المجلد السابع 2024العدد الثامن و العشرين

الأصولية الكونفشيوسية وأثرها على مسلمي الأويغور

        دراسة تاريخية وصفية

المقدمة

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

               أما بعد:

فإن الله نظر إلى الناس كلهم عربهم وعجمهم فمقتهم إلا بقايا من أهل الكتاب، فبعث نبيه محمداً r إلى الناس كافة؛ ليخرجهم من الظلمات إلى النور، ومن الشرك إلى التوحيد ومن الباطل إلى الحق، فهدى الله به قلوبًا غلفاً، وأعيناً عمياً، وآذانًا صُماً، وفتح به البلاد وانتشر الدين الحق إلى كافة أرجاء الأرض شرقاً وغربًا، حتى وصل إلى بلاد الصين في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان .t

ولم يكن دخول الإسلام إلى الصين عن طريق السيف والفتوحات بل دخل عن طريق القدوة والتجارة، ولكنه لم ينتشر؛ لقلة من يتقن اللغة الصينية المحلية، ولعدم اعتناق الأسرة الملكية للإسلام بل ظل تمسكهم بالكونفشيوسية والناس على دين ملوكهم.

هذا وقد انتشر الإسلام في جنوب الصين، ثم أصبحت العقيدة الإسلامية مشتركة لدى عشر قوميات منها: الأويغور، والهوي، والقرغيز، والتاتار وغيرهم.

ولما كانت الكونفشيوسية المعاصرة هي المذهب السائد بين القوميات الصينية، كان لهذه الديانة أثر في الحد من انتشار الإسلام والمسلمين في الصين، ووصل بهم التأثير إلى صبغ المعتقدات الإسلامية بالصبغة الوثنية؛ جهلًا بحقيقة الإسلام، ولقوة المؤثرات وضعف الحصانة.

وفي ظل هذه الظروف الصعبة لحال المسلمين في هذه البلاد، كان هناك ملف من الملفات المغيبة بين المسلمين وهم مسلمي الأويغور الذين مارست الحكومة الصينية الإرهاب والعنف بشتى صوره ضدهم؛ طمعاً في صرفهم عن دينهم والاستيلاء على خيرات بلادهم وثرواتها، لهذا فقد آثرت أن يكون بحثي بعنوان: (الأصولية الكنفشيوسية وأثرها على مسلمي الأويغور) لبيان حال المسلمين في هذه البلاد، وبيان صورة من صور الأصوليات والإرهاب في الأديان الوضعية التي طالما رُمي الإسلام بهذه التهم.

أهمية البحث:

تظهر أهمية هذا البحث في عدة جوانب كما يلي:

أولًا: التعريف بما تجابهه البلاد الإسلامية من اضطهاد الديانات الوثنية المتطرفة، في عصر حقوق الإنسان، والسلام الدولي.

  ثانياً: خطورة الإعلام وأثره في نشر المصطلحات والمفاهيم؛ فأصبح من المهم بيان حقيقة مصطلح الأصولية وأن ما يرمى به المسلمون اليوم من الأصولية ما هو إلا افتراء فقد أطلقت الصين مصطلح الأصولية الإرهابية على مسلمي الصين وحاربتهم لأجل هذا، فكان هذا البحث يبين حقيقة الحال وأنهم أحرى بهذا

المصطلح وأليق من غيرهم.

ثالثاً: أن في إظهار ارتباط الأصولية بالكونفشيوسية سبباً في رفض هذه الديانة الوضعية؛ لأن النفوس مفطورة على بغض العنف، والمضطهِدين.

سبب اختيار البحث:

    من الدَّواعي لاختيار هذا البحث أسباب عدة، أبرزها:

أولًا: معاصرة الموضوع وجدته على الساحة، فلم أجد مصادر وأبحاث علمية تتناول هذا الموضوع.

ثانياً: أهمية الموضوع وخطورته، مع غياب الحقيقة عن كثير من المسلمين.

وقد ساهم في حماستي ما لمسته من تشجيع وفرحة في أعين الجاليات من معهد اللغة من تركستان الشرقية، الذين بادروا بتزويدي ببعض المعلومات والحقائق.

أهداف البحث:

يهدف هذا البحث إلى عدد من الأهداف أسوقها فيما يلي:

 -1 التعريف بمفهوم الأصولية .

-2 التعريف بالديانة الكونفشيوسية وبيان مراحلها التاريخية في بلاد الصين إلى العصر الحديث.

-3التعريف بمسلمي الأويغور.

-4 رصد وتصوير مظاهر العنف والاضطهاد التي يواجهها الأويغور من قبل البلاد الصينية.

-5 بيان حال المجتمع الدولي ومؤسسات من وضع مسلمي الأويغور في ظل الحكم الصيني.

 مشكلة البحث:

تكمن مشكلة البحث في إظهار حقيقة البون الشاسع بين تعاليم الديانة الكونفشيوسية التي تدعو إلى التسامح والسمو الأخلاقي والكمال الإنساني، وبين التطبيقات الواقعية والتطرف الأصولي الذي يقع على البلاد الإسلامية في تركستان الشرقية وهم مسلمي الأويغور، فهذا البحث يقدم إجابات على الأسئلة التالية:

ما مفهوم الأصولية؟ وما هي الكونفشيوسية؟ وما هي عقائدها وتاريخها؟

من هم مسلموا الأويغور؟ وما هي مظاهر الأصولية المطبقة عليهم من قبل البلاد الصينية؟

ما هو موقف الدول والمؤسسات مما يقع في تركستان المحتلة؟

حدود البحث:

يقتصر البحث على دراسة أحد الأديان الوضعية الوثنية والمنتشرة في الصين وهي الديانة (الكونفشيوسية) ، كما أنه يتناول جانباً مخصصاً في هذه الديانة وهي أثر الفكر المتطرف على المسلمين ومظاهره.

منهج البحث:

سأسير في بحثي هذا على المنهج التاريخي والمنهج الوصفي -بإذن الله.-

الأبحاث السابقة:

زخرت المكتبة بعدد من الرسائل التي تتناول هذه الديانة ومنها:

1-الكونفشيوسية دراسة تحليلية نقدية في ضوء العقيدة الإسلامية –د. ناصر بن فلاح الشهراني-رسالة دكتوراه- جامعة أم القرى- كلية الدعوة وأصول الدين -قسم العقيدة – عام 1427ه

2-الكونفشيوسية- سليم السيد أحمد السلمي – رسالة ماجستير- جامعة الأزهر- كلية الدعوة- 1422هـ-  2001م.

3-الأخلاق في الفلسفة الصينية: كونفشيوس ولاوتزو- فاطمة عبد القادر علوان-رسالة ماجستير- جامعة صنعاء – كلية الآداب- عام 2005م.

4- الفكر الأخلاقي عند كونفشيوس وأثره في الفكر الحديث- عبد الرحيم شعبان صالح-رسالة ماجستير- جامعة الزقازيق بمصر- معهد الدراسات والبحوث الآسيوية- 2001م.

5-بحث محكم بعنوان: الكونفشيوسية: موقفها من الإسلام وموقف الإسلام – د. عبد العزيز بن عمر القنصل- مجلة الأصول والنوازل – العدد التاسع.

6-المعرفة الكبرى في الديانة الكونفشيوسية ترجمة وتعليق ودراسة مقارنة بالإسلام- زهرة الدين طيب إدريس- رسالة دكتوراه- الجامعة الإسلامية العالمية بباكستان: كلية أصول الدين -2003م.

7-بحث محكم بعنوان: الكونفشيوسية عرض ونقد – عزيزة بنت علي الأشول- جامعة قناة السويس: كلية الآداب والعلوم الإنسانية- 2007م .

8-بحث محكم بعنوان: الكونفشيوسية الجديدة بين الوافد والموروث: دراسة في مفهوم الطبيعة الإنسانية عند تشوهسي- هالة أبو الفتوح- جامعة القاهرة: كلية الآداب- قسم الفلسفة- 2014م.

واتفق البحث مع ما سبق من الكتب والدراسات في جانب الديانة المدروسة إلا أنه تناول جانباً جديداً بالدراسة وهي الأصولية الكونفشيوسية.

9- الأصولية الكنفشيوسية الفلسفة والديانة – مرفت سعد – مجلة الآداب والعلوم الإنسانية -العدد 4- المجلد 91.

وهذا البحث لم أستطع الوصول إليه، ولكن تميز بحثي بتسليط الضوء على أثر هذه الأصولية على مسلمي الإيغور والوقوف على نماذج من اضطهادهم وعنفهم.

إجراءات البحث:

-ما أنقله نصاً أضعه بين قوسين ولا ألحق المرجع في الهامش بلفظ (انظر)، وأما ما أتصرف فيه بتغيير لفظه فإني لا أضعه بين قوسين كبيرين، وألحق المرجع في الحاشية بلفظ (انظر.(

-أترجم للأعلام الذين لهم أهمية في فهم مضمون البحث، وما عدا ذلك فلا أترجم لهم، كما أترجم لهم بحسب المراجع المتوفرة.

-حرصت على الأصالة في المراجع، إلا أنني اضطررت للوقوف على المواقع والصحف الالكترونية

والوثائقيات، ومقاطع اليوتيوب بحسب ما يقتضيه البحث، فلم أجد بغيتي من المعلومات المهمة إلا في هذه المواقع، مع أنني لم آلو جهداً في جمع الكتب والمصادر الأصيلة.

هيكل البحث:

اشتمل البحث على مقدمة، وتمهيد، وثلاثة مباحث، وخاتمة، وهي كالآتي:

المقدمة: وفيها تناولت أهمية الموضوع وسبب اختياره، وأهدافه مشكلته، وحدوده ومنهجه، والأبحاثالسابقة ، وإجراءات البحث، ثم الخطة.

التمهيد: وفيه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: التعريف بالأصولية.

المطلب الثاني: التعريف بالكونفشيوسية ومؤسسها

 أولًا: مؤسس الكونفشيوسية.

ثانياً: مصادر الكونفشيوسية.

ثالثاً: عقائد الكونفشيوسية.

المطلب الثالث: تاريخ الديانة الكونفشيوسية في الصين.

المبحث الأول: التعريف بمسلمي الأويغور في ظل الحكم الصيني.

المبحث الثاني: مظاهر الأصولية في الكونفشيوسية على الأويغور.

المبحث الثالث: موقف المجتمع الدولي تجاه مسلمي الأويغور.

ثم الخاتمة.

ثم الفهارس، وهي:

-فهرس الموضوعات.

         -فهرس المراجع والمصادر. وأخيراً..

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

التمهيد

في هذا التمهيد أتناول مصطلحات العنوان التي ينبغي على القارئ معرفتها وفهمها قبل اطلاعه على مباحث هذا البحث؛ وهي تتحدث عن مفهوم الأصولية، والتعريف بالكونفشيوسية وتاريخها، وتفصيل ذلك كالآتي:

                المطلب الأول: التعريف بالأصولية.

الأصولية اصطلاح سياسي فكري مح دث، ومهَّد لهذا المصطلح سلسلة نشرات وكتب ظهرت في الولايات المتحدة وذلك ما بين عامي (1910-1915م) بعنوان “الأصول” بلغ عدد الكتب اثني عشر كتابًا، ووزعت مجانًا ما يقارب ثلاثة ملايين نسخة.

كما استخدم هذا المصطلح رئيس تحرير مجلة نيويورك وتشمان في افتتاحية عدد )1920م(، وعرَّف الأصوليين: بأنهم الذين يناضلون بإخلاص من أجل الوصول (1 )

وتقوم الأصولية إما على معتقد ديني أو سياسي، مع شكل ثقافي، وهي ترى أنها تمتلك الحقيقة المطلقة، كما أن الأصولية الغربية هي الأساس الأول الذي أنبتت بعده جميع الأصوليات الأخرى كرد فعل عليها. 2))

وجاء تعريف الأصولية في قاموس “لاروس الصغير:” (موقف أولئك الذين يرفضون تكييف عقيدة، مع الظروف الجديدة)، وقصرها “لاروس الجيب” على الكاثوليكية فعرّفها :(استعداد فكري لدى بعض الكاثوليكيين الذين يكرهون التكيف مع ظروف الحياة الحديثة)

إلى أن جاء التعريف الأكثر شمولية في “لاروس الكبير” فعرَّف الأصولية: (داخل حركة دينية موقف جمود وتصلب معارض لكل نمو أو لكل تطور)، إلى أن وسع الدائرة ولم يقصرها على المجال الديني فقط فقال: ) مذهب محافظ متصلب في موضوع المعتقد السياسي)

ثم خرج جارودي بخلاصة هذه التعريفات، وهي المكونات الأساسية الثلاثة التي تقوم عليها الأصولية:

        الأساس الأول: الجمودية بمعنى رفض التطور والتكيف مع كل ما هو جديد ومتطور.

      الأساس الثاني: العودة إلى الماضي، وذلك من خلال التمسك بالتراث والالتزام به.

   الأساس الثالث: الانغلاق الفكري، وعدم التسامح والتط رف والعناد في مواجهة الآخر .(3)

  • انظر “الأصولية” على موقع ويكبيديا: https://ar.wikipedia.org 
  •  انظر: الأصوليات المعاصرة أسبابها ومظاهرها” روجيه قارودي (ص11-12).
  •  انظر: المرجع السابق (ص13)

 

المطلب الثاني: التعريف بالكونفشيوسية ومؤسسها

أولًا: مؤسس الكونفشيوسية:

ولد كونفشيوس عام (551 ق.م) في مملكة “لو” قرب مدينة (تشو فو) بولاية (شان تونج)، وينتسب إلى أسرة عريقة كان والده ضابطاً حربياً ممتازاً، ولقد جاءت الأساطير الكثيرة التي تروي قصة ولادته مثل ما جاء عن غيره من الفلاسفة، وقيل: أنه من نسب الإمبراطور (هوانج دي) وأن نسله لم ينقطع للآن؛ لكثرة أحفاده، ولا تزال بلدته إلى الآن معمورة بنسل ابنه.

وقيل أنه ولد كبير الأذنين، واسع الفم؛ فاستدلوا بذلك على ثبوت الحكمة في رأسه ففرح والده بذلك وسَّماه: (كونج فو تشي(، ويعني كونج: اسم القبيلة الذي ينتمي إليها. ومعنى )فو تشي: ( الرئيس أو الفيلسوف، فهو بذلك رئيس كونج أو فيلسوفها (1).

