
التمكين الاجتماعي للمرأة في العهد النبوي وتطبيقاته المعاصرة
المستخلص
عنوان الدراسة: التمكين الاجتماعي للمرأة في العهد النبوي وتطبيقاته المعاصرة
هدفت الدراسة إلى بيان مظاهر التمكين الاجتماعي للمرأة في العهد النبوي، من خلال توضيح الإطار المفاهيمي لتمكين المرأة اجتماعياً، والكشف عن مبادئ التمكين الاجتماعي للمرأة في العهد النبوي، ثم عرض مجالات التمكين الاجتماعي للمرأة في العهد النبوي، وتقديم تطبيقات معاصرة لتمكين المرأة السعودية مستمدة من التمكين الاجتماعي للمرأة في العهد النبوي، واتبعت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي، وذلك بالكشف عن مبادئ ومجالات التمكين الاجتماعي للمرأة في العهد النبوي من نصوص الكتاب والسنة، وكتب السير والطبقات التي حفظت لنا أحداث ذلك التمكين وبيان بعض النماذج النسائية في العهد النبوي، وتوصلت الدراسة إلى أن تمكين المرأة اجتماعيًا يعني تطوير مشاركة المرأة في المجتمع، وتنمية قدراتها ووعيها ومعرفتها، وممارسة حقوقها الشخصية والأسرية وعدم تقييد اختياراتها في الأمور الاجتماعية التي تتعلق بها، واكتساب المهارات والخبرات لحل مشكلاتها، وزيادة ثقتها بنفسها واعتمادهاعلى ذاتها، والتحرر من الضغوط وصور الاضطهاد التي تتعرض له، وأظهرت الدراسة مبادئ التمكين الاجتماعي للمرأة في العهد النبوي ومنها مبدأ العدل والمساوة ،ومبدأ الحرية، ومبدأ المشاركة، ومبدأ الكرامة والاحسان، ومبدأ الاستقلالية؛ ومن أبرز مجالات تمكين المرأة في العهد النبوي تمكين المرأة من التعليم ونشره ، وتمكينها من العمل، ومن المسؤولية المجتمعية ، وتربية الاولاد، وإبداء الرأي والمشورة، والاعتماد على ذاتها، وإدارة الأزمات، وتوصلت الدراسة إلى تطبيقات تمكين المرأة السعودية في الوقت المعاصر وهي: تعزيز العدالة والمساواة بين الرجل والمرأة، وتعزيز دور المرأة القيادي وتدريبها، وتعزيز المسؤولية الاجتماعية للمرأة، وتنظيم شؤون الأسرة، وزيادة تمكين مشاركة المرأة في سوق العمل، وتعزيز مشاركة المرأة في التنمية.
Abstract
Title of study: Social Empowerment of Women in the Prophetic Era and Its Contemporary Applications.
This study aims to examine the aspects of women’s social empowerment during the Prophetic era by clarifying the conceptual framework of social empowerment, identifying the principles of women’s social empowerment at that time, and presenting its various domains. It also seeks to offer contemporary applications for empowering Saudi women derived from the social empowerment of women in the Prophetic era.
The study adopts a descriptive–analytical approach by drawing upon the principles and domains of social empowerment as reflected in the Qur’an, the Sunnah, and classical biographical and stratification works that have preserved the events of that empowerment, highlighting notable female figures from the Prophetic era.
The findings indicate that social empowerment of women entails enhancing their participation in society, developing their capacities, awareness, and knowledge, exercising their personal and family rights without restricting their choices in social matters pertaining to them, acquiring skills and experience to solve problems, increasing self-confidence and self-reliance, and overcoming pressures and forms of oppression they may face.
The study further highlights the key principles of women’s social empowerment in the Prophetic era, including the principles of justice and equality, freedom, participation, dignity and benevolence, and autonomy. Among the most prominent domains of women’s empowerment at that time were access to and dissemination of education, engagement in work, assuming social responsibility, childrearing, expressing opinions and offering counsel, self-reliance, and crisis management.
Finally, the study proposes contemporary applications for empowering Saudi women, such as strengthening justice and equality between men and women, enhancing women’s leadership roles and training, reinforcing women’s social responsibility, organizing family affairs, increasing women’s participation in the labor market, and promoting their involvement in development.
مدخل الدراسة
المقدمة:
كانت المرأة في العصر الجاهلي مهانة وضيعة، وكان العربي يعتبرها مصدر ذل وعار، يسود وجهه إذا بشر بمولود أنثى، ويحتار بين أن يمسكها على هون أم يدسها في التراب (يماني، ٢٠٠٤).وفي ذلك يقول تعالى: [وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ* يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ] (النحل : ٥٨-٥٩)
وفي المقابل فإن تمكين المرأة من ممارسة أدوارها في المجتمع المعاصر، من القضايا الشائكة في الأطروحات الفكرية المعاصرة، فهي مسألة مهمة تتعلق بالجانب الشرعي والجانب الاجتماعي، والناس فيها بين إفراط وتفريط، فإن المتأمل في الأطروحات المعاصرة في التعامل مع قضايا المرأة يجد اتجاهين اثنين، أما الاتجاه الأول: فينحو منحى غلق باب مناقشة هذه القضية في ضوء المستجدات المعاصرة، والاكتفاء بالعادات والتقاليد التي تحكم ممارسات المرأة في مجتمعها، ومحاولة إلباس هذا التوجه اللباس الشرعي، بدعوى الحفاظ على المرأة، وعدم تعريضها للفتن في دينها. وأما الاتجاه الثاني: فيذهب إلى فتح الباب على مصراعيه في قضية التمكين الاجتماعي للمرأة دون مراعاة الضوابط الشرعية ولا العرفية، فالمهم عند هؤلاء هو تلبية الاحتياجات المعاصرة، ومواكبة التطورات الاجتماعية التي تفرض على المرأة القيام بأدوار اجتماعية، لم تكن معروفة في بيئتها وثقافتها.
وبين هذا وذاك تقف المرأة المسلمة حائرة أي السبيلين أقوم، بحيث تتحقق المصلحة، وتجتنب المفسدة، فكان لابد من الاحتكام إلى المنهج النبوي والهدي المحمدي الذي هو خير الهدي وأفضله، وذلك باستقراء سيرته، واستخراج ما تعلق بمكانة المرأة في العهد النبوي، والوظائف الاجتماعية التي قامت بها، ومدى تمكنها من ممارسة حقوقها وواجبتها تجاه مجتمعها.
فمن الضروري معرفة النموذج النبوي في تمكين المرأة، واتخاذه مقياساً صحيحاً، تقاس عليه قضايا التمكين الاجتماعي للمرأة، لتأصيل قضية التمكين تأصيلا شرعيًا وتاريخيًا، ثم إسقاط ذلك على واقعنا المعاصر بهدف إصلاحه.
مشكلة الدراسة:
تكمن مشكلة الدراسة في التصور العام لمفهوم التمكين الاجتماعي للمرأة، إذ تتجاذبه عدة نظريات وتفسيرات، والملاحظ هو غلبة التفسير الغربي لمفهوم التمكين الاجتماعي للمرأة، المبني على المساواة التامة بين الرجل والمرأة، وعدم اعتبار الفوارق بينها، وبالتالي يفسر هذا التمكين في نظرهم، بإعطاء المرأة جميع الحقوق السياسية والاجتماعية والثقافية التي تؤمن بها الحضارة الغربية المبنية على فصل الدين عن الدولة، وإن كانت تفاصيل هذا التمكين تخالف الأديان والفطرة السليمة، وتتنافى مع البنية النفسية والبدنية للمرأة، وقد أشار (اليسير،٢٠٠٤ ،٦٠٥) بأنه يمكن حصر مظاهر الظلم الاجتماعي الذي يقع على النساء في المجتمعات المحافظة في التصنيف الذي يميز فيه بين الأدوار المناطة بالجنسين، وما ينشأ عن هذا التمييز من تقييد لحريات النساء، والحد من فاعليتهن الاجتماعية بدعوى العمل على درء الشبهات الأخلاقية التي تنشأ عن الاختلاط وممارسة الأعمال ، إلى غير ذلك من الظواهر المترتبة على مشاركة النساء للرجال في ميادين العمل والتعليم والتجارة والسياسة، الأمر الذي حرَم النساء فرص الترقي، وحصَر أدوارهن في المهام المنزلية والأعمال الإدارية أو الهامشية، وقد أثر البعد عما كان عليه المجتمع النبوي على مشاركة المرأة وأصبحت العادات والتقاليد هي التي تتحكم في النظرة للمرأة (السقاف، ٢٠١٩، ١٣٦). لقد أصبح الوصول إلى المجتمع الحيوي الآمن والمنشود في المملكة العربية السعودية جانباً أساسياً في تحقيق الرؤية إلى جانب إرساء أسس الازدهار الاجتماعي وضمان الحياة السعيدة والآمنه لمواطنيه ومن هنا تتجلى أهمية التمكين الاجتماعي للمرأة (رؤية المملكة العربية السعودية٢٠٣٠ ، ٢٠٢٠، ٢). ومن جهة أخرى تتطلع المملكة العربية السعودية إلى تحقيق التنمية المستدامة وذلك بتمكين المرأة السعودية في جميع المجالات ،”فأصبح الاهتمام بتمكين المرأة من أولى القضايا التي اهتم بها قادة المملكة العربية السعودية، وجاءت رؤية المملكة 2030 لترفع نسبة مشاركة المرأة في التعليم وسوق العمل (عتيبة ، 2020، 331). و أشارت نتائج دراسة (ياسين، ٨٩٥،٢٠١٨) إلى أن ” تنمية قدرات ومهارات المرأة واستثمار طاقتها، وتمكينها من الحصول على الفرص المناسبة لبناء مستقبلها، وتوفير مناخ آمن وخدمات تسهل عليها القيام بواجباتها الوطنية، مع ضمان تمتعها بحقوقها الكاملة في جميع المجالات، يساهم في رفع عملية التنمية المستدامة”. لذا كان من الضروري تحديد المفهوم الصحيح للتمكين الاجتماعي للمرأة وفق الرؤية الإسلامية المنضبطة، بالرجوع إلى العهد النبوي والبحث في مجالات هذا التمكين، ومظاهر تطبيقه. وتتحدد مشكلة الدراسة في الاجابة على السؤال الرئيس التالي: ما مظاهر التمكين الاجتماعي للمرأة في العهد النبوي؟ وتتفرع منه الاسئلة الفرعية التالية:
- ما الاطار المفاهيمي للتمكين الاجتماعي للمرأة ؟
- ما مبادئ التمكين الاجتماعي للمرأة في العهد النبوي ؟
- ما مجالات التمكين الاجتماعي للمرأة في العهد النبوي؟
- ما التطبيقات المعاصرة لتمكين المرأة السعودية والمستمدة من التمكين الاجتماعي للمرأة في العهد النبوي ؟
أهداف الدراسة:
يكمن الهدف الرئيس في :بيان مظاهر التمكين الاجتماعي للمرأة في العهد النبوي.
- توضيح الاطار المفاهيمي لتمكين المرأة اجتماعياً.
- الكشف عن مبادئ التمكين الاجتماعي للمرأة في العهد النبوي.
- عرض مجالات التمكين الاجتماعي للمرأة في العهد النبوي.
- تقديم تطبيقات معاصرة لتمكين المرأة السعودية مستمدة من التمكين الاجتماعي للمرأة في العهد النبوي .
أهمية الدراسة:
- خطورة قضية تمكين المرأة التي تتجاذبها أفكار وتصورات كثيرة شرقية وغربية و استهداف المرأة المسلمة في هذا العصر تحت مسميات التجديد، وترقية حقوق المرأة .
- حاجة المرأة المسلمة المعاصرة إلى نموذج يقتدى به في قضية التمكين الاجتماعي المنضبط.
- المساهمة في معرفة الدور الاجتماعي للمرأة في العهد النبوي في ضوء كتاب الله وسنة رسول الله ﷺ.
- سعي كثر من المنظمات الدولية إلى فرض النموذج الغربي لقضية تمكين المرأة الاجتماعية، مع عدم وضوح الرؤية الإسلامية لهذه القضية.
- مواكبة الرؤية السعودية ٢٠٣٠ والوصول الى مجتمع مبدع ومبتكر .
- يفيد صانعي القرار في المؤسسات التربوية والمجتمعية لتمكين المرأة وتحقيق التنمية المستدامة.
حدود الدراسة:
الحدود الموضوعية: اقتصرت الدراسة على موضوع التمكين الاجتماعي للمرأة في إطار زمني معين وهو العهد النبوي، واقتصرت الدراسة على بيان مبادئ ومجالات التمكين الاجتماعي للمرأة في العهد النبوي، بالرجوع إلى المصادر الأصلية التي تناولت تلك الحقبة وهي نصوص الكتاب والسنة، و كتب السير والطبقات التي حفظت لنا أحداث ذلك التمكين، وبيان بعض النماذج النسائية في العهد النبوي، ثم قدمت الباحثة بعض تطبيقات التمكين الاجتماعي للمرأة السعودية والمستمدة من التمكين الاجتماعي للمرأة في العهد النبوي.
منهجية الدراسة:
لتحقيق أهداف الدراسة اتبعت الباحثة المنهج الوصفي التحليلي، والذي يعرف بأنه ” الأسلوب الـذي يعتمـد علـى دراسـة الواقـع ويهـتم بوصـفها وصـفا دقيقـاً ويعبـر عنـهـا تعبيـراً كيفيـاً أو تعبيـراً كميـاً، فـالتعبير الكيفـي يصـف لنـا الظـاهرة ويوضح خصائصها” (عبيدات و عبـد الحـق وعـدس، ٢٠١٦ ، 180).
مصطلحات الدراسة:
تمكين المرأة: يقصد بها إزالة كافـة المعوقـات الثقافية، والتشريعية، والاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، والإدارية وغيرهـا إن وجـدت والتـي من شـأنها أن تعطـل وتعرقـل مشـاركة المـرأة في مختلـف القطاعـات وتقلـل مـن فرصهـا في التنميـة والحيـاة (مبارك،۲۸،۲۰۱۸).
التمكين الاجتماعي للمرأة:” إعطاء المرأة كامل الحق في ممارسة حقوقها الشخصية والأسرية وعدم تقييد اختياراتها في الأمور الاجتماعية التي تتعلق بها” (غراز و بوقبرين، ٢٠٢١، ١٢٩)
العهد النبوي: هو الفترة الزمنية التي عاش فيها النبي ﷺ – ويسمى العصر النبوي- ويشمل عند الإطلاق الفترة الممتدة من ولادته ﷺ إلى وفاته، ويدخل فيه العهد المكي قبل الهجرة، والعهد المدني بعد الهجرة. (عمر، 2008، ج٢، ص1507)
التعريف الاجرائي للدراسة : الأدوار الاجتماعية للمرأة في العهد النبوي وكيفية تعزيزها والمبادئ التي وضعها الرسول ﷺ للتعامل مع المرأة ومجالات الدعم الاجتماعي، وتقديم التطبيقات المعاصرة للتمكين الاجتماعي للمرأة السعودية المستمدة من التمكين الاجتماعي في العهد النبوي.
