lord for the good names that appear without the pronoun, and the second for the slave to open his supplication in the name of the Most Beautiful Names of God suitable for his request or conclude his supplication with it and the third for the slave to ask the names of the colleges on which all the names revolve and reference their meanings The fourth is for the slave to combine three things in his supplication, which are mentioning the names of the Most Beautiful God, mentioning his own poverty and humiliation, and mentioning his need and question, and the fifth for the slave to beg God with his names, attributes, and servitude to him, and the sixth for the slave to associate his plea to God Almighty with respect and recognition of injustice.

One of the most important results of the research is that the matter of supplication is great, and that every supplication mentioned in the Book and Sunnah deals with the two types of supplication: the supplication of worship and the supplication of the matter, and that supplication has virtues, conditions and etiquette that it is better to perform.

May God bless our Prophet Muhammad and his family and grant them peace.

key words: Etiquette – Pray for -Etiquette of supplication –

       Name etiquette – The best names

المقدمة

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [ آل عمران: 102]

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [ النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [ الأحزاب: 70 – 71].

وبعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أما بعد:

فإن الدعاء عبادة من أجل العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه عز وجل، وقربة من أفضل القربات، ومفتاح لكل خير، ومغلاق لكل شر، وشأنه عظيم، فما استجلبت النعم بمثله، ولا استدفعت النقم بمثله.

والدعاء من أنفع الأدوية، وهو عدو البلاء، يدافعه ويعالجه، ويمنع نزوله، ويرفعه، لاسيما إن كان هذا الدعاء بالأسماء الحسنى امتثالًا لأمر الله عز وجل ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأعراف: 180].

والدعاء بالأسماء يتناول دعاء المسألة ودعاء التعبد، وهو سبحانه يدعو عباده إلى أن يعرفوه بأسمائه وصفاته، ويثنوا عليه بها، ويأخذوا بحظهم من عبوديتها.

ولهذا الموضوع أهمية بالغة فهو يبحث في آداب الدعاء بالأسماء الحسنى، والدعاء بها نابع من معرفة العبد لربه، والعلم بالأسماء والصفات من أشرف العلوم، لأنه أصل كل علم، وهو الغاية المطلوبة من الخلق والأمر، والدعاء بها تمجيدًا للرب تبارك وتعالى، وذكر له سبحانه بأسماء جماله وصفات كماله، ونعوت جلاله، وأن الكتب الإلهية عامة اشتملت على الإخبار عن أسماء الله تعالى وصفاته، وكذلك الرسل – صلوات الله وسلامه عليهم – من أساس ملتهم التعريف بالأسماء الحسنى والصفات العليا.

أما الأسباب التي دفعتني لاختيار هذا الموضوع فهو لأهميته، ولشرف علومه، ولرغبتي المُلحة للبحث في هذا الباب الموصل لمعرفة الله عز وجل.

خطة البحث:

تشتمل على مقدمة، وتمهيد، وأربعة مباحث، وخاتمة.

أما المقدمة فكانت عن أهمية الموضوع والدوافع التي قادتني إلى اختياره، ومنهج البحث.

التمهيد، يشتمل على ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: معنى الأدب والآداب.

المبحث الثاني: معنى الدعاء اللغوي والشرعي وبيان أنواعه.

المبحث الثالث: معنى الأسماء الحسنى.

ثم المباحث الأخرى:

المبحث الأول: فضل الدعاء.

المبحث الثاني: شروط الدعاء.

المبحث الثالث: آداب الدعاء.

المبحث الرابع: آداب الدعاء بالأسماء الحسنى.

منهج البحث:

ويتلخص في الآتي:

1- جمعت مادة البحث من المصادر المختلفة التي هي مظان لموضوع البحث حسب ما يسره الله لي ووفقني للاطلاع عليه.

2- اعتمدت على منهج الاستقراء العام لجمع المادة العلمية.

3-ركزت على نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية لإثبات المعنى المراد بيانه.

4- عزوت الآيات الواردة في البحث بذكر رقمها واسم السورة.

5- خرَّجت الأحاديث من المصادر الأصلية، ونقلت أقوال النقاد
فيها، وتوسعت في بعض الأحاديث وإذا كان الحديث في الصحيحين اقتصرت عليهما.

وأخيرًا:

فإنّني لم أدَّخر جهدًا في إخراج هذا البحث بالصورة المرضية مع علمي بأنني لم أوف هذا البحث حقه، لأن عمل البشر دائمًا محفوف بالخطأ والتقصير.

والله أسأل أن يجعل عملي هذا مقبولًا عنده، وأن يجعله خالصًا لوجهه الكريم، وأن يغفر لي خطئي وتقصيري فيه، وأن يوفقني لما يحبه ويرضاه، لا إله إلا هو عليه توكلت وهو حسبي ونعم الوكيل.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

                                            كتبته

                                                    مريم بنت عبد العالي الصاعدي

التمهيد

ويشتمل على المباحث الآتية:

المبحث الأول: معنى الأدب والآداب:

الأدب: الذي يتأدَّب به الأديب من الناس؛ سُمِّي أدبًا لأنه يأدب الناس إلى المحامد، وينهاهم عن المقابح.

وأدَّبه فتأدَّب: علَّمه.

وفلان قد استأدب: بمعنى تأدَّب ([1]).

والآداب جمع أدب.

وأعظم الأدب، الأدب مع الله.

والأدب مع الله تبارك وتعالى هو القيام بدينه والتأدب بآدابه ظاهرًا وباطنًا، ولا يستقيم لأحد قط الأدب مع الله إلا بثلاثة أشياء: معرفته بأسمائه وصفاته، ومعرفته بدينه وشرعه وما يحب وما يكره، ونفس مستعدة قابلة لينة متهيئة لقبول الحق علمًا وعملًا وحالًا ([2]).

المبحث الثاني: معنى الدعاء اللغوي والشرعي وبيان أنواعه:

تعريف الدعاء في اللغة:

الدعاء: مصدر الفعل دعا

ودعا الرجل دعوًا ودعاءً: ناداه، والاسم الدعوة، ودعوت فلانًا أي صِحْتُ به، واستدعيته ([3]).

تعريف الدعاء في الشرع:

استدعاء العبد ربه – عز وجل – العناية، واستمدادُه إياه المعونة.

وحقيقته: إظهار الافتقار إليه، والتبرؤ من الحول والقوة وهو سمة العبودية، واستشعار الذلة البشرية، وفيه معنى الثناء على الله – عز وجل – وإضافة الجود والكرم إليه([4]).

أنواع الدعاء:

الدعاء ينقسم إلى قسمين:

1- دعاء العبادة.

2- دعاء المسألة.

فدعاء العبادة أن يتعبد العبد ربه بمقتضى هذه الأسماء فيقوم بالتوبة لأنه التواب، ويذكره بلسانه لأنه السميع، ويتعبده بجوارحه لأنه البصير ويخشاه في السر لأنه اللطيف الخبير وهكذا([5]).

أما دعاء المسألة فهو أن يقدم العبد بين يدي مطلوبه من أسماء الله تعالى ما يكون مناسبًا مثل أن يقول: يا غفور اغفر لي ويا رحيم ارحمني ويا حفيظ احفظني ونحو ذلك([6]).

المبحث الثالث: معنى الأسماء الحسنى:

وقد عرفها شيخ الإسلام ابن تيميَّة بقوله: (الأسماء الحسنى المعروفة هي التي يدعى الله بها أو هي التي جاءت في الكتاب والسنة، وهي التي تقتضي المدح والثناء بنفسها) ([7]).

المبحث الأول: فضل الدعاء:

ورد في فضل الدعاء طائفة من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة التي تبين مكانته ومنزلته، وأسراره البديعة، قال تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ [البقرة: 186].

وقال تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: 60].

وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي ﷺ قال: «ليس شيء أكرم على الله من الدعاء»([8]).

وعن ابن مسعود – رضي الله عنه – مرفوعًا: «سلوا الله من فضله؛ فإن الله يجب أن يسأل»([9]).

وقال ﷺ: «من لم يسأل الله يغضب عليه»([10]).

وعن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – عن النبي – ﷺ – أنه قال: «ما من مسلم يدعو بدعوة، ليس بإثم ولا بقطيعة رحم، إلا أعطاه الله إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يدفع عنه من السوء مثلها، قال: إذًا نكثر، قال: «الله أكثر»([11]).

قال ابن حجر – رحمه الله -: (كل داع يستجاب له، لكن تتنوع الإجابة؛ فتارة تقع بعين ما دعاه به، وتارة بعوضه) ([12]).

وقال ﷺ: «لا يغني حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وإن الدعاء ليلقى البلاء فيعتلجان إلى يوم القيامة»([13]).

المبحث الثاني: شروط الدعاء:

1- الإخلاص لله في الدعاء:

وفي ذلك يقول الله تعالى: ﴿فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ [ غافر: 14].

ويقول سبحانه ﴿هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ۗ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [غافر:65].

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «إن الله لا يقبل من مسمع، ولا مراء، ولا لاعب، ولا داع إلا داعيًا دعاء ثبتًا من قلبه»([14]).

2- التوبة والإقرار بالذنب والاعتراف بالخطيئة:

وفي ذلك يقول الله تعالى: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ﴿10﴾ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ﴿11﴾ وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾ [ نوح: 10 – 12 ].

فلابد من الاستغفار والتوبة والرجوع إلى الله عز وجل لأن المعاصي من الأسباب الرئيسية في منع قبول الدعاء([15]).

3- التضرع والخشوع والرغبة والرهبة:

قال تعالى عن أنبيائه – عليهم الصلاة والسلام -: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾ [ الأنبياء: 90 ].

