الدعوةُ إلى الله عزَّ وجلَّ مفهومُها ووسائلُهَا ومَدَى مواكبةِ العصر
إعدادُ الباحثةِ:
كليه الشريعة – جامعه الملك خالد
ملخصُ البحثِ:
هذا البحث يتناول الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ مفهومها، ووسائلها، ومدى مواكبة العصر، وجاء في مقدمة، وأربعة مباحث، وخاتمة، وتناول المبحث الأول: مفهوم الدعوة، وحكمها، والهدف منها، وتناول المبحث الثاني: وسائل الدعوة بين التوقُّف والإباحة، وتناول المبحث الثالث: تعدُّد وسائل الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ، وتناول المبحث الرابع: ضرورة مواكبة العصر في الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ، وقد اعتمدتُ في هذا البحث على المنهج (الاستقرائي التحليلي)، وجاءت الخاتمة متضمنةً أهمَّ النتائج والتوصيات التي كشفت عنها الدراسةُ، وهي كالتالي: الدعوة إلى الله هي تبليغ الإسلام للناس، وتعليمه إياهم، وتطبيقه في واقع الحياة، الدعوة إلى الله فرضُ عينٍ على الأنبياء والعلماء الذين تعلموا العلم وفقهوه، وهي فرضُ كفاية على أفراد الأمة الإسلامية في التناصح فيما بينهم، الهدف من الدعوة إلى الله هو تعريف الناس بالله عزَّ وجلَّ، ونشر الخير والصلاح، وتعارُف الشعوب، وتعايش الناس في سلام وأمان، وسائل الدعوة إلى الله منها ما هو توقيفيٌّ، ومنها ما هو اجتهاديٌّ، وسائل الدعوة الأساسية هي الحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي أحسن، والقصص، والأمثال، والترغيب، والترهيب، وأنها مواكبة لمقتضيات العصر الحاضر، وسائل الدعوة المستحدثة والمعاصرة متعددة لا يمكن حصرُهَا، وكل يوم تظهر وسيلة جديدة يمكن الاستفادة منها بضوابطَ في الدعوة إلى الله.
الكلمات المفتاحية: مفهوم الدعوة، حكم الدعوة، هدف الدعوة، وسائل الدعوة، مواكبة العصر.
Al da’wa to God aza wajal its concept, means and extent of keeping pace with the times
Prepared by the researcher/
Hend Yahya Abdallah Alghamdi
This study addresses Al da’wa to God aza wajal its concept, means and extent of keeping pace with the times. The study consists of an introduction fourth chapters and a conclusion. The first chapter the concept of al da’wa, its ruling, and objectives. The second chapter means of al da’wa is between stop and allow. The third chapter Multiplicity of means of al da’wa to God aza wajal. The fourth chapter the necessity of keeping pace with the times in al da’wa to God aza wajal. The methodological approach adopted in the study is analytical inductive. The conclusion presents the most important findings which were reached by the study; which are as follows, al da’wa to God is to communicate Islam to people, teach it to them, and apply it in real life, al da’wa to God is individual duty for the prophets and scholars who have learned the science and its Understanding, and it is an collective duty imposed on the members of the Islamic nation to the advice among themselves ,and other results…….
Keywords: Concept of al da’wa, the ruling of al da’wa objective of al da’wa, means of al da’wa, Keep up with the times
الحمد لله الذي جعل الدين عنده هو الإسلام، والصلاة والسلام على رسول الله نبيِّ الرحمة والتيسير والعدل، وعلى آله وصحبه أجمعين أهل العلم والفضل، وعلى مَنْ تبعهم بإيمان وإحسان إلى يوم الفصل.
وبعد:
فإن الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ من أجلِّ المهامِّ التي يتشرف بها مَنْ عمل فيها، فهي مهمةُ الأنبياء والرسل عليهم السلام، ووظيفةُ الدعاة والعلماء، والدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ قد وضع النبي ﷺ أساسَهَا، ثم تلقَّى الصحابةُ هذا العلمَ وحملوه للناس في ربوع الأرض، ومازال هذا العلم ينقله الدعاةُ الأخيارُ من كل جيل، ويلاحظ أنه في كل عصر تظهر فيه وسائلُ دعويةٌ جديدة، يضبطها دعاةُ كلِّ جيل بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية، وفي عصرنا الحاضر ظهرت عدة وسائل دعوية جديدة للدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ، بالإضافة إلى الوسائل الأساسية للدعوة من الحكمة، والموعظة الحسنة، وغيرها، وكل هذا سوف نتطرَّق إليه في هذا البحث المتواضع الذي جعلنا عنوانه:
«الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ مفهومها ووسائلها ومدى مواكبة العصر»
– النظر إلى ما يبذله أعداءُ الإسلام من تفنُّنٍ في عرض عقائدهم الباطلة، وأخلاقهم الفاسدة في قوالبَ حديثةٍ عبرَ وسائلَ فنيةٍ إعلاميةٍ بأفضل الطرق وأعلاها، وأهل الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ عندهم نقص ٌكبيرٌ في استعمال التقنيات الحديثة في العصر الحاضر، فكان لابدَّ من حصر وسائل الدعوة الأصلية، ووسائل الدعوة في العصر الحاضر، وتقديمها للدعاة إلى الله عزَّ وجلَّ؛ لكي يستفيدوا منها ويطوِّرُوها، فنحن الآن نقول بأن قبول أيِّ دعوة متوقف في الغالب على حسنِ عرض الدعوة، وأدائِهَا بأفضل الطرق، وأحسن الأساليب.
– تعريف الدعاة والعاملين في حقل الدعوة أن الدعوة هي أفضل وأشرف عمل يُلْقَى على عاتقهم، ولاسيما أنها عمل الأنبياء والرسل، فكان لازمًا عليهم أن يقتدوا بالنبيِّ، وأصحابه، والسلف الصالح في الدعوة إلى الله، فهم خير مَنْ دعا إلى الله بالحكمة، والموعظة الحسنة، والجدال بالتي هي أحسن.
– طرح وسائل دعوية حديثة على الدعاة أن يستخدموها في أداء رسالتهم الميمونة؛ حتى يصلَ صوتُ الدعوة إلى مشارق الأرض ومغاربها، فيعمَّ الدنيا بأسرها الرخاءُ، والطمأنينةُ، والسلامُ.
يدور البحث حول بيان مفهوم الدعوة إلى الله، وحكمها، والهدف منها، ووسائل الدعوة التي هي في حكم التوقيفية، ووسائل الدعوة التي هي اجتهادية، ومدي مواكبة الوسائل الدعوية للعصر الحاضر.
– ما هو الهدف من الدعوة إلى الله؟ وهل الناس يحتاجون إلى الدعوة؟ وهل يمكن للحياة أن تسير بدون الدعوة؟
-هل وسائل الدعوة توقيفيةٌ أم اجتهاديةٌ؟
-ماهي الوسائل الأصيلة للدعوة؟ وهل هناك وسائل معاصرة يمكن استخدامها في توصيل الدعوة؟ وهل كل وسيلة حديثة تصلح لتكون وسيلة أم أن هناك ضوابطَ تحكم استخدام هذه الوسائل؟
-هل مواكبة العصر ضرورة ملحة في العصر الحاضر؟
-كيفية الاستفادة من التقنيات الحديثة في الدعوة إلى الله؟
هنالك دراسات عربية تناولت بعضًا من مسائل الدعوة، وقد استفدت منها في موضوع بحثي، ويمكن الإشارة إلى بعض تلك الكتب والدراسات التي استفدت منها في بحثي:
-أصول الدعوة، للدكتور عبد الكريم زيدان، ويُعَدُّ هذا الكتابُ من أقدم الكتب التي أُلِّفَتْ حديثًا في مجال الدعوة، وقد تناول المؤلفُ في كتابه عدةَ مسائل وقضايا متعلقة بالإسلام، وطُرُق الدعوة إليه باختصار، مع عدم التطرُّق إلى قضايا منهج الدعوة.
– وسائل الدعوة إلى الله تعالى وأساليبها بين التوقيف والاجتهاد، للدكتور حسين بن عبد المطلب، وقد تناول المؤلفُ في هذا الكتاب وسائلَ الدعوة إلى الله تعالي، ثم بَيَّنَ أساليبَ الدعوة، وتكلم في كتابه عن مسألة: هل وسائل الدعوة اجتهاديةٌ أم توقيفيةٌ؟
– الدعوة الإسلامية، أصولها ووسائلها، للدكتور أحمد غلوش، وقد تناول المؤلفُ في كتابه العديدَ من أمور الدعوة وأصولها؛ مثل: التعريف بالدعوة، وبين الإسلام والدعوات الإلهية، وتبليغ الدعوة، ووسائل تبليغ الدعوة، ولم يتطرَّق الكتاب إلى منهج الدعوة في الواقع المعاصر.
-الأسس العلمية لمنهج الدعوة الإسلامية دراسة تأصيلية على ضوء الواقع المعاصر، للدكتور عبد الرحيم بن محمد المغذوي، وقد تناول المؤلف في كتابه المنهجَ الدعويَّ الذي يقوم على إيضاح مسائل الدعوة وأمورها، وقد بَيَّنَ المؤلفُ وسائلَ منهج الدعوة الأصيلة، ووسائل منهج الدعوة المعاصرة.
أما بالنسبة لأيِّ دراسات أجنبية تناولت موضوعَ بحثي يمكنني الاستفادة منها، فلم أقف على أي دراسة في هذا الصدد.
خلاصة القول: أني قد استفدت من تلك الدراسات المذكورة، وغيرها مما هو مُدَوَّنٌ في ثنايا البحث إفادة طيبة أثْرَتْ جوانب الموضوع، فلله الحمد والشكر.
اعتمدتُ في بحثي هذا على المنهج الاستقرائي التحليلي، حيث قمتُ باستقراء بعض الكتب العلمية، وأخذتُ منها ما يفيد موضوعي، وقمتُ بعرض المادة العلمية وتحليلها بما يناسب بحثي.
أهم خطوات البحث العلمي الْمُتَّبَعِ في هذا البحث:
هناك جملة من الخطوات البحثية التي قمتُ بإتباعها أثناء كتابة هذا البحث، وهي متسقة مع مناهج البحث العلمي، بل وجزء منها، ولأهمية هذه الخطوات يمكن إبرازها فيما يلي:
1- عزو الآيات القرآنية الكريمة إلى مواضعها.
2- تخريج الأحاديث النبوية من مظانِّهَا، فحينما يكون الحديث في الصحيحين أو أحدهما اكتفي به، أما إذا كان الحديث خارج الصحيحين فأخرجه، ثم أذكر قول الشيخ الألباني فيه من حيث التصحيح أو التضعيف.