الدراسات السابقة:
تم تنظيم الدراسات السابقة التي بحثت في مجال تمكين المرأة في عصر النبي ﷺ ، وقد تم ترتيبها من الأقدم إلى الأحدث كما يلي:
١-دراسة )الحداري ,2014) بعنوان: دور السنة النبوية في تنمية مهارات المرأة.
هدفت الدراسة إلى التعرف على دور المرأة المسلمة في تنمية المهارات في العصر النبوي ، واتبعت الدراسة المنهج الاستنباطي، وتوصلت الدراسة إلى أهمية تهيئة المرأة المسلمة المعاصرة لتتبوأ منزلتها المستحقة في العصر الحاضر، لتقوم بواجبها الشرعي والإنسان الذي يحقق نهضة الأمة بأسرها معتمدا على أصالة ماضيها ،وحث المرأة على اكتساب وتنمية المارات الحياتية والخبرات اللازمة للقيام بدورها الحيوي ،ومن ثم نقلها للآخرين ،وأن السنة النبوية اعتنت بتعليم المرأة ،وشجعتها على ممارسة دورها ف نشر العلم ،كما هيأتها لإدارة ذاتها وذوات الآخرين ،وهيأها للتفاعل مع دورها الأساسي في تنشئة الأولاد ،وتقديم الدعم للآخرين.
2-دراسة )الجليند , 2014) بعنوان: الدور السياسي والاجتماعي للمرأة :رؤية اسلامية.
هدفت الدراسة إلى التعرف على الدور السياسي والاجتماعي للمرأة المسلمة .واتبعت الدراسة المنهج التحليلي لمعرفة أدوار المرأة في العهد المكي والعهد المدني. وتوصلت الدراسة الى أن الرسول ﷺ أجاز مشاركة المرأة الرجل في العمل العام اجتماعيا كان أو سياسيا ، دون تفرقة أو استثناء لأحد، فالمسؤولية مشتركة بين الرجل والمرأة في النهوض بالمجتمع وإدارة شؤنه ، وللمرأة المسلمة دور في المشاركة الاجتماعية.
3-دراسة )السقاف,2019) بعنوان: مكانة المرأة ومشاركتها في المجال الاجتماعي في العهد النبوي.
هدفت الدراسة إلى إبراز المكانة المرموقة التي حظيت بها نساء العهد النبوي، والنساء عامة تحت مظلة الشريعة الإسلامية، والتعرف على المكانة الاجتماعية التي بلغتها النساء في العهد النبوي، واعتمدت الدراسة على المنهج التحليلي الذي بين مكانة المرأة واسهامها ف حماية الدين، وتوصلت الدراسة إلى أن العهد النبوي شكل فترة زمنية متميزة في تاريخ المرأة؛ حيث أحدث تغيرا اجتماعيا هائلا في حياتها ، وأن للمرأة دور بارز في التعليم ونشر العلم في العهد النبوي، ولهن دور ف إثراء الحركة الفكرية ونشاط في استمرارها .
4-دراسة )البقعاوي ,2020) بعنوان: أساليب النبي ﷺ في تعليم المرأة :دراسة تحليلية في ضوء السنة النبوية .
هدفت الدراسة إلى التعرف على أبرز أساليب النبي ﷺ المستخدمة في تعليم المرأة ،واعتمدت الدراسة المنهج الوصفي وتحديدًا منهج تحليل المحتوى ، وأداة الوثائق ، وتوصلت الدراسة إلى مراعاة النبي ﷺ في أساليب تعليم النساء أن تكون قائمة على التشويق والتحفيز، ودأب النبي ﷺ على توظيف أساليب يتفاعل ويتشارك فيها المتعلم بصورة إيجابية مع الموقف التعليمي، كما أن تعليم النبي ﷺ للمرأة يعتمد على الموعظة الحسنة وبطريقة منظمة ومناسبة، وتحلي المرأة ف عهد ﷺ بأخلاق وآداب مجلس العلم والبعد عن الجفاف التربوي ، وحث الرسول ﷺ إلى أسلوب الإرشاد في تعليم المرأة بالعهد النبوي، وأيضا حث النساء على إحسان الغسل بصوره مرتبة ومتتابعة تساعدهن على الإتقان.
5-دراسة ) Abbasi & umar ,2020 ) بعنوان: الإسلام والحداثة والعدالة في أدوار المرأه القيادية في عصر النبي ﷺ.
هدفت الدراسة إلى تحليل الإسلام والحداثة والعدالة للمرأة في أدوارها القيادية في عهد النبي ﷺ ، واتبعت الدراسة المدخل النوعي لتفسير البيانات المختلفة في مجال الأدوار القيادية في عهد النبي ﷺ.وتوصلت الدراسة إلى انه مكن ملاحظة أدوار المرأة في عهد النبي ﷺ من خلال السيدة خديجة التي كانت شخصية ملهمة ،وكذلك فاطمة أبنة النبي ﷺ ،وعائشة زوجته الثانية، ولقد حرص الإسلام على عدم ظلم المرأة وعدم تهميش وقمع شخصيتها، ولذلك حاول الرسول ﷺ توعية الرجال والنساء يحقوق المرأة، وقد أكد الإسلام حق المرأة في الميراث والزواج والتعليم ومختلف المجالات الاجتماعية.
6-دراسة )شلبي,2021) بعنوان: التمكين الاجتماعي والاقتصادي للمرأة العاملة بالقطاع التعليمي .
هدفت الدراسة إلى تمكين المرأة العاملة من الحصول على حقوقها، وهدفت الدراسة إلى تحديد العلاقة بين التخطيط لتمكين المرأة العاملة والحصول على حقوقها الاجتماعية والاقتصادية. واتبعت الدراسة المنهج الوصفي المسحي ، وأداة الاستبانة على عينة من النساء العاملات في مديرية التربية والتعليم بمحافظة البحيرة. وتوصلت الدراسة إلى النتائج التالية:أن تمكين المرأة من الحصول على حقوقها الاجتماعية جاءت بدرجة متوسطة ،أما التمكين للحصول على حقوقها الاقتصادية جاءت بدرجة ضعيفة.
التعليق على الدراسات السابقة :
تتفق الدراسة الحالية مع دراسة (الحداري ,2014) و)الجليند , 2014) و )السقاف,2019) )البقعاوي ,2020) و) Abbasi & umar ,2020 ) في دراستها جوانب من صور التمكين في العهد النبوي ، وتتفق الدراسة الحالية مع دراسة )الجليند , 2014)و )السقاف,2019) )البقعاوي ,2020) في (شلبي,2021) في منهج الدراسة وهو الوصفي التحليلي.
وتختلف الدراسة الحالية مع دراسة (شلبي,2021)في كون الاخيرة لم تتناول التمكين الاجتماعي في العهد النبوي. وكذلك تختلف الدراسة الحالية عن دراسة )الحداري ,2014)و) Abbasi & umar ,2020 ) و)شلبي,2021) في منهج الدراسة.
الإطار النظري
المبحث الأول: الإطار المفاهيمي للتمكين الاجتماعي للمرأة
يتناول هذا المبحث مفهوم التمكين بشكل عام والتمكين في القرآن الكريم ،وأنواع التمكين، ومفهوم التمكين الاجتماعي ، ومعوقات التمكين الاجتماعي.
١.مفهوم التمكين.
التمكين في اللغة: “التقوية أو التعزيز، ووردت كلمة مكّن (مكّنه) بمعنى جعله قادراً على فعل شيء معين ويقال: استمكن الرجل من الشيء صار أكثر قدرة عليه، كما يقال متمكن من العلم أو من مهارة معينة بمعنى مثقفاً بالعلم أو بالمهنة، والتمكين الاستطاعة على فعل شيء ما” (ابن منظور، ١٩٩١، ٣٠١)
أصل المادة م ك ن. والتمكين مصدر للفعل مكّن وهو من مزيد الثلاثي، والأصل “مكَن” قال الجوهري “مكن … مكنه الله من الشيء وأمكنه منه، وتمكن منه وفلان لا يمكنه النهوض: أي لا يقدر عليه. (الجوهري، ١٩٨٧، ٢٢٠٥ )
المكانة: التؤدة، والمنزلة ، وتمكن فهو مكين. والمكان : الموضع، ومكنته من الشيء وأمكنته منه، فتمكن واستمكن .وتمكن من الشيء واستمكن ظفر، والاسم من كل ذلك المكانة (الفيروز أبادي، ٢٠٠٥، ١١٥٧)
يتضح مما سبق أن للتمكين معان متعددة ومتقاربة كالمنزلة، والتمليك، والتقوية والتعزيز، والإقدار من الشيء، والتسليط عليه، والظفر به. مع ملاحظة أن التمكين أوسع دلالة من الإقدار، فالتمكين هو: إعطاء ما يصح به الفعل كائنا ما كان من الآلات والعدد والقوى بينما الإقدار: هو إعطاء القدرة وذلك أن الذي له قدرة على الكتابة تتعذر عليه إذا لم يكن له آلة للكتابة، ويتمكن منها إذا حضرت الآلة، والقدرة ضد العجز، والتمكن ضد التعذر كما في كتاب الفروق اللغوية .
التمكين اصطلاحاً: “يرى (Argenti) أن التمكين هو أحد أهم مخرجات المشاركة في العمليات والقرارات والإجراءات بين العاملين؛ التي تعزز من دافعيتهم الجوهرية نحو هذه النشاطات، ويزيد التمكين من إدراكهم لأهمية العمل الذي يمارسونه بحيث يكون ذا معنى وتحد، مع امتلاك القدرة والمسؤولية في بيئة العمل، ويوضح Hellriegel مفهومه للتمكين بأنه : القدرة على أن يكون الفرد فاعلاً، وأن يكون لديه الاستقلالية في أداء العمل, والخبرة والقدرة في التأثير عند أداء العمل وتحقيق الأهداف”(محمود وهادي، ٢٠٠٧، ٢٠٠).
التمكين في القرآن الكريم:
استعمل القرآن هذه الكلمة على سبعة معانٍ هي كالآتي:
أولًا: بمعنى الملك والسلطان: قال عز وجل في شأن ذي القرنين: [إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ] {الكهف:84} قال ابن كثير رحمه الله: “أي أعطيناه ملكًا عظيمًا ممكنًا فيه من جميع ما يُعطى الملوك من التمكين والجنود”. ومن هذا القبيل قوله تعالى: [الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ] {الحج:41}، قال الشيخ (السعدي،٢٠٠٠، ٣٠٢) في تفسيره: “أي ملكناهم إياها وجعلناهم المتسلطين عليها، من غير منازع ينازعهم، ولا معارض”.
ثانيًا: التمكين بمعنى المنزلة عند الملك: قال تعالى في شأن يوسف عليه السلام: [وَقَالَ المَلِكُ ائْتُونِي بِه أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ اليَوْم لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ] (يوسف:54)، وقال تعالى في جبريل عليه السلام: [ذِي قُوَّة عِنْد ذِي العَرْشِ مَكِينٍ] (التَّكوير:20)، وكذلك قال تعالى في شأن يوسف عليه السلام: [وَكَذَلِك مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْض يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ] (يوسف:56)
ثالثًا: التمكين بمعنى التهيئة: قال تعالى: [أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آَمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ] (القصص:57) أي ألم نجعل حرمًا ذا أمن وقال تعالى في شأن يوسف عليه السلام: [وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْر لِامْرَأَتِه أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْتَأْوِيل الأَحَادِيثِ وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَر النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ(21)] (يوسف:٢١)، أي جعلنا هذا مقدمة وتهيئة لتمكينه في الأرض من هذا الطريق.
رابعًا: التمكين في نعم الدنيا ومعايشها: قال تعالى : [أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِم مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُم وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الأَنْهَار تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آَخَرِينَ] {الأنعام:6}. وقال تعالى: [وَلَقَد مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً..الآية] {الأحقاف:26}، قال (ابن كثير،١٩٧٦، ٥٠٥) رحمه لله:” يقول تعالى: ولقد مكنّا الأمم السالفة في الدنيا من الأموال والأولاد وأعطيناهم منها ما لم نعطكم مثله ولا قريبًا منه”
خامسًا: التمكين للدين: ويعني القدرة على مزاولة شعائره في أمن وإظهارها دون منازع أو مشوش، قال تعالى في سورة النور: [وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُم وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَف الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَايُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا] (النور:55)
سادسًا: التمكين بمعنى الظفر: قال تعالى: [وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَد خَانُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ] (الأنفال:71)، فأمكن بمعنى أظفر وأقدر .
سابعًا: التمكين بمعنى الثبوت والاستقرار: قال تعالى: [ألَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍمَهِينٍ(20) فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ]. (المرسلات:٢٠-٢١). أي ثابت مستقر والمراد في الآية استقرار النطفة في الرحم وتمكنها.
٢.مفهوم تمكين المرأة:
يعني تطوير مشاركة المرأة وتنمية قدرتها ووعيها ومعرفتها، ومن ثم تحقيق ذاتها على مختلف الأصعدة المادية، والنفسية، والاجتماعية، والسياسية، وإتاحة كافة القدرات والإمكانات التي تجعلها قادرة على السيطرة على ظروفها ووضعها ومن ثم الإسهام الحر والواعي في بناء المجتمع على كافة أصعدته(غراز وبوقبرين، ٢٠٢١، ١٢٩).
تمكين المرأة: يقصد بها إزالة كافـة المعوقـات الثقافية، والتشريعية، والاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، والإدارية وغيرهـا إن وجـدت والتـي من شـأنها أن تعطـل وتعرقـل مشـاركة المـرأة في مختلـف القطاعـات وتقلـل مـن فرصهـا في التنميـة والحيـاة (مبارك،۲۸،۲۰۱۸).
مما تقدم نرى أن التمكين هو ببساطة مشاركة المرأة في اتخاذ القرارات وإعطائها المزيد من الحرية في العمل والتصرف والرقابة الذاتية، مع دعم مهاراتها بتوفير الموارد الكافية والمناخ الملائم، وتأهيلها والثقة بقدراتها.
٣.أنواع تمكين المرأة:أن تمكين المرأة يجب أن يحدث وفقا للأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والشخصية والقانونية والسياسية والنفسية التي يمكن من خلالها تمكين المرأة ومن تلك الأنواع:
أولًا/ التمكين الاقتصادي:وهو تمكين المرأة من التصرف الكامل في أموالها وممتلكاتها وإدارتها بالشكل الذي تريد دون حاجة للرجوع للرجل، كما يحق لها ممارسة المهن المشروعة التي تطمح إليها دون عوائق أو مبررات واهية (غراز و بوقبرين، ٢٠٢١، ١٢٩).