وقد فقد والده في صغره وعمره ثلاث سنين فعاش فقيراً؛ واضطره ذلك للعيش من كسب يده؛ لإعالة أسرته، فأثر ذلك في شخصيته وأخلاقه وتواضعه، واكتسب رزانة الكبار.

أخذ كونفشيوس علومه الفلسفية على يد الفيلسوف )لوتس( (2) ذو الديانة الطاوية(3)، فقد كان أستاذه يدعو إلى القناعة والتسامح المطلق، لكن تلميذه كونفشيوس خالفه فأمر بمقابلة السيئة بمثلها من باب العدل والإنصاف.

واشتهر بدراسة كتب التراث الصيني، كما درس فروع المعرفة السائدة في عصره وهي: الطقوس، والرماية، والموسيقى، وولع بالموسيقى جداً وتأثر بها، بل من شدة تأثره بها أنه امتنع عن أكل اللحوم لمدة ثلاثة أشهر بعد سماع لحن أحد المطربين، وتعلَّم الرسم، وقيادة العربات، والقراءة، والرياضة أو الحساب .(4)

تزوج كونفوشيوس في سن مبكرة، فأنجب طفلين بنتاً وابناً؛ ولكنه لم يكمل حياته الأسرية فقد طلبت زوجته الطلاق وانفصلت عنه، واختلفوا في سبب ذلك على أقوال: فمنهم من يقول: لدقته في المأكل والمشرب، ومنهم من يقول: لانشغاله بمهمة التدريس عن أسرته حتى رمى بجميع الأعباء على زوجته، وقيل:

(1) انظر: “كونفشيوس فيلسوف حضارة المستقبل” د. وجيه أحمد (ص45)، “الكونفشيوسية دراسة تحليلية نقدية في ضوء العقيدة الإسلامية” ناصر الشهراني (ص100)، “قصة الحضارة” ول ديورانت (4/40).

(2) لوتس: أو لاوتسو : أي المعلم العجوز، وهو صيني بارز أسس الطاوية، اختلفوا في حقيقة وجوده، وقيل ولد عام 604 ق.م، وتوفي عام 517 ق.م ، وكان قبل كونفشيوس ولكنه عاصره، ألف كتاب “تاو تي كينج.” انظر: “قاموس أديان ومعتقدات وشعوب العالم” (ص433).

(3) الطاوية: هي إحدى الديانات الكبرى في الصين، ترجع إلى القرن السادس قبل الميلاد، تقوم فكرتها على العودة إلى الحياة الطبيعية، والوقوف سلبيا من الحضارة والمدنية، وهي ديانة باطنية تؤدي للانسجام مع التاو من خلال الممارسات الزاهدة، والسحر. انظر: “الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب” (2/735)، ” قاموس أديان ومعتقدات وشعوب العالم” (ص171)

(4) انظر: “كونفشيوس فيلسوف حضارة المستقبل” (ص48) ، “الديانات القديمة” لمحمد أبو زهرة (ص83-85)، “الكونفوشيوسية موقفها من الإسلام وموقف الإسلام منها” لعبد العزيز القنصل (ص88)، “قصة الحضارة” (4/41)،  “فلاسفة أيقظوا العالم ” لمصطفى النشار (ص4).

لطول حزنه على أمه بعد وفاتها؛ مراعاة للتقاليد الصينية حتى أضرَّ بزوجته(1 )

تنوعت الوظائف والأعمال التي امتهنها كونفوشيوس فعمل بالرعي، وملاحظة البساتين، كما عمل أميناً لمخزن الحبوب في بلدته، وقد ترقَّى في الوظائف حتى أصبح مستشاراً لبعض الأمراء والولاة، ثم عُين قاضياً وحاكما في مدينته وكان مثالياً في حكمه؛ فحاسب الوزراء والسياسيين (2).

كما أحب كونفوشيوس التدريس والعطاء فلما بلغ الثانية والعشرين فتح بيته لتعليم التلاميذ، وأخذ من تلاميذه ما يمكنهم دفعه من الرسوم، وكان يد رِسهم ثلاثة أمور: الشعر والتاريخ وآداب اللياقة، وانتهج منهج الحوار في تعليمه؛ لذا كانت دروسه شفوية لا تكتب، وإنما تناقل طلابه حواراته.)3(

وذاع صيته واشتهر، فتكونت له آراء وتعاليم تلاقاها عنه تلاميذه الذين بلغوا ما يقارب (3000) تلميذ، ثم طاف في البلدان يدعوا الناس إلى الأخلاق، وكان يرشد الحكام ويخصهم؛ لأن بصلاحهم تصلح الرعية، حتى بلغ السبعين وهو على هذه الحال، ثم استقر ببلده مقاطعة )لو( وقد أصابه من الهم ما أصابه بسبب موت ابنه، وأعز تلاميذه الذي يدعى )هوي(، حتى لحق بهم في عام (479 ق.م(، وكان قد بلغ الثالثة والسبعين من عمره.(4)

وقد مكث تلاميذه مدة ثلاثة أعوام في أكواخ حول قبره، ومكث أحد طلابه المقربين وهو (تسي كنج) ثلاث سنين أخرى، وأصبح قبره الآن مزاراً فخماً ومنطقة سياحية، وقد كتب على قبره: (هذا قبر أحكم معلمي الصين القديمة الملك الكامل العالم بكل شيء) .(5)

وصفه معاصروه بأنه دمث الخلق، صاحب قلب رقيق، وعقل حكيم، كان متواضعاً، هيناً سهلًا، يحب المرح والفرح، متمسكاً بالآداب والتعاليم، ومولعاً بالقراءة، دقيقاً في المأكل والملبس، يسعى للحد من الغرائز والشهوات، يتسم بقوة الإقناع، شديد الرغبة في حسن الشهرة والسمعة، شديد العناية بلبسه، حريصاً على المناصب السياسية، كان محترماً للآلهة التي تعبد في زمانه، ومواظباً على أداء الشعائر الدينية  (6) ، وتميز بالخطابة والفصاحة مع بعده عن الثرثرة، واشتهرت عباراته كأمثال وحكم بليغة. (7)  .

كما أنه (لم يكن مدعياً رسالة ولم يكن رسولًا مبعوثًا، بل كان حكيماً يبشر بمذهب أخلاقي، ويستمسك أشد الاستمساك به.. أما عقيدته فلم تتجاوز عقيدة الصينين القدماء المتمثلة في السماء، والأرواح المسيطرة على ظواهر الأشياء، وأرواح الآباء((1).

(1) انظر: “كونفشيوس فيلسوف حضارة المستقبل”، (ص49-50)، “الديانات القديمة” (ص84)، “الديانات والعقائد في مختلف العصور” (ص157).

 (2) انظر: “موسوعة الأديان والمذاهب المعاصرة (2/ 749) .

(3) انظر: “قصة الحضارة” (4/41)، “كونفشيوس رائد الفكر الإنساني” د. صلاح بسيوني (ص94).

(4) انظر: “الديانات القديمة” (ص87-88)، “الكونفشيوسية” (ص119- 123).

(5) انظر: “الكونفشيوسية” (ص124).

(6) انظر: “الكونفشيوسية عرض ونقد” عزيزة بنت علي الأشول (319-320) ، “كونفوشيوس رائد الفكر الإنساني” (ص93-94)، “كونفوشيوس” (53-54)

        (7) انظر: “الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب”  (2/ 749)

                 ثانياً: مصادر الكونفوشيوسية:

يظهر جهد كونفوشيوس في تبسيطه للتراث الصيني بلغة سهلة، فكان ذلك سبباً في تدوين خمسة مصادر حفظت لهم تاريخ الصين، وأصول ديانات عشائرهم، والفنون المعرفية لديهم كالموسيقى والرماية، وقيادة العربات والرياضة ونحوها.

لذا نقل تلاميذُه آراءَه وقاموا بالتعليق عليها وشرحها، فساهم ذلك في تأسيس المدرسة الكونفشيوسية، والكتب الخمسة التي يطلقون عليها “الأسفار الخمسة” وهي:

-1سفر القصائد أو الأغاني: يحتوي على ( 305) أغنية، وتراتيل دينية، وقد صوَّرت هذه القصائد الأحوال الدينية والاجتماعية والسياسية في عهد (شانج) (2 (، وعهد (تشاو) 3 )) ، وكذا تناولت القصائد الحروب التي انعكس أثرها على الشعب الصيني.

-2سفر التغيرات أو التحولات: هذا الكتاب في علم ما وراء الطبيعة، واشتهر بأنه سر من الأسرار الثلاثة للكتب الصينية القديمة، وهناك من يرى أنه يعد أسلوبًا من أساليب التنبؤات، وقيل: أنه يتحدث عن قواعد السلوك والأخلاق الفاضلة، وقيل: أنه يحمل أسرار الكون كله، وهو من كتب الكهانة والعرافة وقراءة المستقبل، ويميل الكتاب إلى الرموز والغموض، وقد ادعى الصينيون أن هذا السفر يحتوي علوم البشرية أجمعين، لو استطاع أحد استنباطه.

-3سفر التاريخ: يشمل الوثائق التاريخية، والقوانين، والنصائح، والأوامر، والإعلانات، والوصايا، من الألف الثالثة قبل الميلاد وحتى (630ق.م)، ولهذا الكتاب أهمية تعود إلى احتوائه على منابع حكمة كونفوشيوس، وضمه لأكثر الوثائق التاريخية للفكر الصيني، وأساليب الكتابة لديهم.

-4 سفر الربيع والخريف: ألَّفه كونفوشيوس، وعالج فيه تاريخ الصين بالتفصيل بين سنتي -722) 464ق.م(، وشمل حكم اثني عشر أميراً، ونصوص هذا الكتاب يغلب عليها الغموض والاختصار؛ لذا كثر

(1) “معتقدات آسيوية -العراق -فارس -الهند -إيران-الصين-اليابان” د.كامل سعفان (ص268)،  وانظر: “نظرة جامعة إلى تاريخ الإسلام في الصين وأحوال المسلمين فيها” السيد محمد مكين الصيني (ص11-12).

(2) شانج: وهم قبيلة صينية عاشت قبل الميلاد من ( 11-16ق.م( ، اهتمت بالزراعة بشكل أساسي، وحفروا القنوات للري، واشتهروا بزراعة الدخن والأرز، والقمح من بين محاصيلهم، واستخدموا الخيول بكامل عدتها من العربات الملكية والحربية، وحيكت أقمشتهم من الحرير والكتان. وبرزوا في العالم الفني من حيث الحرف، كما ظهر ذلك في آنيتهم البرونزية الخاصة بطقوسهم، وكؤوس شرابهم، وأسلحتهم، وحملت آنيتهم نقوشا وكتابات من زمنهم، واستخدموا العبيد في إنتاجهم، وعاش الملوك حياة مترفة حتى بعد موتهم فقد دفنوا عبيدهم وأموالهم معهم في قبورهم، كما قدموا القرابين من البشر والحيوانات لآبائهم وأجدادهم ، وظهرت فيهم الكهانة والتنبوء. انظر: “تاريخ الصين منذ ما قبل التاريخ حتى القرن العشرين” هيلدا هوخام ، ت: أشرف كيلاني )ص18-22).

(3) تشو: انقسم حكم هذه الأسرة من القرن 770-11)ق.م) ويسمى التشاو الغربية، وقد استفادوا من حكم من قبلهم، وزع المقاطعات كإقطاعيات على الأمراء الملكيين، واعتقد ملك التشاو أنه انحدر من نسل الإله، وكان النبلاء في بادئ الأمر وحدهم الذين يتلقون التعليم، فيتعلمون الموسيقى والشعر والرماية والحساب، وعبدوا الكثير من الآلهة فكل قوى الطبيعة لديهم آلهةكالشمس والقمر والنجوم والمطر، ونحو ذلك، وتمت صياغة التوازن بين قوى الطبيعة في قانون ينج يانج، وبرعوا في الزراعة وتربية الماشية، وأما القسم الآخر: تشاو الشرقية من عام 221-770)ق.م) وذلك لما سقط الحكم الأول نزحت أسرة تشاو إلى الشرق، وظهر في عهدهم عدد من المفكرين منهم: كونفوشيوس .انظر: “المرجع السابق” (ص23- 36).

شراحه والمعلقين عليه.

-5سفر الشريعة والطقوس: يتحدث عن الطقوس، والشعائر، والمراسم، وقواعد السلوك، وفيه بيان النظام السياسي لأسرة )تشو) القديمة، ولهذه الأسرة دور هام في تاريخ الصين، وكذا يتحدث عن العادات والتقاليد الدينية والسياسية في العصور البعيدة. (1)

وقد اختلفوا في مرجع هذه الأسفار: فمنهم من ردها إلى )تشو قونغ( ((2 وذكر أن عمل كونفوشيوس فيها هو التحرير والتهذيب، ومنهم من أرجعها إلى كونفوشيوس؛ لتعليم الناس وتربيتهم (3)وقد جاء الحكيم )جو شي( (4) الذي وضع الكونفوشيوسية المحدثة(5) ووضع لها أربع كتب، وألزمت الحكومة المدارس والجامعات بتدريسها، وهي المعول عليها في اختبارات الوظائف الحكومية، وهذه الكتب على الترتيب كما يلي:

-1كتاب المعرفة الكبرى: وقد كان فصلًا من فصول الشريعة، وتظهر أهميته في حديثه عن نظرية المعرفة الكبرى في الفكر الكونفشيوسي.

-2 عقيدة الوسط: يرى العلماء أن حفيد كونفوشيوس هو المسؤول عن تجميع هذا الكتاب، وهو أحد فصول كتاب الطقوس، ويعرض أقوال كونفوشيوس بأسلوب وصياغة تلاميذه.

-3الحوارات والمنتخبات: عكف تلاميذه خلال فترة الحداد بعد موته بجمع أقواله وحواراته في هذا الكتاب، وتعد عباراته في الأدب الصيني قدوة في أسلوبها البلاغي.

-4 كتاب منشيوس:(6) وهو من تأليف أعظم طلابه، وهو خاتمة الآداب الصينية، وقد خرج عن فلسفة أستاذه كونفوشيس الجامدة.(7) 

ثالثاً: عقائد الكونفوشيوسية:

تنازع الصينيون بين عدد من الفلسفات الصينية إلا أن الغلبة كانت للمدرسة الكونفوشيوسية وفلسفتها، فقد سيطرت على الفكر الصيني منذ القدم وحتى العصر الحاضر؛ لذا فقد خصوا كونفشيوس

(1) انظر: “معتقدات آسيوية -العراق -فارس -الهند -إيران-الصين-اليابان” (ص269-270) ، و”الكونفوشيوسية “(ص177-188) ، “الديانات والعقائد في مختلف العصور” أحمد عبد الغفور عطار (1/ 152).