3- التأصيل العلمي قدر المستطاع لموضوعات البحث.
4- الإضافة العلمية في ثنايا موضوعات البحث قدرَ الجهد.
5- تناول موضوع الدعوة والتركيز على ما يخدم الدعوة من وسائل دعوية، وعدم الانسياق وراء موضوعات جانبية أخرى، من الكلام على الفرق، والتيارات، والجماعات المنتسبة للدعوة إلا بما يخدم الموضوع.
6- حاولت قدرَ المستطاع التوسُّطَ في كتابة موضوعات البحث، فلا إفراط ولا تفريط، وذلك حتى لا أهضم الموضوع حقه، ولا أضخمه أكثر من ذلك.
7- الإفادة من كثير من الكتب التي تناولت الدعوة وموضوعاتها.
جاء هذا البحث في مقدمة، وأربعة مباحث، وخاتمة.
المبحث الأول: مفهوم الدعوة وحكمها والهدف منها، وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: مفهوم الدعوة لغةً واصطلاحًا.
المطلب الثاني: حكم الدعوة إلى الله.
المطلب الثالث: الهدف من الدعوة إلى الله.
المبحث الثاني: وسائل الدعوة بين التوقُّف والإباحة، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: مفهوم الوسيلة لغةً واصطلاحًا.
المطلب الثاني: وسائل الدعوة اجتهاديةٌ أم توقيفيةٌ.
المبحث الثالث: تعدُّد وسائل الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ.
المبحث الرابع: ضرورةُ مواكبة العصر في الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ، وفيه خمسة مطالب:
المطلب الأول: تعريف المواكبة في لغة العرب.
المطلب الثاني: أنواع المواكبة.
المطلب الثالث: الوسائل التي دعا إليها القرآنُ ومدي المواكبة.
المطلب الرابع: ضوابط مواكبة الوسائل الدعوية للعصر.
المطلب الخامس: الاستفادة من الوسائل الحديثة في الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ.
الخاتمة: النتائج، والتوصيات.
المبحث الأول: مفهوم الدعوة، وحكمها، والهدف منها.
وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: مفهوم الدعوة لغةً واصطلاحًا.
الدعوة لغةً:
الدعوة مصدر من الفعل الثلاثي دعا يدعو دعوةً، والدَّعوة بفتح الدال: الدعاء إلى الشيء (الطعام على سبيل المثال)، فعن جابر، قال: قال رسول الله ﷺ: «إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى طَعَامٍ فَلْيُجِبْ، فَإِنْ شَاءَ طَعِمَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ» ([1]).
أما الدِّعوة بكسر الدال: الدعوة في النسب ([2])، والأصل في مفهوم الدعوة أنه يعتمد على البيان والكلام، فالدعوة أن تُميل الشيءَ إليك بصوت وكلام يكون منك ([3]).
قلتُ: يطلق لفظ الدعوة ويُرَادُ به عدة معانٍ:
منها الطلب، دعا بالشيء: أي طلب إحضارَهُ، ودعا لفلان: أي طلب الخيرَ له، ودعا على فلان: أي طلب الشرَّ له.
ودعا إلى الشيء: أي حثَّ على قصده، فيقال دعاه إلى القتال: أي حثَّه على القتال، ويُقال دعاه إلى الصلاة: أي حثَّه على الصلاة، ودعاه إلى الدين وإلى المذهب: أي حثَّه على اعتقاده، ويُقال دعاه إلي الأمير: أي ساقه إليه …، وتَدَاعَى القومُ: دعا بعضُهُمْ بعضًا حتى يجتمعوا، وتَدَاعَى القومُ على فلانٍ: تألَّبوا عليه وتناصروا ([4]).
ومنها السؤال، دعوتُ اللهَ: أي ابتهلتُ له بالسؤال، ورجوتُ ما عنده من الخير، ومنه قول الله ([5]). قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى تعالي:
قلتُ: وتُطلَقُ أيضًا الدعوة على الدعاء إلى أيِّ قضية يُرادُ إثبُاتها، أو الدفاعُ عنها سواء كانت حقًّا أم باطلًا.
فمن القرآن قوله تعالي: لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ([6])، وقوله تعالي: وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ([7]).
ومن السنة: ما حدث في غزوة بني المصطلق بين المهاجرين والأنصار، وتَدَاعِي بعضِهِم على بعضٍ، فعن عَمْرِو بنِ دينارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، وَقَدْ ثَابَ مَعَهُ نَاسٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ حَتَّى كَثُرُوا، وَكَانَ مِنَ المُهَاجِرِينَ رَجُلٌ لَعَّابٌ، فَكَسَعَ أَنْصَارِيًّا، فَغَضِبَ الأَنْصَارِيُّ غَضَبًا شَدِيدًا حَتَّى تَدَاعَوْا، وَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَارِ، وَقَالَ المُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ، فَقَالَ: «مَا بَالُ دَعْوَى أَهْلِ الجَاهِلِيَّةِ؟» ثُمَّ قَالَ: «مَا شَأْنُهُمْ» فَأُخْبِرَ بِكَسْعَةِ المُهَاجِرِيِّ الأَنْصَارِيَّ، قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «دَعُوهَا فَإِنَّهَا خَبِيثَةٌ»، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ: أَقَدْ تَدَاعَوْا عَلَيْنَا، لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ، فَقَالَ عُمَرُ: أَلاَ نَقْتُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الخَبِيثَ؟ لِعَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لاَ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّهُ كَانَ يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ» ([8]).
وفي كتاب النبي ﷺ إلى هرقل: «مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ: سَلاَمٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسْلاَمِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الأَرِيسِيِّينَ» ([9]).
ويُطلَق أيضًا لفظُ الدعوة على الأذان، فعن جابر بن عبد الله: أن رسول الله ﷺ قال: «مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلاَةِ القَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الوَسِيلَةَ وَالفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ، حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ» ([10]).
ولفظ الدعوة يُستعمل في الخير والشرِّ، قال الله تعالى: وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ([11])، وعن عكرمة، أن ابن عباس، … كُنَّا نَنْقُلُ لَبِنَ المَسْجِدِ لَبِنَةً لَبِنَةً، وَكَانَ عَمَّارٌ يَنْقُلُ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ، فَمَرَّ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ، وَمَسَحَ عَنْ رَأْسِهِ الغُبَارَ، وَقَالَ: «وَيْحَ عَمَّارٍ تَقْتُلُهُ الفِئَةُ البَاغِيَةُ، عَمَّارٌ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ، وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ» ([12]).
الدعوة اصطلاحًا:
قد عرَّفْنَا الدعوةَ لغةً فلنُعرِّفْهَا اصطلاحًا، ومن خلال دراستنا لمفهوم الدعوة اصطلاحًا وجدنا أن التعريفَ الاصطلاحيَّ للدعوة بمعني الدِّين يُغاير التعريفَ الاصطلاحيَّ للدعوة بمعنى النشر والبلاغ، وستتناول كِلَا المعنيَيْنِ من خلال تعريفات بعض العلماء لمعنى الدعوة.
الدعوة بمعني النشر والبلاغ:
– قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: (الدَّعْوَةُ إلَى اللَّهِ هِيَ الدَّعْوَةُ إلَى الْإِيمَانِ بِهِ، وَبِمَا جَاءَتْ بِهِ رُسُلُهُ، بِتَصْدِيقِهِمْ فِيمَا أَخْبَرُوا بِهِ، وَطَاعَتِهِمْ فِيمَا أَمَرُوا، وَذَلِكَ يَتَضَمَّنُ الدَّعْوَةَ إلَى الشَّهَادَتَيْنِ، وَإِقَامَ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ، وَصَوْمَ رَمَضَانَ، وَحَجَّ الْبَيْتِ، وَالدَّعْوَةَ إلَى الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْبَعْثَ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْإِيمَانَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، وَالدَّعْوَةَ إلَى أَنْ يَعْبُدَ الْعَبْدُ رَبَّهُ كَأَنَّهُ يَرَاهُ) ([13]).
– عرَّفها الدكتور أحمد غلوش بأنها: (العلم الذي به تعرف كافة المحاولات الفنية المتعددة الرامية إلى تبليغ الناس الإسلام بما حوى من عقيدة، وشريعة، وأخلاق) ([14]).
-عرَّفها محمد سيدي الحبيب بأنها: (هي قيام مَنْ له أهلية بدعوة الناس جميعًا في كل زمان ومكان لاقتفاء أثر الرسول ﷺ، والتأسِّي به قولًا وعملًا وسلوكًا) ([15]).
– عرَّفها محمد الخضر حسين بأنها: (إنقاذُ الناس من ضلالةٍ أو شرٍّ واقعٍ بهم، وتحذيرُهم من أمرٍ يُخشَى عليهم الوقوعُ في بأسه) ([16]).
-عرَّفها الدكتور يوسف محي الدين أبو هلالة بأنها: (قيام المسلمين الْمُؤَهَّلِينَ دولةً، وأمةً، وأفرادًا، بتبليغ الناس كافةً، وحثِّهم على اتباع الإسلام، إيمانًا، وعملًا، ومنهاجَ حياة، بطُرُق مشروعة مخصوصة) ([17]).
-عرَّفها الدكتور محمد أبو الفتح البيانوني بأنها: (تبليغ الإسلام للناس، وتعليمه إياهم، وتطبيقه في واقع الحياة) ([18]).
قلتُ: كلُّ هذه التعريفات ركَّزت على جانب من جوانب الدعوة، وأري -والله أعلم- أن أفضل التعريفات هو تعريف الدكتور محمد أبو الفتح البيانوني؛ فهو تعريف جامع مانع.
الدعوة بمعنى الدِّين (الرسالة):
عرَّف الشيخ محمد الراوي الدعوة إلي الله بأنها: (دين الله الذي بعث به الأنبياءَ جميعًا تجدد علي يد محمد ﷺ خاتم النبين، كاملًا وافيًا لصلاح الدنيا والآخرة) ([19]).
وعرَّف الشيخ أيضًا الدعوة إلى الله بأنها: (دين الله الذي ارتضاه للعالمين، تمكينًا لخلافتهم، وتيسيرًا لضرورتهم، ووفاءً بحقوقهم، ورعايةً لشئونهم، وحمايةً لوحدتهم، وتكريمًا لإنسانيتهم، وإشاعةً للحق والعدل فيما بينهم) ([20]).
عرَّف الدكتور أحمد غلوش الدعوة إلي الله على أنها: الدين الذي ارتضاه الله للعالمين، وأنزل تعاليمَه وحيًا على رسول الله ﷺ، وحفظها القرآنُ الكريمُ، والسنةُ النبويةُ.