ثانيًا/ التمكين الاجتماعي:ويعنيإعطاء المرأة كامل الحق في ممارسة حقوقها الشخصية والأسرية وعدم تقييد اختياراتها في الأمور الاجتماعية التي تتعلق بها” (غراز و بوقبرين، ٢٠٢١، ١٢٩).
ثالثاً/ التمكين السياسي: وهو توعيتها بحقوقها السياسية ودعمها ومشاركتها في مراكز صنع القرار(شحاتة وخضر ، ٢٠٠٧، ٧٦٢).
رابعاً/ التمكين المعرفي والتكنولوجي: ويتطلب أن يتوفر للمرأة حق اكتساب المهارات وامتلاك الأدوات التي تمكنها من التعامل الإيجابي مع مستجدات العصر العلمية والتكنولوجية (زايد، ٢٠١٥).
خامسًا/ التمكين النفسي:هو عملية او حالة نفسية تتميز بأربع ادراكات هي المعنى والكفاية وحرية الإرادة والتأثير، إن التمكين النفسي يعمل على زيادة احساس المرأة بالسيطرة الشخصية ويعمل على زيادة دافعيتها نحو العمل وبالتالي الرضا وزيادة الانتاجيه .(Mishra,2016,p.224)
سادساً/ التمكين الصحي:ويقصد بهمجالات الرعاية والخدمات المتاحة للنساء ومايتعلق بالإنجاب، وتمتعها بحق الرعاية الصحية والغذاء الكافي(شحاتة وخضر ، ٢٠٠٧، ٧٦٢).
سابعًا/ التمكين التربوي: والذي يتطلب توفر أساليب سليمة لتنشئة المرأة منذ الطفولة، وتقديم أساليب تربوية جيدة كالقدوة والسلوكيات والأخلاقيات الحميدة تلك التي تقوي قدرة الفتاة على الحياة السوية بحيث تكون فاعلة في حياتها وذات تأثير في عملها وتمتلك خبرة تربوية تمكنها من ذلك (زايد، ٢٠١٥).
٤.مفهوم التمكين الاجتماعي.
التمكين الاجتماعي: هو زيادة نسـبة مشـاركة المرأة في القضايا المجتمعية، مع تأكيد دورها في تكوين القيم الإيجابية، سواء على مستوى الأسرة أو على مستوى المجتمع. والعمل على إتاحة فرص الوصول إلى الخدمات وتحقيق الاحتياجات الضرورية التي تساعد على إحداث التوازن في مسؤولية المرأة وتدعيم دورهم التنموي (المیزر، ۱۳۸،۱۳۹،۲۰۱۷)
ويرى زهران (2015) أنه قدرة المرأة على التحكم بحياتها، واكتساب المهارات والخبرات لحل مشكلاتها ، فالتمكين الاجتماعي يساعد أفراد المرأة على التحرر من الضغوط وصور الاضطهاد التي تتعرض له، وينادي بالمحافظة على حقوقها واحترامها، ويسعى إلى نشر صور المساواة والعدالة الاجتماعية.
٥.معوقات التمكين الاجتماعي للمرأة
تناولت الدراسات العديد من المعوقات التي تحول دون التمكين الاجتماعي للمرأة ، أشارت دراسة الحديدي (2008)، إلى أن المرأة تعاني من مجموعة من المعوقات التي تهمش فرص تمكينها وتحد من مشاركتها الفعالة في عملية التنمية؛ ومنها:
- الإجراءات البيروقراطية التي تعد من أكبر المعوقات أمام الأعمال التجارية الصغيرة عموماً وخصوصا التي تعمل بها سيدات الأعمال بشكل أساسي.
- التحديات التي تواجه المرأة التي تسعى إلى التوفيق بين العمل والإلتزامات العائلية، وفي حالة صراع الأدوار تكون الأولوية للمرأة في دورها الأسري.
- الأمية التي تمثل حاجز معلوماتي أمام المرأة، فالمرأة الأمية لا تستطيع أن تشارك في التغيير الاجتماعي ولا في التنمية بالقدر الذي تستطيع أن تقدمه المرأة المتعلمة. ورغم ما بذل من جهود عالمية ومحلية في شكل مؤتمرات واتفاقيات وإعداد للبرامج في مجال إقرار حقوق المرأة ومحاربة الأمية، إلا أن نسبة الأمية مازالت تمثل تحدٍ يواجه التنمية.
- أساليب التنشئة الاجتماعية الخاطئة للمرأة فيما يتعلق بحقوقها وواجباتها.
- فكرة المرأة عن نفسها وإمكاناتها وقدراتها التي تكون لدى بعض النساء سلبية بالإضافة إلى الصورة السلبية أو المشوهة عن المرأة التي تقدمها بعض وسائل الإعلام.
- غياب ثقافة المشاركة لدى المجتمع وضعف ترسيخها لدى المرأة .
- حرمان المرأة من بعض حقوقها الاقتصادية، والذي يعود إلى تقاليد وعادات تنكر حق المرأة في الملكية الخاصة وتفضيل الذكور لدى أرباب العمل عن الإناث، مما يقلص نصيب المرأة من الوظائف.
المبحث الثاني: مبادئ التمكين الاجتماعي للمرأة في العهد النبوي
حتى نتعرف على مبادئ التمكين الاجتماعي للمرأة في العهد النبوي سوف نبين الوضع الاجتماعي للمرأة قبل وبعد بعثة النبي محمد ﷺ.
أولاً: الوضع الاجتماعي للمرأة قبل بعثة النبي ﷺ
عند الحديث عن المرأة قبل البعثة النبوية لابد من الاشارة الى نوعان من النساء في ذلك الوقت: إماء وحُرات، وكانت الإماء كثيرات، وكان منهن من يتخذن الأخدان، وقينات يضربن على المزهر في حوانيت الخمارين، كما كان منهن جوار يخدمن الشريفات، وقد يرعين الإبل والأغنام، وكن في منزلة دانية (ضيف، ٢٠٠٨ ، ٧٣-٧٥). وحرمت النساء قبل بعثة الرسول ﷺ من الميراث، و كانت المرأة عند كثير من القبائل كسقط المتاع فقد كانت تورث، وكان الابن الأكبر للزوج من غيرها من حقه ان يتزوجها بعد وفاة أبيه أو يعضلها عن الزواج حتى جاء الاسلام وحرم ذلك ، وكان العرب يعيرون بالبنات لأن البنت لا تأتي بالمال ولا تخرج للغزو وإذا سبيت اتخذت للوطء وأكرهت على البغاء (الصلابي ،٢٠٠٨، ٢٨) . وكان مما يجلب الشؤم والحزن للأب عندما تولد له بنت قال تعالى: [ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ] (النحل: 58، 59). ومنهم من يئدها ويدفنها في التراب وهي حية بلا ذنب قال تعالى: [وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأيّ ذَنْبٍ قُتلَتْ] (التكوير: 8، 9). كما حرمت المرأة من حقها في التعليم ، وكان من العرب من يقتل أولادة خشية الفقر. ومن أبرز أولئك الوائدين لبناتهم قس بن عاصم (الطير ، 1982،ص53). فلما جاء الاسلام حرم ذلك قال تعالى: [وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ] (الاسراء:٣١). وقد وصف عمر -رضي الله عنه – نظرتهم للمرأة قبل الإسلام فقال : ” كنا في الجاهلية لا نعد النساء شيئًا ، فلما جاء الإسلام وذكرهن الله رأينا لهن بذلك علينا حقًا من غير أن ندخلهن في شيء من أمورنا “(البخاري، ١٩٨٧، مج٧، ٥٨٤٣ ، ١٥٢).
وعلى الرغم من ذلك يرى (ضيف، ٢٠٠٨، ٧٥) أن بنات الأشراف والسادة كانت لهن منزلة سامية؛ فكن يخترن أزواجهن، ويتركنهم إذا لم يحسنوا معاملتهن، وبلغ من منزلة بعض شريفاتهن حماية من يستجير بهن ويرددن إليه حريته إذا استشفع بهن، وكن يمتلكن المال ويتصرفن فيه بحرية، وقصة اتجار الرسول ﷺ في أموال السيدة خديجة أم المؤمنين مشهورة. وقد دعم الإسلام هذه الحرية، وكان بعض العرب يصحبونهن معهم في الحرب، وكن يشددن من عزائمهم بما ينشدن من أناشيد حماسية؛ ومنهن الخنساء و كبشة أخت عمرو بن معد يكرب.
ثانياً: الوضع الاجتماعي للمرأة بعد بعثة النبي ﷺ
ستعرض الدراسة الوضع الاجتماعي للمرأة في العهد النبوي المكي والمدني بصفة عامة، ولعلنا نشير قبل ذلك إلى مفهوم العهد المكي والعهد المدني:
العهد المكي: هي الفترة التي قضاها النبـي فـي مكـة مـن بعـد البعثـة إلـى مـا قبـل الهجرة إلى المدينة المنورة، أي فترة الثلاث عشرة سنة التي قضاها النبي في مكة (بنجر،٢٠٠٩، ٣٤)
والعهد المدني: هي الفترة التي قضاها النبـي فـي المدينة بعد الهجرة، وهي فترة العشر سنوات (كتبي، ٢٠٠٧، ١٢)
– وضع المرأة الاجتماعي في العهد المكي:كان للصحابيات دور بارز في إدارة الأزمات ومواجهة الضغوطات في العهد المكي من خلال الدفاع عن الدعوة، ومن ذلك فاطمة بنت الخطاب، وأسماء بنت أبي بكر وثباتها على المبادئ والقوة في الدين، بالإضافة إلى مشاركة الصحابيات في بيعة العقبة كنسيبه بنت كعب وأسماء بنت عمرو ، وفي ذات السياق موقف أم سلمة المشرف في تحمل المخاطر وفرارها إلى الحبشة للحفاظ على دينها( القضاة، 2021، 299). ومن ذلك وقوف السيدة خديجة رضي الله عنها بجانب النبي ﷺ وهو يواجه الوحي لأول مره، فكانت أول من أسلم من النساء وكان لها الفضل العظيم في نشر الإسلام بتثبيتها لرسول الله من قبل نبوته ومن بعدها، فهي مربية عظيمة وأم رحيمة (ابن هشام ،١٩٨١، ٢٥٩). ومنهـن سـمـيـة بنت خـيـاط رضي الله عنهـا أم عـمـار بن ياسر وكانت سابعة سبعة في الإسلام، قوية الإيمان، عذبها أبوجهل حتى قتلهـا ولم ترتد عن دينها فكانت أول شهيدة في الإسلام رضي الله عنها، آمنت بالله وبرسوله ولم تبـال بأبي جهل وتعذيبـه حـتى مـاتت فكانت الشـهـيـدة الأولى (ابن حجر، ٢٠٠٥، ١١٤). ومنهن فاطمة الزهراء بنت رسول الله ﷺ التي عاشت على قدرها تخدم زوجها وأولادها حتى أثرت الرحى التي تطحن الحب في يدها، وكان بالإمكان أن تجـد خـادمـا أو خـادمـة والكل يتمنى شرف خدمتها ولكنها تريد بذلك الأجر والثواب ولكي تكون قدوة لنساء المسلمين. ومنهن فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف أم علي بن أبي طالب وهي راوية من راويات الحـديث روت عن النبي ﷺ 46 حديثاً ، وكـانت ذات صـلاح ودين وكـان رسـول الله ﷺ يزورها ويقول : (إنه لم يكن أحد بعد أبي طالب أبر بي منها)(رضا، د.ت، ٣٣).
– وضع المرأة الاجتماعي في العهد المدني. ذكرنا في العهد المكي أن أول من آمن بالرسول ﷺ هي السيدة خديجة رضي الله عنها ، وفي هذا إشارة إلى أهمية المرأة في الإسلام في فترة التكوين الأولى، ومما لاشك فيه أن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها – رابع المكثرين من رواة الحديث بصفة عامة، حيث تعتبر في الدرجة الثانية بعد أبي هريرة في كثرة ماروت من أحاديث في الكتب الستة والتي تعتبر المصادر الأساسية في السنة الشريفة، كـمـا أن أم المؤمنين أم سلمة لهـا من المواقف العظيـمـة مـا لا يحصى ومن ذلك موقفها العظيم في صلح الحديبية، فقد استشارها عليه الصلاة والسلام فيما يصنع بأصحابه الذين تباطأوا في تنفيذ أمره لهم بالحلق أو التقصير وذبح الهدي بعد إمضاء الصلح فرأت رضي الله عنها أن يبدأ ﷺ بنفسه أولا فعمل عليه الصلاة والسلام كما أشارت فحلق وذبح وعندما رأوه الصحابة تدافع الجميع في صنع ما صنع رسول الله ﷺ (فهد،د.ت ، ٤٦٩).
وكان المجتمع الإسلامي بالمدينة المنورة في تكامل تحترم فيه الآراء من الجميع رجالًا ونساء، حيث ساهمت المرأة في خدمة الرسول ﷺ كالرجل ومن ذلك قيام أم أيمن بخدمته ﷺ ، وكان في خدمته فوائد كثيرة منها تلقي التربية الإسلامية منه بالملازمة والمعايشة فيتم الاقتداء به في أكله ونومه، وشرحه وكلامه وكيفية تعامله مع أهله ، ومن جانب آخر أجاز النبي ﷺ أمان المرأة قال ﷺ: «فقد أجرنا من أجرت يا أم هانيء» وأم هانيء هي أخت علي بن أبي طالب وقد أجارت مشركاً استجار بها. ونستنتج من ذلك أن للمرأة في عهده ﷺ مكانة بارزة فلها أمان كما للرجل، ولها جاه سواء في الحرب أو في السلم، وهذا يدل على أن التربية الإسلامية استفادت من النساء، فلم يكن خاملات لا نشاط لهن، حتى إنهن طلبن من الرسول ﷺ أن يجعل لهن يوما، ونتيجة لنشاط المرأة برز الكثير منهن فهذه أم سليمان بن أبي حتمة تعلم الكتابة للنساء، وممن تعلمن على يدها حفصة زوجة النبي ﷺ ، وأم المؤمنين رضي الله عنهـا، ، ونجد أم سليم قد أفرد لها الكثير من رجال التربية كتباً لوحدها، لدورها التربوي ومواقفها التربوية الرائعة ومن ذلك ما اختارته لابنها أنس عندما قدم الرسول ﷺ المدينة فأخذت بيده وأتت به رسول اللهﷺ فقالت: يارسول الله هذا أنس ابني يخدمك، وقد خدم أنس الرسول ﷺ حتى لحق بالرفيق الأعلى، وكان رسول الله ﷺ يغزو بأم سليم ونسوة من الأنصار فيسقين الجرحى بالماء ويعملن على مداواتهم (الحربي، ١٩٩٨، ٨٧-٨٨).