(2) تشو قونغ: عاش في بداية عصر تشو، زعمت الكونفشيوسية أنه من الأنبياء والملوك القدامى، وضع شريعة تشو، ونظم الموسيقى، وتم تدوين أقواله وأفعاله في سفر التاريخ وسفر الشريعة، انظر: “الكونفشيوسية” (ص49)

(3) انظر “الكونفوشيوسية” (ص179).

(4) جوشي: ولد عام 1130)م) وتوفي 1200)م(، واشتهر بالحكيم جو، أحد حكماء الكونفشيوسية، ومؤلفا موسوعياً، وشارحاً للكتب الأربعة المقدسة في الكونفشيوسية، أسس مدرسة معرفة الفطرة والحقيقة، فأحيا بها الكونفشيوسية بعد ضعفها .انظر: “الكونفشيوسية” )ص148).

(5) الكونفوشيوسية المحدثة: سيأتي التعريف به في المطلب الثالث من التمهيد.

(6) منشيوس: ولد بعد وفاة كونفوشيوس بقرن، واسمه الصيني (منج كو) ، ولكن سمي إجلالًا له (منج تسو) أي المعلم، ولد ( 390 ق.م ) في ولاية (تسو)، وكان من أسرة استقراطية، وكان تلميذاً لأحد أحفاد كونفشيوس، ويعد من أهم شخصيات المدرسة الكونفشيوسة، بل يعد من الآباء المؤسسين للكونفشيوسية. انظر: “المعتقدات الدينية لدى الشعوب” (ص288-289).

(7) انظر: “الكونفوشيوسية” (ص189-197) ، “قصة الحضارة” (4/ 49-51).

بمزيد من التعظيم حتى رفعوه إلى درجة النبوة، بل عبدوه وصنعوا له المعابد والهياكل، فكان للكونفشيوسية تأثيراً قويًا على الصينين حتى ولو كانوا بوذيين أو طاويين أو غير ذلك فلابد من ظهور تأثرهم بهذه المدرسة.(1) 

لاسيما وأن كونفشيوس ساهم في إحياء عقائد الآباء والأجداد وتقاليدهم، ولم يأت بشيء جديد (فالكونفشيوسية هي في الحقيقة اسم على نظام ديني قبل أن يظهر كونفشيوس في الوجود بأجيال كثيرة) (2) ذا فكل ما يُعزى إلى كونفشيوس أنه: )أحيا التعاليم الدينية القديمة، ودوَّن أصولها، ولم يتعرض في دراسته الخاصة لمناقشتها، ولم يكن له مذهب يدعو إليه، ويحث الناس على اعتناقه، بل كل عنايته كانت تقوم على السلوك المستقيم، والدعوة إليه) ((3. تقوم الديانة الكونفوشيوسية على عدد من الطقوس والعقائد الفلسفية يمكن إيجازها في النقاط الآتية:

أولًا: العبادة والطقوس:

يقوم الفكر الكونفوشيوسي على ما كانت تعتقده الصين القديمة من الوثنية وتعدد المعبودات، كما ذكر الباحثون في تحقيق ذلك: (إن الديانة التي اعتنقها كونفوشيوس والتي كانت سائدة في أيامه على الرغم من الاضطراب الفكري والديني والفلسفي، الذي كان سائداً آنذاك، كانت قائمة أولًا على عبادة السماء باعتبارها الإله الأعظم وحاكم الحكام أو رب الأرباب، ثم عبادة الأرض لأن الأرض هي الأخرى إله، ثم عبادة أرواح الأجداد، ثم عبادة الجبال والأنهار) (4).

ويمكن تقسيم المعبودات لديهم على أصناف:

عبادة القوى الطبيعية المسيطرة: اعتقدوا أن لكل شيء قوةً تسيطر عليه وتسخره، فللشمس والبحر والقمر والمطر والجبال والأشجار، ونحوها قوى يسيطرون عليها؛ لذا قاموا بعبادتها، ورسمها في لوحاتهم، ومع ذلك فهي تخضع للإله الأسمى الذي ينادونه بالإله الأعظم أو إله السماء، الذي يقدمون له العبادة والقرابين 5)) ، ويعتقدون أن تقديم القرابين لإله السماء مخصوص بالملك والأمراء، وأما إله الأرض فعبادته عامة لجميع الصينين، وأما الشمس والقمر والكواكب ونحوها، فعبادتها وتقديم القرابين تخص الأمراء6)).

هذا وقد عظ م كونفشيوس السماء بمزيد من التعظيم لما يرى فيها من القوة الكونية الغامضة التي لها الإرادة المطلقة، والقدرة على الإبادة، فكل ما في الكون يخضع لمشيئة السماء، فهي الملجأ الذي يخضع إليه الإنسان عند الحاجة واليأس، والإحباط؛ لأنها تقف مع الحق وتنصره، ويقصدون بالسماء الأفلاك

(1) انظر: “كونفوشيوس رائد الفكر الإنساني” صلاح بسيوني (ص61-62).

 (2) “أديان العالم” حبيب سعيد (ص113).

(3) “معتقدات آسيوية” (ص268).

(4) “الكونفشيوسية” (ص203)، نقلًا عن “كونفوشيوس النبي الصيني” لحسن شحاتة (ص )63 ولم أستطع الوصول إلى هذا المرجع مع أهميته.

 (5) انظر: “أديان العالم ” (ص118-119) ، “كونفشيوس” (ص73).

(6) انظر: “أالموسوعة الميسرة في الأديان” (2/752-753) .

ومداراتها 1)).

عبادة الملائكة: قدس الكونفشيوسيون الملائكة، وقربوا لها القرابين. (2)

عبادة الأرواح: قدسوا الأرواح، واعتبروها من القوى الخفية التي يشاهدون أثرها دون معرفة حقيقتها، والأرواح عندهم على قسمين:

أرواح كبار الحكماء والأبطال الوطنيين، وأرواح الآباء والأجداد، وقد عبد الكونفوشيوسيون في بداية أمرهم الحكماء والعظماء من رجال الشعب ثم عبدوا جميع الأسلاف على السواء وقدسوهم، وهذه العبادة تحل في المرتبة الثانية بعد عبادة السماء، ولهذه العبادة خصوصية، فكل عائلة تقيم طقوسها ومعابدها الخاصة  بها ، تخليداً لذكرى مؤسس العائلة، ويقيم الطقوس أكبر العائلة سناً، وتتم عبادتهم وتقديم الطقوس لهم في أيام محددة من السنة، لذا فالكونفشيوسة تعيب الوثنية، وهي غارقة في مستنقعها ) 3)

        ثانياً: عقيدة الوحدة بين الإله والإنسان:

وهي من أصول عقائد الكونفوشيوسية، ومن العقائد التي لازالت متمسكة بها حتى العصر الحاضر، وهي العقيدة المركزية التي بنيت على أساسها هذه الديانة، وتشمل هذه العقيدة:

-وحدة الأخلاق: يقصد بهذه الوحدة بين الإنسان وبين السماء والأرض والشمس والقمر ونحوهافي الصفات، فالرجل الفاضل كما يزعم كونفوشيوس ينبغي أن يكون في وحدة مع السماء والأرض في أخلاقه، والشمس والقمر، في إشراقه، ومع الفصول الأربعة في ترتيبه، ومع الأرواح والملائكة في بركته وشؤمه.

وحدة الكون: فيرون أن الكون وحدة متكاملة متناسقة تسير وفق قوانين )ينغ يانغ) (4) والعناصر الخمسة (5)، وأن الإنسان في تكوينه مثل السماء، فكما أن السماء لها شمس وقمر، فللإنسان عين وأذن، ولها أربعة فصول، وللإنسان أربع جوارح، والكون متكون من العناصر الخمسة، والإنسان له الأحشاء الخمسة، والسماء لها قلب هو عين الأخلاق السماوية، وكذا الإنسان له قلب هو عين الفطرة الخيرة، والكون فيه سماء وأرض، وكذا الإنسان إما ذكر أو أنثى. وهذه وغيرها يعدونها من مظاهر الوحدة بين الإنسان والإله بزعمهم.

  • انظر: “كونفوشيوس” (ص77-79)، “الكونفشيوسية” (ص204)،  “مقارنات الديانات القديمة ” (ص88).
  •  انظر: “أالموسوعة الميسرة في الأديان” (2/ 753)

(3)  انظر: “أديان العالم” (ص119-120)، “كونفوشيوس رائد الفكر الإنساني” (ص13)، “كونفوشيوس” (ص75-76).

(4) (ينغ يانغ):  وهذا يعبر عن ثنائية الوجود، (ينغ) المبدأ الأنثوي، و)يانغ) المبدأ الذكوري، ذلك أن (ينغ) يمثل حالة التلقي والاستيعاب والسلبية النسبية، في حين (يانغ) يمثل الناحية الإسقاطية الإيجابية الناشطة، ويكمل كل منهما الآخر. انظر: “معتقدات آسيوية” (ص292).

(5) يقوم فكرهم على العناصر الخمسة وهي: تركيب الأشياء: معدن- خشب- ماء- نار- تراب. -الأضاحي والقرابين خمسة. الموسيقى لها خمسة مفاتيح والألوان الأساسية خمسة. -الجهات خمس: شرق وغرب وشمال وجنوب ووسط. درجات القرابة خمس: أبوة وأمومة، وزوجية، وبنوة، وأخوة. “الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة (2/ 755).

وحدة المجاوبة: هناك وحدة في العمل والتجاوب بين الإنسان والإله، فهو يدبر مخلوقاته، ويسمع ويرى وينصر، ولكن ذلك بواسطة الشعب، فنظره وسماعه، هو نظر وسماع الشعب ليس بينهما فرق.(1)

ثالثاً: موقفهم من الوحي:

)مصدر المعرفة لدى الكونفشيوسية إما الفطرة الإنسانية الخِيّرة، وإما القلب الإنساني العارف فهم لا يؤمنون بمبدأ الوحي الإلهي، أو لا يعرفون أن الله ينزل وحيه وكتبه على من يشاء من عباده المرسلين لهداية خلقه( . (2)

ووضع كونفوشيوس درجاتٍ للمعرفة البشرية، حصرها في أربع درجات، وهي كما يلي:

الدرجة الأولى: رجل أوتي إلهاما ومعرفة من السماء وهذه يعتبرها أعلى الدرجات وأرقاها.

الدرجة الثانية: رجل أوتي ذكاء مكَّنه من التعلم فوصل إلى أقصى هذه الدرجة.

الدرجة الثالثة: رجل حُرم الذكاء، ولكنه صبر وتعلم، فيعطى من المعرفة بقدر طاقته.

الدرجة الرابعة: رجل فيه غباء وبلادة وجمع معها جهلًا ومجانبة للتعلم والمعرفة، فهو في أسفل الدركات(.(3

ومن هنا كانت الإشكالية في مدى صدق المعرفة وصحتها، فوضعت الكونفشيوسية لها ضابطاً وهو ما يسمى بسنة التوسط بين الإنسان والإله، فإذا بلغ الإنسان مبلغاً من الترفع عن الشهوات والأهواء، ففي هذه الحال يصبح مؤتمنا على ما عنده من معرفة؛ لأنه وصل إلى مرحلة الوحدة بينه وبين الإله، فتتجلى فيه الفطرة الإنسانية المشرقة. (4)

      رابعاً: موقفهم من نبوة  كونفوشيوس:

لم أقف على قول لأحد الباحثين يذكر أن كونفوشيوس ادعى النبوة، بل نفى النبوة عن نفسه كما ورد في إجاباته على الأسئلة الواردة عليه من قبل تلاميذه، غير أن مكانة كونفوشيوس تعاظمت بعد وفاته حتى جعلوه نبياً، بل من أعظم أنبياء الصين(5) .

خامساً: موقفهم من القدر:

مصطلح القدر لدى الكونفشيوسية له معنيين:

إذا ارتبط بالسماء فإنه يراد به: أمر السماء، أو مشيئتها.

(1) انظر: “كونفوشيوس” (ص81-85) ، “الكونفوشيوسية ” (ص205-210).

(2) “الكونفوشيوسية ” (ص211).

(3) انظر: “معتقدات آسيوية” (ص279-280)

 (4) “الكونفوشيوسية ” (ص211).

(5) انظر: “الكونفوشيوسية موقفها من الإسلام وموقف الإسلام منها ” (ص120).

وإذا انفرد القدر بالذكر فإنه يعنى به: المصير. 1))

لقد آمنوا بالقدر واعتقدوا أن كل ما يصيب الإنسان من خير وشر فهو مكتوب في لوحة القدر ويصعب على الإنسان محو ذلك إلا بجهد بالغ ومشقة وكلفة، ولكنهم غلوا في القدر حتى قالوا بالجبر المطلق فكل إنسان يسعى للانسجام مع الجبرية والحتمية المطلقة ومسيرة الحياة المنطلقة من إرادة كونية. 2)) 

ويعتقدون أن الآثام والذنوب سبب من أسباب حصول الكوارث الكونية كالزلازل والبراكين، كما أن ظلم الحاكم وتسلطه على رعيته سبب من أسباب زوال حكمه وطغيان غيره عليه3) )

سادساً: موقفهم من بعض الأمور الغيبية:

يتقبل الموت كونفوشيوس ولا يرى فيه أي إشارة أو رمز إلى معنى من المعاني، ولا يعتقد أنه من الشرور وليس فيه ما يخيف أحداً، بل أن أقوال المرء تتصف بالحكمة عند قربه من الموت (4)

لا يؤمنون بالجنة ولا بالنار، ولا الثواب ولا العقاب، بل لا يؤمنون بالبعث يوم القيامة بعد الموت، بل الجزاء والثواب إنما هو في الدنيا 5)) ؛ لذا لا يهتمون بالحياة بعد الموت بل جل اهتمامهم بإصلاح دنياهم ويعتقدون بأن المجازاة على أعمالهم يكون في الدينا. ويعتقدون بأن أرواح الأموات لا تزال تعيش مع أسرهم في الغيب، وأنها تفرح بالموسيقى وتقديم القرابين لها؛ لتستمر ذكراهم وتقديم القرابين لهم، وزيارتهم، لكنهم لم يخوضوا في حقيقة هذه الحياة والخلود هل هي كمال أم استعداد لمرحلة أخرى؟ (6)

سابعاً: فلسفة كونفوشيوس الأخلاقية:

أنشأ كونفوشيوس نظاماً أخلاقياً معتمداً على الكتب التقليدية السابقة ككتاب الأغاني والتاريخ والطقوس، فالأخلاق هي همه الأول، وظلت فلسفته الأخلاقية محط الأنظار، وموضع احترام الصينين حتى الوقت المعاصر (7).