وقال أيضًا عن الدعوة إلي الله بأنها: هي النظامُ العامُّ، والقانونُ الشاملُ لأمور الحياة، ومناهج السلوك للإنسان، التي جاء بها محمد ﷺ من ربه، وأمره بتبليغها إلى الناس، وما يترتَّب على ذلك من ثواب أو عقاب في الآخرة.
وهذه التعريفات ليست متعارضةً بل تتضافر في إعطاء صورة للإسلام الذي هو الدعوة ([21]).
قلتُ: لفظ الدعوة من الألفاظ التي تُطلق على الدِّين، أي: الإسلام (الرسالة) بتعاليمه، وتُطلق أيضًا على (نشر، وتبليغ، وبيان) الإسلام للناس، وهو الآن علم مستقل، وسياق إيراد لفظ الدعوة هو الذي يحدد المعنى المُرَاد منها.
فإذا أُطلِق لفظ الدعوة يُصرَفُ معناه إلى النشر والبلاغ، وهو المعنى الذي ورد في القرآن الكريم والأحاديث النبوية.
المطلب الثاني: حكم الدعوة إلى الله.
يمكنني القول بأن الدعوة إلى دين الله عزَّ وجلَّ من أفضل الأعمال التي يتشرف بها المرء في حياته، فهي من خصائص أمة الإسلام، قال الله تعالى: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ
وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ([22])، فخيريَّةُ هذه الأمة في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وقال الله تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ([23]).
وقد قسَّم أهلُ العلم حُكْمَ الدعوة إلى الله إلى قسمين:
القسم الأول: أنها فرضُ عين على الأنبياء والرسل، ومن ثَمَّ على العلماء الربانيين الذين تعلموا دين الله وفقهوه، ووقفوا على أحكامه، وتعرفوا على شرائعه.
وأدلة الوجوب صريحة في القرآن الكريم، والسنة النبوية:
فمن القرآن الكريم:
قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ([24]).
وقال تعالى: فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ([25]).
وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ([26]).
وقال تعالى: وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُّسْتَقِيمٍ([27]).
وقال تعالى: وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ([28]).
وقد حثَّ اللهُ تعالى المسلمين على أن يُوجدَ من بينهم جماعةٌ تتفرغ للدعوة، والقيام بأمرها، فقال تعالى: وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ([29]).
قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ، أي: مُنْتَصِبَةٌ لِلْقِيَامِ بِأَمْرِ اللَّهِ فِي الدَّعْوَةِ إِلَى الْخَيْرِ، وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، قَالَ الضَّحَّاكُ: هُمْ خَاصَّةُ الصَّحَابَةِ وَخَاصَّةُ الرُّوَاةِ، يَعْنِي الْمُجَاهِدِينَ وَالْعُلَمَاءَ ([30]).
وقد اختلف أهل العلم في كلمة (مِنْ) على قولين:
القول الأول: (مِنْ) هنا للتبيين لا للتبعيض، فالأمر عامٌّ، ثم إذا قامت به طائفةٌ وقعت الكفاية، وزال التكليفُ عن الباقين.
القول الثاني: (مِنْ) هنا للتبعيض، وكِلَا القولين حكاهما الرازي ([31]).
ومن السنة النبوية:
تضافرت أحاديثُ كثيرةٌ تدلُّ على وجوب الدعوة إلى الله، وأنها فرضُ عينٍ في حق الأنبياء والمرسلين، وحقٌّ أيضًا على العلماء الذين تعلموا العلم، فمنها على سبيل المثال:
حديث عبد الله بن عمرو بن العاص:
«بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» ([32]).
حديث أبي سعيد الخدري:
«مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ» ([33]).
حديث أَبِي بَكَرَةَ نُفَيْعِ بْنِ الْحَارِثِ:
«لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ، فَإِنَّ الشَّاهِدَ عَسَى أَنْ يُبَلِّغَ مَنْ هُوَ أَوْعَى لَهُ مِنْهُ» ([34]).
وفي رواية «فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ» ([35]).
الحديث المشهور المتواتر الذي رواه ثلاثون صحابيًّا:
«نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَحَفِظَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَحْفَظُ لَهُ مِنْ سَامِعٍ» ([36]).
من خلال ما ورد من أدلة من القرآن الكريم، والسنة النبوية، يتضح وجوبُ تبليغ الدعوة إلى الله، وأنها فرضُ عينٍ على العلماء والدعاة.
القسم الثاني: تناصح جميع أفراد الأمة فيما بينهم بالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وهو حقٌّ مشروع لجميع المسلمين، وهو فرضُ كفاية إذا قام به مَنْ يكفي سقط الإثم عن الجميع.
الأدلة من القرآن الكريم على: تضامن المسلمين فيما بينهم على الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، قال تعالى: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ([37]).
قال ابن كثير: (وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ عَامَّةٌ فِي جَمِيعِ الْأُمَّةِ كُلُّ قَرْنٍ بِحَسْبِهِ، وَخَيْرُ قُرُونِهِمُ الَّذِينَ بُعِثَ فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ) ([38]).
وقال تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ([39]).
وقال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ([40]).
ومن السنة النبوية:
حديث تميم الداري:
«الدِّينُ النَّصِيحَةُ» قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: «لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» ([41]).
حديث جرير بن عبد الله:
«بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَلَى إِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ» ([42]).
حديث النعمان بن بشير:
«مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا، وَنَجَوْا جَمِيعًا» ([43]).
قلتُ: يتضح لي أن الدعوةَ إلى الله شرفٌ عظيمٌ لمَنْ قام بها، وأنها فرضُ عينٍ على الأنبياء والعلماء الذين تعلموا العلم وفقهوه، وأنها فرضُ كفايةٍ على أفراد الأمة الإسلامية في التناصح فيما بينهم، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، إذا قام بها مَنْ يكفي سقط الإثم عن الجميع، كل فرد يقوم بها حسب قدرته وإمكانياته، وحسب واجباته نحو أهله، قال تعالى: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا([44]).
أو نحو قومه وعشيرته، قال تعالى: وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ([45]).
أو تجاه جيرانه وأصدقائه، وكل هذا يتمُّ على الأساس الذي وضعه القرآن الكريم في الدعوة إلى الله بالحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادلة بالَّتي هي أحسن، قال الله تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ([46]).
المطلب الثالث: الهدف من الدعوة إلى الله.
يمكنني القول بأن الدعوة إلى الله لها أهداف وغايات، ومن أهم هذه الأهداف:
– تعريف العباد بخالقهم سبحانه وتعالى، وأن هذا الكون بكل ما فيه من (بحار، ومحيطات، وسماء، وأرض، ونجوم، وكواكب) هو صنع الله سبحانه وتعالى لا شريك له، ولا مثيل له، ولا ندَّ له، قال الله تعالى: صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ([47]).
وقال تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ([48]).
فالله خلق الجنَّ والأنسَ لعبادته وحده لا شريك له، قال الله تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ([49]).
وهذا الكونُ بكلِّ ما فيه لا يخرج عن علم الله سبحانه وتعالى، قال الله تعالى: وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ([50]).
– نشرُ الخير والصلاح، ومحاربةُ الشرِّ والفساد، فدعوة الأنبياء جميعًا كانت لنشر الخير والصلاح، فقال الله تعالى عن دعوة النبي هود عليه السلام قومَهُ، وأنه أراد إصلاحَهم والخيرَ لهم: قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ([51]).
فدعوة النبي محمد ﷺ كانت لإصلاحِ الناسِ، وطلبِ الخير لهم في الدنيا والأخرة، فأمر الله تعالى الناس باتباع النور الذي أُنزل معه ليسعدوا، قال الله تعالى: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ([52]).
– تعارُفُ الشعوب، وتوحيدُ الأمم، ونشرُ السلام بينهم، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ([53]).
وبالسلام والحب والتعايش بين البشر تحدث عمارةُ الأرض، فالله استخلف الإنسانَ ليعمرَ ويبنيَ كل ما فيه الخير للبشرية، قال الله تعالى: وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ([54]).
المبحث الثاني: وسائل الدعوة بين التوقُّفِ والإباحةِ.
وفيه مطلبان:
المطلب الأول: مفهوم الوسيلة لغةً واصطلاحًا.
الوسيلة لغةً:
الوسيلة: مأخوذة من الفعل وَسَلَ، وهي مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلى الغَيْر، وَالْجَمْعُ: الوُسُلُ والوَسَائِلُ. والتَّوْسِيلُ والتَّوَسُّلُ وَاحِدٌ. يقال: وَسَلَ فلانٌ إلى ربِّه وسيلة، وتوسَّل إليه بوسيلة، أي تقرَّب إليه بعمل ([55]).
الوسيلة اصطلاحًا:
ما يستعين به الداعي على تبليغ الدعوة على نحو نافع مثمر، وهي نوعان: وسائل تتعلَّق باتخاذ الأسباب لتهيئة المجال الجيِّد المساعد لتبليغ الدعوة إلى الله، ونسميها بالوسائل الخارجية للدعوة، ووسائل تتعلَّق بمهمة تبليغ الدعوة بصورة مباشرة، ونسميها وسائل تبليغ الدعوة ([56])
أو ما يستعمله الداعية من إمكانات يوصل بها الدعوة إلى المدعوين، وغالبًا تكون حسيةً ([57]).
أو ما يتوصل به إلى دعوة الناس بطريق شرعيٍّ صحيح ([58]).
قلتُ: بعد كلِّ هذه التعريفات يمكننا القول بأن وسائل الدعوة هي: الأوعية التي تُحمَل فيها الدعوة لجذب الآخرين إلى طريق الخير ([59]).
المطلب الثاني: وسائل الدعوة توقيفيةٌ أم اجتهاديةٌ؟
من خلال تتبعي لهذه المسألة ظهر لي عدد من الأقوال التي قالت: إن وسائل الدعوة توقيفيةٌ، وأقوال أخرى قالت: إن وسائل اجتهاديةٌ، وأقوال فصَّلت في المسألة، فقالت: هناك وسائل للدعوة منها ما هو توقيفي، ومنها ما هو اجتهادي، وأظهر كلُّ واحد منهم أدلة على قوله ([60]).
فالقول الأول: يرى أن وسائل وأساليب الدعوة توقيفيةٌ، وعلى هذا فلا يجوز لأي أحد أن يشرع فيها ما لم يأذن به الله، ولا رسوله ﷺ، ولا أصحابه من بعده، وقد استدلَّ مَنْ قال بذلك القول:
-بقول الله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا([61]).
