![العدد التاسع والعشرون](https://scpm.site/wp-content/uploads/2025/01/WhatsApp-Image-2025-01-08-at-21.53.27_f553650f.jpg)
الحوار بين أهل الأديان
” نشأته، وأهدافه، وضوابطه” من منظور إسلامي
للدكتورة / منال حمزة عبد الله بنونة
أستاذ مشارك بقسم العقيدة في كلية الدعوة وأصول الدين بجامعة أم القرى
1446هـ
ملخص البحث
هذا البحث بعنوان: (الحوار بين أهل الأديان “نشأته، وأهدافه”) من إعداد الدكتورة/ منال بنت حمزة بن عبد الله بنونة. الأستاذ المشارك في قسم العقيدة بكلية الدعوة وأصول الدين بجامعة أم القرى. والحوار بين أهل الأديان قضية ظهرت في العصور المتأخرة؛ وظهورها يستوجب على أهل العلم وطلبته من هذه العصور دراستها والبحث فيها؛ من أجل اظهار الصورة الصحيحة، ومن خلال هذا البحث وضحت معالم هذه القضية، ومنهجي فيه هو المنهج الاستنباطي الاستدلالي، والوصفي التحليلي، وقسمته إلى مقدمة وتمهيد: عرفت فيه بمصطلحات عنوان البحث، والمبحث الأول: تحدثت فيه عن نشأة فكرة الحوار بين أهل الأديان وتطورها، والمبحث الثاني: شمل أهداف الحوار بين أهل الأديان، والمبحث الثالث: ذكرت فيه ضوابط الحوار بين أهل الأديان من منظور إسلامي، وكان من أبرز نتائجه:
أن الدين الإسلامي دين عالمي يرحب بالحوار، وتختلف فكرة الحوار عن فكرة وحدة الأديان؛ فوحدة الأديان غير مقبولة بالكلية لدى المسلمين. وإن قصد بالحوار بين أهل الأديان إذابة الفوارق بين الأديان، والجمع بين عقائدها، أو نقض الدين الإسلامي، وتمييع شرائعه؛ فهذا القصد غير مقبول؛ لأنه يفضي إلى القول بصحة جميع الديانات، وأما إن قصد به الجدال بالتي هي أحسن، والتعاون في الأمور المشتركة كالأصول الأخلاقية، ومراعاة حقوق الإنسان بإشاعة التسامح والتعايش السلمي فهذا القصد مقبول.
Search summary
This research, entitled: “Interfaith Dialogue”, “Its Origins, Objectives and Controls ” was prepared by Dr. Manal bint Hamza bin Abdullah Benona. Assistant Professor in the Department of Doctrine at the Faculty of Da’wa and The Origins of Religion at um al-Qura University. Dialogue between the people of religions is an issue that has emerged in the late ages; I divided it into an introduction and a prelude: it was known in the terms of the title of the research, and the first research: in which I talked about the genesis of the idea of dialogue between the people of religions and its development, and the second topic: included the objectives of dialogue between the people of religions, and the third topic: it mentioned the controls of dialogue between the people of religions from an Islamic perspective, and one of the most prominent results was:
Islam is a global religion that welcomes dialogue, and the idea of dialogue differs from that of unity of religions; If dialogue between people of religions is intended to dissolve differences between religions, combine their beliefs, or break the Islamic religion, and dilute its laws, this intention is unacceptable; it leads to the validity of all religions, but if it is intended to argue with the best, to cooperate in common matters such as moral principles, and to respect human rights by promoting tolerance and peaceful coexistence, this intention is acceptable.
المقدمة
إن الحمد لله نحمدهُ، ونستعينهُ، ونستغفِرهُ، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسنا، ومن سيئاتِ أعمالنا، من يهدهِ الله فلا مُضلَّ له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدهُ لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبدهُ ورسولُه.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} ([1]).
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} ([2]).
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} ([3]).
أما بعد: فقد اختلفت آراء الناس حول فكرة الحوار بين أهل الأديان ما بين مجوز ومانع لها، وهي قضية من القضايا التي ظهرت في العصور المتأخرة؛ وظهورها يستوجب على أهل العلم من هذه العصور دراستها والبحث فيها؛ من أجل اظهار الصورة الصحيحة، وإيضاح الحق بدليله من المصادر المعتمدة في الدين الإسلامي.
وقد حاولت الباحثة من خلال هذا البحث توضيح معالم هذه القضية؛ فبينت بداية كيفية نشأتها وتطوراتها ثم وضحت أهداف الحوار وضوابطه من منظور إسلامي، وعنونته بـــ( الحوار بين أهل الأديان “نشأته، وأهدافه، وضوابطه” من منظور إسلامي).
الدراسات السابقة:
يوجد كثير من الكتب، والدراسات، والمقالات التي كُتبت في الحوار بين الأديان، وتُنشر باستمرار في دور النشر، وعلى شبكة الانترنت، ويعسر حصرها في هذه المقدمة، وهي متفاوتة من حيث الجودة والجدة والإحاطة، ومختلفة في أهميتها، وأهدافها، ومتنوعة في مجالاتها ومضامينها، وفيما يلي سأذكر بعض من هذه الدراسات:
- الحوار الإسلامي المسيحي، للدكتور/ بسام عجك، تحدث عن موقف القرآن الكريم والسنة النبوية من المسيحية وأهلها، واثبت تحريف العقيدة المسيحية، وبين أن الهدف الأول عند النصارى من الحوار هو التبشير بدينهم والدعوة إليها.
- الحوار بين الأديان، للمسيحي القبطي وليم سليمان؛ ذكر نماذج من الحوار الديني، ومسائل من الحوار الواقعي، والتعايش السلمي، والسلام العالمي، وحقوق الإنسان.
- في آفاق الحوار الإسلامي المسيحي، للسيد محمد حسين فضل الله؛ ذكر فيه الحوار الوطني اللبناني، والتعايش بين المسلمين والمسيحيين في لبنان وآفاقه.
- الأبعاد السياسية للحوار بين الأديان؛ الحوار الإسلامي المسيحي نموذجا” للباحث الأردني/ سامر رضوان أبو رمان، استخرج الأبعاد السياسية من الحوار واستبعد الجانب العقدي من الحوار، ودرس الجانب السياسي الواقعي فقط.