ثالثاً: مبادئ التمكين الاجتماعي للمرأة في العهد النبوي
حدث تمكين المرأة منـذ نـزول الوحـي عـلـى قـلـب رسول الله ﷺ، وتجسد ذلك واقعيـا عـلـى مـدار سـنوات الحضارة الاسلامية ومختلف مراحل تاريخها ، ولم يحدث شيء من التراجع في التمكين للمرأة في المجتمع الإسلامي إلا عندما تراجعت الأمة حضاريا على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية.والعهد النبوي هـو العصر الذهبي للأمة، فالتمكين للمرأة قد حـدث عـلـى أتمـه فـي الإسـلام وليس أفضل للبرهنة على صدق القول من العودة إلى الكتاب والسنة النبوية لنتبين إلى أي مدى تم التمكين لهـا خـلال عهد النبوة الـذي هـو عـصـر نـزول الـوحـي علـى قلـب النبي ﷺ (قحيف، ٢٠١٨، ٤٩). فارتفع شأن المرأة منذ بعثة النبي ﷺ وأنزلت منزلة رفيعة، إذ لم تكن في الجاهلية ذات حظوة بقدر ما منحها الإسلام، وكذلك في اليهودية والنصرانية والمجوسية وغير ذلك من سائر الأديان الفاسدة الباطلة، فارتفعت مكانتها في العهد النبوي وانصفت، وأعطيت من الحقوق أكملها. فتبنى النبي ﷺ قضايا المرأة وأدوارها الاجتماعية وأكد على العناية بها ، وارتكز التمكين الاجتماعي للمرأة في العهد النبوي على مبادئ ومن أبرزها مايلي:
- مبدأ العدل والمساواة: أقر الإسلام الحنيف للمـرأة حق التساوي مع الرجل في العديد من المجالات، كالتساوي في التكاليف، والحساب والجـزاء، إضافة إلى التساوي في المشاعر والأحاسيس والضمير والعقل، فـقـد صـاغ الوحـي العلاقة بين الزوجين صياغة لم تكن معلومة للبشرية قبل الإسلام، تقوم على التكامل والتعاون ولا تقـوم علـى الندية والتماثل الذي قد يؤدي في كثير من الأحيان إلى التنافـر والتضـاد، فالشبيهان يتنافـران فـي كثير من الأحيان أما المتكاملان فيحتاج كل منهما إلى الآخر لتحقيق السعادة (قحيف، ٢٠١٨، ٥٠). والمساواة بين الجنسين هو الأصل العام الذي ارتكزت عليه أحكام الشريعة الإسلامية؛ إلا ما بينت الشريعة اختصاص أحدهما على الآخر، سواء كان الاختصاص بها، أو كانت الخصوصية له، وليس في ذلك الاختصاص ظلم لأحدهما، ولا إجحاف أو تمييز لأحدهما على الآخر، وإنما هو مقتضى كمال علم الله تعالى، وكمال عدله، ولعل المتتبع للأحكام الخاصة بالمرأة يجد فيها مراعاة لتكوينها الجسدي والعاطفي (السقاف، ٢٠١٩، ١٤١) ، وقد بين الله تعالى ذلك في كتابه مجملا؛ فقال: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ۗ](البقرة: ٢٢٨)وقال ﷺ : “إنّما النساءشقائق الرجال”(ابوداود،١٩٨٨،مج١، ٢٣٦، ١١٩ ). والخطاب التشريعي في العهد النبوي جاء للذكور والاناث دون تفرقة بينهما .
وقد تجلى العدل بين المرأة والرجل في العهد النبوي في العبادات يقول تعالى: [مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ] (النحل: ٥٩)، وكذلك المرأة كالرجل في جانب المعاملات وحقوق العباد فلها حق التصرفات المالية حيث “سألت امرأة النبي ﷺ: اتجزئ الصدقة على الزوج وعلى أيتام في حجرها؟ فأجابها الرسول ﷺ بقوله: لها اجران أجر القرابة وأجر الصدقة” (البخاري، ١٩٨٧، ج، ١٤٦٦، ) . وقد برز العدل بين المرأة والرجل في جانب العلاقات الاسرية، وفي جانب الحقوق والواجبات فقال تعالى [وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ](البقرة:٢٢٨) وفي العلاقات الزوجية يعطى كل ذي حق حقه بغض النظر عن كونه ذكر أو انثى، فقد أعطيت المرأة حقوقها الاجتماعية في عهد الرسول ﷺ، ومن ذلك حقها في نفقة الرجل عليها (زوجها، وأباها، وأخاها، وأبنها )، وحقها من بيت مال المسلمين ومن الصدقات، وحقها في الميراث بعدالة رغم إلزام الرجل بالنفقة عليها، و كسوتها ورعاية متطلباتها وحاجاتها المختلفة، ومن حقوق المرأة فالاجتماعية في عهد الرسول ﷺ عنايتها من قبل أسرتها وعنايتها بأسرتها باعتبار الأسرة أساس المجتمع، ورربط الإسلام صلاح المرأة بصلاح المجتمع وصلاح المجتمع بصلاحها ، فعن عبدالله بن عمرو بنالعاص –رضي الله عنه- أن رسول الله ﷺ قال: “الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة”(مسلم، ١٩٩٨،مج٤ ، ١٤٦٧، ١٧٨). حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا عبد العزيز يعني ابن محمد عن أبي اليمان عن شداد بن أبي عمرو بن حماس عن أبيه عن حمزة بن أبي أسيد الأنصاري عن أبيه أنه سمع رسول الله ﷺ يقول وهو خارج من المسجد فاختلط الرجال مع النساء في الطريق فقال رسول الله ﷺ للنساء “استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق عليكن بحافات الطريق فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به”. (ابو داود، ١٩٨٨، مج٥ ،5272، 264)، ومن خلال تلك الحقوق والواجبات ظهرت عدالة الاسلام في منح المرأة حقها غير منقوص.
- مبدأ الكرامة والاحسان:كرمت المرأة في العهد النبوي، وارتفع قدرها قال تعالى: [يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ ] (الحجرات: ١٣)، وهذا التكريم له صور كثيرة ، فاذا كانت أم؛ أمر الله عز وجل ورسوله ﷺ ببرها في حياتها وبعد مماتها، وإذا كانت زوجة فهي مكرمة مأمور بالإنفاق عليها، والإحسان إليها، وكف الأذى عنها، وهي كإبنة مرحومة، يلزم المرء بالإحسان إليها تربية، وتوجيها، ورعاية، ونفقة حتى تستقل بنفسها، وهكذا حق الاخت والخالة والجدة. وكذا جعل ﷺالخيرية في الرجال؛ فيمن كان فيه خير لأهله ؛ قال ﷺ: “خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي، وإذا مات صاحبكم فدعوه”(الترمذي، د.ت، مج٦، ٣٨٩٥ ، ١٨٨) وهكذا حفظت الشريعة للمرأة المسلمة كرامتها، وعرضها، وحسبنا في ذلك ما أنزله الله تعالى من عقوبة، كتبها وقدرها على من تعدى على عرض مسلمة، أو قذفها، أو بهتها، وحظيت المرأة المسلمة بمكانة عظيمة ورفيعة عند رسول الله ﷺ، يعطف عليها ويرحمها ويقضي لها حوائجها، ويشيد بها، ويسمع لها ويجيبها، ويقبل شفاعتها، كقول النبي ﷺ لأم هانئ بنت أبي طالب- لما أجارت رجلا (قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ) (البخاري، ١٩٨٧، مج١، ٣٥٧، ٨٠)، وقد استمر ﷺ في توصيـة الأمـة بالنساء في كل وقت وحين، لدرجة أنه حرص على الإشارة إلى حقهـن في خطبـة الـوداع حيث قال: “ألا واستوصوا بالنساء خيرا فإنما هـن عـوان عندكم” (الترمذي، ١٩٨٦، مج٢، ١١٦٣، ٤٥٥).
- مبدأ الحرية المنضبطة: أعطيت المرأة المسلمة في العهد النبوي مطلق الحرية في التصرف في شؤونها، وفي ممتلكاتها تحت أحكام الشريعة السمحة، ولها الحق المطلق في اختيار شريك حياتها، وليس لوليها إجبارها على أن تنكح من يريد، وليس له عضلها أو قهرها؛ بل حفظت لها الشريعة حقوقها؛ إن تزوجت، وتبين لها عدم التوافق بينهما، أو صعوبة إكمال حياتها معه، فأعطتها كامل الحق في فسخ نكاحها، تأكد ذلك من فعل الخنساء بنت خدام الأنصارية رضي الله عنها؛ حيث ذكرت: أن أباها زوجها وهي ثيب، فكرهت ذلك، فأتت النبي ﷺ، «فرد نكاحه»(البخاري، ١٩٨٧، مج٧، ٥١٣٨، ١٨) ، وقد شفع النبي ﷺ في بريرة رضي الله عنها، لترجع لزوجها مغيث، إذ كان يحبها حبا شديدا، وكانت له مبغضة، فقالت “لاحاجة لي فيه”(البخاري، ١٩٨٧، مج٧، ١٢٨٣، ٤٨). ولم يمنعها النبي ﷺ، ولم يوبخها؛ بل أعطاها مطلق الحرية في رأيها.
- مبدأ المشاركة : معلوم أن طبيعة المرأة غير طبيعة الرجل، لذلك لم يوجب الله سبحانه وتعالى على النساء الخروج إلى الجهاد، وذلك راجع إلى التكوين النفسي والبدني للمرأة الذي لم يعد لهذا الشأن، وإنما أعد لمهام نبيلة وشريفة تتعلق بتربية الأجيال، وصيانة الأسرة والمجتمع ، وقد بين القرآن الكريم أن المرأة ليست كالرجل فقال سبحانه: [وَلَيۡسَ ٱلذَّكَرُ كَٱلۡأُنثَىٰۖ ] (آل عمران: 36)، و المرأة لم تعد للخصومات والمناكفات، فقال سبحانه: [أَوَمَن يُنَشَّؤُاْ فِي ٱلۡحِلۡيَةِ وَهُوَ فِي ٱلۡخِصَامِ غَيۡرُ مُبِين] (الزخرف: 18). فمن أراد إلغاء هذه الفوارق بين جنس الرجال وجنس النساء، فهو يتخطى الفطرة، ويكابر عقله، فالمطلوب هنا هو تمكين المرأة من حق المشاركة في الأحداث الكبرى بما يناسب طبيعتها، وحشمتها، ودليل ذلك لما جاءت بعض الصحابيات العفيفات الحريصات على الخير، يسألن النبي ﷺ الإذن في الجهاد، أرشدهن إلى نوع آخر من الجهاد يليق بمقامهن وهو الحج والعمرة، ففي الحديث عن عائشة أم المؤمنين عن النبي ﷺ: “سَأَلَهُ نِسَاؤُهُ عَنِ الْجِهَادِ فَقَالَ: نِعْمَ الْجِهَادُ الْحَجُّ” (البخاري، 1422ه، رقم 2886). وفي رواية أخرى للحديث قالت عائشة: يا رسول الله، على النساء جهاد؟ قَالَ: “نَعَمْ، عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لَا قِتَالَ فِيهِ، الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ” (ابن ماجه، د.ت ،مج٤، ٤٠٤،2901). كما روي في ترجمة أسماء بنت يزيد الأشهلية أنها أتت النبي ﷺ وهو بين أصحابه، سفيرة عن النساء لتسأله هل يشاركن – أي النسوة – الرجال في الأجر والخير، حين قالت: (إن الله بعثك إلى الرجال والنساء كافة ، أمنا بك وبإلاهك، وإنا معشر النساء محصورات مقصورات، قواعد بيوتكم، ومقضي شهواتكم، وحاملات أولادكم، وأنكم – معشر الرجال- فضلتم علينا بالجمع والجماعات، وعيادة المرضى، وشهود الجنائز، والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله وإن الرجل إذا خرج حاجاً أو معتمراً أو مجاهداً، حفظنا لكم أموالكموغزلنا أثوابكم، وربينا لكم أولادكم، أفما نشارككم في هذا الأجر والخير؟ فالتفت النبي ﷺ إلى أصحابه بوجهه كله، ثم قال: هل سمعتم مقالة امرأة قط أحسن من مساءلتها في أمر دينها من هذه؟ فقالوا: يا رسول الله، ما ظننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا. فالتفت النبي ﷺ إليها فقال: أفهمي أيتها المرأة، وأعلمي ومن خلفك من النساء، أن حسن تبعل المرأة لزوجها وطلبها مرضاته، واتباعها موافقته، يعدل ذلك كله. فانصرفت المرأة وهي تهلل)(ابن الأثير، ١٩٩٤، ج٧، ١٩ ).ومع هذا كله لم تكن المرأة في العهد النبوي بمنأى عن الأحداث فيما تعلق بالجهاد في سبيل الله، فقد مُكِّنِتْ المرأة من القيام بأدوار مهمة، ومن ذلك خروج الصحابيات في الغزوات مع رجالهن، والقيام بدعم وإسناد المسلمين، بسقيا الماء ومداواة الجرحى، ففي حديث أنس بن مالك. قال: “كَانَ رَسُولُ الله ﷺ يَغْزُو بِأُمِّ سُلَيْمٍ. وَنِسْوَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ مَعَهُ إِذَا غَزَا فَيَسْقِينَ الْمَاءَ وَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى”. (مسلم، ١٩٩٨،مج٥ ، 1810، ١٩٦). فعدم تكليف المرأة بمباشرة القتال كالرجال لا يعني إلغاء دورها في صناعة الأحداث الكبرى في زمن الحرب، بل الذي يظهر من هذا العرض واستقراء النصوص أن المرأة لم تكن رقما هامشيا في المجتمع بل كانت فاعلة ومشاركة، فكانت تقوم بأدوار عدة مثل: سقاية العطشى، ومداواة الجرحى، والمشورة بالرأي، ومناولة السهام، وأحيانا الإجهاز على قتلى المشركين، ورد جرحى المسلمين إلى المدينة، كل ذلك مع مراعاة خصوصية الأنثى(العودة، ٢٠١٤، 93).