وجه الدلالة:
أن الله سبحانه وتعالى أَكْمَلَ هذا الدينَ، لانقص فيه ولا قصور، وأتمَّ نعمته على عباده، فلا يجوز لأي أحد أن يُحْدِثَ شيئًا في هذا الدين لم يكن له سلف فيه، لأنه حينئذ يزعم أن رسول الله ﷺ قد خان الرسالة، وقد قال الله تعالى: وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ([62])، وقال الله تعالى: مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ۚ ([63]).
-واستدلوا أيضًا: بقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ([64]).
-وبقوله تعالى: وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقًا([65]).
– وبقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ([66]).
– وبقوله تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ([67]).
وجه الدلالة:
أن الله تعالى قَرَنَ طاعتَهُ بطاعة الرسول ﷺ، فمن أطاع اللهَ ولم يطعِ الرسولَ فلن يقبل منه، ومن أطاع الرسولَ ولم يطعِ اللهَ فلن يقبل منه، ونهاهم عن مخالفة النبي ﷺ فيما جاء به الوحي، وعدم الخروج عن هدي النبي ﷺ بحجة أن الأمور المُسْتَحْدَثَةَ تقتضي ذلك، فالأصل هو متابعةُ النبي ﷺ، وأن مخالفته مردودة، وأنها ضلالة.
القول الثاني: يرى أن وسائل وأساليب الدعوة اجتهادية، وأن ما سكت عنه الشرع هو اجتهادي، وأنه منضبط بضوابطَ شرعيةٍ، وقد استدلَّ أصحاب هذا الرأي ([68]) بأن للوسائل حكمَ المقاصد والغايات، فلا يجوز الفصل في الحكم بين ذلك.
كما أن هناك وسائل عبادية تتطور، ويحدث فيها تجديد؛ مثل: وسائل الطهارة، وشكل عمارة المسجد، وهذا كلُّه لا يخصُّ أصل الطهارة، ولا أحكام المساجد، وعلى هذا فإن تطور الوسائل الأخرى، وعدم التوقيف فيها يكون من باب أولى.
كما أنه يجب التفريق بين العبادة بمفهومها العام – على أنها اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة ([69])-، ففي هذا المفهوم يدخل كلُّ ما كان فيه ثواب وأجر، وبين العبادة بمفهومها الخاص عند أهل الفقه؛ مثل: الصلاة، والصوم، والحج، وغيرها من العبادات التوقيفية، وهذه العبادات التوقيفية يقابلها العادات والمعاملات، والتي الأصل فيها الإباحة.
والدعوة إلى الله عبادة من العبادات، ولكنها ليست كالعبادات بمفهومها الخاص؛ كالصلاة، وغيرها التي فصَّلت فيها السنة النبوية، حتى لم يَعُدْ هناك مجالٌ للاجتهاد فيها، فعلى سبيل المثال: الجهاد في سبيل الله عبادة من حيث كونُهُ أمر الله به، وهو من الدعوة إلى الله، ولكن اختيار وقت الجهاد، وكيفية القيام به، ومكان الجهاد؛ هو اجتهاد أمره واسع بالنسبة للإمام والقادة، كلٌّ يشير علي حسب اجتهاده.
القول الثالث: فصَّلَ القولَ، وقال بأن وسائل الدعوة إلى الله تنقسم قسمين: منها ما هو توقيفيٌّ، ومنها ما هو اجتهاديٌّ، فالوسائل الدعوية التي جاء فيها نصٌّ قطعيٌّ صريحٌ سواء في كتاب الله تعالى، أو في سنة نبيه ﷺ، أو عن صحابته الكرام؛ فهي توقيفية، مثل أسلوب الحكمة، والموعظة الحسنة، والجدال بالتي هي أحسن، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والقصص، والأمثال، والترغيب، والترهيب، وغيرها.
وعلى النقيض التي لم يَرِدْ فيها نصٌّ قطعيٌّ صريحٌ فهي اجتهاديةٌ؛ مثل: وسائل التواصل الاجتماعي، والإعلام المرئي والمسموع والمقروء، والمواقع الإلكترونية، والملتقيات الدعوية، وتطبيقات المحادثة المشهورة؛ مثل: البال توك، والمراكز الإسلامية، وغيرها، وتستخدم هذه الوسائل بشرط أن تُضبط بضوابط الشريعة الإسلامية: بالبعد عن المحظورات التي تتعارض مع أصول الدين، وقد جوَّز استعمالَهَا عددٌ من العلماء كوسيلة دعوية ([70]).
قلتُ: الراجح عندي هو القول الثالث القائل بأن أساليب الدعوة منها ما هو توقيفيٌّ، ومنها ما هو اجتهاديٌّ مضبوطٌ بضابط الشرع، ويوجد شيء مهمٌّ لابد من لفت النظر إليه، وهو أن هناك جماعات تزعم أنها تعمل في حقل الدعوة، ويَرَىَ أمثالُ هؤلاء أن وسائل الدعوة اجتهادية، بمعني أن الداعي إلى الله يجوز له أن يختار من وسائل الدعوة ما يراه يصلح، ويهتدي به المدعوين، وإن كانت هذه الوسيلةُ لم يفعلها النبيُّ ﷺ ولا صحابَتُهُ الكرام، وقد جاء في الشرع ما ينهى عنها طالما أنها تحقق مصلحة الدعوة.
وبالتالي طالما أن هذه الوسيلةَ تحقق تلك المصلحة، فكل طريق أو أسلوب يُوصل إلى إصلاح وهداية العباد يصحُّ، ويجوز للداعي إلى الله أن يسلكَهُ، حتى وإن حرَّمَهُ الشرع الحنيف على رأي هؤلاء.
قال الغزالي: (هذا قولٌ باطلٌ ومخالفٌّ لنصِّ الكتاب بالمصلحة، وفتح هذا الباب يؤدي إلى تغيير جميع حدود الشرائع ونصوصها بسبب تغيُّر الأحوال) ([71]).
ومن أمثلة ذلك: تجويز هؤلاء الدخول إلى أماكن اللهو والغناء؛ مثل: الحانات، أو المراقص، أو البارات، أو المقاهى من أجل دعوة الناس إلى دين الله عزَّ وجلَّ.
وفي سبيل ذلك يُجَوِّزُونَ لأنفسهم سماعَ الغناء، ورؤيةَ الرقص والنساء العاريات، ويُجَوِّزُونَ حلقَ اللحَّى، وإسبالَ الثياب في سبيل الدعوة إلى الله تعالى، طالما أن المصلحة تقتضي ذلك، لكي يتناسب مع الفئة التي يوجهون دعوتهم إليها.
المبحث الثالث: تعدُّدُ وسائل الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ.
يمكنني القول بأن وسائل الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ قد تعدَّدت، وهذه الوسائل تمَّ تعلُّمُها من خطاب الله عزَّ وجلَّ في الكتاب العزيز، أومن خطاب النبي ﷺ مع مخالفيه ومعارضيه سواء كانوا مشركين أو أهلَ كتاب، أو مما جاء من آثار عن السلف الصالح.
وهذه الوسائل متعددة لا يمكن حصرها في هذا المقام، ولكننا نشير إلى أهم تلك الوسائل فيما يلي ([72]):
-الوسيلة الأولى: الحكمة، قال الله تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ([73])، وقال تعالى: يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ([74]).
ومن السنة النبوية:
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو ذَرٍّ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «فُرِجَ عَنْ سَقْفِ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَفَرَجَ صَدْرِي، ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، فَأَفْرَغَهُ فِي صَدْرِي، ثُمَّ أَطْبَقَهُ» ([75]).
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «لاَ حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٍ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا، فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الحَقِّ، وَرَجُلٍ آتَاهُ اللَّهُ حِكْمَةً، فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا»([76]).
-الوسيلة الثانية: الموعظة الحسنة، وهذه الموعظة لابد أن تكون عن إخلاصٍ، ونيةٍ صادقةٍ، قال الله تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ([77])، ويُشترط في هذه الموعظة موافقةُ كتاب الله تعالى، وسنةِ نبيه ﷺ، وأن تكون بلغةٍ بيِّنةٍ فيها لينٌ، وبعيدة عن الفظاظة، والغلظة، والخشونة.
الوسيلة الثالثة: الجدال بالتي هي أحسن، فالمجادِلُ لابد أن يتحلى ويتصف بالنية الصادقة في نُصرة الحق، وترك الرياء والسمعة، وعدم الانتصار لنفسه، كما أنه لابد وأن يتمتع بالعلم الصحيح المأخوذ من كتاب الله تعالى، ومن سنة نبيه ﷺ، وما كان عليه سلفُ الأمة، والجدالُ ينقسم إلى جدال محمود يُرغب فيه، وجدال مذموم يُنهى عنه.
الوسيلة الرابعة: القصص، يكون مصدرها القرآن، أو السنة، أو سيرة السلف الصالح، أو قصص الحياة العامة وأحداثها، أو أخبار بني إسرائيل.
والقرآن قد احتوى على قصص كثيرة أهمها قصص الأنبياء والمرسلين عليهم السلام، وأخبار المعاندين، ونبأ السابقين، وخبر المستقدمين إلى غير ذلك، قال الله تعالى: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ([78]).
والسنة النبوية كذلك قد احتوت على قصص نبوية سواء التي كان يقصُّهَا النبيُّ على أصحابه من أخبار الأمم السابقة، أو ما كان يجري في عهده ﷺ من أحداث ومواقف مختلفة.
وسيرة السلف الصالح حافلةٌ بقصص نافعة مفيدة يجد فيها الداعية عونًا له على دعوته، وكذلك قصص الحياة العامة، فيختار منها الداعية ما هو خير ونافع، ويبتعد عما هو خيالي ومُلَفَّق، وكذلك أخبار بني إسرائيل، وقد قال النبي ﷺ: «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» ([79])
الوسيلة الخامسة: الأمثال، ولها أهمية كبيرة وفائدة عظيمة في الدعوة إلى الله، والقرآن الكريم والسنة النبوية قد حَفِلَا بالعديد من الأمثال، والأمثال تُضرب لكي يستيقظَ المؤمنُ من غفلته قال الله تعالى: وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ([80])، وقال تعالى: وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ([81])، وقال تعالى: وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ([82]).
قال ابن القيم: (وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ -سُبْحَانَهُ- أَنَّهُ ضَرَبَ الْأَمْثَالَ لِعِبَادِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ، وَأَمَرَ بِاسْتِمَاعِ أَمْثَالِهِ، وَدَعَا عِبَادَهُ إلَى تَعَقُّلِهَا، وَالتَّفْكِيرِ فِيهَا، وَالِاعْتِبَارِ بِهَا، وَهَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِهَا) ([83]).