- تأصيل الحوار الديني؛ تأصيل المصطلحات وتحديد الضوابط الشرعية، للدكتور/ محمد الفاضل بن علي اللافى: تحدث عن الحوار الديني في السودان، وأبرز الجهود الوطنية في سبيل تحقيق التعايش، ومواجهة المخططات الأجنبية التي تستهدف وحدة السودان، وختم بعرض بعض أهداف الحوار الديني على المستوى السوداني.
- الحوار بين الأديان” أهدافه وشروطه والموقف الإسلامي منه”، للدكتور/ محمد خليفة حسن. تحدث عن التقريب بين الأديان، وتطوير الخطاب الديني، وذكر أهداف وشروط نجاح الحوار، وختم بالموقف الإسلامي للحوار بين الأديان.
- الإسلام والمسيحية” من آفاق التنافس والتصادم إلى آفاق الحوار والتفاهم” لمؤلفه/ أليكسي جورافسكي. ذكر طرق التفاهم المتبادل بين المسلمين والمسيحيين، ودعا إلى الابتعاد عن الأحكام المسبقة والمفاهيم المغلوطة عن صورة الإسلام.
أهمية البحث وأهدافه:
ذكرت في الدراسات السابقة الكتب التي تحدثت عن الحوار بمجالاته المختلفة، وقضاياه المتنوعة، ويوجد بالإضافة إليها الكثير من الكتب التي تُشكك في مصداقية الحوار وأبعاده، ومن معرفة ودراسة الرأي والرأي الآخر، وأدلته ومستنداته؛ ارادت الباحثة تحديد معالم هذه القضية بكشف أنواع الحوارات الباطلة المناقضة للعقيدة الصحيحة، وإيضاح الأهداف السياسية للحوار بين الأديان، وإبراز عالمية الدين الإسلامي، وتسامحه، واعتداله، وإقراره بالتعدد الديني، وتأصيل علاقة المسلمين بغيرهم بعبارة سهلة، وموجزة، ومدعمة بالشواهد، والأمثلة، ونماذج من التوصيات التي أُقيمت في عدة مؤتمرات بقطر، وبمبادرة إسلامية في مكة المكرمة، ومدريد، وجنيف، ونيويورك.
منهج البحث:
منهج الباحثة في كتابة البحث هو المنهج الاستنباطي الاستدلالي، والمنهج الوصفي التحليلي، وقسمت البحث إلى مقدمة وتمهيد وثلاثة مباحث وخاتمة كما يظهر من خلال الخطة التالية:
التمهيد: وفيه التعريف بمصطلحات عنوان البحث.
المبحث الأول: نشأة فكرة الحوار بين أهل الأديان وتطورها.
المبحث الثاني: أهداف الحوار بين أهل الأديان.
المبحث الثالث: ضوابط الحوار بين أهل الأديان من منظور إسلامي.
الخاتمة: تحتوي على أبرز النتائج والتوصيات.
هذا والله تسأل الإعانة والتوفيق.
تمهيد
التعريف بمصطلحات عنوان البحث
الحِوَار في اللغة:
مشتق من الحَوْر، وهو الرجوع. قال تعالى:{إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ} ([4]).
وهو مراجعة الكلام ([5]).
فالمحاورة عبارة عن المجاوبة ([6]).
الحِوَار في الاصطلاح: هو لفظ عام يشمل صورًا عديدة منها المناظرة والمجادلة ([7]).
ويراد به: مراجعة الكلام والحديث بين طرفين، دون أن يكون بينهما ما يدل بالضرورة على الخصومة ([8]).
والحوار بين أهل الأديان مصطلح من المصطلحات العامة، ولا يُرد مطلقًا، ولا يُقبل مطلقًا؛ لأن فيه حق وباطل.
وفكرة الحوار بين أهل الأديان تختلف عن فكرة وحدة الأديان؛ فوحدة الأديان غير مقبولة بالكلية في الدين الإسلامي إذا كان الهدف منها إذابة الفوارق، ومزج الحق بالباطل.
والأديان في اللغة:
الأديان جمع دين، ومعناه: الطاعة والانقياد.
ودان به: أي اتخذه دينًا ومذهبًا، واعتاده، وتخلَّق به، واعتقده ([9]).
هو اعتقاد قداسة ذات، ومجموعة السلوك الذي يدل على الخضوع لتلك الذات ذلًّا وحبًّا، رغبة ورهبة.
وتنقسم إلى قسمين:
- أديان سماوية: تدعو لعبادة الله تعالى. مثل: اليهودية، والنصرانية، والإسلام.
- أديان وضعية: تدعو لعبادة غير الله. مثل: الهندوسية، والبوذية.
أما مفهوم حوار الأديان اصطلاحاً: تعدّدت تعريفات أهل الاختصاص لمفهوم حوار الأديان، ومن هذه التعريفات ما يأتي([11]):
- هو حوار جماعي بين أطراف متعددة الهويات الدينية بقصد الوصول إلى التفاهم الذي يسمح لهم بالعيش مع بعضهم رغم وجود الخلافات.
- هو تبادل الأفكار والحقائق بين المتحاوِرَيْن اللذيْن يتبع كلّ واحد منهما ديناً غير الآخر، ويكون النقاش بشكلٍ موضوعي مع احتفاظ كل واحد منهم بمعتقداته في جوّ يتّسم بالاحترام المتبادل، وذلك بقصد الوصول إلى التفاهم فيما قد يقع فيه الاتفاق.
- هي لقاءات منظمة تتولى أمر عقدها المنظمات الدولية ومراكز الحوار العالمية بين ممثلي الأديان والمذاهب، ويكون الحوار فيها وفق رؤية واضحة الأهداف والرسالة، ومحددة الأساليب.
ومفهوم حوار الأديان يختلف عن مفهوم وحدة هذه الأديان وجمعها في دين واحد جديد يجمع بين الحق والباطل، والإيمان والكفر، والتوحيد والوثينة، فهذا المفهوم ليس من الدين الإسلامي، والإسلام بريء منه.