يقول ابن تيمية: (وهذا هو روح الدعاء ولبه ومقصوده ) ([16]).

4- الجزم في الدعاء والعزم في المسألة:

فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله ﷺ قال: « لا يقولن أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ليعزم المسألة؛ فإنه لا مُسْتكرِه له »([17]).

5- حسن الظن بالله:

فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله ﷺ: «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة»([18]).

وقال ﷺ: «يقول الله عز وجل: انا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حيث يذكرني» ([19]).

قال الإمام الشوكاني – رحمه الله – في قوله تعالى في الحديث القدسي: « أنا عند ظن عبدي بي »: فيه ترغيب من الله لعباده بتحسين ظنونهم، وأنه يعاملهم على حسبها؛ فمن ظن به خيراً أفاض عليه جزيل خيراته، وأسبل عليه جميل تفضلاته، ونثر عليه محاسن كراماته، وسوابغ عطياته، ومن لم يكن في ظنه هكذا لم يكن الله تعالى له هكذا. وهذا هو معنى كونه – سبحانه وتعالى – عند ظن عبده؛ فعلى العبد أن يكون حسن الظن بربه في جميع حالاته ويستعين على تحصيل ذلك باستحضاره ما ورد من الأدلة الدالة على سعة رحمة الله سبحانه وتعالى »([20]).

6- إطابة المأكل:

وقد قال النبي ﷺ لسعد بن أبي وقاص: «أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة »([21]).

وقال عليه الصلاة والسلام: « إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء يا ربِّ يا ربِّ، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذّي بالحرام فأنى يستجاب لذلك »([22]).

7- حضور القلب:

قال ﷺ: « ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه »([23]).

8- تجنب الاعتدء في الدعاء:

قال تعالى: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [ الأعراف: 55 ].

والمراد بالاعتداء في الدعاء أن يدعو بدعاء غير شرعي أو يرفع صوته في غير محله أو يتوسل بأشياء غير مشروعة أو يدعو على من لا يستحق الدعاء، أو يتكلف في الدعاء كأن يتكلف في سؤال الجنة والاستعاذة من النار، فيقول: اللهم إني أسألك الجنة ونعيمها واستبرقها ونحو من هذا وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها.

فالأصل بالمسلم أن يدعو بالخير وألا يدع بإثم أو قطيعة رحم وفي ذلك يقول النبي ﷺ: « لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، مالم يستعجل قيل: يا رسول الله ما لاستعجال؛ قال: يقول: قد دعوت، وقد دعوت، فلم أر يستجاب لي، فيستحسر عند ذاك ويدع الدعاء »([24]).

المبحث الثالث: آداب الدعاء:

إن دعاء الله تعالى بأسمائه الحسنى – دعاء طلب ومسألة – له آداب شرعية، ومقدمات مرعية، ومتى ما ضمن العبد هذه الآداب في دعائه كان أكمل وأرجى للقبول والإجابة، فما أعظم سعادة العبد حين يُلهم ويوفق لهذه الآداب([25]).

(فما أغناه حينئذٍ من فقير، وما أعزه من ذليل؛ وما أقواه من ضعيف، وما آنسه من وحيد، فهو الغني بلا مال، القويّ بلا سلطان؛ العزيز بلا عشيرة؛ المكفي بلا عتاد ) ([26]).

وهذه الآداب والمقدمات: بمنزلة (التحية والثناء الذي يخاطب به المَلِكُ عند الدخول عليه؛ تعظيما له وتمجيدًا، ومقدمة بين يدي حاجته) ([27]).

وهذه الآداب والمقدمات على النحو التالي:

1- الثناء على الله تعالى قبل الدعاء، والصلاة على النبي :

فعن فضالة بن عبيد قال: بينما رسول الله ﷺ قاعداً، إذ دخل رجل فصلى
فقال: « اللهم اغفر لي وارحمني، فقال رسول الله ﷺ: « عجلت أيها المصلي، إذا صليت فقعدت فاحمد الله بما هو أهله، وصلِّ عليَّ ثم ادعه » ثم صلى رجل آخر بعد ذلك، فحمد الله، وصلى على النبي ﷺ فقال له النبي ﷺ: « أيها المصلي ادع تُجب »([28]).

وقال ﷺ: « كل دعاء محجوب حتى يصلي على النبي »([29]).

2- استقبال القبلة:

وقد ورد في ذلك عدة أحاديث من ذلك حديث ابن مسعود – رضي الله عنه – في إلقاء الأذى على ظهر رسول الله ﷺ وهو يصلي وفيه: « استقبل النبي ﷺ الكعبة فدعا على نفر من قريش »([30]).

وحديث عمر رضي الله عنه: « لما كان يوم بدر نظر رسول الله ﷺ إلى المشركين فاستقبل القبلة ثم مد يديه فجعل يهتف بربه »([31]).

وحديث عبد الله بن زيد – رضي الله عنه – في الاستسقاء قال: « إن النبي ﷺ خرج إلى المصلى يصلي وإنه لما دعا أو أراد أن يدعو استقبل القبلة وحول رداءه »([32]).

3- رفع الأيدي في الدعاء:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – (وأما رفع النبي ﷺ بالدعاء فهو في الحديث أكثر من أن يبلغه الإحصاء) ([33]) وقد تواترت به السنن([34]).

وذهب أكثر العلماء إلى استحباب رفع اليدين في الدعاء ويدل لهم أحاديث كثيرة جدا أفردها المنذري في جزء وكذلك السيوطي في رسالة سمّاها (فض الدعاء في أحاديث رفع اليدين في الدعاء) ([35]).

ومن الأحاديث في ذلك ما رواه أبو موسى الأشعري – رضي الله عنه -: « دعا النبي – ﷺ – ثم رفع يديه، ورأيت بياض إبطيه »([36]).

وعن سلمان الفارسي – رضي الله عنه – أن رسول الله – ﷺ – قال: « إن ربكم – تبارك وتعالى – حييُّ كريم، يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردها صفرًا خائبتين »([37]).

ورفع اليدين إنما يكون في الدعاء العام، وما ورد الدليل على مشروعية رفع اليدين فيه، كرفع اليدين في الدعاء عند الصفا والمروة، وفي الاستسقاء يوم الجمعة ونحو ذلك، لأن هناك أدعية لا ترفع فيها الأيدي مثل دعاء دخول المنزل، والخروج منه، ودخول الخلاء، والخروج منه.

4- الوضوء:

وجاء ذلك في حديث أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – لما فرغ النبي ﷺ من حنين وفيه قوله: « فدعا بماء، فتوضأ، ثم رفع يديه، فقال: « اللهم اغفر لعبيد بن عامر، ورأيت بياض إبطيه »([38]).

5– خفض الصوت، والإسرار بالدعاء يقول الله تعالى: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [الأعراف: 55 ].

وروى أبو موسى الأشعري – رضي الله عنه – أنهم كانوا مع رسول الله ﷺ في سفر فجعل الناس يجهرون بالتكبير، فقال النبي ﷺ: «أيها الناس اربعوا على أنفسكم إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا، إنكم تدعون سميعًا قريبا وهو معكم »([39]).

وقد فسرت عائشة – رضي الله عنها – قوله تعالى: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا ﴾ [ الإسراء: 110] أي بدعائك([40]).

هذا ولخفض الصوت والإسرار بالدعاء فوائد عديدة، وأسرار بديعة، وقد أشار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم – رحمهم الله تعالى – إلى شيء منها فمن ذلك:

  • أنه أعظم إيمانًا؛ لأن صاحبه يعلم أن الله يسمع دعاءه الخفي.
  • أنه أعظم في الأدب والتعظيم: ولهذا فإن الملوك لا تُخَاطَبُ، ولا تُسال برفع الأصوات، وإنما تخفض عندهم الأصوات بمقدار ما يسمعونه، ومن رفع صوته عندهم مقتوه، ولله المثل الأعلى؛ فإذا كان يسمع الكلام الخفي – فلا يليق بالأدب بين يديه إلا خفض الصوت.
  • أنه أبلغ في التضرع والخشوع؛ الذي هو روح الدعاء، ولبه، ومقصوده؛ فإن الخاشع الذليل الضارع إنما يسأل مسألة مسكين ذليل، ولا يتأتى ذلك مع رفع الصوت، بل مع خفضه.
  • أنه أبلغ في الإخلاص.
  • أنه أبلغ في جمعية القلب على الله في الدعاء؛ فإن رفع الصوت يفرقه، ويشتته.
  • أنه دال على قرب صاحبه من الله: وأنه لاقترابه منه، وشدة حضوره يسأله مسألة أقرب شيء إليه، فيسأل مسألة مناجاة القريب للقريب، لا مسألة نداء البعيد للبعيد، وهذا من النكت السرية البديعة جدًا.
  • أنه ادعى لدوام الطلب والسؤال، فإن اللسان لا يمل والجوارح لا تتعب بخلاف ما لو رفع فإنه يضعف.
  • أن إخفاء الدعاء أبعد له من القواطع، والمشوشات والمضعفات؛ فإن الداعي إذا أخفى دعاءه لم يَدْر به أحد، فلا يحصل هناك تشويش، ولا غيره.
  • الأمن من شر الحاسدين، وليس للمحسود أسلم من إخفاء نعمته من الحاسد([41]).

6- أن يبدأ الداعي بنفسه:

عن أبي ابن كعب -رضي الله عنه- أن رسول الله ﷺ – كان إذا ذكر أحدًا فدعا له بدأ بنفسه([42]).

وفي ذلك يقول الله تعالى: ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ﴾ [ الحشر: 10 ].