الوسيلة السادسة: الترغيب والترهيب، الترغيب بما أعدَّه الله لعباده المؤمنين من النعيم، والترهيب يكون بالتخويف مما أعدَّه الله تعالى من عقاب للمُذْنِبِين، قال تعالى: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا([84])، أي خوفًا من العقاب وطمعًا في الثواب، وقال تعالى: إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا([85])، قال ابن جُريج في تفسيره لهذه الآية: (رَغَبًا في رحمة الله، وَرَهَبًا من عذاب الله) ([86]).
وأسلوب الترغيب والترهيب يعتبر من الأساليب ذات الأهمية البالغة في الدعوة إلى الله، وذلك لأن غرس الخوف من غضب الله وعقابه العاجل والآجل في النفوس مطلوبٌ؛ لكي يحمل النفوس على اتِّقاء هذا الغضب بتجنب ما يُسخط اللهَ عزَّ وجلَّ، ويدفع النفوس إلى طاعة الله عزَّ وجلَّ، والتي بها يُراد بها مرضاة الله ورحمته، وغرس الرجاء في النفوس بالترغيب والترهيب فيما عند الله تعالى، حتى يبادر العبد بالقيام بكل ما هو من شأنه أن يجعله أهلًا لنفحات الله تعالى([87]).
الوسيلة السابعة: القدوة الحسنة، الداعي إلى الله لابد أن يكون قدوة حسنة لغيره، فينظر الناس إليه فتجلُّه أنظارهم، وتحبُّه قلوبهم، ويكون صالحًا في نفسه، مُصْلِحًا لغيره، بالسيرة الحسنة، والمسلك الطيب، والأثر الحميد، قال الله تعالى: لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا([88])، قال ابن كثير: (هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ أَصْلٌ كَبِيرٌ فِي التَّأَسِّي بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَأَحْوَالِهِ، وَلِهَذَا أُمِرَ تبارك وتعالى النَّاسُ بِالتَّأَسِّي بِالنَّبِيِّ ﷺ يَوْمَ الْأَحْزَابِ فِي صَبْرِهِ، وَمُصَابَرَتِهِ، وَمُرَابَطَتِهِ، وَمُجَاهَدَتِهِ، وَانْتِظَارِهِ الْفَرَجَ مِنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ)([89]).
الوسيلة الثامنة: المسجد، وله أهمية كبيرة في الإسلام؛ لما يُؤديه من وظائف ورسالة سامية في مجال الدعوة إلى الله تعالى، فالنبيُّ ﷺ أول عمل فعله حين قدم المدينة أنه أمر ببناء المسجد؛ ليكون منارةً للدعوة إلى الله، ومنه تخرج دعوة الإسلام إلى مشارق الأرض ومغاربها ([90]).
المبحث الرابع: ضرورة مواكبة العصر في الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ، ويتضمن تمهيدًا، وفيه أربعة مطالب:
التمهيد:
يمكنني القول بأن العالم في العصر الحاضر يشهد ثورةً في الاتصالات وثورةً في المعلومات، بالمقارنة بالعصور الماضية، فكل علم من العلوم يسعى أصحابُه إلى الاستفادة المُثلَى من هذا التطوُّر والتقدُّم، ومنهج الدعوة إلى الله يحتاج في العصر الحاضر إلى الاستفادة من المعطيات والتقنيات الحديثة في إيصال دعوة الإسلام إلى الآخرين عبر وسائل مواكبة للعصر الحديث، مضبوطة بضابط الشرع، وسيتمُّ الحديث في هذا المبحث عن المواكبة، وأنواعها، والوسائل التي دعا إليها القرآنُ، ومدى المواكبة، وضوابط مواكبة العصر، والاستفادة من الوسائل الحديثة في الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ.
المطلب الأول: تعريف المواكبة في لغة العرب.
المواكبة لغةً:
وَكَبَ، الموكبُ … وَكَبَ وُكُوبًا وَوُكْبَانًا … وَنَاقَةٌ مُواكِبةٌ: تُسايِرُ المَوْكِبَ … ووَاكَبَ الْقَوْمَ: بادرهم، وتقول: واكَبْتُ القَوم إِذا رَكِبْتَ مَعَهُمْ، وَكَذَلِكَ إِذا سابَقْتَهم. ووكَبَ الرجلُ عَلَى الأَمر، وواكَبَ إِذا واظَبَ عَلَيْهِ ([91]).
قلتُ: المواكبة في أصل اللغة تقوم على هذه المعاني الثلاثة المسايرة، والمبادرة، والمسابقة.
المعنى الاصطلاحي للمواكبة أو المعاصرة.
يمكنني القول بأن المعاصرة أو المواكبة: هي أن يساير المرءُ عصرَهُ الذي يعيش فيه فيكون عارفًا بزمانه، مقبلًا على شأنه بأصالته الإسلامية في وسط تيارات وأفكار متعددة، غير مقصِّر بالأخذ بمقتضيات عصره من تقدم مادي، ولا يكون تابعًا لأحد فيما يتعلق بشؤون حياته، فيأخذ ما ينفعه، ويترك ما يضره حتى تستقيم حياته.
وبتضييق المفهوم الاصطلاحي وتخصيصه بالدعوة، فأقول بأن مواكبة أو معاصرة الدعوة: هي تكافؤ أو مسايرة الدعوة للعصر الذي تعيش فيه، حيث تستطيع معالجة الواقع، وتُلبي متطلباته من خلال حسن التخطيط، واختيار الأساليب المناسبة، ومناسبة الوسائل الدعوية لما تقتضيه الظروف، والوقائع، وغيرها.
المطلب الثاني: أنواع المواكبة.
– المواكبـة بالمسـايرة:
يمكنني القول بأن الْمُتَتَبِّعَ لمنهج الإسلام في الدعوة إلى الله يجد أنه قد ساير الأوضاع، والأحوال، والأزمان، موافقةً وترغيبًا منه، فالقرآن قد ساير الكتب السابقة التوراة والإنجيل تصديقًا ومهيمنًا عليهم، قال الله تعالى: وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ([92]).
كما أن القرآن الكريم نزل في مواضع كثيرة مرتبطًا بواقعة أو حادثة، وهذه إشارة قوية للدعاة القائمين بأمر الدعوة إلى الله بأن يقيموا بالدعوة على أساس المسايرة، قال الله تعالى: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا([93]).
والنبيُّ ﷺ وجد أن أهل المدينة متعلقة قلوبهم باللَّعب والترفيه في يومين، فوافق النبيُّ ﷺ أهلَ المدينة في الترفيه عن النفس مع تبديل وقت هذين اليومين، فعن أنس، قال: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَقَالَ: «مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ؟» قَالُوا: كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْأَضْحَى، وَيَوْمَ الْفِطْرِ» ([94]).
وقد وصَّى النبيُّ ﷺ معاذًا حين بعثه إلى اليمن، فأوصاه بالتدرج في دعوة أهل اليمن، فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى اليَمَنِ: «إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ، فَإِذَا جِئْتَهُمْ، فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ وَاتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ» ([95]).
المواكبة بالمبادرة:
يمكنني القول بأن الذي يتابع قصص الأنبياء مع أقوامهم يلاحظ أن كل نبيٍّ كان يأتي برسالة مواكبة للعصر، والواقع، وأوضاع القوم، وأحوالهم، فيبادرون بالإصلاح، والتوجيه، والإرشاد، ومحاولة تغيير واقعهم إلى أفضل حال.
فنجد أن خليل الرحمن إبراهيم ركَّز في دعوته على تصحيح معتقد قومه، ونبذ الآلهة المصطنعة التي يعبدونها من دون الله.
ولوط ركَّز في دعوته على تنقية المجتمع من الانحلال الأخلاقي الذي شابه في ذلك الوقت.
وشعيب ركَّز في دعوته على ترشيد قومه للأموال، وعدم الإسراف، ومناهضة تطفيفهم للمكيال والميزان، وبخس الناس أشياءهم.
وموسى ركَّز في دعوته على مناهضة الاستبداد الذي وقع في عصره، وحاول نُصرةَ المستضعفين، وإرساء العدالة الاجتماعية، والإصلاح بعد الفساد الذي أحدثه فرعون في الأرض.
ونبينا محمد ﷺ بادر بالإصلاح والتغيير في كافة المجالات:
سواء في المجال التجاري؛ مثل: المبادرة إلى دعوة التجار وأهل البيوع إلى العدل، ونفى الظلم، قال الله تعالى: وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ([96]).
أو في المجال الاجتماعي، فبادر النبيُّ ﷺ بتصحيح أوضاع كثيرة كانت موجودة في الجاهلية، كالأنكحة المحرمة الفاسدة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والمساواة بين الناس جميعًا، فلا فرق بين سيد وعبد، ولكي يزيد النبيُّ ﷺ وحدةَ المجتمع الاسلامي بادر بتشريع شرائع اجتماعية؛ كالزكاة، والصدقة، والإحسان، وصلاة الجماعة، والحجّ، وحرَّم الاعتداءَ على أموال الناس، وأعراضهم، ودمائهم، وحرياتهم، وحارب الرذائل الاجتماعية، والعادات الفاسدة، والخرافات الكاذبة، وعصبية الجاهلية، واستبدل بها دعوة الدين، وعالج النبيُّ ﷺ بدعوته حريةَ المرأة، ورَفَعَ شأنها عن ذي قبل، وأعاد لها كرامتها، وصَحَّحَ النظرةَ إليها.
أو في المجال السياسي، فقد بادر النبيُّ ﷺ بسنِّ أسسٍ ومبادئَ لأهل السياسة والحكم على لزوم الاستشارة، ووجوب العدل، وحفظ الأمانات، وعلى الأمة لزوم البيعة، والإرشاد، وإصلاح ذات البين بين المؤمنين، وتطبيق الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، إلى غير ذلك مما يُمَهِّدُ لإقامة حياة سياسية مستقرة.
المواكبة بالمسابقة:
يمكنني القول بأن المسابقة إلى كل ما فيه خير للأمة الإسلامية من مطلوبات الإسلام، قال الله تعالى: لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ([97]).
والمواكبة بالمسابقة لها أدوات، من أهمها: الاستشراف للمستقبل، والتخطيط له، ووضع الاستراتيجيات للعقود والسنين المقبلة، والمتأمِّل والمتدبِّر لآيات القرآن الكريم يجد أن القرآن في بعض آياته قد استشرف المستقبل، فنجد على سبيل المثال:
– قول الله تعالى: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ([98])، ذكر الطبري: (أنه روى عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لَمْ يَجِئْ هَؤُلَاءِ بَعْدُ) ([99]).
– وقول الله تعالى: وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرً ([100])، أخرج البيهقيُّ في الدلائل عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: جَاءَ تَأْوِيلُ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى رَأْسِ سِتِّينَ سَنَةً، وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا، قال: لَأَعْطَوْهَا، يَعْنِي: إِدْخَالَ بَنِي حَارِثَةَ أَهْلَ الشَّامِ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ ([101]).