المبحث الأول
نشأة فكرة الحوار بين أهل الأديان وتطورها
إن فكرة الحوار بين أهل الأديان ظهرت في منتصف القرن الماضي، وجاءت بطلب من الغرب بعد تزايد دخول النصارى في الدين الإسلامي؛ فنادوا بداية بما يُسمى: بـ (التقارب الإسلامي المسيحي) ثم سُميت فيما بعد: بـ (الحوار الإسلامي المسيحي) ثم في عام 1960م اُنشى مجلس الكنائس العالمي فكرة الحوار مع المسلمين، وفي عام 1964م وسُع مفهوم الحوار فسُمي: (حوار الأديان) عندما دعا البابا بولس السادس إلى الحوار بين الأديان، وفي عام 1968م فتحت أبواب الصداقات والمشاركات في أمور الحياة.
وبعدها توالت المؤتمرات منذ ذلك العهد إلى الآن في كل من اليابان، وبلجيكا، واسبانيا، وتونس، والأردن، والخرطوم، وعمان، وقطر، والسعودية، ومدريد، وجنيف، ونيويورك.
وفي العصر الحاضر أصبح الحوار لا يقتصر على أهل الأديان السماوية، بل يجمع حتى أصحاب الأديان الوضعية كالهندوسية، والبوذية.
وتبنى كثير من المفكرين ما يسُمي: بـ (حوار الحضارات)، وحُددت سنة 2001م لتكون عامًا للحوار بين الحضارات، ومن أشهر تلك الحوارات التي أُقيمت في عام 2001م الحوار الذي أقامته الندوة العالمية بالقاهرة للحوار بين الأديان في يومي28 و29 أكتوبر، والتي نظمها المنتدى الإسلامي العالمي للحوار بالتعاون مع مؤتمر العالم الإسلامي، وذلك لتدارس تداعيات التفجيرات التي حدثت في الولايات المتحدة في 11 سبتمبر.
ودراسة الظاهرة العالمية للإرهاب من حيث تعريفها، وأسبابها، وطرق علاجها، وأمور أخرى تتعلق بهذا الجانب.
والإرهاب هو الإخافة، وهي من رَهِبَ بالكسر يَرْهَبُ رَهْبَةً ورُهْباً بالضم، ورَهَبًا بالتحريك أَي خافَ ورَهِبَ الشيءَ رَهْبًا ورَهَبًا ورَهْبةً خافَه ([12]).
وقد بيَّن مجلس المجمع الفقهي المنعقد في رابطة العالم الإسلامي في دورته السابعة عشر بمكة المكرمة من فترة 19-23/10/1424هـ، بأنه لم يتفق دوليًا على تحديد تعريف معين للإرهاب، يضبط مضمونه، ويحدد مدلوله، ونبه إلى أن أمر الله تعالى بإعداد العدة لإخافة العدو في كتابه لا يلزم منه الاعتداء عليه، وانتهاك حرماته، وهذا يختلف عن معنى الإرهاب الشائع في هذا العصر، كما بين بأن الإرهاب هو: العدوان الذي يمارسه أفراد، أو جماعات، أو دول بغيًا على الإنسان في دينه ودمه وعقله وماله وعرضه، ويشمل صنوف التخويف والأذى والتهديد والقتل بغير حق، وما يتصل بصور الحرابة، وإخافة السبيل، وقطع الطريق، وكل فعل من أفعال العنف أو التهديد يقع تنفيذًا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس، أو ترويعهم بإيذائهم، أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو أمنهم أو أحوالهم للخطر، ومن صنوفه إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق، والأملاك العامة أو الخاصة، أو تعريض أحد الموارد الوطنية، أو الطبيعية للخطر، فكل هذا من صور الفساد في الأرض التي نهى الله سبحانه وتعالى عنها([13]).
وجاء في البيان الختامي للندوة السابقة ما يلي ([14]):
- شجب وإدانة الاعتداء المؤلم على مبنى التجارة العالمي في نيويورك، وعلى مبنى البنتاجون في واشنطن، باعتباره عملًا بشعًا يتناقض مع القيم الدينية الربانية والقوانين والأعراف الدولية.
- إدانة الإرهاب بكل أشكاله أيًا كانت مصادره الفردية أو الجماعية أو الدولية، باعتبار أن الإرهاب كل لا يتجزأ، وأن الموقف منه ينبغي أن يكون واحدًا لا تتغير معاييره وفق الأمزجة السياسية، أو وفق نزعة الانتقاء الجغرافي أو الديني أو العرقي.
- التأكيد على حق الإنسان والشعوب في الدفاع عن النفس والممتلكات وسيادة الأوطان، واسترداد الأراضي المحتلة، وحق تقرير المصير باعتبارها أمورًا مشروعة، ومقررة في القيم الدينية الربانية، والأعراف الدولية.
- التأكيد على أن الحروب والانتقام ليست الطريق السليم لمحاربة الإرهاب واستئصاله، بل قد تكون حافزًا لتبرير ظاهرة الإرهاب ودوافعها، مما يفتح بابًا كبيرًا لمزيد من المآسي، والدمار والكوارث، بحق الآمنين من النساء، والأطفال، والمسنين، والبيئة، وما يحيق بالشعب الأفغاني اليوم من مآس وكوارث بسبب حرب لا ذنب له فيها، لهي مصدر خطير من مصادر تشجيع الإرهاب وتنمية مسوغاته ومآسيه، مما هو موضع إدانة واستنكار من قبل المشاركين في الندوة.
- التأكيد على أن إقامة العدل والتزام معاييره الربانية، والاحترام المتبادل بين الثقافات والحضارات ومحاربة الظلم والفقر والفساد والتدهور الأخلاقي؛ لهي السبيل الأسلم والفعال لإنهاء ظاهرة الإرهاب في العالم، واستئصال أسبابها. وفي الختام اعتبر البيان جمهورية مِصر العربية نموذجًا متميزًا في تعايش الأديان والثقافات.
ولأن الدين الإسلامي دين عالمي يرحب بالحوار بين أهل الأديان، ويدعو له أُقيمت في الدوحة بقطر عدة مؤتمرات، وكذلك أُقيمت بمبادرة إسلامية في مكة المكرمة، ومدريد، وجنيف، ونيويورك، وسيأتي تفصيل توصيات هذه المؤتمرات- إن شاء الله-.