7- ألّا يتكلف السجع:

قال الخطابي رحمه الله: (ويكره في الدعاء السجع، وتكلف صفة الكلام له) ([43]).

والسجع هو الكلام المقفى بدون وزن، والمنهي عنه من السجع هو التكلف فيه؛ لأنه ينافي الخشوع والخضوع، أما إذا جاء السجع على اللسان سليقة، وفطرة ومطاوعة بلا تكلف فلا بأس بذلك([44]).

8- السواك:

ووجه ذلك أن الدعاء عبادة باللسان؛ فتنظيف الفم عند ذلك أدب حسن؛ ولهذا جاءت السنة المتواترة بمشروعية السواك للصلاة، والعلة في ذلك تنظيف المحل الذي يكون الذكر به في الصلاة([45]).

9- أن يسأل الله كل شيء:

وجاء ذلك عن النبي ﷺ في قوله: «سلوا الله كل شيء، حتى الشسع، فإن الله – عز وجل – لو لم ييسره لم ييسر »([46]).

10- أن يقدم بين يدي دعائه عملًا صالحًا:

كأن يتصدق، أو يحسن إلى مسكين، أو يصلي ركعتين أو يصوم، أو غير ذلك، ليكون هذا العمل وسيلة إلى الإجابة([47]).

ويدل على ذلك حديث الثلاثة الذي انطبقت عليهم الصخرة في الغار، فإن النبي – ﷺ – أخبر عنهم أن كل واحد منهم توسل بأعظم أعماله التي عملها لله – عز وجل – فاستجاب الله دعاءهم، وارتفعت عنهم الصخرة([48]).

11- أن يتحرى الأوقات والأماكن والأحوال الفاضلة وهي على النحو التالي:

  • الأسحار:

وفي ذلك يقول الله تعالى: ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُون﴾ [الذاريات: 18 ].

وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله ﷺ قال: «ينزل ربنا – تبارك وتعالى – كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له »([49]).

  • الدعاء عند النداء للصلوات المكتوبة، وزحف الصفوف والتحامها في المعركة: قال ﷺ: «ثنتان لا تردان، أو قلما تردان، الدعاء عند النداء، وعند البأس حين يلحم بعضهم بعضا »([50]).
    • بين الآذان والإقامة:

وجاء ذلك في حديث عن النبي ﷺ أنه قال: «الدعاء لا يرد بين الآذان والإقامة فادعوا »([51]).

  • يوم الجمعة:

ففي يوم الجمعة ساعة يستجاب فيها للعبد، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ ذكر يوم الجمعة فقال: « فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو يصلي يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه »([52]).

وقد اختلف في تعيين هذه الساعة على نحو أربعين قولًا وأقوى هذه الأقوال قولان.

أحدهما: ما بين جلوس الإمام على المنبر إلى الفراغ من الصلاة.

وثانيهما: ما بعد صلاة عصر يوم الجمعة إلى الغروب([53]).

  • شهر رمضان:

قال ﷺ: « إذا كان رمضان فتحت أبواب الرحمة، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين »([54]) وقال: « لكل مسلم دعوة مستجابة يدعو بها في رمضان »([55]).

  • الدعاء في ليلة القدر:

فعن عائشة – رضي الله عنها – قالت: قلت يا رسول الله: أرأيت إن علمت أي ليلة؟ ليلة القدر، ما أقول فيها؟ قال: قولي: «اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني »([56]).

  • الدعاء بعد زوال الشمس قبل الظهر:

عن عبد الله بن السائب – رضي الله عنه – أن رسول الله ﷺ – كان يصلي أربعًا بعد أن تزول الشمس قبل الظهر وقال: «إنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء وأُحِبُ أن يصعد لي فيها عمل صالح»([57]).

  • يوم عرفة:

قال عليه الصلاة والسلام: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة»([58]).

  • دبر الصلوات المكتوبات:

فعن أبي أمامة الباهلي – رضي الله عنه – قال: قيل: يا رسول الله، أي الدعاء أسمع؟ قال: «جوف الليل، ودبر الصلوات المكتوبات »([59]). والمراد من دبر الصلوات بعد التحيات قبل السلام.

وجاء عن ابن مسعود – رضي الله عنه – قال: كنت أصلي والنبي ﷺ وأبو بكر وعمر معه، فلما جلست بدأت بالثناء على الله ثم الصلاة على النبي ﷺ، ثم دعوت لنفسي فقال ﷺ: « سل تعطه، سل تعطه »([60]).

  • دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده:

لقوله ﷺ: « ثلاث دعوات مستجابات: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده »([61]).

  • دعوة الوالد لولده، ودعوة الصائم:

قال ﷺ: « ثلاث دعوات لا تُرُدُّ: دعوة الوالد لولده، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر »([62]).

  • دعوة الولد الصالح لوالديه:

قال ﷺ: « إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو ولد صالح يدعو له، أو علم ينتفع به »([63]).

وعن أبي هريرة قال: قال ﷺ: « إن الله تبارك وتعالى ليرفع الرجل الدرجة فيقول: أنَّى لي هذه ؟ فيقول: بدعاء ولدك »([64]).

  • عند نزول الغيث

فعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال ﷺ: «ثنتان ما تردان: الدعاء عند النداء، وتحت المطر »([65]).

  • عند شرب ماء زمزم:

عن جابر – رضي الله عنه – عن النبي – ﷺ – قال: « ماء زمزم لما شرب له »([66]).

فمن شربه بنية الشفاء شافاه الله بإذن الله ومن شربه بنية أن يرزقه الله الولد؛ رزقه الله الولد بإذن الله ومن شربه أن يعينه الله على تعلم الدين وحفظ القرآن أعانه الله على ذلك.

  • بين صلاتي الظهر والعصر من كل يوم أربعاء:

عن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما -: أن النبي ﷺ دعا في مسجد الفتح ثلاثا: يوم الاثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء، فاستجيب له يوم الأربعاء بين الصلاتين، فعرف البشر في وجهه، قال جابر: فلم ينزل بي أمر مهم غليظ: إلا توخيت تلك الساعة، فأدعو فيها، فأعرف الإجابة، وفي رواية فاستجيب له بين الصلاتين – الظهر والعصر يوم الأربعاء »([67]).

  • دعوة المسلم لأخيه في ظهر الغيب:

عن أبي الدرداء – رضي الله عنه – قال: قال ﷺ: « ما من مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بمثل »([68]).

  • الدعاء داخل الكعبة وحجر إسماعيل:

عن أسامة بن زيد: « أن النبي ﷺ لما دخل البيت؛ دعا في نواحيه كلها »([69]).

  • الدعاء في السجود:

قال ﷺ: « أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد؛ فأكثروا الدعاء »([70]).

  • عند الدعاء بـ [ لا إله أنت إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ]:

قال ﷺ: « دعوة ذي النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، لم يدع بها رجل مسلم في شي قط إلا استجاب الله له »([71]).

  • الدعاء عند الصفا والمروة:

كما جاء في حديث جابر الطويل – رضي الله عنه – في صفة حجة – النبي ﷺ – وفيه « فبدأ بالصفا فرقي حتى رأى البيت، فاستقبل القبلة، فوحد الله وكبره وقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ثم دعا بين ذلك، قال مثل هذا ثلاث مرات، ثم نزل إلى المروة، حتى إذا انصبَّت قدماه في بطن الوادي سعى، حتى إذا صَعِدَتا مشى، حتى أتى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصفا »([72]).

  • الدعاء عند المشعر الحرام:

كما جاء في حديث جابر السابق وفيه: « ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام، فاستقبل القبلة فدعاه، وكبره، وهلله، ووحده، فلم يزل واقفًا حتى أسفر جدًا »([73]).

  • الدعاء عند الملتزم:

الملتزم: هو من الكعبة المشرفة ما بين الحجر الأسود وباب الكعبة.

والملتزم: من لزوم الشيء، فيقال: ألزمته أي أثبته وأدمته، والتزمته اعتنقته فهو ملتزم([74]).

والتزامه: أي وضع الداعي صدره ووجهه وذراعيه وكفيه عليه، ودعا الله تعالى بما تيسر له مما يشاء.

وللملتزم مكانة عظيمة وشأنًا كبيرًا؛ حيث أنه موضع إجابة الدعاء، وقضاء الحوائج.

وقد استفاض عن كثير من أهل العلم أنهم دعوا الله تعالى بدعوات في هذا الموضع فتبين إجابتها وما جاء في الالتزام عن الصحابة – رضوان الله عليهم – أصح مما جاء مرفوعًا إلى النبي ﷺ.

وثبوته عن الصحابة يدل على أنه له أصلًا.

وبناء على ذلك نص الفقهاء على صحة مشروعية اتيانه والتزامه([75]).

ومن الأحاديث الواردة فيه ما جاء عن عبد الرحمن بن صفوان قال: « لما فتح رسول الله ﷺ مكة قلت: لألبسن ثيابي، وكانت داري على الطريق، فلأنظرن كيف يصنع رسول الله ﷺ، فانطلقت فرأيت النبي ﷺ قد خرج من الكعبة هو وأصحابه وقد استلموا البيت من الباب إلى الحطيم وقد وضعوا خدودهم على البيت ورسول الله ﷺ وسطهم »([76]).

وعن عمرو بن شعيب عن أبيه قال: طفت مع عبد الله فلما جئنا دبر الكعبة قلت: ألا تتعوذ ؟ قال: نعوذ بالله من النار، ثم مضى حتى استلم الحجر، وأقام بين الركن والباب، فوضع صدره ووجهه وذراعيه وكفيه هكذا، وبسطهما بسطا، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله ﷺ يفعله »([77]).