- مبدأ الاستقلالية: تمتلك المرأة أهلية في التصرف في مالها ولا يسقط عقد الزواج هذا الحق عند المرأة كما هو الشأن في القانون الغربي، ولها الأهلية الكاملة لمزاولة أعمالها وممارسة تجارتها، ولها أن تتعاقد عن طريق البيع أو الشراء أو الهبة أو الوصية كالرجل. (طاحون، 2012).قال تعالى: [لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا ۖ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ ۚ ](النساء:٣٢). فالمرأة في الاسلام لها “حق التملك وحق التعامل والتصرف في مالها كله أو بعضه بكافة صور وأساليب الكسب المباح والوسائل المشروعة؛ من استثمار، وتجارة، وإنفاق، وبيع وشراء، وإجارة، ومضاربة، ومزارعة، وتبرع، وهبة، ووصية، وتصدق، وإقراض، وتنازل، وإعارة، ورهن.. ولها أن تُبرم العقود المالية والتجارية بنفسها دون وسيط، وأن تُوكل عنها في مالها، وأن تَضمن غيرها، وأن تخاصم الغير في حقوقها المالية أمام القضاء.. إلى غير ذلك من صور المعاملات المالية والاقتصادية؛ كل ذلك من غير سلطان أو إذن أو إشراف من وليها أو زوجها دون إرادتها” (شداد، د.ت).
المبحث الثالث: مجالات تمكين المرأة في العهد النبوي
اهتم النبي ﷺ بـالمرأة واعتبرها جزء من المجتمع تساهم في رفعته وتقدمه، وأعطاها مكانتها في احترام رأيها وإبراز مواهبها وقدراتها، ولم تعامل بدونيه أو تجاهـل، أثمرت هذه المكانة التي أولاها الإسلام للمرأة في حكمتها وشجاعتها وتضحيتها من أجل كلمة التوحيد وغرسها في أبنائها ليساهموا في بناء المجتمع الإسلامي ونشـر الإسـلام وتأسيس الحضارة الإسلامية التي امتدت في مشارق الأرض ومغاربها، يضاف لذلك أن هؤلاء النسوة خلدن بمسيرتهن العطرة نماذج يحتذى بهـا للأجيال اللاحقة، ونماذج تفخر بها كل امرأة مسلمة تستشهد بها لإسكات مـن يدعي بأن الدين الإسلامي فيه كبت لحرية المرأة وعدم انصاف لها، وتجاهـل لقدراتها (الشيباني، ٢٠١٩، ٦٤٣). وسوف نتناول بعض الأدوار الاجتماعية التي مُكنت منها المرأة في العهد النبوي.
أولاً: تمكين المرأة من التعليم ونشره
اهتم النبي ﷺ بتعليم المرأة وتثقيفها في كل ما يصلح شأنها في دينها ودنياها، فخصص يوم لتعليمها ماينفعها، وأذن لها بحضور المساجد والعيدين، وشجعها على السؤال عن أمور دينها كما حثها ﷺ على تبليغ علمها، وسنقتصر على عرض بعض نماذج تعليم المرأة في العهد النبوي :
منذ بعثته ﷺ بـل مـنـذ الأيـام الأولـى مـن الـبـعـثـة وهـو يـهـتـم بـأمـر النساء ويعلمهن أمور دينهن ، فقد بدأ بـدعـوة أهل بيته امتثالاً لأمر ربه في قوله تعالى : [ وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ] (الشعراء : ٢١٤) . فكانت خديجة بنت خويلد أم المؤمنين – رضي الله عنها – أول النساء إسلاماً (ابن كثير ، ١٩٧٦، ٤٣٧). وأوصى النساء بآداب تحفظ لهن كرامتهن ، فقال ﷺ : ” إذا شهدت إحداكن العشاء ، فلا تطيب تلك الليلة “(مسلم، ١٩٩٨، مج٢، ٤٤٣، ٣٣). وطلبت المرأة العلم وهي ملتزمة بآداب الشرع قالت عائشة -رضي الله عنها – : ” نعم النساء نساء الأنصار لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين “(مسلم، ١٩٩٨، مج١، ٣٣٢، ١٧٩ ). وللرسول ﷺ أكثر من خطاب اجتماعي موجه للمرأة يحثهن على تماسك العائلة وترابطها ،فقد أخرج الشيخان في صحيحيهما عن أسماء بنت أبي بكر الصديق –رضي الله عنها- ،قالت :”قدمت على أمي وهي مشركة في عهد رسول الله ﷺ ، فاستفتيت رسول الله ﷺ قلت: وهي راغبة أفاصل أمي؟ قال :نعم صلي أمك”.(البخاري، ١٩٨٧، مج٣، ٢٦٢٠، ١٦٤). وكانت المرأة تحرص على تعلم العلوم ابتداء بأعظمها وهو تعلم القرآن الكريم ، من النبي ﷺ ، فعن “أم هشام بنت حارثة رضي الله عنها قالت : ما أخذت [ق ۚ وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ] (ق : 1)، إلا عن لسان رسول الله ﷺ يقرؤها كل يوم جمعة على المنبر إذا خطب الناس ” ( مسلم، ١٩٩٨، مج٣، ٨٧٣، ١٣) . كما حفظت المرأة الحديث من النبي ﷺ ، فهذه عائشة أم المؤمنين زوجة النبي ﷺ أفقه نساء الأمة على الإطلاق ، روت ألفين ومئتين وعشرة أحاديث ، اتفق لها البخاري ومسلم على مئة وأربعة وسبعين حديثا، قال الذهبي -رحمه الله – : ولا أعلم في أمة محمد ﷺ بل ولا في النساء مطلقاً امرأة أعلم منها ، وكذلك حفصة بنت عمر بن الخطاب زوجة النبي ﷺ، وأم سلمة هند بنت أبي أمية بن المغيرة روتا عنه ﷺ عدداً من الأحاديث (الذهبي،١٩٨٥، ج٢ ، ١٣٥). ومن حرص الصحابيات على طلب العلم وتعليمه سؤالهن النبی ﷺ أن يجعل لهن يومًا يلقاهن فيه ويعلمهن دينهن ، فعن أبي سعيد-رضي الله عنه – : « أنّ النساء قلن للنبي ﷺ : اجعل لنا يوما فوعظهن ، وقال : أيما امرأة مات لها ثلاثة من الولد ، كانوا حجابا من النار . قالت امرأة : واثنان؟ قال : واثنان »(البخاري، ١٩٨٧، مج٢، ١٢٤٩، ٧٣)، ومن أبرز النساء العالمات و الفقيهات في العهد النبوي عائشة رضي الله عنها وعمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية وعائشة بنت سعد بن أبي وقاص وفاطمة بنت المنذر بن الزبير (الذهبي، ١٩٨٥، ج٤، ٥٠٨). وللمرأة المسلمة دور فاعل في الثقافة، فقد ظهرت في اللغة والأدب شاعرات مثل الخنساء تماضر بنت عمرو السلمية، التي كان النبي ﷺ يُحب شعرها، ، ومنهن من اعتنت بالخط والقراءة والكتابة، وبرعت فيها؛ فعن الشفاء بنت عبد الله بن شمس.
ثانياً :تمكين المرأة من العمل
امتهنت المرأة في العهد النبوي العديد من المهن ، وكان العمل مقترن بقدرة المرأة الجسدية والنفسية، على أن لا يشغلها العمل عن وظيفتها في الأسرة وتربية الأبناء والعناية بهم وتفقد أحوالهم، وتعددت الشواهد في العهد النبوي التي توضح قيمة العمل بالنسبة للمرأة المسلمة ، قال رسول الله ﷺ مخاطبًا أمهات المؤمنين :”أسرعكن لحوقًا بي أطولكن يدًا “قالت السيدة عائشة-رضي الله عنها-:”فكنا نتطاول أينا أطول يدًا، قالت :فكانت زينب أطولنا يدًا لأنها كانت تعمل بيدها وتتصدق” (ابن الأثير ،1994 ، ص130) وقد عملت المرأة في العهد النبوي في العديد من المجالات منها :
١-الطب والتمريض: امتهنت المرأة المسلمة في العهد النبوي مهنة مداواة الجرحى واكتسبن ذلك من ساحة الجهاد، يداوين الجرحى بالعلاج والسقيا والإطعام، والشواهد التاريخية كثيرة على مشاركة المرأة في الغزوات، فلا نعلم غزوة من الغزوات لم تخرج النساء فيها للتطبيب والتمريض، كما وصف عروة بن الزبير أم المؤمنين عائشة بقوله: (ما رأيت أحد أعلم بفقه ولا بطب ولا بشعر من عائشة) (ابن الأثير،١٩٩٤ ، ١٩١)، ومن النساء اللاتي خرجن مع الجيش لخدمة الرجال وتمريض الجرحى الربيع بنت معوذ بن عفراء الأنصارية (ابن الأثير،١٩٩٤ ، ١٠٧). وأم عطيه الأنصارية رضي الله عنها قالت: (غزوت مع رسول الله ﷺ سبع غزوات كنت أخلفهم في رحالهم، وأصنع لهم طعامهم وأداوي الجرحى) (ابن سعد،١٩٩٠ ، ٣٣٣).
٢-التجارة: كان للمرأة حضور متميز فيما يتعلق بالتجارة عموماً أمثال أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد التي كانت ذات شرف ومال، وكان لها تجارة تبعث بها للشام، تستأجر الرجال من مالها وقد عرضت على النبي ﷺ أن يخرج في مالها لما بلغها من صدق حديثه وعظيم أمانته وكرم أخلاقه وقبل رسول الله ﷺ وخرج إلى سوق بصرى وباع سلعته التي خرج بها، واشترى غيرها وربحت ضعف ما كانت تربح قبل زواجها منه ﷺ (ابن سعد،١٩٩٠ ،١٢)، وأم المؤمنين السيدة زينب بنت جحش كانت تقوم ببعض الصناعات وتبيع وتشتري .(ابن الأثير، ١٩٩٤، ١٢٦).
٣-الزراعة: شاركت المرأة في العهد النبوي في مجال الزراعة ، فقد كان للكثيرات أراضٍ زراعية في المدينة وما حولها يقمن باستثمارها والعمل فيها بأنفسهن أو عن طريق استخدام عبيد وإماء مملوكين لهن، ومن ذلك أسماء بنت أبي بكر التي كانت عوناً لزوجها تؤازره على شظف العيش وقسوة الحياة و قامت بكثير من الاعمال داخل المنزل وخارجه. “فعن هشام بن عروة عن أبية عن أسماء بنت أبي بكر قالت: تزوجني الزبير وماله في الأرض مال ولا مملوك ولا شيء غير فرسه. قالت: فكنت أعلف فرسه وأكفيه مؤونته وأسوسه وأدق النوى الناضحة وأعلفه وأسقيه الماء وأخرز غربه وأعجن ولم أكن أحسن أخبز فكان يخبز جارات لي من الأنصار وكن نسوة صدق قالت: وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله على رأسي وهي على ثلثي فرسخ” (ابن سعد، ١٩٩٠، ١٩٧)، وكذلك خالة جابر بن عبدالله التي احتاجت للعمل خارج بيتها وهي تعيش فترة عدة الطلاق فقد روى الإمام مسلم في صحيحة أن جابر بن عبدالله قال: طُلقت خالتي فأرادت أن تجدّ نخلها فزجرها رجل أن تخرج، فأتت النبي ﷺ فقال: (بلى فجدّي نخلك، أن تصدقي أو تفعلي معروفاً) (مسلم، ١٩٩٨، ، ١٤٨٣، ٦١٨).
٤-تربية الماشية:انتشرت في المدينة حرفة الرعي وامتلكت العديد من النساء ثروات حيوانيـة كـان يتولى رعيها غالباً ابناؤهن الصغار أو عبيدهن ومنهن أنيسة بنت خبيب بن يساف بن عتبة (ابن سعد، ١٩٩٠ ، ٣٣٥)
٥- الحسبة : من أعظم الواجبات الدينية التي نص عليها القرآن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والاحتساب على أصحاب المناكير الظاهرة، وذكر الله سبحانه أن من أخص خصائص المؤمنين والمؤمنات الأمر بالمعروف والنهي على المنكر، فقال:[وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتُ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡض يَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَيُطِيعُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ أُوْلَٰٓئِكَ سَيَرۡحَمُهُمُ ٱللَّهُۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٞ] (التوبة: 71).والمرأة المسلمة داخلة ضمن هذا الخطاب، فلها أن تأمر وتنهي في حدود ما أباح لها الشرع، ولها أن تحتسب على المنكرات ،ويجد من تتبع السيرة النبوية أن المرأة المسلمة لم تتخل عن دورها في الحسبة، فقد مكنت من هذا الحق، وأعطيت هذه الصلاحية بضوابطها الشرعية. يقول ابنُ النحَّاس الدمشقي ” قلت: وفي ذكره تعالى:(والمؤمنات) هنا دليل على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على النساء كوجوبه على الرجال حيث وجدت الاستطاعة “. (ابن النحاس، ١٩٨٧، 20 ). وممن كان لهن دوراً في ذلك الشفاء بنت عبدالله العدوية (ابن الأثير، ١٩٩٤، ١٦٢).
٦- الأعمال الحرفية:برزت المرأة في النشاط الحرفي الذي رفع الاسلام من شأنة، وكان لها دوراً بارزاً فيه فكان منهن النساجات والغزالات والدباغات، وكانت أمهات المؤمنين – رضي الله عنهن- القدوة في هذا المجال فقد كانت زينب بنت جحش دابغة ماهرة كانت تعمل في الدباغة في بيتها وتقوم بانفاق ما ياتيها من واردات الدباغة تلك في اعمال البر والصدقة(ابن سعد،١٩٩٠، ٨٦)، فيما عملت صحابيات اخريات -رضي الله عنهن- في هذه الحرفة أمثال: أسماء بنت عميس التي كان لها خبره في دبغ الجلود ، أذا دبغت في ليلة أربعين أهاباً من أدم بالإضافة إلى قيامها بالأعباء المنزلية(ابن سعد،١٩٩٠ ، ٢٢٠).
ثالثاً: تمكين المرأة من المسؤولية المجتمعية:شاركت المرأة في العهد النبوي بالعديد من الأدوار الاجتماعية، وأسندت إليها وظائف ساهمت في تعزيز مشاركتها الاجتماعية وفق رؤية شاملة وازنت بين طبيعتها الفطرية وبين متطلبات المجتمع مما أكسب عملها بعدًا حضاريًا وانسانيًا ومن ذلك: القابلة التي كانت تقوم بدور حيوي في مساعدة النساء على الولادة، ومتابعة أحوال المولود والأم بعد الوضع، وقد ورد في كتب السيرة أن بعض القابلات ارتبطن بأمهات المؤمنين والصحابيات ومنهن سلمى – خادمة السيدة خديجة – تحيط بولادتها الأولى للنبي ﷺ (ابن سعد، ١٩٩٠، ١٨١). إلى جانب المرضعة: حيث أقر الإسلام للنساء أن يرضعن أبناء غيرهن إذا دعت الحاجة بشروط ومنهن أم يوسف أمرأه أبي سيف مرضعة ابراهيم ابن رسول الله ﷺ (ابن حجر، ٢٠٠٥، ٩٨). “وكانت الماشطة تعنى بتزيين العروس وتجهيزها ليلة زفافها “(ابن حجر، ٢٠٠٥، ٤٢٥) .ومن أشهرهن ماشطة السيدة خديجه أسماء الأشهليه التي زينت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لرسول الله ﷺ (ابن الأثير،١٩٩٤ ،٢٠ ). إلى جانب ذلك اضطلعت المرأة بأدوار متعددة كغسيل الموتى مثل أم عطية الأنصارية وهو دور يعكس مسؤولية المرأة الاجتماعية والدينية، ومن جهة أخرى ساهمت المرأة في الترفيه المباح كالغناء في الأعياد والأعراس، ومن جانب آخر شاركت المرأة في غسيل الموتى فقد اشتهرت أم عطية نسيبة بنت الحارث الانصارية في العهد النبـوي بذلك (ابن سعد، ١٩٩٠، ٣٣٣).