أولاً: مؤتمرات الدوحة ([15]).
إن أولى مؤتمرات الحوار بين أهل الأديان التي أقيمت في الدوحة بقطر كانت في عام 2003م، وتوالت بعدها المؤتمرات السنوية إلى عام2009م، وكان من أهم توصياتها:
- العناية الفائقة بالقيم الروحية والسلام العالمي، ونشرها بين سائر طبقات المجتمعات.
- الالتزام بلغة التفاهم والمصالحة والحوار وتعميمها بين أبناء الشعوب.
- عدم الإساءة للمقدسات الدينية، ورموزها، وآثارها، وشخصياتها.
- إنجاح مركز الدوحة لحوار الأديان من خلال التعاون معه وتبادل الآراء والمعلومات والبحوث.
- بناء السلام والتعاون والتفاهم بين الثقافات والتجمعات المختلفة؛ فالقيم مثل المساواة، وكرامة الإنسان، والحرية الدينية، والتسامح، واحترام قدسية الحياة لابد أن تمارس.
- تعميق الفهم المتبادل وتعزيز التفاهم المشترك بين أتباع هذه الأديان.
- التأكيد على أهمية دور الدين في بناء الإنسان المتكامل نفسيًا وعقليًا وجسميًا، باعتباره خليفة الله في الأرض وصانعًا للحضارة والتقدم.
- العمل الدؤوب على تصحيح المفاهيم المغلوطة وتنقية الكتب الدراسية والأعمال السينمائية والدرامية والعمل على إزالة سوء الفهم المتبادل لدى كل طرف إزاء الطرف الآخر.
- براءة الأديان من الأعمال الإرهابية وترويع الآمنين وقتل المدنيين المسالمين تلك الأعمال البشعة التي يقوم بها بعض المتعصبين من أتباع الديانات.
- نشر القيم الدينية السامية مثل العدالة والتسامح والمساواة والانفتاح على الآخر والتواصل معه وتعميق مبادئ التعددية وحق الإنسان في اختيار ديانته بحرية تامة.
- بذل الجهد في نقل الروح الإيجابية لهذه الديانات والحوارات إلى القاعدة العريضة من أتباع الديانات الثلاث لكي تتحقق الأهداف المرجوة من هذه اللقاءات بين العلماء والقادة الدينيين.
- تدريس مقرر مقارنة الأديان، بأبعاده الفلسفية والروحية والاجتماعية، في الجامعات والمعاهد كطريق من طرق الإسهام الأكاديمي لإعلاء وتفعيل القيم الروحية.
- تعزيز ثقافة الحوار ومراجعة الموروثات التاريخية السلبية التي تشكل عقبة أمام التفاهم المشترك بين أتباع الأديان الثلاثة.
ثانيًا: ملتقى مكة، ثم مؤتمر مدريد، ثم مؤتمر جنيف من أجل الحوار بين الأديان.
نادى الملك عبد الله بن عبد العزيز- رحمه الله- للحوار بين الأديان؛ لإشاعة القيم الإنسانية المشتركة بين الحضارات والأديان والتي لا يختلف عليها حتى من يعيش بلا دين، وهذه المسائل المشتركة مثل: مسائل العدل، وإقرار السلام، والبعد عن العنف والكراهية، والتعاون مع الغير في المجالات الإنسانية المشتركة التي لا تتعارض مع أصول الدين الإسلامي؛ فكان الملتقى الأول في مدينة مكة المكرمة من30/5/1429هـ إلى 2/6/1429هـ الذي وضع قواعد الحوار وشروطه ومجالاته، ثم كان الملتقى الثاني في مدريد من13إلى15/8/1429هـ ثم الملتقى الثالث في مدينة جنيف على مدى يومي 11-12/10/1430هـ.
ومن أهداف هذه المؤتمرات ([16]):
- دعوة البشر إلى العودة لخالقهم، واستلهام ما أنزله على رسله.
- التعريف بالمملكة العربية السعودية وديانتها التي من أُسسها الاعتدال والوسطية والتسامح.
- وضع برنامج عملي لحوار عالمي هادف لبناء مستقبل إنساني، تعززه المعتقدات الدينية والقيـم والأخـلاق والمشتـرك الإنسـاني، لمد جسـور التعارف والتفاهـم والتعايش بين الشعوب والأمم والطوائف المختلفة.
- مناقشة أهمية الحوار بين أتباع الرسالات الإلهية والحضارات والثقافات.
- البحث عن سبل للتعاون بين المجتمعات على مختلف أديانها وثقافاتها، فيما تجتمع عليه من قيم إنسانية مشتركة، مما يحقق العدل والأمن والسلام، ويسهم في إشاعة العفة واجتناب القبائح والرذائل، ويحافظ على تماسك الأسرة ويواجه آفات الإرهاب والظلم والمخدرات، وغير ذلك من المآسي البشرية.
- مناقشة مستقبل الحوار، وجهود الدول والمنظمات العالمية في تعزيز الحوار ومواجهة معوقاته.
- إشاعة ثقافة الحوار والتعايش السلمي بين الشعوب عن طريق الوسائل الإعلامية.
- السعي إلى تحسين صورة الإسلام المتهم بالإرهاب منذ 11 سبتمبر 2001م.
ومن التوصيات ([17]):
- رفض نظريات حتمية الصراع بين الحضارات والثقافات والتحذير من خطورة الحملات التي تسعى إلى تعميق الخلاف وتقويض السلم والتعايش.
- تعزيز القيم الإنسانية المشتركة، والتعاون على إشاعتها في المجتمعات، ومعالجة المشكلات التي تحول دون ذلك.
- نشر ثقافة التسامح والتفاهم عبر الحوار لتكون إطاراً للعلاقات الدولية من خلال عقد المؤتمرات والندوات وتطوير البرامج الثقافية والتربوية والإعلامية المؤدية إلى ذلك.
- الاتفاق على قواعد للحوار بين أتباع الديانات والثقافات، تكرس من خلاله القيم العليا والمبادئ الأخلاقية التي تمثل قاسماً مشتركاً بين أتباع الأديان والثقافات الإنسانية لتعزيز الاستقرار وتحقيق الازدهار لبني الإنسان.