قال ابن حجر: (يَعْنِي إِدْخَالَ بَنِي حَارِثَةَ أَهْلَ الشَّامِ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي وَقْعَةِ الْحَرَّةِ، قَالَ يَعْقُوبُ: وَكَانَتْ وَقْعَةُ الْحَرَّةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ) ([102]).
– وقول الله تعالى: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ ([103])، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ، وَهُوَ فِي قُبَّةٍ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ، اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ لَمْ تُعْبَدْ بَعْدَ اليَوْمِ»، فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ بِيَدِهِ، فَقَالَ: حَسْبُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَدْ أَلْحَحْتَ عَلَى رَبِّكَ وَهُوَ فِي الدِّرْعِ، فَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ ([104]).
قال ابن كثير: (وَهَذِهِ الْآيَةُ مَكِّيَّةٌ، وَقَدْ جَاءَ تَصْدِيقُهَا يَوْمَ بَدْرٍ)([105]).
وقد حكى القرآن قصة سليمان مع ملكة سبأ بلقيس، ومسابقته بالإتيان بعرشها قبل أن تأتي مسلمة، وقيامه ببناء صرح عظيم من قوارير؛ ليثبتَ لها أن ملكَهُ أعظمُ من ملكها، قال تعالى حكاية عن نبيه سليمان : قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ([106]).
قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ([107]).
المطلب الثالث: الوسائل التي دعا إليها القرآن ومدي المواكبة.
يمكنني القول بأن وسائل الدعوة الأساسية التي دعا القرآن إليها هي قوله تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ([108]).
فالحكمة معناها مراعاة مقتضي الحال، فعلى الداعية إلى الله تعالى أن يراعيَ مقتضي الحال للمدعوين، سواء كان بالترغيب، أو الترهيب، أو المجادلة، أو المجاهدة، أو تقديم ما يقتضي التقديم، أو تأخير ما يقتضي التأخير، وهذا الأسلوب مواكب، ويجعل الداعية إلى الله تعالى يحصد الخيرَ الكثيرَ من دعوته إذا طبَّقه، واستعان به.
أما الموعظة الحسنة، فيتمُّ الاستفادة منها في العصر الحاضر في الدعوة إلى الله، عن طريق نصح وإرشاد بعض المُعْرِضِينَ عن الله، والذين يصدون عن الحق، بتذكيرهم بحقائق أنفسهم وحياتهم، ومراحل خلق الإنسان، عن طريق العلم، وأحاديث الإعجاز العلمي في الكون، والإنسان، والحياة، والقرآن الكريم قد حوى كثيرًا من الآيات الدالَّة على قدرة الله تعالى، وعلى أنه الخالق العظيم، وأنه هو المبدع لهذا الكون، فلتستخدم هذه الآيات وما بها من أعجاز علمي لمخاطبة المُعْرِضِينَ عن دعوة الحق سبحانه بأسلوب الموعظة الحسنة، قال الله تعالى: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ([109]).
أما الجدال بالتي أحسن، فهي وسيلة مناسبة، وتُساير كلَّ الأحوال والأوضاع، فلا تستطيع منعَ أحد من الجدال لإثبات الحق، طالما أنه يمتلك الدليلَ الواضحَ البيِّنَ الصريحَ على صدق كلامه، سواء كان يخصُّ مجادلةَ أهل الأهواء، أو مجادلةَ أهل الكتاب، أو مجادلةَ أصحاب الفرق والجماعات، قال الله تعالى: وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ([110]).
والقرآن الكريم يعلِّمُنا أن نبحثَ عن نقاط الاتفاق بينك وبين مَنْ تجادِلُه؛ حتى لا يصبحَ الجدالُ بلا فائدة تُرجَى منه، وذلك إذا أراد المُجادِلُ إثباتَ الحق، وإقناعَ المخالف بعدم صواب رأيه، وهذا ما أخبرنا الله عنه، قال الله تعالى: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ([111]).
وبهذه الوسيلة نستطيع إقامة حوار بين الحضارات، وبين أهل الكتاب، وغيرهم من أهل الملل والنحل، ومجادلتهم بالتي هي أحسن كما أمر القرآن الكريم.
المطلب الرابع: ضوابط مواكبة الوسائل الدعوية للعصر.
من خلال تتبُّعي لكلام العلماء والمتخصصين في الدعوة وجدت أن العلماء قد وضعوا عدة ضوابط، واشترطوا عدةَ شروط خاصة بالوسائل الدعوية المعاصرة التي تواكب وتساير العصر الحاضر، وهي كالتالي:
– أن تكون هذه الوسائلُ شرعيةً، متفقةً مع أحكام الشريعة الإسلامية، ومنسجمةً معها، تستمد أصلَها من كتاب الله تعالى، أوسنة رسول الله ﷺ، وما أُثِرَ عن سلف الأمة الصالح.
– عدم مخالفة هذه الوسائل للشرع، بمعنى أن تكون الوسيلة الدعوية بعيدة عن الحرام، والنهي، والشبهة، والبدعة.
– دخول الوسيلة في دائرة المباح، إذا لم يكن منصوصًا عليها، ولكن بشرط بُعْدِهَا عن الحرام والشبهة، ولا بدَّ هنا من رأي العلماء الموثوق فيهم في هذه النوعية من الوسائل، بمعنى أن هذه الوسائل ليس متروكًا تقريرها لبعض الدعاة، وبخاصة قليلي العلم الشرعي، أو الذين لديهم تخليط، بل الْمُعَوَّلُ عليهم هم العلماء الربانيون الموثوق في عقيدتهم، ومنهجهم، وصحة فكرهم، وسلامة رأيهم.
– خروج الوسيلة عن كونها شعارًا لغير المسلمين، وخاصة ما يتعلق بالشعارات في الأمور الدينية؛ مثل: الناقوس، والصليب، والبوق، والنار، وما يُسمَّى بنجمة داود، أضف إلى ذلك القِداح، والأسهم، والزجر بالطير، والضرب على الأرض، وقراءة الكفِّ، وما إلى ذلك من أمور تخالف العقيدة الإسلامية، وتتعلق بالديانات الأخرى بأيِّ وجه من الوجوه.
– أن يكون المقصودُ من الوسيلة مشروعًا، فإن كان الهدفُ ممنوعًا شرعًا فلا يُتوسَّل إليه بأيِّ وسيلة؛ لأن النهيَ عن المقصد نهيٌ عن جميع الوسائل المؤدية إليه، فكل وسيلة تؤدي إلى الحرام فهي محرمة، وكل وسيلة تؤدي إلى المكروه فهي مكروهة.
– ألا يؤديَ استعمالُ بعض الوسائل الدعوية إلى إحداث مفسدة أكبر من المصلحة المقصودة منها، فإن كانت تؤدي إلى مفسدة، أو ضرر، أو فتنة بين الناس فلا يُشرع التوسُّل بها؛ لأن درء المفاسد مُقَدَّمٌ على جلب المصالح.
– أن يكون القصدُ من الوسائل الدعوية التي تساير العصر هو تحقيق الانتصار الدعوى، وتثبيت مبادئ دعوة الإسلام ([112]).
قلتُ: ليس الأمرُ مفتوحًا أمام أيِّ أحد من العاملين في حقل الدعوة أن يجد لنفسه وسيلةً للدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ، دون أن يعرض هذه الوسيلةَ على كتاب الله عزَّ وجلَّ، وعلى سنة نبيه ﷺ، وعلى آثار السلف الصالح، وعلى العلماء الربانيين المتحققين من العلم الشرعي العاملين به.
المطلب الخامس: الاستفادة من الوسائل الحديثة في الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ.
يمكننني القول بأن علي الداعية إلى دين الله عزَّ وجلَّ الاستفادةَ من الوسائل الحديثة، وأن يتخذ ما يراه نافعًا منها في دعوته، طالما أن هذه الوسيلةَ نافعةٌ، وأنها متوافقةٌ مع الشريعة الإسلامية، ولا تتعارض معها، فلابد من الاستفادة من الوسائل الحديثة؛ لأن الدعوة الآن في حاجة ماسة إلى التطوير؛ حتى تستطيع مواجهة الدعوات الباطلة، حتى يظهرَ الحقُّ، ويزهقَ الباطلُ، قال الله تعالى: وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا([113])، وقال تعالى: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ([114]).
والاستعانة بالوسائل الحديثة أمرٌ مشروعٌ طالما أنه لا يخالف أيَّ أصلٍ من أصول الدين، فالنبيُّ ﷺ حفر الخندقَ حول المدينة، ولم يكن ذلك معتادًا في حروب العرب، فكان الخندقُ وسيلةً من وسائل الفُرس في الحروب، فلم يتردد النبيُّ ﷺ في الاستفادة من الوسائل المستحدثة طالما أنها تحقق المقصود الشرعيَّ.
وكذلك أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أدخل نظامَ الدواوين في تنظيم الدولة الإسلامية، فكانت هذه الوسيلة المستحدثة ذات فائدة عظيمة في تنظيم شئون المسلمين.
قلتُ: وسائل الدعوة الحديثة كثيرة ومتنوعة، ولكن البارزَ منها والفعَّالَ في مجال الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ:
-الكتاب الدعوي الإلكتروني، والذي تمَّ فيه تحويل الكتابة العادية الموجودة في الكتب التي تُباع في دور الكتب إلى كتابة إلكترونية، وحفظها على جهاز الحاسوب، أو على الهواتف النقَّالة، مما ساعد على نشر الكتب الإسلامية الدعوية على نطاق واسع، والتخفيف على الناس من اقتناء مكتبات ضخمة، تحتاج إلى أموال باهظة.
– التعليم عن بُعْدٍ، حيث يتمُّ إيصال التعليم الشرعي بكافة اللغات عن بُعْدٍ، عن طريق إنشاء مواقع إلكترونية تبثُّ الدروسَ، والمحاضراتِ، والمناهجَ التعليميةَ، يشرف عليها أساتذة الجامعات المتخصصون في العلم الشرعي من مختلف دول العالم، وفي سبيل ذلك تستخدم التقنيات الحديثة في التعليم الشرعي؛ مثل: العينات، والنماذج، والرسوم البيانية، والمصورات، والأفلام، والتسجيلات الصوتية.
– المكتبة الدعوية، فالمكاتب الدعوية التي تحوي عددًا كبيرًا من الكتب الإلكترونية النافعة، ويتمُّ وضعُهَا على مواقع إلكترونية حتى يسهلَ تحميلُهَا، سواء لنظام الحاسوب، أو نظام الهواتف النقَّالة، وتنتشر على نطاق واسع داخل المساجد، والمدارس، وأماكن الانتظار بالمؤسسات، والدوائر الحكومية، والمستشفيات، مما يُسَهِّلُ على الناس الاستفادةَ منها، والاطلاع على عدد كبير من الكتب في وقت واحد، وتوفير الوقت على الباحثين في الوصول إلى المعلومات التي يبحثون عنها.