كان يرى أن واجبات الإنسان تجاه أخيه الإنسان أعظم مما يجب عليه تجاه الرب، لذا نصَّت تعاليمه على مكارم الأخلاق، وإصلاح القول والعمل، والحث على العفو، والبعد عن الأنانية، والحرص على الآداب وقواعد السلوك (8).

(1) “كونفوشيوس رائد الفكر الإنساني ” (ص170).

 (2) انظر: “كونفوشيوس” (ص86)

(3) انظر: “الموسوعة الميسرة في المذاهب والأديان” (2/753)

 (4) انظر: “كونفوشيوس رائد الفكر الإنساني” (ص173).

(5) انظر: “مقارنات الديانات القديمة” لمحمد أبو زهرة (ص90) وأيضاً: “كونفوشيوس رائد الفكر الإنساني” (ص173)

 (6) انظر: “الكونفوشية” (ص261) ، و”معتقدات آسيوية  (ص292)

(7) انظر: “كونفشيوس رائد الفكر الإنساني ” (ص112).

(8) انظر: “الديانات والعقائد في مختلف العصور” (1/155) وانظر: أديان العالم” (ص122).

فإن الأخلاق هي: (الأمر الأساسي الذي تدعو إليه الكونفوشيوسية، وهي محور الفلسفة، وأساس الدين، وهي تسعى إليه بتربية الوازع الداخلي لدى الفرد ليشعر بالانسجام الذي يسيطر على حياته النفسية، مما يخضعها للقوانين الاجتماعية بشكل تلقائي( (1).

ويرى الفيلسوف أن تحقيق الواجب في ذاته لا لشيء آخر كمنفعة أو لذة أو سعادة، فالحكيم لا ينظر لهذه المصالح ولو نظر إليها هوى إلى طبقة العامة والجماهير، ولخرج الواجب عن كونه واجباً؛ لاختلاف الغايات الشخصية عند الناس، لذا فإن الإنسان الكامل هو الذي لا ينظر إلى اللذة والمنافع المكتسبة عند قيامه بالواجب.

كما يقول إنه عن طريق الاعتدال والانسجام ينتظم من في السماء وعلى الأرض، وتنمو جميع الكائنات، ويعتقد بأن جميع البشر متساوون أمام هذا القانون الأخلاقي، لأن العلم بها فطري (2).

وقد دعا إلى عدد من الأخلاق الفاضلة كطاعة الوالد والأخ الأكبر، والحكام، وأمر بالإخلاص للأصدقاء، واحترام الآخرين ومراعاة الألفاظ المستخدمة في الحديث معهم، والمطابقة بين القول والفعل، ونهى عن الوساطات والمحاباة.

وأما الأخلاق الواجبة على الحكام فتظهر في احترام الأفراد، والتودد إلى القرابة، ومعاملة الوزراء بالحسنى، والعطف على الرعايا، وتحقيق الرفاهية للأمراء والعامة (3).

  • “الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة” (2/ 753)
  • انظر: “الفلسفة الشرقية” د. محمد غلاب (ص262- 265)

(3) انظر: “الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب ” (2/754).

المطلب الثالث: تاريخ الديانة الكونفشيوسية في الصين:

الكونفشيوسية من الديانات الصينية العريقة، والتي اشتهرت بعد موت مؤسسها بزمن على يد تلميذ له يدعى (منشيوس) (1)، وذلك عام (390ق.م- 305 ق.م.)

وفي عهد أسرة (تشين هوانج( (2) من سنة )212 ق.م) تم اضطهاد الكونفشيوسيين وإحراق كتبهم، وقتل علمائهم ودفنهم وهم أحياء حتى دُفن ما يقارب خمسمائة فيلسوف.

ثم في عام ( 207 ق.م) ثار الناس لإعادة الكونفوشية حتى وافق الحكام وقاموا بإعادة صياغة كتبها، وفي عام (124ق.م) تحديداً أنشأت الإمبراطورية جامعة لها؛ لتعليم الكونفشيوسية، واستخدمت مؤلفات الكونفشيوسية مرجعاً أساسياً في اختبار المتقدمين على الوظائف الحكومية.

في القرن الثاني والثالث الميلادي حصل تداخل بين الكونفشيوسية وبين تعاليم الفلسفة الطاوية والفلسفات الأخرى.

حتى القرن السابع الميلادي انحسر الاهتمام بالكونفشيوسية لعدة أسباب؛ وصلت البوذية إلى ذروتها، فاتجه الناس إليها وإلى البوذية لاسيما وأن الكونفشيوسية أهملت الحديث عن بعض الأمور التي يحتاج الناس إلى العلم بها، كالحديث عن الموت.

ثم عاد الناس إلى الكونفشيوسية في القرن السابع الميلادي عودة قوية، بل بلغ الأمر إلى امتحان المرشحين على الوظائف الحكومية في التعاليم الكونفشيوسية، وأمر أحد الأباطرة ببناء معابد فيها تماثيل لكونفوشيوس في جميع أنحاء الإمبراطورية، كما أنشأ كليات تد رِس آراء وتعاليم كونفوشيوس.

إلى أن بدأت الكونفشيوسية المحدثة في ظل حكم أسرة (سونغ)( 3) وذلك في عام ( 960م – 1280 م) حيث ازدهرت الدراسات في الكونفشيوسية بصفة خاصة، وكان قائد الحركة المحدثة الحكيم )جو شي) (4) حتى أصبحت الكونفوشيوسية المحدثة هي الديانة الرسمية للدولة.

(1) سبق التعريف به.

(2) تشين: وهي إمبراطورية قامت ما بين عام (221- 206 ق.م)، وهي حكومة استبدادية ، جعل الإمبراطور له سلطة مطلقة، وقد خشي الإمبراطور شين أن يكون التأمل سبباً في زعزعة الحكمة، لذا قام بمعاقبة (460) شخصاً بدفنهم أحياء، وحرق كافة الكتب، لذا اتهم بإتلاف كتب الأدب القديم . انظر: “تاريخ الصين منذ ما قبل التاريخ حتى القرن العشرين” (ص59-70).

(3) سونغ: أسس هذه الأسرة القائد تشاو كوانج ين، الذي أعاد توحيد الصين بعد أنهكتها الحرب بعد قرابة (75) عاما من الحكم، في عهدهم ازداد التقدم الحضاري، في شتى المجالات الزراعية والصناعية، والاقتصادية والتجارية ، والعلمية. انظر: ” تاريخ الصين منذ ما قبل التاريخ حتى القرن العشرين” (ص183) ، و”الكونفوشيوسية عرض ونقد” (311).

(4) سبق التعريف به.

إلى أن قام عدد  من المفكرين الصينين بانتقاد الكونفشيوسية وتوجيه الاعتراضات إليها، على أمل إحياء المذاهب الغربية الأخرى كالديموقراطية (1) والبراجماتية2) ) وغيرها؛ فأصدرت الحكومة في عام (1928م) قراراً يمنع من تقديم القرابين والطقوس لكونفوشيوس.

ثم لما قامت اليابان بالاستيلاء على أجزاء من الصين، شعر الصينيون بأهمية الرجوع والتمسك بالتراث الصيني فذهبوا إلى قبركونفوشيوس، وأحيوا معابده، وعملوا على نشر تعاليمه، وعادت الديانة الكونفشيوسية ديانةً رسميةً للدولة، ومؤثرةً في الحياة الصينية، إلى ظهور الشيوعية في عام 1949)م(، على يد (ماتسوي تونج) (3)، حتى عارضت الحكومة الصينية الشيوعية الكونفوشية ودمرت كتبهم، ومعابدهم، وأحلَّت الكتاب الأحمر للرئيس )ماو( محل كتب الكونفشيوسية، ولكن في عام 1977)م( انتهت معارضة الحكومة الصينية.

وقد ظن بعض الناس أن الشيوعية أسقطت الكونفشيوسية للأبد، ولكن العكس هو الصحيح، فالكونفشيوسية عملت على تغيير الشيوعية كما صهرت البوذية قبلها في قالبها؛ فهي كما قيل عنها أنها تهضم الفلسفات المعارضة لها وتحولها إلى صفها. حتى عاد في القرن العشرين تدريس الكتب الكونفشيوسية من جديد في المدارس، والاحتفال بذكرى مولده، وقاموا بتأسيس الجمعية العالمية للكونفوشيوسيين4 ) ).

في بداية القرن العشرين ظهرت الكونفشيوسية المحدثة المعاصِرة والتي تطالب بإحياء الكونفشيوسية التقليدية بعد شيوع الثقافة الغربية في الصين، وكان هذا الاتجاه على يد عدد من العلماء والمفكرين وعلى رأسهم (مو زونغ سان)(5)، الذي أكد أنه لا تعارض بين العلم الكونفوشيوسي وبين التحديث، بل الثقافة الكونفوشيوسية هي القوة الدافعة للتحديث، وأن على الغرب الاستفادة من ثقافة الشرقيين ومن الجوانب التي ينبغي عليهم تعلمها: سعة الصدر والصبر، والحكمة الدقيقة، والمشاعر الرقيقة والشفقة والعواطف، واعتبار العالم أسرة واحدة .(6)

وقد تميزت هذه المرحلة من مراحل الكونفشيوسية بالتمسك بالدين والأخلاق، وإعادة الروح الأصيلة للكونفوشيوسية والدعوة إلى الوحدة بين الإنسان والإله.

(1) الديموقراطية: هو نظام يمارس الشعب فيه السيادة بواسطة مجلس منتخب من نواب الشعب، ويستطيع الشعب التدخل المباشر لممارسة بعض مظاهر السيادة بوسائل مختلفة: كالاقتراع، والاستفتاء والاعتراض. “الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب “(2/1056) بتصرف يسير.

(2) البراجماتية: مذهب فلسفي اجتماعي نشأ في الولايات المتحدة الأمريكية، يعتقد بأن الحقيقة توجد في التجربة الإنسانية، لا الفكر النظري البعيد عن الواقع، ويرى أن صدق القضية في منفعتها وفائدتها، وأن الفكر غائي، وهذا المذهب الذرائعي هو الطابع للسياسة الأمريكية. “الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب ) “2/ 832) بتصرف يسير

(3) ماوتسي تونج: من رجال الدولة في الصين، ومؤسسي الحزب الشيوعي ولد عام 1893)م)، قاد ثورة على النظام الحاكم منذ 1927)م(، أعلن جمهورية الصين الشعبية عام 1949)م(كان رئيس الدولة ثم رئيس الحزب الشيوعي، تعرضت سياسته للانتقاد بعد وفاته عام 1976)م) له مؤلفات ثورية وعقائدية منها الكتاب الأحمر الصغير . انظر: “المنجد في اللغة والأعلام” (ص517).

(4) انظر: “الموسوعة العربية العالمية” (20/ 295-296) ، “المعتقدات الدينية لدى الشعوب” جفري بارندر  )ص278) ، “لمحات عن أديان العالم” ت: صادق الركابي (ص)300-299، “الكونفوشيوسة” (ص-315 )318، الموسوعة الميسرة ( )751-750/2

(5) مو زونغ سان: ولد عام 1909)م) وتوفي عام 1990)م) من أعظم ممثلي مدرسة الكونفشيوسية المحدثة المعاصرة، وعمل أستاذاً في عدد من الجامعات منها تايوان، وله مؤلفات كثيرة تبلغ ثلاثين كتابًا. انظر: “الكونفشيوسية” (ص151) نقلًا عن كتاب “المعرفة الكبرى في الديانة الكونفشيوسية” لزهرة الدين -ولم أستطع الوصول إلى هذا الكتاب مع أهميته.-

(6) انظر: “الصينيون المعاصرون” ووبن (1/ 245-249)

وقد لاقت هذه الدعوة رواجاً في الصين اليوم، وذلك على مستوى الحكومة والشعب، بل هي النظام الاجتماعي المهيمن في الصين الوطنية. 1))

 ومن أبرز مظاهر العودة إلى الكونفوشيوسية اليوم بناء المعاهد والمراكز الكونفوشيوسية ومنها: -مركز الدراسات الكونفوشيوسية في جامعة المعلمين في (تشي فو) مسقط رأس كونفوشيوس، ثم انتشرت بعد ذلك مراكز متعددة في جميع الجامعات.

– معهد هونغ كونغ للكونفوشيوسية المهتم بتعليم الفكر الكونفوشيوسي.

ثم توسعت المعاهد على نطاق العالم وليس الصين فحسب، بل وصلت إلى دول أوربا وأفريقيا والدول الآسيوية الأخرى.

كما نصبت الحكومة عدداً من النصب التذكارية لكونفوشيوس في أنحاء متفرقة من الصين؛ إحياء لذكراه .(2)

وجاء في مقالة بعنوان: (من الشيوعية إلى الكونفوشيوسية البديل الصيني للديمقراطية الليبرالية) أن الشيوعية فقدت قدرتها على إلهام الصينين، وأقرت الصين بأن البديل لها لابد أن يكون جزءاً من تقاليدهم الصينية؛ وبلا شك فالكونفشيوسية هي الخيار الصحيح؛ لتعلقها الوثيق بالتقليد السياسي الصيني.

لذا قامت الحكومة الصينية بالترويج للكونفوشية عبر إنشاء فروع لمعهد كونفوشيوس، وذكر الكاتب بأن محاولة إحياء الكونفشيوسية ليس قاصراً على الحكومة بل ظهر الاهتمام بها حتى من قبل الأكاديميين، وكذا المدارس حيث شجعت على تدريس أعمال كونفوشيوس الكلاسيكية للأطفال 3)).

لذا فإن الكونفوشيوسية جددت نفسها وأحيت تراثها، حتى أصبحت هي النظام السائد في أرجاء الصين، كما سعت إلى صبغ المذاهب الأخرى الغربية الواقعة في أراضيها بالصبغة الكونفوشيوسية.

فكان ما تقوم به الحكومة الصينية في سياساتها ومعاملاتها إنما هو باسم الدين والأخلاق والتقاليد الكونفوشيوسية التي سيطرت على الشعب والحكومة.