- العمل على إصدار وثيقة من قبل المنظمات الدولية الرسمية والشعبية تتضمن احترام الأديان واحترام رموزها وعدم المساس بها؛ وتجريم المسيئين لها.
ثالثًا: مؤتمر نيويورك.
عُقد هذا المؤتمر بمبادرة سعودية في نيويورك في 12 نوفمبر 2008م؛ للتأكيد على قيم التسامح، ونبذ العنف والتطرف، وهذه المبادرة الإسلامية جاءت من مهبط الوحي وأرض الرسالة، وهي مبادرة طيبة لتحسين صورة الإسلام المتهم بالإرهاب منذ 11 سبتمبر 2001م، وإظهار حقيقة الدين الإسلامي، وهي تُعبر عن مدى رغبة المسلمين في التعايش السلمي والتعايش الإيجابي مع مختلف الأديان والحضارات الأخرى.
المبحث الثاني
أهداف الحوار بين أهل الأديان
فكرة الحوار بين أهل الأديان فكرة وضُعت أهدافها بأيدي غربية لذا سأذكر أهداف الغرب من الحوار بين أهل الأديان، ثم أحللها، وأنقدها- بإذن الله- من منظور إسلامي:
الهدف الأول: نشر معتقداتهم وبثها بين المسلمين، واضعاف الإيمان بالدين الإسلامي وزعزعته في قلوب معتنقيه واضلالهم عن طريق الحق، ويقول الله تعالى في هذا: {وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ([18]).
ويقول تعالى: {وَدَّت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} ([19]).
فهذا الهدف وضع لزعزعة معتقدات المسلمين الثابتة، وينبغي ألا يتضمن أي حوار للأديان؛ الإقرار بصحة معتقدات الآخر، فهذا نسف للعقيدة الدينية من جذورها، ولا يعني هذا انتقاص حقوق الآخر أو الاعتداء عليه، أو عدم محاورته والتعايش معه، بل المسلم يتعاون مع البشر جميعًا على ما فيه الخير والبر ([20]).
الهدف الثاني: التعايش السلمي بين أهل الأديان، وفي هذا يقول هانز كينغ ([21]): “لا يمكن أن يتحقق سلام بين الأمم إن لم يكن هنالك سلام بين الأديان، لا يمكن أن يكون هنالك سلام بين الأديان إن لم يكن هنالك حوار بين الأديان، لا يمكن أن يكون هنالك حوار بين الأديان إن لم يكن هنالك معايير أخلاقية، لن يكتب البقاء لهذا الكون في غياب أخلاق عالمية”. وهذا الهدف سليم إن كان لا علاقة له بالدين، وليس فيه اعتراف بصحة دين الطرف الآخر، أو تنازل على حساب الدين، وكان فقط في مجال التعاون على الأمور المشتركة كالأصول الأخلاقية، ومراعاة حقوق الإنسان؛ لأن الله تعالى يقول: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} ([22]).
الهدف الثالث: إذابة الفوارق بين الأديان، والجمع بين عقائدها، أو نقض الدين الإسلامي، وتمييع شرائعه؛ فهذا الهدف غير مقبول؛ لأنه يفضي إلى القول بصحة جميع المعتقدات والديانات؛ فتكون جنبًا إلى جنب، وتتزامل في الإيمان، دون أن يتخلى كل دين عن عقائده وشرائعه الخاصة به فتكّون ما يُسمى بـ(وحدة الأديان الإبراهيمية) وهي الإسلام، واليهودية، والنصرانية([23]) وهذه الفكرة هي فكرة الوحدة والتقارب بين الأديان التي تدعو إلى بناء مسجد، وكنيسة، ومعبد في محيط واحد، في رحاب الجامعات، والمطارات، والساحات العامة، وتدعو كذلك إلى طباعة القرآن الكريم، والتوراة، والإنجيل في غلاف واحد([24]) ، واللقاء معهم ومحاورتهم لأجل النزول عند رغباتهم، وتحقيق أهدافهم هذه التي تنقض عُرَى الإسلام أمرٌ باطل([25]).
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله-:” ومعلوم بالاضطرار من دين المسلمين وباتفاق جميع المسلمين أن من سوغ اتِّباع غير دين الإسلام، أو اتباع شريعة غير شريعة محمد- صلى الله عليه وسلم- فهو كافر، وهو ككفر مَن آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض الكتاب”([26]).
فالأديان السماوية ليست سواء عند الله، وفكرة وحدة الأديان والتقارب بينها فكرة باطلة إذ تستلزم اعتقاد صحة المعتقدات الباطلة، والدين الإسلامي هو خاتم الأديان، وناسخ لجميع ما قبله، لقوله تعالى: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} ([27]).
ولقوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ} ([28]).
الهدف الرابع: طمس معالم أصل الولاء للمسلمين، والبراءة من الكفار والمشركين، وهذا أصل من أصول الدين العظيمة.
فالصورة المرفوضة من الحوار مع الكفار في دين الإسلام التي يدعو إليها الكفار هي التي يراد منها أن تكون طريقًا إلى التقارب مع أديانهم الباطلة، والسكوت عن كفرهم، وإبطال عقيدة الولاء والبراء من ديننا فلا براءة من المشركين، ولا عداوة ولا كره للكافرين كل ذلك باسم الحوار والدعوة إلى زمالة الأديان، ونشر السلام، وبث روح التسامح معهم ([29]).
الهدف الخامس: مواجهة الإرهاب وجاء في بعض المؤتمرات براءة الأديان المحرفة من الأعمال الإرهابية، وترويع الآمنين، وقتل المدنيين المسالمين، وهذا أمر غير مُسلم به! لأن من يقرأ بعض عناصر بروتوكولاتهم ([30]) يعلم جيدًا تناقضها مع دعواهم هذه، ومنها:
- التخطيط للاستيلاء على العالم ليكون اليهود هم سادته.
- السعي لهدم حكومات العالم وزيادة إفسادهم؛ عن طريق إغراء الملوك باضطهاد الشعوب، وإغراء الشعوب بالتمرد على الملوك مستعينين على ذلك بنشر دعوى الحرية والمساواة ومحاربة كل ذكاء يظهر بين الأميين غير اليهود، والاستعانة بالنساء، والمال، والمناصب.