رابعاً:تمكين المرأة من تربية الأولاد: المرأة هي مرتكز التربية ، والإعداد الرباني لأجيال المستقبل، والأولاد هم أمل الأمة ولذا اهتم العهد النبوي بإعداد المرأة المسلمة الإعداد اللائق بها، وبالدور الذي تنتظره أمتها منها؛ وهو تربية واعداد الأولاد ولبيان ذلك نشير الى صور دور المرأة في العهد النبوي أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها – فقد كانت لها يد طولي في دعم النبي ﷺ ومؤازرته، فقد كانت هي زوجة رسول الله ﷺ الوحيدة مبدأ مبعثه، وكانت نعم الزوجة والسند له ﷺ(الحداري،٢٠١٢، ٦٢ ) . ومما يبين لنا عظم مكانتها عنده ﷺ ما روته أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – قالت : كان النبي ﷺ إذا ذكر خديجة أثنى عليها، فأحسن الثناء. قالت : فغرت يوما، فقلت: ما أكثر ما تذكرها، حمراء الشدق، قد أبدلك الله عز وجل بها خيرا منها. قال: “ما أبدلتي الله عز وجل خيرا منها، قد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله عز وجل ولدها إذ حرمني أولاد النساء”(ابن حنبل، د.ت، مج٤١، ٢٤٨٦٤، ٣٥٦ ). ومن المهارات التي تمارسها المرأة المسلمة، وتنميها في أولادها منذ النشأة، إلى أن يصبحوا كبارًا يقومون بدورهم المنشود في أمتهم تربيتهم على الجهاد والشجاعة والصبر، فمن كريم عناية الله بهذه الأمة أن جعل الأمثلة التي سطرتها المرأة المؤمنة أكثر أن تعد أو تحصى، ولذلك نشير إلى أمثلة تنبأ من عن عظيم هذه العناية، فمن ذلك أم سليم بنت ملحان وابنها أنس: كما ضربت أم سليم – رضي الله عنها – مثلاً آخر في تقديم خدمة رسول الله على خدمتها، فها هي تقدم ابنها أنس رضي الله عنه ليخدم رسول الله ﷺ ولا يفارقه، “فعن أنس مالك رضي الله عنه ، قال: جاءت بي أمي إلى رسول الله ﷺ وقد أزرتني بنصف خمارها، وردتني بنصفه، فقالت: يا رسول الله، هذا أنيس ابني أتيتك به يخدمك، فادع الله له. فقال: (اللهم أكثر ماله وولده). قال أنس: “فوالله إن مالي لكثير، وإن ولدي وولد ولدي ليتعادون” (مسلم، ١٩٩٨، مج٧، ٢٤٨١، ١٥٩ ) . وعنه ﷺ قال: “دخل النبي – – علينا، وما هو إلا أنا وأمي وأم حرام خالتي، فقال: (قوموا فلأصلي بكم) – في غير وقت صلاة – . فصلى بنا، ثم دعا لنا أهل البيت، بكل خير من خير الدنيا والآخرة. فقالت أمي: يا رسول الله، خويدمك، ادع الله له. قال: فدعا لي بكل خير، وكان في آخر ما دعا لي به أن قال: اللهم أكثر ماله، وولده، وبارك له على نحو المائة اليوم” (مسلم، ١٩٩٨، مج٢، ٦٦٠، ١٢٧)
خامساً :تمكين المرأة من المشورة وابداء الرأي والمحاورة: فمن من الأدوار الاجتماعية التي مكنت منها المرأة في العهد النبويمشورتها والأخذ برأيها ، نص على ذلك القرآن الكريم في قوله تعالى: [وَأَمۡرُهُمۡ شُورَىٰ بَيۡنَهُمۡ ] (الشورى: 38) وقوله تعالى: [ فَٱعۡفُ عَنۡهُمۡ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ وَشَاوِرۡهُمۡ فِي ٱلۡأَمۡرِۖ فَإِذَا عَزَمۡتَ فَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ] (آل عمران: 159) ، وطبقه النبي ﷺ عملياً في حياته وسيرته مع أصحابه، فلم يمنع النبي ﷺ كونه في مقام النبوة، وأنه مؤيد من السماء، أن يعمل بمبدأ الشورى مع زوجاته وأصحابه، وكأنه أراد أيغرس في نفوسهم أهمية الاستشارة والتشاور، وأن العقل الواحد لا يستطيع أن يدرك المصلحة، دون النظر في آراء الآخرين ممن يظن فيهم الخير والنصح للمسلمين. فقوله تعالى: (وأمرهم شورى بينهم) أي يتشاورون في الأمور. والشورى مصدر شاورته، فكانت الأنصار قبل قدوم النبي ﷺ إليهم إذا أرادوا أمرا تشاوروا فيه ثم عملوا عليه، فمدحهم الله تعالى به…قال الحسن: ما تشاور قوم قط إلا هدوا لأرشد أمورهم (القرطبي، 1964، 36). وقوله تعالى(وشاورهم في الأمر) أي: الأمور التي تحتاج إلى استشارة ونظر وفكر، فإن في الاستشارة من الفوائد والمصالح الدينية والدنيوية ما لا يمكن حصره…منها: أن فيها تسميحا لخواطرهم، وإزالة لما يصير في القلوب عند الحوادث، فإن من له الأمر على الناس -إذا جمع أهل الرأي: والفضل وشاورهم في حادثة من الحوادث- اطمأنت نفوسهم وأحبوه، وعلموا أنه ليس بمستبد عليهم، وإنما ينظر إلى المصلحة الكلية العامة للجميع، فبذلوا جهدهم ومقدورهم في طاعته، لعلمهم بسعيه في مصالح العموم. (السعدي، 2000، 154).بناء على هذا، وبمجرد إلقاء نظرة على مجريات السيرة النبوية، خاصة في ما تعلق بدور المرأة المسلمة في الأحداث المهمة في العهد النبوي، يجد أن النبي ﷺ أعطى المرأة حقها في المشورة والاستشارة، ومكنها فعلا من تبوء هذه المنزلة، التي تتطلب عقلا رجحا، ورأيا صوابا، على عكس ما يحاول بعض الناس تصويره، من أن المرأة في التصور الإسلامي ناقصة عقل فلا حاجة ولا قيمة لاستشارتها، وهذه كلها مفاهيم مغلوطة، يكذبها التطبيق النبوي العملي لتمكين المرأة من حق الاستشارة، وشواهد ذلك في عهد النبي ﷺ كثيرة، لعلنا نذكر بعضها على سبيل التمثيل لا الحصر.
من ذلك أن النبي ﷺ استشار زوجه خديجة بنت خويلة في أحلك الظروف، وهو نزول الوحي عليه في غار الحراء، وهو لا يدري هل نبئ أما لا ؟ أم أصابه شيء خاف على نفسه منه، فقد “رجع إليها يرجف فقال: زملوني ، فزملوه، حتى ذهب عنه الروع، فقال يا خديجة: ما لي؟ وأخبرها الخبر. وقال: “قد خشيت على نفسي” فقالت له: كلا، أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل وتكسب المعدوم، وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق، ثم انطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي، وهو ابن عم أخي أبيها”. (البخاري،١٩٨٧، مج١، ٣، ٧).الشاهد من هذا أن خديجة كانت المرأة الوحيدة للنبي ﷺ ، وهي امرأة حصيفة عاقلة، استشارها النبي ﷺ في أهم محطات حياته، إنه النقطة الفاصلة بين مقام البشرية ومقام النبوة، اختار النبي ﷺ مشورتها من بين جميع من حوله، فكانت إشارتها بالثبات والتبشير، والاستدلال العقلي بقرائن الأوحال على خيرية الشيء الذي أتاه، ولم تكتف بذلك بل وسعت دائرة الاستشارة إلى خبير آخر، وهو ابن عمها ورقة بن نوفل.(الحداري، ٢٠١٢ ،14).ومن مظاهر التمكين الاجتماعي للمرأة في ما تعلق بالشورى واستشارة النساء الفاعلات في المجتمع، قصة أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها في صلح الحديبية، “حين امتنع الصحابة عن التحلل من عمرتهم وذبح الهدي، كما أمرهم النبي ﷺ ، عسى أن يغير رأيه، فكانت مشورة أم المؤمنين أم سلمة هي التي أنقذت الموقف، ففي صحيح البخاري: “قال رسول الله ﷺ لأصحابه: قوموا فانحروا ثم احلقوا، قال: فو الله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة، فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة، يا نبي الله، أتحب ذلك، اخرج ثم لا تكلم أحدا منهم كلمة، حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك. فخرج فلم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك، نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا، حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما”. (البخاري، ١٩٨٧، مج٣، 2732 ، ١٩٣). فمن فوائد هذا الحديث أن “فيه قبول رسول الله ﷺ إشارة أم سلمة عليه بأن يبدأ بنحر هديه وحلق رأسه دليل على جواز مشاورة النساء وقبول قولهن إذا كن مصيبات فيما يشرن به” (الخطابي، ١٩٣٢،ج 2، 333). و “في هذا الحديث نجد الرسول ﷺ قد استشار زوجه أم سلمة رضي الله عنها، وأخذ برأيها في أمر من أهم أمور المسلمين في تلك الواقعة ، وفي ظرف سياسي بالغ الخطورة، ومع أن كل من آمن به مان متواجدا في تلك الواقعة، ومنهم كبار الصحابة رضوان الله عليهم إلا أن الرسول التفت إلى أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها دون غيرها وطلب منها المشورة، وأمضى رأيها الذي رأته، وما ذلك منه إلا بيان للمسلمين حينها، وللأمة الإسلامية جمعاء بمكانة المرأة وقدرها ورأيها ومشاركتها للقرارات المصيرية التي تهم الأمة الإسلامية” (شرف الدين، 2008 ، 91).كما شارك النبي – رسول الله ﷺ -زوجاته في الحوار في قضايا القتال وقضايا الشريعة والحجاب والصدقات والزكاة وقضايا المجتمع وحاجات الناس وقضايا المرأة عامة . وكان هدي الرسول ﷺ أن يتيح المجال للمرأة لتطرح أفكارها وتقول مافي نفسها ،فلا يصادر حقها في محاورته مع علمه المسبق بما في نفسها (الزعبي، 2009، 56)، ومن ذلك أن امرأة جاءت إلى النبي ﷺ فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فماتت قبل أن تحج أفأحج عنها؟ قال: “نعم حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته” ،قال:نعم ،فقال:”فأقضوا الذي له، فإن الله أحق بالوفاء”،(البخاري، ١٩٨٧، مج٣، ١٨٥٢، ١٨) فلم يكتف النبي ﷺ بجوابها على سؤالها، بل حاورها، وحاججها، وضرب لها مثالاً، حتى يكون الجواب أبلغ، وحتى يوصلها إلى القناعة التامة بالجواب من خلال الحوار الإيجابي البناء. وفي عهد النبوة يوجد اهتمام بالحوار ،ودوره في تربية المجتمع ، وتشجع للمرأة على استخدام الحوار ، وليس يقتصر على الرجال ، بل شمل الرجال والنساء على حد سواء (الزعبي، 2009، 65) . وقد مكنت المرأة في العهد النبوي من حق البيعة الشرعية ، ولم تتخلف المرأة بل كانت لها مشاركة في صنعه، ومكنت كحق من حقوقها ، ولكن مع الضوابط الشرعية المعروفة، وهي الاكتفاء بالبيعة لفظاً دون مصافحة الرجال, فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله ﷺ “كَانَ يَمْتَحِنُ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ بِهَذِهِ الْآيَةِ بِقَوْلِ اللهِ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} إِلَى قَوْلِهِ: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَنْ أَقَرَّ بِهَذَا الشَّرْطِ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ، قَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَدْ بَايَعْتُكِ، كَلَامًا، وَلَا وَاللهِ مَا مَسَّتْ يَدُهُ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ فِي الْمُبَايَعَةِ، مَا يُبَايِعُهُنَّ إِلَّا بِقَوْلِهِ: قَدْ بَايَعْتُكِ عَلَى ذَلِكِ” (البخاري، ١٩٨٧،مج٦ ، 4٨٩١، ١٥٠ ). فقوله: قد بايعتك كلاما أي يقول ذلك كلاما فقط لا مصافحة باليد كما جرت العادة بمصافحة الرجال (ابن حجر، ١٩٦٠، ج٨، 636 )
سادساً: تمكين المرأة من الاعتماد على ذاتها: حث النبي ﷺ المرأة على الاعتماد على نفسها في أكثر من مناسبة، ومن ذلك إذنه العام للمرأة الرشيدة أن تخرج لممارسة ما تحتاج إليه في المجتمع، فعن عائشة – رضي الله عنها – قالت: خرجت سودة بنت زمعة ليلاً فرأها عمر فعرفها، فقال: إنك والله يا سودة ما تخفين علينا. فرجعت إلى النبي ﷺ فذكرت ذلك له وهو في حجرتي يتعشى وإن في يده لعرقا – فأنزل عليه، فرفع عنه، وهو يقول: (قد أذن الله لكُنّ أن تخرجن لحوائجكن (البخاري،١٩٨٧ ، مج٦، ٤٧٩٥، ١٢٠). قال ابن بطال: “في هذا الحديث دليل على جواز خروج النساء لكل ما أبيح لهن الخروج فيه من: زيارة الآباء، والأمهات، وذوى المحارم، والقرابات، وغير ذلك، مما يعرف الحاجة إليه، وذلك في حكم خروجهن إلى المساجد”(الحنفي، ٢٠٠٦، ٧٣٢٥) .