وكل ما سيذكر في المباحث القادمة -بإذن الله – من سياسات القمع والعنف، والإرهاب المقنن، والاحتلال السياسي لأرض الأويغور فإن له ارتباطاً بهذه الكونفوشيوسية التي تسعى إلى تعميم الفكر الكونفوشيوسي على العالم أجمع؛ كما أشار أحد دعاة الكونفوشيوسين المحدثة إلى (أن مستقبل الثقافة العالمية سيكون في تعميم تيار العلم الكونفوشيوسي الثالث)  (4) .

(1) انظر: “دراسات وأبحاث في قضايا معاصرة” د.سارة الحسني (ص160-162)

(2) انظر: دراسات وأبحاث في قضايا معاصرة” (ص160-162)

(3) انظر: مقال في صحيفة الشروق /7 أغسطس2010/ ، للكاتب: دانيال بيل. أستاذ الفلسفة في جامعة تسنغهوا في بكين.

 (4) “الصينيون المعاصرون” )1/ 249).

1/

المبحث الأول: التعريف بمسلمي الأويغور في ظل الحكم الصيني:

قبل تفصيل القول عن قومية الأويغور سأعرف بجمهورية الصين، إحدى دول آسيا والواقعة في شرق القارة، والمطلة على البحر الأصفر وبحر الصين الجنوبي المفتوحين على المحيط الهادي، وتقدر مساحتها بما يقارب: )9.6) كم2، وتعد ثاني أكبر دول العالم مساحة، كما أنها أول الدول من حيث عدد السكان فقد بلغ سكانها في عام (2012م:( (1350665000) نسمة.

ويحد الصين من حيث الشرق وجنوب الشرق المحيط الهادي، ومن الجنوب والجنوب الشرقي شبه جزيرة الهند الصينية، وشبه القارة الهندية الباكستانية، ومن الشمال تركستان الغربية-دول الإسلام الحالية- وسيبريا الروسية .(1)

وقد وصل الإسلام مبكراً إلى الصين لكنه لم ينتشر كما انتشرت الكونفشيوسية والبوذية وغيرها من أديان الصين وذلك يعود إلى عدم إتقان اللغة الصينية المحلية من قبل الدعاة المسلمين، ويضاف إلى ذلك عدم اعتناق الأسر الملكية للإسلام، بل تمسكوا بديانتهم الوثنية، ولكن الإسلام هيمن على جنوب الصين، وبعد انصرام ما يقارب (1300) سنة أصبح الإسلام محصوراً في عدد من الأقليات القومية وهي: هوي، الأويغور، والقازاق، والقرغيز، والتاتار، والأوزبك، والطاجيك، ودونغشيانغ، وسالارا، وباوآن.(2)

يعود بنا التاريخ إلى ماضي الأويغور أحد سكان تركستان الشرقية التي تعد الآن ضمن بلاد الصين، ولكنها في الأصل ليست من ولايات الصين بل هي من المستعمرات التي امتدت إليها يد العدوان الصينية؛ لما ضاقت عليهم أرضهم فاتجهوا إلى هذه البلاد مع فقرها مقارنة بهم، وقد بدأ أول غزو لهذه البلاد في عهد أسرة (هان الصينية( (3) وذلك قبل الميلاد واستمرت حركات التحرير والاستيلاء والمداولة بين الصين والأويغور على هذا البلد التركستاني قرونًا مديدة، ففي أوائل القرن العشرين أعلن الأويغور لفترة وجيزة استقلالهم، ولكن المنطقة خضعت بالكامل لسيطرة الصين عام (1949م) إبان الحكم الشيوعي، ومنذ ذلك الوقت انتقل عدد كبير من قومية الهان الصينية إلى هذا الإقليم، فيما تخشى الأويغور من اندثار ثقافتهم، وتاريخهم، وهويتهم.(4)

فتركستان تعني أرض الترك، وهي إحدى المناطق الواسعة في وسط آسيا، وتقسمها التضاريس الجبلية إلى قسمين قسم شرقي وغربي، أما الغربي فهي خمس جمهوريات إسلامية: )كازاخستان، وتركمانستان، وطاجيكستان، وأوزبكستان، وقيرغيزستان) وقد نالت هذه الجمهوريات استقلالها بعد سقوط الشيوعية في

(1) انظر: “تاريخ آسيا الحديث والمعاصر” أ.د. رأفت غنيمي الشيخ وآخرون (ص10)،  وأيضاً موقع ويكبيديا https://ar.wikipedia.org

(2) انظر: “الإسلام في الصين” يونس عبد الله ماتشنغ الصيني (ص10-11) ويتضح مراد الكاتب بأن هذه القوميات موجودة على أرض الصين وليست صينية الأصل، وذلك لأن غالب ما ذكرهم أتراك.

(3) الهان: أسس(ليو بانج) أسرة هان والتي حكمت بعد أسرة تشو، وقاد الثوار والمعارضين للحكم في أسرة تشو ، ولقب كملك ب (هان) عام 206)ق.م(، ومن ذلك الوقت أصبح الصينيون يطلقون على أنفسهم اسم (هانن (وفي القرن الأول من حكم الهان تم رفع الحظر عن كتب الفلسفة، وتم إعلان التعاليم الكونفوشيوسية مذهباً رسميا للدولة. انظر: “تاريخ الصين منذ ما قبل التاريخ إلى القرن العشرين” (ص71-77).

(4) انظر: “تركستان الشرقية” محمود شاكر (ص38) ، انظر: موقع ويكبيديا : https://ar.wikipedia.org ، موقع بي بي سي : http://www.bbc.com

الاتحاد السوفيتي في روسيا (1).

      أما الجزء الشرقي من تركستان أجبر على الدخول تحت الحكم الصيني وسمته بمقاطعة )سنكيانغ) -أي المستعمرة الجديدة-، ويحده من الشمال الغربي كازاخستان، وقيرغيزستان، وطاجيستان ، وأما جنوبًا أفغانستان، وباكستان، ويحدها شرقاً أقاليم التبت الصينية، وتقدر مساحتها (1660) مليون كم2 وتشكل سدس مساحة الصين فهي الدولة التاسعة عشرة من حيث المساحة.(2)

هذا وإن سكان تركستان الشرقية ليسوا من جنس واحد بل يقطنها عدد من القوميات؛ وذلك بسبب موقعها الجغرافي، وأهم هذه الأجناس هم الأويغور الذين يشكلون نسبة (82% ) من السكان، ويشكل الهان الصينيون نسبة (5%) من سكانها، ونسبة الكازاق فيها (9%)  والأقلية المتبقية من الهوي، والقيرغيز والأوزبك -قبل تحرير بلادهم-، وكذا المغول، والروس، ولكن نسبة الأويغور قد تناقصت من هذا الإقليم بسبب التهجير الإجباري من قبل الصين وإدخالهم إلى وسط البلاد، والسعي إلى توطين الصينيين في تركستان فتناقصت نسبة الأويغور من (82%)  إلى (45%)، وبلغت نسبت الهان (41%) .(3)

إن (سكان الإقليم بمعظمهم يعتنقون الدين الإسلامي السني ما عدا الهان فهم قومية صينية غير مسلمة (كونفوشية وغيرها) أما الهوِّي فهم من العرق الصيني ولكنهم يدينون بالإسلام)  4)).

وأما عن ثروات هذه البلاد التي جعلت منها مطمعاً لجيرانها فهي متنوعة، ومنها الثروات المعدنية والبالغة (121) نوعاً من الرصاص والحديد، واليورانيوم، وغيرها مما لا يوجد في الصين، وفيها (56) منجماً للذهب، وتتميز بالثروة الحيوانية فقد بلغت أنواع الحيوانات فيها (44) نوعاً.

كما أن لديها احتياج نفطي يبلغ )21) مليار طن، ويمثل ( 30%) من نفط الصين، وكذا احتياط الغاز الطبيعي فقد بلغ في المنطقة ما يقارب (10) تريليون، وبلغ المخزون الاحتياطي للفحم )2.19)  تريليون طن؛ لذا فالاعتماد الأساسي للصين في صناعتها العسكرية عبر ما ينتجه هذا الإقليم.

أما ثرواتها الزراعية فهي من أكبر المناطق المنتجة للقطن بالجودة العالية، وتصدر أجود أنواع العنب والبطيخ، والذرة والأرز، والتفاح والكمثرى والمشمش، والكرز وكذا الخضروات.

(1) انظر: “المؤثرات الحضارية الصينية على إقليم تركستان الشرقية” د.أمنية طنطاوي (ص)11-10 موقع ويكبيديا : https://ar.wikipedia.org ، شاهد مقطع بعنوان: “قصة تركستان المحتلة الجزء الأول-

https://www.youtube.com :عكبر علي للشيخ

(2) انظر: المؤثرات الحضارية الصينية على إقليم تركستان الشرقية” (ص11)، موقع تبيان : https://tipyan.com ، وأيضاً: موقع الجيش: https://www.lebarmy.gov.lb ، “قضية مسلمي تركستان الشرقية” (ص106).

(3) انظر: “تركستان الشرقية” (ص)34-33، وأيضاً: موقع الجيش https://www.lebarmy.gov.lb ، وأيضاً موقع ويكبيديا : https://ar.wikipedia.org

https://www.lebarmy.gov.lb الجيش موقع (4)

يعد موقعها موقعا استراتيجياً هاماً ساعد في نمو الحركة التجارية؛ حيث تقع بين سيبيريا ومنغوليا والتيبت والهند وكشمير، فهي نقطة الوصل بين الشرق والغرب؛ ومن هنا اكتسبت موقعاً تجاريًا مهماً.(1)

إلى ماذا تعود أصول الأويغور؟

الأويغور هو لقب أطلقه الشعب الأويغوري على أنفسهم ، وهو بمعنى الوحدة والاتحاد، وقد اختلف الباحثون في أصولهم على عدة أقوال:

-فهناك من يرجعهم إلى قومية )دينغلينغ) في أسرة هان(2 )  )206ق.م-22ق.م( كما أشارت الحوليات الصينية بأن أسرة ديغلينغ هم أجداد الأتراك، والأويغور.

-وآخرون أرجعوهم إلى قومية (هويخة( في أسرة تانغ(3)  ) 618م  -907م.(

-والقول الثالث أرجعهم إلى قبائل الهون(4) التي هاجرت إلى الهند، وعرفت باسم )ترك(5)( وهذا القول هو الراجح والمعروف في كتب التاريخ أن أصولهم تعود إلى الأتراك عرقياً، وثقافياً، والتي تعيش في مناطق آسيا الوسطى المعروفة باسم )تركستان الشرقية)، وهو الوطن التاريخي للويغور، بل ذهب بعضهم إلى تسمية تركستان بأوغرستان نسبة إلى غالبية سكانها الأويغوريين(6)  

وقد ذكر المؤرخون ذلك، ومنهم اليعقوبي فقال: (فترك إستان، والترك عدة أجناس عدة ممالك فمنها: الخزلخية، والتغزغز، وتركش، وكيماك، وغز( .(7)

ويؤكد ما سبق ياقوت الحموي فيقول: ( تُرْكِسْتاَن هو اسم جامع لجميع بلاد الترك… وأوسع بلاد الترك بلاد التغزغز، وحدهم الصين والتّبتّ… قالوا: ومدائنهم المشهورة ست عشرة مدينة، والتغزغز في الترك كالبادية) (8)

والتغزغز الأتراك سكان تركستان: هم الأويغور حالياً سُكان تركستان الشرقية .(9) 

ولغتهم التي يتحدثون بها هي اللغة الأوغورية والقازاقية، والقرغيزية، وهي لهجات محلية تعود إلى اللغة

(1) انظر: موقع المعرفة: https://www.marefa.org ، وأيضاً موقع تبيانhttps://tipyan.com: ، وأيضا موقع الجيشhttps://www.lebarmy.gov.lb: ، وأيضا: “تركستان الشرقية” (ص31).

(2) تقدم التعريف بهم.

(3) قومية هويخة : (تعيش في منطقة نينغشيا ذات الحكم الذاتي هي إحدى القوميات التي تتكون منها الصين .ويبلغ تعدادهم حوالي تسعة ملايين نسمة ويرجع تاريخ قومية هوي في منطقة نينغشيا إلى أواخر عهد أسرة تانج الملكية الصينية) موقع ويكبيديا: https://ar.wikipedia.org

(4) قبائل الهون: )هم مجموعة من الرعاة الرحل، الذين ظهروا من وراء نهر الفولجا في روسيا حالياً و هاجروا إلى أوروبا الشرقية حوالي 370 ميلادية، و قاموا ببناء إمبراطورية في أوروبا. الهون كانوا يستخدمون الرماة على ظهور الخيل كالسلاح الرئيسى لديهم) موقع ويكبيديا: https://ar.wikipedia.org وقد سألت إحدى الأويغوريات فذكرت أن كل الأتراك يعودون إلى الهون.

(5) انظر: “الإسلام في الصين” (ص109)، “قراءات في قضية مسلمي تركستان الشرقية” توختي أخون اركون (ص97)، وأيضاً: “كونفوشيوس” (ص216-217)

(6) انظر: موقع مؤتمر الأويغوري العالمي : https://www.uyghurcongress.org ، مقطع بعنوان: قصة تركستان المحتلة الجزء الأول- للشيخ علي عكبر: https://www.youtube.com

 (7) “البلدان”(ص126).

(8) ” معجم البلدان” (2/ 23-24).

(9) انظر: “قراءات في قضية مسلمي تركستان الشرقية” (ص101).

التركية، ويستعملون اللغة العربية في الكتابة.(1)

فنخلص مما سبق أن تركستان الشرقية بلد الأويغور ليست جزءاً من الصين ولا أحد ولايتها لا في التاريخ القديم ولا في العصر الحاضر، بل وقع عليها الاحتلال الصيني ظلماً وبغياً، حتى أجبرها على الدخول في حكمه، وخلع عليها اسماً جديداً يغاير اسم البلد الأصلي الذي عُرف من قديم الزمان؛ لتكون أحد أجزاء مقاطعاته، وسعياً إلى محو العرقية التركية وإذابتها في المجتمع الصيني، وتغيير الديانة الإسلامية وثقافتها بشتى الصور والوسائل كما سيعرض المبحث الثاني -بإذن الله- مظاهر عنفهم في سبيل الوصول لتصيين التركستانيين ديناً وعرقاً وثقافة -والله المستعان.-

(1) انظر: “تركستان الشرقية والصين صراع بين حضارتين” (ص)267 ، مجلة البيان العدد)204( (ص)16 مقال بعنوان: (المسلمون في الصين أمة منسية) ،موقع ويكبيا https://ar.wikipedia.org ، ومنشور بعنوان “مسلموا تركستان الشرقية يتعرضون للاضطهاد الديني.”