- إلقاء بذور الاختلاف في الدول عن طريق الجمعيات السرية، والدينية، والفنية، والرياضية.
- إحداث أزمات اقتصادية عالمية على الدوام حتى يضطر العالم إلى الاستعانة باليهود لكشف كربه لأن اليهود هم المحتكرون للذهب في العالم.
- الاستعانة بأمريكا، والصين، واليابان على تأديب أوروبا وإخضاعها.
المبحث الثالث
ضوابط الحوار بين أهل الأديان من منظور إسلامي
يحثُ الدين الإسلامي على الحوارِ ويدعو إليه، ويكون مع أصحاب الديانات الأخرى من أجل دعوتهم للدين الإسلامي المهيمن على جميع الأديان السماوية السابقة، لقوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} ([31]).
ويحضُ على مجادلةِ المخالفِين بالحسنى كما في قوله تعالى:{وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} ([32]).
والحوار بين أهل الأديان أصبح ضرورة في هذا العصر، عصر التطور والانفتاح على الآخر؛ لتوضيح صورة الإسلام، وإظهار حقيقته للناس أجمعين، ولكن لابد من توافر ضوابط معينة ليكون حوارًا ناجحًا- بإذن الله-، ومن هذه الضوابط ما يلي:
أولاً: التمسك بالأصول الثابتة في الدين وتذكيرهم بهدف الرسل وشعارهم.
أرسل الله- عز وجل- الرسل لهداية البشرية ودعوتهم لعبادة الله وحده لا شريك له، وهو ما استفاد منه شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- حين عرض على “سرجوان”([33]) ملك النصارى بقبرص مبادئ الإسلام للتعايش، التي أثبت فيها له أن أصل الأديان كان واحدًا باجتماعها على عبادة الله وحده، حتى ابتدع الناس الشرك وعبدوا الأوثان كالبراهمة ونحوهم من منكري النبوات، ثم ابتدع النصارى واليهود ما ابتدعوه حتى دخل إلى دينهم الفساد، فقصر اليهود في الأنبياء حتى قتلوهم، وغلا النصارى بهم حتى عبدوهم، إلا أن المسلمين اليوم هم النواب الحقيقيون عن رسالة المسيح وموسى- عليهما السلام-؛ لثباتهم على رسالة التوحيد([34]).
ثانيًا: العلم بالقضايا الثابتة وموضوعات الحوار العامة.
إذ بالجهل يُصبح ضرر الحوار أكثر من نفعه؛ فينبغي أن يكون المحاور من العلماء المتخصصين الذين يستندون إلى الحقائق الثابتة، وذو دراية بموضوعات الحوار العامة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وفي هذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله-: “وقد ينهون عن المجادلة والمناظرة إذا كان المناظر ضعيف العلم بالحجة، وجواب الشبهة، فيخاف عليه أن يفسده ذلك المضل”([35]).
ثالثًا: العدالة والمساواة.
يقول الشيخ محمد أبو زهرة- رحمه الله- في ذلك: “ألا فليعلم الناس اليوم أنه لا يصلح العالم إلا إذا كانت العدالة ميزان العلاقات الإنسانية في كل أحوالها، فلا يبغى قويٌ على ضعيف”([36]).
والإسلام يدعو إلى الإحسان والبر والقسط مع الآخرين، والحوار مع أهل الأديان بطبيعة الحال لا يتنافى مع النصوص الشرعية الناهية عن موالاة الكفار ([37])؛ لقوله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} ([38]).
والمساواة تكون بإلغاء كل الفروق التي لها علاقة بالجنس، أو اللون، أو اللغة، ويكون معيار التفاضل بين الناس هو تقوى الله والعمل الصالح حيث يدفعهم هذا المعيار للتعاون والتعايش السلمي، وفي هذا يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} ([39]).
رابعًا: الحوار بالحسنى والتسامح.
الحوار مع المخالفين يكون بالحكمة، والموعظة الحسنة، والجدال بالحسنى؛ لقوله تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} ([40]).
وأيضًا لابد من التسامح والدفع بالحسنى؛ لقوله تعالى:{وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ *وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} ([41]).
وقد ضرب الرسول- صلى الله عليه وسلم- المثل في التسامح مع أعدائه الذين حاربوه؛ فعندما نصره الله عليهم يوم فتح مكة قال لهم: (ما ترون أنى فاعل فيكم)؟ قالوا: خيرًا، أخ كريم وابن أخ كريم؛ فقال- صلى الله عليه وسلم-: (اذهبوا فأنتم الطلقاء) ([42]).
خامسًا: الاستعداد للحوار والإلمام بجميع جوانبه.
ويكون الاستعداد جيدًا إذا وضعت الخطة والأهداف، وتم اختيار الزمان والمكان المناسبين للتحاور في جوانب الموضوع، ثم عرض الخلاصة والصياغة النهائية للتحاور قبل اعتمادها ([43]).
سادسًا: التركيز على الأفكار وليس الأشخاص.
الفكرة الحسنة تُمْتدح بغض النظر عن قائلها، والفكرة الخطأ تُرَاجع دون تسفيه قائلها أو التهكم منه، فالنظر دائمًا إلى الآخر من خلال ما قيل، لا من قال ([44]).
ولابد من ترك العنف والتجاهل والتشويه والتعرض السلبي للأشخاص، فالخلاف يكون بين الأفكار لا الأشخاص.
سابعاً: تنويع أساليب الحوار.
فالناظر في المصادر المعتمدة في الدين الإسلامي القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة يجدها تتنوع في الحوار مع أهل الكتاب؛ ففي القرآن تارة تكون بالأسلوب المباشر، وهي كما في قوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} ([45])، وتارة تكون للتذكير كما في قوله تعالى: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ }([46])، وتارة تكون للترغيب والترهيب أو للوعد والوعيد أو للإنكار.
وتنوعت طريقة الرسول- صلى الله عليه وسلم- في حواره مع أهل الكتاب فتارة تكون بالخطاب المباشر، وتارة تكون بالمراسلة، وتارة تكون باستقبال الوفود والحوار معهم.