– مراكز الدراسات والبحوث الدعوية، والتي تعمل فيها لجانٌ علمية وبحثية، ويكون الهدف منها خدمة الدعوة الإسلامية في جميع النواحي، ودراسة المشكلات، ووضع الحلول لها، وتقديم المقترحات.
– بنوك المعلومات، وهي عبارة عن قاعدة معلومات ضخمة تجمع كلَّ ما يخصُّ العلومَ في شتَّى المجالات، سواء كانت دعويةً، أو اجتماعيةً، أو سياسيةً.
– وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت برامج التواصل الاجتماعي مثل الواتساب، والماسنجر، وغيرها من الوسائل تمثل الآن وسيلةً نافعةً؛ لتسخيرها من أجل الدعوة إلى الله، ولكن مع الحذر من المخالفات الشرعية في وسائل التواصل الاجتماعي التي تحدث، فيجب تجنُّبُهَا.
– القنوات الشخصية للدعاة على اليوتيوب، أصبحت هذه وسيلةً دعويةً رائعةً، بحيث تستطيع بثَّ ما تشاء من فيديوهات دعوية من أيِّ مكان في أيِّ وقت كان على قناتك الشخصية.
– المقالات الدعوية التي تنشر عبر المجلات العلمية الدورية على الموقع الإلكتروني للمجلة، أصبحت الآن تمثل وسيلةً هادفةً للدعوة إلى الله تعالى.
– المنتديات والملتقيات التي تكون على الشبكة العنكبوتية، مثل: ملتقي الدعاة، ملتقي أهل الحديث، أو ملتقي أهل التفسير، وغيرها من الملتقيات التي أُنشئت من أجل تفعيل وتنشيط مجال الدعوة إلى الله.
-القنوات الفضائية الدعوية، والتي تقدم دعوة النبي ﷺ بالحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، عبر برامج تلفزيونية تُبَثُّ على القمر الصناعي، أو عبر مواقع إلكترونية، أو عبر القنوات الرسمية لتلك القنوات على الشبكة العنكبوتية، ملتزمةً في عرض مادتها العلمية بمنهجية إعلامية مختارة كلها شفافية، وحيادية، وعدم تبعية لأفكار أحد أو آرائه.
وفي الأخير أحمد الله أن وفقني في هذا البحث، والذي توصلت فيه إلى جملة من النتائج، والتوصيات، أهمها:
أولًا: النتائج:
– الدعوة إلى الله هي تبليغ الإسلام للناس، وتعليمه إياهم، وتطبيقه في واقع الحياة.
– أهمية الدعوة إلى الله، وحاجة الأمة إليها، وخاصة فيما تعيشه من مشكلات وتحديات، ولا سبيل للأمة سوى بالعودة إلى دعوة النبي ﷺ.
– الدعوة إلى الله فرض عين على الأنبياء، وكذلك العلماء الذين تعلموا العلم وفقهوه، وأنها فرض كفاية على أفراد الأمة الإسلامية في التناصح فيما بينهم.
– الهدف من الدعوة إلى الله هو تعريف الناس بالله عزَّ وجلَّ، ونشر الخير والصلاح، وتعارُف الشعوب، وتعايش الناس في سلام وأمان.
– وسائل الدعوة إلى الله منها ما هو توقيفيٌّ، ومنها ما هو اجتهاديٌّ.
– وسائل الدعوة الأساسية هي الحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي أحسن، والقصص، والأمثال، والترغيب، والترهيب، وأنها مواكبة لمقتضيات العصر الحاضر.
– وسائل الدعوة المستحدثة والمعاصرة متعددة لا يمكن حصرها، وكل يوم تظهر وسيلة جديدة يمكن الاستفادة منها في الدعوة إلى الله، ولكن الاستفادة منها لها ضوابط وضعتْهَا الشريعة الإسلامية، حتى لا تحدثَ مفسدة من استخدامها أكبر من المصلحة الدعوية التي تُرجَى منها.
ثانيا: التوصيات:
– ضرورة الاهتمام بالدعوة إلى الله؛ لأنها هي السبيل الوحيد لتخليص الأمة من المشكلات والتحديات التي تواجهها في العصر الحاضر.
– ضرورة الاعتناء بالدعاة إلى الله، وتأهليهم التأهيل العلمي والعملي للقيام بالدعوة أفضل قيام.
– العناية بأصناف الْمَدْعُوِينَ في العصر الحاضر، فكلُّ إنسان تناسبه وسيلة في الدعوة قد لا تناسب غيره.
– العناية بالمؤسسات العلمية من (كليات، وأقسام، ومعاهد) دعوية، والتي تقوم على تدريب الدعاة وتأهليهم للعمل في مجال الدعوة، وتوفير الإمكانيات العلمية، والبحثية، والمادية لها.
– يحرص كل بيت مسلم أن يخرج منه داعية إلى الله تعالي، يتعلم العلم الشرعيَّ؛ ليرفع الجهل عن نفسه وأهل بيته.
– العناية بالمراكز الإسلامية الموجودة في الخارج، والتي تقوم على دعوة غير المسلمين إلى الإسلام، وإمدادهم بالخبرات العلمية، عن طريق البعثات العلمية الدورية، حتى تقوى هذه المراكز علميًّا في مواجهة موجة الحرب الشرسة على الإسلام.
– عمل صندوق عالمي تُجمع فيه أموال من جميع دول العالم الإسلامي، يشرف عليه هيئات إسلامية عالمية، ويكون هدفه هو دعم المراكز الإسلامية والمدارس الدعوية في العالم.
– عمل مواقع إلكترونية دعوية بكافة اللغات تشرف عليها مؤسسات حكومية عالمية، وظيفتها هي تأهيل المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها على الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
– إنشاء كليات ومعاهد عُليا خاصة بالدعوة، وإعداد الدعاة في الجامعات الإسلامية المنتشرة حول العالم.
– توجيه طلاب الدراسات العليا لعمل أبحاث (ماجستير، أو دكتوراه) في مجال الدعوة إلى الله، وتناول الشخصيات الدعوية في أبحاثهم حتى يتم إثراء المكتبة الإسلامية بأبحاثهم.
- أصول الدعوة، د. عبد الكريم زيدان، ط9، بيروت: مؤسسة الرسالة، 1421هـ-2001م.
- إعلام الموقعين عن رب العالمين. ابن القيم الجوزية، محمد بن أبي بكر بن أيوب، تحقيق: محمد عبد السلام إبراهيم، ط1، بيروت: دار الكتب العلمية، 1411هـ – 1991م.
- تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي. جلال الدين السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، حققه: أبو قتيبة نظر محمد الفاريابي، د. ط، القاهرة: دار طيبة، د.ت.
- تفسير القرآن العظيم. ابن كثير، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير، المحقق: سامي بن محمد سلامة، ط2، القاهرة: دار طيبة للنشر والتوزيع، 1420هـ – 1999 م.
- جامع البيان في تأويل القرآن. الطبري، محمد بن جرير بن يزيد بن كثير، المحقق: أحمد محمد شاكر، ط1، بيروت: مؤسسة الرسالة، 1420 هـ – 2000 م.
- دلائل النبوة. أبو بكر البيهقي، أحمد بن الحسين بن علي بن موسى، المحقق: د. عبد المعطي قلعجي، ط1، بيروت: دار الكتب العلمية،1408 هـ – 1988 م.
- سنن أبي داود، سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير، تحقيق: شعيب الأرناؤوط – محمد كامل قره بللي، ط1، بيروت: دار الرسالة العالمية، 1430 هـ – 2009 م.
- سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها. الألباني، أبو عبد الرحمن محمد ناصر الدين، ط1، الرياض: مكتبة المعارف، 1415 هـ – 1995 م.
- صحيح البخاري. البخاري، محمد بن إسماعيل، ط1، بيروت: دار طوق النجاة، 1422هـ.
- صحيح مسلم، أبو الحسن مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري، المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي، د. ط، بيروت: دار إحياء التراث العربي، د.ت.
- فتح الباري شرح صحيح البخاري. بن حجر، أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر د. ط، بيروت: دار المعرفة، 1379م.
- قواعد الوسائل في الشريعة الإسلامية، د. مصطفى مخدوم، ط1، الرياض: دار إشبيليا، 1420ه.
- لسان العرب. ابن منظور، أبو الفضل محمد بن مكرم بن علي، ط3، بيروت: دار صادر،1414هـــ
- مجموع الفتاوى. ابن تيمية، تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم، المحقق: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، ط1، المدينة النبوية: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، 1416هـ-1995م.
- مختار الصحاح. الرازي، زين الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن عبد القادر، المحقق: يوسف الشيخ محمد، ط5، بيروت: المكتبة العصرية، 1420هـ – 1999م.
- معالم الدعوة في قصص القرآن الكريم، د. عبد الوهاب الديلمي، ط1، جدة: دار المجتمع، 1406ه.
- معجم مقاييس اللغة. ابن فارس، أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي. المحقق: عبد السلام محمد هارون، ط1، بيروت: دار الفكر، 1399هـ – 1979م.
- مفاتيح الغيب = التفسير الكبير. الرازي، أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين، ط3، بيروت: دار إحياء التراث العربي،1420 هـ.
- منهج شيخ الإسلام ابن تيمية في الدعوة، د. عبد الله الحوشاني، ط 1، الرياض: دار إشبيليا للنشر والتوزيع، 1417 هـ.
- وسائل الدعوة، د. عبد الرحيم المغذوي، ط 1، الرياض: دار إشبيليا للنشر والتوزيع، الرياض، 1420 هـ.
- 21. وسائل الدعوة إلى الله تعالى وأساليبها بين التوقيف والاجتهاد، د. حسين محمد عبد المطلب، ط1، القاهرة، 1424ه.
- وظيفة المسجد في المجتمع، صالح بن ناصر بن صالح الخزيم، ط1، المملكة العربية السعودية: وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، 1419هـ.
- الحجج القوية على أن وسائل الدعوة توقيفية، د. عبد السلام بن برجس آل عبد الكريم، ط2، الرياض: دار السلف، 1415ه.
- الدعوة الإسلامية، أصولها ووسائلها. د. أحمد غلوش، ط2، القاهرة: دار الكتاب المصري، 1407ه-1987م.