وقال ابن عباس: « إن ما بين الحجر والباب لا يقوم فيه إنسان فيدعو الله بشيء إلا رأى في حاجته بعض الذي يحب »([78]).

وورد أن عبد الله بن عمرو بن العاص طاف وصلى ثم استلم الركن ثم قام بين الحجر والباب فألصق صدره ويديه وخده إليه ثم قال: هكذا رأيت رسول الله يفعل([79]). وقال مجاهد – عن الصحابة – رأيتهم يدعون في الملتزم([80]).

وقال ابن تيميَّة:(وإن أحب أن يأتي الملتزم -وهو ما بين الحجر الأسود والباب-فيضع عليه صدره ووجهه وذراعيه وكفيه ويدعو ويسأل الله تعالى حاجته فعل ذلك، وله أن يفعل ذلك قبل طواف الوداع، فإن هذا الالتزام لا فرق بين أن يكون حال الوداع أو غيره، والصحابة كانوا يفعلون ذلك حين دخول الكعبة ) ([81]).

  • الدعاء بعد رمي الجمرة الصغرى والوسطى:

فقد روى البخاري في صحيحه عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات ثم يكبر على إثر كل حصاة، ثم يتقدم فيسهل، فيقوم مستقبل القبلة قيامًا طويلا، فيدعو، ويرفع يديه، ثم يرمي الجمرة الوسطى كذلك، فيأخذ ذات الشمال فيسهل، ويقوم مستقبل القبلة قياماً طويلًا، فيدعو، ويرفع يديه، ثم يرمي الجمرة ذات العقبة في بطن الوادي، ولا يقف عندها، ويقول: هكذا رأيت رسول الله – ﷺ – يفعل([82]) وفي البخاري – أيضًا – « أن رسول الله ﷺ كان إذا رمى الجمرة التي تلي مسجد منى يرميها بسبع حصيات يكبر كلما رمى بحصاة، ثم تقدم أمامها فوقف مستقبل القبلة رافعًا يديه يدعو، وكان يطيل الوقوف، ثم يأتي الجمرة الثانية، فيرميها بسبع حصيات يكبر كلما رمى بحصاة، ثم ينحدر ذات اليسار مما يلي الوادي، فيقف مستقبل القبلة رافعا يديه يدعو، ثم يأتي الجمرة التي عند العقبة، فيرميها بسبع حصيات يكبر عند كل حصاة، ثم ينصرف ولا يقف عندها »([83]).

  • عند اجتماع المسلمين في مجالس الذكر:

كما جاء في الحديث عن النبي ﷺ: « إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قومًا يذكرون الله تنادوا: هلمّوا إلى حاجتكم قال: فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا قال: فيسألهم ربهم، وهو أعلم منهم، ما يقول عبادي ؟ قالوا: يقولون: يسبّحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك قال: فيقول: هل رأوني ؟ قال: فيقولون: لا والله ما رأوك ؟ قال: فيقول: وكيف لو رأوني ؟ قال: يقولون: لو رأوك كانوا أشدَّ لك عبادة، وأشد لك تمجيدًا وتحميدًا، وأكثر لك تسبيحًا قال: يقول: فما يسألوني؛ قال: يسألونك الجنة قال: يقول: وهل رأوها ؟ قال: يقولون: لا والله يا رب ما رأوها، قال:
يقول: فكيف لو أنهم رأوها ؟ قال: يقولون: لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصًا، وأشد لها طلبًا، وأعظم فيها رغبة، قال: فممَّ يتعوذون ؟ قال: يقولون: من النار، قال: يقول: وهل رأوها ؟ قال: يقولون: لا والله يا رب ما رأوها قال: يقول: فكيف لو رأوها ؟ قال: يقولون: لو رأوها كانوا أشدَّ منها فرارًا، وأشدُّ لها مخافة، قال: فيقول: فأشهدكم أني قد غفرت لهم، قال: يقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم، إنّما جاء لحاجة، قال: هم الجلساء لا يشقى بهم جليسُهُم »([84]).

  • في الأيام العشرة من ذي الحجة:

قال ﷺ: « ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام – يعني أيام العشر – قالوا: يا رسول الله: ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله؛ إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء »([85]).

12- الإلحاح بالدعاء وتكراره وعدم الضجر والملل:

وهذا الأدب يدل على صدق الرغبة فيما عند الله تعالى، حيث جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ كان يعجبه أن يدعو ثلاثًا ويستغفر ثلاثًا([86]) والله يحب الملحين في الدعاء كما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها([87]).

وجاء عنها أيضًا في قصة سحره ﷺ: « فدعا، ثم دعا، ثم دعا »([88]).

وفي كتاب الزهد للإمام أحمد عن قتادة قال: قال مورق: ( ما وجدت للمؤمن مثلًا إلا رجل في البحر على خشبة، فهو يدعو: ياربِّ؛ ياربِّ، لعل الله – عز وجل – أن ينجيه ) ([89])([90]).

وفي ذلك يقول النبي ﷺ: « لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله ما الاستعجال ؟ قال: يقول: قد دعوت، وقد دعوت فلم أو يستجاب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء »([91]).

المبحث الرابع: آداب الدعاء بالأسماء الحسنى:

وهو أن يسال العبد ربه بالأسماء الحسنى على النحو التالي:

– الدعاء بالأسماء الحسنى الظاهرة دون الضمير وهذا نحو قول المصلي ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ [الفاتحة: 2 – 4].

وقوله في الركوع: سبحان ربي العظيم، وفي السجود: سبحان ربي الأعلى.

وفي هذا من السر أن تعليق الثناء بأسمائه الحسنى هو لما تضمنت معانيها من نصوص الكمال ونعوت الجلال، فأُتِيَ بالاسم الظاهر الدال على المعنى الذي يثنى به ولأجله عليه تعالى، ولفظ الضمير لا إشعار له بذلك، ولهذا إذا كان ولابُدّ من الثناء عليه بخطاب المواجهة: أُتِيَ بالاسم الظاهر مقرونًا بميم الجمع الدالة على جمع الأسماء والصفات، نحو قوله في رفع رأسه من الركوع: اللهم ربنا لك الحمد، وربما اقتصر على ذكر الربِّ تعالى لدلالة لفظه على هذا المعنى، فتأمله فإنه لطيف المنزع جدًا([92]).

وقد نبه الإمام ابن قيم الجوزية – رحمه الله تعالى – على بعض الأسماء الظاهرة التي يحسن بالعبد أن يستفتح بها دعاءه وسؤاله ربه – عز وجل – فمن ذلك:

1- ( اللهم ):

كما قال – رحمه الله -: ( إذا علم هذا من شأن الميم ) أي: كونه حرفًا وضع علمًا على الجمع ( فُهِمَ لحقوها في آخر هذا الاسم الذي يسأل الله – سبحانه – به في كل حاجة وكل حال، إيذانًا بجميع أسمائه وصفاته.

فالسائل إذا قال: اللهم إني اسألك كأنه قال: أدعو الله الذي له الأسماء الحسنى والصفات العلى بأسمائه وصفاته، فأتي بالميم – المؤذنة بالجمع في آخر هذا الاسم – إيذانًا بسؤاله تعالى بأسمائه كلها.

كما قال النبي ﷺ في الحديث الصحيح: « ما أصاب عبدًا قطّ همّ ولا حزن؛ فقال: اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيّ حكمك، عدلٌ في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك؛ أو علمته أحدًا من خلقك؛ أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب هميّ وغميّ، إلا أذهب الله همّه وغمّه، وأبدله مكانه فرحًا، قالوا: يا رسول الله أفلا نتعلمهن ؟ قال: بلى، ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن »([93]).

فالداعي مندوب إلى أن يسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته كما في الاسم الأعظم: « اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت الحنَّان المنَّان، بديع السماوات والأرض ياذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم »([94]).

وهذه الكلمات تتضمن الأسماء الحسنى إلى أن قال – رحمه الله تعالى -:
( وهذا القول الذي اخترناه جاء عن غير واحد من السلف، قال الحسن البصري: ( اللهُمَّ: مجمع الدعاء ) وقال أبو رجاء العطاردي: ( إن الميم في قوله: اللهُمَّ: فيها تسعة وتسعون اسمًا من أسماء الله تعالى )، وقال النضر بن شميل: ( من قال: اللهُمَّ: فقد دعا الله بجميع أسمائه ) ([95]).

2- ( الربُّ ):

كما قال – رحمه الله تعالى – ( تأمل كيف صدر الدعاء المتضمن للثناء والطلب بلفظة: اللَّهُمَّ؛ كما في سيد الاستغفار: « اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني، وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب
إلا أنت »([96]).

وجاء الدعاء المجرَّد مُصدَّراً بلفظ الربِّ؛ نحو قول المؤمنين ﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا ﴾ [ آل عمران: 147 ].

وقول آدم: ﴿ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا ﴾ [ الأعراف: 23 ].

وقول موسى: ﴿ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِ﴾ [ القصص: 16 ]، وقول نوح: ﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ ﴾ [ هود: 47 ].

وكان النبي ﷺ يقول بين السجدتين: « رب اغفر لي؛ رب اغفر لي »([97]).

وسر ذلك: أن الله تعالى يُسئل بربوبيته المتضمنة: قدرته وإحسانه وتربيته عبده وإصلاح أمره، ويثنى عليه بإلهيته المتضمنة: إثبات ما يجب له من الصفات العلى والأسماء الحسنى ثم قال – رحمه الله تعالى -. وجاء في دعاء المسيح: ﴿ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ ﴾ [ المائدة: 114 ] فذكر الأمرين، ولم يجيء في القرآن سواه.