ثامنًا: تجنب الاستطراد الممل أو الإيجاز المخل.
لأن الإطالة والاستطراد في الحديث من الأمور الثقيلة والمملة في الحوار، وقد تصرف الحوار عن الموضوع الأساس، وكذلك الإيجاز المخل لا يوفي بموضوع الحوار إن لم يكون بليغًا، فلا إفراط ولا تفريط.
تاسعًا: احترام حقوق أهل الأديان الأخرى، وعدم سب دينهم.
لا يجوز السب، والشتم، والإساءة للآخرين أثناء الحوار؛ لقوله تعالى: {وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} ([47]).
واحترام حقوقهم دون السخرية والاستهزاء بمقدساتهم والهجوم عليها؛ لأن هذا يثير الفتن بين أهل الأديان.
هذه هي ضوابط الحوار- على حد اجتهادي- والتي اُستقيتها من قيم ونظم الدين الإسلامي؛ ليدور في ضوئها الحوار أيًا كان نوعه، وموضوعه، وغايته.
الخاتمة
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على الرحمة المهداة رسول الله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. أما بعد:
فإن من أهم النتائج التي توصلت إليها من خلال بحثي ما يلي:
- إن فكرة الحوار بين أهل الأديان فكرة ظهرت في منتصف القرن الماضي، ولم تبدأ الحوارات بين الأديان بمبادرة إسلامية، ولم توضع خطتها وأهدافها بأيدي مسلمة، فقد جاءت بطلب من الغرب بعد تزايد دخول النصارى في الدين الإسلامي.
- إن الدين الإسلامي دين عالمي يرحب بالحوار بين أهل الأديان، ويدعو له، والحوار منهجٌ أصيلٌ من مناهج الدين الإسلامي الحكيمة، والقوية، والعادلة.
- إن فكرة الحوار بين أهل الأديان تختلف عن فكرة وحدة الأديان؛ فوحدة الأديان غير مقبولة بالكلية لدى المسلمين.
- إن قصد بالحوار بين أهل الأديان إذابة الفوارق بين الأديان، والجمع بين عقائدها، أو نقض الدين الإسلامي، وتمييع شرائعه؛ فهذا القصد غير مقبول؛ لأنه يفضي إلى القول بصحة جميع المعتقدات والديانات.
- إن قصد بالحوار الجدال بالتي هي أحسن، والتعريف بالإسلام، والتعاون في الأمور المشتركة كالأصول الأخلاقية، والمحافظة على المجتمعات، ومراعاة حقوق الإنسان بإشاعة التسامح والتعايش السلمي فهذا القصد مقبول.
- إن الحوار المطلوب شرعًا وعقلًا مع أصحاب الديانات الأخرى يكون من أجل دعوتهم للدين الإسلامي المهيمن على جميع الأديان السماوية السابقة، ومن أجلِ إيضاح محاسنه، وبيان ما هم عليه من باطل، وإخراجهم من ظلماتِ الشركِ والجهلِ، إلى الحقِ والنورِ.
- إن الحوار بين أهل الأديان أمر ضروري لتوضيح الصورة الصحيحة للإسلام، ولكن لابد من توافر ضوابط معينة ليكون حوارًا ناجحًا.
أما التوصيات فهي كما يلي:
- الاعتصام بكتاب الله، وسنة نبيه محمد- صلى الله عليه وسلم-، والتمسك بأصول العقيدة الإسلامية، وعدم تقديم أي تنازلات على حساب المبادئ والقيم الثابتة.
- دراسة حوار القرآن لأصحاب العقائد الأخرى بأنواعها؛ للسير على منهاجه.
- توفير مؤسسات إسلامية ترعى الحوارات بين أهل الأديان في ظل قيم، ومفاهيم الإسلام الثابتة.
- إعداد البحوث والدراسات العلمية والعملية المؤصلة بنصوص من الكتاب والسنة تتناول موضوعات الحوار بين أهل الأديان من جميع جوانبها، وتهتم بتوضيح المسائل الدقيقة والشائكة فيها.
هذا وفي الختام أسأل الله أن يثبتنا على دينه، ويجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن إنه ولي ذلك والقادر عليه، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله رب العالمين.
فهرس المصادر والمراجع
أولاً: المصدر الأصيل.
- القرآن الكريم.
ثانيًا: الكتب العلمية.
- التعايش بين أهل الأديان عند شيخ الإسلام ابن تيمية، لمحمد خير العبود، دار السوادي، السعودية، 1966م.
- التنصير، لعبد الرحمن الصالح، دار الكتاب والسنة، ط 1، 1420هـ.
- الإبطال لنظرية الخلط بين دين الإسلام وغيره من الأديان، لشيخ بكر أبو زيد.
- العلاقات الدولية في الإسلام، للشيخ محمد أبو زهرة، الدار القومية، القاهرة، 1964هـ.
- القاموس المحيط، للفيروز أبادي، دار إحياء التراث لعربي، بيروت، ط1، 1412هـ.
- الحوار، أصوله المنهجية وآدابه السلوكية، لأحمد عبد الرحمن الصويان، دار الوطن، الرياض، ط1، 1413هـ.
- دراسات في الأديان اليهودية والنصرانية، للدكتور سعود الخلف، أضواء السلف، ط1، 1422هـ_2002م.
- دعوة التقريب بين الأديان، لأحمد قاضي، دار ابن الجوزي، الدمام، ط1، 1422هـ.
- درء تعارض العقل والنقل، لشيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله-، تحقيق: محمد رشاد سالم، جامعة الإمام، الرياض.
- فتاوى اللجنة الدائمة، رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء، الرياض، ط1، 1417ه – 1996م.
- قرارات المجمع الفقهي الإسلامي، بمكة المكرمة، الدورات: من الأولى إلى السابعة عشرة، القرارات: من الأول إلى الثاني بعد المئة، رابطة العالم الإسلامي، المجمع الفقهي الإسلامي، ط2، (1977-2004م)، ص 356،355.
- مجموع الفتاوى، لشيخ الإسلام أحمد بن تيمية- رحمه الله-, جمع وترتيب: عبد الرحمن النجدي وابنه، ط1، 1423هـ_2002م.