المبحث الثاني: مظاهر الأصولية الكونفشيوسية على الأويغور

تعددت مظاهر وصور العنف والأصولية على مسلمي الأويغور من قبل الحكومة الصينية التي تدين بالكونفشيوسية دين الأخلاق والمثل العليا -كما زعموا- وقد تعاونت في ظلمها وعدوانها مع الأحزاب الشيوعية، حتى يكاد المطالع لحالهم يصعب عليه حصر صور الإرهاب وكتابتها، ولقد شاهدت الكثير من المقاطع الوثائقية، وطالعت الصحف، وسمعت من بعض الأخوات الأويغوريات ما يدمع العين، ويحزن القلب،

وسأسوق شيئاً مما اطلعت عليه تحت العناوين التالية:

أولًا: الإبادة الجماعية والاعتقالات:

المجازر والإبادات الجماعية لعرقية الأويغور اتخذت أشكالًا متعددة، وأزمنة متفاوتة، فلم يسلم المسلمون في فترة من الزمن من الإرهاب الدموي الصيني الكونفشيوسي، ومن هذه الإبادات الجماعية ما يلي:

-قامت الحكومة الصينية بالتفجيرات النووية في وسط شعب تركستان الشرقية فبلغ عدد التفجيرات النووية في عام 1964)م(ما يقارب 46)) تفجيراً، وقوتها (200) ميغا طن، ومنها التفجير النووي الذي بلغ (4 ( ميغا طن في عام ( 1976م) ، وقُدِّر عدد المصابين بالتشوهات والأمراض السرطانية (1,29) مليون نسمة، وقُ دِر عدد الموتى ما يقارب (190) ألف شخص على الأقل، وأشارت التقريرات الصينية بأن عدد الموتى خلال (32) عاماً ما يقارب (750) ألف نسمة.(1)

– ثورة (1966م) عندما خرج المسلمون لصلاة عيد الأضحى، فأقامت القوات الصينية بمذبحة حتى استشهد خلال شهر واحد ما يقارب (75) شهيداً (2) .

-ثورة (1997م) في شمال تركستان قام رجال الشرطة والمباحث والاستخبارات بمنع المسلمين في رمضان من دخول المساجد وأداء صلاة التراويح، فتنازع المسلمون معهم واندلعت ثورة غولجة فقتل الجيش الصيني المسلمين العزل حتى بلغ عدد الشهداء أكثر من (300) شهيد، وبلغ عدد المعتقلين (10) آلاف مسلم. ( 3)

-ما حصل في عام (2009م( من أحداث دامية في أورومجي عندما حاول العمال الصينيون التحرش بالأويغوريات المسلمات في المصانع، فدافع العمال الأويغور عنهم، مما أثار الصينين فقاموا بقتل عدد من العمال وجرح آخرين، مما اضطرت الحكومة إلى حبس الأويغور في السجون !

(1) انظر: “قضية مسلمي تركستان الشرقية” (ص36- 38).

(2) انظر: موقع تبيان مقال بعنوان: (ماذا تعرف عن تركستان الشرقية(  : https://tipyan.com/east-turkistan

    (3) انظر: موقع تبيان مقال بعنوان : (ماذا تعرف عن تركستان الشرقية ): https://tipyan.com/east-turkistan

فتظاهر أهالي المفقودين بمظاهرات سلمية رافعين أعلام جمهورية الصين؛ رغبة في الإفراج عن أبنائهم المظلومين فقامت الحكومة بإطلاق النار على العزل حتى قتلت ما بين (600-800) شهيداً، ووصل عدد الجرحى (1721) جريحاً، وقُدر عدد المعتقلين بثلاثة أو أربعة آلاف معتقل!  1) )

وقد حدثت عدة مظاهرات سلمية من الأويغور على هذه النكبة، حتى خرج النساء بشكل خاص للسؤال عن ذويهم المفقودين هل هم في القتلى أو المعتقلين، ولكنها كانت سبباً في زيادة عمليات القتل والإبادة والاعتقال، حتى طلبت منظمة حقوق الإنسان من الصين إفادتها بعدد القتلى والمعتقلين والموقوفين في هذه الحادثة ولكن دون مجيب(2)

وفيما يتعلق بالاعتقال فقد أنشأت الصين معسكرات السخرة والتي تصل إلى أكثر من (21) معسكراً، وتضم (100) ألف معتقل من الخارجين عن أنظمة الدول، والمنضمين للمنظمات غير القانونية، والموزعين للكتب الدينية، ومن هذه المعسكرات من يسخر المساجين للعمل في المزارع، وبعض هذه المعسكرات وضع للمحكوم عليهم بالإعدام وربطوه بأحد المستشفيات التي تجري عمليات نقل الكلى والكبد والقلب وغيره من الأعضاء! .(4)

    هذا وقد (تعرض أكثر من ( 54000) من علماء وأئمة المساجد للاعتقال والتعذيب، أو الالتحاق بمعسكرات العمل الإجبارية( .(5)

ثانياً: التضييق على المسلمين في دينهم:

شدَّدت الحكومة الصينية على المسلمين في دينهم، ومنعتهم من إقامة الشعائر الإسلامية، ولبس الزي الإسلامي، وعاقبت على ذلك بأشد أنواع العقوبات، مع أن حرية الدين واختيار المعتقد هو أمر تسعى إليه المؤتمرات الدولية ومنظمة حقوق الإنسان، ومما قامت به الحكومة الصينية في هذا الجانب:

(1) انظر: “قضية مسلمي تركستان الشرقية” (ص13-18) ، وانظر هذا الخبر في البي بي سي: http://www.bbc.com

 (2) انظر: “قضية مسلمي تركستان الشرقية” (ص29).                                         

(3) انظر: موقع تركستان مقال بعنوان: )إلى متى تخفي الصين جرائمها في تركستان الشرقي؟) : http://www.turkistanweb.com 

(4) انظر: “قضية مسلمي تركستان الشرقية” (ص44-45).

(5) انظر: “تركستان الشرقية والصين صراع بين حضارتين” عز الدين الورداني (ص237).

-جاء في تقرير (bbc) عام (2018م) ما يلي: (أن السلطات الصينية أمرت أقلية الإيغور بتسليم جميع المصاحف وسجاجيد الصلاة أو غيرها من المتعلقات الدينية، وإلا سيواجهون “عقوبة”، وذلك بحسب ما نقلته صحيفة الإندبندنت البريطانية عن مصادر إيغورية بالمنفى.

جاء ذلك ضمن قيود جديدة في إقليم شينجيانغ في إطار ما وصفته بكين بحملة ضد التطرف. وشملت الإجراءات منع إطلاق اللحى وارتداء النقاب في الأماكن العامة ومعاقبة من يرفض مشاهدة التلفزيون الرسمي( .(1)

-منعت الحكومة الصينية في )شينيانغ) الموظفين الحكوميين، والمد رِسين، والط لاب، والعامة من ممارسة شعيرة الصوم، كما شجَّعت المطاعم على أن تفتح في نهار رمضان، وهدَّدت من يقوم بخلاف ذلك، بل أجبرت المسلمين على عمل الولائم في نهار رمضان، ومراقبتهم مع معاقبة من لا يحضر ولا يأكل. (2)

-كما قامت الحكومة الصينية بإغلاق العديد من المساجد وهدمها، ومنعت من إنشاء المساجد الجديدة، أو توسيع المساجد القديمة، ومنعت من إعلاء صوت الأذان في المآذن والمكبرات، وقامت بإلغاء الجمعيات الإسلامية، والأوقاف والمدارس. (3)

– وقد حكى أحد زوار تركستان الشرقية أحوالهم فذكر تضييقهم على المسلمات في حجابهم، ومنعهن من اللباس الساتر باعتبار أن ذلك جريمة يعاقب عليها القانون.

    وأفاد بتنصيب الحكومة بعض الأشخاص لمراقبة أقاربه في أدائهم للصلاة عن طريق الضغط عليه؛ ويبتزُّونه باعتقال أو اغتيال أحد أفراد أسرته في حال رفضه.

وقد أخذوا في مراقبة الأسر التي تضيء بيوتها في وقت السحر أو الفجر وتباغت بالتفتيش بتهمة  السحور أو صلاة الفجر!

هذا وقد منعت الحكومة من تعلم وتعليم الدين الإسلامي سواء في مدن تركستان الشرقية أو خارجها، كما اعتبرت الحكومة التعلم الديني جريمة يعاقب عليها بالاعتقال والحبس(4) ، بل منعت طباعة الكتب الإسلامية ، ونشر المقالات الإسلامية عبر الإذاعات والتلفزيون، وقاموا بتفتيش البيوت لجمع الكتب الدينية وتعليقها على رقاب العلماء وتسييرهم في الشوارع ، مع إجبارهم على حرقها. 5))

ومن الأمثلة على منع التعليم الديني ما قامت به الصين عام (1998م) من مطالبة باكستان بإرجاع

http://www.bbc.com/arabic/world-41453093 :سي بي البي موقع (1)

(2) انظر: “تركستان الشرقية والصين صراع بين حضارتين” (ص239) ، موقع سكاي نيوز عربية: https://www.skynewsarabia.com

(3) انظر: موقع تركستان مقال بعنوان: (مسلمو الايغور صفحة ملطخة بالدماء) و (كتيب تعريفي بشعب الإيغور المسلم ودولة تركستان المحتلة( : http://www.turkistanweb.com ، “حاضر العالم الإسلامي” د. جميل المصري (ص577- 581) ، “المؤثرات الحضارية الصينية على إقليم تركستان الشرقية” (ص71).

(4) شاهد مقطع بعنوان: (كيف يعيش مسلمو الإيغور في معسكرات الصين مع خالد صديق) .

(5) انظر: موقع تركستان (كتيب تعريفي بشعب الإيغور المسلم ودولة تركستان المحتلة ) : http://www.turkistanweb.com، “تركستان الشرقية والصين صراع بين حضارتين” (ص238).

مسلمي تركستان اللاجئين عندها؛ بتهمة دراستهم للشريعة الإسلامية، والتي تغذي الأصولية والتطرف، وبالفعل قامت باكستان بتسليم (13) رجلًا من الأويغور درسوا في مدارسها الدينية، وتم إعدامهم فور دخولهم الأراضي الصينية! (1)

وزيادة في التعنت والتضييق على المسلمين فقد منعت السلطات المحلية في الصين من تسمية المواليد في تركستان الشرقية بالأسماء الإسلامية، وذكرت قائمة مكونة من (29) اسماً؛ لارتباطها بالخلفية الدينية، ومن هذه الأسماء: )محمد، وقرآن ، وجهاد (..، وأن المواليد الذين يحملون هذه الأسماء سيحرمون من التعليم والرعاية الصحية ! (2)

-لم تكتف السلطات الصينية بطمس معالم الدين ومنع تطبيقه على الملأ بل قامت بإنشاء مراكز التأهيل وفيها يتم إجبار مسلمي الأويغور على مخالفة دينهم ومنعهم من إقامة العبادات، وإجبارهم على شرب الخمر وسماع الموسيقى ومنعهم من النوم، وحظروا على أقاربهم رؤيتهم.( ( 3

ضيقت الصين على المسلمين دينهم بشتى الطرق حتى بلغ بهم الأمر لصرف المسلمين عن دينهم، إلى إنشاء ما يسمى بحملات (القرابة والتوأمية) أجبروا فيها المسلمين على التعايش مع الملاحدة واللادينين واستضافتهم في بيوتهم. (4 )

ثالثاً: إذابة العرق الأويغوري ومحو وطنه وهويته وثقافته:

إضافة إلى ما سبق من محو الهوية الإسلامية والتضييق على الأويغور في دينهم فقد قامت الصين بطرق متعددة في سبيل محو عرقية الأويغور التركية وإزالة ثقافتهم بوسائل شتى منها:

-فرض اللغة الصينية عليهم، وإحلالها محل اللغة الأويغورية، حتى اشترطت المدارس طلاقة اللغة الصينية فكان سبباً في منع الأويغور من حق التعليم، وما ذاك إلا طمساً للهوية الأويغورية5) .)

-منعوا المسلمين من استخدام الحروف العربية وأحلوا محلها الحروف الصينية، كما منعوا الأسماء التركستانية التي يقرب نطقها من العربية، وتم كتابة هوياتهم بأسماء صينية، ومنعوهم من ترجمة الأويغورية إلى العربية أو الإنجليزية إلا عن طريق الترجمة إلى اللغة الصينية. (6)

-تعمل الصين على محو تاريخ الأويغور، وفصلهم عن تراثهم؛ استئصالًا لجذورهم، لذا تقوم حكومة

(1) انظر: “تركستان الشرقية والصين صراع بين حضارتين” (ص330-331).

(2) انظر: موقع البيان مقال بعنوان: (الصين تمنع تداول اسم الرسول والأسماء والقرآن في تركستان الشرقية) : http://albayan.co.uk

 (3) انظر: موقع المسلم مقال بعنوان (مسلمو الصين ومحاولات طمس هويتهم) : http://almoslim.net

(4) انظر: موقع المسلم مقال بعنوان: (آخر حملات اضطهاد الصين لمسلمي الإيغور( : http://almoslim.net ، وقد أكدت لي هذا الخبر إحدى الأخوات الأيغوريات بمكة، وأن هذا هو حال أقاربها المسلمين هناك.

(5) انظر: “قضية مسلمي تركستان الشرقية” (ص47)،  وأيضاً موقع تركستان مقال بعنوان: (مسلمو الإيغور صفحة ملطخة بالدماء( : http://www.turkistanweb.com ، وموقع تبيان مقال بعنوان: (ماذا تعرف عن تركستان الشرقية؟) : https://tipyan.com ، وانظر: “تركستان الشرقية والصين صراع بين حضارتين” (ص255).