ولا رأيت أحدًا تعرّض لهذا؛ ولا نبَّه عليه، وتحته سرُّ عجيبٌ دالٌ على كمال معرفة المسيح بربه وتعظيمه له، فإن هذا السؤال كان عقيب سؤال قومه له ﴿ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ ﴾   [ المائدة: 112 ]، فخوّفهم الله؛ وأعلمهم أن هذا مما لا يليق أن يسأل عنه؛ وأن الإيمان يرده، فلما ألحُّوا في الطلب؛ وخاف المسيح أن يداخلهم الشك إن لم يجابوا إلى ما سألوا: بدأ في السؤال باسم ( اللهُمَّ ) الدال على الثناء على الله بجميع أسمائه وصفاته، ففي ضمن ذلك تصوره بصورة المثني الحامد الذاكر لأسماء ربه المثني عليه بها، وأن المقصود من هذا الدعاء وقضاء هذه الحاجة: إنما هو أن يُثني على الرب بذلك ويمجده
به؛ ويذكر آلاءه، ويظهر شواهد قدرته وربوبيته، ويكون برهانا على صدق رسوله، فيحصل بذلك من زيادة الإيمان والثناء على الله أمرٌ يحسن معه الطلب؛ ويكون كالعذر فيه، فأتي بالاسمين: اسم ( الله ) الذي يُثني عليه به؛ واسم ( الرب ) الذي يُدعى ويُسأل به – لما كان القام مقام الأمرين.

   فتأمل هذا السر العجيب، ولا يًثبْ عنه فهمُك فإنه من الفهم الذي يؤتيه الله من يشاء في كتابه؛ وله الحمد([98]).

3- أن يفتتح العبد دعاءه باسم من أسماء الله الحسنى مناسب لمطلوبه، أو يختم دعاءه به:

كما قال ابن القيم – رحمه الله -: ( إن الداعي يشرع له أن يختم دعاءه باسم من الأسماء الحسنى مناسب لمطلوبه، أو يفتتح دعاءه به، وهذا من قوله ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا﴾ [ الأعراف: 180 ] قال سليمان – عليه السلام – في دعائه ربَّه: ﴿ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي ۖ إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾ [ ص: 35 ] وقال الخليل وابنه إسماعيل – عليهما السلام – في دعائهما:

﴿ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ [ البقرة: 128 ].

وكان النبي ﷺ يقول: « رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الغفور، مائة مرة في مجلسه » ([99]).

وقال ﷺ للصديق – رضي الله عنه – وقد سأله أن يعلمه دعاء يدعو به في صلاته، قال: « قل: اللهُمَّ إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم »([100])([101]).

4- أن يتوسل العبد بجوامع الأسماء الحسنى التي عليها مدار الأسماء كلِّها، وإليها مرجع معانيها:

كما قال ابن القيم – رحمه الله – في دعاء: « يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث »([102]): ( هذا الدعاء من أدعية الكرب لما تضمنه من التوحيد والاستغاثة برحمة أرحم الراحمين؛ متوسلًا إليه باسمين عليهما مدار الأسماء الحسنى كلّها، وإليهما مرجع معانيها جميعها، وهو اسم الحي القيوم فإن الحياة: مستلزمة لجميع صفات الكمال، ولا يتخلف عنها صفة منها؛ إلا لضعف الحياة، فإذا كانت حياته تعالى أكمل حياة وأتمها: استلزم إثباتها إثبات كلِّ كمالٍ يضاد نفي كمال الحياة، وبهذا الطريق العقلي أثبت متكلموا أهل الإثبات له تعالى: صفة السمع والبصر والعلم والإرادة والقدرة والكلام وسائر صفات الكمال.

وأما القيوم: فهو متضمن كمال غناه وكمال قدرته، فإنه القائم بنفسه؛ لا يحتاج إلى من يُقيمه بوجه من الوجوه، وهذا من كمال غناه بنفسه عما سواه، وهو المقيم لغيره؛ فلا قيام لغيره إلا بإقامته، وهذا من كمال قدرته وعزَّته.

فانتظم هذان الاسمان: صفات الكمال والغنى التام والقدرة التامة.

فكأن المستغيث بهما مُستغيثٌ بكل اسم من أسماء الرب تعالى؛ وبكل صفةٍ من صفاته، فما أولى الاستغاثة بهذين الاسمين أن يكونا في مظنة تفريج الكربات؛ وإغاثة اللهفات؛ وإنالة الطلبات) ([103]).

– أن يجمع العبد في دعائه بين أمور ثلاثةٍ: ذكر أسماء الله الحسنى، وذكر فقر نفسه وذُلِّها، وذِكْر حاجته ومسألته:

كما قال ابن القيم – رحمه الله تعالى -: (الدعاء ثلاثة أقسام: أحدها: أن يسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته. والثاني: أن تسأله بحاجتك وفقرك وذُلِّك، فتقول: أنا العبد الفقير المسكين البائس الذليل المستجير، ونحو ذلك

والثالث: أن تسأل حاجتك ولا تذكر واحدًا من الأمرين، فالأول أكمل من الثاني والثاني أكمل من الثالث، فإذا جمع الدعاء الأمور الثلاثة: كان أكمل، وهذه عامة أدعية النبي ﷺ.

وفي الدعاء الذي علَّمه صِدِّيق الأمة – رضي الله عنه – ذكر الأقسام الثلاثة؛ فإنه قال في أوله: « ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا » وهذا حال السائل، ثم قال: « وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت »، وهذا المسؤول، ثم قال: « فاغفر لي » فذكر حاجته. وختم الدعاء باسمين من الأسماء الحسنى تناسب المطلوب وتقتضيه) ([104]).

5- أن يتوسل العبد إلى الله بأسمائه وصفاته وبعبوديته له:

كما قال ابن القيم – رحمه الله تعالى -: (لما كان سؤال الله الهداية إلى الصراط المستقيم أجلَّ المطالب، ونيله أشرف المواهب: علَّم الله عباده كيفية سؤاله، وأمرهم أن يقدِّموا بين يديه: حمده والثناء عليه وتمجيده، ثم ذكر عبوديتهم وتوحيدهم، فهاتان وسيلتان إلى مطلوبهم: توسٌلٌ إليه بأسمائه وصفاته؛ وتوسل إليه بعبوديتهم، وهاتان الوسيلتان لا يكاد يُردَّ معهما الدعاء.

ويؤيدهما: الوسيلتان المذكورتان في حديثي الاسم الأعظم – اللّذين رواهما ابن حبان في صحيحه والإمام أحمد والترمذي -، أحدهما: حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: « سمع النبي ﷺ رجلًا يدعو؛ ويقول: اللهمَّ إني أسألك بأني أشهد أنك الله الذي لا إله إلا أنت، الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد.

فقال: والذي نفسي بيده. لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دُعِي به أجاب؛ وإذا سئل به أعطى » قال الترمذي: حديث صحيح([105]).

فهذا توسُّلٌ إلى الله بتوحيده؛ وشهادة الداعي له بالوحدانية وثبوت صفاته المدلول عليها باسم الصمد، وهو كما قال ابن عباس: (العالم الذي كَمُل علمه؛ القادر الذي كَمُلَت قدرته).

وفي رواية عنه: (هو السيد الذي قد كَمُلَ فيه جميع أنواع السؤدد) وقال أبو وائل: ( هو السيد الذي انتهى سؤدده ) وقال سعيد بن جبير: ( هو الكامل في جميع صفاته وأفعاله وأقواله ) وبنفي التشبيه والتمثيل عنه بقوله: ﴿ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ [ الإخلاص: 4 ].

– وهذه ترجمة عقيدة أهل السنة، والتوسل بالإيمان بذلك؛ والشهادة به: هو الاسم الأعظم. والثاني: حديث أنس: « أن رسول الله ﷺ سمع رجلًا يدعو: اللهُمَّ إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت؛ المنّان بديع السموات والأرض؛ ياذا الجلال والإكرام؛ يا حي يا قيوم. فقال: لقد سال الله باسمه الأعظم »([106]) فهذا توسل إليه بأسمائه وصفاته.

وقد جمعت الفاتحة الوسيلتين؛ وهما: التوسل بالحمد والثناء عليه وتمجيده؛ والتوسل إليه بعبوديته وتوحيده، ثم جاء سؤال أهمِّ المطالب وأنجح الرغائب؛ وهو: الهداية بعد الوسيلتين، فالداعي به حقيق بالإجابة.

ونظير هذا دعاء النبي ﷺ الذي كان يدعو به إذا قام يُصلِّي من الليل، رواه البخاري في صحيحه من حديث ابن عباس: « اللهُمَّ لك الحمد؛ أنت نور السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد؛ أنت قيوم السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد؛ أنت الحق ووعدك الحقٌ ولقاؤك حقٌ، والجنة حقٌ والنار حقٌ، والنبيون حقٌ، والساعة حقٌ، ومحمد حقٌ، اللهُمَّ لك أسلمت وبك آمنت؛ وعليك توكلت وإليك أنبت؛ وبك خاصمت وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت؛ وما أسررت وما أعلنت، أنت إلهي لا إله إلا أنت »([107]).

فذكر التوسل إليه بحمده والثناء عليه؛ وبعبوديته له، ثم سأله المغفرة) ([108]).

– أن يقرن العبد توسله إلى الله تعالى بأسمائه وصفاته بـ: التنزيه؛ وتوسَّله إليه بعبوديته بـ: الاعتراف بالظلم:

كما قال – رحمه الله – في دعوة ذي النون- عليه السلام -؛ التي دعا الله تعالى بها وهو في بطن الحوت: ﴿ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [ الأنبياء: 87 ].