- معجم مقاييس اللغة، لابن فارس، دار الجيل- بيروت، ط1، 1411هـ.
- مدارج السالكين، لابن قيم الجوزية، تحقيق: محمد حامد الفقي، دار الكتاب العربي، بيروت، ط2، 1393هـ_1973م.
- لسان العرب، لابن منظور، دار إحياء التراث العربي- بيروت، ط2، 1413هـ.
ثالثًا: الموسوعات والمواقع الالكترونية.
- موسوعة الحديث النبوي الشريف، الصحاح والسنن والمسانيد، الإصدار الثاني، إنتاج موقع روح الإسلام.
- مؤتمر مدريد على الموقع: http://www.alarabiya.net/articles/2008/06/21/51868.html
- توصيات مؤتمر مدريد: http://haras.naseej.com/Detail.asp?InNewsItemID=283443
- مؤتمرات الدوحة: http://www.qatar-conferences.org/dialogue2009/previous.php
- موقع الشيخ القرضاوي، قسم ندوات ومؤتمرات على الرابط التالي:
http://www.qaradawi.net/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=1747&version=1&template_id=187
- مجلة التسامح، العدد17، على الشبكة الإلكترونية.
- فتنة الدعوة إلى التقريب والحوار بين الأديان، لعبد العزيز الجليَّل، نشر بتاريخ 21/5/1429هـ، في موقع المسلم للشيخ/ ناصر بن سليمان العمر على الرابط التالي: http://www.almoslim.net/node/94033
فهرس الموضوعات
الموضوع الصفحة
المقدمة………………………………………………….,…………………….4
التمهيد: وفيه التعريف بمصطلحات عنوان البحث…………………………………….7
المبحث الأول: نشأة فكرة الحوار بين أهل الأديان وتطورها …………………………….9
المبحث الثاني: أهداف الحوار بين أهل الأديان …………………………………….14
المبحث الثالث: ضوابط الحوار بين أهل الأديان من منظور إسلامي…………………..17
الخاتمة: ……………………………………………………………………..21
فهرس المصادر والمراجع………………………………………………………..23
فهرس الموضوعات…………………………………………………….,………25
تم بحمد الله وتوفيقه
(5) انظر: مقاييس اللغة، لابن فارس، ج2، ص117.
(6) القاموس المحيط، للفيروز آبادي، ج2، ص23.
(7) لسان العرب، لابن منظور، ج3، ص383-385.
(8) الحوار، أصوله المنهجية، وآدابه السلوكية، لأحمد الصويان، ص 17.
(9) لسان العرب، لابن منظور، ج2، ص 1467، والدين، لمحمد دراز، ص 30-31.
(10) انظر: دراسات في الأديان، للدكتور: سعود الخلف، ص 9-11.
(11) انظر للاستزادة: حوار الأديان في الإسلام وتطبيقاته المعاصرة، للدكتورة/ أسماء خليفة الشبول، كلية الشريعة، جامعة اليرموك، الأردن، ص 760-761.
(12) انظر: لسان العرب، لابن منظور، ج1، ص436.
(13) انظر: قرارات المجمع الفقهي الإسلامي، بمكة المكرمة، الدورات: من الأولى إلى السابعة عشرة، القرارات: من الأول إلى الثاني بعد المئة، رابطة العالم الإسلامي، المجمع الفقهي الإسلامي، ط2، 1977-2004م، ص 355-356.
(14) موقع الشيخ القرضاوي، قسم ندوات ومؤتمرات على الرابط التالي:
http://www.qaradawi.net/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=1747&version=1&template_id=187
(15) انظر: مؤتمرات الدوحة على الموقع التالي: http://www.qatar-conferences.org/dialogue2009/previous.php
(16) مقتبس باختصار من مؤتمر مدريد على الرابط: http://www.alarabiya.net/articles/2008/06/21/51868.html
(17) ما أوردته من توصيات موجودة على الرابط اللاحق. وإيرادها هنا من متطلبات البحث؛ ليكون لدى القارئ الكريم فكرة وتصور، ويوجد في الموقع كذلك المبادئ المشتركة التي يؤكدون عليها، والوسائل التي تعينهم على تحقيق تلك المبادئ؛ للاستزادة انظر: http://haras.naseej.com/Detail.asp?InNewsItemID=283443
(20) انظر: التنصير، لعبد الرحمن الصالح، ص 62 – 66.
(21) فيلسوف ومفكر سويسري، أستاذ بجامعة توبنغن في ألمانيا. انظر لقوله هذا في مقالة: الحوار بين الأديان والأمم، مجلة التسامح، العدد 17.
(23) انظر: دعوة التقريب، لأحمد القاضي، ج3، ص1140 – 1173.
(24) انظر: الإبطال لنظرية الخلط بين دين الإسلام وغيره من الأديان، لبكر أبو زيد، ص 22 – 25.
(25) انظر: فتاوى اللجنة الدائمة، فتوى رقم 194.2, بتاريخ 25/1/1418هـ.
(26) مجموع الفتاوى، لشيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله-، ج 28، ص524.
(29) فتنة الدعوة إلى التقريب والحوار بين الأديان، للشيخ: عبد العزيز الجليَّل، نشر بتاريخ 21/5/1429هـ، في موقع المسلم للشيخ/ ناصر بن سليمان العمر على الرابط التالي: http://www.almoslim.net/node/94033
(30) دراسات في الأديان، لسعود الخلف، ص126-129.
(33) انظر: مجموع الفتاوى، لشيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله-، ج28، ص601 وما بعدها.
(34) انظر: التعايش بين أهل الأديان عند شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله-، لمحمد خير العبود.
(35) درء تعارض العقل والنقل، لشيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله-، ج 7، ص173.
(36) العلاقات الدولية في الإسلام، للشيخ محمد أبو زهرة، الدار القومية، القاهرة،1964هـ، ص 29.
(37) انظر: دعوة التقريب بين الأديان، لأحمد قاضي، ج1، ص349.
(42) فتح الباري، لابن حجر العسقلاني، كتاب المغازي، برقم (4038).
(43) انظر: حقيقة العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين، لسعد الصيني، ص 25 – 26.