سابعاً: تمكين المرأة من إدارة الأزمات: تمكنت المرأة المسلمة من مواجهة الأزمات في العهد النبوي، وإثبات صبرها وثباتها على ظروف الحياة، ومواجهتها بكل شجاعة ،وذلك احتساباً لله عز وجل في الصبر على البلاء ونحوه، من النساء اللاتي تمكنت من إدارة الأزمات ، واستطاعت من مواجهة التحديات في العهد النبوي أسماء بنت أبي بكر ، فعندما هاجر النبي ﷺ ووالدها أو بكر –رضي الله عنه- إلى المدينة “روى البخاري بسنده إلى أسماء رضي الله عنها قالت :”صنعت سفرة رسول الله في بيت أبي بكر حين أراد أن يهاجر إلى المدينة قالت: فلم نجد لسفرته ولا لسقائه ما نربطهما به فقلت لأبي بكر :والله ما أجد شيئا أربط به إلا نطاقي: قال فشقيه باثنين فاربطيه بواحد السقاء وبالآخر السفرة ففعلت فلذلك سميت ذات النطاقين”(الشيباني، 2019 ، 240). وواجهت سمية رضي الله عنها نتيجة لإسلامها أنواع التعذيب فصبرت واحتسبت ولم تبدل دينها، وقدمت مثال عملي في التضحية والثبـات، حيـث روي أن بني المغيرة بن عبد الله بن مخزوم عذبوها لتبدل دينها من الإسـلام إلى عبادة الأوثان وهي تأبى غيرة حتى قتلوها، وكـان رسـول الله ﷺ يمـر بعمار وبأمه وهم يعذبون بالأبطح في رمضاء مكة فيقول: صـبرا آل ياسـر فإن موعدكم الجنة (ابن اسحاق، ٢٠٠٤، ج٤، ١٧٢).
المبحث الرابع: التطبيقات المعاصرة لتمكين المرأة السعودية و المستمدة من التمكين الاجتماعي للمرأة في العهد النبوي.
بعد أن عرضنا مظاهر التمكين الاجتماعي للمرأة في العهد النبوي، سيتناول هذا المبحث بعض صور التمكين الاجتماعي للمرأة السعودية في ضوء التربية النبوية.
أن دور المرأة في المجتمع المعاصر يعد أحد المقاييس التي تعبر عن نمو هذا المجتمع وتطوره ،حيث تقوم المرأة بدورها في مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية، إلى جانب رعاية وتربية الأبناء ،فضلا عن القيام بواجباتها الزوجية، ويزداد عطاء المرأة بصفه خاصة في حالة غياب زوجها سواء كانت أرملة أو مطلقة،حيث تعاني من أعباء مزدوجة تتلخص في قيامها بدورين معا دور الأم ودور الأب ،ومعاناتها أحياناً من عدم المساواة بينها وبين الرجل في التعليم والتدريب والأجور والأمان والكرامة (عبدالله ،2021، 381) .
إلا أن موضوع تمكين المرأة السعودية في السنوات الأخيرة حظي باهتمام ملحوظ من قبل الدولة بأجهزتها المختلفة، وأدرجت المرأة ضمن خططها التنموية لمنحها دوراً ملحوظاً وملموسا للإسهام في التنمية، وتحقيق العدل والمساواة غير المطلقة بين النساء والرجال مع احترام خصوصية كل منهما في ظل خصوصية المجتمع السعودي (عمر،۲۰۲۰، ٦). ومن أبرز صور التمكين الاجتماعي مايلي:
- تعزيز العدالة والمساواة بين الرجل والمرأة
انطلاقا من مبدأ المساواة غير المطلقة فقد اهتمت المملكة العربية السعودية بالمساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات والعمل والميراث والزكاة وفق النصوص الشرعية ،ونالت المرأة حقها في التعليم بجمع مراحله ،وحقها في الرعاية الاجتماعية والصحة ،مع تمتعها بالأهلية القانونية ،والحق في التملك وإدارة الأعمال ،وعملت في العديد من المجالات ،وتولت الكثر من المناصب الرفيعة في الدولة ، وحققت الكثير من المكتسبات.كما عززت المملكة العربية السعودية دور المرأة في جميع مناحي الحياة في ضوء القرآن الكريم والسنة النبوية ، واستطاعت المرأة بالرغم من تحديات الموروث الثقافي الاجتماعي أن تحقق العديد من الإنجازات ؛ حيث أسهمت الرؤية في سن التشريعات لتمكين المرأة السعودية، فكفلت للمرأة حقوق المواطَنة والحماية (عتيبة ، 2020، 331).
- تعزيز دور المرأة القيادي وتدريبها
أشرنا سابقاً إلى أن المشاركة الاجتماعية للمرأة في العهد النبوي بلغت أوجها، ثم ضعفت مشاركة المرأة مع مرور الوقت بسبب البعد عما كان عليه المجتمع النبوي وأصبحت العادات والتقاليد هي التي تتحكم في النظرة الى المرأة (السقاف، ٢٠١٩، ١٣٦) . ومن جهة أخرى فإن تمكين المرأة في المجتمع المعاصر يتطلب وجود المرأة في مناصب قيادية تتطلب حضورها ، والإدلاء برأيها ، ومتابعة عملها، خاصة ما يتعلق بمثيلاتها من النساء، وأهمية ممارستها لأدوارها الاجتماعية في أماكن خاصة بها ، ولاسيما في وقتنا المعاصر، وهذا الحكم قد يأخذ درجة الاستحباب إذا علمنا حاجة المرأة الى الرياضة، وإلى تقوية بدنها من خطر الأمراض التي تقحم النساء اليوم بسبب الركون في البيت من غير عمل، ومشاركة المرأة في ميادين التجارة والعمل وغيرها ؛ إذ أن للبيئة ظروفها، وللواقع تغيراته (القحطاني و آل سعود، 2012، 122).وهذا الاتجاه يهدف إلى رفع نسبة النساء في المناصب القيادية المتوسطة والعليا تحقيقاً لأهداف زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل عن طريق تدريب الكوادر النسائية في مختلف القطاعات سواء في القطاع العام أو الخاص بهدف توفير بيئة مثالية تمكنهن من الحصول على المعلومات التي من شأنها إثراء المعرفة القيادية، وتحقيقًا لـ”زيادة حصة المرأة السعودية في المناصب الإدارية” تم تعيين الدكتورة تماضر بنت يوسف الرماح نائبًا لوزير العمل والتنمية الاجتماعية ، وتعيين الدكتورة إيمان بنت هباس المطيري مساعدًا لوزير التجارة بالمرتبة الممتازة ،وتعيين صاحبة السمو الملكي الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان بن عبد العزيز آل سعود سفيرة في الولايات المتحدة الأمريكية بمرتبة وزير وتعد أول سفيرة في تاريخ المملكة، واستحداث وكالة تمكين المرأة في وزارة الخدمة المدنية ،وتعيين الأستاذة آمال بنت يحيى المعلمي سفيرة في النرويج (الخليل، ٢٠٢١).
- تمكين المرأة في مجال التعليم واستحداث تخصصات جديدة
وفي مجال التعليم “نصت التوجيهات الممكِّنة للمرأة والمحققة للرؤية على استحداث وكالات في الجامعات بمسمى وكالة الجامعة لشؤون الطالبات ، إلى جانب تطبيق برنامج التربية البدنية في مدارس البنات ، وطرح بكالوريوس “الرياضة والنشاط البدني” للطالبات ، واستحداث كلية للهندسة بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن ، وفتح أقسام للطالبات في كليات الهندسة القائمة في الجامعات ، واستحداث جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن 21 برنامجًا تخصصيًا لمرحلتي البكالوريوس والدبلوم (تشمل علوم الذكاء الاصطناعي، وعلم البيانات وتحليلها، والأمن السيبراني، ودبلوم تصميم الوسائط المتعددة، ودبلوم الهندسة الإلكترونية، ودبلوم هندسة الاتصالات، لـ”معالجة انخفاض مشاركة المرأة في المجالات ذات الصلة بالعلوم والتقنية والهندسة والرياضيات ” (الخليل، ٢٠٢١).
- تعزيز المسؤولية الاجتماعية للمرأة
ومن صور تمكين المرأة السعودية تعزيز مسؤوليتها الاجتماعية عن طريق أداء واجباتها نحو أسرتها ومجتمعها عبر الرسم والعمل التطوعي الاجتماعي، وبمستوى أداء هذه الواجبات تزيد شخصية المرأة ومسؤولياتها نحو المجتمع ،إذ باتت المسؤولية الاجتماعية للمرأة واجباً من واجباتها يغطي كافة ميادين الحياة التي تمكن المرأة من المشاركة فيها وفق نسق الأعمال الفضيلة ، حيث أن العمل التطوعي في المرافق العامة من أبرز الأمور التي تحفزها الدول في المؤسسات الحكومية و القطاع الخاص ، وإن احساس المرأة بالمسؤولية الاجتماعية نحو مجتمعها يعد من أنجح الأساليب للنهوض بالمجتمع ومواجهة تحدياته، والانطلاق نحو الغايات العليا للمجتمع، وتحقيق التفاعل بين أفراد المجتمع ومؤسساته ،إذ بات لتمكين المرأة دورا فاعلا في تحقيق المسؤولية الاجتماعية وتنمية المجتمع (الهذلي ، 2020، 557)
- تنظيم شؤون الاسرة
شملت التشريعات الممكِّنة للمرأة منذ انطلاق الرؤية تنظيم مجلس شؤون الأسرة وتشكيل “لجنة المرأة” كإحدى اللجان الفنية للمجلس ،ودراسة الإجراءات المثلى لمعالجة القضايا المتعلقة بالولاية والحضانة، وتنظيم صندوق النفقة للمطلقات والأبناء بهدف ضمان صرف النفقة للمستفيدين دون تأخير ،وإنشاء مركز متخصص لتلقي بلاغات العنف الأسري ،وتقديم المساعدة الحقوقية للنساء والأطفال في حالات الإيذاء ، ودخول نظام مكافحة جريمة التحرش حيز التنفيذ، وتعديل نظام مكافحة جريمة التحرش لتشمل نشر العقوبات في الصحف على نفقة المحكوم عليه ،وضبط زواج القاصرات، وأصبح رب الأسرة هو الأب أو الأم بالنسبة إلى الأولاد القصر وتم السماح لكلا الزوجين بالإبلاغ عن حالة الزواج أو الطلاق أو الرجعة أو التطليق أو المخالعة، ومنح المرأة الحق لطلب الحصول على سجل الأسرة من إدارة الأحوال المدنية (2019)، والسماح للمرأة بالتبليغ عن المواليد، والحق في التبليغ عن حالات الوفاة بعد أن كان الأمر يقتصر على الذكور البالغين 18 عامًا وما فوق (2019) (الخليل، ٢٠٢١).
- زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل
المرأة السعودية أحد أهم الموارد البشرية في المملكة العربية السعودية وواحدة من أهم محاور رؤية المملكة العربية ٢٠٣٠ حيث وضع لها بند أساسي في الرؤية يسمى بند زيادة تمكين مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل كهدف تفصيلي في محور ركيزة الوطن الطموح تحت بند الهدف الاستراتيجي الرابع وهو زيادة معدلات التوظيف المنبثق منه بند اتاحة فرص العمل للجميع (الأهداف الاستراتيجية وبرامج تحقيق الرؤية، ۲۸:۲۰۱). وحققت المملكة قفزات نوعية فيما يخص تمكين المرأة وزيادة مشاركتها في سوق العمل وانعكست الجهود والتشريعات الإصلاحية التي تمت خلال السنوات الأخيرة وفق رؤية المملكة 2030 على مستهدفات تمكين المرأة حيث بلغ معدل المشاركة للإناث السعوديات من 15 سنة فما فوق 33.5 % بنهاية 2020، في حين تضاعفت نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل من 17% إلى 31.8% متجاوزين بذلك مستهدف الرؤية لعام 2030 للوصول إلى نسبة 30%(وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية).
- تعزيز مشاركة المرأة في التنمية
“رسميًا أظهرت أحدث إحصاءات سوق العمل من الهيئة العامة للإحصاء زيادة مشاركة المرأة السعودية في القوى العاملة من 25.9% في الربع الأول من عام 2020م إلى 33,2% في الربع الرابع من نفس العام، وانخفاض معدل البطالة للسعوديات إلى 24,4% خلال الربع الرابع من 2020 مقابل 30,2% في الربع السابق، ومحليًا وبحسب “مؤشر مشاركة المرأة في التنمية” الصادر عام 2019م عن المرصد الوطني لمشاركة المرأة في التنمية، أوضحت النتائج أن المرأة السعودية تشارك في التنمية بنسبة 69% من المشاركة المثلى” (الخليل، ٢٠٢١)
خاتمة الدراسة
أبرز النتائج:
- تمكين المرأة اجتماعياً بتطوير مشاركتها في المجتمع وتنمية قدراتها ووعيها ومعرفتها، وإعطاءها كامل الحق في ممارسة حقوقها الشخصية والأسرية وعدم تقييد اختياراتها في الأمور الاجتماعية التي تتعلق بها، واكتساب المهارات والخبرات لحل مشاكلها وزيادة ثقتها بنفسها واعتمادهاعلى ذاتها وقدراتها. والتحرر من الضغوط وصور الاضطهاد التي تتعرض لها، ومن أبرز معوقات التمكين الاجتماعي الإجراءات البيروقراطية، إضافة إلى التحديات التي تواجه المرأة التي تسعى إلى التوفيق بين العمل والالتزامات العائلية، وكذلك الأمية، وأساليب التنشئة الاجتماعية الخاطئة للمرأة، والصورة المشوهة عن المرأة التي تقدمها بعض وسائل الإعلام، وغياب ثقافة المشاركة لدى المجتمع ،وحرمان المرأة من بعض حقوقها الاقتصادية.
- ارتفاع مكانة المرأة منذ بعثة النبي ﷺ ، إذ لم تكن في الجاهلية ذات حظوة بقدر ما منحها الإسلام، فقد انصفت وأعطيت من الحقوق أكملها، وتوصلت الدراسة الى أن من أبرز مبادئ التمكين الاجتماعي للمرأة في العهد النبوي مبدأ العدل والمساوة ،مبدأ الحرية ومبدأ المشاركة ومبدأ الكرامة والاحسان ومبدأ الاستقلالية
- من أبرز مجالات تمكين المرأة في العهد النبوي وهي : تمكين المرأة من التعليم ونشره ، وتمكين المرأة من العمل، وتمكين المرأة من المسؤولية المجتمعية ،وتربية الاولاد، وتمكين المرأة من ابداء الرأي والمشورة و، تمكين المرأة من الاعتماد على ذاتها ، و إدارة الأزمات.
- حظيت المرأة السعودية باهتمام ملحوظ من الدولة ومن أبرز تطبيقات التمكين الاجتماعي تعزيز العدالة والمساواة بين الرجل والمرأة وتعزيز دور المرأة القيادي وتدريبها، تعزيز المسؤولية الاجتماعية للمرأة، وتنظيم شؤون الاسرة، وزيادة تمكين مشاركة المرأة في سوق العمل، وتعزيز مشاركة المرأة في التنمية.