(6) انظر: “المؤثرات الحضارية الصينية على إقليم تركستان الشرقية”  (ص83)

الصين بطمس ثقافة الأويغور التاريخية والدينية في الإعلام والمدارس والمؤسسات الأكاديمية، ومنع العبارات القومية الثقافية، وفي المقابل تم تعميم مفردات الثقافة الصينية، وإنشاء شرطة اللغة التي تراقب استخدم اللغة الصينية في كافة مجالات الحياة، والتشديد حتى على الفلاحين البسطاء الذين أصبحوا يستخدمون اللغة الصينية في أسماء الخضروات والفواكه والسماد والمبيد الحشري بدلًا من لغتهم الأويغورية . (1)

وقد قامت الصين (بتغيير تاريخ شعب الأيغور وإعادة صياغته بصناعة تاريخ صيني للمنطقة وتزوير حضارته الإسلامية، وذلك بعد أن اضطهدوا واعتقلوا المؤرخين والمؤلفين المسلمين، وغدا الصينيون هم الذين يكتبون تاريخ وحضارة هذا الشعب المسلم، وتفرض كتبهم على الأويغور الذين ينحصر دورهم على دراستها والقراءة أو الترجمة فقط، ولا يحق لهم النقد والإيضاح وكشف الحقائق( .)2(

هذا وقد (نشرت جريدة الشعب في إبريل (1979م) برنامجاً لتذويب الأقليات القومية وفق الخطوات التالية:

1- فرض لغة عامة واحدة مشتركة.

2-إلغاء الوحدات الجغرافية للأقليات القومية.

      3-تطوير نظام اقتصادي عام.

       4- إيجاد مشترك ثقافي وفكري واحد.(3) (

وفي سبيل إماتة العرقية الأويغورية قامت الصين بتهجير الكثير من الأويغوريين من موطنهم الأصلي وإجبارهم على العيش في مناطق مختلفة من الصين، وتوطين الصينين في تركستان ودفع المقابل المادي لهم، وتوفير السكن لهم، بل قامت ببناء مدن جديدة للصينين، وأحدثت لهم الوظائف والمناصب مما شجع الصينين العاطلين عن العمل إلى السكن في هذا الإقليم.(4)

لذا فإن عدد الأويغوريين تناقص في إقليم تركستان من (80%)  عام (1949م) حتى بلغ أقل من (40%) في عام (2010م)، كما ارتفعت نسبة الصينين في هذه المنطقة من (4%) إلى (47%)  .(5)

بل منعوهم من لبس أزيائهم التقليدية فضلًا عن ارتداء الملابس الإسلامية (6)، وتذكر أحد المناضلات الأويغوريات عن حقوق التركستانيين أن الصين لا تسمح لهم بالحديث عن جمهورية تركستان الشرقية، فقد يقتلون العائلة بأكملها إذا ذكروا اسم تركستان، أو يعتقلونهم .(7)

(1) انظر: “قضية مسلمي تركستان الشرقية” (ص167)، وانظر أيضاً: “الإسلام في الصين” (ص112)

(2) انظر: موقع تركستان مقال بعنوان (مسلمو الايغور ملطخة بالدماء) : http://www.turkistanweb.com 

 (3) “قضية مسلمي تركستان الشرقية” (ص162).

(4) انظر: موقع المسلم مقال بعنوان )آخر حملات اضطهاد الصين لمسلمي الإيغور( : http://almoslim.net

(5) انظر: موقع تركستان مقال بعنوان (تركستان الشرقية بعد أحداث 5 يوليو( لنائب رئيس المؤتمر العالمي للويغور : http://www.turkistanweb.com

 (6) انظر: منشور بعنوان: )مسلمو تركستان الشرقية يتعرضون للاضطهاد الديني(، وأيضاً: “المؤثرات الحضارية الصينية على إقليم تركستان الشرقية” (ص83).

(7) شاهد مقطع من الجزيرة الوثائقية )نسيج وطن 6 المنفى الإيغوري الأبدي(https://www.youtube.com وانظر أيضا: “قضية مسلمي تركستان الشرقية” (ص168-169)

وقد شاهدت صوراً مؤلمةً لأطفال الأويغور في تركستان الشرقية، وهم باللباس التقليدي لكونفوشيوس، وقد نصبت لهم تماثيل كونفوشيس، وأخذوا باللقطات لهم بالرقصة التقليدية الصينية 1)).

رابعاً: تحديد النسل وإجهاض الأجنة:

من السياسات الغاشمة ما قامت به الصين من تحديد نسل الأويغور، وإجهاض أجنتهم، فجعلوا لكل مقاطعة أو قرية حصة معينة لزيادة السكان، ويجب أن لا تزيد هذه النسبة، فمثلًا )مركيت) بلد عدد سكانها ) 180) ألف نسمة في عام (1991م)، وحصة الزيادة أربعة آلاف نسمة بشرط أن لا يزيد عدد سكانها عن (190) ألف نسمة خلال ثلاث سنوات؛ ولتحقيق هذه الحصة قُتل الأطفال الذين ولدوا زيادة على هذه النسبة، وقد أشارت التقارير إلى أنه في أحد مدن تركستان تم إجبار (846) امرأة على الإجهاض وقد توفيت (17) امرأة في هذه العمليات! وأفادت تقريراتهم عن سياسة تحديد النسل بأنهم نجحوا في منع ولادة ثلاثة ملايين طفل في تركستان، وقد وصلت نسبة عجز النساء عن الحمل بسبب الإجهاض (58%) من الأويغور (2).

خامساً: حصار الأويغور والمراقبة الشديدة لهم:

في أحد المقاطع الوثائقية ذكر أحد السياح العرب وضع الأويغور في تركستان الشرقية من حيث أنها أكثر دول العالم تطوراً في التكنلوجيا والتقنية، فهي تستطيع رصد تحركات شعبها عن طريق الصوت والصورة، حيث وضع لهم جهاز في كل مرفق من مرافق البلد ففي البقالة أو المحطة أو المواصلات أو المطعم أو المصرف وغيرها، يسجل الأويغوري دخوله للمكان وخروجه منه عن طريق هويته حتى تكون الحكومة على علم بجميع تحركاته وفق نظام دقيق.(3)

ما ذكرته فهو غيض من فيض، فإن مآسي هذه الأقليات تقشعر منها الأبدان، ولا يكفي تفصيل ذلك في هذه الوريقات المختصرة، ولكن يكفي أن يتصور المسلم شيئاً يسيراً عن حال إخواننا المستضعفين باسم الأصولية والإرهاب، وأن يعرف حقيقة التهم والادعاءات المزورة التي تُلقى على عواتق المسلمين، فإن كل ما تفعله الأصولية الكونفشيوسية الصينية في هذه البلاد قد شرعنته باسم مكافحة التطرف والأصولية الإسلامية.

(1)      أرسلت لي الصور إحدى الأخوات الأويغوريات ، وألحقتها في ملحق البحث.

  (2) انظر: “قضية مسلمي تركستان الشرقية” )ص54-55).

(3)       شاهد مقطع بعنوان: (كيف يعي مسلمو الإيغور في معسكرات الصين مع خالد صديق) .

المبحث الثالث: موقف المجتمع الدولي تجاه مسلمي الأويغور:

موقف الدول والمنظمات من قضية المسلمين في تركستان ضعيف جداً، ولكن نستطيع القول بأنهم انقسموا تجاه مسلمي الأويغور إلى عدة اتجاهات مختلفة -بحسب ما اطلعت عليه- فمنهم المؤيد للصين، ومنهم الرافض المستنكر لأفعالها، وسأسوق أقوالهم كما يلي:

                 أولًا: المؤيدون:

مدت روسيا يد العون للصين لإحكام سيطرتها على تركستان الشرقية، وذلك أيام احتلالها لتركستان الغربية؛ خوفاً من انقلاب الثورة الإسلامية عليها من شرق تركستان إلى غربها، ثَّم لما فقدت سيطرتها على تركستان الغربية عام (1991م) توقف دعمها للصين، بل خافت من امتداد الغزو الصيني إلى حدودها. (1)

وتحت الضغط الصيني تجاوبت باكستان مع الصين في تسليم اللاجئين الأويغور إليها، وطردتهم من مدارسها وجامعاتها دون مبرر، كما أغلقت منازل استضافة الأويغور في عاصمتها، وقد بحثت الصين مع باكستان عام (2001م) لمكافحة الإرهاب المتمثل في الحركة الاستقلالية داخل تركستان الشرقية .(2)

ثانياً: الرافضون:

فقد أصدرت الدول الإسلامية ما يشجب ويستنكر أفعال الحكومة الصينية بإخوانهم المسلمين من خلال خطاب مجمع الفقه الإسلامي، التالي:

)             الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

تابع مجمع الفقه الإسلامي الدولي بقلق بالغ أحداث العنف الدامي التي وقعت في إقليم تسشينغ يانغ المعروف تاريخياً باسم (تركستان الشرقية) بجمهورية الصين الشعبية، وذلك لكثرة عدد الضحايا الذين سقطوا من المسلمين، ولإعلان السلطات الصينية عن إغلاق المساجد يوم الجمعة الموافق 17 رجب 1430 الموافق 10 يوليو 2009م ، ومنع المسلمين من أداء شعائر صلاة الجمعة في هذا اليوم.

والمجمع إذ يستنكر بشدة هذه الأحداث البغيضة، ليطالب بقوة الحكومة الصينية المحافظة على حقوق المسلمين في إطار مبادئ حقوق الإنسان التي تقوم على احترام حياة الأفراد وحرياتهم وحماية مقدساتهم ومساجدهم وعدم السماح لأي فئة بالاعتداء عليهم باعتبار أن ذلك من أبسط حقوق الإنسان.

وتأتي هذه المطالبة من منطلق العلاقات الجيدة التي تربط جمهورية الصين الشعبية بالعالم الإسلامي عبر عقود طويلة، والتي ينبغي المحافظة عليها، وعدم المساس بها، وهذا لن يكون أمام استمرار أي صورة من صور الظلم أو الاضطهاد، تحت أي ذريعة من الذرائع.

(1) انظر: “منشور بعنوان “، موقع الجيش =دراسات وأبحاث:- (سينكيانغ أو تركستان الشرقية)  للعميد د.أحمد علو https://www.lebarmy.gov.lb:

(2) انظر: “تركستان الشرقية والصين صراع حضارتين” (ص331) وانظر: “المؤثرات الحضارية الصينية على إقليم تركستان الشرقية” د. أمنية طنطاوي (ص110-111)

والمجمع يتطلع إلى إجراءات حكومية عاجلة لضمان حقوق المسلمين في الصين في العيش الحر الكريم، ويتطلع كذلك إلى تطمين عاجل تقوم به السلطات الصينية إلى العالم الإسلامي على حياة وأمن إخوانهم المسلمين في جمهورية الصين في أقرب فرصة ممكنة.

ويؤكد المجمع على رفض إغلاق المساجد والتضييق على روادها، لأن المحافظة على المساجد وعدم منع روادها من دخولها هو من أهم مظاهر حرية المسلمين في ممارسة المسلمين لشعائر دينهم، قال تعالى: ‌)وَمَن ‌أَظلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ أَن يُذكَرَ فِيهَا ٱسمُهُۥ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا أُوْلَٰئِكَ مَا كَانَ لَهُم أَن يَدخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُم فِي ٱلدُّنيَا خِزي وَلَهُم فِي ٱلأخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيم([البقرة: 114] 

ويذكر المجمع بهذه المناسبة أنه من أبسط حقوق المسلمين هؤلاء أداء شعائر دينهم وعباداتهم من الصلاة والصيام والحج والعمرة وغيرها والاحتفال بأعيادهم ومناسباتهم الدينية ). 1))

 لقد اهتمت المملكة العربية السعودية بالقضيَّة، كما ظهر ذلك في صُحفها، ومجلَّاتها، وإذاعاتها، وسمحت للعديد من التركستانيين بالدراسة في جامعاتها، وساعدت الجمعيات الخيرية التركستانيين وأرسلت لهم المساعدات والبعثات.(2)

كما ذكرت عد د من الصحف استنكار الأزهر على ما يحصل في إقليم )شينيانغ( أو تركستان المحتلة، ورفض جميع أشكال الاضطهاد التي تمارس في حق مسلمي الأويغور، وطالب الصين بالتوقف، كما طالب الأمم المتحدة بالتدخل، وهاجم مراكز إعادة التأهيل وبينت مخالفتها للمنظمات الدولية. ( 3)

وقد أيدت تركيا الاحتجاجات والاعتراضات الأيغورية على الحكومة الصينية، كما أنها ساهمت في تأجيجها، فانطلقت عدد من الحراكات والمظاهرات في إسطنبول التي تستنكر ما تفعله الصين بإقليم تركستان الشرقية(4).

وتسعى تركيا لإقامة العالم التركي الذي يمتد من البلقان غربًا، إلى الصين شرقاً، وقد بذلت جهداً لفتح مجالات الاتصال والتعاون بينها وبين تركستان ويظهر ذلك فيما يلي:

– منح الطلاب التركستانيين المنح الدراسية داخل وخارج تركيا. -تعدد الوفود السياسية والاقتصادية.

-اهتمام الصحف بالمناطق ذات الأغلبية التركية. (5)

(1) موقع مجمع الفقه الإسلامي الدولي (بيان حول الأحداث الجارية في إقليم تشيغ يانغ تركستان الشرقية في جمهورية الصين:) http://www.iifa-aifi.org 

(2) “تركستان الشرقية والصين صراع بين حضارتين ” )ص341).

(3) انظر: سكاي نيوز عربية، جاء فيها خبراً بعنوان )الأزهر يستنكر منع الصين للصوم بإقليم شينيانغ ) : https://www.skynewsarabia.com ، وأيضاً: صحيفة إيلاف: https://elaph.com 

(4) انظر: موقع ترك برس: https://www.turkpress.co ، وأيضاً موقع الجيش عبر مقال بعنوان: (سيكيانغ أو تركستان الشرقية( : https://www.lebarmy.gov.lb

(5) انظر: “تركستان الشرقية والصين صراع بين حضارتين” (ص)318-313، “المؤثرات الحضارية الصينية على إقليم تركستان الشرقية”  (ص125-128).