- الدعوة إلى الله في سورة إبراهيم الخليل، محمد سيدي الحبيب، ط1، جدة: دار الوفاء للنشر والتوزيع، 1406ه- 1985م.
- الدعوة إلى الإصلاح، محمد الخضر حسين، ط1، القاهرة: المطبعة السلفية، 1346ه.
- الدعوة الإسلامية (دعوة عالمية)، محمد الراوي، ط3، الرياض: مكتبة الرشد، 1411ه-1991م.
- الدعوة فئة المتخصصين في العلوم الشرعية، د. حمد العمار، ط 1، الرياض: دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع الرياض، 1425 هـ.
- الدعوة والداعية في ضوء سورة الفرقان، محمد سعيد البارودي، ط1، جدة: دار الوفاء للنشر والتوزيع، 1407ه- 1987م.
- السيرة النبوية. ابن كثير، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير، تحقيق: مصطفى عبد الواحد
- ط1، بيروت: دار المعرفة، 1395 هـ – 1976 م.
- الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية. الجوهري، أبو نصر إسماعيل بن حماد، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، ط4، بيروت: دار العلم للملايين، 1407 هـ – 1987 م.
- المعجم الوسيط، إعداد مجمع اللغة العربية بالقاهرة، د. ط، القاهرة: دار الدعوة، د.ت.
- المستصفى. الغزالي، أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي، تحقيق: محمد عبد السلام عبد الشافي، ط1، بيروت: دار الكتب العلمية، 1413هـ – 1993م.
- الأسس العلمية لمنهج الدعوة الإسلامية، د. عبد الرحيم بن محمد المغذوي، ط2، الرياض: دار الحضارة، 1431ه -2010م.
- الإحكام بين مراحل العمل في دعوة النبي صلي الله عليه وسلم، د. يوسف محي الدين أبو هلالة، ط1، الرياض: دار العاصمة، د.ت.
[1]() أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب النكاح، باب الأمر بإجابة الداعي إلى دعوة، ح (1430).
[2]() الصحاح تاج اللغة، الجوهري، 6/2336_ 2338، معجم مقاييس اللغة، بن فارس، 2/279، مختار الصحاح، الرازي، ص105.
[3]() معجم مقاييس اللغة، بن فارس، 2/279.
[4]() المعجم الوسيط، مجموعة من المؤلفين، 1/286.
[5]() الأسراء، الآية: 110
[6]() الرعد، الآية: 14
[7]() يونس، الآية: 25
[8]() أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المناقب، باب ما ينهى من دعوة الجاهلية، 4/183، ومسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة والآداب، باب نصر الأخ ظالما أو مظلوما، ح (2584).
[9]() أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟، ح (7)، ومسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام، ح (1773).
[10]() أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأذان، باب الدعاء عند النداء، ح (614).
[11]() البقرة، الآية:221
[12]() أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب مسح الغبار عن الرأس في سبيل الله، ح (2812).
[13]() مجموع الفتاوى، ابن تيمية، 15/157، 158.
[14]() الدعوة الإسلامية، أصولها ووسائلها، أحمد غلوش، ص 10.
[15]() الدعوة إلى الله في سورة إبراهيم الخليل، محمد سيدي الحبيب، ص 27.
[16]() الدعوة إلى الإصلاح، محمد الخضر حسين، ص17.
[17]() الإحكام بين مراحل العمل في دعوة النبي ﷺ، د. يوسف محي الدين أبو هلالة، ص13.
[18]() المدخل إلى علم الدعوة، محمد أبو الفتح البيانوني، ص17.
[19]() الدعوة الإسلامية (دعوة عالمية)، محمد الراوي، ص39.
[20]() المصدر السابق، ص 40.
[21]() الدعوة الإسلامية (أصولها ووسائلها) ص12، 13، الدعوة والداعية في ضوء سورة الفرقان، محمد سعيد البارودي، ص25.
[22]() آل عمران، آية: 110.
[23]() النحل، آية: 125.
[24]() المدثر، آية 1: 3.
[25]() الحجر، آية: 94.
[26]() المائدة، آية: 67.
[27]() الحج، آية: 67.
[28]() التوبة، آية: 122.
[29]() الحج، آية: 67.
[30]() تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، 2/91.
[31]() مفاتيح الغيب = التفسير الكبير، الرازي،8/314، 315.
[32]() أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب أحاديث الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل، ح (3461).
[33]() أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان، وأن الإيمان يزيد وينقص، وأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان، ح (49).
[34]() أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب العلم، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «رب مبلغ أوعى من سامع»، ح (67)، ومسلم في صحيحه، كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات، باب تغليظ تحريم الدماء والأعراض والأموال، ح (1679).
[35]() أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الحج، باب الخطبة أيام منى، ح (1741).
[36]() تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي، السيوطي، 2/630.
[37]() آل عمران، آية: 110.
[38]() تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، 2/94.
[39]() التوبة، آية: 71.
[40]() المائدة، آية: 2.
[41]() أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة، ح (55).
[42]() أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الإيمان، باب قول النبي ﷺ: «الدين النصيحة: لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم»، ح (57)، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة، ح (56).
[43]() أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الشركة، باب: هل يقرع في القسمة والاستهام فيه وعامتهم، ح (2493).
[44]() طه، آية:132.
[45]() الشعراء، أية 214، 215.
[46]() النحل، آية: 125.
[47]() البقرة، آية: 29.
[48]() البقرة، آية: 29.
[49]() الذاريات، الآيات 56: 58.
[50]() الذاريات، الآيات 56: 58.
[51]() هود، آية: 88.
[52]() الأعراف، آية: 157.
[53]() الحجرات، آية :13.
[54]() الذاريات، الآيات 56: 58.
[55]() الصحاح تاج اللغة، الجوهري، 5/1841، لسان العرب، ابن منظور، 11/724.
[56]() أصول الدعوة د: عبد الكريم زيدان، ص447.
[57]() منهج شيخ الإسلام ابن تيمية في الدعوة، د: عبد الله الحوشاني، 2/ 542.
[58]() وسائل الدعوة، د عبد الرحيم المغذوي، ص 16.
[59]() الدعوة فئة المتخصصين في العلوم الشرعية، د: حمد العمار، ص 149.
[60]() وسائل الدعوة إلى الله تعالى وأساليبها بين التوقيف والاجتهاد، د. حسين بن عبد المطلب، ص33. قواعد الوسائل في الشريعة الإسلامية، د. مصطفى مخدوم، ص317. الحجج القوية على أن وسائل الدعوة توقيفية، د. عبد السلام بن برجس، ص11.
[61]() المائدة، آية: 3.
[62]() الحاقة، الآيات: 44- 46.
[63]() النور، آية: 63.
[64]() النساء، آية: 59.
[65]() النساء، آية: 69.
[66]() الأنفال، آية: 24.
[67]() النور، آية: 63.
[68]() وسائل الدعوة إلى الله تعالى وأساليبها بين التوقيف والاجتهاد، د. حسين بن عبد المطلب، ص38- 39.
[69]() مجموع الفتاوى، ابن تيمية، 10/149.
[70]() من قال بهذا عدد من المعاصرين مثل الشيخ عبد الله بن جبرين، وابن عثيمين، صالح آل الشيخ، عبد العزيز آل الشيخ، ناصر العمر، ينظر: فتاويهم في هذه المسألة على موقع https://www.islamweb.net/ar/article/154581، https://mufti.af.org.sa/node/3108
[71]() المستصفى، الغزالي، ص174.
[72]() الأسس العلمية لمنهج الدعوة الإسلامية، د. عبد الرحيم بن محمد المغذوي، ص 705- 814.
[73]() النحل، آية: 125.
[74]() البقرة، آية: 269.
[75]() أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الصلاة، باب: بكيف فرضت الصلاة في الإسراء؟، ح (349)، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماوات، وفرض الصلوات، ح (163).
[76]() أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب العلم، باب الاغتباط في العلم والحكمة، ح (73)، ومسلم في صحيحه، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل من يقوم بالقرآن، ويعلمه، وفضل من تعلم حكمة من فقه، أو غيره فعمل بها وعلمها، ح (816).
[77]() البينة، آية: 5.
[78]() يوسف، آية: 3.
[79]() أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب أحاديث الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل، ح (3461).
[80]() الحشر، آية: 21.
[81]() إبراهيم، آية: 25.
[82]() العنكبوت، آية: 43.
[83]() إعلام الموقعين عن رب العالمين، ابن القيم، 1/149.
[84]() السجدة، آية: 16.
[85]() العنكبوت، آية: 43.
[86]() جامع البيان في تأويل القرآن، الطبري، 18/521.
[87]() معالم الدعوة في قصص القرآن الكريم، د. عبد الوهاب الديلمي، 1/543.
[88]() الأحزاب، آية: 21.
[89]() تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، 6/391.
[90]() للمزيد حول المسجد والدعوة، ينظر: وظيفة المسجد في المجتمع، صالح بن ناصر بن صالح الخزيم، ص 11- 17.
[91]() الصحاح تاج اللغة، الجوهري، 1/234، 235، ولسان العرب، ابن منظور، 1/802، المعجم الوسيط، مجموعة من المؤلفين، 2/1053.
[92]() المائدة، آية 48.
[93]() الفرقان، آية: 32.
[94]() أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الصلاة، باب صلاة العيدين، ح (1134)، صححه الألباني في السلسلة (2021).
[95]() أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الزكاة، باب أخذ الصدقة من الأغنياء وترد في الفقراء حيث كانوا، ح (1496)، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام، ح (19).
[96]() المطففين، الآيات 1-4.
[97]() المائدة، آية: 48.
[98]() البقرة، آية: 11.
[99]() جامع البيان في تأويل القرآن، الطبري، 1/287.
[100]() الأحزاب، آية: 14.
[101]() دلائل النبوة، البيهقي، 6/473.
[102]() فتح الباري، ابن حجر، 13/71.
[103]() الأحزاب، آية: 14.
[104]() البخاري في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب ما قيل في درع النبي صلى الله عليه وسلم، والقميص في الحرب، ح (2915).
[105]() السيرة النبوية، ابن كثير،2/420.
[106]() النمل، آية:38.
[107]() النمل، آية: 44.
[108]() النحل، آية: 125.
[109]() فصلت، آية: 53.
[110]() العنكبوت، آية: 46.
[111]() العنكبوت، آية: 46.
[112]() الأسس العلمية لمنهج الدعوة الإسلامية، عبد الرحيم المغذوي، ص 697، 698.
[113]() الاسراء آية: 81.
[114]() الأنبياء، آية: 18.
قيم البحث الأن
راجع البحث قبل التقييم
راجع البحث قبل التقييم