(أما دعوة ذي النون: فإن فيها من كمال التوحيد والتنزيه للرب تعالى، واعتراف العبد بظلمه وذنبه: ما هو أبلغ أدوية الكرب والهمِّ والغمِّ؛ وأبلغ الوسائل إلى الله – سبحانه – في قضاء الحوائج. فإن التوحيد والتنزيه: يتضمنان إثبات كلِّ كمال لله، وسلب كلِّ نقص وعيب وتمثيل عنه. والاعتراف بالظلم: يتضمن إيمان العبد بالشرع والثواب والعقاب، ويوجب انكساره ورجوعه إلى الله، واستقالت عثرته؛ والاعتراف بعبوديته، وافتقاره إلى ربه. فها هنا أربعة أمور قد وقع التوسل بها: التوحيد؛ والتنزيه؛ والعبودية والاعتراف) ([109]).

6- أن يختم العبد دعاءه بالاعتراف بعجزه وتقصيره عن بلوغ حقيقة الثناء على الله – سبحانه وتعالى – بأسمائه الحسنى:

كما قال – رحمه الله تعالى -: (أعرف الخلق به) أي: بالله – سبحانه وتعالى – (وأقومهم بتوحيده: من قال في دعائه: « وأعوذ بك منك » – فليس للخلق معاذٌ سواه ولا مستعاذ منه؛ إلا وهو ربُّه وخالقه ومليكه وتحت قهره وسلطانه -، ثم ختم الدعاء بقوله: « لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك »([110]). اعترافًا بأن شأنه وعظمته ونعوت كماله وصفاته: أعظم وأجل من أن يحصيها أحد من الخلق، أو بلغ أحد حقيقة الثناء عليه؛ غيره – سبحانه – فهو توحيد في الأسماء والصفات والنعوت؛ وذاك توحيد في العبودية والتألُّه وإفراده تعالى بالخوف والرجاء والاستعاذة، وهذا مضادُّ الشرك؛ وذاك مضاد التعطيل، وبالله التوفيق ) ([111]).

فاقتبس هذه الآداب الشرعية؛ والمقدمات المرعية (من مشكاة هذه الكلمات، فإن هذه غاية العلم والفهم) ([112]) التي ينبغي للعبد أن يتنبه لها عند توسُّله في دعائه بأسماء الله تعالى وصفاته، ومن حُرِمَ هذه الآداب والمقدِّمات:(فَلْيَبْكِ على حياة قلبه فإنه من الأموات، وعلى نوره فإنه منغمس في بحار الظلمات) ([113]).

ثم ذكر ابن القيم – رحمه الله تعالى – الأسباب التي يُؤمل معها إجابة الدعاء، فقال: ( وإذا جمع مع الدعاء: حضور القلب؛ وجمعيَّته بكليِّته على المطلوب، وصادف وقتا من أوقات الإجابة الستة – وهي: الثلث الأخير من الليل، وعند الأذان، وبين الأذان والإقامة، وأدبار الصلوات المكتوبات، وعند صعود الإمام يوم الجمعة على المنبر حتى تقضى الصلاة، وآخر ساعة بعد العصر من ذلك اليوم -، وصادف خشوعًا في القلب؛ وانكسارًا بين يدي الربِّ؛ وذلالة وتضرعًا ورقة، واستقبل الداعي القبلة، وكان على طهارة، ورفع يديه إلى الله تعالى، وبدأ بحمد الله؛ والثناء عليه، ثم ثنَّى بالصلاة على محمد عبده ﷺ، ثم قدَّم بين يدي حاجته: التوبة والاستغفار، ثم دخل على الله، وألحَّ عليه في المسألة وتملقه ودعاه رغبة ورهبة، وتوسل إليه بأسمائه وصفاته وتوحيده، وقدَّم بين يدي دعائه: صدقة، فإن هذا الدعاء لا يكاد يُردُّ أبدًا، ولاسيما إن صادف الأدعية التي أخبر النبي ﷺ أنها مظنة الإجابة؛ أو أنها متضمنة للاسم الأعظم ) ([114]).

الخاتمة

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وأصلي وأسلم على رسوله النبي الأمين، وبعد:

فقد انتهيتُ – بعون الله وتوفيقه – من هذا البحث

ولقد توصلت إلى بعض النتائج الآتية:

1- شأن الدعاء عظيم، ومكانته عالية في الدين.

2- الدعاء هو الرغبة إلى الله عز وجل بالسؤال والرغبة فيما عنده من الخير.

3- كل دعاء ورد في الكتاب والسنة فإنه يتناول نوعي الدعاء: دعاء المسألة ودعاء العبادة.

4- دعاء المسألة هو أن يطلب الداعي ما ينفعه وما يكشف ضره.

5- دعاء العبادة شامل لجميع القربات الظاهرة والباطنة.

6- للدعاء فضائل عظيمة، وثمرات جليلة.

7- للدعاء شروط عديدة لابد من توافرها.

8- للدعاء آداب يحسن الإتيان بها.

وأخيراً. . أسال الله تبارك وتعالى أن يوفقني لما يحبه ويرضاه، وأن يرزقني الإخلاص والتوفيق والسداد.

وصلى الله وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


([1]) ينظر: مدارج السالكين، لابن القيم الجوزية ( 2 / 403 ).

([2]) ينظر: لسان العرب ( 14 / 258 ).

([3]) ينظر: شأن الدعاء، للخطابي ( ص: 4 ).

([4]) ينظر: القواعد المثلي للشيخ ابن عثيمين ( ص: 6 ).

([5]) المرجع نفسه.

([6]) ينظر: شرح العقيدة الأصفهانية، لابن تيميَّة ( ص: 5 ) ومعتقد أهل السنة والجماعة في أسماء الله الحسنى، محمد التميمي ( ص: 40 ).

([7]) أخرجه أحمد ( 2 / 362 )، والبخاري في الأدب المفرد، ح: 712، وابن ماجه كتاب: الدعاء، باب: فضل الدعاء، ح: 3829، والترمذي، كتاب: الدعوات، باب: فضل الدعاء، ح: 3370، وصححه الحاكم في المستدرك ( 1 / 490 )، ووافقه الذهبي، وحسنه الألباني في صحيح الأدب المفرد ( 549 ).

([8]) أخرجه الترمذي، كتاب: الدعوات، باب: انتظار الفرج، وضعفه، وضعفه الألباني، ح: 492.

([9]) أخرجه أحمد (2 / 442)، والترمذي، ح: 3373، وابن ماجه، ح: 3827، وصححه الحاكم ( 1 / 491 ) ووافقه الذهبي، وحسنه الألباني في صحيح الأدب المفرد، ح: 512.

([10]) أخرجه البخاري في الأدب المفرد، ح: 710، وقال الألباني في صحيح الأدب المفرد، ح: 547 صحيح.

([11]) ينظر: فتح الباري ( 11 / 95 ).

([12]) أخرجه الطبراني في الدعاء، ح: 33 ( 2 / 800 ) والأوسط، ح: 2519، والحاكم ( 1 / 492 )، والبزار – كما في كشف الأستار للهيثمي ح: 2165 ( 3 / 29 ) من طريق زكريا بن منظور الأنصاري قال: حدثني عطاف الشامي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة. قال الحاكم: هذا صحيح الإسناد، وتعقبه الذهبي بأن في سنده زكريا مجمع على ضعفه. وقال الهيثمي في « مجمع الزوائد »
( 10 / 146 ): فيه زكريا بن منظور، وثقه أحمد بن صالح المصري وضعفه الجمهور، وبقية رجاله ثقات. وقال الألباني في صحيح الجامع، ح: 7739: « حسن » وانظر المشكاة، ح: 2234، وأخرجه أحمد ( 5 / 234 ) والطبراني في الكبير، ح: 201 ( 20 / 103 ) من طريق شهر بن حوشب عن معاذ بن جبل بنحوه، قال الهيثمي في المجمع ( 10 / 146 ) وشهر بن حوشب لم يسمع من معاذ، ورواية إسماعيل بن عياش عن أهل الحجاز ضعيفة.

      ينظر: الدعاء، محمد الحمد.

([13]) أخرجه ابن المبارك في الزهد، رقم: 83 ( ص: 20 ) وأحمد في الزهد ( ص: 159 )، ووكيع في الزهد رقم: 305 ( 2 / 579 )، وقال عنه الشيخ عبد الرحمن الفريوائي: إسناده صحيح، وأخرجه هناد بن السري في الزهد، رقم: 874 ( 2 /442 )، والبخاري في الأدب المفرد، رقم 606 ( 2 / 65 ).

([14]) ينظر: المنهاج للحليمي ( 1 / 523 )، وإحياء علوم الدين للغزالي ( 1 / 365 )، والأذكار للنووي ( ص: 354 )، والداء والدواء، لابن القيم ( ص: 10 ).

([15]) الفتاوى ( 15 / 6 ).

([16]) متفق عليه.

      أخرجه البخاري في كتاب: الدعوات، باب: ليعزم المسألة، ح: 6339، وأخرجه مسلم في كتاب: الذكر والدعاء، باب: العزم بالدعاء، ح: 2678.

([17]) أخرجه الترمذي، في كتاب: الدعوات، ح: 3479، والحاكم ( 1 / 294 )، والطبراني في كتاب: الدعاء، باب: الأمر بالإخلاص بالدعاء ح: 62، وحسنه الألباني في صحيح الجامع، ح: 245.

([18]) متفق عليه.

      أخرجه البخاري، ح: 7405، ومسلم: ح 2675.

([19]) ينظر: تحفة الذاكرين، للشوكاني ( ص: 12 ).