ومن المساهمين في محاولة التصدي لظلم الصين دول أربا: فقد تواجد عد د من الأويغور في أوربا، ولم تفرض عليهم الدول الأوربية قيوداً تضيق حرياتهم، بل مكنتهم من الاحتجاج ضد سياسة الصين، وأصدر البرلمان الأوربي قراراً عام (1997م) يطالب الحكومة الصينية بالتفاوض مع الأويغور وتسوية العلاقات بينهم.(1)

وهناك من لم يتضح لهم موقف حيال هذه القضية:

كما هو حال الغرب فلا نجد لهم موقفاً صريحا إزاء ما يحدث في تركستان بل يحاولون التعمية على ما يحصل؛ لاستمرار مصالحهم مع الصين، وعدم تعكير سياستهم واقتصادهم بقضايا المسلمين، إلا في حال وجود مشكلات سياسية مع الصين فتجدهم يهتمون لهذه القضية (2)

وأخبرت الولايات المتحدة أنها قامت بعدد من الاتصالات مع الصين حول مسألة حقوق الإنسان، ويحتجون على الصين بأن سجلها سيء بخصوص هذا الموضوع.(3)

كما أن منظمة حقوق الإنسان لم تعط القضية أهمية، لذا فقد طالبتها منظمة العفو الدولية بالنظر في أوضاع مسلمي الأويغور، وإرسال بعثات دولية للنظر في إقليم تشينييانغ  4)) بل يلاحظ عليهم أنهم لا يفردون قسماً خاصاً للحديث عن تركستان الشرقية إنما يرد في ثنايا التقارير بخلاف القضايا الأخرى.(5)

  ومن العجيب أنه في عام )1996م) تم منح الصين قرضاً بمبلغ (125) مليون دولار لصالح مشاريع الري بتركستان والتي تدير هذه المشاريع فرق الإنتاج والبناء في تركستان هي نفسها التي تدير معسكرات العمل الإجباري والسخرة! مع أن من شروط البنك أن لا يستفيد من هذه القروض من يدير أعمالًا عسكرية.(6)    !

وبناء على ما سبق لابد من وقفة صادقة تجاه هذه الأقلية لتأخذ حقوقها الإنسانية وتعيش الحياة الكريمة الآمنة ويمكن تقديم بعض الحلول، وهي:

-إظهار القضية للعلن؛ ومحاولة إثارة الرأي العام من خلال وسائل الإعلام وقنوات التواصل؛ لإيصال الصورة إلى العالم أجمع وتأجيج العالم.

– ضغط الدول الإسلامية على الصين من خلال الرفع إلى منظمات حقوق الإسلام، ومتابعة القضية.

-الضغط على الدول الكبرى لعقد الاتفاقيات مع الصين؛ لتوفر الحياة الكريمة والبيئة الآمنة وإعطاء الإيغور حقوقهم المسلوبة.

-توجيه الصين إلى إلغاء مبدأ العنصرية العرقية والطائفية واعتماد مبدأ المواطنة حتى تكفل لهذه الأقلية حريتها وانسجامها في وسط بيئتهم.

-يجب على دول العالم حماية الأيغور من الترحيل وأن لا تساعد الصين في إعادتهم إليها قسرا.

(1) انظر: “تركستان الشرقية والصين صراع بين حضارتين” (ص340)

(2) انظر: موقع الجيش عبر مقال بعنوان: (سيكيانغ أو تركستان الشرقية( : https://www.lebarmy.gov.lb

 (3) انظر: “تركستان الشرقية والصين صراع بين حضارتين” (ص337).

(4) انظر: صحيفة يورونيوز خبر بعنوان: (منظمات حقوقية تدعو لإجراء تحقيق بشأن أوضاع المسلمين الإيغور في الصين) : https://arabic.euronews.com 

(5) انظر: “تركستان الشرقية والصين صراع بين حضارتين” (ص337).

(6) انظر: المرجع السابق (ص339).

الخاتمة

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، أحمده حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وأصلي وأسلم على النبي المجتبى خير الورى، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

ففي ختام بحثي أدون ما توصلت إليه من نتائج، وهي كما يلي:

أولاً: مصطلح الأصولية مصطلح حديث يرتكز على ثلاثة أمور: الجمود، والتمسك بالتراث، والتطرف الفكري والعنف.

ثانياً: الكونفشيوسية دين وضعي ينسب إلى كونفوشيوس الذي كان دوره إحياء عقائد وتقاليد الآباء والأجداد، وتقوم الكونفشيوسية على عدد من العقائد أهمها: عبادة قوى الطبيعة والأرواح، والوحدة بين الإله والمخلوقات، ولا يؤمنون بالبعث ولا بالجنة ولا النار، ويقولون في القدر بالجبر، ويدعون إلى الكمال الخلقي تنظيراً لا تطبيقاً.

ثالثاً: الكونفوشيوسية من أقدم الديانات التقليدية المنتشرة في الصين، ولا زالت تجدد نفسها حتى ظهرت في العصر الحديث باسم الكونفشيوسية المحدثة المعاصرة.

رابعاً: تركستان الشرقية بلد إسلامي، غالبية سكانه من الأويغور الأتراك المسلمين، وقد تم استعماره  من قبل الصين استعماراً ديناً وثقافياً ووطنياً من عام )1949م) وأطلق على الجمهورية اسماً صينياً يدعى إقيلم (سنكيانغ) .

خامساً: اضطهدت الحكومة الصينية الكونفشيوسية الأويغور؛ اضطهاداً يصبو إلى إبادة عرقيتهم وتغيير لغتهم، ودينهم، وثقافتهم، وإرغامهم بالتقاليد والعادات الكونفشيوسية في محاولة لمحو الهوية الإسلامية.

سادساً: تعددت مظاهر الأصولية تجاه الأويغور من تضييق على المسلمين في ممارسة دينهم، وقتلهم ، واعتقالهم، وتهجيرهم، وتحديد نسلهم، وتغيير هويتهم، والمراقبة الشديدة لهم.

سابعاً: الحق أن الأصولية التي ترمي الصين بها المسلمين هي أولى بها؛ فأصوليتهم ظاهرة للعيان بظلمهم للشعب الأويغوري واضطهادهم له.

ثامناً: أن الكونفشيوسية عملت فصلًا بين دين مؤسسها الذي دعا إلى الأخلاق والمثل العليا، وبين تطبيقاتها، وأصوليتها التي مارستها ضد مسلمي تركستان الشرقية.

تاسعاً: الموقف العالمي من قضية مسلمي تركستان ضعيف جداً، يتمثل في بعض التصريحات، والتعاون مع بعض اللاجئين الأويغور، أو إرسال المساعدات والإغاثات إلى المستضعفين، ولا نجد موقفاً قويًا يتمثل في قطع العلاقات السياسية والاقتصادية مع الصين، والتضييق عليها مما يضطرها لإزالة الاستعمار الظالم على هذه المنطقة.

           وأخيرا :                    

       فوصيتي للباحثين:

     – بالاهتمام بدراسة الأقليات الإسلامية المستضعفة التي مورس عليها أنواع الاضطهاد والعنف من قبل الأصوليات الدينية: كالأصولية البوذية في بورما، والأصولية الهندوسية في الهند، والأصولية النصرانية في بلاد أفريقيا.

    – وكذا الاهتمام بدراسة الأديان الشرقية وتطوراتها كالبوذية والطاوية والكونفشيوسية.

   هذا وأسأل الله القبول، وأن يجعله خالصاً له، وأن ينفع به ويغفر لي الزلل، هذا وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ملحق البحث

صور لأطفال أويغوريون بلباس كونفشيوس وحول تمثاله يرقصون الرقصة الشعبية

الزي الكونفشيوسي على أحد أطفال الأويغور كما يظهر اختلاف الملامح في الصورة اليمين

فهرس المراجع

  1. أديان العالم- حبيب سعيد – ط.د- دار التأليف والنشر للكنيسة الأسقفية: القاهرة.
  2. الإسلام في الصين – محمد بن حسن بن محمد – رسالة ماجستير -عام 2006م-جامعة الخرطوم كلية الآداب.
  3. الإسلام في الصين رؤية موضوعية واقعية- يونس عبد الله ماتشنغ الصيني- مجلة الإسلام في آسيا- الجامعة الإسلامية بماليزيا- العدد الخاص الأول مارس عام 2011م .
  4. الأصول والنوازل – مجلة علمية محكمة – العدد التاسع- السنة الخامسة محرم 1434ه2012-م.
  5. الأصوليات المعاصرة أسبابها ومظاهرها – روجيه غارودي -الطبعة 2000م – دار عام ألفين: باريس.
  6. البلدان -أحمد بن إسحاق (أبي يعقوب) بن جعفر بن وهب بن واضح اليعقوبي – الطبعة الأولى، 1422 هـ- دار الكتب العلمية، بيروت.
  7. تاريخ آسيا الحديث والمعاصر- رأفت غنيمي الشيخ وآخرون- طبعة 2004م- عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية: مصر.
  8. تاريخ الصين منذ ما قبل التاريخ حتى القرن العشرين- هيلدام هوخام- ترجمة: أشرف محمد كيلاني- الطبعة الأولى 2002م- المجلس الأعلى للثقافة: القاهرة.
  9. تركستان الشرقية والصين صراع بين حضارتين- عز الدين الورداني- الطبعة الأولى 2009م- مركز الحضارة العربية: مصر
  10. تركستان الصينية الشرقية – محمود شاكر –الطبعة 1393ه1973-م- مؤسسة الرسالة: بيروت.
  11. حاضر العالم الإسلامي وقضاياه المعاصرة– د.جميل عبد الله المصري- الطبعة الحادية عشرة 1429ه2008-م- العبيكان: الرياض.

دراسات وأبحاث في قضايا معاصرة – د. سارة بنت محمد بن صالح الحسني- الطبعة الأولى  2017م- دار خالد اللحياني: الأردن.

  1. الديانات القديمة- محمد أبو زهرة- ط.د- معهد الدراسات الإسلامية.
  2. الديانات والعقائد في مختلف العصور- أحمد عبد الغفور عطار- الطبعة الأولى 1401ه1981-م- مكة المكرمة.
  3. الصينيون المعاصرون – وو بن – ت: د.عبد العزيز حمدي- الطبعة 1996م – دار المعرفة: الكويت.
  1. فلاسفة أيقظوا العالم – د.مصطفى النشار- الطبعة 1988م- دار الثقافة: القاهرة. .18 الفلسفة الشرقية – د.محمد غلاب – الطبعة 1983م – طبع في القاهرة.
  2. قاموس أديان ومعتقدات شعوب العالم – أ.د. صلاح قنصوه وآخرين – الطبعة الأولى 2004م – مكتبة دار الحكمة: القاهرة- مصر.
  3. قراءات في قضية مسلمي تركستان الشرقية – توختى آخون أركين- ط.د- د.ب.
  4. قصة الحضارة -ووِل ديو رانت – ويليام جيمس ديو رانت -ترجمة: الدكتور زكي نجيب محمُود وآخرين- الطبعة: 1408 هـ – 1988 م- دار الجيل: بيروت لبنان.
  5. كونفوشيوس رائد الفكر الإنساني- د.صلاح بسيوني رسلان- ط.د- ب.د.
  6.  كونفوشيوس فيلسوف حضارة المستقبل- د.وجيه أحمد عبد الكريم- الطبعة الأولى 2017م -دار الكتاب العربي: دمشق- القاهرة.
  7. الكونفوشيوسة عرض ونقد- عزيزة بنت علي الأشول- مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية -جامعة قناة السويس- العدد الواحد والعشرين- 2017م .
  8. الكونفوشيوسية دراسة تحليلية نقدية في ضوء العقيدة الإسلامية – د. ناصر بن فلاح الشهراني – رسالة دكتوراه 1427-ه – جامعة أم القرى: كلية الدعوة وأصول الدين- قسم العقيدة.
  9. لمحات عن أديان العالم- ت: صادق الركابي – مكتبة مدبولي.
  10. معتقدات آسيوية -العراق -فارس -الهند -إيران-الصين-اليابان- د. كامل سعفان- الطبعة الأولى 1419ه- 1999م- دار الندى: مدينة نصر.
  11. المعتقدات الدينية لدى الشعوب – جفري بارندر- ترجمة: د.إمام عبد الفتاح إمام – ط.د-عالم المعرفة.
  12. معجم البلدان – شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي الحموي – الطبعة: الثانية، 1995 م – دار صادر: بيروت.
  13. المنجد في اللغة والأعلام-الطبعة السادسة والثلاثون 1997م- دار المشرق: بيروت.
  14.  المؤثرات الحضارية الصينية على إقليم تركستان الشرقية- د. أمنية محمد الطنطاوي -الطبعة الأولى 2017م- المكتب العربي للمعارف: القاهرة.
  15. الموسوعة العربية العالمية – الطبعة الأولى – مؤسسة أعمال النشر: المملكة العربية السعودية.
  16. الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة – د. مانع بن حماد الجهني – الطبعة 1435ه- 2014م- دار الندوة العالمية: الرياض.
  17. نظرة جامعة إلى تاريخ الإسلام في الصين وأحوال المسلمين فيها- السيد محمد مكين الصيني-ط.د- الطبعة السلفية: القاهرة.

> المواقع الإلكترونية:

/https://www.shorouknews.com : الشرق صحيفة .1
https://elaph.com :إيلاف صحيفة .2
https://www.skynewsarabia.com :عربية نيوز سكاي صحيفة .3
https://arabic.euronews.com :يورونيوز صحيفة .4
http://albayan.co.uk : البيان موقع .5
https://www.lebarmy.gov.lb :الجيش موقع .6
http://almoslim.net :المسلم موقع .7
https://www.marefa.org : :المعرفة موقع .8
http://www.bbc.com :سي بي بي موقع .9
https://tipyan.com :تبيان موقع .10
https://www.turkpress.co :برس ترك موقع .11
http://www.turkistanweb.com :تركستان موقع .12
.13 موقع مجمع الفقه الإسلامي الدولي:  http://www.iifa-aifi.org
https://www.uyghurcongress.org :العالمي الأويغور مؤتمر موقع .14
https://ar.wikipedia.org :ويكبيديا موقع .15
.16 اليوتيوب

فهرس الموضوعات

رقم الصفحةالموضوع
2المقدمة
6التمهيد المطلب الأول: التعريف بالأصولية.
8المطلب الثاني: التعريف بالكونفشيوسية ومؤسسها
8أولًا: مؤسس الكونفشيوسية.
10ثانياً: مصادر الكونفشيوسية.
11ثالثاً: عقائد الكونفشيوسية.
17المطلب الثالث: تاريخ الديانة الكونفشيوسية في الصين.
20المبحث الأول: التعريف بمسلمي الأويغور في ظل الحكم الصيني.
24المبحث الثاني: مظاهر الأصولية في الكونفشيوسية على الأويغور.
30المبحث الثالث: موقف المجتمع الدولي تجاه مسلمي الأويغور
33الخاتمة
35ملحق البحث
36فهرس المراجع
39فهرس الموضوعات

د. الشيماء بنت محمد الحوتي

عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتًا
التقيمات المضمنة
عرض كل التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا الأن
1
هل تحتاج الي مساعدة او نشر بحثك !
Scan the code
مجلة scp الماليزية
مرحبا
كيف استطيع مساعدتك !