التوصيات:
- التوعية عبر وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بضرورة الاقتداء بالنماذج المشرفة للمرأة المسلمة في العهد النبوي .
- تربية الاجيال على حب السيرة النبوية وتدريسها ضمن المناهج المقررة في المدارس.
- عقد الندوات وورش العمل المعينة بقضايا المرأة وتمكينها في ضوء التربية النبوية.
- عدم الالتفات لما يثيره الغرب من شبهات حول حقوق المرأة.
- اقامة برامج تفاعلية تتناول سيرة الصحابيات رضوان الله عليهن.
- توجيه الباحثين والباحثات الى الكتابة عن أدوار المرأة في العهد النبوي وترجمتها الى لغات متعدد لبيان مكانة المرأة في الاسلام
- اتخاذ جميع الإجراءات التي تكفل حماية المرأة العاملة من كافة أشكال التمييز.
- على وزارة العمل والتنمية الاجتماعية توفير فرص عمل تعزز من تمكين المرأة .
المراجع
المراجع العربية :
- القرآن الكريم
- ابن الأثير.(1994). أسد الغابة في معرفة الصحابة،ج 7 ، دار الكتب العلمية، بيروت.
- ابن اسحاق، محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي. (٢٠٠٤). السيرة النبويـة ،بيروت: دار الكتب العلمية.
- ابن حجر،الحافظ شهاب الدين أحمد بن علي. (١٩٦٠). فتح الباري شرح صحيح البخاري، بيروت: دار المعرفة.
- ابن حجر، الحافظ شهاب الدين أحمد بن على .(٢٠٠٥).الاصابة في تمييز الصحابة.، ج٨، ، بيروت: دار الكتب العلمية.
- ابن حنبل، أحمد.(د.ت). مسند الإمام احمد بن حنبل، حكم على أحاديثها شعيب الأرناؤوط، القاهرة : مؤسسة قرطبة
- ابن سعد، أبو عبدالله محمد بن سعد الهاشمي .(١٩٩٠). الطبقات الكبرى، ج٨ ، تحقيق: محمد عبد القادر ، بيروت: دار الكتب العلمية.
- ابن كثير، أبو الفداء إسماعيل بن عمر القرشي الدمشقي،.(١٩٧٦). السيرة ، تحقيق : مصطفى عبد الواحد ، بيروت: دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع .
- ابن ماجة، ابو عبد الله محمد بن يزيد القزويني.(د.ت). سنن ابن ماجه، تحقيق: محمود نصار، بيروت: دار الكتب العلمية.
- ابن منظور، محمد بن مكرم الافريقي المصري. (۱۹۹۲). لسـان العرب.ج٣ بیروت: الدار المصرية ودار صادر
- ابن النحاس، محي الدين ابن زكريا.( ١٩٨٧). تنبيه الغافلين عن أعمال الجاهلين وتحذير السالكين من أفعال الجاهلين، بيروت، دار الكتب العلمية.
- ابن هشام،عبد الملك.(١٩٨١). سيرة ابن هشام، ج٢، بيروت: دار الفكر.
- أبو داود، سليمان بن الاشعث.(١٩٨٨). سنن أبي داود، بيروت: دار الجنان.
- البخاري، محمد بن اسماعيل (١٩٨٧). صحيح البخاري، تحقيق محمد فؤاد ، بيروت: دار البشائر.
- البقعاوي، صالح سليمان. ( 2020). أساليب النبي صلى الله عليه وسلم في تعليم المرأة :دراسة تحليلية في ضوء السنة النبوية ، جامعة أم القرى، مكة المكرمة.
- بنجر، اماني عبد العزيز.(٢٠٠٩). التربية النبوية العقدية في العهد المكي وتطبيقاتها التربوية، رسالة ماجستير، جامعة ام القرى، مكة المكرمة..
- الترمذي، ابوعيسى محمد بن عيسى.(١٩٨٦). مختصر الشمائل المحمدية، ط٢، تحقيق: محمد الالباني، عمان: المكتبة الاسلامية.
- الجليند، محمد السيد، 2014، الدور السياسي والاجتماعي للمرأة :رؤية إسلامية، مجلة دراسات عربية وإسلامية، 34-7.
- الجوهري، أبو نصر إسماعيل حماد. (١٩٨٧). الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، ج٢، بيروت: دار العلم للملايين
- الحداري، مشعل محمد.(٢٠١٢). استشارة المرأة في السيرة النبوية، القصيم: مؤتمر المرأة في السيرة النبوية والمرأة المعاصرة.
- الحديدي، رضا عبد الرحمن .(2008). المرأة في مواقع القيادة في القطاع الخاص. المؤتمر الثامن للمجلس القومي للمرأة “المرأة المصرية في مواقع القيادة”. كفر الشيخ: المجلس القومي للمرأة .
- الحربي، حامد سالم. (١٩٩٨). التربية في عهد الرسول ﷺ نشأتها وتطورها،دعوة الحق- رابطة العالم الاسلامي، ع (١٨٦)، ص ص ١-١٤٣.
- حسين، نوارة.( 2017). حقوق المرأة في الدولة المعاصرة ،مركز جيل البحث العلمي ،الجزائر.
- الحداري، مشعل محمد،.(201٢). دور السنة النبوية في تنمية مهارات المرأة.، مجلة القلم، ع1، ص ص 81-38.
- الحنفي بدر الدين العيني .(٢٠٠٦). عمدة القاري شرح صحيح البخاري،
الموسوعة الشاملة، على الرابط http://islamport.com/w/srh/Web/840/14528.htm - الخطابي، حمد بن محمد .(١٩٣٢). معالم السنن، حلب: المطبعة العلمية.
- الخليل، ميمونة .(٢٠٢١). تمكين المرأة في ظل رؤية المملكة العربية السعودية 2030، صحيفة مال، على الرابط https://maaal.com/archives/202104/تمكين-المرأة-في-ظل-رؤية-المملكة-العربي/
- الذهبي،: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد.(١٩٨٥). سير أعلام النبلاء ،ط٣، تحقيق : مجموعة من المحققين ، بيروت : مؤسسة الرسالة
- رضا، عمر.(د.ت ). اعلام النساء،ج٤، بيروت: مؤسسة الرسالة
- رؤية المملكة العربية السعودية٢٠٣٠ .(٢٠٢٠). محاور رؤية المملكة العربية السعودية ٢٠٣٠ ، على الرابط https://cutt.us/WCAMc
- زايد، أميرة عبد السلام.(٢٠١٥). الاتجاهات الحديثة في تمكين لتنمية المجتمع، دراسات عربية في التربية وعلم النفس، ع ٦٧، ٣٢٥-٣٥٩.
- الزعبي، محمد مصلح .( 2009). الحوار النبوي مع المرأة وأثره في بناء شخصتها، المجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية،ع٥ ،ص ص 66-45.
- زهران، سناء محمد.( 2015). التمكين الاجتماعي :الأهداف والأدوات، مجلة الخدمة الاجتماعية، 53، 87-113.
- السعدي، عبد الرحمن بن ناصر.(٢٠٠٠). تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، بيروت، مؤسسة الرسالة.
- السقاف، سمية ياسين.(2019). مكانة المرأة ومشاركتها في المجال الاجتماعية في العهد النبوي ، رسالة دكتوراه، كلية التربة بالحديدة، اليمن.
- شداد، فوزي.(د.ت). استقلال الذمة المالية للمرأة، اسلام اون لاين، على الرابط https://islamonline.net/استقلال-الذمة-المالية-للمرأة/
- الشربيني، مروة شاكر. 2005م، العنف الجسدي ضد المرأة ومكانتها في المجتمع تحت أضواء السيرة النبوية. ط1، القاهرة، دار الكتاب الحديث
- شرف الدين، لمياء أحمد عبد الرحمن.( 2008). الحقوق السياسية للمرأة في الشريعة الإسلامية وتطبيقاتها المعاصرة، القاهرة ، دار النهضة المعاصرة.
- شلبي، عبدالله نمر.( 2021). التمكن الاجتماعي والاقتصادي للمرأة العاملة بالقطاع التعليمي ، مجلة دراسات في الخدمة الاجتماعية، 53، 2، 408-377.
- الشيباني، شيخة عبدالله .(2019). المرأة وإدارة الأزمات في العهد النبوي، مجلة حوليه كلية اللغة العربية بالزقازيق، 39، 1، 647-607.
- الصلابي، علي محمد.(٢٠٠٨). السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل احداث، ط٧، بيروت : دار المعرفة.
- ضيف، شوقي.(٢٠٠٨). تاريخ الادب العربي في العصر الجاهلي،ط١١، القاهرة: دائرة المعارف
- طاحون، رفعت محمد مرسي. (2012). حقائق الإسلام وأباطيل خصومه حول الطلاق. دمشق: مركز التفكير الحر.
- عتيبة، امال محمد.( 2020). التمكين الاقتصادي للمرأة السعودية من المنظور التربوي الإسلامين، مجلة الجامعة الإسلامية للعلوم التربوية والاجتماعية، 4، ج1، 1-609.
- عبدالله، نمر ذكي .(2021). التمكين الاجتماعي والاقتصادي للمرأة العاملة بالقطاع التعليمي، مجلة دراسات في الخدمة الاجتماعية والعلوم الإنسانة، ، مج1 ، ع٥٣ ،377-404.
- عبيدات، ذوقان وعبد الحق، كايد وعدس، عبد الرحمن. ( ٢٠١٦ ). البحث العلمي مفهومـه وأدواتـه وأساليبه، ط ۱۸ ، عمـان: دار الفكر
- عمـر. أحـلام العطـا محمـد (۲۰۲۰). التمكين الاقتصـادي للمـرأة السعودية (الأبعاد والمعوقات) ، مج ۱۲، ع ٢، مارس ۲۰۲۰، مجلة جامعة أم القرى للعلوم الاجتماعية، جامعة أم القرى، ص ص 41
- عمر، أحمد مختار عبد الحميد.( 2008). معجم اللغة العربية المعاصرة، عالم الكتب: بيروت.
- العودة، سليمان بن حمد. (٢٠١٤). المرأة في السيرة النبوية بين الدعوة والمناوأة، مكة المكرمة، دار طيبة الخضراء.
- غراز، الطاهر و بوقبرين، مفيدة.(٢٠٢١). د،و التمكين الاقتصادي والاجتماعي للمرأة في تجسيد التنمية المجتمعية، مجلة مدارات للعلوم الاجتماعية والانسانية، ع٣، الجزائر.
- فهد، عمر.(د.ت ). إتحاف الورى بأخبار ام القرى، تحقيق: فهيم شلتوت،مكة المكرمة: مركز البحث العلمي بجامعة ام القرى
- الفيروز أبادي، مجد الدين أبي طاهر بن يعقوب الشيرازي. (٢٠٠٥). القاموس المحيط، بيروت: مؤسسة الرسالة.
- القحطاني، مسفر علي؛ آل سعود، سارة عبدالمحسن.( 2012). الموقف الديني من قضايا المرأة المسلمة :دراسة لمنهجية الفتيا في قضايا المرأة المعاصرة، مجلة إسلامية المعرفة،مج 17، ع67، 124-99.
- قحيف، أمان محمد عبد المؤمن.(٢٠١٨). تمكين المرأة في عصر الرسالة ، الوعي الاسلامي، ع ٦٣٩، ٤٩-٥١
- القرطبي، محمد بن أحمد الأنصاري.( ١٩٦٤). الجامع لأحكام القرآن، القاهرة: دار الكتب المصرية.
- القضاة، أمين أحمد. ( 2021). دور الصحابيات في إدارة الأزمات ومواجهة الضغوطات:العهزد المكي أنموذجا، مجلة الجامعة الإسلامية للدراسات الإسلامية، ع29،ص ص 284-300
- كتبي، احمد اسماعيل.(٢٠٠٧). المنهج التربوي النبوي في معالجة مواقف من أخطاء أفراد في المجتمع المدني من خلال كتاب (السيرة النبوية) لابن هشام المتوفى عام ٢١٨ه، دعوة الحق -رابطة العالم الاسلامي، ع (٢٢٢)، ص ص ١-٢١٦.
- مبارك، فاطمة.(٢٠١٨). الاستراتيجية الوطنية لتمكين وريادة المرأة (تمكين، مشاركة، ريادة) في دولة الامارات العربية المتحدة، أبوظبي: الاتحاد النسائي العام
- محمود، سماح مؤيد و هادي.(٢٠٠٧). أثر عوامل التمكين في تعزيز السمات القيادية للمدير ، مجلة الإدارة والاقتصاد ،ع٦٧.
- مسلم، مسلم بن الحجاج .(١٩٩٨). صحيح مسلم، ط٢، الرياض: دار السلام.
- الميزر. هند عقیل (۲۰۱۷): المرأة السعودية من التهميش إلى التمكين في التعليم والعمـل، المجلـة العربية للدراسات الأمنية، مجلد (۲۲)، العدد (۳۸)، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، المملكة العربية السعودية، ص ص 154:۱۲۷.
- الهذلي، هدى مطر.( 2020). دور تمكين المرأة السعودية في تعزيز المسؤولية الاجتماعية في ضوء رؤية 2030.مجلة جامعة الفيوم للعلوم التربوية والنفسية، 14، 1 ،547-583.
- وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، تمكين المرأة، على الرابط https://hrsd.gov.sa/ar/services/768464
- یاسین، سمر محمد الطاهر .(۲۰۱۸). أثر قرارات تمكين المرأة في المملكة العربية السعودية على أسواق المال والأعمال وفق رية ٢٠٣٠ “دراسة تطبيقية علي العاملات في المؤسسات السعودية بمدين أبها”، مجلة كلية الدراسات الإسلامية والعربية، مج٤ ، ع٣، ص ص .۹
- اليسير، العربي صالح.( 2004). واقع المرأة في المجتمع المعاصر “الواقع الاجتماعي” : المعوقات الثقافية وتأثراتها على فاعليات المرأة وتطورها ، مجلة الجامعة الأسمرية الإسلامية، 2 ،4، 614-603.
- يماني، أحمد زكي.(٢٠٠٤). الاسلام والمرأة، القاهرة: مؤسسة الفرقان للتراث الاسلامي.
المراجع الاجنبية:
Abbasi ,Riaz & Umar, Muhammad.(2020). Islam, Modernity, And Justice For Women And Role Of Women Leaders Of Prophet Muhammad (S.A.A.W) Era , Elementary Education Online, Vol 19 ,pp. 1381-1394
Mishra, Gunman (2016): The Psychological Facets of Women -8 Empowerment at Workplace. International Journal of Recent Trends in Engineering & Research,vol 2.Issue 11;November.