([20]) أخرجه الطبراني في « المعجم الأوسط » ح: 6495 ( 6 / 310 ).

([21]) أخرجه مسلم في كتاب: الزكاة، باب: قبول الصدقة من الكسب الطيب، ح: 1015.

([22]) أخرجه الترمذي في كتاب: الدعوات، ح: 3479، والطبراني في كتاب: الدعاء، باب: الأمر بالإخلاص بالدعاء، ح: 62، وحسنه الألباني في صحيح الجامع، ح: 245.

([23]) أخرجه مسلم، في كتاب: الذكر والدعاء، باب: استحباب حمد الله بعد الأكل والشرب، ح: 2735.

([24]) ينظر: جهود الإمام ابن قيم الجوزية في تقرير توحيد الأسماء والصفات، وليد العلي ( 2 / 1102 ).

([25]) طريق الهجرتين وباب السعادتين، لابن قيم الجوزية ( ص: 59 ).

([26]) كشف الغطاء عن حكم سماع الغناء، ( ص: 120 ).

([27]) رواه الترمذي في الدعوات، ح: ( 3476 )، وأبو داود ح: ( 1481 )، وصححه الألباني في صحيح الجامع، ح: ( 3988 ).

([28]) أخرجه الطبراني في الأوسط ( 10 / 160 )، والديلمي في الفردوس، ح: ( 4791 )، والترمذي
ح: ( 486 ) وحسنه الألباني في صحيح الجامع ( 4523 ).

([29]) متفق عليه، أخرجه البخاري، ح: 3960 ( 7 / 293 )، ومسلم، ح: 1794 ( 3 / 1420 ).

([30]) أخرجه مسلم، ح: 1763 ( 3 / 1383 ).

([31]) أخرجه البخاري، ح: 1028 (2 / 515) وح: 6343 ( 11 / 144 ).

([32]) ينظر: بيان تلبيس الجهمية لابن تيمية (2 / 444).

([33]) ينظر: الفتاوى، لابن تيمية (5 / 265).

([34]) ينظر: جزء المنذري في الفتح (11 / 142). وينظر: فض الدعاء في أحاديث رفع اليدين في الدعاء.

([35]) متفق عليه. أخرجه البخاري في كتاب: المغازي ح: 4323، ومسلم في كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي موسى الأشعري، ح: 2498.

([36]) أخرجه أبو داود في كتاب: الصلاة، باب: الدعاء، ح: 1488، والترمذي في كتاب: الدعوات، ح: 3556، وابن ماجه في كتاب: الدعاء، باب: رفع اليدين في الدعاء، ح: 3865، وحسنه الألباني في صحيح الجامع: 2070.

([37]) متفق عليه، أخرجه البخاري، ح: 4323، ومسلم ح: 2498.

([38]) متفق عليه، أخرجه البخاري ح: 2992 ( 6 / 135 )، ومسلم ح: 2704 ( 4 / 2076 ).

([39]) أخرجه البخاري في كتاب التفسير ح: 4723 ( 8 / 405 ).

([40]) ينظر: الفتاوى، لشيخ الإسلام ابن تيمية (15 / 15 – 20)، وبدائع الفوائد، لابن القيم ( 3 / 6 – 10 ).

([41]) أخرجه الترمذي في كتاب: الدعوات، باب: ما جاء أن الداعي يبدأ بنفسه، وقال: حسن غريب صحيح، وأخرجه أبو داود في: القراءات ح: 3984، وصححه الألباني في صحيح الجامع، ح: 4723.

([42]) ينظر: شأن الدعاء، للخطابي ( ص: 17 ).

([43]) ينظر: الدعاء، د. محمد الحمد.

([44]) ينظر: تحفة الذاكرين ( ص: 44 ).

([45]) أخرجه ابن السني، في عمل اليوم والليلة، باب: ما يقول إذا انقطع شسعه، ح: 356، والترمذي في الدعوات، ( 4 / 292 )، وأبي يعلى في المسند، ح: 4560 ( 8 / 45 )، وقال الهيثمي في المجمع ( 10 / 150 ) رجاله رجال الصحيح، غير محمد بن عبيد الله وهو ثقة. وضعفه الشيخ الألباني في الضعيفة ح: 1362، والحديث موقوف على عائشة رضي الله عنها.

([46]) ينظر: الدعاء، د. محمد الحمد.

([47]) متفق عليه. أخرجه البخاري، في كتاب: أحاديث الأنبياء. باب: حديث الغار، ح: 3465، ومسلم في كتاب: الذكر والدعاء، باب: قصة أصحاب الغار، ح: 2743.

([48]) متفق عليه

      أخرجه البخاري، كتاب: التهجد، باب: الدعاء والصلاة في آخر الليل، ح: 1145، وأخرجه مسلم في كتاب: صلاة المسافرين، باب: الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، ح: 758.

([49]) أخرجه أبو داود، كتاب: الجهاد، باب: الدعاء عند اللقاء، ح: 2540، وأخرجه الدارمي ح: 1200، وصححه الألباني في صحيح الجامع، ح: 3079.

([50]) أخرجه أحمد ( 3 / 225 )، وأبو داود ( 1 / 144 ) والنسائي في عمل اليوم والليلة ( ص: 117 )، والترمذي ( 1 / 415 )، والطبراني ( 483 – 488 )، وصححه الألباني في الإرواء ( 1 / 261 ).

([51]) متفق عليه. أخرجه البخاري، ح: 935 ( 2 / 415 )، ومسلم، ح: 852 ( 2 / 583 ).

([52]) ينظر: فتح الباري ( 2 / 416 )، وزاد المعار ( 1 / 394 ). وينظر: الدعاء ومنزلته من العقيدة ( 1 / 216 ).

([53]) متفق عليه أخرجه البخاري ح: 1899، ومسلم: 1079.

([54]) ينظر: كشف الأستار، للبزار، ح 962، وصحيح الترغيب والترهيب ( 1 / 419 ).

([55]) أخرجه الترمذي، كتاب: الدعوات، ح: 3513، وابن ماجه، كتاب: الدعاء، باب: الدعاء في العفو والعافية، ح: 3850، وصححه الألباني في صحيح الجامع، ح: 4423.

([56]) أخرجه أحمد ( 3 / 411 )، والترمذي في كتاب: الصلاة باب: الصلاة عند الزوال، ح: 478.

([57]) أخرجه الترمذي، كتاب: الدعوات، باب: دعاء يوم عرفة، ح: 3585، ومالك، باب: الدعاء ح: 500، وحسنه الألباني في صحيح الجامع: 3274.

([58]) أخرجه الترمذي، كتاب: الدعوات، ح: 3499، والنسائي، باب: ما يستحب من الدعاء دبر الصلوات المكتوبات، ح: 108 ( ص: 187 ).

([59]) أخرجه النسائي، ح: 1517.

([60]) أخرجه البخاري في « الأدب المفرد » باب: دعوة الوالدين ح: 481، وأبو داود، في كتاب: الصلاة، باب: الدعاء بظهر الغيب، ح: 1535، والترمذي في كتاب: البر والصلة، باب: دعوة الوالدين، ح: 1905، وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد، ح: 372.

([61]) أخرجه البيهقي ( 3 / 345 )، وحسنه الألباني في صحيح الجامع، ح: 2032، والسلسلة الصحيحة، ح: 1797.

([62]) أخرجه مسلم في كتاب: الوصية، باب: ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، ح: 1631.

([63]) أخرجه الهيثمي، وقال: رجاله رجال الصحيح.

([64]) أخرجه الحاكم ( 2 / 114 )، وأبو داود، كتاب: الجهاد، باب: الدعاء عند اللقاء، ح: 3540، وحسنه الألباني في صحيح الجامع، ح: 3078.

([65]) أخرجه أحمد ( 3 / 357 )، وابن ماجه، كتاب: المناسك، باب: الشرب من زمزم، ح: 3062، وجود إسناده العجلوني في كشف الخفاء ( 2 / 176 )، وصححه الألباني في صحيح الجامع، ح: 5502.

([66]) أخرجه أحمد ( 3 / 332 )، والبخاري في « الأدب المفرد » ح: 7104، وابن سعد في « الطبقات » وحسنه الألباني في صحيح الترغيب، ح: 1185.

([67]) أخرجه مسلم في كتاب: الذكر والدعاء، باب: فضل الدعاء للمسلمين بظهر الغيب، ح: 2732.

([68]) أخرجه البخاري، ح: 398، ومسلم، ح: 2372.

([69]) أخرجه مسلم، باب: ما يقال في الركوع والسجود ح: 482.

([70]) أخرجه الترمذي، كتاب: الدعوات، ح: 3505 والحاكم ( 2 / 383 )، والنسائي في عمل اليوم والليلة، باب: دعوة ذي النون، ح: 656، وصححه الألباني في صحيح الجامع، ح: 3383.

([71]) أخرجه مسلم في كتاب: الحج، باب: حجة النبي ﷺ، ح: 1218.

([72]) الحديث السابق.

([73]) ينظر: المصباح المنير ( ص: 553 ).

([74]) ينظر: الإنصاف للمرداوي ( 4 / 53 )، ونيل الأوطار للشوكاني (5 / 105). والأم للشافعي ( 2 / 244 )، وبدائع الصنائع، للكاساني ( 2 / 161 )، والمغني، لابن قدامة ( 3 / 240 ).

([75]) أخرجه أبو داود، ح: 1898، وأحمد، ح: 15124.

      وفيه يزيد بن أبي زياد: ضعَّفه ابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة وغيرهم. ينظر: الجرح والتعديل، لابن أبي حاتم ( 9 / 265 ).

([76]) أخرجه أبو داود، ح: 1899، وابن ماجه ح: 2962، وفيه المثنى بن الصباح ضعّفه الإمام أحمد وابن معين والنسائي وغيرهم. ينظر: تهذيب الكمال ( 2 / 203 ). وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة ح: 2138.

([77]) ينظر: أخبار مكة، للفاكهي ( ص: 230 ) بإسناد حسن.

([78]) ينظر: سنن ابن ماجه، ح: 2962 ( 2 / 987 ) وقال الألباني: حسن.

([79]) ينظر: مصنف ابن أبي شيبة ( 3 / 236 ).

([80]) ينظر: الفتاوى لابن تيميّة ( 26 / 142 ).

([81]) أخرجه البخاري، في كتاب: الحج، باب: رفع اليدين عند جمرة الدنيا والوسطى، ح: 1752.

([82]) أخرجه البخاري في كتاب: الحج، باب: الدعاء عند الجمرتين، ح: 1753.

([83]) أخرجه البخاري، كتاب: الدعوات، باب: فضل ذكر الله تعالى، ح: 6408، ومسلم في كتاب: الذكر والدعاء، باب: فضل مجالس الذكر، ح: 2689.

([84]) أخرجه البخاري، ح: 969.

([85]) أخرجه أبو داود، ح: 1524 ( 2 / 182 )، والنسائي في عمل اليوم والليلة، ح: 457 ( ص: 331 ). وابن السني، ح: 368 ( ص: 178 )، وابن حبان، ح: 2410، والحديث رجاله ثقات.

([86]) أخرجه الطبراني في الدعاء، ح: 20 ( 2 / 795 )، والعقيلي في الضعفاء الكبير ( 4 / 452 ) وابن عدي في الكامل ( 7 / 2621 ) وغيرهم. وقال الحافظ ابن حجر في الفتح ( 11 / 95 ): « وأخرج الطبراني في الدعاء بسند رجاله ثقات إلا أن فيه عنعنة بقية عن عائشة مرفوعًا « إن الله يحب الملحين في الدعاء » وقال في « تلخيص الحبير » ( 2 / 95 ): ( تفرد به يوسف بن السفر عن الأوزاعي وهو متروك ). وحكم عليه الألباني في الإرواء ( 3 / 143 ) بالوضع، وفي السلسلة الضعيفة، ح: 637 ( 2 / 96 ) بالبطلان.

([87]) أخرجه مسلم، ح: 2189 ( 4 / 1719 )، ونحوه في البخاري، ح: 6391 ( 11 / 193 ).

([88]) أخرجه أحمد في الزهد ( ص: 371 ).

([89]) ينظر: الداء والدواء ( ص: 12 ).

([90]) تقدم تخريجه.

([91]) ينظر: بدائع الفوائد، لابن القيم ( 2 / 165 – 166 ).

([92]) أخرجه الحاكم في المستدرك، ح: 1920 ( 2 / 188 )، وأحمد، ح: 3712 ( 6 / 246 )، وأبو يعلى في المسند ( 9 / 99 )، والبزار في مسنده، ح: 1994 ( 5 / 363 )، والطبراني في الكبير، ح: 10352 ( 10 / 169 ). والحديث صححه الألباني في السلسلة، ح: 199 ( 1 / 383 ).

([93]) أخرجه أبو داد في السنن، كتاب: الصلاة، باب: الدعاء، ح 1481 ( 2 / 79 )، والترمذي في السنن، كتاب: الدعوات، باب: جامع الدعوات، ح: 3544 ( 5 / 515 ) وقال حديث حسن غريب، والنسائي في السنن، كتاب: السهو، باب: الدعاء بعد الذكر، ح: 1300 ( 3 / 52 )، وابن ماجه في السنن، في كتاب: الدعاء، باب: اسم الله الأعظم، ح: 3858 ( 2 / 1268 )، وأحمد في المسند، ح: 12205 ( 19 / 238 )، والحاكم في المستدرك ( 3 / 503 )، وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، والضياء في المختارة، ح: 1552، وح: 1553، والطحاوي في مشكل الآثار، ح: 175 ( 1 / 161 )، والبيهقي في الأسماء والصفات، ح: 28 ( 1 / 61 )، وح: 271 ( 1 / 340 ) وغيرهم، وصححه الألباني في تخريج مشكاة المصابيح ( 2 / 709 )، وشعيب الأرنؤوط في تخريج صحيح ابن حبان ( 3 / 176 )، وفي المسند ( 19 / 238 ).

([94]) ينظر: جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على محمد خير الأنام، لابن قيم الجوزية ( 248 – 252 ).

([95]) أخرجه البخاري في كتاب: الدعوات، ح: 6306، ح: 6323.

([96]) أخرجه النسائي، ح: 1145، وصححه الألباني كما في صفة الصلاة ( 3 / 811 ).

([97]) ينظر: بدائع الفوائد، لابن القيم ( 2 / 165 – 166 ).

([98]) أخرجه الترمذي، باب: ما يقول إذا قام من مجلسه، ح: 30434 ( 5 / 372 )، والنسائي في « السنن الكبرى ». كتاب: الاستغفار، ح: 10219 ( 9 / 272 )، وابن ماجه، باب: الاستغفار، ح: 30814 ( 4 / 718 ).

([99]) أخرجه البخاري، في كتاب: الأذان، باب: الدعاء قبل السلام، ح: 834 ( 1 / 254 )، ومسلم، في كتاب: الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب: استحباب خفض الصوت بالذكر، ح: 2705 ( 4 / 2078 ).

([100]) ينظر: جلاد الأفهام في فضل الصلاة والسلام على محمد خير الأنام ( 450 – 451 ).

      وجهود الإمام ابن قيم الجوزية في تقرير توحيد الأسماء والصفات ( 2 / 1108 ).

([101]) أخرجه النسائي في « السنن الكبرى » ( 6 / 147 ) وفي « عمل اليوم والليلة » ح: 46، والحاكم في
« المستدرك » ( 1 / 730 )، والبيهقي في « الأسماء والصفات » ح: 112، وقال المنذري في الترغيب والترهيب ( 1 / 313 ) إسناده صحيح، وحسنه الألباني، ح: 227.

([102]) ينظر: بدائع الفوائد، لابن القيم ( 2 / 158 ).

([103]) ينظر: جلاء الأفهام، لابن القيم ( ص: 251 ).

([104]) للحديث ألفاظ أخرى، وطرق متعددة، أخرجها جم غفير من أهل السنن والمصنفات والمسانيد نحو: أبو داود، كتاب: الصلاة، باب: ما يقول في التشهد، ح: 985 ( 1 / 259 )، وباب: الدعاء، ح: 1493 ( 2 / 79 )، والترمذي، كتاب: الدعوات، باب: جامع الدعوات، ح: 3475 ( 5 / 515 ) وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي كتاب: النعوت، باب: الله الواحد الأحد الصمد، ح: 7 و ح: 8 ( ص: 216 )، وفي السنن الكبرى، كتاب: صفة الصلاة، باب: الدعاء بعد الذكر، ح: 1223 ( 1 / 386 )، وابن ماجه، كتاب: الدعاء، باب: اسم الله الأعظم، ح: 3857 ( 2 / 1267 )، وأحمد، ح: 22952 ( 38 / 45 ) وغيرهم.

      وقال الحافظ ابن حجر – عن هذا الحديث -: ( هو راجح من حيث السند من جميع ما ورد في
ذلك، ينظر: الفتح ( 11 / 228 )، وقال الحافظ علي بن الفضل المقدسي: ( إسناده لا مطعن فيه، ولا أعلم أنه روي في هذا الباب حديث أجود منه إسنادًا، ينظر: سلاح المؤمن في الذكر والدعاء، لابن الهمام ( ص: 225 )، وقد صحح هذا الحديث الشيخ الألباني في تخريج المشكاة، ح: 2289 ( 2 / 808 )، وشعيب الأرنؤوط في تحقيقه لمسند الإمام أحمد ( 38 / 46 ).

([105]) تقدم تخريجه

([106]) أخرجه البخاري، كتاب: التهجد، باب: التهجد بالليل، ح: 1120 ( 1 / 335 )، ومسلم في كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: الدعاء في صلاة الليل وقيامه. ح: 769 ( 1 / 532 ).

([107]) ينظر: مدارج السالكين ( 1 / 31 – 32 ).

([108]) ينظر: زاد المعاد في هدي خير العباد ( 4 / 208 ).

([109]) أخرجه مسلم، كتاب: الصلاة، باب: ما يقال في الركوع والسجود، ح: 222 ( 1 / 352 ).

([110]) ينظر: شفاء العليل، لابن القيم ( 2 / 747 ).

([111]) ينظر: التبيان في أقسام القرآن، لابن القيم ( ص: 98 ).

([112]) ينظر: زاد المعاد ( 4 / 8 ). وينظر: جهود الإمام ابن قيم الجوزية في توحيد الأسماء والصفات ( 2 / 1126 ).

([113]) ينظر: الداء والدواء، لابن القيم ( 19 – 20 ).

([114]) ينظر: الداء والدواء، لابن القيم ( 24 – 25 ).

قيم البحث الأن

راجع البحث قبل التقييم

راجع البحث قبل التقييم

تقييم المستخدمون: كن أول المصوتون !

مريم بنت عبد العالي الصاعدي

أستاذ العقيدة المشارك بجامعة أم القرى

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتًا
التقيمات المضمنة
عرض كل التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا الأن
1
هل تحتاج الي مساعدة او نشر بحثك !
Scan the code
مجلة scp الماليزية
مرحبا
كيف استطيع مساعدتك !